العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

عدم جواز المظاهرات قول ابن باز و عبد العزيز الراجحي من المعاصرين

إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعـده ، وعلى آله وصحبه ، أما بعد : فإن الباعث على كتابة هذه الكلمة هو إعلام كل مسلمة ومسلمة بأن المظاهرات والمسيرات التي يفعلها بعض الناس احتجاجاً على فعل مشين من ولاة الأمر ليست جائزة ، وأن هذا مخالف لما كان عليه السلف الصالح نسأل الله الهداية والتوفيق .
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
العلة الرابعة في عدم مشروعية المظاهرات

العلة الرابعة في عدم مشروعية المظاهرات


رابعا : ( الاستدراك على الشرع ) فهل الشريعة غفلت عن استعمال المظاهرات والمسيرات كوسيلة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،والمطالبة بالحق ،ورفع الظلم مع ما فيها من الخير ؟ و هل الشريعة غفلت عن الأولى ؟ وهل هدي الكفار الذين اشتهر عنهم هذا الفعل خير من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ؟
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
وجه المنع من المظاهرات إذا كانت تخلوا من المحاذير الشرعية

وجه المنع من المظاهرات إذا كانت تخلوا من المحاذير الشرعية


وجه المنع من المظاهرات إذا كانت تخلوا من المحاذير الشرعية ، وكانت قوانينالدولة التي تقوم فيها المظاهرات والمسيرات لا تحتكم الى منهج الله تعالى ، وكانتهذه الدولة تزعم أنهاديموقراطية، وأن هذا الفعل فيها ليسممنوعا ولا ينتج عن التظاهرة أو المسيرة اتلاف وافساد للمتلكات وغيرها :

أن النبي صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح تركها مع وجود مقتضاها فالمشروع تركها والممنوع فعلها .

أن السنة الواردة في التعامل مع الحكام عامة تشمل الحاكم الكافر وغير الكافر ، وفي السنة عدم النصح تشهيرا ،والمظاهرات والمسيرات فيها تشهير .

أن هذه المظاهرات قد تأتي بنتائج عكس النتائج المرجوة ،ويحدث الإذاء للأقليات المسلمة في البلاد الكافرة .

أن القول بخلوها من المحاذير الشرعية كاختلاط أو رفع صوت النساء أو خروج المتبرجات أو خروج السني مع المبتدع ،و الإقرار على بدعته فهذا قول بالنادر ، وليس بالغالب ، والعبرة بالغالب .
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
بيان موافقتى على حذف الموضوع لو كانت المصلحة في ذلك

بيان موافقتى على حذف الموضوع لو كانت المصلحة في ذلك



ولو رأيتم أن هذه الموضوع لا يصح أن يثار في هذا الوقت فاطلبوا من الإدارة حذفه شاكرين فهدفنا واحد وغايتنا واحدة وكلنا يسعى لنشر ما يراه حقا حتى تعم الفائدة الجميع ، و أنتم اكبر مني علما وسنا وتخصصا في مثل هذه الأمور أخوكم ربيع
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
حتى لا يتشعب الموضوع أرى أن يقتصر النقاش في هذه المسألة على صاحب الموضوع د.ربيع، والأخ أبي عبد الله الرفاعي، وأنا أنسحب ابتداء ولا مانع من طرح الإخوة آراءهم بعد انتهاء الأخوين من هذه المناقشة العلمية الهادفة.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
أبو عبدالله الرفاعي;2050 قال:
الحمدلله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

الأخ الكريم د. ربيع أحمد حفظكم الله تعالى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد ؛

فلا أدري ما وجه المنع حفظكم الله لا سيما اذا كانت خلوا من المحاذير الشرعية ، وكانت قوانين الدولة التي تقوم فيها المظاهرات والمسيرات لا تحتكم الى منهج الله تعالى ، وكانت هذه الدولة تزعم أنها ديموقراطية ، وأن هذا الفعل فيها ليس ممنوعا ولا ينتج عن التظاهرة أو المسيرة اتلاف وافساد للمتلكات وغيرها .

