العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

فاقد الوعي في رمضان

انضم
5 مارس 2023
المشاركات
240
الإقامة
قطر الدوحة
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عمار الرشيدي
التخصص
فقه وأصول
الدولة
قطر
المدينة
الدوحة
المذهب الفقهي
الحنبلي
٢٩. ما حكم رجل فاقد للوعي منذ سنة لا يدري شيئا، ونائم في المستشفى تحت الإشراف الطبي، ودخل عليه رمضان وهو على هذا الحال، ولا يدري الأطباء متى يفيق فهل عليه كفارة أو ماذا؟
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد؛
فالراجح في هذه المسألة بعد النظر في الأدلة أن هذا المريض غير مكلف بصيام شهر رمضان الذي دخل عليه وهو فاقد للوعي والعقل، لأن العقل من شروط التكليف، وهذا مرفوع عنه، القلم، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها. وفي المسألة اجتهاد آخر للعلماء أن المرض لا يسقط عنه التكليف وأنه يترك حتى يفيق فإن فاق قضى ما فاته إن استطاع، وإن لم يستطع فعليه فدية طعام مسكين عن كل يوم لم يصمه.
وإن مات وهو فاقد للوعي فليس عليه شيء، ولا على ورثته: لا قضاء ولا فدية.
والذي أراه راجحاً أن فاقد الوعي بهذا الوصف المذكور في السؤال هو شخص غير عاقل وغير مكلف بالتكاليف الشرعية التي تسري على المسلمين أثناء فقده لوعيه، وبالتالي فإن أفاق بعد زمن فليس عليه قضاء حال القدرة، ولا فدية حال العجز عن الصيام ويصبح مكلفا بالتكاليف الشرعية الواقعة عليه من ساعة إفاقته وعودة عقله له فيبدأ العمل بها كغيره من المكلفين القادرين وهذا من واقع النصوص الشرعية. أما من يقول بأنه مريض، والمريض يقضي عدة من أيام أخر، فالجواب عليه أن العبرة ليست بأحاد النصوص الشرعية، ولكن العبرة بمجموع النصوص والنصوص في هذه المسألة نصان: نص ينص على قضاء المريض عدة من أيام أخر كما في سورة البقرة في قوله تعالى: (فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين).
يطيقونه: أي لا يستطيعون قضاءه صوماً.
والنص الثاني: قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح رفع القلم عن ثلاث منها: المجنون حتى يفيق. فقدان العقل.
والعلة في الجنون هي. والعلة في فقدان الوعي بالوصف المذكور هي فقدان العقل أيضا. فيلحق به الحكم قياسا.
ومن مجموع النصين يعرف أنه مريض بمرض أفقده عقله، أي أفقده شرطا من شروط التكليف، فلا يقتصر في الحكم الشرعي على كونه مريضاً، بل يمتد الحكم الشرعي لكونه غير عاقل وقد أجمع علماء السلف والخلف على اشتراط العقل للتكليف بالعبادات من صلاة وصيام وحج وغيرها. أما أن يكون فقدان الوعي جزئيا خلال النهار ويفيق فنهار رمضان عبادة واحدة ومتى أفاق لزمه التكليف. هذا اجتهادي الذي أدين به وأرى أن النصوص الشرعية تؤيده، وهي أثبت الأدلة العقلية التي يستشهد بها الرأي الآخر. من وقد قال الحسن البصري والإمام بن باز رحمهما الله تعالى وآخرون بأن فاقد الوعي هو فاقد للعقل غير مكلف. والله تعالى أعلى وأعلم.
 
أعلى