العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

بلوغ الأرب في اختصار قواعد ابن رجب

إنضم
24 ديسمبر 2007
المشاركات
339
الجنس
أنثى
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
الحنبلي
بسم الله الرحمن الرحيم​
والصلاة والسلام على رسول الله فلا يخفى على طلاب العلم أهمية كتاب القواعد لابن رجب الحنبلي وما حوى من علم غزير وتقرير وتحرير، ولما كان كثير من طلبة العلم معرضا عنه لصعوبة عبارته، وطول الكتاب، واحتياج القارئ له لخلفية وممارسة فقهية فقد عزف عنه كثير من طلبة العلم، وسأحاول هنا تقريب هذا الكتاب عن طريق اختصاره بطريقة ذكر القاعدة والتمثيل لها بمثالين أنتقيهما وأختصرها من الأصل أراعي فيهما الوضوح والاختصار، وأن أنوع في القاعدة فيكون أحد الأمثلة في العبادات والآخر في المعاملات وغيرها من كتب الفقه، علما بأن كل عبارة زدتها على لفظ المصنف ستكون بين علامتي اعتراض ( - -) ، وسأشرع بإذن الله برفع قاعدة كل يوم، وسأترك لإخواني من شاء منهم النقاش حولها أو إثراءها من كلام ابن رجب أو غيره كمدارسة وتقليب للعلم، وأنا في ذلك مستفيد متابع بقدر المستطاع، نظرا لمشاغل وعوالق نسأل الله أن يعجل بزوالها، علما بأن أصل هذا الاختصار اختصار أكبر منه أسأل الله أن يتمه، وسيكون هناك قناة في التليجرام أرفع فيها ما أرفعه في الملتقى لمن لا يتسنى له الدخول على الموقع يوميا، ولتكون منصة لمن أراد النقاش والاستفادة والإفادة، ورابطها: t.me/abnrajab1
وقد استفدت في هذا الاختصار من اختصار الشيخ السعدي للقواعد واختصار الشيخ المشيقح كذلك، وشرح شيخنا العثيمين رحمه الله، والله أسأل أن يجعل ذلك في ميزان حسناتي ووالدي ومشايخي يوم ألقاه.
القاعدة الأولى
الماء الجاري هل هو كالراكد أو كل جرية منه لها حكم الماء المنفرد، فيه خلاف في المذهب -والمشهور من المذهب أن الماء الجاري كالراكد- ينبني عليه مسائل :
أ‌) لو وقعت فيه نجاسة فهل يعتبر مجموعه ، فإن كان كثيرا لم ينجس بدون تغير وإلا نجس، أو تعتبر كل جرية بانفرادها فإن بلغت قلتين لم ينجس وإلا نجست، فيه روايتان -والمشهور من المذهب الأول-.
ب‌) لو حلف لا يقف في هذا الماء وكان جاريا لم يحنث عند أبي الخطاب وغيره ؛ لأن الجاري يتبدل ويستخلف شيئا فشيئا ، فلا يتصور الوقوف فيه، وقياس المنصوص -أي المنصوص عن أحمد من التسوية بين الجاري والراكد- أنه يحنث ، لا سيما والعرف يشهد له والأيمان مرجعها إلى العرف .
 
إنضم
24 ديسمبر 2007
المشاركات
339
الجنس
أنثى
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: بلوغ الأرب في اختصار قواعد ابن رجب

القاعدة التاسعة والثلاثون
فيما إذا وصل بألفاظ العقود ما يخرجها عن موضوعها فهل يفسد العقد بذلك أو –يصحح بأن- يجعل كناية عما يمكن صحته على ذلك الوجه ؟ وفيه خلاف ، يلتفت إلى أن المغلب هل هو اللفظ أو المعنى ، ويتخرج على ذلك مسائل :
أ‌) لو أعاره شيئا وشرط عليه العوض فهل يصح أم لا ؟ على وجهين : أحدهما : يصح - واستظهره شيخنا العثيمين؛ لأنه متى أمكنه تصحيح العقود فإنه هو الواجب- ويكون كناية عن القرض – وإنما يكون قرضا إذا كان العوض أن يرد بدلها إما إن كان العوض شيئا معلوما وكانت العارية مؤقتة صحت إجارة،- .
والثاني : أنها تفسد بذلك وجعله أبو الخطاب في موضع آخر المذهب ؛ لأن العوض يخرجها عن موضعها –فيجب عندئذ رد العارية-.
ب‌) لو أسلم في شيء حالا فهل يصح ويكون بيعا أو لا يصح ؟ فيه وجهان- والمشهور من المذهب عدم الصحة لاشتراطهم الأجل في بيع السلم، واختار شيخنا العثيمين الصحة-
 
إنضم
24 ديسمبر 2007
المشاركات
339
الجنس
أنثى
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: بلوغ الأرب في اختصار قواعد ابن رجب

أعتذر عن الانقطاع السابق لظروف السفر
القاعدة التاسعة والثلاثون
في انعقاد العقود بالكنايات واختلاف الأصحاب في ذلك
فقال القاضي : في مواضع : لا كناية إلا في الطلاق والعتاق ، وسائر العقود لا كناية فيها، وقال في موضع آخر منه : تدخل الكنايات في سائر العقود سوى النكاح –وصححه الشيخ السعدي في مختصره- لاشتراط الشهادة عليه -أي النكاح-، وهي لا تقع على النية، وأشار إليه صاحب المغني أيضا ، وكلام كثير من الأصحاب يدل عليه، وهل المعاطاة التي ينعقد بها البيع والهبة ونحوهما إلا من الكنايات؟!
وقد تقدم في القاعدة التي قبلها كثير من فروع هذه القاعدة – قال شيخنا العثيمين: والصواب في كل ما قيل هنا وفيما تقدم أنه يُرجع في ذلك إلى معنى اللفظ في عرف الناس وإلى ما تقتضيه القرينة-
 
إنضم
24 ديسمبر 2007
المشاركات
339
الجنس
أنثى
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: بلوغ الأرب في اختصار قواعد ابن رجب

