د. ياسر محمد جابر
:: مشارك ::
- انضم
- 5 مارس 2023
- المشاركات
- 240
- الإقامة
- قطر الدوحة
- الجنس
- ذكر
- الكنية
- أبو عمار الرشيدي
- التخصص
- فقه وأصول
- الدولة
- قطر
- المدينة
- الدوحة
- المذهب الفقهي
- الحنبلي
١٧٢. بعض الشباب والفتيات إذا خرجوا من بلدانهم إلى بلاد غريبة، تحرروا من العادات والعبادات والأحكام الشرعية، وربما وقعوا في المنكرات؛ فهل من كلمة موجهة لهؤلاء؟!
الجواب: الحمد لله والصلاة على رسول الله، وبعد؛
فهذا الموصوف في السؤال هو ما أسميه بالتدين الاجتماعي، وهو مصطلح أعني به التزام الانسان بأحكام المجتمع، وتقاليده، وعاداته، لكنني هنا أقصد به خصوصية زائدة في المعنى، أن تتفق تقاليد المجتمع مع الدين السماوي، دين الإسلام، فيستقر في ذهن الشخص أنه متدين سماويًا، لا اجتماعيًا، ويراه الآخرون في سلوكه، ومظهره، على هذا النحو، ويحسبون تدينه تدينًا سماويًا، والفرق كبير، لأن التدين السماوي يصاحبك في كل مكان، ويخلق حالة من الاستقرار السلوكي المصاحبة برقابة ذاتية لا تتغير بتغير الأزمنة، والأمكنة، فإن كنت في الشرق، أو في الغرب، بين من يعينك على الالتزام، أو بين من يستبيح المحرمات، فالأمر واحد، والسلوك واحد، مع التفاوت في المجاهدة للنفس، والفكر، والهوى.
أما التدين الاجتماعي فهو مرتبط بالمجتمع؛ فإذا ما انفك الشخص عن مجتمعه، بنحو نقل، أو سفر مثلًا، تملكته رغبة جامحة، ملحة في الانسلاخ السريع من تدينه ذلك، وتعويض النفس عما فاتها؛ ذلك أن الرقيب هنا قد غاب، وفرق كبير بين رقيب يغيب، ورقيب لا يغيب. من هنا فكثير من المتدينين يصابون بانتكاسات عندما ينتقلون من مجتمعاتهم، ولا يجدون لذلك تفسيرًا، لكن تفسير ذلك من الوضوح بمكان؛ فهو إما انتكاسة في التدين السماوي لغلبة الهوى، وإما انتكاسة في التدين الاجتماعي لغياب الرقيب المتسلط، والتفسير الثاني له الغلبة في ذلك، وعليه؛ فمن المهم أن ينظر كل منا في مرآة ذاته الملتزمة، أو المتدينة، ويبحث في سلوكه، وفكره، هل هما يصدران عن تدين سماوي؟ أم تدين اجتماعي؟
ولكي يساعد نفسه على الجواب؛ يتخيل أنه وضُع في مجتمع مناقض تماما لمجتمعه الحالي؛ هل سيبقى على ذاته بما فيها كما هي دون تغير، ويتمسك، ويتشبث، ويستعصم بما كان عليه من الحق، والفطرة، والالتزام والتدين، أم سيجد هواه مشتاقًا للتحرر، والانطلاق، والسباحة مع التيار.
والأسوأ من ذلك هو التحرر من العبادات والعادات داخل البلد أو المجتمع الذي نشأ فيه؛ فمع انبطاح الناس تحت عجلات التقاليد المستحدثة؛ بل والمستوردة، صاروا يسفهون كثيرًا من أمور الدين، وينعتونها بأنها أمور تافهة لا تستحق أن تشغل البال، والوقت، ويفتحون صدورهم مرحبين بكل شاردة، وواردة، وشاذة، وتافهة، من عادات وتقاليد الأمم الأخرى؛ حتى الكافرة منها، فسفهوا اللحية، وتقصير الثوب إلى الكعبين، والشرب ثلاثًا، والشرب جالسًا، والتيمن في الأكل، والشراب، والملبس، وصَبغ الشيب بغير السواد...الخ، وهي أمور منصوص عليها شرعًا، ودينًا في الآداب، والسلوكيات، وتبين فيها كثير من أوجه الحكمة والفوائد. وفي المقابل فرحوا، ورحبوا، واحتفلوا، واحتفوا، بقزع الشعرِ، وتقاليع الغربِ، والملابس المقطعة، والتبرج والتخنث، والماركات، والموضات، والرقصات؛ فأي جيل، أو أجيال تلك التي تصف أمورًا من دينها بالتوافه؛ فتردها لترتمي في وحل أتفه التوافه، وأقبح القبائح. أنرد الفاضل بالمفضول؟! والأعلى بالأدنى؟! والرباني بالمهترئ الساقط؟! فإلى أي حال آل الناس؟! وكيف خاب بهم القياس؟! نسأل الله السلامة والعافية وحسن الخاتمة.
			
