العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

ترجمة مختصرة لشيخ الإسلام ابن تيمية،وجمع لبعض ما أثنى عليه العلماء

إنضم
28 ديسمبر 2007
المشاركات
677
التخصص
التفسير وعلوم القرآن
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
حنبلي
جمعت هذه الكلمات لمقدمة كتاب لي على مشارف النشر - بتيسير الله تعالى - في شرح القصيدة اللامية لشيخ الإسلام ابن تيمية .
فرأيت أن فيها من اللطافة ما فيه الفائدة ، خصوصا في أيام كثر فيها الناقمون على الشيخ رحمه الله تعالى ، ففيها ثناء كبار العلماء عليه حتى ممن لا يوافقونه في المنهج . فهي بين أيديكم ..والحمد لله رب العالمين .

ترجمة – مختصرة - شيخ الإسلام ابن تيمية

إذا أراد المرء أن يترجم لمن حاله كحال شيخ الإسلام ابن تيمية ؛ وقف حائرا مذهولا ، إذ يهوله هذا البحر المتلاطم من المآثر والفضائل ، والمواقف والآثار ، التي تنبؤك أن صاحب هذه الترجمة رجل عظيم ، قد بلغ من المجد غايته ، ومن السؤدد والكرامة ما حل به في مصافّ الكبار ..
وأمام هذا الحشد العظيم من الثناء والذكر الحسن لشيخ الإسلام ، رأيت أن أذكر كلمات في الإشارة إلى ترجمته ، ممزوجة بثناء نفر من الأكابر عليه ، يصوّر ما لهذا الجبل العلمي من مكانة واحترام في قلوب تلاميذه ومريديه .
ولا بد من الإشارة إلى أن مثل ابن تيمية ، غني عن التعريف الموجز ، فهو "علم على رأسه نارُ" ، لا يكاد أحد يشتغل بالعلم أدنى اشتغال ؛ إلا ويعرف شيئا ما عن الشيخ – رحمه الله تعالى – ولما كان الأمر كذلك آثرت أن أركز في هذه العجالة على كلام العلماء فيه ، لأن الكلام في حياته ومواقفه ، وطلبه ، وشيوخه وتلاميذه ، وجهاده ، وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر ، أمر يطول طولا شديدا ، وقد صنفت فيه المصنفات المستقلة للمتقدمين والمتأخرين ، والتعرض لمثل ذلك في التقديم لهذا الشرح المختصر ؛ لا يليق بالتوازن المطلوب في البحث العلمي .
فأقول – وبالله الاستعانة - :
هو شيخ الإسلام ، بحر العلم الزاخر ، وجبله الأشمّ ، المتفنن الناقد ، بقية السلف ، وزهرة الخلف ؛ تقي الدين أبو العباس ، أحمد بن عبد الحليم بن مجد الدين عبد السلام بن تيمية الحراني.
ولد – رحمه الله تعالى – بحران يوم الاثنين عاشر أو ثاني عشر ربيع الأول ، سنة 661 هـ ، وسافر به والده مع والدته وإخوته بسبب أوضاع ديار بني بكر وما حولها ، إذ استولى التتار عليها ، فأهلكوا الحرث والنسل ، فوصل الوالد بعائلته إلى دمشق واستوطنوها .
وقد اشتهرت عائلته بالعلم والمكانة ، فجده مجد الدين عبد السلام بن عبد الله من العلماء الأعلام ، فقيه متفرد ألين له الفقه كما ألين الحديد لداود .
أما والده فقد كان إماما كثير الفضائل ، متفننا ، له معرفة بعلوم كثيرة .
وحتى إخوته كانوا أهل علم وفضل ، وذكرهم أهل التراجم بالثناء الحسن .
وقد سمع الشيخ بدمشق من ابن عبد الدايم ، وابن أبي اليسر ، وابن عبد ، والمجد بن عساكر ، ويحيى بن الصيرفي الفقيه ، وأحمد بن أبي الخير الحداد ، والقاسم الأربلي ، والشيخ شمس الدين بن أبي عمر ، والمسلم بن علان ، وإبراهيم بن الحرجي ، وخلق كثير.
وعنى بالحديث ، وسمع " المسند " مرات ، والكتب الستة ، ومُعجم الطبراني الكبير ، وما لا يحصى من الكتب والأجزاء . وقرأ بنفسه ، وكتب بخطه جملة من الأجزاء ، وأقبل على العلوم في صغره ؛ فأخذ الفقه والأصول عن والده ، وعن الشيخ شمس الدين بن أبي عمر ، والشيخ زين الدين بن المنجا ، وبرع في ذلك، وناظر ، وقرأ في العربية أياماً على سليمان بن عبد القوي ، ثم أخذ كتاب سيبويه ، فتأمله ففهمه ، وأقبل على تفسير القرآن الكريم ، فبرز فيه ، وأحكم أصول الفقه ، والفرائض ، والحساب والجبر والمقابلة ، وغير ذلك من العلوم ، ونظر في علم الكلام والفلسفة ، وبرز في ذلك على أهله ، ورد على رؤسائهم وأكابرهم ، ومهر في هذه الفضائل ، وتأهل للفتوى والتدريس ، وله دون العشرين سنة ، وأفتى من قبل العشرين أيضا ً، وأمده الله بكثرة الكَتْب وسرعة الحفظ ، وقوة الإدراك والفهم ، وبُطء النسيان ، حتى قال غير واحد : إنه لم يكن يحفظ شيئاً فينساه .
روى ابن تيمية – رحمه الله تعالى – عن شيوخ كثيرين ، وقد خرج لنفسه مشيخة ، رواها عنه الذهبي ، إلا أن الذي يلاحظ أن شيخ الإسلام لم يكتف بالأخذ عن شيوخ عصره ، وإنما اتجه إلى مؤلفات من سبقه من العلماء ، فأشبعها اطلاعا وحفظا .



