العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

المذاهب الأربعة والمذهب الشافعي وقضية اتباع الدليل

إنضم
3 أبريل 2018
المشاركات
112
الإقامة
مكة المكرمة - حي العوالي
الجنس
ذكر
الكنية
أبو زيد
التخصص
شريعة إسلامية
الدولة
سورية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
شافعي
بسم الله الرحمن الرحيم :
اتسم المذهب الشافعي بقوة التأصيل منذ نشأة المذهب على يدي إمامه الأول " الإمام الشافعي " رحمه الله تعالى ، وقد كان عند الشافعي رحمه الله تعالى قوة الاستنباط التي يظهر فيها العمق و بعد الأفق إذ الاستنباط لديه مبني على بعد النظرة ، فها هو يستدل على حكم جواز كراء بيوت مكة و تأجيرها من استنطاق خفي لدليل لايعرض لقضية الاستئجار ، فقد استدل الشافعي رحمه الله على ذلك من حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم يوم الفتح : ( قالوا : يا رسولَ اللهِ انزِلْ في دارِك بمكَّةَ قال: ( وهل ترَك لنا عَقيلٌ مِن رِباعٍ أو دُورٍ ) فذهب الشافعي رضي الله عنه إلى ترتب آثار البيع ونحوها على هذه الدور وصحة انعقاد أحكام ما وقع عليه من نقل الملكية و منها الإيجار و الاسئجار .
وكان رحمه الله عند المناظرة في دليل نحو هذا الدليل لايعمل الرأي و العقل المجرد ، بل هو يعمل الفهم وسعة الإدراك وبعد الغور والسبر ، وكل ذلك كان في منظاراته لمحمد بن الحسن و إننا بمعرفة منهج الإمام الشافعي- رحمه الله- كأحد الأئمة المجتهدين المعروفين في استنباط الأحكام والاستدلال من كتاب الله- تعالى- كان أول عمله في الاستنباط هو الرجوع إلى المصدر الأول- القرآن الكريم- كأمر ملزم للفقيه والمفتي لتعرف حكم الله، ولضمان فهم النصوص الفهم الصحيح الذي يجب أن يسلك الفقيه والمفسر الطريق العلمي فيه ، وتتبع الضوابط الأصولية، لذا فقد كان منهج الشافعي يسير في الخط الصحيح من الرجوع إلى السنة النبوية وأقوال الصحابة والتابعين، وتحكيم اللغة، ومن ثم الاستنباط واستخدام الرأي بعد ذلك للوقوف علي أسرار القرآن الكريم ومعانيه وإشاراته وإيحاءاته، وكان في كل ذلك يتحرك ضمن الضوابط العلمية والقواعد المنهجية التي أعانته عن هذا الفهم والاستنباط، من علمه أسباب النزول، ومن اهتمامه بالناسخ والمنسوخ، ومن مراعاة سياق الآيات وتناسبها، ومن مراعاة حالات الخطاب من العموم والخصوص ومن معرفة أغراض التنزيل ومراعاة شروط التأويل، مما خلف لنا خطوطا عريضة للمنهج الصحيح في الاستنباط يستفيد منها الباحثون في تفسير النصوص الشرعية. و قد أثمر ذلك في كتاب عظيم هو (كتاب الرسالة ) الذي أسس لعلم الأصول ، ومن ثم نجد في طيات كتبه كما في كتاب الأم مسالك الاحتجاج و الاستدلال وحسن الرد و أدب المناظرة ، وبالحقيقة الجلية أصبح المذهب الشافعي متكاملاً منسجماً في كل مناح الاستنباط و الاستدلال و قوة الدليل و دقة التأصيل و التفريع ، ولذا ظهر في كثير من مراحل تاريخ المذهب فقهاء ومحدثون انتموا إلى المذهب وتابعوه فهذا العلم ابن حبان ، و ابن خزيمة و البيهقي يجلي ذلك في كتابه " معرفة السنن و الآثار " و بكل عصر كلل المحدثون فقه الشافعية بكتب الحديث و الدليل ، وفي مختلف عصور المذهب وحتى يومنا هذا و يتسم المذهب بسمة قوة الفقه والدليل ودقة التأصيل و الاتزان في سهولة العلم والتعليم ، لذا تجد طالب العلم على المذهب الشافعي يستطيع حفظ فروعه و جعلها تنساق في منطق جلي في أقل من سنوات ، ثم يجد في نفسه سرعة الاستيعاب و التطبيق المتناسق و المنسجم بمعرفة تشجير الأحكام وتفريعها من بعضها بعضا ، ففقه الصلاة و اطلاق مايسمى على أجزاء الصلاة من هيئات وعدم الإلزام في تركها أو نسيانها من طلب سجود سهو ، ولايقوم سجود السهو مكان ترك ركن ولا واجب خلافاً لغيرهم ، وجعل الجلوس للتشهد الأول هو سنة ، ويقوم سجود السهو بجبره دليل في غاية الاتساق على معرفة وزن الأحكام واتساقها ، و لا يساور طالب العلم في الفقه الشافعي على وقوع وصف الحق القائم بتطبيق أحكام الصلاة على هذا المنطق المستقيم السليم ، و لله الحمد الذي من علينا بفقهاء القرون الثلاثة الأول التي جعل الله من هؤلاء الفقهاء بهذه الصفات من التفرغ و العطاء و لاأظن بل أقطع جازماً بعدم وجود من يحمل صفاتهم بعد القرن السابع - و الله تعالى أعلم - فلا أجد ممن يزعمون بكشف أفاق الفقه بقولهم -مثلاً - على المسح على الجوربين الخفيفين الشفافين الذين يسهل نزعهما و لا وجه لقياس العمامة المحكنة أو الخف عليهما من أي باب من الأبواب ، يقول : والخلاصة أن الصحيح هو جواز المسح على الجوربين بأي وصف كان ..
و لايلتفت إلى قضية ( الاحتياط و الخروج من الخلاف في قول يجزم به ويخالف به جمهور فقهاء الأمة ، ودون احتياط لذمته ودينه و دون تورع في طلب الصحة في أهم عمل يلقى الله تعالى به .
و لعلي لا أبالغ إن قلت أن حكمة الله جل و علا في اختيار أمثالهم في حفظ كتاب الله ووعيه وفهمه ومعرفة القرآن وتأويله وقرب عهدهم من نورة النبوة و من كل مصدر من مصادر التشريع و علوم التفسير و أقوال الصحابة و آثار فقهاء المدينة ، و مختلف دعائم الإسلام كان مبرراً لجعلهم منارات اتباع عملي دقيق على المنهج الصحيح بجملتهم و صدق ابن رجب الحنبلي في تقديم اتباعهم على اتباع من سواهم ، وأسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يلهمنا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا ، ولله الحمد من قبل ومن بعد
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
أعلى