			الجواب: الحمد لله والصلاة على رسول الله، وبعد؛
فهذا الموصوف في السؤال هو ما أسميه بالتدين الاجتماعي، وهو مصطلح أعني به التزام الانسان بأحكام المجتمع، وتقاليده، وعاداته، لكنني هنا أقصد به خصوصية زائدة في المعنى، أن تتفق تقاليد المجتمع مع الدين السماوي، دين الإسلام، فيستقر في ذهن الشخص أنه متدين سماويًا، لا اجتماعيًا، ويراه الآخرون في سلوكه، ومظهره، على هذا النحو، ويحسبون تدينه تدينًا سماويًا، والفرق كبير، لأن التدين السماوي يصاحبك في كل مكان، ويخلق حالة من الاستقرار السلوكي المصاحبة برقابة ذاتية لا تتغير بتغير الأزمنة، والأمكنة، فإن كنت في الشرق، أو في الغرب، بين من يعينك على الالتزام، أو بين من يستبيح المحرمات، فالأمر واحد، والسلوك واحد، مع التفاوت في المجاهدة للنفس، والفكر، والهوى.
أما التدين الاجتماعي فهو مرتبط بالمجتمع؛ فإذا ما انفك الشخص عن مجتمعه، بنحو نقل، أو سفر مثلًا، تملكته رغبة جامحة، ملحة في الانسلاخ السريع من تدينه ذلك، وتعويض النفس عما فاتها؛ ذلك أن الرقيب هنا قد غاب، وفرق كبير بين رقيب يغيب، ورقيب لا يغيب. من هنا فكثير من المتدينين يصابون بانتكاسات عندما ينتقلون من مجتمعاتهم، ولا يجدون لذلك تفسيرًا، لكن تفسير ذلك من الوضوح بمكان؛ فهو إما انتكاسة في التدين السماوي لغلبة الهوى، وإما انتكاسة في التدين الاجتماعي لغياب الرقيب المتسلط، والتفسير الثاني له الغلبة في ذلك، وعليه؛ فمن المهم أن ينظر كل منا في مرآة ذاته الملتزمة، أو المتدينة، ويبحث في سلوكه، وفكره، هل هما يصدران عن تدين سماوي؟ أم تدين اجتماعي؟
ولكي يساعد نفسه على الجواب؛ يتخيل أنه وضُع في مجتمع مناقض تماما لمجتمعه الحالي؛ هل سيبقى على ذاته بما فيها كما هي دون تغير، ويتمسك، ويتشبث، ويستعصم بما كان عليه من الحق، والفطرة، والالتزام والتدين، أم سيجد هواه مشتاقًا للتحرر، والانطلاق، والسباحة مع التيار.
والأسوأ من ذلك هو التحرر من العبادات والعادات داخل البلد أو المجتمع الذي نشأ فيه؛ فمع انبطاح الناس تحت عجلات التقاليد المستحدثة؛ بل والمستوردة، صاروا يسفهون كثيرًا من أمور الدين، وينعتونها بأنها أمور تافهة لا تستحق أن تشغل البال، والوقت، ويفتحون صدورهم مرحبين بكل شاردة، وواردة، وشاذة، وتافهة، من عادات وتقاليد الأمم الأخرى؛ حتى الكافرة منها، فسفهوا اللحية، وتقصير الثوب إلى الكعبين، والشرب ثلاثًا، والشرب جالسًا، والتيمن في الأكل، والشراب، والملبس، وصَبغ الشيب بغير السواد...الخ، وهي أمور منصوص عليها شرعًا، ودينًا في الآداب، والسلوكيات، وتبين فيها كثير من أوجه الحكمة والفوائد. وفي المقابل فرحوا، ورحبوا، واحتفلوا، واحتفوا، بقزع الشعرِ، وتقاليع الغربِ، والملابس المقطعة، والتبرج والتخنث، والماركات، والموضات، والرقصات؛ فأي جيل، أو أجيال تلك التي تصف أمورًا من دينها بالتوافه؛ فتردها لترتمي في وحل أتفه التوافه، وأقبح القبائح. أنرد الفاضل بالمفضول؟! والأعلى بالأدنى؟! والرباني بالمهترئ الساقط؟! فإلى أي حال آل الناس؟! وكيف خاب بهم القياس؟! نسأل الله السلامة والعافية وحسن الخاتمة.
 
				
 
		