القاعدة الأربعون
الأحكام المتعلقة بالأعيان بالنسبة إلى تبدل الأملاك واختلافها عليها نوعان :
أحدهما: ما يتعلق الحكم فيه بملك واحد فإذا زال ذلك الملك سقط الحكم
أ‌) الإعارة فلو أعاره شيئا ثم زال ملكه –أي المعير- عنه ثم عاد لم تعد الإعارة
ب‌) الوصية تبطل بإزالة الملك ولا تعود بعوده –وهو المشهور من المذهب أن بيع الوصية رجوع عنها واختاره شيخنا العثيمين- .
النوع الثاني : ما يتعلق الحكم فيه بنفس العين من حيث هي تعلقا لازما –دون اعتبار لمالكها- فلا يختص تعلقه – أي الحكم -بملك دون ملك
أ‌) الرهن ، فإذا رهن عينا رهنا لازما ثم زال ملكه عنها بغير اختياره –كما لو استولى عليه الكفار- ثم عاد فالرهن باق بحاله ، لأنه وثيقة لازمة للعين فلا تنفك بتبدل الأملاك.
ب) رجوع الزوج في نصف الصداق بعد الفرقة فإنه يستحقه سواء كان قد زال ملك الزوجة عنه ثم عاد أو لم يزل ؛ لأن حقه متعلق بعينه .
 
إنضم
24 ديسمبر 2007
المشاركات
339
الجنس
أنثى
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: بلوغ الأرب في اختصار قواعد ابن رجب

القاعدة الحادية والأربعون
إذا تعلق بعين حق تعلقا لازما فأتلفها من يلزمه الضمان فهل يعود الحق إلى البدل المأخوذ من غير عقد آخر ؟ فيه خلاف.
أ‌) لو أتلف الرهن متلف وأُخذت قيمته فظاهر كلامهم أنها تكون رهنا بمجرد الأخذ –وهو المشهور من المذهب واختاره شيخنا العثيمين-، وخالفه صاحبا الكافي والتلخيص .
ب‌) إذا أتلف الأضحية متلف وأخذت منه القيمة، أو باعها من أوجبها ثم اشترى بالقيمة أو الثمن مثلها، فهل تصير متعينة بمجرد الشراء يتخرج على وجهين –والمشهور من المذهب أنه تصير متعينة بمجرد الشراء واختاره شيخنا العثيمين-.
 
إنضم
24 ديسمبر 2007
المشاركات
339
الجنس
أنثى
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: بلوغ الأرب في اختصار قواعد ابن رجب

القاعدة الثانية والأربعون
في أداء الواجبات المالية وهي منقسمة:
القسم الأول: دين وهو إما أن يكون:
- دينا لآدمي
فلا يجب أداؤه بدون مطالبة المستحق، وهذا ما لم يكن قد عين له وقتا للوفاء، فأما إن عين وقتا كيوم كذا فلا ينبغي أن يجوز تأخيره عنه؛ لأنه لا فائدة للتوقيت إلا وجوب الأداء فيه بدون مطالبة.
- دينا لله عز وجل –كالزكاة والكفارات-.
فالمذهب أنه يجب أداؤه على الفور لتوجه الأمر بأدائه من الله عز وجل.

القسم الثاني: عين وهي على أنواع :
منها : الأمانات التي حصلت في يد المؤتمن برضى صاحبها فلا يجب أداؤها إلا بعد المطالبة منه ودخل في ذلك الوديعة وكذلك أموال الشركة والمضاربة والوكالة مع بقاء عقودها .
ومنها : الأمانات الحاصلة في يده بدون رضى أصحابها، فيجب المبادرة إلى ردها مع العلم بمستحقها والتمكن منه، ولا يجوز التأخير مع القدرة ودخل في ذلك اللقطة إذا علم صاحبها، والوديعة والمضاربة والرهن ونحوها إذا مات المؤتمن وانتقلت إلى وارثه، فإنه لا يجوز الإمساك بدون إذن لأن المالك لم يرض.
ثم إن كثيرا من الأصحاب قالوا ههنا : الواجب الرد وصرح كثير منهم بأن الواجب أحد شيئين إما الرد أو الإعلام –أي لصاحب الأمانة واختار شيخنا العثيمين أن الواجب الإعلام-
ومنها: الأمانات إذا فسخها المالك كالوديعة والوكالة والشركة والمضاربة يجب الرد على الفور لزوال الائتمان
ومنها: الأعيان المملوكة بالعقود قبل تقبيضها فالأظهر أنها من هذا القبيل لأن المالك لم يرض بإبقائها في يد الآخر فيجب التمكين من الأخذ ابتداء.
ومنها: الأعيان المضمونة –على من هي في يده- فتجب المبادرة إلى الرد بكل حال وسواء كان حصولها في يده:
- بفعل مباح، كالعواري يجب ردها إذا استوفى منها الغرض المستعار له، وهذا إذا انتهى قدر الانتفاع المأذون فيه متوجه وسواء طالب المالك أو لم يطلب لأنها من قبيل المضمونات – على المشهور من المذهب- فهي شبيهة بالمغصوب.
- أو محظور كالمغصوب والمقبوض بعقد فاسد ونحوهما.
- أو بغير فعله كالزكاة إذا قلنا تجب في العين فتجب المبادرة إلى الدفع إلى المستحق مع القدرة عليه من غير ضرر؛ لأنها من قبيل المضمونات عندنا.
 
إنضم
24 ديسمبر 2007
المشاركات
339
الجنس
أنثى
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: بلوغ الأرب في اختصار قواعد ابن رجب

