العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

كتابتنا مرآة زمن مضى؛ حيث لم نعد نشبه سطورنا الأولى؟!

انضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,687
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
كتابتنا مرآة زمن مضى؛ حيث لم نعد نشبه سطورنا الأولى؟!؛ فأحيانًا نعود إلى نصوصٍ كتبناها قبل أعوام، لكننَّنا نقرؤها بعين اليوم، بعقلٍ تغيَّر، وبروحٍ لم تعد تشبه تلك التي كتبت؛ فنندهش، ونبتسم بذهول، أو نتفكَّر بحيرة، أو ننظر إليها كأنها صادرة عن شخصٍ لا نكاد نعرفه.
كيف كتبنا ذلك؟!.
ما الذي ألهمنا تلك العبارات؟!.
ولماذا تبدو الكلمات مألوفة وغريبة في آنٍ واحد؟.
إنَّها ليست مجرَّد دهشة أسلوب، بل دهشة وجود: هل أنا الذي كتب هذا؟!، أم كنتُ حينها شخصًا آخر؟!.

هذه التَّجربة التي يعيشها كثير من الكتَّاب والمفكِّرين والأدباء، بل حتَّى عامَّة النَّاس؛ ممَّن خاضوا رحلة التَّعبير والكتابة، ليست ظاهرة طارئة، بل هي انعكاس طبيعي لحقيقة كبرى: أَنَّ النَّفس الإنسانيَّة ليست ساكنة، وأَنَّ الكتابة ليست فعلًا حياديًّا، بل لحظة زمنيَّة، ومزاجًا عابرًا، وروحًا تمشي على الورق.
في هذا الموضوع، نُفتِّش في تلك اللَّحظات، ونتتبَّع خيوط التَّحوُّل النَّفسي والبلاغي والذَّوقي؛ التي تجعلنا غرباء عن أنفسنا القديمة!!، وفي الوقت نفسه تمنحنا احترامًا غريبًا لها.
ما أشير إليه هو من الأمور الدَّقيقة والعميقة التي تمرُّ على كثير من الكُتَّاب والمفكِّرين والعلماء، بل وحتَّى على عامَّة النَّاس حين يرجعون إلى ما كتبوه أو قالوه في وقت سابق -سواء قبل عشرين سنة أو حتَّى عشر سنوات- فيجدون في أنفسهم دهشة، وربَّما استغرابًا، وكأنَّ الكاتب آنذاك ليس هو ذاته اليوم!!؛ وما ذاك إِلَّا لأَنَّ هذا الشعور يتصل بأبعاد نفسيَّة، ومعرفيَّة، وزمانيَّة، ويستحقُّ تحليلًا مفصَّلًا، وهو ما يستكشفه هذه الموضوع من نواحٍ عدَّة:

أَوَّلًا: الاختلاف في النَّفس وحالاتها عبر الزَّمن:
الإنسان ليس كتلة واحدة مستقرَّة، بل هو متغيِّر في طبيعته وتجاربه وحالاته الشُّعوريَّة والعقليَّة؛ تتغيَّر نفسيَّته، ويتبدَّل مزاجه، ويعلو وينخفض نشاطه الذِّهني والرُّوحي، وهذا ينعكس بالضَّرورة على ما يكتبه أو يعبِّر عنه.
وقد أشار الإمام الفقيه شهاب الدِّين القرافي (626-684هـ) في شرحه لمحصول الإمام الرَّازي عند شرحه لإحدى عباراته؛ حيث قال: "هذه العبارة من أشكل عبارات الكتاب، وقد حصل فيها عدم إبانة عن المقصود، والمصنِّفون لنفوسهم أحوال من القبض والبسط، بحسب عوارض الدُّنيا، ففي وقت البسط تكون عباراتهم في غاية الكمال اللَّائق بهم، وفي وقت القبض تُشوَّش، ومن اعتبر الكتب: وجد فيها ذلك كثيرًا في جميع الفنون، حتى كأَنَّ المتكلِّم في العبارة الثَّانية غير المتكلِّم في العبارة الأولى قطعًا".
ففي إشارة الإمام القرافيُّ لفتةٌ إلى هذه المسألة بدقَّة حين قال إن "للمصنِّفين لأنفسهم أحوالاً من القبض والبسط"، أي أَنَّ لحالات النَّفس من الانشراح والانقباض أثرًا بالغًا في الوضوح والبلاغة أو العُسر والغموض.
وقد يُكتب النَّصُّ في لحظة تجلٍّ ذهني، وارتقاء نفسي، فيأتي بليغًا ومؤثرًا، ثُمَّ يمرُّ الكاتب في لحظة لاحقة بفتور أو انشغال أو تغيُّر في الذَّوق فلا يستطيع أن يكرِّر ذلك المستوى، بل وقد لا تلين له العبارات، أو لا تسعفه كما كان عليه من قبل.