وقد تميزت حياة ابن تيمية بالجهاد العظيم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، إضافة إلى التنسك والإكثار من العبادات .
وقد أثنى عليه العلماء ثناء عظيما ، فمن ذلك :
ما قاله صاحب "المنهل الصافي" :
" برع في علوم الحديث ، وانتهت إليه الرئاسة في مذهب الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه .
ودرس وأفتى ، وتصدر للإقراء والإفادة عدة سنين ، وفسر ، وصنف التصانيف المفيدة .
وكان صحيح الذهن ، ذكيا ً، إماماً متبحراً في علوم الديانة ، موصوفاً بالكرم ، مقتصداً في المأكل والملبس ، وكان عارفاً بالفقه ، واختلافات العلماء ، والأصلين ، والنحو ، إماماً في التفسير وما يتعلق به ، عارفاً باللغة ، إماماً في المعقول والمنقول ، حافظاً للحديث ، مميزاً بين صحيحه وسقيمه " .
وقال عنه ابن رجب الحنبلي في "ذيل طبقات الحنابلة" :
"الإمام الفقيه ، المجتهد المحدث ، الحافظ المفسر ، الأصولي الزاهد : تقي الدين أبو العباس ، شيخ الإسلام وعلم الأعلام ، وشهرته تغني عن الإطناب فعب ذكره ، والإسهاب في أمره" .
وقال الحافظ الذهبي – رحمه الله – في ترجمته :
"ابن تيمية الشيخ الإمام العلامة الحافظ الناقد الفقيه المجتهد المفسر البارع شيخ الإسلام علم الزهاد نادرة العصر تقي الدين أبو العباس أحمد بن المفتي شهاب الدين عبد الحليم ابن الإمام المجتهد شيخ الإسلام مجد الدين عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم الحراني أحد الأعلام...
وقال :
..وعني بالحديث ، وخرج وانتقى وبرع في الرجال ، وعلل الحديث وفقهه ، وفي علوم الإسلام وعلم الكلام ، وغير ذلك .
وكان من بحور العلم ومن الأذكياء المعدودين والزهاد والأفراد ، ألّف ثلاثمائة مجلدة ، وامتحن وأوذي مراراً" .

