العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

صدر حديثًا ... (إتحاف المهتدين بمناقب أئمة الدين) ... للإمام الدمنهوري المذاهبي ..

إنضم
12 أبريل 2014
المشاركات
102
الجنس
ذكر
الكنية
أبو ياسر
التخصص
فقه شافعي
الدولة
مصر
المدينة
دمياط
المذهب الفقهي
شافعي
ولله الحمد المنة صدر كتاب (إتحاف المهتدين بمناقب أئمة الدين) ... للإمام الدمنهوري المذاهبي ، شيخ الجامع الأزهر، المتوفى سنة (1192هـ):
IMG-20180104-WA0068.jpg
مقدمة التحقيق
بسم الله الرحمن الرحيم
به أستمسك وعليه أتوكل
الحمد لله الحق المبين، بعث النبيين مبشرين ومنذرين، وأنزل معهم الكُتُب تبيانًا للعالمين، وشرَّف أهل العلم فجعلهم لهم متبعين، وعلى أحكام شريعته مؤتمنين، فكانوا لميراث النُّبُّوة خير وارثين، ولغيرهم من الناس ناصحين، لاسيما الأئمة الأربعة المهتدين، أوَّلهم أبو حنيفة النعمان سيد المجتهدين، وثانيهم مالك بن أنس إمام مدينة النبي الأمين، وثالثهم محمد بن إدريس الشافعي شيخ الفقهاء والأصوليين، ورابعهم أحمد بن حنبل الذي قام مقام الصِّدِّيقين، فاللهم اغفر لهم وارحمهم واجمعنا بهم أجمعين.
وبعد,
فلا يخفى مكانة أهل العلم في دين الله عز وجل، فهم وَرَثة الأنبياء، وحَمَلة الشريعة، وحُرَّاس العقيدة، وأئمة الأنام، وزوامل الإسلام، الذين حفظوا على الأمة معاقد الدين ومعاقله، وحَمَوا من التغيير والتكدير موارده ومناهله[SUP]([1])[/SUP].
والمصنفات في ذكر بيان فضائل العلم وأهله أكثر من أن تحصر، وأشهر من أن تذكر.
فلقد عرفت الثقافة الإسلامية منذ زمن مبكر تلك المؤلفات التي تهتم بتراجم العلماء وسيرهم ومعرفة طبقاتهم، كما اهتمت بغيرهم من النبلاء من هذه الأمة المباركة التي ما فتئ زمان وما فُتح مكان وإلا وقام فيه سوق العلم وأصبح التجارة الرائجة فيه.
فنبغ في كل قطر من أقطار الإسلام علماء نبلاء ملأوا الدنيا علمًا، وكانوا مشاعل هدى ونور للناس، تشنفت الآذان بسماع أخبارهم، وبيان أحوالهم، وسعدت النفوس بقراءة قصصهم ومواقفهم، حتى يظن الظان أنهم ما كانوا من جنس البشر، وفي مطالعة كتاب كـ«السير» للذهبي آكد دليل وأصدق برهان على هذا.
هم القوم كل القوم يا أم خالد
لا تعرضن بذكرهم مع ذكرنا ليس الصحيح إذا مشى كالمقعد
وقد اهتم أصحاب التراجم والطبقات والسير بذكر كل صغير وكبير خاص بحياة علماء أمتنا المجيدة، التي ما سمعت أمة من الأمم بمثل سيرهم.
ولقد خصَّ العديدُ منهم هؤلاء الأئمةَ الأربعة أصحاب المذاهب الفقهية المعروفة بمزيد عناية واهتمام، وجردوا في بيان أحوالهم وتفاصيل أخبارهم الكثير من الأسفار.
ولعل من أجمع ما كُتب في ذلك «تنوير بصائر المقلدين في مناقب الائمة المجتهدين» لمرعي الحنبلي المتوفى سنة (1033هـ).
ولما كان في الكتاب شيء من البسط اختصره أحد أئمة عصره وشيخ من مشايخ أزهرنا الشريف –أدام الله عزه وشرفه- العلَّامة الفقيه الدمنهوري المذاهبي، المتوفى سنة (1192هـ) في كتابه «إتحاف المهتدين بمناقب أئمة الدين».
وقد منَّ الله علينا بتحقيقه وتقديمه لطلاب العلم في هذا الثوب القشيب، سائلًا المولى عز وجل ينفع به، وأن يجعله ذخرًا لمؤلفه ومحققه وناشره في الآخرة، وأن يتقبل منَّا أعمالنا؛ إنه نعم المولى ونعم النصير.


