تحفة اللبيب في شرح كتاب التقريب:
أول من أشار إلى الكتاب بحسب المحقق هو:
الأسنوي في طبقات الشافعية 2/229 حيث قال: "وشرح مختصر أبي شجاع في فقه الشافعية".
ذكر المحقق منهج المؤلف في كتاب فقال:
وكان منهج ابن دقيق العيد في كتابه تحفة اللبيب في شرح التقريب منهجا رصينا حيث يذكر أشهر أدلة المسألة الفقهية التي يستدل بها المذهب الشافعي، كما يورد بعض أدلة المخالفين في تلك المسألة، وخصوصا خلاف المذهب المالكي والحنفي للشافعية، ثم يذكر بعد ذلك الإجابة عن كل دليل من أدلة المخالفين وردها، وكثيرا ما يشرح الألفاظ الفقهية واللغوية، كما يحكم في بعض المواضع على بعض الأحاديث النبوية الشريفة، ويذكر بعض رواة الأحاديث والحكم عليهم جرحا وتعديلاً.
نسبة الكتاب للمؤلف وقيمة الكتاب العلمية:
يعد كتاب تحفة اللبيب في شرح التقريب من أهم الشروح لهذا المتن وأقدمها فهو أقدم شرح لهذا المتن، وهو من أكثر الشروح ذكرا لخلاف المذاهب الأخرى، والتدليل عليها، فهو يحكي الخلاف في المذهب الشافعي بين الأقوال والوجوه، ويرجح بينها أحيانا إضافة إلى حكاية الخلاف مع المذاهب الأخرى، ومن أشهرها المذهب الحنفي والمالكي، وقد ذكرنا فيما سبق ما يدل على صحة نسبة الكتاب لمؤلفه في الكلام حول اسم الكتاب.
---
انتهى كلام المحقق حفظه الله.
وأقول - وبالله أستعين -:
الكتاب يختلف تماماً عن شرحي ابن دقيق العيد على الإلمام أو عمدة الأحكام، ولك أن تقول، ويختلف أيضاً عن شرحه لمختصر ابن الحاجب الفرعي المفقود ، بحسب مقدمته التي كتب لها الحياة فبقيت.
فقد كان ابن دقيق العيد رحمه الله في كتابه تحفة اللبيب في شرح التقريب شخصية أخرى، بعيداً كل البعد عن النقد الفقهي الذي كان السمة الرئيسية الأولى في كتاباته الفقهية والأصولية.
واقتصر في هذا الكتاب على شرح المتن مستدلاً له بالنص أو الإجماع أو المعنى، بأخصر عبارة، وهذه – في مقابل السمة الرئيسية لكتبه الأخرى - هي السمة الرئيسية للكتاب من أوله إلى آخره، ولا تكاد تجد له موضعاً أبرز فيه رأيه مخالفاً للمذهب الشافعي، غاية ما هنالك أنه يشير إلى الصحيح من المذهب إذا تعددت أقوال أصحابه في المسألة.
وقد يشير إلى الخلاف في المسألة ، وينتقد الرأي الآخر المخالف للشافعي بأخصر عبارة، وقد تقع له الإشارة إلى الخلاف من غير أن يتعرض له.
وفي الحقيقة فأبرز ما شدني في الكتاب أمران اثنان:
الأول: لطافة الاستدلال، ووقعت له جملاً رائقة في مواطن متعددة، وأظن ظناً أننا قد نجد من نمط هذه الاستدلالات في هذا الكتاب المختصر ما لا نتوقع أن نجده في غيره من المطولات.
الثاني: كيف استطاع ابن دقيق العيد النقاد صاحب القلم الساخن الذي لم يكد يسلم من اعتراضاته أصحابه في القول الراجح قبل القول المرجوح:
كيف استطاع هذا الرجل أن يلجم عنان قلمه أن يسير حيث كان يسير في جبلته وعادته.
لقد عرف ابن دقيق العيد رحمه الله سبب تصنيف أبي شجاع لمختصره فما أراد أن يفسد عليه اختصاره بالتطويل والاستطراد، وأبقى الكتاب على هيئته وأضاف إليه ما انتهى إليه علمه من خلاصة الاستدلالات.
فيا فرحة الشافعية بهذا الكتاب.
اللهم ارحم ابن دقيق العيد وانفعنا بعلمه.