العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

التزهيد في أصول الفقه!!

إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
التزهيد في أصول الفقه!!




للأسف لا زال البعض يزهد في هذا العلم الجليل

فهو علم أكثره غير نافع

وفيه حشو كثير

والاشتغال به مضيعة للزمن

وقد احتله المتكلون فأفسدوه

ويكفي فيه أحد أخصر المختصرات، ولو أمكن عصره بعد لكان أحسن!

ولستُ في مقام بيان فضل هذا العلم، ولكن أكتفي بسؤال واحدٍ، فخير الكلام ما قل ودل:

هبوني عالماً واحداً تضلَّع بعلم الاستنباط، وارتوى بفقه النظر قام على أحد هذه المختصرات الأصولية؟

وقد غدت اليوم هذه المختصرات من كثرتها عيية عن الحصر

وأكثرها قائم على الحذف والاختزال بحجة أن أكثر أصول الفقه فاسد أو مفسد.

فهم حصلوا خيراً ، وتركوا من ورائهم أضعافه.

أما الشروح والحواشي والردود فذاك زمنٌ ولى، له رجاله الذين قضوا





وبالمناسبة أكثر الملاحظات الوجيهة على أصول الفقه إن لم تكن كلها هي تقريباً محل اتفاق بين أهل الأصول.

ومن تقاصرت يده عن العنب فبالله عليه لا يحمِّضه علينا.


وما مثل أصول الفقه إلا كمثل كنز على رأس جبل وعر

فمن تاقت نفسه له ذلَّت نفسه إليه

وهانت في سبيله كل عقبة كؤود...


وما مثل كثير من المعاصرين وتناولهم لأصول الفقه إلا كمثل كنز على رأس جبل وعر

فلعنوا الجبل!

وتركوا الكنز!

وتعلَّلوا بالنظر إليه!

لأن الجبل فيه...

ولأن الجبل منه...

ولأن الجبل عليه...

ولذا فنصيبهم من أصول الفقه اسمه ولونه ولمعانه!

ورضوا بذلك عن حيازة جوهره ومعدنه!

فليشتروا بما حازوا لعلهم يدركوا النائل من الفائت!

وليخبروا المبتاع
عن الجبل ولعنته!

لعله يصدِّقهم فيحسب لهم الفرق

بين الكنز وصورته

وبين الدرهم وصوته
ولئن قلتُ فقد قال ابن دقيق العيد، وهو الفحل الذي لا يقدع أنفه:

"أصول الفقه يقضي ولا يقضى عليه"
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
§ البناء الأصولي ركن في ترتيب المسألة الفقهية فلا يتصور انفصال بين علاقة "الفرع الفقهي" بـ "جذره الأصولي".
§ مدرسة المتكلمين الأصولية المعروفة بمدرسة الشافعية صنعت أطواراً خاصة في البناء الأصولي لا يقل أهمية عن الدور التأسيسي للشافعي الإمام، وإن الملاحظات التي صاحبت هذه الأطوار لا تخرجها عن دور "المؤسس الثاني"، فقد اكتمل على يدها البناء الأصولي، وكل من بعدهم عالة عليهم، وإن إقصاء هذه المدرسة بالاعتماد على من ينقل عنهم مردود بنشيد: "يا ليل ما أطولك!!."
 

راجى يوسف ابراهيم

:: مطـًـلع ::
إنضم
2 ديسمبر 2008
المشاركات
125
التخصص
محاسبة
المدينة
الاسكندرية
المذهب الفقهي
الشافعى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سوف اكتب نبذة مختصرة عن تعريف علم الاصول ليس لزيادة الكلمات وانما ليستفيد الاخوة غير المختصون
لابد وان نتصور اولا علم الاصول كخطوة اولى ثم نسعى لتطبيقه
بداية ما هى أركان المنهج العلمى (اى منهج علمى)
أ‌- مصادر البحث
ب‌- طرق البحث
ت‌- شروط الباحث
تلك هى اركان البحث العلمى الموضوعى لاى منهج
ننتقل خطوة اخرى
تعريف اصول الفقه
الاصول فى اللغة هى الاساس او القواعد
والفقه لغة هو مطلق الفهم ( الفهم او العلم اختلاف بين اللغويين وليس هذا محله)
والفقه اصطلاحا هو العلم بالاحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلته التفصيلية
اما اصول الفقه اصطلاحا فله عدة تعريفات
فلنختر مثلا تعريف الامام البيضاوى
(معرفة دلائل الفقه اجمالا وكيفية الاستفادة منها وحال المستفيد)
فلنطبق شروط البحث العلمى على ذلك التعريف
مصادر البحث = دلائل الفقه اجمالا
طرق البحث = كيفية الاستفادة منها
شروط الباحث= حال المستفيد
اذن اصول الفقه منهج علمى للتعامل مع النص الشرعى
بدون علم الاصول لن يتم التعامل مع النصوص الشرعية بمنهج بحث علمى وسيؤدى حتما لاخطاء فى ثمرة العلم ألا وهى الأحكام الشرعية
اعذرونى على اطالتى فى المقدمة تلك ولكننى رأيتها ضرورية

راجى يوسف
 

اخلاص

:: متخصص ::
إنضم
7 ديسمبر 2009
المشاركات
176
التخصص
أصول الفقه
المدينة
...
المذهب الفقهي
حنفي
القول بان الاشاعرة من الفرق المخالفة لاهل السنة والجماعة كلام خطير ارجو من قائله البحث والتاكد قبل القول بمثل هذا الكلام.
 