وجاء في الرسالة المستطرفة ما نصه :
"قال الذهبي ما رأيت أشد استحضارا للمتون وعزوها منه وكانت السنة بين عينيه وعلى طرف لسانه بعبارة رشيقة وعين مفتوحة .
وقال السخاوي في فتاويه ناهيك به اطلاعا وحفظا أقر له بذلك المخالف والموافق"8 .
وقد كتب العلامة قاضى القضاة تقى الدين السبكى إلى الحافظ الذهبى فى أمر الشيخ تقى الدين ابن تيمية :
"فالمملوك يتحقق أن قدره وزخارة بحره وتوسعته فى العلوم الشرعية والعقلية ، وفرط ذكائه واجتهاده ؛ بلغ من ذلك كل المبلغ الذي يتجاوزه الوصف ، والمملوك يقول ذلك دائما وقدره فى نفسى أكثر من ذلك وأجل ؛ مع ما جمعه الله تعالى من الزهادة والورع والديانة ونصرة الحق والقيام فيه لا لغرض سواه ، وجريه على سنن السلف ، وأخذه من ذلك بالمأخذ الأوفى ، وغرابة مثله فى هذا الزمان بل فى أزمان"8.اهـ.
وحكى الذهبى عن الشيخ تقى الدين ابن دقيق العبد أنه قال له عند اجتماعه به وسماعه لكلامه "ما كنت أظن أن الله تعالى بقى يخلق مثلك"9 .
ومع ذلك فقد امتلأت حياة شيخ الإسلام بالمحن والابتلاءات ، بدءا بمحنته بسبب "الحموية"، ومناظرته ومحنته بسبب "الواسطية"، ومحنته بسبب الصوفية ، ومحنته بسبب مسألة الطلاق ، ثم بسبب فتواه في شد الرحال إلى القبور ، وغير ذلك من ألوان الابتلاءات التي مرّ بها رحمه الله تعالى وأجزل مثوبته .
جاء في تذكرة الحفاظ للحافظ الذهبي :
"وقد امتحن وأوذي مرات ، وحبس بقلعة مصر والقاهرة والإسكندرية وبقلعة دمشق مرتين ، وبها توفي في العشرين من ذي القعدة سنة ثمان وعشرين وسبع مائة في قاعة معتقلا ، ثم جهز وأخرج إلى جامع البلد ، فشهده أمم لا يحصون فحزروا بستين ألفا ، ودفن إلى جنب أخيه الإمام شرف الدين عبد الله بمقابر الصوفية رحمهما الله تعالى ، ورئيت له منامات حسنة ورثي بعدّة قصائد ، وقد انفرد بفتاوي نيل من عرضه لأجلها ؛ وهي مغمورة في بحر علمه ، فالله تعالى يسامحه ويرضى عنه ، فما رأيت مثله وكل أحد من الأمة فيؤخذ من قوله ويترك" .11
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
في العقود الدرية من مناقب شيخ الإسلام أحمد بن تيمية - (ص 270):
وامتدحه الشيخ الإمام نجم الدين سليمان بن عبد القوي بقصيدة منها ... فاصبر ففي الصبر ما يغنيك عن حيل ... وكل صعب إذا صابرته هانا ... ولست تعدم من خطب رميت به ... إحدى إثنتين فأيقن ذاك إيقانا ... تمحيص ذنب لتلقى الله خالصة ... أو إمتحانا به تزداد قربانا ... يا سعد إنا لنرجو أن تكون لنا ... سعدا ومرعاك للوراد سعدانا ... وأن يضربك الرحمن طائفة ... ولت وينفع من بالود والانا ... يا أهل تيمية العالين مرتبة ... ومنصبا فرع الافلاك تبيانا ... جواهر الكون أنتم غير أنكم ... في معشر أشربوا في العقل نقصانا ... لا يعرفون لكم فضلا ولو عقلوا ... لصيروا لكم الأجفان أوطانا ... يا من حوى من علوم الخلق ما قصرت ... عنه الأوائل مذ كانوا إلى الآنا ... إن تبتلى بلئام الناس يرفعهم ... دهر عليك لأهل الفضل قد خانا
ثم قال:
في أبيات كثيرة غير هذه يمدح فيها الشيخ ويذم أعداءه
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
في الوافي بالوفيات لخليل أيبك الصفدي:
حكي لي عنه أن والدته طبخت يوما قرعية ولم تذقها أولا وكانت مُرة فلما ذاقتها تركتها على حالها فطلع إليها وقال: وقال: هل عندك ما آكل؟ قالت: لا، إلا أنني طبخت قرعا كان مرا فقال: أين هو؟ فأرته المكان الذي فيه تلك القرعية فأحضرها وقعد أكلها إلى أن شبع وما أنكر شيئا منها أو كما قيل.
وقال الذهبي في المعجم المختص:
".....فارغا من شهوات المأكل والملبس والجماع لا لذة له في غير نشر العلم وتدوينه والعمل بمقتضاه."
ابن تيمية يتأسف على تضييع أكثر أوقاته في غير معاني القرآن:
ففي العقود الدرية: (ص 44)
وقال قد فتح الله علي في هذه المرة من معاني القرآن ومن أصول العلم بأشياء كان كثير من العلماء يتمنونها وندمت على تضييع أكثر أوقاتي في غير معاني القرآن أو نحو هذا وأرسل إلينا شيئا يسيرا مما كتبه في هذا الحبس وبقي شيء كثير في مسألة الحكم عند الحكام لما أخرجوا كتبه من عنده وتوفي وهي عندهم إلى هذا الوقت نحو أربع عشرة رزمة ثم ذكر الشيخ أبو عبدالله ما رآه ووقف عليه من تفسير الشيخ
 

