العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

مقولات القزلجي في الحكمة

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,649
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
هذا جزء من كتابي نقض الفلسفة أفردته بمشاركة.

مقولات القزلجي

قال الشيخُ العلامةُ عليُّ بنُ محمدِ بنِ محمودٍ القزلجيُّ رحمه الله ( ت 1296 هـ )
اعلمْ أنَّ المفهومَ ثلاثةٌ: الواجبُ، والممتنعُ، والممكنُ الخاصُّ.
وبعبارةٍ أخرى المفهومُ إما موجودٌ أَو معدومٌ، والمعدومُ إما ممتنعٌ كاللاشيء أو ممكنٌ كالعنقاءِ، والموجودُ إما واجبٌ وإما ممكنٌ.
ثم الممكنُ الموجودُ إما جوهرٌ وإما عرضٌ.
ثم الجوهرُ وهو: الموجودُ لا في موضوعٍ، إما عقلٌ وهوَ: جوهرٌ مجردٌ غيرُ متعلقٍ بالبدنِ تعلقَّ التدبيرِ والتصرف، وإما نفسٌ وهيَ: جوهرٌ مجردٌ متعلقٌ تعلقَّ التدبيرِ والتصرّفِ، وإما جسمٌ وهوَ: جوهرٌ مركبٌ من الهيولى والصورةِ، وإما هيولى وهوَ: الجوهرُ المحلُّ لجوهرٍ آخرَ، وإما صورةٌ وهي: الجوهرُ الحالُّ في جوهر آخر. فأقسامُ الجوهرِ خمسةٌ.

.......................................................................................................................
لما كانت المقولات العشر هي أول ما يستفتح به درس الحكمة في بلدنا وكانت رسالة القزلجي من الكتب المدرسية عندنا أحببت أن أعلق عليها تعليقات خفيفة لحل العبارات وإلا فإنَّ ما فيها قد تقدم بيانه. وبالله التوفيق.قال:( اعلمْ أنَّ المفهومَ) والمعلوم وهو: الصورة الحاصلة من الشيء في العقل، والفرق بين المعلوم والعلم بالاعتبار فإن الصورة الحاصلة باعتبار قيامها بالقوة العاقلة علم، وباعتباره في نفسه من حيث هو هو معلوم فالعلم والمعلوم متحدان بالذات مختلفان بالاعتبار.
(ثلاثةٌ ) لأنه إما أن لا تصلح ذاته من حيث هي للعدم، أو الوجود، أو تصلح لهما على وجه البدل، فالأول ( الواجبُ ) وهو الباري تعالى ( و ) الثاني ( الممتنعُ ) كشريكه تعالى ( و ) الثالث ( الممكنُ الخاصُّ ) كالحيوان، وقيده بالخاص لاطلاقه على الممكن العام وهو إما: ما سلبت الضرورة عن عدمه أي لا يجب عدمه فيعم الواجب والممكن الخاص، وإما ما سلبت الضرورة عن وجوده أي لا يجب وجوده فيعم الممتنع والممكن الخاص، وقد يستعمل الإمكان العام بمعنى المسلوب الضرورة مطلقا فيشمل الواجب لأنه لا يجب عدمه، والممتنع لأنه لا يجب وجوده، والممكن الخاص لأنه لا يجب وجوده ولا عدمه ( وبعبارةٍ أخرى ) متحدة مع الأولى مآلا ( المفهومُ ) قسمانِ لأنه ( إما موجودٌ أو معدومٌ وَ ) كل منهما قسمان فـ ( المعدومُ إما ممتنعٌ ) أي ضروري العدم لذاته ( كاللاشيء ) فكل موجود هو شيء فاللاشيء يستحيل وجوده ( أَو ممكنٌ ) غير ضروري الوجود والعدم ( كالعنقاءِ ) وهو طائر خرافي ( والموجودُ إما واجبٌ ) لذاته بمعنى امتناع انفكاك الوجود عنه نظرا لذاته ( وإما ) موجود ( ممكن ) لا ضروري الوجود والعدم لذاته ( ثم الممكنُ الموجودُ إما جوهرٌ ) إن استغنى عن محل يقومه ( وإما عرضٌ ) إن لم يستغن عن محل يقومه ( ثم الجوهرُ وهو: الموجودُ لا في موضوعٍ ) أي محل يقومه، فخرج العرض، ودخلت الصورة الجوهرية الحالة في الهيولى لأن محلها غير مقوم لها بل هي مقومة له ( إما عقلٌ وهوَ: جوهرٌ مجردٌ ) عن المادة والمحل ذاتا وفعلا بمعنى أنه ( غيرُ متعلقٍ بالبدنِ ) أي الجسم ( تعلقَّ التدبيرِ والتصرف ) وإنما يتعلق بالبدن تعلق الإيجاد والتأثير بناء على مذهبهم أن العقول خالقة حاشا ربنا الكريم ( وإما نفسٌ ) وقسموها إلى نفوس فلكية ونفوس إنسانية ( وهيَ: جوهرٌ مجردٌ ) في ذاته لا في فعله لأنه ( متعلقٌ تعلقَّ التدبيرِ والتصرّفِ ) ولا تكون خالقة كالعقول ( وإما جسمٌ وهوَ جوهرٌ مركبٌ ) بحسب الخارج ( من الهيولى والصورة ) الجسمية ( وإما هيولى ) لفظ يوناني بمعنى المادة ( وهيَ الجوهرُ المحلُّ لجوهرٍ آخرَ ) وهي الصورة المقومة له ( وإما صورةٌ وهي: الجوهرُ الحالُّ في جوهر آخر ) وهي تشمل الصورة الجسمية والصورة النوعية، ( فأقسامُ الجوهرِ خمسةٌ ) وهو مذهب المشائيين، ثم إنهم قائلون بوجود الجن وأنها أرواح مجردة لها تصرف في الأبدان مع خروجها عن الخمسة، وأما الإشراقيون فذهبوا إلى أن أقسام الجوهر أربعة: العقل والنفس والمكان- وهو عندهم بعد مجرد موجود في الخارج يسمونه بعدا مفطورا – والجسم وهو جوهر وحداني متحيز بذاته، وهو ليس مركبا من الهيولى والصورة، فإن الهيولى نفس الجسم من حيث قبوله للصورة النوعية التي هي أعراض تمتاز بها أنواع الأجسام، وأما المتكلمون فقالوا: الجوهر إن انقسم فجوهر وإلا فجوهر فرد.