راجى يوسف ابراهيم

:: مطـًـلع ::
إنضم
2 ديسمبر 2008
المشاركات
125
التخصص
محاسبة
المدينة
الاسكندرية
المذهب الفقهي
الشافعى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حياكم الله ايها الفضلاء

كنت قد شاركت فى هذا الموضوع الذى طرحه شيخنا فؤاد فى ملتقى أهل الحديث ورأيت - بعد استئذان الشيخ-
أن أنقل تلك المشاركات هنا للتواصل مع الاخوة الزملاء أعضاء المنتدى
ولتعميم الفائدة

والله ولى التوفيق

راجى يوسف
 

راجى يوسف ابراهيم

:: مطـًـلع ::
إنضم
2 ديسمبر 2008
المشاركات
125
التخصص
محاسبة
المدينة
الاسكندرية
المذهب الفقهي
الشافعى
يمكن أن نضع الاعتراضات على علم الأصول بالنسبة لمدرسة المتكلمين فى نقاط ونتناقش حول نقطة نقطة


1- علم العربية يغنى عن علم الأصول لأن جل مباحث استخراج الأحكام من الأدلة لغوية

2- اختلاط المباحث الأصولية بالكلام

3- جل المصنفين أشاعرة يخلطون أشعريتهم بأصولهم ( والمعتزلة كذلك)

4- ذلك العلم مقطوع النسب لأئمة المذاهب الفقهية

5- اختلاط المنهج اليونانى المنطقى بذلك العلم


وقد رددت بالفعل على الاعتراضات الأربعة الأولى ويتبقى الاعتراض الخامس
لأننى رأيت أنه يحتاج لمزيد جهد وبحث ودراسة

وسأنقل ما كتبته هناك تباعا وأنتظر مداخلات الاخوة الفضلاء


راجى يوسف
 

راجى يوسف ابراهيم

:: مطـًـلع ::
إنضم
2 ديسمبر 2008
المشاركات
125
التخصص
محاسبة
المدينة
الاسكندرية
المذهب الفقهي
الشافعى
وها أنا أبدأ بمناقشة الإعتراض الأول

وهو غناء المجتهد عن الأصول بعلم اللغة لأن أكثر مباحث الأصول لغوية

أقول وبالله التوفيق

أولا لو كان الإجتهاد يعتمد على اللغة فقط لقرأ سيبويه النصوص وكون مذهبا


إن الجزء الأساسى المعتمد على اللغة فى علم الأصول هو الدلالات اللغوية

وهى -بحق- تمثل العمود الفقرى لعلم الأصول ولكن

هل كل علم الأصول يتمثل فى الدلالات اللغوية؟؟؟؟؟؟؟

هل مباحث الحكم الشرعى وأنواعه وأقسامه من اللغة؟؟؟؟؟؟؟؟؟


هل حجية السنة مثلا وقضية الناسخ والمنسوخ والقطعى والظنى والإجماع وشروطه وأنواعه وحجيته

والقياس وعلته وأنواعه والاستصحاب والإستحسان والمصالح المرسلة وسد الذرائع وعمل أهل المدينة

والتعارض والترجيح ومباحث الإجتهاد وشرائطه الخ

تعد من مباحث اللغة لا أظن ذلك ولا أحسب أن اللغة تغنى عنها البتة

وكذلك فاستقراء الأصولى يعد زائدا عن استقراء اللغوى

فاللغويين لم يبحثوا العام والخاص أو دلالة الأمر على الوجوب أو أقتضاء النهى الفساد أو تناول مطلق الأمر للمكروه
مع أن بعض تلك المباحث تعد من دلالات الألفاظ

وما كلام السبكى فى الإبهاج منكم ببعيد

وليس ذلك معناه أن علم الأصول لم يتأثر ويختلط باللغة

بل بالعكس فالأصول مستمدة من علم اللغة بالإضافة الى علوم اخرى

فاللغة فقط لا تغنى عن الأصول لأنه مستمد منها ومن غيرها

وانتظر تعليقات السادة الأعضاء


والله أعلى وأعلم


راجى يوسف
 

راجى يوسف ابراهيم

:: مطـًـلع ::
إنضم
2 ديسمبر 2008
المشاركات
125
التخصص
محاسبة
المدينة
الاسكندرية
المذهب الفقهي
الشافعى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بالنسبة للإعتراض الرابع وهو ( انقطاع النسب بين علم الأصول وائمة المذاهب المتبوعة)

حقيقة لا أدرى ما مقصد الأخ الفاضل( الذى اعترض هذا الاعتراض) بانقطاع النسب


هل المقصود تغيير المنهج حيث تداخل علم الكلام بعلم الأصول أم بعدم وجود مؤلفات أصولية بين رسالة الشافعى ومؤلفات القاضى الباقلانى والقاضى عبد الجبار؟؟؟؟؟؟

فان كان يقصد بالانقطاع تغيير المنهج والتداخل بين الأصول والكلام فهذا اعتراض لم نبحثه بعد

وان كان يقصد بانقطاع النسب عدم وجود مؤلفات اصولية فنقول وبالله التوفيق

أحصى الدكتور عبد السلام بلاجى فى رسالة الدكتوراه خاصته ( تطور علم أصول الفقه وتجدده وتأثره بالمباحث الكلامية) نيف وثلاثون مصنفا أصوليا بين رسالة الشافعى ومصنفات القاضيين
تدور جلها حول الرسالة بالشرح أو الرد أو التعليق أو التصنيف الجزئى
وهذا فى قرابة قرنين فحسب
وأصحاب تلك المصنفات حنفية وشافعية ومالكية وحنبلية وظاهرية ومعتزلة و بعض المجتهدين وبل وأصحاب المذاهب الأخرى أيضا كاتباع الطبرى
فالتصنيف الأصولى لم ينقطع أبدا من أى مذهب أو فرقة فى الفترة بين الشافعى والباقلانى

يقول الزركشى فى محيطه ما نصه

( حتى جاء القاضيان قاضى السنة أبو بكر بن الطيب وقاضى المعتزلة عبد الجبار فوسعا العبارات وفكا الاشارات.
وبينا الاجمال ورفعا الاشكال)

ان القاضيين أحدثا نقلة نوعية فى هذا العلم وهذا فى ذاته ليس عيبا

والا كانت كل محاولة تجديدية تمثل انقطاع النسب بين الاولين والاخرين

ولكن هذا لا يعنى أن تلك المحاولة لا تخضع للنقد

أحسب أن تلك النقلة تتمثل فى ادخال علم الكلام فى علم الأصول ومنافحة كل مصنف عن مذهبه العقدى

فيؤول هذا الاعتراض الى الاعتراض الثانى والذى لم نبحثه بعد كما أسلفنا


أما الاعتراض الثالث والذى يتمثل فى منافحتهم عن الأشعرية والاعتزال فأظن أن هذا الاعتراض أولى أن يبحث
كمبحثا عقديا وليس مبحثا أصوليا


و على هذا يتبقى لنا اعتراضان مهمان

1- ادخال الكلام فى علم الأصول

2- امتزاج الكلام والأصول بالمنطق الأرسطى


يتبع باذن الله
 

راجى يوسف ابراهيم

:: مطـًـلع ::
إنضم
2 ديسمبر 2008
المشاركات
125
التخصص
محاسبة
المدينة
الاسكندرية
المذهب الفقهي
الشافعى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نأتى الى الاعتراض الثانى ألا وهو امتزاج علم الكلام بعلم أصول الفقه