([1]) انظر: إعلام الموقعين (1/7) ط العلمية.




ترجمة المؤلف[SUP]([1])[/SUP]
اسمه ونسبه ومولده:
هو أحمد بن عبد المنعم بن يوسف بن صيام[SUP]([2])[/SUP]، شهاب الدين، أبو العباس[SUP]([3])[/SUP]، المصري، الدمنهوري، الأزهري، المذاهبي، الحنفي، المالكي، الشافعي، الحنبلي[SUP]([4])[/SUP]، الشيخ العاشر من شيوخ الجامع الأزهر.
عُرف بـ "الدمنهوري+ نسبةً لبلدته التي وُلد ونشأ فيها.
وكذا بـ"المذاهبي+؛ لاستكماله الفُتيا بسائر مذاهب الأئمة الأربعة؛ فقد كانت معرفته بها أكثر من أهلها قراءة وفهمًا ودراية.
وُلد بـ"دمنهور+ إحدى مدن محافظة البحيرة بمصر، سنة (1101هـ)[SUP] ([5])[/SUP].
نشأته العلمية:
نشأ الشيخ الدمنهوري يتيمًا، ثم قدم القاهرة وهو صغير السن، ولم يكفله أحد، فالتحق بالجامع الأزهر، واشتغل بالعلم، وجدَّ في تحصيله، واجتهد في تكميله، وأجازه علماء المذاهب الأربعة حتى عُرف بـ «المذاهبي».
وقد عُرف بقوة حفظه، وكانت له معارف في فنون غريبة، كما كانت له معارف عظيمة في سائر العلوم والفنون العربية والدينية، بل برع في سائر العلوم العقلية والتجريبية.
يقول عن نفسه[SUP]([6])[/SUP]: أخذت عن أستاذنا الشيخ علي الزعتري «وسيلة» ابن الهائم، و«معونته» في الحساب، و«المقنع» لابن الهائم، و«منظومة الياسمين في الجبر والقابلة»، و«المنحرفات» للسبط المارديني في وضع المزاول.
وأخذت عن سيدي أحمد القرافي الحكيم بـ«دار الشفا» بالقراءة عليه كتاب «الموجز» و«اللمحة العفيفة» في أسباب الأمراض وعلاماتها، وبعضًا من قانون ابن سينا، وبعضًا من كامل الصناعة، وبعضًا من منظومة ابن سينا الكبرى، والجميع في الطب.
وقرأت على أستاذنا الشيخ سلامة الفيومي «أشكال التأسيس» في الهندسة، وبعضًا من الجغميني في علم الهيئة، وبعضًا من رفع الأشكال عن مساحة الأشكال في علم المساحة.
وقرأت على الشيخ محمد الشهير بالشحيمي «منظومة الحكيم»، و«منظومة في علم الأعمال الرصدية»، و«روضة العلوم وبهجة المنطوق والمفهوم» لمحمد بن صاعد الأنصاري، وهو كتاب يشتمل على سبعة وسبعين علمًا، ورسالة في علم المواليد، أعني الممالك الطبيعية وهي الحيوانات والنباتات والمعادن.
شيوخه:
تلقى الشيخ الدمنهوري العلم على أيدي خلاصة علماء عصره، وأبرز أئمة مصره، منهم:
الشيخ عبد ربه بن أحمد الديوي شيخ الشافعية، والشيخ أحمد الخليفي، والشيخ أبي الصفاء الشنواني، والشيخ عبد الدائم الأجهوري، والشيخ محمد بن منصور الأطفيحي، والشيخ عبد الرءوف البشبيشي، والشيخ عبد الوهاب الشنواني، والشيخ عبد الجواد المرحومي، والشيخ محمد الغمري، والشيخ عبد الجواد الميداني، والشيخ محمد بن أحمد الورزازي، والشيخ أحمد بن غانم النفراوي، والشيخ عبد الله الكنكسي، والشيخ عبد الله السلجماسي، والشيخ محمد السلموني شيخ المالكية، والشيخ محمد بن عبد العزيز الحنفي الزيادي، والشيخ أحمد المقدسي الحنبلي، والسيد محمد الريحاوي، والشيخ أحمد بن محمد الهشتركي، والشيخ منصور المنوفي، والشيخ الزعتري، والشيخ السحيمي، والشيخ علي سلامة الفيومي، والشيخ عبد الفتاح الدمياطي، والشيخ أحمد بن الخبازة، والشيخ حسام الدين الهندي، وحسين أفندي الواعظ، والشيخ أحمد الشرفي، والسيد محمد الموفق التلمساني، والشيخ محمد السوداني، والشيخ محمد الفاسي، والشيخ محمد المالكي.
تدريسه ومشيخته:
اكتسب الشيخ شهرة عظيمة بين أهل عصره، وذاع صيته، وقصده الطلاب من كل مكان، وكان من عادته الجلوس للتدريس بمسجد الحسين في شهر رمضان، وكان معروفًا بين تلاميذه وزملائه من العلماء أنه لا يضع علمه في غير موضعه، ولذلك اتهمه البعض بالبخل في بذل العلم على الرغم من عطائه الوافر ومصنفاته الكثيرة والمتنوعة، فقد كان رحمه الله ينتقي من يتعلم على يديه حتى يطمئن على من أجل تحقيقه طيلة حياته.
وقد تولى مشيخة الجامع الأزهر سنة (1183هـ) بعد وفاة الشيخ أبي الجواد عبد الرءوف السجيني الشافعي[SUP]([7])[/SUP]، ويعتبر الدمنهوري الشيخ العاشر من شيوخ الجامع الأزهر.