القاعدة الثالثة والأربعون
فيما يضمن من الأعيان بالعقد أو باليد
القابض لمال غيره لا يخلو إما أن يقبضه بإذنه أو بغير إذنه.
فإن قبضه بغير إذنه فإن استند إلى إذن شرعي كاللقطة لم يضمن، وكذا إن استند إلى إذن عرفي كالمنقذ لمال غيره من التلف ونحوه.
وإن خلا عن ذلك كله فهو متعد وعليه الضمان في الجملة.
أما إن وجد استدامة قبض من غير إذن في الاستدامة فههنا ثلاثة أقسام :
( القسم الأول) أن يكون عقد على ملكه عقدا لازما ينقل الملك فيه، ولم يقبضه المالك بعد:
- فإن كان ممتنعا من تسليمه فهو غاصب إلا حيث يجوز الامتناع من التسليم ككونه رهنا عنده- أي كون المبيع رهنا عند البائع بدين على المشتري- أو لاستثنائه – أي البائع- منفعته مدة
- وإن لم يكن ممتنعا من التسليم بل باذلا له فلا ضمان عليه على ظاهر المذهب، إلا أن يكون المعقود عليه مبهما لم يتعين بعد كقفيز من صبرة فإن عليه ضمانه في الجملة.
(القسم الثاني) أن يعقد عليه عقدا وينقله إلى يد المعقود له ثم ينتهي العقد أو ينفسخ وهو نوعان :
( النوع الأول ) أن يكون عقد معاوضة كالبيع إذا انفسخ بعد قبضه بعيب أو خيار، والعين المستأجرة إذا انتهت المدة، أو العين التي أصدقها المرأة وأقبضها ثم طلقها قبل الدخول، فيتوجه فيها للأصحاب وجوه :
( الوجه الأول ) أن حكم الضمان بعد زوال العقد حكم ضمان المالك الأول قبل التسليم، فإن كان مضمونا عليه كان بعد انتهاء العقد مضمونا له وإلا فلا؛ إعتبارا لأحد الضمانين بالآخر، فعلى هذا إن كان عوضا في بيع أو نكاح وكان متميزا –كهذا الثوب- لم يضمن على الصحيح – لأنه لم يكن مضمونا على البائع قبل التسليم إذ المبيع متميز والبائع غير ممتنع من التسليم-، وإن كان غير متميز –كقفيز من صبرة لم يتميز- ضمن، وإن كان في إجارة ضمن بكل حال .
( الوجه الثاني ) إن كان انتهاء العقد بسبب يستقل به من هو في يده كفسخ المشتري، أو يشارك فيه الآخر كالفسخ منهما، فهو ضامن له لأنه تسبب إلى جعل ملك غيره في يده، وإن استقل به الآخر كفسخ البائع وطلاق الزوج فلا ضمان؛ لأنه حصل في يد هذا بغير سبب منه ولا عدوان.
( الوجه الثالث ) : حكم الضمان بعد الفسخ حكم ما قبله، فإن كان مضمونا فهو مضمون، وإلا فلا، فيكون البيع بعد فسخه مضمونا لأنه كان مضمونا على المشتري بحكم العقد، فلا يزول الضمان بالفسخ، ومقتضى هذا ضمان الصداق على المرأة ، وأنه لا ضمان في الإجارة لأن العين لم تكن مضمونة من قبل
( الوجه الرابع ) أنه لا ضمان في الجميع ويكون المبيع بعد فسخه أمانة محضة، لأنه حصل تحت يده ملك غيره بغير عدوان فلم يضمنه –واختاره شيخنا العثيمين ما لم يمتنع عن تسليمه لصاحبة فيضمن-.
( الوجه الخامس ) : التفريق بين أن ينتهي العقد أو يطلق الزوج ، وبين أن ينفسخ العقد، ففي الأول يكون أمانة محضة لأن حكم المالك ارتفع وعاد ملكا للأول ، وفي الفسخ يكون مضمونا لأن الفسخ يرفع حكم العقد بالكلية فيصير مقبوضاً بغير عقد.
( النوع الثاني ) عقود الأمانات كالوكالة والوديعة والشركة والمضاربة والرهن إذا انتهت أو انفسخت، ففيها وجهان :
( الوجه الأول ) أنها غير مضمونة وأنه لا يجب رده إلى صاحبه استصحابا للإذن السابق والائتمان .
( الوجه الثاني ) أنه يصير مضمونا إن لم يبادر إلى الدفع إلى المالك.
( القسم الثالث ) أن تحصل في يده بغير فعله، كمن مات مورثه وعنده –أي الميت- وديعة أو شركة أو مضاربة فانتقلت إلى يده –أي الوارث- فلا يجوز له الإمساك بدون إعلام المالك لأن المالك لم يأتمنه .
فصل
ما قبض من مالكه بعقد لا يحصل به الملك فثلاثة أقسام:
( القسم الأول) ما قبضه آخذه لمصلحة نفسه
كالعارية فهو مضمون في ظاهر المذهب –واختار شيخنا العثيمين أن العارية لا تضمن إلا بتعد أو تفريط أو شرط-.
(القسم الثاني) ما أخذه لمصلحة مالكه خاصة
كالمودَع فهو أمين محض ، لكن إذا تلفت الوديعة من بين ماله ففي ضمانه خلاف، وكذلك الوصي والوكيل بغير جعل .
( القسم الثالث ) ما قبضه لمنفعة تعود إليهما وهو نوعان :
النوع الأول: ما أخذه على وجه الملك فتبين فساده، أو على وجه السوم، فأما الأول فهو المقبوض بعقد فاسد وهو مضمون في المذهب –وهو المشهور من المذهب-؛ لأنه قبضه على وجه الضمان ولا بد، ونقل ابن مشيش وحرب عن أحمد ما يدل على أنه غير مضمون –واختاره شيخنا العثيمين إلا إن تعدى أو فرط-.
وأما المقبوض على وجه السوم –كما لو سامه وأخذه ليريه أهله- فمن الأصحاب من يحكي في ضمانه روايتين سواء أخذ بتقدير الثمن أو بدونه – والمشهور من المذهب الضمان في الحالين، واختار شيخنا العثيمين عدم الضمان إلا أن يتعدى أو يفرط-.
النوع الثاني: ما أخذ لمصلحتهما على غير وجه التمليك لعينه كالرهن والمضاربة والشركة والوكالة بجعل والوصية كذلك، فهذا كله أمانة على المذهب.
تنبيه: من الأعيان المضمونة ما ليس له مالك من الخلق، وما له مالك غير معين. فالأول: كالصيد إذا قبضه المحرم فإنه يجب تخليته وإرساله، وسواء ابتدأ قبضه في الإحرام أو كان في يده ثم أحرم.
والثاني: الزكاة إذا قلنا تجب في العين فالمذهب وجوب الضمان بتلفها بكل حال– واختار شيخنا العثيمين أن الزكاة أمانة لا تضمن إلا بالتعدي والتفريط- .
 