مقدمة موجزة عن امتزاج العلوم الشرعية

يعتبر الفصل بين العلوم واستقلال كل علم بمسائله أمرا لازما للبحث العلمى حيث تتمايز العلوم من حيث الموضوع والاستمداد ودائرة البحث الى اخره
ولكن هل كل العلوم يصح فصلها فصلا تاما عن غيرها؟؟؟؟؟؟؟؟
هل نستطيع فصل علم التفسير مثلا عن علوم اللغة؟؟؟؟؟؟؟
بالطبع فان الاجابة هى لا
بداية فان طبيعة العلم هى التى تحدد مدى تمايزها أو امتزاجها بغيرها من العلوم

ولنأخذ علم أصول الفقه كمثال حيث أنه الموضوع الرئيسى فى تلك المشاركات

هل علم الأصول غير مستمد أو ممزوج بغيره؟؟؟
من المعروف لكل دارس ان علم الاصول مستمد من علوم اخرى كعلوم اللغة كما أسلفنا
ومن ثم أضحت عدة مسائل ( كحروف المعانى) مسائل مشتركة بين اللغة والأصول
وأكثر من ذلك فان ثمة مسائل اشتركت بين علم الاصول وعلوم اخرى منفصلة عنه وليس الاصول مستمد منها
كعلوم الحديث
فلو قرأت البحر المحيط للزركشى على سبيل المثال ستجد أن مباحث شروط الراوى والفاظ التحمل كالمناولة والاجازة وغيرها قد فصلت فى أكثر من مائتى صفحة
بل ووصل الامتزاج الى مسائل تعتبر مشتركة بين الطرفين اشتراكا كاملا كمسألة حجية الحديث المرسل مثلا
وهذا الاشتراك بين الاصول وعلم الحديث موجود فى جل الكتب الأصولية دون نكير
ناهيك من احتياج المفسر الى علوم أصولية كالناسخ والمنسوخ
ومن ثم اشتركت مسائل أخرى بين الأصول وعلوم القرآن بل واللغة فى بعض الأحيان
كالمجاز والحقيقة وحروف المعانى واستخداماتها فى النصوص
ولا أريد الاطالة
ولكن نخلص من مقدمتنا القصيرة أن العلوم الشرعية كالأوانى المستطرقة يمد بعضها بعضا
ولا نستطيع فصلها عن بعضها فصلا تاما
ولم نألف عالما شرعيا يعد متخصصا فى علم شرعى ما وجاهل تماما بما ورائه

بل إن عدم اطلاع العالم الشرعى المتخصص فى مادة على مادة شرعية أخرى لهى نقطة ضعف فى علمه
تجعله يأتى بالعجائب فى مصنفاته وذلك لتداخل المسائل الشرعية مع بعضها البعض على نحو يصعب تصور
انفراد علم شرعى ما بمسائل غير متداخلة مع علم شرعى أخر






يتبع بإذن الله تعالى
 

راجى يوسف ابراهيم

:: مطـًـلع ::
إنضم
2 ديسمبر 2008
المشاركات
125
التخصص
محاسبة
المدينة
الاسكندرية
المذهب الفقهي
الشافعى
بعد أن أتممنا المقدمة الموجزة فى امتزاج العلوم لم يتبق لنا الا الشق الرئيسى فى البحث
وهى العلاقة بين علم الأصول وعلم الكلام
فلنعرف فى البداية علم الكلام نقلا عن ابن خلدون فى مقدمته
( هو علم يتضمن الحجاج عن العقائد الايمانية بالأدلة العقلية والرد على المبتدعة المنحرفين فى الاعتقادات عن مذاهب السلف وأهل السنة)

ومن ثم سنبحث العلاقة الجدلية بين العلمين من ناحيتين

1- العلاقة بين منهج علم الأصول والمنهج الكلامى

2- طبيعة العلمين المتداخلة أو المسائل المشتركة بينهما


أولا الحديث عن علاقة العلمين من حيث المنهج
يرى د على سامى النشار- استاذ الفلسفة الاسلامية- إن المسلمين أنشأوا منهجا بحثيا خاصا بهم
وقد استخدم هذا المنهج فى علم الكلام كما استخدم فى علم أصول الفقه
وننقل عنه من رسالة الماجستير خاصته والمعنونة ب (مناهج البحث عند مفكرى الاسلام) عند الحديث عن مدرسة المتكلمين الأصولية -بعد فراغه من تعريف مدرسة الفقهاء- ما نصه

(وهم المتكلمون أشاعرة كانوا أو معتزلة وهنا نرى محاولة عقلية بحتة تقوم على تجريد القواعد العامة
من المسائل الفقهية وتستند فى هذا الى الاستدلال العقلى والبرهنة النظرية فاستخدمت طرق البحث الكلامية
أو مدارك العقول التى عرفت قبل الشافعى فى المدرسة الأصولية الكلامية ووضعت تلك الطرق وخاصة طريق القياس فى صورة عقلية مجردة ودخلت أبحاث كلامية كثيرة لما كان علم الكلام معتبرا واحدا من مصادر هذا العلم الثلاثة لا لدى المتكلمين وحدهم بل ولدى الفقهاء حتى الظاهرية منهم )

ان هذا التداخل المنهجى جعل التأثير بين العلمين متبادلا وتسبب فى ادخال مسائل كل من العلمين وطرقه ومناهجه الى العلم الاخر – كما يؤكد صاحب رسالة تطور علم أصول الفقه وتجدده

بل لم تعد هناك( طرق منفصلة لاحدى هاتين الفرقتين بل استخدمت كل منهما نفس الطرق التى استخدمها الأقران) كما يقول د النشار

ومن هذه النقول نستطيع أن نتفهم الأسباب التى دعت الباقلانى الى تلك النقلة النوعية فى منهجية دراسة الأصول

لان بعد ظهور المعتزلة وظهور فرقة الأشاعرة للرد عليهم ظهرت تلك المناهج العقلية لتعصم ذهن المتكلم ومن ثم الفقيه من الانحراف
ولما كان القائمين على تأسيس علم الأصول- فى طوره الثانى- جلهم من المتكلمين ( معتزلة وأشاعرة)
فانتقلت منهجية البحث من علم الكلام الى علم الأصول وانتهجوا نفس النهج العقلى النظرى التجريدى فى بحثهم
لمدارك الأحكام الفقهية

