العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

نَقد تَسهيل الوصول إلى عِلم الأُصول

إنضم
11 يوليو 2012
المشاركات
350
التخصص
أصول فقه
المدينة
قرن المنازل
المذهب الفقهي
الدليل
كتابُ التسهيلِ ( تسهيل الوصول إلى فهم علم الأصول ) هو في الأصل ِمذكرة أصولية نافعة ،كتبها أربعة من أهل العلم المحقِّقين قبل ثلاثة عقود ، لطلبة المعاهد العلمية الشرعية في بلاد الحرمين.
وقد انتشرت هذه المذكرة بين الطلاب في تلك السنين ، وحفظها كثير من مُحبِّي عِلم الأصول .
وقد قيَّدتُ على نُسختي الخاصة برأس القلم بعض الملاحظات والإستدراكات ، لأنتفع بها ومن يقفُ عليها من مُحبِّي هذا العلم المبارك ، والله وليُّ التوفيق:


1-ورد في (صفحة / 10) ما نصُّه : ” جرى الأُصوليون على عدِّ المباح من أقسام الحكم التكليفي وفي ذلك تسامح ، إذ المباح لا تكليف فيه لاستواء طرفيه ” .
قلت : يُستدرك على هذا أن من أهل العلم من عدَّه من أقسام الحكم التكليفي، إذا كان معنى التكليف إلزامُ مقتضى خطاب الشارع ، كما أفاده ابن بدران (ت: 1346هـ)رحمه الله تعالى في كتابه ” النُّزهة” .

ويُستدرك على المؤلِّفين أيضاً أن المباح غيرٌ مأمورٍ به ، وقد قال بضدِّ ذلك بعضُ المعتزلة ، وقد ردَّ عليهم الامام ابن تيمية (ت: 728هـ) رحمه الله تعالى في ” مجموع الفتاوى ” في المجلد العاشر (صفحة / 533) فليراجع .

2- ورد في ( صفحة / 13 ) ما نصُّه : ” مذهب الجمهور أن المندوب مأمورٌ به ” . قلت : هذا صحيح ، لكن لم يُعلَّل هذا الخبر . وتعليله لأنه طلبٌ غير جازم للفعل ، وليس فيه تخييِّر مطلق ، لأن الفعل أرجح من الترك . ويجوز تركه لكن لا يجوز إعتقاد ترك استحبابه .

3- ورد في ( صفحة / 17 ) ما نصُّه : ” الفاسد عند أبي حنيفة ، ما شُرع بأصله ومُنع بوصفه ” قلت : لم يُبيَّن قول الجمهور في البطلان والفساد ، والصحيح أنهما مُترادفان ، ويقابلان الصحة الشرعية . لكن قد يكون العمل صحيحاً لكن لا يُثاب عليه إذا اقترنت به معصية تُخلُّ بالمقصود ، مثل الصيام مع قول الزور . وقد وضَّح ابن قدامة(ت: 620هـ) رحمه الله تعالى هذه المسألة في الروضة ( 2/ 93) فلتراجع .


4- ورد في (صفحة / 18) في مثال الرُّخصة : ” أكل الميتة عند الاضطرار ” ولم يُبيَّن حكمها هل الأكل مندوب أو مستحب . والصحيح أنه واجب ، كما حقَّقه الفتوحي(ت: 972هـ) رحمه الله تعالى في ” الكوكب المنير “( 1/ 480) فليُحرَّر في موضعه .

5-ورد في (صفحة / 23) أن أبا اسحاق الاسفراييني(ت: 418هـ) رحمه الله تعالى منع القول بوقوع المجاز في اللغة .ولم يُبيَّن في المذكرة سبب ذلك ، ولماذا نَصر هذا القول ؟. والصحيح أن الإسفراييني اعتقد ذلك – مع أنه أشعري -لإفحام المعتزلة الذين طعنوا في السُّنن وقالوا بالتأويل وعطَّلوا بعض الأحكام . وله قصة مشهورة في ذلك مع عبد الجبار المعتزلي (ت: 415هـ ) فلتراجع .

والإسفراييني نَفسهُ شافعي يقف عند أصول الإمام الشافعي ، الذي يمنع وجود المجاز في القرآن والُّلغة .

ومسألة وقوع المجاز في الُّلغة أو في القرآن مسألة خلافية وطويلة . والذين أثبتوا المجاز في كتب العلم والشرع قصدوا أن إطلاق الكلام بدون تقيِّيد قد يُخلُّ بالفهم . وأورد المحقِّقون من الأصولييِّن أن ما يُخلُّ بالفهم خمسة : الاشتراك والنقل والمجاز والاضمار والتخصيص . فليحرر .

6- ورد في ( صفحة / 23) أن الإمام ابن تيمية (ت: 728هـ) رحمه الله تعالى قال إن المجاز لم يقل به أحدٌ من أئمة العلم واللغة المشهورين . قلت : هذا الإطلاق غير صحيح ، أو أن ابن تيمية قصد معنىً آخر في معنى المجاز .

