العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

في تاريخ المذهب المالكي 2 : مرحلة التطور

إنضم
25 يونيو 2008
المشاركات
1,762
الإقامة
ألمانيا
الجنس
ذكر
التخصص
أصول الفقه
الدولة
ألمانيا
المدينة
مونستر
المذهب الفقهي
لا مذهب بعينه
[font=خط مسعد المغربي]بسم الله الرحمن الرحيم[/font]​

تبد أ مرحلة التطور من حيث انتهت مرحلة النشوء : أي مع بداية القرن الرابع , ولا يمكن فصل هذه المرحلة عن غيرها , فمراحل المذهب تتداخل وتمتزج امتزاجا ينصهر في الآراء والإجتهادات , والترجيحات التي تبرز في المراحل المختلفة.
وقد أصيبت المدارس المذهبية بنكبات متعددة خلال هذه الفترة باستثناء المدرسة الأندلسية التي استمرت مزدهرة نتيجة الدعم السياسي المطلق للمذهب خلافا لما لاقاه من العبيدين في تونس وغيرها .
وإذا كانت مرحلة النشوء قد تميزت بالإتجاه الإنفرادي : كل مدرسة تعتمد سماعات شخص أو اثنين بعينهما وعدم اعتبار سماعات غيرهما من أنصار المدارس الأخرى , فإن هذه النزعة قد بدأت تضمحل وتتلاشى , وصار التلاقح الفكري واضحا بين مدارس المذهب بواسطة عدة طرق : التلمذة – الحج – تبادل الكتب...
وقد كان للمدرسة الأندلسية السبق في هذا المجال حيث أنتجت أول كتاب في سماعات الإمام مالك أيا كانت المدرسة التي ترويه أو تعتمده – خلافا لما كان عليه الحال- وأخرجت بذلك كتاب الإستيعاب.
وهو كتاب كان القاضي إسماعيل قد ابتدأه لكن المنية اخترمته قبل إتمامه –رحمه الله- فأُعجب أمير الأندلس (الحكم بن عبد الرحمن) بالكتاب ومنهجه فذاكر قاضيه ابن السليم في إمكانية إتمام الكتاب , فاسند القاضي المهمة إلى الفقيهين أبي بكر المعيطي القرشي (367هـ) وأحمد بن عبد الملك الإشبيلي الشهير بابن المكوى (401هـ) فبذلا جهدهما في جمع السماعات ايا كان مصدرها فكان كتاب الإستيعاب الكبير في مائة جزء .
كما أن فقهاء العراق بدؤوا في الإهتمام بكتب واحد من أعلام المدرسة المغربية وهو ابن أبي زيد القيرواني فألف أبو بكر الأبهري سرحا سماه (مسلك الجلالة في مسند الرسالة) وللقاضي عبد الوهاب البغدادي شروحات مشهورة.
وقد كانت المدرسة العراقية تعتمد مختصرات ابن عبد الحكم , في حين كانت المداس الأخرى تعتمد سماعات ابن القاسم لا تحيد عنها ثم بدأ التقارب يلوح بين كافة المدارس في اعتماد سماعات ابن القاسم...
 
إنضم
25 يونيو 2008
المشاركات
1,762
الإقامة
ألمانيا
الجنس
ذكر
التخصص
أصول الفقه
الدولة
ألمانيا
المدينة
مونستر
المذهب الفقهي
لا مذهب بعينه
بيانه : أن قاعدة "إذا اختلف الناس عن مالك فالقول ما قاله ابن القاسم" تعد من أقدم قواعد الترجيح في المذهب , ومن الحوادث التي تظهر مدى تمسك مالكية الأندلس برأي ابن القاسم ما ذكر أن فضل بن سلمة بن حريز (319هـ) لما رجع إلى بلده (وجد فقهاءها قد تمكن سؤددهم , وتفننهم في المدونة خاصة . فلما جالسهم , وذكر لهم أقوال أصحاب مالك قالوا : دع هذا عنك , فلسنا نحتاج إليه , طريقنا كلام ابن القاسم لا غيره".
على أن المدرستين المصرية والقيروانية تعتمد أيضا على آراء ابن القاسم , وكيف لا وهو زعيم المدرسة المصرية , ومدونة سحنون –رأس المدرسة القيروانية- هي زبدة آراء ابن القاسم..
قال القابسي :"سمعت أبا القاسم حمزة بن محمد الكناني (357هـ) يقول : إذا اختلف الناس عن مالك , فالقول ما قال ابن القاسم , وبحضرته جماعة من أهل بلده ومن الرحالين , فما سمعت نكيرا من أحد منهم , وهم أهل عناية بالحديث وعلمه"
والمدرسة العراقية –كما ذكرتُ- وإن كان جل اعتمادها على روايات ابن عبد الحكم فإنها لم تهمل المدونة ولم تتركها , وهذا الإمام الأبهري يقول عن نفسه الأسدية خمسا وسبعين مرة. كما أن القاضي عبد الوهاب – كما في ترتيب المدارك- (رجح مسائل المدونة , لرواية سحنون لها عن ابن القاسم , وانفراد ابن القاسم بمالك , وطول صحبته , وأنه لم يخلط غيره إلا في شئ يسير).
لكن هذه القاعدة قد خضعت لتطويرات عديدة , يصور لنا العلامة أبو محمد صالح بن محمد الفاسي الهسكوري هذا التطور في كتابه (فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك) :إنما يفتى بقول مالك في الموطأ , فإن لم يجده في النازلة فبقوله في المدونة , فإن لم يجده فبقول ابن القاسم فيها , وإلا فبقوله في غيرها , وإلا فبقول الغير فيها , وإلا فأقاويل أهل المذهب).
 