هذا بعكس طريقة مدرسة الفقهاء ( الأحناف) التى اهتمت بتأصيل فروعهم الفقهية على أصول امامهم
وهذه الطريقة وان كانت اليق بالفقه وأقرب لضبط المذهب ولكن يعيبها أنها غير منتجة
فهم يخرجون الفروع على اساس اصول مذهبهم الثابتة ومن ثم فلا جديد ولا تجديد
وهم وان لم يبحثوا علم الأصول بتلك الطريقة التجريدية ولم يمزجوه بعلم الكلام فى البداية
الا ان متأخريهم قد ساروا على درب المتكلمين ومزجوا أصولهم بالمنهج التجريدى والمباحث الكلامية

ومن الأمانة العلمية أن نذكر قيام بعض الحركات الفردية بمعارضة طريقة المتكلمين ودعت الى تجريد الأصول
من المباحث الكلامية مثل مصنفات ابن عبد البر والباجى والسمعانى والخطيب البغدادى وابن القيم وغيرهم
ولكن ظلت تلك الحركات الفردية منفصلة عن بعضها زمنيا ومكانيا لا تمثل نهجا متواصلا- كمدرسة المتكلمين-
ومن أهم هذه الحركات ظهور كتاب الموافقات للشاطبى والذى يعد نقلة نوعية أخرى لمزجه أصول الفقه بالمقاصد الشرعية وليس الشاطبى أول من تكلم فى مقاصد الشريعة ولكن المقاصد تجلت فى مصنفه هذا مما جعله علامة فريدة فى علم الأصول ولكن هذا لا يجعله ندا للمدارس الأصولية الموجودة انذاك ولا بديلا عنها

ومن الباحثين من يرى ان امتزاج أصول الفقه بالكلام بسبب هيمنة علم الكلام على جميع العلوم الشرعية
من حيث هو مبدأ لها ومن حيث أن تفسير النصوص قائم على حجيتها والتى ثبتت بعلم الكلام
وكذلك فان طريقة الاسئلة الممتدة تجعل الباحث يمتد من علم الأصول الى علم الكلام
فالأصولى مثلا يبحث عن علة تحريم الخمر فيبحث بأدواته حتى يصل الى أن العلة ( الوصف الظاهر المنضبط)
هى الاسكار فيسأل نفسه مرة أخرى ولم جعل الاسكار علة مناسبة للتحريم
ويجيب بأن الاسكار يؤدى لذهاب العقل والعقل مناط التكليف والتكليف انما يكون لتحقيق مراد الله من خلقه
فيجد الباحث أن اسئلته قد انتقلت بالرتبة من علم الأصول الى علم الكلام وهكذا

( راجع علاقة أصول الفقه بالفلسفة الاسلامية د على جمعة )

وهذا الكلام وان كان يفسر لنا بعض التداخل بين العلمين على اساس ان الكلام هو أرضية مشتركة للعلوم الشرعية جميعا لكنه لا يفسر لنا المزج الحادث بين العلمين بهذه الصورة ولا يفسر وجود مسائل عقدية بحتة
تبحث فى علم الأصول

وبهذا القول نكون قد أتمننا نقطة البحث المنهجى المشترك بين العلمين

وننبه على أننا فى بحثنا هذا لا نبحث صحة الأساس العقدى للأشاعرة أو للمعتزلة انما نبحث –كما اسلفنا-
طبيعة العلاقة الجدلية بين الأصلين

ويتبقى لنا بعد بحثنا النظرى البحث العملى فى المسائل المشتركة بين العلمين

يتبع بحول الله وقوته
 

راجى يوسف ابراهيم

:: مطـًـلع ::
إنضم
2 ديسمبر 2008
المشاركات
125
التخصص
محاسبة
المدينة
الاسكندرية
المذهب الفقهي
الشافعى
المبحث الثالث : المسائل المشتركة بين أصول الفقه وعلم الكلام
بعد أن استعرضنا الظروف والملابسات التى تكونت فيها مدرسة المتكلمين الأصولية وكذلك الظروف التى أدت الى امتزاج المنهج النظرى التجريدى لكلا العلمين
وكذلك تعرضنا لمسألة امتزاج العلوم الشرعية عامة ولامتزاج علم الأصول بغيره خاصة
يثور السؤال الضرورى
هل هناك مسائل مشتركة بين الكلام وأصول الفقه؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
اطلعت على نسخة اليكترونية مصورة لكتاب (المسائل المشتركة بين أصول الفقه وعلم الكلام) للعروسى
والذى نصحنى به احد الاخوة الفضلاء
والمصنف هنا يعطى أمثلة للمسائل المشتركة بين العلمين حوالى سبعة وخمسون مسألة مشتركة
بعضها مشترك بالفعل بين العلمين والبعض الاخر كلامى بحت وهو مقحم على علم الأصول

يقول المصنف فى تمهيده
( ولما كان بعض مسائل علم أصول الفقه تشترك مع بعض مسائل أصول الدين كمسائل الأخبار وحجية المتواتر
وأخبار الاحاد ووقوع النسخ ومسائل التكليف ........) وعدد مسائل عدة ثم أكمل
(ولما كان الأمر كذلك استطاع كثير ممن شارك فى علم الكلام أو كتب فيه أن يكتب فى علم أصول الفقه لانه الميدان الذى ظهر فيه اراء المعتزلة ولأنه الفن الذى يمكن فيه تقرير مذهب أبى الحسن الأشعرى أو مذهب غيره)
ثم شرع المصنف فى بحث المسائل مما أعطى تصورا فعليا عن الامتزاج بين العلمين
وكيفية وجود مسائل أصولية لها أصل عقدى
واتماما للفائدة سأحاول بحث ذلك الامتزاج فعليا بطريقتين من أسفل الى أعلى ومن أعلى الى اسفل
بمعنى بحث مسألة أصولية لها أصل عقدى وأخرى عقدية نجم عنها فرع أصولى

