العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

سؤال: هل من مقارنة بين النبذة الذكية للبرماوي والكوكب الساطع للسيوطي؟

ياسر مراد محمد

:: متابع ::
انضم
25 ديسمبر 2025
المشاركات
2
الجنس
ذكر
الدولة
الارض االله
المدينة
مكان ما
المذهب الفقهي
الشافعي
الإخوة الأفاضل هل من مقارنة بين
النبذة الذكية للبرماوي والكوكب الساطع للسيوطي؟
 
انضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,941
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
أهلاً بكَ أخي الكريم. نعم، يمكن إيجاد مقارنةٌ علميةٌ بين هذين النظمين المهمين في أصول الفقه الشافعي، وكلاهما يدور في فلك كتاب "جمع الجوامع" للإمام تاج الدين السبكي.
فيما يلي مقارنةٌ منهجيةٌ بين "النبذة الزكية" (المعروفة بألفية البرماوي) و "الكوكب الساطع" للسيوطي، مُراعياً فيها الضبطَ بالشكلِ كما طلبتَ:

أولاً: بطاقةٌ تعريفيةٌ للنظمين
التعريف بالناظم:

شمس الدين محمد بن عبد الدائم البرماوي (ت:831هـ).
جلال الدين عبد الرحمن السيوطي (ت:911هـ).
النظم:
كلاهما نظمٌ لكتاب "جمع الجوامع" للتاج السبكي.
السبق الزمني:
نظم البرماوي هو النظم الأول والأقدم لجمع الجوامع.
جاء بعده السيوطي بقرابة 80 عاماً.

عدد الأبيات:
البرماوي: قرابة ألف بيتٍ (ألفية).
السيوطي: زاد على الألف (قرابة 1450 بيتاً).

ثانياً: المنهجيةُ والمضمونُ
1. النبذةُ الزكيةُ (للبرماوي):
الالتزامُ بالنص: تميز البرماويُّ بالتزامه الشديدِ بنص "جمع الجوامع"، محاولاً استيعابَ ألفاظِ السبكيِّ ومعانيه بدقةٍ متناهيةٍ.
المتانةُ والجزالة: لكونه أقدمَ، ولحرصه على دقة النقل الفقهي والأصولي، جاء نظمه متيناً، وفيه شيءٌ من "الضغط" للألفاظِ لتوافقَ البحرَ الشعريَّ (الرجز)، مما قد يجعله أصعبَ قليلاً في الحفظِ من نظم السيوطي عند البعض.
الشرح: شرحها الناظمُ بنفسه في كتابٍ عظيمٍ اسمه "الفوائد السنية في شرح الألفية"، وهو مرجعٌ نفيسٌ لفك عبارات النظم والأصل معاً.

2. الكوكبُ الساطعُ (للسيوطي):
التنقيحُ والزيادة: لم يكتفِ السيوطيُّ بالنظمِ المجرد، بل تعقبَ السبكيَّ في مواضعَ، وزاد عليه مسائلَ من "التمهيد" للإسنوي ومن غيره.
السهولةُ والعذوبة: يُعرف شعرُ السيوطيِّ عموماً بالسلاسة، فجاءت عبارته أسهلَ مأخذاً، وأكثرَ تدفقاً، وأقربَ للذائقةِ الأدبيةِ المتأخرة.
الشمولية: يعتبر الكوكب الساطع بمثابة "تحرير" لجمع الجوامع وليس مجردَ نظمٍ له، حيث استدرك السيوطي ما رآه أولى بالذكر أو التصحيح.

ثالثاً: أيهما تختار؟
تعتمد المفاضلةُ بينهما على غرضِ الطالبِ أو الباحثِ:
لمن أرادَ ضبطَ "جمع الجوامع" كما هو:
فالبرماويُّ هو الخيارُ الأمثل؛ لأنه مرآةٌ عاكسةٌ للكتابِ الأصلي، ووسيلةٌ ممتازةٌ لاستحضارِ عباراتِ السبكيِّ ومسائلهِ دون زياداتٍ خارجيةٍ تشوشُ على هدفِ حفظِ المتنِ الأصلي.