إنضم
24 ديسمبر 2007
المشاركات
339
الجنس
أنثى
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: بلوغ الأرب في اختصار قواعد ابن رجب

القاعدة الرابعة والأربعون
في قبول قول الأمناء في الرد والتلف
أما التلف فيقبل فيه قول كل أمين – الأمين كل من أخذ المال بإذن من المالك أو الشارع-؛ إذ لا معنى للأمانة إلا انتفاء الضمان ، ويستثنى من ذلك الوديعة إذا هلكت دون مال المودع – والمشهور من المذهب خلافه وأنها لا تضمن ولو هلك دون ماله واختاره شيخنا العثيمين فلا تضمن إلا بالتعدي والتفريط-.
وأما الرد فالأمناء ثلاثة أقسام:
القسم الأول: من قبض المال لمنفعة مالكه وحده
فالمذهب أن قولهم في الرد مقبول –بلا بينة-،كالمودَع والوصي، وناظر الوقف والوكيل إن كانا بلا جعل.
القسم الثاني : من قبض المال لمنفعة نفسه كالمرتهن.
فالمشهور أن قوله في الرد غير مقبول، لشبهه بالمستعير.
القسم الثالث : من قبض المال لمنفعة مشتركة بينه وبين مالكه
كالمضارب والشريك والوكيل بجعل والوصي والأجير المشترك، ففي قبول قولهم في الرد وجهان:
( الوجه الأول) عدم القبول ونص عليه أحمد في المضارب -وهو المشهور من المذهب-.
( الوجه الثاني ) : قبول قولهم .
- مسألة: دعوى رد الأمين ما أؤتمن عليه أربعة أقسام-:
( الأول ) أن يدعي الأمين أنه رد الأمانة إلى من ائتمنه وهذا هو الذي ذكرناه.
( الثاني ) أن يدعي الرد إلى غير من ائتمنه بإذن المؤتمِن فهل يقبل قوله ؟ على وجهين:
( الوجه الأول ) : وهو المنصوص أنه يقبل قوله .
( الوجه الثاني ) : لا يقبل.
هذا إذا ادعى الرد بإذن المالك، وإن ادعاه مع عدم إذنه فلا يقبل منه .
(الثالث) أن يدعي غير الأمين كوارثه –أي وارث الأمين- أن الأمين رد إلى المالك.
فلا يقبل لأنه غير مؤتمن فلا يقبل قوله، ومن المتأخرين من خرج وجها بالقبول
(الرابع) أن يدعي – الرد إلى المالك- من حكمه حكم الأمناء في سقوط الضمان عنه بالتلف قبل التمكن من الرد.
كوارث المودَع - وارث المودَع لا يضمن الوديعة التي كانت عند مورثه لو تلفت قل أن يتمكن من ردها للمودِع- ، ففي التلخيص لا يقبل –قوله في الرد-؛ لأن المالك لم يأتمنه، ويتوجه قبول دعواه ؛ لأنه مؤتمن شرعا في هذه الحالة .
 
إنضم
24 ديسمبر 2007
المشاركات
339
الجنس
أنثى
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: بلوغ الأرب في اختصار قواعد ابن رجب

القاعدة الخامسة والأربعون
عقود الأمانات هل تنفسخ بمجرد التعدي فيها أم لا ؟
المذهب أن الأمانة المحضة –وهي ما قُبضت لمصحلة المالك فقط كالوديعة - تبطل بالتعدي، والأمانة المتضمنة لأمر آخر – وهي غير المحضة التي قُبضت لمصلحة القابض فقط أو لمصلحته ومصلحة المالك - لا تبطل على الصحيح .
أ‌) إذا تعدى في الوديعة بطلت ولم يجز له الإمساك، ووجب الرد على الفور؛ لأنها أمانة محضة وقد زالت بالتعدي فلا تعود بدون عقد متجدد هذا هو المشهور –من المذهب واختاره شيخنا العثيمين- .
ب‌) الشركة والمضاربة إذا تعدى فيهما فالمعروف من المذهب أنه يصير ضامنا – فلا تبطل الشركة والمضاربة- ويصح تصرفه لبقاء الإذن فيه.
ت‌) الرهن إذا تعدى المرتهن فيه زال ائتمانه وبقي مضمونا عليه، ولم تبطل توثقته –فتبقى العين كما هي مرهونة-، وحكى ابن عقيل في نظرياته احتمالا ببطلان الرهن.
 
إنضم
24 ديسمبر 2007
المشاركات
339
الجنس
أنثى
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: بلوغ الأرب في اختصار قواعد ابن رجب

القاعدة السادسة والأربعون
في العقود الفاسدة هل هي منعقدة -ينفذ التصرف فيها- أم لا؟ وهي نوعان:
النوع الأول: العقود الجائزة كالشركة والمضاربة والوكالة.
فإن إفسادها لا يمنع نفوذ التصرف فيها بالإذن، لكن خصائصها تزول بفسادها، فلا يصدق عليها أسماء العقود الصحيحة إلا مقيدة بالفساد – مثاله: لو دفعت إليك مالا مضاربة على وجه فاسد، على أن الربح بيننا نصفين، ثم تصرفت فيه، فالتصرف صحيح نافذ، لكن خصائص شركة المضاربة تزول، فلا تستحق نصف الربح لزوال آثار العقد بفساده، وإنما تستحق أجرة المثل-
النوع الثاني : العقود اللازمة وهي على ضربين:
الأول: ما كان منها لا يتمكن العبد من الخروج منه بقوله
كالإحرام فهو منعقد –ولو اقترف ما يفسده- لأنه لا سبيل إلى التخلص منه إلا بإتمامه أو الإحصار عنه.
الثاني: ما كان العبد متمكنا من الخروج منه بقوله فهو منقسم إلى قسمين :
القسم الأول: ما يترتب عليه حكم مبني على التغليب والسراية والنفوذ، فهو منعقد.
وهو النكاح والكتابة –إن كان فاسدين- يترتب عليهما الطلاق والعتق، فلقوتهما ونفوذهما انعقد العقد المختص بهما ونفذ فيه، ففي النكاح –الفاسد- يجب المهر بالعقد حتى لو طلقها قبل الدخول لزمه نصف المهر على وجه، -والوجه الثاني لا يلزمه وهو المشهور من المذهب واختاره شيخنا العثيمين-، ويستقر بالخلوة.
القسم الثاني : ما لا يترتب عليه –أحكام مبنية على السراية والتغليب-.
كالبيع والإجارة، فالمعروف من المذهب أنه غير منعقد ويترتب عليه أحكام الغصب – وهو المشهور من المذهب فيضمن على كل حال ولو لم يفرط أو يتعد-، وخرج أبو الخطاب في انتصاره صحة التصرف في البيع الفاسد من النكاح- واختار شيخنا العثيمين صحة التصرف في العقد الفاسد لا من حيث إنه عقد فاسد ولكن من حيث أنه قد أذن لذلك الرجل بالتصرف فيه-
 
