العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

نشوز الزوجة

إنضم
5 مارس 2023
المشاركات
58
الإقامة
قطر الدوحة
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عمار الرشيدي
التخصص
فقه وأصول
الدولة
قطر
المدينة
الدوحة
المذهب الفقهي
الحنبلي
١٠٠. زوجتي تناقرني وترفع صوتها عليَّ، وأنا شخص عصبي، أصيح وأضرب، ويتحول البيت إلى حريق، وأريد أن أضع حد لذلك، فماذا أفعل؟!

الجواب:

اشتكى رجل زوجته لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: دارها تعش بها.
فمن باب أولى إذن مداراة الزوجة لزوجها.
لأن الزوج مطلوب منه مداراة زوجته وليس في ذمتها ولا في عصمتها ولا لها القوامة عليه، ولا لها عليه ولاية.
فكيف بمن له القوامة وهي على ذمته وفي عصمته وقد أصبح ولي امرها وسبب في رزقها.
فمن باب اولى أن تبذل له، للزوج، المداراة والسياسة والاحتواء واللين وامتصاص الغضب.
على قاعدة من باب اولى.
قلت كذلك:
والمتأمل لقضايا الطلاق المخيفة في كثرتها وسرعتها أنها غالبا تقع بسبب التصادم بين الزوجين والمناقرة والحرب النفسية ومبدأ كرامتي وحقي وحقك.
ولا أحد يداري الآخر
يعني بالعامية يسايسه ويمشي حاله معه.
ثم إذا وقع الطلاق فعليا ورمت الأيام كلا منهما في أرض العزلة والوحدة، تنبه كلاهما للمفقود بفقده صاحبه من فقد الألفة والرفقة والصحبة والونس والمؤانسة والسمر والسهر والحديث والفضفضات والسند في الضيق والشدة والمرض والاختناق وضغوط الحياة.
فلم يعد يعوض ذلك لكليهما أب ولا ام ولا أخ ولا أخت ولا ابن ولا بنت ولا صديق ولا جار ولا كلب أليف ولا قطة وديعة ولا حتى اسد محب ولا حمار ينهق مزعجا بصوته ليخرجه من وسواسه وقهره.
وهكذا ربما يشتد الانتباه والالتفات
لكن...
بعد انزلاق الأقدام إلى أرض الفوات.
لذلك شرع الله تعالى بعث حكمين من أهليهما للإصلاح وتضميد الجراح ومعالجة الاندفاع في القرار والحفاظ على استقرار الديار.
ولأن الجهل بالدين أصبح على أشده يترك الأمر للسلطة الأبوية أو العائلية لتتأزم الأمور ويزداد الطين بلة وتكون القشة التي تقصم ظهر البعير، ونقطة الحبر التي عكرت الماء الذلال، واللهب الذي يخنق نسيم الربيع بدخانه المتطاير ويحرق قلوبا كانت متحابة فأصبحت متحاربة.
• دارِها تعش بها
خطأ استراتيجي يقع فيه الأزواج ويستنفدون به رصيدهم العاطفي في قلوب الزوجات وهو تحميلهن الخطأ في كل صغيرة وكبيرة دون توجيه أدنى درجات اللوم للنفس، فتبدأ الثورة الكامنة تنطلق من أعماق أعماق البركان المدفون في أعماق أعماق المشاعر الجميلة، وتظهر الردود الجافة من الزوجات في حالات كثيرة تتهدد معها هيبة الرجل وكبرياؤه.
قد يكون ذلك كله ردود افعال على سلوكياتك الفظة او العنيدة او المتكبرة. وكيف أعرف؟
افتح صفحة جديدة وأشعر زوجتك انك تغيرت، وقدم لها على اطباق الفضة والذهب الكلام الجميل والرومانسي والشاعري، وتجاوز عن هفواتها البشرية، ولا تتعمد إهانتها أو إحراجها أو الإسراف في عتابها وأوجد لها مخارج تحفظ ماء وجهها أن تقطعت بها سبل الأعذار، وأشعرها بالحب القلبي في كلامك ولو مداراة لها وهو مطلوب بنص الحديث النبوي: دارها تعش بها ..ثم...ثم...راقب بعد ذلك مؤشر تغيرها السلوكي والشعوري والروحي والقلبي والنفسي تجاهك، وخجلها من إغضابك أو حتى الرد عليك وحرصها على طيب خاطرك.
إذن أين تكمن المشكلة؟ المشكلة أن الرجل عقلي والمرأة عاطفية؛ فالمرأة تحتاج لعقل الرجل في احتوائها، والرجل يحتاج لعاطفة المرأة للسكينة والهدوء فإن عجز الرجل أن يكون عقلا لزوجته فيكمل نقصان عقلها بعقله وان عجزت المرأة أن تكون عاطفة للرجل فتكمل نقصان عاطفته بعاطفتها وقع الخلل السلوكي في العلاقة بينهما. ثم...ثم... يؤثر هذا الخلل السلوكي من قبلهما على الرصيد الاستراتيجي من المودة والاحترام والتقدير والمحبة بينهما. فينزل هذا الرصيد الاستراتيجي من الحب إلى الاحترام ثم مع استمرار الخلل السلوكي وشدته ينزل الرصيد الاستراتيجي من الاحترام والتقدير إلى التغاضي والتحمل ثم ينزل إلى الضجر والسخط النفسي ثم ينزل الى الاعتراض القولي ثم الاعتراض الفعلي ثم الهجوم والهجوم المضاد ثم العناد النفسي ثم العناد السلوكي ثم التلذذ بالعناد ثم العداء القلبي وتغير القلوب ثم العداء الجهري السافر والتلذذ بأذى كل واحد لصاحبه ثم الحرب الشاملة.
أين أنت الآن؟
وكم تحتاج من الوقت لتعود أدراجك وتجتاز هذه الخطوات التي أوقعك فيها الشيطان وربما نفسك المغرورة وقد تكون على وشك خراب بيتك وصحتك النفسية والعقلية بسبب مهاوشات عابرة تطورت فأصبحت جبالا عالية؟
لا يزال الرجاء في العودة قائمًا؛ افتح صفحة جديدة وتنازل عن كبريائك وغرورك واختر أعلى المصالح وأدنى المفاسد ومارس فن التنازل لتبحر سفينتك من جديد بعدما تعطلت في عرض البحر وكل السفن عابرة ترمقك بالحسرة والاستهزاء والتوبيخ.
ابحر من جديد بسلام وضع يدك في يد شريك الحياة والابحار ...
قريبا بإذن الله، ترسو سفينتك ببر الأمان
فقط تذكر: (دارها تعش بها).
 
أعلى