تابع الرد على أسئلة الدرس الثالث من الدورة الأولى
تابع الرد على أسئلة الدرس الثالث من الدورة الأولى
تابع الرد على أسئلة الدرس الثالث من الدورة الأولى
أشكر الأخت أم عبد الله، والأخت أم البررة على المشاركة
وأقول ردًّا على سؤالهما عن الفرق بين التعبيرات الكيفية، والتعبيرات الكمية:
الكيفية: هيئة ثابتة في الشيء، ولا يمكن قسمتها.
والكمية: القدر. وهي ما يمكن قسمتها، لقبولها المساواة، والتفاوت والتجزؤ.
وفي الكمية، تستخدم القياسات الرياضية بالأرقام، لتحديد الأحجام والمساحات، والكتل والنسب.
التعبير الكيفي يصف حالة الشيء، مثل: طويل، قصير، حار، بارد، سريع، بطيء، قوي، ضعيف، كبير، صغير، مرتفع، منخفض... إلخ.
التعبير الكمي يحدد المقدار، فنقول: إن درجة حرارته مئة، وطوله متر، وسرعته ستون كيلو مترا في الساعة، وارتفاعه مئة وستون سنتيمترا ...وهكذا.
التعبيرات الكيفية غير دقيقة، وغير صالحة في صياغة النظريات والقوانين والفروض العلمية.
فائدة التعبير الكمي:
1. أكثر دقة في تحديد حالة الشيء. فإن التعبيرات الكيفية نسبية في مفهومها. أما التعبيرات الكمية فهي محددة بالمقاييس أو الموازين.
2. التعبير الكمي الدقيق يجمع في قانون (حكم) واحد ما يبدو مشتتا متباعدًا، ويصل بنا إلى وحدة في التعبير عن صفات كيفية متعددة، نبلورها في صيغة واحدة، ونضعها في قانون واحد، أو نصدر حكما واحدا، نعبر عنه بصيغة رياضية كمية دقيقة، على وجه لا تكون معه هذه الجزئيات المختلفة إلا مجرد حالات.
وقبل أن يعترض معترض بأن هذا لا يصلح في الدراسات الإسلامية. أعرض تطبيقا من نتائج رسالتي للدكتوراه، وعنوانها "اختيارات ابن القيم الفقهية في الزواج والطلاق". فانظر إلى تكميم نتائج الدراسة:
"تظهر الدراسة أن ما كتب ابن القيم في فقه الأحوال الشخصية عمومًا، نحو ربع مجموع ما كتبه في الفقه، وهذه نسبة كبيرة؛ إذا علمنا أن فقه العبادات يحتل نصف الفقه الإسلامي عادةً. حيث تشغل العبادات نحو نصف كتب الفقه المبسوطة، على حين لا تحتل موضوعات الأحوال الشخصية إلا سدسها فقط تقريبًا؛ وهذا يعني مزيد عناية من ابن القيم بأحكام الزواج والطلاق وبناء الأسرة والمجتمع المسلم.
وقد بلغت اختيارات ابن القيم في النكاح والطلاق أربعة وعشرين ومئتي اختيار، تفصيلها كالتالي:
1- عدد اختيارات ابن القيم في النكاح خمسة وتسعون اختيارًا.
منها اثنان وعشرون اختيارًا في موانع النكاح، وخمسة اختيارات في الشروط في النكاح، واثنا عشر اختيارًا في عقد النكاح، واثنا عشر اختيارًا في الولاية، وعشرون اختيارًا في المهور، وثمانية اختيارات في الأنكحة المنهي عنها، وستة عشر اختيارًا في عشرة النساء.
2- عدد اختيارات ابن القيم في الطلاق خمسة وستون اختيارًا.
منها اثنا عشر اختيارًا في النية والشهادة والكتابة في الطلاق، وثمانية اختيارات في الشك في الطلاق، وسبعة اختيارات في التوكيل بالطلاق، وستة اختيارات في الطلاق البدعي، وتسعة عشر اختيارًا في الحلف بالطلاق وتعليقه، وثلاثة عشر اختيارًا في أنواع من الطلاق بالنسبة إلى حال المطلق.
3- عدد اختيارات ابن القيم في الفسوخ، والعدد، والخلع، والرجعة أربعةً وستون اختيارًا.
منها تسعة عشر اختيارًا في الفسخ، وثلاثة عشر اختيارًا في الخلع، وستة وعشرين اختيارًا في العدد، وستة اختيارات في الرجعة.
4- عدد الاختيارات التي وافق ابن القيم فيها الجمهور مئة اختيار.
وعدد الاختيارات التي خالف ابن القيم فيها الجمهور خمسة وتسعون اختيارًا، منها ثمانية وعشرون اختيارًا مفردات.