ثمَّ العرضُ تسعةٌ: إمّا كمٌّ وهوَ قسمانِ: منفصلٌ وهوَ العددُ، ومتصلٌ قارٌّ وهوَ الخطُّ والسطحُ الثخنُ، أَو غيرُ قارٍّ وهوَ الزمانُ، وإمّا كيفٌ وهوَ إمَّا هيئةٌ محسوسةٌ راسخةٌ كحلاوةِ العسلِ أو غيرُ راسخةٍ كحمرةِ الخجلِ أو نفسانيةٌ حالّةٌ كأولِّ الكتابةِ وملكةٌ كالكتابةِ أو هيئة استعداديةٌ لعدمِ التأثيرِ كالصلابةِ وهيَ القوةُ أو التأثّر كاللينِ وهوَ الضعفُ.
وإما أينٌ وهو: هيئةٌ تحصلُ للشيءِ بحصولِهِ في المكانِ. وإما متى وهو: هيئةٌ تحصلُ للشيءِ بحصولِهِ في الزمانِ.
وإما إضافةٌ وهيَ: النسبةُ المتكررةُ كالوالديّةِ والمولوديّةِ. وإما مِلكٌ وجِدَةٌ وهي: حالةٌ تحصلُ للشيءِ بسببِ ما يحيطُ بهِ طبيعيًا كالإهابِ أو لا كالثيابِ وهوَ ينتقلُ بانتقالِهِ كالهيئةِ الحاصلةِ للإنسانِ بسببِ كونهِ متعمّمًا أو متقمِّصًا، وإما فعلٌ وهوَ التأثيرُ كالتسخينِ. وإما انفعالٌ وهو التأثّرُ كالتسخّنِ. وإما وضعٌ وهو: هيئةٌ تعرضُ للشيء بسببِ نسبتِهِ إلى الأمورِ الخارجةِ عنهُ أو بسببِ نسبةِ أجزائهِ بعضها إلى بعضٍ كالقيامِ والقعودِ.
ثمَّ المقولاتُ العشرةُ هي: الجوهرُ والكمُّ والكيفُ والأينُ والمتى والإضافةُ والجِدةُ والفعلُ والانفعالُ والوضعُ إذا لم يكن الجوهرُ عرضا عامًّا كالعرضِ بل جنسًا. فافهم.