1- مسألة هل مطلق الأمر يتناول المكروه ؟؟؟؟؟
تلك المسألةالتى اهتم بها الأصوليون من لدن الجوينى فى برهانه الى السبكى فى جمعه
وتلك المسألة يتفرع عنها فروع فقهية عدة مثل حكم الصلاة فى أوقات الكراهة وصوم يوم النحر وغيرها
وتعتبر متداخلة مع مسألة اقتضاء النهى الفساد والتى من أشهر أمثلتها مبحث الصلاة فى الدار المغصوبة
وقد بحثها المصنف ( العروسى) وارجعها الى أصل عقدى وهى مسألة المنزلة بين المنزلتين التى اشتهرت بها
المعتزلة
وخالفه بعض علماء الاصول فى أصل تلك المسألة وأرجعوها الى مسألة ( هل لو الشارع أمر أمرا ثم نهى عنه فى بعض أحواله هل يعد ذلك النهى شرطا فى الأداء؟؟؟؟)
والحق أنه بعد بحثى وراء تلك المسألة لم أجد من عزاها الى المنزلة بين المنزلتين غير المصنف
ولعله من قصور بحثى
وأحسب أن تلك المسألة ترجع لمسألة التحسين والتقبيح
حيث ان الأمر من قبيل المأذون فيه شرعا وهو من أقسام الحسن اما الكراهة فتعد من المنهى عنه شرعا وهو من أقسام القبيح
والحسن والقبح لا يتواردان على فعل واحد باعتبار واحد
وللأصوليين تفريعات كثيرة ليس هنا مقام ذكرها

وخلاصة القول أن تلك المسألة الأصولية ذات التفريعات الفقهية الكثيرة والمنتشرة ترجع أصلا لمبحثا عقديا كبيرا وهى تمثل للمسائل المشتركة بين الأصلين
ومن يرد الاستزادة فليرجع الى جل كتب الأصوليين ولا سيما المعتمد لابى الحسين البصرى حيث أنه لمح
بالأصل العقدى لتلك المسألة


2- مثال لمسألة أو قاعدة عقدية نجم عنها قواعد أصولية
انقل لكم مباحث من رسالة الدكتوراه للدكتور أيمن البدارين والمعنونة ب ( نظرية التقعيد الأصولى )
بداية فان الباحث قد قسم القواعد الأصولية الى كبرى ووسطى وصغرى
ولنر أمثلة للقواعد الكبرى وما يتفرع عنها من مسائل

القاعدة الأصولية الكبرى الأولى : الحسن والقبح عقلى اضافى تابع للشرع لا عقلى ذاتى منشىء له

يتفرع عن هذه القاعدة العقدية الأصل قواعد أصولية عديدة عد الباحث منها عشرون قاعدة منها
1- مسألة الأصل فى الأشياء الاباحة أو التحريم أو الوقف
2- لا تعليل بالمصلحة
3- المباح حسن
4- يجوز التخصيص بدليل العقل
5- يجب العمل بالقياس وخبر الواحد عقلا
6- العلة علامة على الحكم لا موجبة له
7- للعقل أن يحكم على وفق موجهات الشرع من عمومات وأدلة تبعية ومقاصد وقواعد


القاعدة الأصولية الكبرى الثانية : الحاكم هو الله
وان كانت هذه القاعدة تخص أصول الدين أصلا الا انها تفرعت عنها العديد من القواعد الأصولية
1-لا تخلو واقعة عن حكم الله
2- الاباحة الاصلية هى اباحة شرعية لا عقلية
3- المجتهد موقع عن الله
4- القياس حجة معتبرة شرعا
5- اجماع الامة حجة معتبرة شرعا
6-قول الصحابى حجة معتبرة شرعا فيما ليس للرأى فيه مدخل
7-العرف المرسل حجة معتبرة شرعا
8-الاستحسان ليس حجة معتبرة شرعا
9-اجماع اهل المدينة ليس حجة معتبرة شرعا
ويقول الباحث بعد شرح تلك القواعد ( هذا نزر يسير من القواعد الأصولية المتفرعة على قاعدة الحاكم هو الله
والا فالقاعدة ينبنى عليها عشرات ان لم يكن مئات القواعد الأصولية المنتشرة فى ارجاء علم أصول الفقه)


القاعدة الأصولية الكبرى الرابعة ( كذا فى الأصل)
لا تكليف بما لا يطاق
ويتفرع عن تلك القاعدة العقدية قواعد أصولية شتى
1-لا يجوز تأخير البين عن وقت الحاجة
2-يشترط فى المكلف به ان يكون معلوما للمكلف
3-المكره المحمول كالالة غير مكلف
4- اتفق العلماء على جواز سقوط جميع التكاليف بزوال شرط العقل
5- المصيب فى العقليات والعقائد واحد
6- الأمر بالشىء نهى عن أضداده
ولم نرد الاسهاب فى بحثنا هذا وان كنا أكثرنا على القارىء فلتأكيد العرى الوثيقة بين علمى الأصول والكلام
المتمثل فى الأرضية المشتركة والمسائل المشتركة بينهما

والله أعلى وأعلم

يتبع بحول الله وقوته


راجى يوسف
 

راجى يوسف ابراهيم

:: مطـًـلع ::
إنضم
2 ديسمبر 2008
المشاركات
125
التخصص
محاسبة
المدينة
الاسكندرية
المذهب الفقهي
الشافعى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تتمة لما ذكرناه من قبل وتلخيصا له نقول ان امتزاج علمى الأصول والكلام يرجع لسببين

الأول طبيعة الباحث الأصولى فى مدرسة المتكلمين وهو باحث غلبت عليه منهجية المنطق العقلانى التجريدى فى البحث
الثانى طبيعة العلمين المتداخلة والممزوجة فعلا من خلال هيمنة علم العقيدة على باقى العلوم الشرعية
ومن خلال المسائل المشتركة بين أصول الفقه وأصول الدين

وان كنا نرى أن ثمة مسائل بحثت فى علم الأصول وهى مقحمة فيه ولا ينتج عنها أى فروع عملية
وهى ليست بالكثيرة
فعشر مسائل أو عشرون أو حتى مائة مسألة ليست بالكثير فى علم يضم الألوف من المسائل
وراجع ان شئت مقدمة الزركشى فى البحر الذى ينعى على من قال ان مسائل الأصول حوالى ثمانمائة مسألة
وهى الى ثمانية الاف أقرب
وكنا قد استعرضنا الامتزاج بين الأصول وعلوم الحديث والذى بحثت فيه مئات المسائل الحديثية فى علم الأصول
وهى خارجة عن حقيقته دون نكير من العلماء
فالأمر لا يستحق الاعتراض وترك كم هائل من التراث الأصولى لتداخله مع علم الكلام
وانبه مرة أخرى اننى فى هذه النقطة لم أتعرض لنقد علم الكلام نفسه ولا للفرق المنتسبة له
وانما ابحث فى حقيقة الامتزاج الواقع واثره