واختلف قول ابن القيم في ثلاثة اختيارات.
والباقي وهو ستة وعشرون اختيارًا، لا قول للجمهور فيها، وليست من المفردات.
ومعنى هذا أن ابن القيم وافق الجمهور أكثر مما خالفه. وأن اختياراته- في الغالب- مؤتلفة متسقة, غير متناقضة, ولا متعارضة, ولا متباعدة المأخذ. بل ترجع إلى منهج واحد ثابت القواعد, ومنطلقات محددة, لا تتبدل, ولا تتغير, تحكم جميع اختياراته؛ فيتسق أولها وآخرها, وتتعاضد. (انظر الرسم البياني رقم:4).
5- عدد الاختيارات التي وافق فيها ابن القيم الأئمة الأربعة سبعة وثلاثون اختيارًا.
وعدد الاختيارات التي خالف ابن القيم فيها الأئمة الأربعة ثلاثة وأربعون اختيارًا.
وأربعة اختيارات مسائل متولدة, ليست في المذاهب.
والاختيارات الباقية هي غير ذلك، سواء ما اختلف فيه قوله (وهو ثلاثة اختيارات)، أو ما ليس للأئمة الأربعة اجتماع عليه، وهو سبعة وثلاثون ومئة اختيار.
ومعنى هذا أن ابن القيم خالف الأئمة الأربعة أكثر مما وافقهم. وتفسير ذلك: أنه اهتم بمسائل معينة له فيها اختيار مخالف لهم، دون المسائل الموافقة التي لا يتسع فيها الخلاف. (انظر الرسم البياني رقم:5).
6- عدد الاختيارات التي وافق ابن القيم فيها المذهب الحنبلي واحد وعشرون ومئة اختيار.
وعدد الاختيارات التي خالف ابن القيم فيها المذهب الحنبلي ستة وتسعون اختيارًا.
وقد قلنا: إن المسائل التي خالف فيها قوله ثلاثة، والمسائل المتولدة التي ليست في المذاهب أربعة.
ومعنى هذا أنه وافق المذهب الحنبلي أكثر مما خالفه. وإن كان النسبة التي خالف فيها المذهب الحنبلي كبيرة. (انظر الرسم البياني رقم:6).
7- عدد الاختيارات التي وافق ابن القيم فيها ابن تيمية سبعة وخمسون ومئة اختيار.
والاختيارات التي تردد ابن تيمية فيها مسألتان اثنتان.
وخالف ابن القيم شيخه في عشر مسائل فقط.
والباقي أربعة وخمسون اختيارًا, مسائل لم يتبين لي فيها قول ابن تيمية، عدا مسألة واحدة مما اختلف فيه قول ابن القيم، لم أقف على قول لابن تيمية فيها.
ومعنى هذا أن ابن القيم لم يخالف شيخه ابن تيمية في مسائل الزواج والطلاق خاصة إلا قليلا, وأن ابن القيم درس مسائل وصلتنا لا نجد شيخه درسها؛ فهو عالم أصيل, له فكره ومنهجه, وليس مجرد صدىً لشيخه. (انظر الرسم البياني رقم:7).
8- عدد الاختيارات التي وافق ابن القيم فيها ابن حزم أربعة وستون اختيارًا.
وعدد الاختيارات التي خالف ابن القيم فيها ابن حزم ثلاثة وثمانون اختيارًا.
وتردد ابن حزم في مسألة واحدة.
والباقي غير ذلك، وهو ثلاثة وسبعون اختيارًا. بالإضافة إلى ثلاثة الاختيارات التي اختلف فيها قول ابن القيم.
ومعنى هذا أن ابن القيم اهتم كثيرًا بفقه ابن حزم؛ واستفاد منه استفادة واضحة، وإن كان خالفه أكثر مما وافقه. (انظر الرسم البياني رقم:8).
ويجدر بنا أن نقول: إن جميع هذه النتائج- سواء ما وافق الجمهور، أو خالفه، وما وافق المذاهب الأربعة، أو خالفها، وما وافق المذهب الحنبلي، أو خالفه، وما وافق ابن تيمية، أو خالفه، وما وافق ابن حزم، أو خالفه... كل ذلك ليس له دلالة مطلقة، وإنما دلالته تقتصر على الموضوع الذي درسته، وهو اختيارات ابن القيم في مسائل الزواج والطلاق. (انظر الرسم البياني رقم:1).
وللوقوف على نتائج عامة، وإحصاءات ذات دلالة مطلقة يجب إجراء حصر لاختيارات ابن القيم في جميع فقهه، وفي كل الفروع. ودراستنا إنما تناولت جانبًا من ذلك.