.......................................................................................................................
( ثمَّ العرضُ ) وهو الموجود في موضوع ( تسعةٌ ) بجعل كل منها جنسا عاليا، والعرض عرض عام لها ( إمّا كمٌّ ) وهو عرض يقبل القسمة الوهمية لذاته ( وهوَ قسمانِ ) لأنه إما أن يكون لأجزائه حد مشترك أو لا فالأول المتصل والثاني المنفصل ( منفصلٌ وهوَ العددُ ) فقط كالعشرة ( ومتصلٌ قارٌّ ) مجتمع الأجزاء في الوجود ( وهوَ الخطُّ والسطحُ الثخنُ ) أي العمق ويسمى الجسم التعليمي ( أَو غيرُ قارٍّ وهوَ الزمانُ ) فقط عند القائلين بأنه مقدار حركة الفلك ( وإمّا كيفٌ ) وهو عرض لا يقبل لذاته قسمة ولا نسبة ( وهوَ ) بالاستقراء على أربعة أقسام لأنه ( إمَّا هيئةٌ محسوسةٌ ) وهي إما ( راسخةٌ كحلاوةِ العسلِ ) وملوحة الماء ( أو غيرُ راسخةٍ كحمرةِ الخجلِ ) وصفرة الوجل ( أو ) هيئة ( نفسانيةٌ ) وهي إما ( حالّةٌ كأولِّ الكتابةِ و ) إلا فـ ( ملكةٌ كالكتابةِ ) إذا استحكمت في موضوعها بحيث يمتنع زوالها عنه أو يعسر ( أو هيئة استعداديةٌ لعدمِ التأثيرِ ) الظاهر أن يقول لعدم التأثر أي بسهولة ( كالصلابةِ وهيَ ) تسمى ( القوةُ ) واللاضعف ( أو التأثّر ) بسهولة ( كاللينِ وهوَ ) يسمى ( الضعفُ ) واللاقوة.
( وإما أينٌ وهو: هيئةٌ تحصلُ للشيءِ بحصولِهِ في المكانِ ) ككون الماء في الكأس وكون زيد في البيت ( وإما متى وهو: هيئةٌ تحصلُ للشيءِ بحصولِهِ في الزمانِ ) كحصول الصوم في اليوم وكحصول صلاة الصبح في وقتها ( وإما إضافةٌ وهيَ: النسبةُ المتكررةُ ) في التعقل أي لا يمكن تعقلها إلا بالقياس إلى نسبة أخرى فهما متعقلان معا ( كالوالديّةِ والمولوديّةِ ) والإضافتان قد تختلفان من الجانبين كالوالدية والمولودية أي الأبوة والبنوة وقد تتوافقان كالأخوة والصداقة والمحبة.
( وإما مِلكٌ و ) يقال له ( جِدَةٌ ) أيضا ( وهي: حالةٌ تحصلُ للشيءِ بسببِ ما يحيطُ بهِ ) إحاطة تامة أو ناقصة ( طبيعيًا كالإهابِ ) أي الجلد فإنه يحيط ببدن الإنسان وسائر الحيوان ( أو لا ) طبيعيا ( كالثيابِ ) للإنسان ( وهوَ ) أي والحال أن المحيط ( ينتقلُ بانتقالِهِ ) أي الشي المحاط فيخرج به الأين المتعلق بالمكان فإنه وإن كان هيئة تحصل للشيء بسبب ما يحيط به إلا أن المكان لا ينتقل بانتقال المتمكن ( كالهيئةِ الحاصلةِ للإنسانِ بسببِ كونهِ متعمّمًا أو متقمِّصًا ) أو متختما.
( وإما فعلٌ ) الأولى أن يفعل الدال على التجدد ( وهوَ التأثيرُ ) أي تأثير الشيء في الشيء ما دام مؤثرا ( كالتسخينِ ) كتسخين النار للماء ما دامت مسخنة ( وإما انفعالٌ ) الأولى أن ينفعل لما مر ( وهو التأثّرُ ) عن الغير ما دام متأثرا ( كالتسخّنِ ) كتسخن الماء بالنار ما دام يتسخن ( وإما وضعٌ وهو: هيئةٌ تعرضُ للشيء بسببِ نسبتِهِ إلى الأمورِ الخارجةِ عنهُ ) كوقوع بعض نحو السماء وبعض نحو الأرض( أو بسببِ نسبةِ أجزائهِ بعضها إلى بعضٍ كالقيامِ والقعودِ ) فالقائم مثلا رجلاه ويداه وظهره ورأسه لها وضع معين في هذا الوضع وإذا لا حظناها بالنسبة للجهات فالرأس في جهة السماء والرجلان جهة الأرض.
( ثمَّ ) بعد تفصيل الجوهر والعرض بأقسامهما نقول ( المقولاتُ العشرةُ ) المذكورة ( هي: الجوهرُ والكمُّ والكيفُ والأينُ والمتى والإضافةُ والجِدةُ والفعلُ والانفعالُ والوضعُ ) إنما تكون منحصرة في هذا العدد ( إذا لم يكن الجوهرُ عرضا عامًّا كالعرضِ بل جنسًا ) لأنه لو كان الجوهر عرضا عاما لعدت أربعة عشر بجعل أنواع الجوهر مقولات برأسها، ثم ينبغي أن يزيد ولم يكن العرض جنسا كالجوهر فيكونان مقولتين، ولا النسبة جنسا للمقولات النسبية فتكون المقولات أربعة، ولما كانت دعوى انحصار المقولات العرضية التي هي أجناس عالية في التسعة خفية غير مبينة أشار بقوله ( فافهم ) إلى خفاء هذا المبحث واضطراب فيه فإنه لو تم إثبات الدعاوي السابقة وأن الجوهر جنس والعرض عارض على ما تحته، يتجه إشكال فلما لا يقال إن الأعراض التسعة من الكم والكيف والأعراض النسبية تقال على ما تحتها قولا عرضيا فيكون ما تحتها جنسا مستقلا بذاته فيكون مثلا العدد مقولة والجسم التعليمي مقولة والزمن مقولة ويكون صدق الكم عليها صدقا عرضيا كصدق العرض على أنواعه التسعة فتأمل.
 
التعديل الأخير:
أعلى