العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

إعادة بناء الدلالات الذهنية وتغيير البرمجة العقلية.

إنضم
5 مارس 2023
المشاركات
58
الإقامة
قطر الدوحة
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عمار الرشيدي
التخصص
فقه وأصول
الدولة
قطر
المدينة
الدوحة
المذهب الفقهي
الحنبلي
لكي تفرض شيئا على الناس ويفعلونه دون بلبلة ولا مشكلة؛ تحتاج لتغيير الدلالات الذهنية لديهم تجاه هذا الشيء، وإعادة البرمجة العقلية لهم فيه، وتبديل المعاني القيمية والجمالية، وهو ما يفعله الكثير ممن يتحكمون في مصادر الثقافة والاقتصاد والإعلام، فيعيدوا إنشاء الدلالات الذهنية الجديدة للأشياء والمعاني، فتصبح الخمرة مشروبا روحيا، والزنا والتفسخ حرية شخصية، واللحية إرهاباً وليست سنة، والنقاب خيمة متحركة وليست فضيلة، وترك الإسبال تشددً وليس اقتداءً، والتفريط في الثروات البشرية والثقافية والاقتصادية سياسة وليس خنوعاً، والمكر يتحول لذكاء، والخداع والاستغلال يتحول لفن الممكن، والنفاق يدخل في مهارات التعامل واللباقة، والوصولية تفسر بأنها عبقرية ودهاء.
حتى أنت يمكنك أن تقنع زوجتك بلبس النقاب ليس لأنه واجب أو فضيلة، بل لأنها جميلة وساحرة وأنت تغار عليها بجنون من نظرات الرجال، وأنها جوهرة ثمينة يجب وضعها وحمايتها من الشمس، والريح، والتراب، أو قطعة حلوى ثمينة يجب حجبها عن الذباب، وستجد أن الدلالة الذهنية للحجاب تغيرت عندها من كون الحجاب فضيلة لكونه متعلق بالجمال والغيرة.

وأنت شخصيا تتغير دلالاتك الذهنية للأشياء فما كان دلالته الذهنية مرتبطا بإدخال السعادة على قلبك، قد يصبح مصدرا للخوف أو التوتر أو الرعب، كالخطيب يخطب في قوم تعود عليهم ثم يطلب منه الخطابة أمام جمع من العلماء، فتتحول الدلالة الذهنية للخطابة من معاني الدعوة والبيان والفصاحة والبلاغة إلى معاني الترقب والحذر والخوف والتردد،
وقد يحدث تغيير الدلالات الذهنية في عقلك المحض حسب درجة الإيمان والسكينة والهدوء واليقين في قلبك، فكلما زاد ذلك كله؛ كلما استمتعت بالإيجابية والسمو والرحابة والسعادة في دلالاتك الذهنية للنفس، والناس، والحياة، والدين، وكلما نقص ذلك كله كلما كانت دلالاتك الذهنية باعثة على الشقاء والضيق والاختناق والتوتر والوساوس.
وفي مسألة إعادة بناء الدلالات الذهنية والبرمجة العقلية قصة أعجبتني:
يقال إن أحد الملوك قرر منع النساء لبس الذهب والحلي والزينة فكانت ردة فعل النساء كبيرة حيث امتنعن عن الطاعة، وبدأ التذمر والسخط، و الاحتجاج، وبالغت النساء في لبس الزينة، والذهب، و الحلي، للتأكيد على مخالفة القرار، والعناد.
اضطرب الملك واحتار؛ فأمر بعمل اجتماع لمستشاريه، وبدأ النقاش، واقترح أحدهم التراجع عن القرار للمصلحة العامة، وقال آخر : لا، التراجع مؤشر ضعف وخوف يجب أن نظهر قوتنا، وانقسموا لمؤيدين ومعارضين.

طلب الملك إحضار حكيم المدينة، حيث حضر، وطُرحت عليه المشكلة، فقال الحكيم للملك : لن يطيعك الناس إذا كنت تفكر فيما تريد أنت، لا فيما يريدون هم.
فقال له الملك: وما العمل؟ أتراجع إذن؟!
قال الحكيم: لا، ولكن أصدر قراراً بمنع لبس الذهب، والحلي، والزينة للجميلات لعدم حاجتهنّ للتجمل، والسماح فقط للقبيحات وكبيرات السن بلبس الزينة والذهب لتعويض قبحهن وقلة جمالهن، وبذلك ستتغير دلالة الذهب عند النساء من كونه مرتبطا بالجمال إلى ارتباطه بالقبح.
وصدر القرار بالفعل، وما هي إلا سويعات حتى خلعت النساء الزينة، وأخذت كل واحدة منهنّ تنظر لنفسها على أنها جميلة، لا تحتاج للزينة والحلي، وتفاخر بأنها لا تلبس الذهب لأنها في غنى عنه، حتى القبيحات تركن لبس الذهب مخافة المسبة والذم.
قصة أخرى: أخبرني أستاذا في علم الاجتماع بأن مدير مدرسة دعاه لمجلس آباء للتشاور في شأن بعض الطلاب المشاغبين، فأشار أستاذ الاجتماع بأن الطالب المشاغب في شيء يكون مشرفا عليه، ويُطلب منه ضبطه، فيوضع أحدهم مثلا مشرفا على الشرطة المدرسية، ومدخن السجائر يوضع مشرفا لمنع تدخين السجائر في المدرسة، والذي يهرب من المدرسة توكل له مهمة منع الهروب من المدرسة، والذي يتأخر تكون مهمته منع المتأخرين من الدخول، بذلك ستتغير الدلالات الذهنية عنده من كونه فاعلا لكونه مانعا، فيبدا بمنع نفسه ليقتدي به غيره أو ليكون متسقا ومتناسقا مع مجال إشرافه.
الآن...
أخبرني عن دلالاتك الذهنية للنفس والناس والحياة والدين؟
دمتم بخير.
بقلم: ياسر جابر
 

د.محمد جمعة العيسوي

عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر
إنضم
12 يونيو 2008
المشاركات
212
الكنية
ابو عبد الله
التخصص
الفقه
المدينة
محافظة كفر الشيخ
المذهب الفقهي
الشافعي
فتح الله فتوح العارفين
وهذا النظر ملاحظ في كثير من الأقوال والأفعال حيث يتم إعادة ارتباط المفاهيم والأشياء بقيمة معينة و ربطها بقيمة أخرى وللأسف كثير من الإباحيين يقومون بهذا فتم ربط التعري بالتقدم والتنوير واللباس الإسلامي بالريف والرجعية والتخلف ...الخ .
 
التعديل الأخير:
أعلى