إنضم
25 يونيو 2008
المشاركات
1,762
الإقامة
ألمانيا
الجنس
ذكر
التخصص
أصول الفقه
الدولة
ألمانيا
المدينة
مونستر
المذهب الفقهي
لا مذهب بعينه
خصائص مرحلة التطور من ناحية البحث ومنهج التأليف والموضوعات:
1- البحث :
لقد تبلور في أواخر المرحلة الأولى اصطلاحان رئيسان لدراسة المذهب واستنباط الأحكام الشرعية :(اصطلاح عراقي , واصطلاح قروي). ولكل من المدرستين منهج بحثي مغاير لما عليه الأخرى.
1- الإصطلاح العراقي :
لقد جعل مالكية العراق في مصطلحهم مسائل المدونة كالأساس , وبنوا عليها فصول المذهب بالأدلة والقياس , وإفراد المسائل وتحرير الدلائل على منهج أهل الرأي , لكنهم لم يعرجوا على الكتاب بتصحيح الروايات ومناقشة الألفاظ .
2- الإصطلاح القروي :
وعلى العكس من العراقيين اهتم القرويون بالبحث عن ألفاظ الكتاب وتصحيح الروايات , وبيان وجوه الإحتمالات , والتنبيه على بعض افضطرابات الحاصلة في الأجوبة.. فهو اتجاه نصي قائم على خدمة النص والتخريج عليه ومدارسته0
إلا أن هذا التمايز المنهجي لم يستمر طويلا , فقد نتج عن الإتصالات العلمية توحيد منهج البحث عند أتباع المذهب المالكي : وخير مثال على ذلك الإمام ابن أبي زيد والباجي والقاضي عياض .
أما الأول فقد جمع أفضل ما عند كل مدرسة : فمن إفريقية استفاد من أبي بكر بن اللباد , ومن الأندلس : الأصيلي , ومن فاس دارس بن إسماعيل , ومن مصر ابن شعبان صاحب الزاهي(ابن القرطي ) (355هـ) ومن العراق أبو بكر بن الأبهري , فتلاقى في كنفه متباعد الأفكار..
والباجي ابتدأ حياته دارسا للفقه المالكي (الأثري) ثم انتقل للشرق فدرس الفقه المالكي العراقي , فلما عاد للأندلس صار مدرسة قائمة بذاتها..
أما القاضي عياض فقد قدم في شرحه للمدونة نموذجا للجمع بين الطريقتين , واشتهر شرحه باسم التنبيهات.