فؤاد الزبيدي

:: مخالف لميثاق التسجيل ::
إنضم
1 يناير 2008
المشاركات
79
التخصص
التفسير وعلوم القران
المدينة
اسطنبول
المذهب الفقهي
شافعي
وكنت قد قرات قديما ان ابن القيم قال : لما ادخل شيخنا سجن القلعة واغلقوا الباب قرأ قوله تعالى :" فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب"
واثر عنه القول المشهور " سجني خلوة ونفيي سياحة وقتلي شهادة " وهذا يدل على يقين راسخ وايمان صادق ورضى لا يشوبه سخط بل كمال استسلام لامر الله
واعتذر على عدم الدقة في النقل لان الاملاء كان من الذاكرة والله المستعان
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
يقول الصفدي في الوافي بالوفيات:

"وأرى أن مادته من كلام ابن حزم حتى شناعه على من خالفه
"وكان إذا تكلم أغمض عينينه وازدحمت العبارة على لسانه فرأيت العجب العجيب..."
"وكان العوام بمصر يعظمونه إلى أن أخذ في القول في السيدة نفيسة فأعرضوا عنه
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
ويقول الصفدي أيضا في جوانب تجلي جانبين مهمين في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية مع تلاميذه:
1- سعة صدر الشيخ مع تلاميذه ومناقشتهم إياه وإيرادهم الإشكال تلو الإشكال، بل كما سيأتي كان يثني على هذا على تلميذه الذي يورد الإيرادات والإشكالات.
2- تحفيزه تلاميذه بما فيهم من صفات النجابة والذكاء


يقول الصفدي رحمه الله في الوافي بالوفيات:
وسألته عن قوله تعالى: "وأخر متشابهات" فقلت له: المعروف بين النحاة أن الجمع لا يوصف إلا بما يوصف به المفرد من الجمع بالمفرد بالوصف فقال: كذا هو فقلت: فما مفرد متشابهات؟ فقال: متشابهة فقلت: كيف تكون الآية الواحدة في نفسها متشابهة، وإنما يقع التشابه بين آيتين؟ وكذا قوله تعالى: "فوجد فيها رجلين يقتتلان" كيف يكون الرجل الواحد يقتتل مع نفسه؟
فعدل بي من الجواب إلى الشكر، وقال: ذهن جيد ولو لازمتني سنة لانتفعت.