ثانيًا: تطوُّر الذَّائقة والأسلوب وتبدُّل المصادر:
من أسباب هذا الانفصال الشُّعوري عند قراءة كتابات قديمة للفرد ذاته، أَنَّ ذائقته اللُّغوية قد تطوَّرت، أو تغيَّرت، أو استقرَّت على أسلوب مختلف.
فقد يكون الكاتب في شبابه مولعًا بالأساليب البلاغيَّة، والاستطرادات الشَّهيَّة، والتَّشبيهات، ثُمَّ إذا كبر وازداد نضجًا، صار يفضِّل الإيجاز، ويجنح نحو الوضوح والمباشرة.
فحين يقرأ ما كتبه قديمًا، قد يعجب به إعجابًا موضوعيًّا، لكنَّه لا يشعر أَنَّه يمثِّله اليوم، وهذا حقيقي؛ لأَنَّه فعليًّا تغيَّر، ولم يعد هو ذلك الشَّخص نفسه، لا في ذائقته أو أسلوبه، ولا حتَّى أهدافه من الكتابة.


ثالثًا: ذاكرة الإبداع وحالة الانفصال الزَّمني:
الإبداع لا يُخزَّن في الذَّاكرة كما تُخزَّن المعلومات؛ فقد يُنتج الإنسان نصًّا راقيًا، ثُمَّ لا يذكر كيف خطَّه، ولا يقدر على استعادته بذات الإحساس، وحين يقرأه بعد سنوات، يشعر أَنَّه صادر عن آخر؛ ليس بالضَّرورة لضعف في الذَّاكرة، بل لأَنَّ حالة الإبداع لا يمكن استحضارها بمجرَّد التَّذكُّر؛ ولهذا قال الإمام القرافيُّ: "حتَّى كأَنَّ المتكلِّم في العبارة الثَّانية غير المتكلِّم في العبارة الأولى قطعًا"!!.

رابعًا: موقع الزَّمان من النَّفس الإنسانيَّة:
النُّصوص جزءٌ من الزَّمن الذي كُتبت فيه؛ فكلُّ جملة فيها أثرٌ من وقتها؛ ما كان يشغل الكاتب حينها، وما الذي آلمه أو أبهجه، وما الأحداث التي كانت تدور في محيطه؟!.
وحين يقرأ الكاتب نصَّه القديم، لا يقرأ بعين الماضي، بل بعين اليوم، وقد تغيَّر كلُّ شيء، فتبدو له الكلمات كأَنَّها من غريب لا يعرفه، أو كأَنَّه يحاول فهم شخصٍ آخر.


خامسًا: الطُّمأنينة لمستوى سابق مقابل الحيرة من مستوى حالي:
ومن عجيب الأمر أن بعض الكتَّاب يشعرون أَنَّ ما كتبوه قديمًا كان أبلغ وأقوى من قدرتهم الحاليَّة.
فيتساءلون: كيف كتبتُ هذا؟!.
وهذا شائع، ولا يدلُّ بالضَّرورة على تراجع المستوى، بل على تغيُّر في التَّوجُّه أو في الشُّعور، أو حتَّى على مزيد من النَّقد الذَّاتي الذي يُضعف الثِّقة أحيانًا، على خلاف أيَّام الشَّباب التي قد يُكتب فيها النَّصُّ بدافع من الثَّقة والاندفاع والإلهام.


خلاصة مركَّزة:
• الإنسان يتغَّير في نفسه وذائقته وأسلوبه؛ لذلك قد لا يشعر بصلته المباشرة بنصوصه القديمة.
• الإبداع لحظة متوهِّجة لا يمكن استعادتها بسهولة؛ ولذلك قد تبهرك كتاباتك القديمة.
• حالات النَّفس بسطًا وقبضًا تؤثِّر بشدَّة على مستوى التَّعبير والوضوح.
• تطوُّر الذَّوق لا يعني دائمًا تحسُّنه؛ لكنَّه قد يجعل الكاتب لا ينجذب لأسلوبه القديم وإن كان بليغًا.