وأرجو أن أكون قد وفقت فيما ذهبت اليه ولا أدعى فيه العصمة وانما هو محض بحث ونظر

وعلى هذا يتبقى لنا موضوع واحد وهو امتزاج البحث فى الأصلين بعلم المنطق الأرسطى
وللحديث بقية ان شاء الله
 

راجى يوسف ابراهيم

:: مطـًـلع ::
إنضم
2 ديسمبر 2008
المشاركات
125
التخصص
محاسبة
المدينة
الاسكندرية
المذهب الفقهي
الشافعى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لا زلنا لم نقترب من نقاط المحك وهى ما هى درجة اقتباس الأصوليين من المنطق الأرسطى
أو لو شئت ما هى طريقة تعامل المسلمون مع الحضارة اليونانية فى مجال الثقافة

وقد طلبت نقولا عن مسائل أصولية- على سبيل المثال- تأثرت بالمنطق
وأنا عن نفسى لم أجد
فعدلت الطلب لبحث مقارن عن الفرق بين القياس الأصولى والقياس الأرسطى
على أساس أن القياس هو الركن الأعظم فى الاجتهاد

يقول الغزالى ( فأى تعلق لهذا بمهمات الدين حتى يجحد أو ينكر)
اى ان الغزالى رحمه الله ينفى اى تعلق بين الميتافيزقا الأرسطية وبين المنطق الذى استخدمه لترتيب الأفكار ليس الا


عموما نلخص القول فى الاتى
عند اطلاع المسلمين على الثقافات الأخرى لم يخرج موقفهم- كقسمة عقلية- عن ثلاث مواقف
1- الاندماج التام فى تلك الثقافة والاذعان لها

2- الرفض التام لكل ما فى تلك الثقافة من غث وسمين

3- الموقف الانتقائى على خلاف فى بعض التفاصيل

فلنبحث الفرق بين القياس الأصولى والأرسطى
ومن نتيجة البحث نعرف اى المواقف اتخذها المسلمون تجاه ثقافة اليونان


ثم نراجع المواقف المختلفة لعلماء المسلمين الموافق والرافض والمنتقى
ونكون رأيا حول الاتجاه العام للحضارة الاسلامية

أرجو الا يخرج الحوار عن نقاط البحث حتى لا يتشتت المشارك والمتابع


يتبع بحول الله وقوته

راجى يوسف
 

راجى يوسف ابراهيم

:: مطـًـلع ::
إنضم
2 ديسمبر 2008
المشاركات
125
التخصص
محاسبة
المدينة
الاسكندرية
المذهب الفقهي
الشافعى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اولا: القياس الأصولى

القياس لغة هو التقدير والمساواة

واصطلاحا ( حمل معلوم على معلوم فى اثبات حكم لهما أو نفيه عنهما بأمر جامع بينهما) الباقلانى

* أركان القياس
1- أصل وهو الأمر ذو الحكم المنصوص الذى نقيس عليه

2- فرع وهو الأمر مجهول الحكم والذى نريد الحاق حكمه بحكم الأصل

3- حكم: هو الحكم الشرعى للأصل والذى نريد اعطائه للفرع

4- علة: وهى الأمر الجامع بين الأصل والفرع وهى الباعث على الحكم
وهى ركن القياس الأعظم وللأصوليين مسالك عديدة لاستخراجها
فقد تكون علة منصوص عليها صراحة أو بالإشارة
أو وقع الإجماع على أنها علة حكم الأصل
أو بعدة طرق استدلالية كالسبر والتقسيم والطرد والدوران وغير ذلك
وبالجملة نستطيع القول أن القياس الأصولى هو نوع من الإستقراء العلمى الدقيق
القائم على العلية والإطراد
والقياس الأصولى ظنى الدلالة فى الأعم الأغلب
والأصوليون انما وضعوا القياس الأصولى ليجدوا حلا لبعض مسائل فى الشريعة الاسلامية حيث النصوص المحدودة والوقائع غير المحدودة

م/ تحريم المخدرات

عندما حرم الله الخمر سأل الفقيه نفسه لم حرمها الله عز وجل؟؟؟؟؟؟
فوجد نفسه يميل عقليا الى وجود علة لذلك التحريم
فأخذ يقسم صفات الخمر ويختبرها لكى يصل لعلة التحريم

فوجد عدة صفات سائل- لونه أصفر-رائحته شديدة- مسكر
فاختبر صفة صفة
فلو كانت السيولة علة التحريم لحرم الماء ولو كانت الصفرة علة التحريم لحرمت بعض الفواكه الصفراء اللون ولو كانت الرائحة لحرم الخل مثلا

فلم يجد صفة متبقية غير الاسكار الذى يصلح - مبدئيا- كعلة للتحريم
فاختبر الإسكار طردا ودورانا
فوجد عصير العنب غير المسكر حلال بالإجماع وعندما اشتد وداخله الإسكار
حرم إجماعا وعندما تخلل من تلقاء نفسه أحل ثانية

فرأى أنه كلما دخل الإسكار وجد التحريم وكلما عدم الإسكار عدم التحريم
فتأكد من علية الأسكار
وعليه فأى فرع- كالمخدرات- يسبب الإسكار يحرم لأنه فى معنى الخمر ومرتبط
معها برابط على

قد يكون هذا مثالا بسيطا جدا لعملية القياس ولكنه يعطينا تصور عن العملية العقلية
والمنهجية العلمية التى اتبعها الأصوليون

يقول د النشار
(إن النزعة العملية فى الاسلام نأت بالمسلمين عن البحث فى الشىء فى ذاته وفى الجوهر والأعيان وقد تبين لنا أن فى القرآن أقيسة فأتت على مثالها أقيسة الفقهاء والمتكلمين
فالقياس الأصولى نتاج لكل من الشريعة الاسلامية والاتجاه العملى وصور الأقيسة الموجودة فى القرآن)

يتبع بإذن الله تعالى
 

راجى يوسف ابراهيم

:: مطـًـلع ::
إنضم
2 ديسمبر 2008
المشاركات
125
التخصص
محاسبة
المدينة
الاسكندرية
المذهب الفقهي
الشافعى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بعد أن وضحنا القياس الأصولى كفكرة مع التمثيل نريد أن نوضح نبذة يسيرة عن القياس المنطقى وهو موضوع جد كبير ويشمل العديد من الأنواع
لكنا سنكتفى بالشكل العام مع مثال بسيط للتوضيح