وسألته في ذلك المجلس عن قوله تعالى: " هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها"
إلى قوله تعالى: "عما يشركون"

فأجاب بما قال المفسرون في ذلك وهو آدم وحواء وأن حواء لما أثقلت بالحمل أتاها إبليس في صورة رجل وقال: أخاف من هذا الذي في بطنك أن يخرج من دبرك أو يشق بطنك وما يدريك لعله بهيمة أو كلبا فلم تزل في هم حتى أتاها ثانيا وقال: سألت الله تعالى أن يجعله بشرا سويا وإن كان كذلك سميه عبد الحارث وكان اسم إبليس في الملائكة الحارث فذلك قوله تعالى: "فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما"
وهذا مروي عن ابن عباس.
فقلت له: هذا فاسد من وجوه لأنه تعالى قال في الآية الثانية "فتعالى الله عما يشركون" فهذا يدل على أن القصة في حق جماعة
الثاني أنه ليس لإبليس في الكلام ذكر
الثالث: أن الله تعالى علم آدم الأسماء كلها فلا بد وأنه كان يعلم أن اسم إبليس الحارث
الرابع أنه تعالى قال: "أيشركون ما لا يخلق شيئا وهم يخلقون" وهذا يدل على أن المراد به الأصنام لأن "ما " لما لا يعقل
فقال رحمه الله: فقد ذهب بعض المفسرين إلى أن المراد بهذا "قصي" لأنه سمى أولاده الأربعة عبد مناف وعبد العزى وعبد قصي وعبد الدار والضمير في "يشركون" له ولأولاده من أعقابه الذين يسمون أولادهم بهذه الأسماء وأمثالها.
فقلت له: وهذا أيضا فاسد لأنه تعالى قال: "خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها" وليس كذلك إلا آدم لأن الله خلق حواء من ضلعه
فقال رحمه الله: المراد بهذا أن زوجه من جنسه عربية قرشية.
فما رأيت التطويل معه.


وسألته في ذلك المجلس عن قول المتكلمين في الواجب والممكن لأنهم قالوا: الواجب ما لا يتوقف وجوده على وجود ممكنه والممكن ما يتوقف وجوده على وجود واجبه
فقال رحمه الله: هذا كلام مستقيم.
فقلت: هذا القول هو عين القول بالعلة والمعلول.
فقال كذا هو إلا أن ذلك علة ناقصة ولا يكون علة تامة إلا بانضمام إرادته فإذا انضمت الإرادة إلى وجود الواجب تعين وجود الممكن.


ثم اجتمعت به بعد ذلك مرات عديدة
وكان إذا رآني قال: أيش حس الإيرادات، إيشٍ حس الأجوبة ، إيش حس الشكوك؟
أنا أعلم أنك مثل القدر التي تغلي تقول: بق بق بق أعلاها أسفلها وأسفلها أعلاها لازمني لازمني تتنتفع.


وكان كثيرا ما ينشد:
تموت النفوس بأوصابها
ولم تشك عوادها ما بها
وما أنصفت مهجة تشتكي
أذاها إلى غير أحبابها


وينشد أيضا:
من لم يقد ويدس في خيشومه
رجه الخميس فليس يقود خميسا
 
إنضم
28 ديسمبر 2007
المشاركات
677
التخصص
التفسير وعلوم القرآن
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
حنبلي
ما أجمل هذا القصص .. وما أشد نفعه ..
جزاك الله خيرا -أخي وشيخي فؤاد - ما زلنا ننتفع بكم يوما بعد يوم ..وساعة بعد ساعة .. وموضوعا بعد آخر ؛ بل وكلمة إثر أخرى .. فالله نسأل أن يجمعنا على طاعته ..وفي الآخرة في جنته ..
 