ربط الفكرة بأمثلة واقعيَّة:
سأعرض لك الآن بعض الأمثلة الواقعيَّة من كتابات أدباء وعلماء عايشوا هذه الظَّاهرة، ونصوصًا تدلُّ على الانفصال بين ما كتبوه في زمن سابق، وما صاروا إليه من ذوق أو مزاج أو إدراك لاحقًا، بما يعزِّز المعنى الذي تحدثنا عنه؛ وإليك هذه الأمثلة:

1. الجاحظ (ت:255هـ):
رغم أنه من كبار البلغاء، فقد قال عن بعض كتاباته: "وقد أكتب الكتاب في الأيام الكثيرة، وأُعيده مرارًا، ثم أُعرض عنه كأنِّي لم أكتب شيئًا!!".
تعليق:
هذه العبارة تكشف عن شعور بعدم الاتِّصال بالنتاج القديم، حتَّى لو قضى فيه وقتًا وجهدًا، وهذا يدلُّ على أَنَّ النَّفس تتغيَّر، وأَنَّ الكاتب قد لا يرضى عن نصٍ سابق رغم جودته؛ لأَنَّه لم يعد يعكس حاله أو ذائقته الآن.


2. أبو حامد الغزالي (ت:505هـ):
في مقدمة كتابه: "المنقذ من الضَّلال"، قال عن نفسه بعد أن تغيَّرت أحواله، وتحوَّل من الفلسفة إلى التَّصوُّف: "ثُمَّ إِنِّي لمَّا فرغت من هذه العلوم، أقبلت بهمَّتي على طريقة الصُّوفيَّة، فوجدتُها أكمل الطرائق".
تعليق:
الإمام الغزالي يصرِّح بتغيُّره الدَّاخلي والعلمي، ما يعني أَنَّ ما كتبه سابقًا، لم يعد يعبِّر عن حاله الذي آل إليه، بل قد يرى أَنَّه كان ناقصًا أو غير مكتمل؛ هذه نقلة فكريَّة جعلته يرى نفسه الماضية وكأَنَّها نسخة أخرى من ذاته.


3. عبَّاس محمود العقَّاد (1889-1964م):
قال في بعض مقالاته المتأخِّرة، حين عاد لقراءة ديوان قديم له: "كأَنَّ الذي كتبه شخص غيري، فأنا أذكر الفكرة، ولكنِّي لا أذكر أَنِّي قلتها بتلك الطريقة"!!.
تعليق:
فالعقَّاد هنا يفصِّل بين نفسه اليوم ونفسه الكاتبة قديمًا؛ حتَّى أَنَّه يشعر بغرابة من طريقة التَّعبير، رغم أَنَّه يتذكَّر أصل الفكرة. هذا من أوضح الأدلَّة على تبدُّل الأسلوب، وتغيُّر الإحساس مع بقاء الفكرة الأساسيَّة.
فهنا نرى بوضوح إدراك الكاتب لاختلافه عن ماضيه؛ فهو لا ينكر جودته السابقة، لكنه يعترف أن لو كتبها اليوم، لكتبها بأسلوب مختلف، لأن أدواته ومزاجه وشخصه تغيَّروا.


خاتمة الأمثلة:
هذه النَّماذج تبيِّن أَنَّ الشُّعور بالدَّهشة أو الانفصال عند قراءة النُّصوص القديمة ظاهرة طبيعية حتَّى عند الكبار من الأدباء والعلماء، وهي تعكس عمق التَّغيُّر النَّفسي والفكري في الإنسان؛ فالكتاب لا يعبِّر فقط عمَّا نعرف، بل عن من نكون حين نكتب؛ وإذا تطاول الزَّمن، فالنَُّّص لم يعد يشبه صاحبه.
وبهذا يتَّضح أَنَّ التَّغيُّر في نفس الكاتب ومزاجه يجعله يقرأ نصوصه القديمة وكأَنَّها ليست له، لا بسبب ضعف فيها، بل لأَنَّ نفسه اليوم لا تشبه نفسه أمس.


ربط ظاهرة تغيُّر شعور الإنسان تجاه كتاباته القديمة ببعض القواعد والمفاهيم البلاغيَّة واللُّغوية:
يمكن لنا ربط ظاهرة تغيُّر شعور الإنسان تجاه كتاباته القديمة ببعض القواعد والمفاهيم البلاغية واللُّغويَّة ومفاهيمها، مثل تغيُّر الإيقاع، أو البناء البياني، أو الميول الأسلوبيَّة، وبهذا التَّحليل سيظهر كيف تتغيَّر الذَّائقة، ويختلف الأسلوب مع مضي الزَّمن، ويُفسِّر لماذا قد يندهش الكاتب من نصوصه القديمة، ونعرض الآن بعض هذه الجوانب فيما يلي:

1. تغيُّر الميل إلى الإطناب أو الإيجاز:
• في البدايات: كثير من الكُتَّاب في مراحلهم الأولى يميلون إلى الإطناب: بالإكثار من الزِّينة اللَّفظيَّة، والاستعارات، والتَّشبيهات؛ لأَنَّهم يسعون لإثبات قدرتهم الأسلوبيَّة.