لمن أرادَ التوسعَ والتحريرَ والسهولة:
فالكوكبُ الساطعُ هو المقدم؛ لشهرتهِ الذائعةِ، وكثرةِ شروحهِ (وأهمها شرح السيوطي نفسه وشرح الأثيوبي المعاصر)، ولأنه يجمعُ لكَ خلاصةَ المدرسةِ الشافعيةِ المتأخرةِ بأسلوبٍ سلسٍ ومحررٍ.
خلاصةٌ:
البرماويُّ أسبقُ وألصقُ بالأصل، والسيوطيُّ أجمعُ وأعذبُ وأكثرُ تحريراً. وقد سارت الركبانُ بنظم السيوطي في القرون المتأخرة أكثرَ من نظم البرماوي لجمعه بين الفقهِ والتحقيقِ والسهولةِ.
 
انضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,941
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
جزاك الله خيرا شيخنا
هل البرماوي اعتمد على جمع الجوامع أم البحر المحيط للزركشي؟
وجزاكَ اللهُ خيراً وبارك فيك. سؤالُكَ دقيقٌ وينمُّ عن اطلاعٍ، والجوابُ فيه تفصيلٌ يُبينُ منزلةَ عملِ البرماوي:
الجوابُ باختصار: الأصلُ والمعتمدُ هو "جمع الجوامع"، و"البحر المحيط" هو الرافدُ والمُتمم.

وإليكَ بعض تفصيل ذلك:
1. النظم (النبذة الزكية):
اعتمد فيه البرماوي اعتماداً كلياً على "جمع الجوامع" لتاج الدين السبكي. فالهيكلُ، وترتيبُ الأبوابِ، والمسائلُ الأساسيةُ هي مسائلُ "جمع الجوامع"؛ ولذلك يُعدُّ نظمهُ من أوائلِ وأهمِّ منظوماتِ هذا الكتاب.

2. الشرح (الفوائد السنية):
هنا يظهرُ دورُ "البحر المحيط" للزركشي بشكلٍ جلي، ويمكن تلخيصُ العلاقة في النقاط التالية:
أولاً: استيعابُ مادةِ الزركشي: يُعدُّ البرماوي (في شرحه) من أهمِّ مَن حفظوا لنا تراثَ الزركشي الأصولي؛ فقد غرفَ من "البحر المحيط" غرفاً، ونقلَ عنه تحريراتٍ ونقولاً عزيزةً قد لا تجدها محررةً عند غيره في ذلك الوقت.

ثانياً: التحريرُ والاستدراك: لم يكن البرماوي مجردَ ناقلٍ، بل كان مُحرراً؛ فقد يُوردُ عبارةَ السبكي في "جمع الجوامع"، ثم يشرحها ويُعمقها بما في "البحر المحيط"، وأحياناً يستدركُ على الزركشي نفسه.

ثالثاً: الحلقةُ المفقودة: كان كتابُ "البحر المحيط" موسوعةً ضخمةً لم تشتهر وتنتشر في البداية كانتشار "جمع الجوامع"، فجاء البرماوي وصهرَ فوائدَ "البحر" وقدمها مُنقحةً في شرحه على "جمع الجوامع"؛ ولذلك تجدُ المتأخرين (كالشوكانِي وغيره) إذا أعجبتهم دقةُ نقلٍ أو تحريرٍ عند البرماوي، يتبينُ غالباً أن مردَّها لسعةِ اطلاعِ الزركشي في بحره.

ولعلَّ الخلاصة: أن البرماوي نظمَ "جمع الجوامع" (متنٍ ومنهج)، ولكنه تنفَّسَ برئةِ "البحر المحيط" (في الشرحِ والتحليل)؛ فجمعَ بينَ ترتيبِ السبكيِّ المُحكَم، وموسوعيةِ الزركشيِّ الفذَّة.

وختاماً: فإن شرح البرماوي (الفوائد السنية) هو الجسرُ الذي ينبغي أن يعبرَ عليهِ مَن أرادَ فهمَ "البحر المحيط" وتفكيكَ عباراته، قبل الغوصِ فيه مباشرة.
 
أعلى