د. اقبال ابداح

:: متخصص ::
إنضم
5 يناير 2008
المشاركات
13
التخصص
اصول الدين / تفسير
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
حنفي
من شهادة مرعي الحنبلي

من شهادة مرعي الحنبلي

الرسالة الزكية في ثناء الأئمة على ابن تيمية
مرعي بن يوسف الحنبلي المقدسي
فهذه كلمات منيرة وعبارات مستنيرة في ثناء الأئمة الأعلام على شيخ الإسلام بحر العلوم ترجمان القرآن مفتي الفرق أوحد المجتهدين شيخ الإسلام وشامة الشام ابن تيمية
بسم الله الرحمن الرحيم
قال العبد الفقير إلى الله تعالى مرعي بن يوسف الحنبلي المقدسي لطف الله تعالى به آمين
الحمد لله رافع مقام العلماء العاملين وقامع أهل الزيغ المائلين
والصلاة والسلام على أفضل الخلق أجمعين وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين وعلى التابعين وتابع التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين
وبعد فهذه كلمات منيرة وعبارات مستنيرة في ثناء الأئمة الأعلام على شيخ الإسلام بحر العلوم ترجمان القرآن مفتي الفرق أوحد المجتهدين أبي العباس أحمد تقي الدين ابن الشيخ الإمام شيخ الإسلام مجد الدين عبد السلام بن عبد الله بن الخضر بن محمد بن الخضر بن علي بن عبد الله بن تيمية
واختلف لم قيل ابن تيمية
فقيل إن جده محمد بن الخضر حج على درب تيما فرأى
هناك طفلة فلما رجع وجد امرأته قد ولدت بنتا فقال يا تيمية يا تيمية فلقب بذلك
وقيل إن جده محمدا كانت أمه تسمى تيمية وكانت واعظة فنسب إليها وعرف بها
ولد رحمه الله يوم الإثنين عاشر أو ثاني عشر ربيع الأول سنة إحدى وستين وستمائة
وتوفي سحر ليلة الإثنين في العشرين من ذي القعدة سنة ثمان وعشرين وسبعمائة عن سبع وستين سنة
وقد أثنى الأئمة الأعلام على هذا الإمام ولقبوه بشيخ الإسلام وأفردوا مناقبه بالتصانيف وتحلت بذكره التواريخ والتآليف
ولم يتنقص إلا من جهل مقداره وخطره ومن جهل شيئا أنكره
ولقد أنصف العلامة الإمام قاضي قضاة الإسلام بهاء الدين بن السبكي حيث يقول لبعض من ذكر له الكلام في ابن تيمية فقال
والله يا فلان ما يبغض ابن تيمية إلا جاهل أو صاحب هوى فالجاهل لا يدري ما يقول وصاحب الهوى يصده هواه عن الحق بعد معرفته به
ولقد أنصف أيضا الشيخ الإمام والحبر الهمام محمود بن أحمد العيني إمام الحنفية في زمنه حيث قال في أثناء كلام طويل في مدحه ابن تيمية وذم من يعيب


وليس هو إلا كالجعل باشتمام الورد يموت حتف أنفه أو كالخفاش يتأذى ببهور سنا الضوء لسوء بصره وضعفه وليس لهم سجية نقادة ولا روية وقادة وما هم إلا صلقع بلقع سلقع صلمعه من قلمعه وهيان إن بيان وهي بن بي وصل بن ضل وضلال بن التلال
ومن الشائع المستفيض أن الشيخ الإمام العالم العلامة تقي الدين ابن تيمية من شم العرانين الأفاضل ومن جم براهين الأماثل وأطال العيني الكلام في مدحه كما سيأتي
واعلم أيدك الله أن كثيرا من الأئمة الأماثل والعلماء الأفاضل قد أفردوا مناقب الشيخ تقي الدين ابن تيمية في تصانيف مشهورة وتراجم في التواريخ مذكورة
وقد ذكر غالب العلماء الذين أثنوا عليه صاحب كتاب الرد الوافر تأليف الإمام العالم الأوحد القدوة الحافظ أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن عبد الله بن محمد بن أحمد بن ناصر الدين الشافعي
فهذه القبسات النيرات من السير المصطفيات فيها كما تفضل الاخ رأفت اعلاء للهمة
واحياء لسير الصالحين ومآثرهم ,فكما قال احدهم :
والذكر للانسان بعد الموت عمر ثان
فجزاكم الله خيرا على هذه الاستراحات اللطيفة والسير العطرة والانتقاء الموفق
 