2- منهج التأليف :
كانت المصنفات المذهبية الأولى تتميز بالتداخل بين كلام مالك وغيره , وكثرة التخاريج وتعدد الإصطلاحات..فكان لا بد من عملية الضبط والتهذيب ومراعاة الإنسجام ووحدة الموضوعات..وبذلك دخل التأليف مرحلة : الغربلة والتمحيص.
إلا أن التأليف سلك مسلكين مختلفين –نسبيا- :
الأول : مسلك التهذيب والترتيب والإختصار والتنقيح لأمهات ودواوين المذهب مع زيادة ما استجد. وفي هذا الصنف تندرج مصنفات ابن أبي زيد القيرواني إلا الرسالة , وابن بشير , وابن رشد..
الثاني : صياغة منهجية جديدة للآراء الفقهية في المذهب , فيكون الكتاب مبتدعا في منهجه وترتيب موضوعاته , ومن هذه الكتب : رسالة ابن أبي زيد القيرواني , والتلقين للقاضي عبد الوهاب , والتفريع لابن الجلاب.
3- الموضوعات :
اهتم علماء المالكية في هذه المرحلة بعلم القضاء والتصنيف فيه , وخصوا معظم جهدهم في ثلاثة ميادين من ميادين تطبيق الفقه الإسلامي القضائي :
1- الوثائق والشروط : الوثائق هي (العقود أو الشروط التي يسجلها الموثقون العدول) , وتسمى في عصرنا بالصكوك , وقد بدأت نهضة هذا الفن بالأندلس .
2- ما جرى به العمل: أو (الماجريات) , ولا يعرف بالضبط متى بدأ فيه العمل , وبالإستنتاج يكون ذلك في القرن الرابع الهجري. وقد خص بعض المالكية هذا الفن بتأليف كالباجي في كتابه فصول الأحكام, إذ هو موضوع لبيان ما حرى عليه عمل الحكام .
3- الفتاوى والنوازل: هو علم –كما في مفتاح السعادة ومصباح السايدة للشاطبي-تروى فيه الأحكام الصادرة عن الفقهاء في الوقائع الجزئية , ليسهل الأمر على القاصرين بعدهم. وكتب النوازل والفتاوى المالكية تنقسم إلى قسمين : الأول : كتب تحتوي على أحكام قضائية , في قضايا عرضت على المؤلف بصفته قاضيا , فاصدر حكمه فيها : ككتاب المفيد للحكام فيما يعرض لهم من نوازل الأحكام للقاضي أبي الوليد هشام بن عبد الله . الثاني : كتب جمع فيها المؤلف فتاويه , أو جمعها أحد تلامذته .

 
إنضم
25 يونيو 2008
المشاركات
1,762
الإقامة
ألمانيا
الجنس
ذكر
التخصص
أصول الفقه
الدولة
ألمانيا
المدينة
مونستر
المذهب الفقهي
لا مذهب بعينه
نماذج من الكتب المقبولة المؤلفة في هذا الدور :
1- المبسوطة ليحيى بن إسحاق الليثي الأندلسي (303هـ) : جمع فيه مؤلفه اختلاف اصحاب مالك وأقواله , وبلغت عناية مالكية الأندلس بهذا الكتاب أن اختصروه بإشارة الخليفة الأموي
2- مسائل الخلاف : محمد بن أحمد بن عبد الله بن بكير البغدادي (305هـ) : جاء في شجرة النور الزكية ص78 : [كتابه] في مسائل الخلاف كتاب جليل.
3- مختصر الواضحة : لفضل بن سلمة بن حريز (319هـ) : اختصر الواضحة لابن حبيب وزاد فيها من فقهه , (وهو من أحسن كتب المالكيين) (ترتيب المدارك 5/ 222).
4- المنتخبة لمحمد بن يحيى بن عمر بن لبابة المروزي (330هـ) وهي على مقاصد الشرح لمسائل المدونة.
5- الزاهي لأبي إسحاق محمد بن القاسم بن شعبان المعروف بابن القرطي (355هـ) وفي كتبه عامة غرائب واقوال شاذة .
6- أصول الفتيا على مذهب مالك لمحمد بن حارث الخشني (361هـ) وهو يعنى بالتأصيل الفقهي وتقعيد القواعد الجامعة لمسائل من كل باب من أبواب الفقه وكان ميالا إلى جمع النظائر.
7- شرح المختصر الكبير لابن عبد الحكم لأبي بكر محمد بن عبد الله الأبهري (375هـ)
8- شرح المختصر الصغير له ايضا.
9- مسلك الجلالة في مسند الرسالة , للأبهري أيضا , أسند فيها مسائل الرسالة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أو إلى أصحابه.
10- التفريع لعبيد الله بن الحسين (ابن الجلاب) (378هـ) ويسمى مختصر ابن الجلاب.
11- الرسالة لابن أبي زيد القيرواني
12- النواذر والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات, له ايضا.
13- مختصر المدونة له أيضا.
14- عيون الأدلة في مسائل الخلاف بين فقهاء الأمصار , لبي الحسن علي بن عمر بن أحمد المعروف بابن القصار (397هـ).
15- الممهد في الققه وأحكام الديانة لأبي الحسن القابسي (403هـ)
16- التلقين للقاضي عبد الهواب البغدادي (422هـ)
17- المعونة على مذهب عالم المدينة : للقاضي.
18- الإشراف على نكت مسائل الخلاف له ايضا.
19- الوثائق للباجي : لأبي عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الله الباجي (433هـ)
20- تهذيب المدونة لخلف بن سعيد الأزدي القيراوني (البراذعي ) (438هـ).
21- الإستذكار لمذاهب علماء الأمصار وعلماء القطار فيما تضمنه الموطأ من معاني الآثار لابن عبد البر (463هـ).

_________
وكتب الطرطوشي والباجي وابن رشد والمازري والقاضي عياض وابن شاس وغيرهم.
 

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,137
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
أحسن الله إليك ...
متابع ...
 
أعلى