إنضم
24 ديسمبر 2007
المشاركات
339
الجنس
أنثى
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: بلوغ الأرب في اختصار قواعد ابن رجب

القاعدة السابعة والأربعون
في ضمان المقبوض بالعقد الفاسد
كل عقد يجب الضمان في صحيحه يجب الضمان في فاسده، وكل عقد لا يجب الضمان في صحيحه لا يجب الضمان في فاسده.
العقد الصحيح إذا كان موجبا للضمان فالفاسد كذلك، وإذا لم يكن الصحيح موجبا للضمان فالفاسد كذلك:
أ‌) فالبيع والإجارة والنكاح موجبة للضمان مع الصحة فكذلك مع الفساد .
ب‌) والأمانات كالمضاربة والشركة والوكالة الوديعة وعقود التبرعات كالهبة لا يجب الضمان فيها مع الصحة ، فكذلك مع الفساد.
-تنبيه:- ليس المراد أن كل حال ضمن فيها في العقد الصحيح ضمن في مثلها من الفاسد –فهما وإن اشتركا في أصل الضمان إلا أنهما قد يختلفان في كيفية الضمان ولذلك صور-:
أ‌) البيع الصحيح لا يجب فيه ضمان المنفعة –لكونها تابعة لملكه للعين- ، وإنما يضمن العين بالثمن، والمقبوض بالبيع الفاسد يجب ضمان الأجرة فيه على المذهب –لكون المنفعة تابعة للعين ولم تُملك العين بالعقد الفاسد- .
مسألة: هل يضمن في العقد الفاسد بما سمي فيه أو بقيمة المثل ؟ فيه خلاف في مسائل :
أ‌) المبيع، والمعروف في المذهب ضمانه بالقيمة -وهو المشهور من المذهب- لا بالثمن المسمى فيه نص عليه أحمد، وحكى القاضي أن المقبوض بالبيع الفاسد يضمن بالمسمى وهو اختيار الشيخ تقي الدين -واختار شيخنا إن كان بتعد أو تفريط ضمن ضمان إتلاف بمثله إن كان مثليا وقيمته إن كان متقوما، وإن كان بدونهما ضمنه بالمسمى، لأنه لما كان فاسداً وقد قبضه من صاحبه بإذنه صار بمنزلة المقبوض على وجه الأمانة لا يضمن إلا بالتعدي والتفريط-.
ب‌) الإجارة الفاسدة، والمعروف من المذهب ضمانها بأجرة المثل أيضا –لا بالأجرة المسماه بالعقد-، والقول فيها كالقول في البيع سواء .
 
إنضم
24 ديسمبر 2007
المشاركات
339
الجنس
أنثى
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: بلوغ الأرب في اختصار قواعد ابن رجب

القاعدة الثامنة والأربعون
كل من ملك شيئًا بعوض ملك عليه عوضه في آن واحد –فيتزامن ملك العوض والمعوض بمجرد العقد- ويطَّرد هذا في البيع والسلم والقرض والإِجارة، وكذلك المعاوضات القهرية –كالشفعة-.
أ‌) يملك المستأجر المنافع، والمؤجر يملك الأجرة بنفس العقد.
ب‌) في النكاح في ظاهر المذهب؛ فيملك الزوج منفعة البضع بالعقد، وتملك المرأة به الصداق كله – وهو المشهور من المذهب-
مسألة: تسليم العوضين –فعلى أنواع-:
أ‌) في البيع -على حالين-:
-الحال الأول:- إن كان أحدهما مؤجلًا؛ لم يمنع ذلك المطالبة بتسليم الآخر.
-الحال الثاني-: إن كانا حالين؛ ففي البيع إن كان الثمن دينًا في الذمة، فالمذهب وجوب إقباض البائع أولًا؛ لأن حق المشتري تعلق بعين؛ فقدم على الحق المتعلق بالذمة، وإن كان عينًا؛ فهما سواء، ولا يجبر أحدهما على البداءة بالتسليم، بل ينصب عند التنازع من يقبض منهما ثم يقبضهما.
فرع: لا يجوز للبائع حبس المبيع عنده على الثمن على المنصوص –وهو المشهور من المذهب-؛ لأنه صار في يده أمانة، فوجب رده بالمطالبة كسائر الأمانات، واختار صاحب "المغني" أن له الامتناع من إقباضه حتى يحضر الثمن؛ لأن في تسليمه بدون الثمن ضررًا بفوات الثمن عليه؛ فلا يلزمه تسليمه حتى يحضره –واختاره شيخنا العثيمين-.
ب‌) في الإجارة المذهب أنه لا يجب تسليم الأجرة إلا بعد تسليم العمل المعقود عليه أو العين المعقود عليها، كما لا يجب دفع الثمن إلا بعد تسليم المبيع، ومتى تسلم العين؛ وجب عليه تسليم الأجرة لتمكنه من الانتفاع بقبضها، نص عليه أحمد.
أ‌) النكاح فتستحق المرأة فيه المهر بالعقد، ولها الامتناع من التسليم حتى تقبضه في المذهب، ونقله ابن المنذر اتفاقًا من العلماء.
 
إنضم
24 ديسمبر 2007
المشاركات
339
الجنس
أنثى
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: بلوغ الأرب في اختصار قواعد ابن رجب

القاعدة التاسعة والأربعون
القبض في العقود على قسمين:
القسم الأول: أن يكون من موجَب العقد ومقتضاه – أي أن العقد أوجبه واستلزمه- .
كالبيع اللازم، والرهن اللازم، والهبة اللازمة، والصداق، وعوض الخلع؛ فهذه العقود تلزم من غير قبض، وإنما القبض فيها من موجَبات عقودها.
القسم الثاني: أن يكون القبض من تمام العقد -فمتى لم يحصل القبض بطل العقد-.
قال ابن تيمية: "التحقيق أن يقال في هذه العقود: إذا لم يحصل القبض؛ فلا عقد وإن كان بعض الفقهاء يقول بطل العقد، فكما يقال إذا: لم يقبل المخاطب؛ بطل الإيجاب؛ فهذا بطلان ما لم يتم، لا بطلان ما تم" -ومن ذلك- :
أ) السلم فمتى تفرقا قبل قبض رأس ماله بطل، وكذلك في الربويات.
ب) الوقف؛ ففي لزومه بدون إخراج الوقف عن يده روايتان –والمشهور من المذهب لزومه بمجرد العقد-.
 