إنضم
28 ديسمبر 2007
المشاركات
677
التخصص
التفسير وعلوم القرآن
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
حنبلي
أحسن الله إليكم على ما أفدتم ..سأستفيد من نقولكم المدرجة أعلاه في ما كتبته سابقا ..والله يجزي الجميع خيرا ..
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
يقول ابن عبد الهادي كما في العقود الدرية:



وشيوخه الذين سمع منهم أكثر من مائتي شيخ


وسمع مسند الإمام أحمد بن حنبل مرات


وسمع الكتب الستة الكبار والأجزاء


ومن مسموعاته معجم الطبرابي الكبير


وعني بالحديث وقرأ ونسخ وتعلم الخط والحساب في المكتب وحفظ القرآن


وأقبل على الفقه


وقرأ العربية على ابن عبد القوى ثم فهمها وأخذ يتأمل كتاب سيبويه حتى فهم في النحو


وأقبل على التفسير إقبالا كليا حتى حاز فيه قصب السبق


وأحكم اصول الفقه وغير ذلك


هذا كله وهو بعد ابن بضع عشرة سنة فانبهر أهل دمشق من فرط ذكائه وسيلان ذهنه وقوة حافظته وسرعة إدراكه



واتفق أن بعض مشايخ العلماء بحلب قدم إلى دمشق وقال:
سمعت في البلاد بصبي يقال له: احمد بن تيمية وأنه سريع الحفظ وقد جئت قاصدا لعلي أراه فقال له خياط: هذه طريق كتابه وهو إلى الآن ما جاء فاقعد عندنا الساعة يجيء يعبر علينا ذاهبا إلى الكتاب فجلس الشيخ الحلبي قليلا


فمر صبيان


فقال الخياط للحلبي: هذاك الصبي الذي معه اللوح الكبير هو احمد بن تيمية


فناداه الشيخ فجاء إليه فتناول الشيخ اللوح فنظر فيه


ثم قال: يا ولدي امسح هذا حتى أملي عليك شيئا تكتبه


ففعل فأملى عليه من متون الأحاديث أحد عشر أو ثلاثة عشر حديثا


وقال له: اقرأ هذا فلم يزد على أن تأمله مرة بعد كتابته إياه ثم دفعه إليه وقال: اسمعه علي


فقرأه عليه عرضا كأحسن ما أنت سامع


فقال له: يا ولدي امسح هذا ففعل فأملى عليه عدة أسانيد انتخبها


ثم قال: اقرأ هذا فنظر فيه كما فعل أول مرة


فقام الشيخ وهو يقول: إن عاش هذا الصبي ليكونن له شأن عظيم فإن هذا لم ير مثله أو كما قال



وقال الحافظ أبو عبدالله الذهبي:


نشأ يعني ا لشيخ تقي الدين رحمه الله في تصون تام وعفاف وتأله وتعبد واقتصاد في الملبس والمأكل وكان يحضر المدارس والمحافل في صغره ويناظر ويفحم الكبار ويأتي بما يتحير منه أعيان البلد في العلم فأفتى وله تسع عشرة سنة بل أقل وشرع في الجمع والتأليف من ذلك الوقت وأكب على الاشتغال.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
"يقول ابن مخلوف: ما رأينا أفتى من ابن تيمية، سعينا في دمه فلما قدر علينا عفا عنا!!"
الجامع لسيرة شيخ الإسلام ص431، 478، 607
 

حمود عبدالله

:: مخالف لميثاق التسجيل ::
إنضم
8 يناير 2010
المشاركات
12
التخصص
محاسبة
المدينة
المحرق
المذهب الفقهي
السني
جزاكم الله خير الجزاء واثابكم الجنة
 
أعلى