العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

من أحكام السترة في الصلاة

كليم بن مقصود

:: مخالف لميثاق التسجيل ::
إنضم
31 ديسمبر 2007
المشاركات
18
السلام عليكم ورحمة الله

هذه وريقات كتبتها على شكل نقاط في أحكام السترة آمل من الإخوة بيان ملحوظاتهم وتصحيح الأخطاء إن وجد



1- الحكمة من السترة :
قيل : كف البصر عما وراءه، ومنع من يجتاز بقربه.
وقيل : أن مع اتخاذها لا يقطع الصلاة شيء.
وقيل : قطع نظر المصلي عما أمامه ، فتجعل بصره محصوراً في موضع سجوده .

2- اختلف العلماء بعد اتفاقهم على مشروعيتها، هل هي واجبة أم لا ؟ على قولين :
القول الأول : أنها واجبة .
وهذا قول بعض العلماء، كابن خزيمة، والشوكاني، والألباني.
لحديث سبرة بن سعيد قال : قال رسول الله  : ( ليستتر أحدكم ولو بسهم ) . رواه أحمد
وعن أبي سعيد  قال : قال رسول الله  : ( إذا صلى أحدكم فليصلّ إلى سترة وليدن منها ) . رواه أبو داود
القول الثاني : أنها سنة غير واجبة .
وهذا مذهب جماهير العلماء ، واستدلوا بعدم وجوبها :
- بحديث المتفق عليه: ( إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس ، فأراد ... ) .
- وبحديث ابن عباس قال : ( أقبلت راكباً إلى حمار ... ورسول الله  يصلي بالناس إلى غير جدار ... ) .
فقوله : ( إلى غير جدار ) أي إلى غير سترة، كما قال ذلك الشافعي، وأيده على ذلك البيهقي وابن حجر.
- ولأن السترة من مكملات الصلاة، ولا تتوقف عليها صحة الصلاة، وليست داخل الصلاة ولا من هيئتها.
وهذا القول هو الأقرب.
قال ابن رشد: واتفق العلماء بأجمعهم على استحباب السترة بين المصلي، والقبلة، إذا صلى منفردا كان أو إماما، وذلك لقوله عليه الصلاة والسلام: إذا وضع أحدكم بين يديه مثل مؤخرة الرحل، فليصل.

3- يشرع للمصلي أن يرد من يمر بين يديه .
لقوله : (إذا صلى فأراد أحد أن يمر بين يديه فليدفعه ، فإن أبى فليقاتله) .
واختلف العلماء في حكم دفع المار :
القول الأول : أنه مستحب .وهذا مذهب جماهير العلماء .
القول الثاني : أنه واجب . وهذا مذهب أهل الظاهر . لقوله : (إذا صلى فأراد أحد أن يمر بين يديه فليدفعه ، فإن أبى فليقاتله) .
القول الثالث: التفصيل. فقالوا: يفرق بين المار الذي يقطع الصلاة مروره، والمار الذي لا يقطع الصلاة مروره، فالذي يقطع الصلاة مروره يجب رده، والذي لا يقطع الصلاة مروره لا يجب رده .
وهذا القول لعله هو الأقرب.
لطيفة: قال الحافظ : وذهب الجمهور إلى أنه إذا مر ولم يدفعه فلا ينبغي له أن يرده ؛ لأن فيه إعادة للمرور.

4- فما الحكمة في دفع المار:
قيل : لدفع الإثم عن المار.
وقيل : لصيانة الصلاة عن النقصان من أجرها.
وقيل: لدفع الخلل الواقع بالمرور في الصلاة .
ويشهد للأخير ما أخرجه أبو نعيم عن عمر  : ( لو يعلم المصلي ما ينقص من صلاته بالمرور بين يديه ما صلى إلا إلى شيء يستره من الناس ) .
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود  : ( أن المرور بين يدي المصلي يقطع نصف صلاته ).
قال الحافظ ابن حجر في الفتح بعد إيراد الأثرين السابقين : ”فهذان الأثران مقتضاهما أن الدفع لخلل يتعلق بصلاة المصلي ولا يختص بالمار ، وهما وإن كانا موقوفين لفظاً فحكمهما حكم الرفع ، لأن مثلهما لا يقال بالرأي “ .