فقد قال به أبو عبيدة معمر بن المثنى(ت: 210 هـ )رحمه الله تعالى ، وهو عالم لغوي له كتاب (مجاز القرآن) وله كتاب (المجاز) ، ومن المصِّنفين الذين ذكروا المجاز ” الخليل الفراهيدي ” (ت:174هـ)رحمه الله تعالى، فقد قال في كتابه الجُمل في النحو : “وكذلك يلُزمون الشيء الفعل ولا فعل وإنما هذا على المجاز ، كقول الله تعالى في البقرة “فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ “(البقرة :16) والتجارة لا تربح ، فلما كان الربح فيها نَسب الفعل إليها ومثله : “جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ “(الكهف:77 ) ولا إرادة للجدار ” .

ولأبي العباس” أحمد بن يحيى ” المشهور بثعلب النحوي (ت: 291هـ )رحمه الله تعالى ، كتاب قواعد الشعر أكثر من ذكر الاستعارة فيه ، والاستعارة ضربٌ من المجاز ، وقال ابن السراج النحوي (ت: 316 هـ ) رحمه الله تعالى ، في كتابه الأصول في النحو : ” وجائزٌ أن تقول لا قام زيد ، ولا قعد عمرو ، تريد الدعاء عليه وهذا مجاز ” ، وقال أبو العباس المبرِّد (ت: 286هـ ) رحمه الله تعالى ، في كتابه المقتضب : ” وقد يجوزُ أن تقولَ : أعطي زيداً درهم ، وكسي زيداً ثوباً، لما كان الدرهم والثوب مفعولين كزيد ، جاز أن تُقيمهما مقام الفاعل وتنصب زيداً ؛ لأنه مفعول فهذا مجاز ” .

ومن الفقهاء الذين ذكروا المجاز في كتبهم ” محمد بن الحسن الشيباني (ت: 189 هـ ) رحمه الله تعالى ، حيث قال في كتابه ” الجامع الصغير ” ” : فالحاصل أن أبا يوسف أبى الجمع بين النَّذر واليمين ؛ لأن هذا الكلام للنذر حقيقة ولليمين مجاز ، والحقيقة مع المجاز لا يجتمعان تحت كلمة واحدة ، فإن نواهما فالحقيقة أولى بالاعتبار ؛ لأن الحقيقة مُعتبرة في موضعه ، والمجاز معتبر في موضعه ” .
ومن عُلماء الحديث الذين ذكروا المجاز في كتبهم ” ابن قتيبة “(ت: 276هـ) رحمه الله تعالى ، حيث قال في كتابه ” غريب الحديث ” : ” والنبات لا يجوز أن يكون شراباً، وإن كان صاحبه يستغني مع أكله عن شُرب الماء ، إلا على وجه من المجازِ ضعيف ، وهو أن يكون صاحبه لا يشرب الماء فيقال إن ذلك شَرابه ؛ لأنه يقوم مقام شَرابه فيجوز أن يكون قال هذا ، إن كانت الجن لا تشرب شراباً أصلاً ” .

7-ورد في (صفحة/ 46) في مسألة الحُكم على المُفرد بحكم العام لا يُسقط عمومه ، القول بإستثناء أبي ثور من رأي الجمهور القائلين بحكم المسألة . قلت : ولتوضيح المسألة فإن المقصودَ بقاءُ العام حجة فيما لم يخص وهو المذهب الراجح عند الأصوليين . والذي خالف وهو الإمام أبو ثور الكلبي (ت: 246هـ ) رحمه الله تعالى ، حيث قال إن العام إذا دخله التخصيص ، لا يبقى حجة فيما لم يُخَصّ . وسبب تفرُّده تمسُّكه برأيٍ قديم للإمام الشافعي في المسألة . ويلزم من قوله عدم التمسُّك بعمومات القرآن ، وهذا قول مخالف ويُؤدِّي إلى البطلان .


8-ورد في (صفحة/ 47) عبارة : ” تَرك الاستفصال في حكاية الحال مع قيام الاحتمال، يُنزَّل منزلة العموم في المقال ، ويحسن به الاستدلال ” ولم يعُقِّب المُؤلِّفون عليها.
ومعناها : إذا استوت الاحتمالات في الألفاظ الشرعية ، نُزِّلت منزلة العموم ، لأن اللفظ قد يكون مُجملاً أو يُقصد به الوقائع الفعلية التي تحتمل التخصيص .

وقد عقَّب عليها الإمام الزركشي (ت: 497هـ) رحمه الله تعالى حيث قال :
“لم يُرد الشافعي بذلك مطلق الاحتمال حتى يندرج فيه التجويز العقلي ، وإنما يُريد احتمالاً يُضاف إلى أمر واقعٍ، لأنه لو اعتبر التجويز العقلي لأدَّى إلى ردِّ مُعظم الوقائع التي حكم فيها الشارع ، إذ ما من واقعةٍ إلا ويحتمل أن يكون فيها تجويز عقلي ، ويشهد للأوَّل قوله في ” الأم ” في مناظرة له : ” قَلَّ شيء إلا ويطرقه الاحتمال ولكن الكلام على ظاهره حتى تقوم دلالة على أنه غير مراد “، فأبان بذلك إلى أنه لا نظر إلى إحتمال يُخالف ظاهره الكلام . وإذا ثبت أن ترك الإستفصال ينزل منزلة العموم فالعموم يتمسك به من غير نظر إلى احتمال التخصيص وإمكان إرادته كسائر صيغ العموم” .