إنضم
24 ديسمبر 2007
المشاركات
339
الجنس
أنثى
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: بلوغ الأرب في اختصار قواعد ابن رجب

القاعدة الخمسون
هل يتوقف الملك في العقود القهرية - التي ينتقل فيها الملك قهرا دون اعتبار لرضى المتعاقدين أو أحدهما- على دفع الثمن، أو يقع بدونه مضمونًا في الذمة؟ هذا على ضربين:
أحدهما: التملك الاضطراري
كمن اضطر إلى طعام الغير ومنعه وقدر على أخذه؛ فإنه يأخذه مضمونًا، سواء كان معه ثمن يدفعه في الحال أو لا؛ لأن ضرره لا يندفع إلا بذلك.
والثاني: ما عداه من التمليكات المشروعة لإزالة ضرر ما؛ فعلى وجهين لأصحابنا:
أحدهما: لا يملك بدون دفع الثمن.
والثاني: يملك بدونه مضمونًا في الذمة
-وتحت ذلك صور منها: -
أ) الأخذ بالشفعة فإن لأصحابنا فيه وجهين:
أحدهما: لا يملك بدون دفع الثمن، وأصل الانتزاع القهري إنما شرع لدفع الضرر، والضرر لا يزال بالضرر -وهذا هو المشهور من المذهب إلا أنهم ينظرونه ثلاثاً-، واختار الشيخ تقي الدين ذلك.
والثاني: تُملك بدونه مضمونًا في الذمة .
ب) أخذ الغراس والبناء من مستعير الأرض ومستأجرها –بعد انتهاء الإجارة والاستعارة-، والرزع من الغاصب هل يتوقف كل ذلك على رد الثمن أم لا؟ فيتخرج ذلك كله على وجهين.
 
إنضم
24 ديسمبر 2007
المشاركات
339
الجنس
أنثى
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: بلوغ الأرب في اختصار قواعد ابن رجب

القاعدة الحادية والخمسون

فيما يعتبر القبض لدخوله في ضمان مالكه وما لا يعتبر له.
الملك يقع تارةً بعقد وتارةً بغير عقد، والعقود نوعان:
النوع الأول: عقود المعاوضات المحضة.
فينتقل الضمان فيها إلى من ينتقل الملك إليه بمجرد التمكن من القبض التام والحيازة إذا تميز المعقود عليه من غيره وتعين.
فأما المبيع المبهم غير المتعين؛ كقفيز من صبرة؛ فلا ينتقل ضمانها بدون القبض، وهل يكفي كيله وتمييزه، أم لابد من نقله؟ حكى الأصحاب فيه روايتين -والمشهور من المذهب أنه يكفي كيله وتمييزه-.
وأما الأعيان المملوكة بعقد غير البيع؛ كالصلح والنكاح والخلع والعتق ونحو ذلك؛ فحكمها حكم البيع فيما ذكرنا عند أكثر الأصحاب، قال في المغني: ليس فيه اختلاف.
فأما المنافع في الإِجارة؛ فلا تدخل في ضمان المستأجر بدون القبض، أو التمكن منه إذا فوته باختياره.
النوع الثاني: عقود لا معاوضة فيها -وفيها خلاف-.
كالصدقة والهبة والوصية ، فالوصية تملك بدون القبض، والهبة والصدقة فيهما خلاف -والمشهور من المذهب أن الهبة تملك بالعقد، وأن الصدقة لا تملك إلا بالقبض-.
فإذا ثبت الملك للموصى له ، فإن ضمانه من حين القبول على الموصى له من غير خلاف نعلمه، إذا كان متمكنا من قبضه.
أما ما ملك بغير عقد فنوعان :
النوع الأول : الملك القهري كالميراث وفي ضمانه وجهان :
الوجه الأول : أنه يستقر –أي الضمان- على الورثة بالموت إذا كان المال عينا حاضرة يتمكن من قبضها
–قال في الإنصاف: على الصحيح من المذهب- .
الوجه الثاني: لا يدخل في ضمانهم بدون القبض، فعلى هذا إن زادت التركة قبل القبض فالزيادة للورثة ، وإن نقصت لم يحسب النقص عليهم، وكانت التركة ما بقي بعد النقص، حتى لو تلف المال كله سوى القدر الموصى به صار هو التركة، ولم يكن للموصى له سوى ثلثه.
النوع الثاني : ما يحصل بسبب من الآدمي يترتب عليه الملك.
فإن كان حيازة مباح كالاحتشاش والاحتطاب والاغتنام ونحوها فلا إشكال ولا ضمان هنا على أحد سواه ، وكذلك اللقطة بعد الحول لأنها في يده –فالضمان عليه.
 
إنضم
24 ديسمبر 2007
المشاركات
339
الجنس
أنثى
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: بلوغ الأرب في اختصار قواعد ابن رجب

