العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

الصدقة على إخوة الزوج

د. ياسر محمد جابر

:: مطـًـلع ::
إنضم
5 مارس 2023
المشاركات
119
الإقامة
قطر الدوحة
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عمار الرشيدي
التخصص
فقه وأصول
الدولة
قطر
المدينة
الدوحة
المذهب الفقهي
الحنبلي
٩٢. تقول: زوجي له شقيقان وكانوا مقيمين مع والدهم وتوفي وكان للأب معاش والجميع يصرف منه وبوفاة الأب انقطع المعاش، وهؤلاء الأخوة متزوجون، بس ما عندهم شغل لو انا ساعدتهم كل شهر بمبلغ للمعيشة حتى تتحسن ظروفهم فهل لي أجر وتحسب صدقه أم لا يجوز عليهم ذلك؟ والشيطان كان يراودني كثيرا بألا أفعل ذلك لأسباب عدة، ومن يعرف من المقربين يلومني على ذلك.
الجواب: الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله الصادق الأمين، وبعد؛
يقول الله تعالى: (وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين). سورة سبأ.
وقال تعالى: (وما تنفقوا من خير يوف إليكم وأنتم لا تظلمون) البقرة.
وهذه قاعدة تساعدك على الإخلاص وصفاء النية: قولي: إذا الفقير أو العاجز محتاج للمال في الدنيا؛ فأنا محتاجة للثواب في الآخرة. والحاجة في الآخرة أشد من الحاجة في الدنيا؛ لأن الدنيا قد يكون فيها العوض من أي مصدر آخر.لكن الآخرة ليس فيها عوض؛ فحاجتي لهم أشد من حاجتهم لي. الله يثبتك ويبعد عنك وسواس الحاسد وإرشاد الجاهل وتوجيه الحاقد.
هؤلاء لن يقبلوا بأن يعطوك حسنة واحدة ولا ربع حسنة، وفي نفس الوقت يحرضوك ضد نفسك بألا تدخري حسنة تنفعك، وهذا هو الفرق بين البخيل والشحيح: الأول يبخل بماله، والثاني يبخل بمال غيره.
وإليك هذه القصة المؤثرة: روي أنَّ عبد الله بن جعفر بن أبي طالب كان لا يبلغ مسلم مبلغه في الجود، فعاتبه أحدهم قائلا ألا ادخرت ذلك لأبنائك؛ فقال:‏ إنَّ الله عوَّدني عادة، وعوَّدْتُ الناسَ عادة: عودني الله الرزق؛ فعودت عباده الصدقة والنفق. فأخاف أن أقطع عادتي عن عباده فيقطع الله عادته عني.
الإنسان قد يكون قوي لكن عاجز غير قادر لانقطاع الأسباب عنه؛ فيحتاج للمساعدة؛ فأنت هنا تقدمي مساعدة للظرف الواقعي الحساس، وطالما لا يملكون عملا يقتاتون منه ويعيشون منه فهم من مستحقي الصدقة والزكاة، ولو كانوا أقوى أهل الأرض، م أنت بذلك ستر وغطى عليهم من أن ينكشفوا للمجتمع، والأقربون أولى بالمعروف، وهؤلاء أقارب لك من جهة مصاهرة زوجك.
فأنت تفعلي فعلا عظيما ونبيلا جداً، وستلاحظين إن شاء الله عاقبة إحسانك لهم في حياتك وأسرتك:
روح وبركة وسعادة وطمأنينة وقلة مرض ومصاريف أقل...الخ.
والسر في عظمة تصرفك ليست مجرد الصدقة لأنه يمكنك التصدق على أي أحد في أي وقت أو في أي مكان. عظمة تصرفك في ستر هؤلاء ورفع الحرج عنهم أمام مجتمع قد لا يرحمهم، ورفع الألم النفسي المفاجئ بموت والدهم ووقوعهم في الحاجة. هذا الألم لا يعرفه من البشر إلا من ذاق طعمه، ومن ستر مسلما في الدنيا ستره الله يوم القيامة. عظيم أن تنقذي إنسان لا يجيد السباحة من الغرق في النهر، والأعظم أن تمنعيه من نزول النهر. والذي عليك فعله الآن: إما إخراج الزكاة أو الصدقة التطوعية:
أولاً: إذا عندك مال بلغ النصاب وحال عليه الحول فيمكنك أن تعطيهم من زكاة هذا المال بنية إخراج الزكاة.
ثانيا: إذا عندك مال عادي أقل من نصاب الزكاة يمكنك تعطيهم صدقة ولا يشترط فيها الاستحقاق، بنية الصدقة أو الهبة.
وفي الحالتين: نية الزكاة أو نية الصدقة لك أجر عظيم عند الله، وأجرك مضاعف مرتين إن شاء الله،
مرة للمال، ومرة للصلة: صلة القرابة من جهة المصاهرة. وفي أبيات تنسب للإمام الشافعي:
ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﻣﺎ ﺩﺍﻡ ﺍﻟﻮﻓﺎﺀ ﺑﻬﻢ
ﻭﺍﻟﻌﺴﺮ ﻭﺍﻟﻴﺴﺮ ﺃﻭﻗﺎﺕ ﻭﺳﺎﻋﺎﺕُ
ﻭﺃﻛﺮﻡ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻮﺭﻯ ﺭﺟﻞٌ
ﺗُﻘﻀﻰ ﻋﻠﻰ ﻳﺪﻩ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﺣﺎﺟﺎﺕُ
ﻻ ﺗﻘﻄﻌﻦ ﻳﺪ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻋﻦ ﺃﺣــﺪٍ
ﻣـﺎ ﺩﻣـﺖ ﺗـﻘﺪﺭ ﻭﺍﻷﻳـﺎﻡ ﺗـــﺎﺭﺍﺕُ
ﻭﺍﺫﻛﺮ ﻓﻀﻴﻠﺔ ﺻﻨﻊ ﺍﻟﻠﻪ ﺇﺫ ﺟُﻌﻠﺖ
ﺇﻟﻴﻚ ﻻ ﻟﻚ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺣﺎﺟـــﺎﺕُ
ﻗﺪ ﻣﺎﺕ ﻗﻮﻡ ﻭﻣﺎ ﻣــﺎﺗﺖ ﻓﻀﺎﺋﻠﻬﻢ
ﻭﻋﺎﺵ ﻗﻮﻡ ﻭﻫﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﻣﻮﺍﺕُ.
هذا والله أعلم.
 
أعلى