العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

السعادة بعد الستين

انضم
5 مارس 2023
المشاركات
240
الإقامة
قطر الدوحة
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عمار الرشيدي
التخصص
فقه وأصول
الدولة
قطر
المدينة
الدوحة
المذهب الفقهي
الحنبلي
١٧٤. هل من مقترحات للسعادة بعد الستين والخروج للمعاش؟
الجواب: الحمد لله والصلاة على رسول الله، وبعد؛
فالسعادة الحقيقية، تكون بعد أن يتحرر الإنسان من قيود، وروتين العمل، والتخلص من أعباء الحياة الكثيرة، فيقبل على الحياة بصورة أكثر شبابًا وحيوية، فالخبراء يسمون هذه المرحلة: "ربيع العمر الحقيقي"، وهي فرصة للإنسان لالتقاط الأنفاس، فيجد الوقت والمتسع لإنجاز أحلامه، والتواصل مع الأهل، والأصدقاء، والتفرغ لهواياته، ويكتشف نفسه بعد تأمل الإمكانات الداخلية التي ضاعت في خضم المسؤوليات الكثيرة.
ومن أفضل العبادات في الإسلام، عبادة التأمل، قال تعالى: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (164) البقرة. لكن التأمل يحتاج غالبًا إلى صفاء ذهني، وإيمان قلبي، وأفضل ذلك ما يكون بعد الستين، وهذا التأمل بإمكانه أن يثمر ما يسمى ب (علم التنظير)، فيقوم بتنظير المواقف؛ أي كتابة المواقف العملية على شكل نظريات فلسفية، فيسترجع بأثر رجعي المواقف التي مرت به في حياته، ويتأملها.
ويتأمل أهم الروابط التي تحكمها، ويخرج من ذلك بقوانين نظرية، تأملية، فلسفية، تترجم وجهة نظره الخاصة في الحياة، وقناعاته الذاتية في البشر، والطبيعة، والكون. وهذه من أذكى الرياضات العقلية، والفكرية التي تجلب سعادة لصاحبها لم يمر بها من قبل، وسيكون من عميم الفائدة أن يشاركها مع أصدقائه على مواقع التواصل مثل الفيس، (وتويتر)، (والواتس)، وغيرها.
ويمكن للإنسان بعد الستين أن يضع لنفسه برنامجًا متنوعًا كالآتي:
أ - حفظ ولو ربع أو نصف صفحة أو صفحة كاملة يوميًا من القرآن في وقت محدد يجلسه في المسجد أو البيت، والأفضل من بعد الفجر، إلى شروق الشمس، ثم صلاة ركعتين بعد الشروق بربع ساعة، مع أذكار الصباح؛ فيكون قد حفظ قرآنًا، وقال الأذكار، وحصل على حجة، وعمرة تامة، تامة، تامة كما في صحيح الحديث. أو بعد العصر إلى المغرب.
ب - التأليف، وكتابة الذكريات الإيجابية، في شكل دروس، وعبر للأجيال للاستفادة من الخبرات المتراكمة وتفادي الأخطاء المستجدة.
ج - تخصيص أجندة كبيرة بعنوان (رحيق الكتب والقراءات)، فيقرأ كتابًا، ويتصيد منه أهم ما فيه، أو المعلومات الجديدة، سيما كتب التفسير، وعلوم القرآن، ومختصرات الفقه، والسير، وفيها متعة عجيبة. وقد أنشد أحمد شوقي:
أنا من بدل بالكتب الصحابَ لم أجد وافيًا مثل الكتابَ
صـــــــــــاحب إن عبته أو لم تعب ليس بواجدٍ عليك عتابًا
وعلقها على بابه؛ ففهم الناس فكفوا عن زيارته، وتضييع أوقاته في غير فائدة.
د - العمل التطوعي الخيري، مثل إعطاء دروس، أو محاضرات، أو ندوات تطوعية، تثقيفية، ولو في مكان العمل السابق، محتسبًا الثواب من الله تعالى، ثم التواصل مع الأجيال، وتلقيح العقول، والأفكار.
ر - الاهتمام بكتب السيرة، والقصص؛ مثل قصص الأنبياء، لابن كثير، أو صحيح قصص الأنبياء، وسيرة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، والصحابة، مثل كتاب رجال حول الرسول لخالد محمد خالد، وصور من حياة الصحابة لرأفت عبد الرحمن باشا، وله كذلك صور من حياة التابعين...الخ.
ز - ممارسة مشروع حياتي ولو مادي يكون قريب من التخصص، فمثلًا لو كان معلمًا فيناسبه مكتبة، أو التعليم عن بعد، أو دروس خاصة مدعمة. ولو كان اجتماعيًا فيناسبه مكتب استشارات اجتماعية أو أسرية.
ه - الاجتهاد في تعويض ما فات من العبادات، والختمات، والتلاوات، وصلة الأرحام، والأقارب.
ن - العمل في القضاء العرفي؛ سيما لو كان الشخص خلوقًا، وله كاريزما ومحبة وقبول، فبإمكانه أن يصلح افرادًا، وجماعات، وبيوتًا، وعائلات، وهذا أثقل في الميزان عند الله من الصلاة، والصيام، والقيام.
و - الاجتهاد في استكمال أركان الإسلام الخمسة ومنها الحج، والعمرة، بقدر المستطاع؛ ليقابل الله وقد جمعها جميعا.
ي - يحرص أن يبدأ يومه بالقرآن، ويختمه بالقرآن، وتكون له ختمة على الأقل كل شهر هجري. فيختم ١٢ مرة في العام.
 
أعلى