9- عدد الاختيارات التي ذكرها ابن القيم موافقا فيها المذهب الجعفري أربعة اختيارات. وجميعها في الطلاق, في طلاق السكران, والطلاق البدعي, والطلاق المعلق بشرط, والطلاق في العدة.
10- عدد الاختيارات التي خالف الباحث فيها ابن القيم خمسة وثلاثون اختيارًا، ووافقته في الباقي, وعدده تسعة وثمانون ومئة اختيار. (ويخرج من ذلك ثلاثة الاختيارات التي اختلف فيها قول ابن القيم).
ومعنى هذا أنني خالفت ابن القيم في ستة عشر بالمئة من اختياراته تقريبًا. ووافقته في أربعة وثمانين بالمئة من اختياراته تقريبًا. (انظر الرسم البياني رقم:9).
11- وافق القانون المصري ابن القيم في عشرين مسألة.
وخالفه في ثماني مسائل.
12- وافق القانون الكويتي ابن القيم في خمس وخمسين مسألة.
وخالفه في خمس عشرة مسألة.
13- وافق قانون الإمارات ابن القيم في اثنتين وخمسين مسألة.
وخالفه في سبع عشرة مسألة.
14- وافق مشروع القانون المصري السوري الموحد ابن القيم في إحدى وخمسين مسألة.
وخالفه في إحدى عشرة مسألة.
15- وافق القانون الموحد لدول مجلس التعاون الخليجي ابن القيم في ثلاث وأربعين مسألة.
وخالفه في تسع مسائل.
16- وافق مشروع القانون العربي الموحد ابن القيم في سبع وأربعين مسألة.
وخالفه في اثنتي عشرة مسألة.
والمستفاد من هذا: أن هذه القوانين وافقت ابن القيم كثيرًا, وخالفته قليلا. مما يدل على أن نظره كان في الغالب صائبًا, موافقا لمصالح الأمة المتجددة. (انظر الرسم البياني رقم:2).
17- وافق ابنُ حجر ابنَ القيم في ثلاث مسائل. وخالفه في مسألة واحدة.
18- وافق ابنُ المطهر ابن القيم في تسع وعشرين مسألة.
وخالفه في خمس عشرة مسألة.
19- وافق د.عبد الكريم زيدان ابن القيم في سبع وعشرين مسألة.
وخالفه في أحد عشر مسألة.
20- وافق د.محمد إبراهيم الحفناوي ابن القيم في أربع وعشرين مسألة.
وخالفه في سبع مسائل.
21- وافق الشوكاني ابن القيم في تسع عشرة مسألة.
وخالفه في خمس مسائل.
22- وافق سيد سابق ابن القيم في ثلاث وعشرين مسألة.
23- وافق صديق حسن خان ابن القيم في خمس عشرة مسألة.
وخالفه في خمس مسائل.
24- وافق د.محمد بكر إسماعيل ابن القيم في أربع عشرة مسألة.
وخالفه في مسألتين.
25- وافق محمد أبو زهرة ابن القيم في ثلاث عشرة مسألة.
وخالفه في مسألة واحدة.
26- وافق د.محمد عمر عتين ابن القيم في اثنتي عشرة مسألة.
وخالفه في مسألتين اثنتين.
27- وافق الصنعاني ابن القيم في عشر مسائل.
وخالفه في مسألتين اثنتين.
28- وافق عبد الرحمن عبد الخالق ابن القيم في ست مسائل.
وخالفه في مسألة واحدة.
29- وافق د.محمود الطنطاوي ابن القيم في خمس مسائل.
وخالفه في مسألتين اثنتين.
30- وافق جاد الحق علي جاد الحق ابن القيم في خمس مسائل.
31- وافق أحمد شاكر ابن القيم في أربع مسائل.
وخالفه في مسألة واحدة.
32- وافق الألباني ابن القيم في أربع مسائل, وخالفه في مسألة.
وهذا يعني أن اللاحقين استفادوا كثيرًا من ابن القيم, ووافقوه أكثر مما خالفوه. ودلالة هذا أن اختياراته الفقهية صالحة في جملتها لأن نستفيد منها في حياتنا المعاصرة. (انظر الرسم البياني رقم:3).
والحكم العام بعد هذا العرض: أن ابن القيم من العلماء الكبار, فيه أدوات الاجتهاد كاملة, وأكثر المسائل التي درسها محررة, واختياراته- في الغالب- قوية متسعة؛ حتى إن هذه الاختيارات يُدوي صداها إلى الآن في أرجاء العالم الإسلامي؛ وتؤثر في صياغة قوانين الأحوال الشخصية فيه.