9- ورد في ( صفحة / 50) عند مسألة التخصيص بالاستثناء المنقطع ، أنه مسألة خلافية بين الجمهور والمالكية . ولم يبُيِّن المؤلِّفون سبب الخلاف في ذلك .
قلت: وسبب الخلاف أن العبارة الملفوظة تحتمل المجاز في الُّلغة ، كما قرَّره كثيرٌ من المحققين .


10-ورد في ( صفحة / 95-96) بعض أحكام أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم ، لكن لم يتعرَّض المؤلِّفون لمبحث شرع من قبلنا – وهي مسألة لها تعلُّق بالأفعال – فَيُستدرك عليهم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن مُكلَّفاً بشرع أحدٍ من الأنبياء قبل نزول الوحي ، وأما بعد نزول الوحي فالمسألة خلافية ، وإن كان الراجح أن الشريعة المحمدية مُهيمنة وناسخة لجميع الشرائع .
والدليل قول الله تعالى : ” ويَضعُ عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم “( الأعراف : 157 ) وقوله : ” مُصدِّقا لما بين يديه من الكتاب ومُهيمناً عليه ” ( المائدة :48 ) .


11- ورد في ( صفحة / 105 ) عند مسألة تحقيق المناط ، أنه البحث عن وجود العِلَّة في الفرع . قلت : لو نبَّه المُؤلِّفون الطالبَ الى أن هذا القِسم من أقسام العِلة لم يختلف فيه أحد من العلماء ،لكان أضبط للفهم .فليحرر.


12- ورد في(صفحة / 106) عند مسألة تخريج المناط أنه نصُّ الشارع على حُكمٍ دون عِلَّته . قلت : لو بُيِّن بأنه هو القياس المحض لكان أضبط للمعنى . ولم يُشر المؤلِّفون الى أن هذا النوع هو الذي وقع فيه الخِلاف في حجية القياس ، فليُستدرك .


13-ورد في (صفحة / 107-108) إشارة لمسالك العِلة ، ولم يُعرِّج المُؤلِّفون ولو بإختصارٍ لقوادح العلة ، أو مُبطلات العلة ، وهي زلَّةٌ في نظري ، لأن المسألة لا تكتمل قواعدها إلا بتمام معرفة مفرداتها . والقوادح ستة : النقض ، وعدم التأثير ، والكسر ، والقلب ، والقول بالموجب ، والفرق .

وقد وضَّحها إيضاحا شافياً محمد الأمين الشنقيطي(ت: 1393هـ) رحمه الله تعالى في “مدارج الصُّعود ” وفي “نثر الورود على مراقي السُّعود ” ، وقد شرحتَها شرحاً وافيا الدكتورة / ميَّادة الحسن في كتابها ” تعارض الأقيسة ” : فليراجع فإنه نفيس جداً .


14- ورد في (صفحة / 120) أنه لا يجوز التقليد لمجتهدٍ بالظن . قلت : لو قيل هنا إنه يأثم لكان أفصح ، لأنه أردع عن التقليد بغير علمٍ وقوة نظر .
ولهذا قال في المراقي :
وهو آثمٌ متى ما قصرا في نظرٍ
وَفقَا لدى من قد دَرى .


15-ورد في ( صفحة/ 117) أنَّ المصيب واحدٌ من المجتهدين ، وأنه ليس كُّل مجتهد مُصيب .
قلت : الذي اختاره الجمهور ومنهم الإمام الشافعي(ت: 204هـ) رحمه الله تعالى حول هذه العبارة أنه : ” لِكُّل مجتهد نَصيب ، وليس كُّل مجتهد مُصيب ” وهذه المسألة فيها تفصيل ، ويُمكن مراجعتها في ” مجموع الفتاوى ” لابن تيمية (20/19- وما بعدها ) فقد حرَّرها تحريراً بليغاً.


16- وردَ في المُذكِّرة نحو ستون أثراً وحديثاً ، ما بين مرفوعٍ وموقوفٍ ، ولا يوجد تخريجٌ أو عزوٌ لها في مُجملها ، وهي زلًّةٌ في نظري ، وإن كان غالبها صحيحٌ أو حسن . فلو كانت مُخرَّجة لكمُل الإنتفاع بها . والتخريج له فوائد منها : معرفة الرواة ، ومعرفة سبب ورود الحديث ، ومعرفة المُدرج ، ومعرفة المتصل والمنقطع . بل إن التخريج والوقوف على الأسانيد يزيدُ في معرفة الرِّجال وأحوال الناس.


هذا ما تيسر تحريره ، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .
 
أعلى