العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

الهزيمة النفسية: الأسباب والعلاج

إنضم
5 مارس 2023
المشاركات
58
الإقامة
قطر الدوحة
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عمار الرشيدي
التخصص
فقه وأصول
الدولة
قطر
المدينة
الدوحة
المذهب الفقهي
الحنبلي
الهزيمة النفسية، في رأيي، هي تراجع قدرة النفس على مواجهة الآخر، أو المواقف بشكل صحيح، أو في ظروف طبيعية لضعف الحجة، أو لضعف المادة:
الهزيمة لضعف الحجة: بمعنى الوقوع في غلط، أو تقصير في الواجبات مع ضعف المهزوم أو عجزه عن معالجة الأمر، واستعادة قوته النفسية، وإحداث توازن في الميزان النفسي مجددًا مع الآخر، وإعادته لما كان عليه، وربما بزيادة في حقه بأداء ما يجب عليه مما قصر فيه سابقًا، والزيادة فيه بالإحسان، حتى إذا ما شاب الواجبات تقصير؛ شفع الإحسان لصاحبه، كالنوافل للصلاة مع الله تعالى، وله سبحانه المثل الأعلى، فكذلك الإحسان للواجبات مع الناس.
وبعضهم يستطيع الاحتفاظ بتوازنه النفسي رغم تقصيره، أو غلطه، وذلك بتصنع عدم المبالاة، أو عدم التأثر؛ فيضحك أو يغير مجرى الأمور في اتجاه مختلف، أو يتمكن من مهاجمة الآخر في عيوبه بالتبادل. ومنهم من لا يبالي مطلقًا لاتصافه ببرود المزاج حقيقة لا اصطناعًا، أو قلة الخجل والحياء، وبعضهم يزداد بالتقصير عنادًا، والغلط غرورًا، ويأخذ الميزان النفسي لصالحه؛ وهذا هو المتبجح، المجاهر، المفتخر بالباطل، أو العيب، أو الخطأ.
أما الهزيمة النفسية لضعف القوة: بمعنى الضعف في قوة المادة، أو قوة العقل، أو قوة القلب، فالمهزوم صاحب حق؛ لكنه ينهزم نفسيًا لضعف قوته البدنية أمام خصمه فيضعف، أو ضعف قوته العقلية فلا يملك البداهة، أو الذكاء، أو الأسلوب المناسب في الوقت المناسب، أو ضعف قوة القلب؛ فلا يملك الشجاعة لمواجهة الأقوى منه سلطة ومكانة، والشجاعة تحتاج لشيء من المخاطرة، وليس كل المخاطرة لأنها تهور. فإن اجتمع له أن كان صاحب حق، ومعه القوة التي يحمي بها هذا الحق، ويملك الأسلوب المناسب الذي يطلب به هذا الحق، فهو أبعد من أن يدخل في دائرة مغلقة من الهزيمة النفسية.
وثمة عوامل أخرى تتحكم في مسألة الهزيمة النفسية؛ مثل أن يمتنع أحدهم عن الرد احترامًا لقدر نفسه، وتعاليه عن السفاسف؛ فيؤثر الكتمان عن البوح، والإهمال عن الاهتمام، إلا أن الكتمان يحدث فيه أثرًا قريبًا من آثار الهزيمة النفسية، فهو في صراع بين الرغبة في الانتقام لنفسه، وبين الاحتفاظ بصورته الجميلة الموقرة في نظر الآخرين. وقد يمتنع آخر عن الاعتراف بخطئه إلا متأخرًا، بعد تدحرج الأمور، وتحول ميزان القوة، وارتفاع السقف النفسي للآخر، ومستوى الجُرأة لديه، أو أن ينخدع أحدهم في قدرات نفسه، وتصوراته عن ذاته وإمكاناته، ويتضح له متأخرًا أن كل ذلك بخلاف ما كان يظن، وقد تآكلت قوته المادية، أو الناعمة خلال مرحلة الانخداع تلك.
ومن أقوى العلاجات للهزيمة النفسية؛ حرص الإنسان أن يكون على حق دائمًا، ويؤدي ما عليه من واجبات، ويجعل الإحسان حماها، ويحذر تصيدَ الآخرين للأخطاء، بل يحذر من اصطناعهم لها، وإلصاقها بالغير، ويحصن نفسه بالقوة الممكنة، كأن يبني علاقات قوية مع أطراف أقوى من أطراف الصراع المحتملة، بحيث يمكن للأطراف الأقوى تقديم القوة اللازمة له عند الحاجة؛ لكبت الظالم وردعه، وعليه أن يتحلى بقدر من الشجاعة، والحيلة، والأسلوب، فليتفطن لهذا، وتقوى الله تعالى تدخلك في معيته ورعايته وحفظه، (ومن يتق الله يجعل له مخرجًا)، والله أعلم.



د. ياسر جابر
باحث إسلامي
 
أعلى