مهابته عند الحكام:
حج الشيخ الدمنهوري مع الركب المصري عام (1177هـ)، فاستقبله أهل مكة أحسن استقبال، وأتى حاكم مكة وعلماؤها لاستقباله، فكان الاستقبال كريمًا يليق بمكانة الشيخ الدمنهوري، وحين عودته من الحج إلى مصر استقبله الناس بنفس الحفاوة التي لقيها بمكة المكرمة.
ولما ذاع صيته قصده الملوك من جميع الأماكن، وقدَّموا إليه الهدايا القيمة، واحترمه ولاة مصر، وهابه الأمراء والكبراء؛ لالتزامه بالصراحة والصدق وقول الحق؛ فقد كان قوَّالًا للحق أمَّارًا بالمعروف.
ثناء العلماء عليه:
أثنى على الشيخ الدمنهوري غير واحد، فقال المرادي: الشيخ الإمام العلامة الأوحد، آية الله الكبرى في العلوم والعرفان، المتفنن في جميع العلوم معقولًا ومنقولًا.
وقال في خاتمة ترجمته: وبالجملة فهو نسيج وحده في هذه الأعصار.
وقال العامري في «النعت الأكمل»، وأبو الخير في «المختصر»: العلامة المتفنن المستكمل للفتيا بسائر مذاهب الأئمة الأربعة، الحائز من العلم أنفعه وأرفعه.
وقال محي الدين الطعمي: الإمام المفرد العَلَم، شيخ الشيوخ أحد نبلاء الأعلام وشيخ الإسلام.
وقال الشيخ التادوي في «فهرسته»: بحر لا ساحل له، وشيخ ما لقيت مثله.
وقال فيه الحوات: أعلم أهل عصره بالديار المصرية في جميع الفنون النقلية والعقلية[SUP]([8])[/SUP].
تلاميذه:
نال الشيخ الدمنهوري مكانة كبيرة في عصره، وأقبل الطلاب عليه من كل مكان ينهلون من علمه، ويستفيدون من مجالسه العلمية، ومصنفاته الباهرة، من هؤلاء:
1- العلَّامة المسند هبة الله بن محمد بن يحيى، الشهير بـ «مفتي بعلبك»[SUP]([9])[/SUP].
2-إبراهيم بن عبد الله الميداني، الدمشقي الشافعي، الفقيه الواعظ، ت (1188هـ)[SUP] ([10])[/SUP].
3-إبراهيم بن مصطفى بن إبراهيم الحنفي المداري، العلامة الكبير، ت (1190هـ)[SUP] ([11])[/SUP].
4-أبو الفتح بن محمد بن خليل، الدمشقي الشافعي العجلوني، ت (1193هـ)[SUP] ([12])[/SUP].
5- علي بن عبد الكريم، الأرمنازي الشافعي، نزيل حماة، العالم الفاضل، ت (1196هـ)[SUP] ([13])[/SUP].
6- العلَّامة عبد الله بن حجازي بن إبراهيم الشرقاوي، الأزهري الشافعي، الأصولي الفقيه، ت (1227هـ)[SUP] ([14])[/SUP]، وغيرهم كثير.
آثاره العلمية:
ترك لنا الشيخ الدمنهوري تراثًا ضخمًا في شتى جوانب المعرفة والعلم، تثبت غزارة علمه، وسعة معارفه، وتنوع ثقافته، فلقد طَرَقَ غالب العلوم العربية والشرعية وأيضًا العقلية، حتى قال التادوي: قيل إن عدة تآليفه تقرب من تآليف السيوطي[SUP]([15])[/SUP]، من أبرز مصنفاته:
1- إتحاف البرية بمعرفة العلوم الضرورية.
2- إقامة الحجة الباهرة على هدم كنائس مصر والقاهرة.
3- إيضاح المبهم من متن السلم في المنطق.
4- بلوغ الأرب في اسم سيد سلاطين العرب.
5- تحفة الملوك في علم التوحيد والسلوك.
6- حلية اللب المصون بشرح الجوهر المكنون في البلاغة.
7- حسن التعبير لما للطيبة من التكبير.
8- الدرة اليتيمة في الصنعة الكريمة في الكيمياء.
9- درة التوحيد منظومة شعرية في علم الكلام.
10- رسالة عين الحياة في استنباط المياه.
11- سبيل الرشاد إلى نفع العباد، مشتمل على فوائد جليلة التقطها من كلام أهل الأدب، مرتبًا لها على حروف المعجم، فرغ من تأليفه في أول المحرم سنة (1162هـ).
12- طريق الاهتداء بأحكام الإمام والاقتداء على مذهب أبي حنيفة.
13- الفتح الرباني بمفردات ابن حنبل الشيباني[SUP]([16])[/SUP].
14- فيض المنان بالضروري من مذهب النعمان.
15- القول الصريح في علم التشريح.
16- كشف اللثام عن مخدرات الأفهام في البسملة والحمدلة.
17- اللطائف النورية في المنح الدمنهورية.
18- منهج السلوك في نصيحة الملوك في السياسة والأخلاق.
19- نهاية التعريف بأقسام الحديث الضعيف. وغيرها الكثير.
وفـاته:
ظل الشيخ الدمنهوري في منصب مشيخة الأزهر حتى وافاه الأجل يوم الأحد 10 من رجب سنة (1192هـ)، وصلي عليه بالجامع الأزهر في مشهد مهيب، ودفن بالبستان.
فرحمة الله على الشيخ الدمنهوري وأسكنه فسيح جناته.