القاعدة الثانية والخمسون
في التصرف في المملوكات قبل قبضها
وهي منقسمة إلى قسمين:
القسم الأول: المملوك بعقد، والعقود نوعان :
النوع الأول: عقود يثبت بها الملك عن طريق المعاوضة وهي على فرعين:
الفرع الأول: التصرف في المبيع –والتصرف فيه لا يخلو من حالين-:
أ) التصرف فيه بالبيع:
فقالت طائفة من الأصحاب التصرف قبل القبض والضمان متلازمان، فإن كان البيع مضمونا على البائع لم يجز التصرف فيه للمشتري حتى يقبضه، وإن كان قبل القبض من ضمان المشتري جار له التصرف فيه ، وجعلوا العلة المانعة من التصرف توالي الضمانات – والمشهور من المذهب أن المبيع بمجرد العقد من ضمان المشتري إلا في سبع مسائل: ما بيع بكيل، أو وزن، أو عد، أو ذرع، ولم تبع جزافاً، وكذا ما بيع برؤية متقدمة، أو بصفة، والثمر على الشجر، فهذه من ضمان البائع ما لم يقبضها المشتري-.
وفي المذهب طريقة أخرى وهي أنه لا تلازم بين التصرف والضمان، فيجوز التصرف والضمان على البائع كما في بيع الثمرة قبل جدها؛ فإنه يجوز في أصح الروايتين وهي مضمونة على البائع.
ب) التصرف فيه بغير البيع.
فقال القاضي لا يجوز رهنه ولا هبته ولا إجارته قبل القبض كالبيع، وللأصحاب وجه آخر أنه بجواز رهنه على غير ثمنه -والمشهور من المذهب لا يصح التصرف في المبيع قبل قبضه ببيع، ولا هبة، ولا إجارة، ولا رهن، ولا حوالة –
مسألة: التصرف في ثمن المبيع قبل قبضه
إن كان معينا – غير موصوف في الذمة- جاز التصرف قبل قبضه ، سواء كان المبيع يجوز التصرف فيه قبل القبض أو لا ، وإن كان مبهما لم يجز إلا بعد تمييزه ، وإن كان دينا –موصوفا في الذمة- جاز أن يعاوض عنه قبل قبضه .
الفرع الثاني: التصرف في غير المبيع من عقود المعاوضات فهي ضربان :
الضرب الأول: ما يخشى انفساخ العقد بتلفه قبل قبضه مثل الأجرة المعينة ، فحكمه حكم البيع فيما سبق.
الضرب الثاني : ما لا يخشى انفساخ العقد بهلاكه قبل قبضه كالصداق وعوض الخلع، ونحو ذلك ففيه وجهان :
الوجه الأول: يجوز التصرف فيه قبل القبض ، ووجه ذلك أن تلف هذه الأعواض لا تنفسخ بها عقودها فلا ضرر في التصرف فيها بخلاف البيع والإجارة ونحوهما، ورجحه الشيخ تقي الدين –ابن تيمية-.
الوجه الثاني : أن حكمها حكم البيع فلا يجوز التصرف في غير المعين منها قبل القبض ، واختاره صاحب المغني إلحاقا لها بسائر عقود المعاوضات .
تنبيه : ما اشترط القبض لصحة عقده لا يصح التصرف فيه قبل القبض لعدم ثبوت الملك ، وقد صرح به في المحرر في الصرف ورأس مال السلم.
النوع الثاني: عقود يثبت بها الملك من غير عوض –فيجوز التصرف فيها قبل قبضها-
أ) الوصية فيجوز التصرف فيها بعد ثبوت الملك وقبل القبض باتفاق من الأصحاب فيما نعلمه، وسواء كان الموصى به معينًا أو مبهمًا.
ب) الهبة التي تملك بالعقد بمجرده، فيجوز التصرف فيها قبل القبض ، وقد نص أحمد عليه ؛ لأن حق الواهب ينقطع عنها بمجرد انتقال ملكه، وليست في ضمانه؛ فلا محذور في التصرف فيها بوجه.
القسم الثاني: المملوك بغير عقد.
كالميراث، والغنيمة، والاستحقاق من أموال الوقف، أو الفيء للمتناولين منه؛ كالمرتزقة في ديوان الجند وأهل الوقف المستحقين له، فإذا ثبت لهم الملك فيه وتعين مقداره؛ جاز لهم التصرف فيه قبل القبض بغير خلاف؛ لأن حقهم مستقر فيه، ولا علاقة لأحد معهم، ويد من هو في يده بمنزلة يد المودَع ونحوه من الأمناء.
وأما قبل ثبوت الملك؛ فله حالتان:
إحداهما: أن لا يوجد سببه.
فلا يجوز التصرف فيه بغير إشكال؛ كتصرف الوارث قبل موت مورثه والغانمين قبل انقضاء الحرب، ومن لا رسم له في ديوان العطاء في الرزق.
والثانية: بعد وجود السبب وقبل الاستقرار، وله أمثلة:
أ) بيع العطاء قبل قبضه، وهو رزق بيت المال، وقد نص أحمد على كراهته، وقال هو شيء مغيب لا يدرى أيصل إليه أم لا أو ما هو؟وعنه رواية ثانية بالجواز.
ب) لا يصح بيع الصدقات قبل أن تقبض، ومأخذه أن الصدقة لا تملك بدون القبض.
 
إنضم
24 ديسمبر 2007
المشاركات
339
الجنس
أنثى
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: بلوغ الأرب في اختصار قواعد ابن رجب

القاعدة الثالثة والخمسون
من تصرف في عين تعلق بها حق لله تعالى أو لآدمي معين
لا يخلو ذلك من حالين:
الحال الأولى: أن يكون الحق مستقرا فيها بمطالبة من له الحق بحقه أو بأخذه بحقه، لم ينفذ التصرف على ظاهر المذهب، وتحته مسائل:

  1. التصرف في المرهون ببيع أو غيره لا يصح؛ لأن المرتهن أخذ بحقه في الرهن من التوثيق والحبس وقبضه وحكم له به، فهو بالنسبة إلى الرهن كغرماء المفلس المحجور عليه .
  2. الشفيع إذا طالب بالشفعة لا يصح تصرف المشتري بعد طلبه لأن حقه تقرر وثبت ، وقبل المطالبة إنما كان له أن يتملك.
الحال الثانية: أن يتعلق بالعين حق مجرد غير مستقر، فلا يوجد سوى تعلق الحق دون مطالبة بالحق أو أخذ فيصح التصرف على ظاهر المذهب، وتحته مسائل:

  1. بيع النصاب بعد الحول فإنه يصح نص عليه –وهو المشهور من المذهب واختاره شيخنا العثيمين-؛ لأن الوجوب إن كان متعلقا بالذمة وحدها فلا إشكال، وإن كان في العين وحدها فليس بمعنى الشركة بحيث -يكون الفقراء مشاركين في عين المال- .
  2. تصرف الورثة في التركة المعلق بها حق الغرماء وفي صحته وجهان، أصحهما الصحة – وهو المشهور من المذهب بشرط أن يضمنه الورثه بالأقل من التركة أو الدين- واختار ابن عقيل أنه لا ينفذ إلا مع يسارهم -واختاره شيخنا العثيمين- لأن تصرفهم تبع لتصرف المورث في مرضه.
 
