العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

قرائن السلوك غير المباشر

إنضم
5 مارس 2023
المشاركات
212
الإقامة
قطر الدوحة
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عمار الرشيدي
التخصص
فقه وأصول
الدولة
قطر
المدينة
الدوحة
المذهب الفقهي
الحنبلي
١٥٤. أرى سلوكيات ملتوية من بعض الناس وفيها لف ودوران، وأنا إنسان مباشر في أفعالي ولا أستطيع مجاراة هؤلاء ونفسيتي تتأثر، فماذا أفعل؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد؛
فينقسم السلوك الاجتماعي إلى سلوك مباشر، وسلوك غير مباشر:
فأما المباشر: فلا يحتاج إلى تأويل ولا إلى كثير فهم، ويكون مقروءا بسهولة، ويمكن تحديد ردَّات الفعل الاجتماعية عليه بالمثل، وبأخصر الطرق.
لكن في بعض الأحيان يُعاب على هذا السلوك خلوه من بعض التجمل والتلطف، فهو سلوك واقعي برجماتي عملي، قد يتضمن شيئا من المصادمة والقوة والقسوة والإحراج.
فالسلوك المصادم سلوك غير طبيعي وإن كان مفهوما، لخلوه من اللطف، الذي يجب أن يتحلى به الإنسان كإنسان عاقل مميز صاحب ذوق وأسلوب راقٍ، وقد يكون السبب في هذه التصادمية، صفات وراثية، أو سوء في التربية، أو حدة في الطبع، أو اكتسب ذلك من المحيط المجتمعي، كالحدة الغالبة على كثير من أهل البدو والريف، وغلبة الاندفاع والمباشرة لردة الفعل دون تمهل أو تروٍ.
والقسم الثاني من السلوك الاجتماعي هو السلوك غير المباشر:
وهذا يحتاج إلى بصيرة أكبر وفهم أعمق وتأويل وتفسير، ولكي يستطيع أحدنا أن يستبصر المقاصد من السلوكيات غير المباشرة يحتاج للنظر في القرائن المحتفة بالسلوك، ليستدل من خلالها على المقصود.
ونحن نهينا عن سوء الظن وأمرنا بتقديم حسن الظن، لكن إذا احتفت بالسلوك قرائن تؤدي بنا لسوء الظن، فمن الصحيح أن نسيء الظن دفعا للضرر المحتمل، الذي تؤيده القرائن، ويكون حسن الظن أقرب إلى السطحية منه إلى إعمال الإيمانيات والعقليات، ودفع الضرر مقدم على جلب المصلحة.
فمن يطلب منك قرضا دون كتابة ولا شهود ولا اتفاق على تاريخ سداد، نقول: هذه قرائن قد تنبئ بعدم السداد، ومن طلب منك قرضا واثنين وثلاثة قبل سداد ما قبله، فهذه قرينة على الاستغلال والاستغفال.
ومن صنعت له معروفا، وكلما زدته كلما طلب المزيد، فهذه قرينة على الطمع والاستغلال، استغلال خلق الكرم عندك.
قال أحدهم:
لي صديق يرى حقوقي عليه نافلات
وحقه كان على فرضا
إن قطعت له الأرض طولا ثم من
بعد طولها قطعتها عرضا
لرأى ما فعلت غير كثير ولاشتهى
أن أزيد في الأرض أرضا
وقال آخر:
إن أنت أكرمت الكريم ملكته
وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا
تمرد بالطمع وطلب الزيادة، وإن منعته عاداك وتوعدك أو هجرك أو هددك، أو خاصمك وأفشى سرك وكفر معروفك.
وكلما كان السلوك مباشرا كان أبعد عن التأويل، وكلما كان محتفًا بالقرائن المنبئة عن معنى في عمق صاحبه، كأن أدعى لإعمال الفراسة والكياسة.
والله أعلم.
 
أعلى