([1]) مصادر ترجمته: سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر للمرادي (1/117)، النعت الأكمل لأصحاب الإمام أحمد بن حنبل للغزي (317)، المختصر من كتاب نشر النور والزهر لأبي الخير (88)، فهرس الفهارس للكتاني (1/404)، الأعلام للزركلي (1/164)، معجم المؤلفين لكحالة (1/303)، النور الأبهر في طبقات شيوخ الأزهر للطعمي (20)، الأزهر في ألف عام لخفاجي (1/243)، شيوخ الأزهر لأشرف فوزي (1/56)، معجم المطبوعات العربية لسركس (2/882).

([2]) في "النعت الأكمل+، و"المختصر+ لأبي الخير، و"سلك الدرر+: خيام.

([3]) ذكره بهذه الكنية الكتاني في "فهرس الفهارس+، وفي "شيوخ الأزهر+: أبو المعارف.

([4]) قال في "سلك الدرر+: هكذا كان يكتب بخطه.

([5]) في «سلك الدرر»، و«المختصر» لأبي الخير: أنه ولد في حدود التسعين وألف.

([6]) انظر: شيوخ الأزهر (1/56).

([7]) في «سلك الدرر» (1/117): وتولى مشيخة الجامع الأزهر بعد وفاة الشمس محمد الحنفي، ووافقه الطعمي في «النور الأبهر»، وهذا خلاف الصواب، فالشيخ الحنفي الشيخ الثامن للجامع الأزهر، توفي سنة (1181هـ)، وبعده تولى المشيخة الشيخ السجيني، وهو التاسع، المتوفى سنة (1182هـ)، وبعده تولى الشيخ الدمنهوري.

([8]) انظر: فهرس الفهارس (1/404).

([9]) انظر: فهرس الفهارس (2/582).

([10]) انظر: سلك الدرر (1/11).

([11]) انظر: سلك الدرر (1/38).

([12]) انظر: سلك الدرر (1/66).

([13]) انظر: سلك الدرر (3/218).

([14]) انظر: حلية البشر (1005).

([15]) انظر: فهرس الفهارس (1/404).

([16]) صدر بتحقيق الدكتور عبد الله بن محمد الطيار، والدكتور عبد العزيز بن محمد الحجيلان، بدار العاصمة، السعودية.