• لاحقًا: يميل الكاتب الناضج غالبًا إلى الإيجاز والاقتصاد في التَّعبير، فيرى أَنَّ البلاغة ليست في الزُّخرف، بل في إصابة المعنى بأقصر طريق.


مثالٌ بلاغي:
قديماً: "نثرتُ حروف حزني مسطورة بليل بهيم، والوجد ينحت من روحي كما تنهش الضَّواري فرائسها".
لاحقاً: "كتبتُ حزني بصمتٍ عميق".
الفرق: أَنَّ الأَوَّل زخرفي متسلسل، والثَّاني عميق مقتصد؛ فقد يُعجب الكاتب اليوم بالأسلوب الثَّاني أكثر؛ رغم براعة الأول وإبداعه.


2. تغيُّر استخدام الصُّور البلاغيَّة:
• في مرحلة سابقة: قد يكثر الكاتب من الاستعارات والتَّشابيه ويحمِّل الجمل طاقات شعوريَّة زائدة.
• لاحقًا: تتَّجه الذَّائقة إلى الصُّور البسيطة القويَّة دون تكلُّف أو تصنُّع.
السبب: النُّضج البلاغي يجعل الكاتب يختار الصُّورة التي تخدم المعنى، لا التي تُبهر القارئ!!.


3. تغيّر في الإيقاع الدَّاخلي للنَّصِّ:
• البلاغة ليست فقط في الصُّور، بل أيضًا في الإيقاع، والتَّركيب، والتَّنغيم.
• الكاتب قد يندهش من سلاسة أو تناغم جمل كتبها قديمًا؛ لأَنَّه كان في حالة شعوريَّة عالية؛ سمحت له بإنتاج إيقاعات داخليَّة تلقائيَّة لم يعد يستحضرها الآن.

مثال:
"كلُّ شيء في الكون صامت إِلَّا قلبي؛ فإِنَّ نبضاته صاخبةٌ بضجيج الحياة".
هذه الجملة فيها توازن صوتي داخلي قد لا يستطيع الكاتب استعادته متى شاء، حتَّى لو أراد.


4. تطوُّر أدوات الرَّبط والاتِّساق:
• الكاتب المبتدئ قد يربط الجمل بالعاطفة والانفعال.
• أَمَّا المتقدِّم فيبدأ باستخدام الرَّبط المنطقي والاتِّساق الفكري، فيبدو القديم عاطفيًّا مندفعًا، والجديد عقلانيًّا متَّزنًا.
• وهذا ما يجعل الكاتب يشعر أحيانًا أَنَّ أسلوبه السَّابق كان أكثر حرارة، لكنَّه أقلّ دقَّة.


5. اختلاف ترتيب الأولويَّات في الجملة:
• من قواعد البلاغة: تقديم ما فيه تشويق، أو ما عليه الاعتماد في المعنى.
• الكاتب المتطوِّر قد يعيد ترتيب عناصر الجملة ليجعلها أكثر بلاغة وظيفيَّة، لا مجرَّد جمال لفظي.

مثال:
قديماً: "تحت ضوء القمر، وفي سكون الريح، كتبتُ خاتمة رسالة الدكتوراه".
لاحقاً: "كتبتُ خاتمة رسالة الدكتوراه تحت ضوء القمر، وسكون الريح يملأ الأفق".
الفرق: ليس في الفكرة، بل في ترتيب عناصر الجملة بطريقة تخدم الإيقاع أو المعنى الأوضح.


6. الوعي بمستوى المتلقِّي:
• قد يكتب الإنسان في فترةٍ ما بنزعة نخبويَّة، متوجِّهًا إلى فئة محدَّدة، فيكون الأسلوب معقَّدًا.
• ثُمَّ بمرور الوقت، ينضج فهمه للخطاب والتَّواصل، فيبدأ يبسط اللُّغة دون أن يضعف المضمون.
• عندها يقرأ نصوصه القديمة فيراها متكلَّفة أو مُغلقة على فئة دون أخرى.


الخلاصة:
أَنَّ ما يدهش الكاتب في نصوصه القديمة ليس فقط قوَّتها أو ضعفها، بل لأَنَّها تعبِّر عن نفسٍ قديمة بأسلوبٍ بلاغي كان يرضيه في حينه، لكنَّه لم يعد يعبِّر عنه اليوم.
فالتَّغيُّر في الإحساس البلاغي، في البناء النَّحْوي، في توليد الصُّور، في تفضيل الإيجاز أو الإطناب، كلُّها تجعل الكاتب يشعر أَنَّ الذي كتب هو غيري.
 
أعلى