يقول الشيخ عبد الرحمن حبنكة فى كتابه الماتع ضوابط المعرفة
(القياس المنطقى صيغة شكلية لإثبات حقائق سبق العلم بها ولكن حصلت الغفلة عن جوانب منها اذ يأتى القياس المنطقى منبها عليها أو ملزما الخصم التسليم بها ان هو أنكرها)
وله أقسام عديدة سواء الاقترانى ( حملى- شرطى) أو الاستثنائى
وهو يتألف من ثلاثة حدود مقدمتين ونتيجة كالآتى

( مقدمة صغرى- مقدمة كبرى- نتيجة)

مثال
( سقراط انسان-كل انسان فان-سقراط فان)
بما أن سقراط انسان
وبما أن كل انسان فان
اذن سقراط فان

يقول زكى نجيب محمود (ان منهج البحث عند أرسطو هو فى صميمه منهج لإقامة البرهان على حقيقة معلومة لا للكشف عن حقيقة جديدة وهو بعد ذلك منهج يراد به الإقناع, اقناع من يختلف واياك فى الرأى)

اذن فهو قياس وليد التفكير الاستنباطى الشائع فى عصره فأتى به ليكون على صورة البرهان الهندسى فيبدأ بأقوال مسلم بها ثم يمضى فى استنباط النتائج التى تترتب عليه بعكس القياس الأصولى الذى يسعى لحل المسائل الشرعية
وبالرغم من الفرق بين القياسين فى المقدمات والأركان ونوع النتائج الا أن هذا لم يمنع الفقهاء من استعمال القياس المنطقى كنوع من الاستدلال العقلى بجانب القياس الأصولى الأصيل فى الشريعة الاسلامية

يتبع بإذن الله تعالى
 

راجى يوسف ابراهيم

:: مطـًـلع ::
إنضم
2 ديسمبر 2008
المشاركات
125
التخصص
محاسبة
المدينة
الاسكندرية
المذهب الفقهي
الشافعى
بعد أن استعرضنا الاختلاف الجوهرى بين القياس الأصولى والقياس المنطقى
لابد أن نتعرف على موقف علماء المسلمين من استخدام المنطق كاستدلال عقلى فى علوم الشريعة

1- المؤيدون
ومن أبرزهم بالطبع الامام الغزالى القائل أن من لا يحيط بالمنطق لا ثقة بعلومه أصلا
ولكن هل هذا القول يعنى أن الغزالى يأخذ بالاستدلال المنطقى بعجره وبجره ؟؟؟؟

تأمل معى ذلك النقل عن الغزالى
(اذ ربما ينظر فى المنطق من يستحسنه ويراه واضحا فيظن أن ما ينقل عنه من الكفريات
مؤيدة بتلك البراهين فاستعجل بالكفر قبل الانتهاء الى العلوم الإلهية)
وتأمل هذا أيضا
( لهو نوع من الظلم فى هذا العلم وهو أنهم يجمعون للبرهان شروطا يعلم أنها تورث اليقين لا محالة ولكنهم عند الانتهاء الى المقاصد الدينية ما أمكنهم الوفاء بتلك الشروط بل تساهلوا غاية التساهل)
انه ينقد المنطق ويقر أنه قد يوصل للكفريات ان اسىء استخدامه بل ويصفه أنه قاصر عن أن يوصل الانسان الى اليقين فى الالهيات
ولكن مادام المنطق- بالنسبة له – يحمل تلك السلبيات ما الذى دعاه الى استخدامه؟؟
يقول (لعل الناظر بالعين العوراء نظر الطعن والازدراء ينكر انحرافنا عن العادات فى تفهيم العقليات القطعية بالأمثلة الفقهية الظنية فليكف عن غلوائه فى طعنه وإزرائه وليشهد على نفسه بالجهل بصناعة التمثيل وفائدتها لم توضع الا لتفهم الأمر الخفى بما هو الأعرف عند المخاطب المسترشد ليقيس مجهوله الى ما هو معلوم عنده فيستقر المجهول فى نفسه فإن كان الخطاب مع نجار لا يحسن الا النجر وكيفية استعمال آلاته وجب على مرشده ألا يضرب له المثل إلا من صناعة النجارة ليكون ذلك أسبق الى فهمه وأقرب الى مناسبة عقله) معيار العلم

ترى هل كان يقصد الغزالى الى استخدام المنطق للرد على المعتزلة بفكرهم الشائع فى عصره
أم ترى كان يقصد الرد على الفلاسفة الذى قصم ظهرهم فى التهافت ؟؟؟

سواء أكان هذا أم ذاك فان تجربة الغزالى العقلية فريدة ونادرة الحدوث وتحرير موقفه من علم المنطق- بالجمع من مصنفاته كلها- يحتاج لرسالة جامعية لا مشاركات مقتضبة كتلك
ولكنه بالإتفاق يصلح كنموذجا للعلماء الذين تأثروا بالمنطق وأثروا فيه

وبعدها ننطلق الى فئة أخرى حرمت الاشتغال بعلم المنطق وكان موقفهم موقف الرافض الذى يخشى على الإسلام والمسلمين من افساد دينهم ودنياهم بالمنطق الأرسطى

عن النووى وابن الصلاح وابن تيمية نتحدث


يتبع بإذن الله تعالى


راجى يوسف
 

راجى يوسف ابراهيم

:: مطـًـلع ::
إنضم
2 ديسمبر 2008
المشاركات
125
التخصص
محاسبة
المدينة
الاسكندرية
المذهب الفقهي
الشافعى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

2- الرافضون
عندما نتكلم عن محرمى الاشتغال بالمنطق تبرز أسماء لامعة كالنووى وابن الصلاح وابن تيمية والسيوطى وغيرهم
وسننتقى منهم الامام ابن تيمية الذى عبر عن موقفه فى مصنفه ( الرد على المنطقيين)
وانتقائنا للإمام ليس عشوائيا ولكن من طالع مصنفه يجد أمامه موسوعة منهجية متكاملة
وليس مجرد فتوى تحرم الإشتغال بالمنطق
ويمكن أن نقسم رد الإمام الى جانبين رئيسين
جانب سلبى ابرز فيه-بالحجج- تهافت علم المنطق – من وجهة نظره- واعتمد فيه على من نقدوا منطق أرسطو قبله كالمدرسة الرواقية والسفسطائية كما أسلفنا

