محمد عبدالله زعوري
:: متابع ::
- انضم
- 23 أكتوبر 2017
- المشاركات
- 5
- التخصص
- شريعة فقه
- المدينة
- جدة
- المذهب الفقهي
- حنبلي
نشر في مجلة العلوم الإنسانية والاجتماعية -عن المؤسسة العربية للعلوم ونشر الأبحاث (AISRP).
في الربع الأول من القرن السابع الهجري ظهر كيان جديد في منطقة الشام ومصر يُطلق عليه مراكز الشهود في الشام وحوانيت ودكاكين الشهود في مصر. ضمَّ هذا الكيان كاتبًا للعقود والشهود الذين بتوقيعهم تُوثَّق هذه العقود. وإن كان الموثِّقون والشهود معروفين منذ صدر الإسلام، إلا أن كلًّا منهم كان يعمل منفردًا، مما شكَّل مشقّة على الناس عند كتابة وتوثيق عقودهم، حتى جُمِعوا في مكان واحد فسهَّل ذلك على الناس.
وكان لدكاكين الشهود دور فاعل في الإسناد غير الرسمي للمؤسسة القضائية، بما قدَّمته من خدمة لعموم الناس في كتابة وتوثيق شتى أنواع العقود لجميع طبقات المجتمع. ولم يقتصر دورها على إصدار العقود، بل إن انتشارها في الأسواق والمدارس ومحيط المحاكم جعلها على تماس مباشر مع الناس، فلبَّت احتياجاتهم من استشارات قانونية وفتاوى شرعية، وكانت مجلسًا لمناقشة العلوم المختلفة، فضلًا عن الأثر الأخلاقي الذي فرضه سَمت العلماء ووقارهم بين عموم الناس. فقد كانت لُحمة للنسيج المجتمعي تربط بين طبقة العلماء المؤثّرين في المجتمع وبين سائر أفراده على اختلاف طبقاتهم ودياناتهم، بل وشاركت أحيانًا في الدفاع عن المظلومين. وكانت هذه الدكاكين تحت إشراف القضاة الذين كانوا يوجّهون عملها بما يحقّق مصلحة المجتمع.
ورغم ما حظيت به من تقدير، إلا أنها لم تسلم من الانتقاد بسبب بعض التجاوزات الفردية، مع أن الغالبية من روّادها كانوا من أهل الفضل والعلم. وقد أُلغيت هذه الدكاكين بعد دخول العثمانيين، لتبقى في كتب التاريخ شاهدًا على مرحلة متقدّمة في تطوّر النظام القضائي العربي، سبقت بها كثيرًا من دول الغرب.
خلاصة
في الربع الأول من القرن السابع الهجري ظهر كيان جديد في منطقة الشام ومصر يُطلق عليه مراكز الشهود في الشام وحوانيت ودكاكين الشهود في مصر. ضمَّ هذا الكيان كاتبًا للعقود والشهود الذين بتوقيعهم تُوثَّق هذه العقود. وإن كان الموثِّقون والشهود معروفين منذ صدر الإسلام، إلا أن كلًّا منهم كان يعمل منفردًا، مما شكَّل مشقّة على الناس عند كتابة وتوثيق عقودهم، حتى جُمِعوا في مكان واحد فسهَّل ذلك على الناس.
وكان لدكاكين الشهود دور فاعل في الإسناد غير الرسمي للمؤسسة القضائية، بما قدَّمته من خدمة لعموم الناس في كتابة وتوثيق شتى أنواع العقود لجميع طبقات المجتمع. ولم يقتصر دورها على إصدار العقود، بل إن انتشارها في الأسواق والمدارس ومحيط المحاكم جعلها على تماس مباشر مع الناس، فلبَّت احتياجاتهم من استشارات قانونية وفتاوى شرعية، وكانت مجلسًا لمناقشة العلوم المختلفة، فضلًا عن الأثر الأخلاقي الذي فرضه سَمت العلماء ووقارهم بين عموم الناس. فقد كانت لُحمة للنسيج المجتمعي تربط بين طبقة العلماء المؤثّرين في المجتمع وبين سائر أفراده على اختلاف طبقاتهم ودياناتهم، بل وشاركت أحيانًا في الدفاع عن المظلومين. وكانت هذه الدكاكين تحت إشراف القضاة الذين كانوا يوجّهون عملها بما يحقّق مصلحة المجتمع.
ورغم ما حظيت به من تقدير، إلا أنها لم تسلم من الانتقاد بسبب بعض التجاوزات الفردية، مع أن الغالبية من روّادها كانوا من أهل الفضل والعلم. وقد أُلغيت هذه الدكاكين بعد دخول العثمانيين، لتبقى في كتب التاريخ شاهدًا على مرحلة متقدّمة في تطوّر النظام القضائي العربي، سبقت بها كثيرًا من دول الغرب.