5- ولا خلاف بينهم في كراهية المرور بين يدي المنفرد، والامام إذا صلى لغير سترة، أو مر بينه وبين السترة، ولم يروا بأسا أن يمر خلف السترة، وكذلك لم يروا بأسا أن يمر بين يدي المأموم لثبوت حديث ابن عباس وغيره قال: أقبلت راكبا على أتان وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام ورسول الله  يصلي بالناس، فمررت بين يدي بعض الصفوف، فنزلت، وأرسلت الاتان ترتع، ودخلت في الصف، فلم ينكر ذلك علي أحد وهذا عندهم يجري مجرى المسند، وعليه فلا يسن للمأموم أن يتخذ سـترة، ولأن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يصلون مع النبي  ولم يتخذ أحد منهم سترة.

6- اختلف العلماء ، هل يقطع الصلاة شيء أم لا ؟ على قولين :
القول الأول : أنه يقطعها المرأة البالغ والحمار والكلب الأسود .
وهذا اختيار ابن حزم ، ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وابن المنذر والشوكاني .
لحديث أبي ذر  قال : قال رسول الله  : ( يقطع صلاة الرجل إذا لم يكن بين يديه مثل مؤخرة الرحل ، المرأة والحمار والكلب الأسود ) . رواه مسلم
القول الثاني : أنه لا يقطعها شيء .
وهذا مذهب جماهير العلماء . واستدلوا :
- بحديث أبي سعيد الخدري  قال : قال رسول الله : ( لا يقطع الصلاة شيء ). رواه أبو داود وهو ضعيف
- وبحديث ابن عباس حيث يدل على أن الحمار لا يقطع الصلاة .
- وبحديث عائشة حيث يدل على أن المرأة لا تقطع الصلاة .
وأجاب هؤلاء عن حديث: ( يقطع صلاة الرجل ... ) بجوابين :
الأول: أن المراد بالقطع القطع عن الخشوع والذكر للشغل بها .
الثاني: أنه منسوخ بحديث ابن عباس حديث لأنه في آخر حياة النبي ، وممن قال بالنسخ الطحاوي.
وسبب الخلاف كما ذكره ابن رشد: معارضة القول للفعل، وذلك أنه خرج مسلم عن أبي ذر أنه عليه الصلاة والسلام قال: يقطع الصلاة المرأة والحمار، والكلب الاسود.
وخرج مسلم والبخاري عن عائشة أنها قالت: لقد رأيتني بين يدي رسول الله  معترضة كاعتراض الجنازة وهو يصلي وروي مثل قول الجمهور عن علي، وعن أبي.
والصحيــح القول الأول، أنه يقطع الصلاة المرأة البالغ والحمار والكلب الأسود .
- لأن حديث: ( لا يقطع الصلاة شيء ) مرفوعاً لا يصح، وإنما موقوفا عن ابن عمر.
- وأما حديث ابن عباس أنه مرّ بين يدي المصلين، فهذا صحيح، وذلك أن المأموم لا يقطع صلاته شيء مطلقاً، لأن سترة الإمام سترة لمن خلفه .
- وأما حديث عائشة ، فنقول: أن هذا ليس بمرور، والنبي : ( يقول إذا مرّ ) وفرق بين المرور والاضطجاع.

7- مقدار السترة :
عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( سئل رسول الله  في غزوة تبوك عن سترة المصلي ، فقال : مثل مؤخرة الرحل ) رواه مسلم هذا السنة فإن لم يجد فيجوز الأقل: ( فقد أمر النبي  بالصلاة إلى عصا ) . رواه أبو داود ، (وأمر بالصلاة إلى السهم ). رواه الحاكم ( وصلى  إلى حربة ) . متفق عليه
وكذلك من حيث الطول ، فيجوز أطول من مؤخرة الرحل ، ويجوز أقصر ، ويدل لذلك : ( فقد ثبت أنه  كان يستتر بالجدار ) . متفق عليه ( وثبت أنه  استتر بالمقام ) . رواه البخاري وثبت أنه  استتر بالعَنَزَة ) . رواه البخاري.