إنضم
24 ديسمبر 2007
المشاركات
339
الجنس
أنثى
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: بلوغ الأرب في اختصار قواعد ابن رجب

القاعدة الرابعة والخمسون
من ثبت له حق في عين وسقط بتصرف غيره فيها ، فهل يجوز للمتصرف فيها الإقدام على التصرف المسقط لحق غيره قبل استئذانه أم لا ؟
هذا على ثلاثة أقسام :
القسم الأول: أن يكون الحق الذي يسقط بالتصرف قد أخذ به صاحبه وتملكه
فلا يجوز إسقاط حقه ولو ضمنه بالبدل، كعتق العبد المرهون إذا قلنا بنفوذه على المذهب المشهور ، فإنه لا يجوز ، مع أن عتقه يوجب ضمان قيمته –أي العبد- يكون رهناً؛ لأن فيه إسقاطا لحقه –أي حق المرتهن- القائم في العين بغير رضاه
القسم الثاني: أن يكون قد طالب به صريحا أو إيماء، فلا يجوز أيضا.
منه خيار البائع المشترَط في العقد، لا يجوز للمشتري إسقاطه بالتصرف في المبيع، ولو قلنا إن الملك له؛ فإن اشتراطه –أي البائع- الخيار في العقد تعريض بالمطالبة بالفسخ .
القسم الثالث: أن يثبت له الحق شرعا ولم يأخذ به ولم يطالب به ففيه خلاف
والصحيح أنه لا يجوز أيضا، ويندرج في صور الخلاف مسائل :
أ) مفارقة أحد المتبايعين الآخر في المجلس بغير إذنه خشية أن يفسخ الآخر ، وفيه روايتان إحداهما يجوز ؛ لفعل ابن عمر، والثانية لا يجوز –وهي المشهور من المذهب- لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يحل له أن يفارقه خشية أن يستقيله) . وهو صريح في التحريم .
ب) تصرف المشتري في الشقص المشفوع بالوقف قبل الطلب، صرح القاضي بجوازه ، وظاهر كلامه في مسألة التحيل على إسقاط الشفعة تحريمه وهو الأظهر –واختاره شيخنا العثيمين، والمشهور من المذهب أنه إن تصرف بالوقف سقطت الشفعة- .
 
إنضم
24 ديسمبر 2007
المشاركات
339
الجنس
أنثى
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: بلوغ الأرب في اختصار قواعد ابن رجب

القاعدة الخامسة والخمسون
من ثبت له حق التملك بفسخ أو عقد هل يكون تصرفه تملكاً أم لا؟ وهل ينفذ تصرفه أم لا ؟ المذهب المشهور أنه لا يكون تملكا ، ولا ينفذ وفي بعض صورها خلاف ، ومن صور المسألة:
أ) البائع بشرط الخيار إذا تصرف في المبيع لم يكن تصرفه فسخا ولم ينفذ نص عليه –وهو المشهور من الذهب-، واختلف الأصحاب في المسألة على قولين:
القول الأول : لا يكون فسخا.
القول الثاني : أنه فسخ .
وأما نفوذ التصرف فهو ممنوع على الأقوال كلها ، صرح به الأكثرون من الأصحاب لأنه لم يتقدمه ملك.
ب) لو تصرف الوالد في مال ولده الذي يباح له تملكه قبل التملك لم ينفذ، ولم يكن تملكا على المعروف من المذهب –وهو المشهور من المذهب- ، وأن تملكه لا يحصل بدون القبض الذي يراد التملك به، وقد نص عليه أحمد في مواضع؛ لأنه مباح فلم يتملك بدون قبضه كالاصطياد والاحتشاش.
ت) تصرف الموصى له بالوصية بعد الموت هل يقوم مقام القبول ؟ الأظهر قيامه مقامه لأن سبب الملك قد استقر له استقراراً لا يمكن إبطاله، وقد كمل بالموت على أحد الوجوه –والمشهور من المذهب عدم صحة تصرفه-
 
إنضم
24 ديسمبر 2007
المشاركات
339
الجنس
أنثى
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: بلوغ الأرب في اختصار قواعد ابن رجب

القاعدة السادسة والخمسون
شروط العقود من أهلية العاقد والمعقود له أو عليه إذا وجدت مقترنة بها – أي بالعقود- ولم تتقدم عليها هل يكتفى بها في صحتها أم لا بد من سبقها –أي الشروط-؟
المنصوص عن أحمد الاكتفاء بالمقارنة في الصحة، وفيه وجه آخر لا بد من السبق ، ويتخرج على ذلك مسائل:
أ) إذا أعتق أمته وجعل عتقها صداقها فالمنصوص الصحة –وهو المشهور من المذهب- اكتفاء باقتران شرط النكاح وهو الحرية به كما دلت عليه السنة الصحيحة، واختار ابن حامد والقاضي عدم الصحة .
ب) لو باعه شيئا بشرط أن يرهنه على ثمنه صح – وهو المشهور من المذهب-، نص عليه، وقال القاضي وابن حامد لا يصح لانتفاء الملك للرهن ولا تكفي المقارنة .
 
إنضم
24 ديسمبر 2007
المشاركات
339
الجنس
أنثى
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: بلوغ الأرب في اختصار قواعد ابن رجب

القاعدة السابعة والخمسون
إذا تقارن الحكم ووجود المنع منه –المنع من الشيء يكون في ابتداء الشيء- ، فهل يثبت الحكم أم لا ؟ المذهب المشهور أنه لا يثبت، وقال ابن حامد يثبت فيندرج تحته مسائل :
أ) لو قال الزوج لامرأته أنت طالق مع انقضاء عدتك ، لا تطلق ، هذا المذهب المشهور –وهو المشهور من المذهب-.
ب) لو قال أنت طالق بعد موتي لم تطلق بغير خلاف نعلمه ، ولو قال مع موتي أو موتك لم تطلق نص عليه في رواية مهنا، لأن الموت سبب البينونة فلا يجامعها الطلاق.
وإن تقارن الحكم وجود المانع منه –المانع يكون طارئا على الشيء- فهل يثبت الحكم معه فيه وجهان، ويندرج تحته صور:
أ) إذا تزوج العادم للطول الخائف للعنت في عقد حرة وأمة فهل يصح نكاح الأمة مع الحرة ؟ على وجهين – الوجه الأول صحة نكاح الأمة مع الحرة، والوجه الثاني صحة نكاح الحرة فقط-..
ب)ومنها إذا قال لامرأته التي لم يدخل بها إن كلمتك فأنت طالق، ثم أعاده فإنها تطلق بالإعادة لأنه كلام في المشهور عند الأصحاب، وقال ابن عقيل قياس المذهب عندي أنه لا يحنث بهذا الكلام –فلا تطلق- لأنه من جنس اليمين الأولى ومؤكد لها ، وإنما المقصود أذاها وهجرها وإضرارها بترك كلامها وليس في هذه الإعادة ما ينافي ذلك فلا يحنث
 
أعلى