منهج المؤلف في الكتاب
هذا الكتاب اختصار لرسالة الإمام مرعي الحنبلي «تنوير بصائر المقلدين في مناقب الأئمة المجتهدين»، اقتصر فيه على ما اشتدت حاجة الطالبين إليه من مناقب الأئمة الأربعة مما هو مُعوَّل عليه.
وهدفه من ذلك أن يحيط كل طالب بمناقب إمامه؛ فيصير على بصيرة من علو شأنه ورفيع مقامه.
وقد تبع المصنفُ الأصلَ في تقسيمه للكتاب، فجعل للكتاب مقدمة تناول فيها ذكر بعض أئمة التابعين المجتهدين وقد بلغ عددهم في الكتاب تسعة وعشرين إمامًا ممن شهدت لهم الأمة بالعلم والفضل، وقد اكتفى بإشارات موجزة عن كل منهم.
ثم أفرد بابًا لكل إمام من الأئمة الأربعة، فالباب الأول عن أبي حنيفة، والثاني عن مالك بن أنس، والثالث عن الشافعي، والرابع عن أحمد بن حنبل رحم الله الجميع، وقد استوفى الجوانب المعرفية لكل إمام.
ثم ختم الكتاب بخاتمة تحدَّث فيها عن تعظيم هؤلاء الأئمة، وحرمة أهل العلم، وحثَّ على متابعة العلماء، وحذَّر من التعصب ومتابعة الهوى.
ولكن الذي نستطيع أن نضيفه هي الأوهام التي وقع فيها المؤلف والتي غالبها تبع فيها الأصل، وهي على النحو التالي:
قال في الأصل ص (30): ومنهم ابن المنذر محمد بن إبراهيم، وتبعه المؤلف فنقل العبارة بلفظها، وقد اختلط عليه؛ فابن المنذر المتوفى سنة (319هـ) الإمام المعروف اسمه أيضًا محمد بن إبراهيم، فقوله (ابن المنذر) لا محل لها من الكلام[SUP]([1])[/SUP].
ذكر في الأصل ص (47-48) عددًا من الأئمة الأعلام على سبيل الإجمال غير ما ذكر سابقًا، وفي الحقيقة ضمَّنها أسماء سبق ذكرهم، وتبعه المؤلف في ذلك.
قال في الأصل ص (100): وقال الحليمي وغيره، وتبعه المؤلف، وهو مصحَّف، وصوابه: وقال الخلنجي.
قال في الأصل ص (108): وروى عنه من الخلفاء ستة، ثم ذكر الستة، بينما نقل المؤلف العبارة، وذكر خمسة فقط، وسقط منه ذكر أمير المؤمنين الرشيد.
قال في الأصل ص (126): وصلى عليه عبد الله بن محمد، وتبعه المؤلف في النقل، والصواب: وصلى عليه عبد العزيز بن محمد.
قال في الأصل ص (135): وعبد الحميد بن عبد العزيز بن أبي رواد، وتبعه المؤلف في النقل، والصواب: وعبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد.
قال في الأصل ص (154): وقال ابن عبد الأعلى: سمعت الشافعي يقول، بينما نقلها المؤلف فقال: وقال عبد الأعلى، فأسقط لفظة (ابن).
قال في الأصل ص (177): ميمونة بنت عبد الله الشيباني، وتبعه المؤلف في النقل، والصواب: ميمونة بنت عبد الملك الشيباني.
مما يضاف أيضًا إلى المؤاخذات على هذا الكتاب في ترجمة الإمام أحمد قد أحال بعض الفصول إلى الأصل دون ذكر لشيء منها؛ فقال: وأما طلبه العلم، وابتداؤه بالتحديث والفتوى والتصنيف، وتمسُّكه بالسُّنَّة، ونهيه عن الرأي، وإعراضه عن أهل البدع، ومحنته ففي الأصل. وفي هذا الاختصار إخلال واضح.
كذلك ذكر في الأصل ص (273) حكاية رؤيا لأحمد، وفيها معارضة أحمد للملكين منكر ونكير في القبر، وتبعه المؤلف في النقل دون تعقُّبٍ منه، وهو مخالف لما عليه النصوص الشرعية من عدم استثناء أحد من سؤال القبر.


([1]) علق محقق الأصل في حاشية الكتاب بقوله: ولم أعثر على لفظ ابن المنذر في المصادر التي رجعت إليها رغم كثرتها!!
 
أعلى