8- إذا لم يجد سترة هل يخط ؟
اختلف فيه أهل العلم على قولين.
القول الأول قول الجمهور ومنهم الشافعي: ليس عليه أن يخط.
القول الثاني قول الامام أحمد بن حنبل: يخط خطاً بين يديه.
وسبب اختلافهم: اختلافهم في تصحيح الاثر الوارد في الخط، والاثر رواه أبو هريرة: أنه عليه الصلاة والسلام قال: إذا صلى أحدكم، فليجعل تلقاء وجهه شيئا، فإن لم يكن، فلينصب عصا، فإن لم تكن معه عصا فليخط خطا، ولا يضره من مر بين يديه خرجه أبو داود.
وكان أحمد بن حنبل يصححه، والشافعي لا يصححه

9- يستحب الدنو من السترة .
لحديث أبي سعيد  قال : قال رسول الله  : ( إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة وليدن منها فإن الشيطان يمر بينه وبينها ) . رواه أبو داود

10- جواز جعل النائم سترة .
وهو مذهب أكثر العلماء .
لحديث عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم - يصلي صلاته من الليل وأنا معترضة بينه وبين القبلة .
وذهب مجاهد وطاووس ومالك ، إلى كراهة الصلاة إلى النائم، خشية مما يبدو منه مما يلهي عن صلاته .
واستدلوا بحديث ابن عباس ، ولفظه: ( لا تصلوا خلف النائم والمتحدث ). رواه أبو داود ، وقال: ” طرقه كلها واهية “
وقال النووي : ” هو ضعيف باتفاق الحفاظ “ .
والقول الأول أصــح .
 
التعديل الأخير:

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: من أحكام السترة في الصلاة

بارك الله فيك أخانا الفاضل وضاح على التفريق بين المسألتين،،
هذا صحيح
إذاً سأغير أسئلتي وأعيد صياغتها بناء على الإشكالية نفسها:
ما حدود (بين يدي المصلي) ؟ وإلى أين ينتهي البين؟
ما حكم المرور بين يدي المصلي؟ أليس القول بكراهته أولى من القول بحرمته لصعوبة التطبيق خصوصاً في المساجد المكتظة بالمصلين؟
وأخيراً على من تقع مسؤولية وضع السترة لتجنب المرور بين يدي المصلي؟ على المصلي أم على المارّ؟
ولكم الشكر الجزيل ،،
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: من أحكام السترة في الصلاة

ما حدود (بين يدي المصلي) ؟ وإلى أين ينتهي البين؟
وجدت جواباً كافياً وافياً:
------------------
الذي يظهر - والله أعلم - أن الراجح هو قول المالكية، إن صلى لسترة حرم المرور بينه وبين سترته، ولا يحرم المرور من ورائها، وإن صلى لغير سترة، حرم المرور في موضع قيامه وركوعه وسجوده فقط، لأن هذا هو القدر الذي يحتاجه المصلي في صلاته.
جاء في الفقه الإسلامي وأدلته :
قال الحنفية (1) : إن كان يصلي في الصحراء أو في مسجد كبير، فيحرم المرور في الأصح بين يديه، من موضع قدمه إلى موضع سجوده. وإن كان يصلي في بيت أو مسجد صغير (وهو ما كان أقل من أربعين ذراعاً على المختار)، فإنه يحرم المرور من موضع قدميه إلى حائط القبلة؛ لأنه كبقعة واحدة، إن لم يكن له سترة.
فلو كانت له سترة لا يضر المرور وراءها.
ولا يجعل المسجد الكبير أو الصحراء كمكان واحد؛ لأنه لو جعل كذلك، لزم الحرج على المارة، فاقتصر على موضع السجود.
وقال المالكية (2) : إن صلى لسترة حرم المرور بينه وبين سترته، ولا يحرم المرور من ورائها، وإن صلى لغير سترة، حرم المرور في موضع قيامه وركوعه وسجوده فقط.
وقال الشافعية (3) : يحرم المرور فيما بين المصلي وسترته بقدر ثلاثة أذرع فأقل.
وقال الحنابلة (4) : إن اتخذ المصلي سترة حرم المرور بينه وبينها ولو بعدت، وإن لم يتخذ سترة حرم المرور في مسافة بقدر ثلاثة أذرع من قدمه.
__________
(1) الدر المختار ورد المحتار:593/1.
(2) الشرح الكبير:246/1، حاشية الصاوي على الشرح الصغير:335/1.
(3) مغني المحتاج:200/1، المهذب:69/1، المجموع:230/3.
(4) المغني:239/2، كشاف القناع:439/1.


المصدر
 
أعلى