وجانب ايجابى ابرز فيه منهجه الفكرى فى الاستدلال
ويمكن أن نرجع تحريمه للمنطق الى خوفه على العقلية الاسلامية من أمرين
1- انكار المنطق الأرسطى لمنهج التواتر مما يؤدى الى انكار جملة من المتواترات
كالنص القرآنى والأحاديث المتواترة وتواتر اجماع الأمة على المعلوم من الدين بالضرورة

2- ارتباط المنطق الأرسطى بالميتافيزيقا اليونانية كإنكارهم علم الإله بالجزئيات
لأن العلم الكلى هو الأكمل – من وجهة نظرهم-

ونحن لا نشك فى إخلاص الإمام وإشفاقه على العقلية الإسلامية من أن تصاب بتلك اللوثات

ولكن


هل فعلا أصابت تلك الأمراض الفكرية المشتغلين بالمنطق؟؟؟؟؟؟؟؟

سوف أذكر القارىء بنقطتين وله بعدها أن يحكم بما شاء

1- أول من رد على الفلاسفة وقصم ظهورهم كان الغزالى فى التهافت بل وكفرهم
فى قولهم بعلم الإله بالكليات دون الجزئيات والغزالى هو من هو فى علم المنطق
بل ويعتبر المتهم الأول – فى نظر ابن تيمية- بمزج الشرعيات بعلم المنطق
وان كان قد سبقه الإمام ابن حزم فى ذلك

2- لم نعرف عالما شرعيا واحدا أنكر حجية المتواتر فى إفادة العلم اليقينى
بل وأكثر أمم الأرض معترفة بحجية التواتر ولم ينكره غير بعض الشواذ فكريا
كالشكاك ( السفسطائية) ومن تابعهم

قد تكون بعض الأمراض الفكرية قد تسللت فعلا الى الفلاسفة المسلمين الذين أذعنوا وانماعوا وخضعوا للفكر اليونانى بعجره وبجره ولكن أحسب أن المتشرعة قد تحصنوا بما
لديهم من عقيدة سليمة ونصوص بينة

ويمكن للقارىء أن يراجع مواقف الأشاعرة من الترهات اليونانية
مثل نقدهم للعلة الأرسطية والحد الأرسطى وقانون عدم ارتفاع النقيضين وغيرهم كثير

من حق الإمام ابن تيمية أن تكون له منهجية فى الأستدلال ومن حقه نقد المنطق الأرسطى
وهذا لا ننازع فيه أصلا
ولكن السؤال

هل كان المحرمون محقون فى تحريمهم لعلم المنطق سدا للذريعة؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

يتبع بإذن الله تعالى
 
إنضم
21 أبريل 2010
المشاركات
23
التخصص
هندسة
المدينة
دمنهور
المذهب الفقهي
حنفى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حياك الله أستاذ راجى

قرات موضوعك ولعل هذه فرصة جيدة لأثبت تعليقاتى على المسألة


لنا عودة بإذن الله تعالى

أخوكم المحب

عبدالله حامد العفرى
 

راجى يوسف ابراهيم

:: مطـًـلع ::
إنضم
2 ديسمبر 2008
المشاركات
125
التخصص
محاسبة
المدينة
الاسكندرية
المذهب الفقهي
الشافعى
حياكم الله أخى

فى انتظاركم

راجى يوسف
 

راجى يوسف ابراهيم

:: مطـًـلع ::
إنضم
2 ديسمبر 2008
المشاركات
125
التخصص
محاسبة
المدينة
الاسكندرية
المذهب الفقهي
الشافعى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

1- الناقدون
نقصد بفئة النقاد الفئة الثالثة التى لم تحرم الإشتغال بالمنطق وكذلك لم تبيحه بغير ضوابط
وانما التفتوا لأهميته فى الترتيب الفكرى والتفتوا كذلك للعواقب المحتملة
اخذوا بكلام الغزالى ولم يعرضوا عن رأى ابن تيمية
فشرطوا شرائط للمشتغل بعلم المنطق والتى يضمنوا بها السلامة من اى أمراض عقدية تتسلل للعقل الإسلامى
أحد أولئك النقاد هو عبد الوهاب السبكى والذى أفتى بفتيا مشهورة تمثل النهج الوسطى لعلماء المسلمين
وجد السبكى أن من أصحابه الشافعية من حرم تعلم المنطق والإشتغال به كالنووى وابن الصلاح ووجد أيضا من أصحابه من ندب لتعلم علم المنطق كالغزالى
فنحا منحى وسطا واتخذ موقفا انتقائيا فأجاز تعلمه والإشتغال به لكن بضوابط

1-أن يثق من نفسه بأنه وصل الى درجة لا تزعزعها رياح الأباطيل وأهواء الملاحدة

2-أن لا يمزج كلامهم بكلام علماء الإسلام ( أحسب أن ذلك الشرط لضمان عدم تكرار تجربة المعتزلة لأنه زكى الغزالى والرازى بعدها )

وعلى ضوابط السبكى سار المتأخرون
بل وأخذوا خطوة جديدة فانتقلوا من مرتبة الإشتغال بالمنطق الأرسطى الى مرتبة التصنيف
فى المنطق بعد صبغه بالصبغة الإسلامية وتنقيته من الفلسفات الوثنية

فصنف فيه السعد التفتازانى وشيخ الاسلام زكريا الأنصارى والشيخ العطار وغيرهم كثير
ممن أسهموا فى ذلك العلم كمتون وشروح وحواشى

فمن يريد دراسة المنطق الان لا يأخذه من أورجانون أرسطو وانما من الجهابذة الذين هذبوا
المنطق الأرسطى وأماطوا عنه الأذى ما استطاعوا

فأصبح صغار طلبة العلم وكبارهم يدرسون المنطق فى الجامعات الشرعية بلا أدنى خوف من خلل فكرى محتمل الحدوث
وعلى هذا اتفق المتأخرون


وأثبت العلماء الأفذاذ أنهم يستطيعون هضم منطق أرسطو وتهذيبه

فعندما استخدموه فى علم الأصول استخدموه كمرتب للأفكار وأداة للنظار
فلم تصتبغ أصولهم بالصبغة اليونانية وانما صبغوا هم المنطق الأرسطى بالصبغة الإسلامية


يتبع بحول الله وقوته
 
أعلى