الأخ د. ربيع هل أجبت عن السؤال المحدد للأخ أبي عبد الله؟
 
التعديل الأخير:
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
نعم اجبت عن وجه المنع كحكم عام

نعم اجبت عن وجه المنع كحكم عام

شيخنا فؤاد قد اجبت عن سؤال شيخنا الفاضل أبي عبد الله ، وعنونت له : (( وجه المنع من المظاهرات إذا كانت تخلوا من المحاذير الشرعية )) ،وهذا قولي كحكم عام أما إن كان هناك مفاسد أكثر من مفاسد التظاهر والمسيرات فالقاعدة درء أعظم المفسدتين ، وجلب أنفع المصلحتين ،وشأنها شأن المحاماة التي يعمل المحامي بالقوانين الوضعية في البلاد التي تتحاكم إليها ،ولايوجد وسيلة لرفع الظلم وإعطاء الحق لأهله إلا عن طريق التحاكم لمثل هذه القوانين والمحاماة فهذا جائز رفعا للحرج والمشقة مع الحرص على تفادي الخطأ ما أمكن فما كان حراما لغيره أبيح عند الحاجة ،والله لا يكلف نفسا إلا وسعها ،وشأنها شأن نغمات المحمول العادية الناس يحتاجون إليه ولا يوجد عندهم سوى النغمات واستعمال أدعية أو قران فيه شيء من الامتهان للقرآن خاصة قد يرن المحمول والشخص في مكان قضاء الحاجة فيباح مثل هذا قدر الحاجة فقط وإذا وجد غيره لا يجوز هذا هو ما أدين به لله ، وليس في نفسي شيئا من الأخ الفاضل فنحن أخوة يجب علينا أن تناصح في الله ، وما فعله نصيحة فكيف أحمل منه شيئا ؟ و موافقتي على حذف الموضوع إن أراد أو أردتم ذلك إنما هي من جانب النظر لطرحه في الوقت الحالي فاعتقد أنكم أعلم به مني .
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
جزاك الله خيرا ونفعنا بعلمك د. ربيع
ننتظر الآن جواب أخينا أبي عبد الله الرفاعي.
 

أحمد بن فخري الرفاعي

:: مشرف سابق ::
إنضم
12 يناير 2008
المشاركات
1,432
الكنية
أبو عبد الله
التخصص
باحث اسلامي
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
شافعي
الأخ الحبيب د. ربيع أحمد حفظكم الله

لقد سرني منكم حسن خلقكم حفظكم الله ورعاكم ، وزادكم علما وحلما .

عندما سألتُ ، سألتُ سؤالا استنكاريا ، وما كنت أحب أن ندخل في محاورة أو مناظرة ، فعندي من المواضيع التي أريد أن أستكملها الكثير ، وهذه تتطلب الجهد والوقت الكبير .

لكن لا بأس من طرق باب هذه المسألة إن أحببت ، فمسألة المظاهرات والمسيرات تكلم فيها أهل العلم ، فمن مانع ومن مجيز ، وقد نقلتَ حفظك الله جُلّ ما يتكىء عليه المانعون ، وأستطيع أن ألخص كلامكم - لا سيما الكلام الأخير - في أربع نقاط ، وهي : _
1- القول ببدعيتها ، وأن فعلها استدراك على الشرع ، وقد تركها السلف مع وجود مقتضاها .
2- أن فيها مخالفة لأسلوب النصيحة ، والأصل في نصيحة الحاكم أن تخلوا من التشهير .
3- أن هذه المظاهرات والمسيرات قد تأتي بنتائج معاكسة ، وقد تسبب الأذى للأقليات .
4- يصعب ان تكون خلوا من المحاذير ، ومنها الاختلاط .

هل بقي عندكم - أكرمكم الله - ما يمكن أن يُضاف ؟

وشكر الله لكم

أخوك المحب
 
التعديل الأخير:
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
وأنا مثلكم مشغول جدا لدرجة ليس عندي وقت لأرى والدي وهما معي في نفس المكان ، وما ذكرته هي فعلا أكثر حجج المانعين ،و فرق بين الكلام عن المظاهرات كحكم عام وبين الكلام عن المظاهرات في بلاد الكفر فلكل مقام مقال فابدوا بما ترونه أحق بالبداية
 

أحمد بن فخري الرفاعي

:: مشرف سابق ::
إنضم
12 يناير 2008
المشاركات
1,432
الكنية
أبو عبد الله
التخصص
باحث اسلامي
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
شافعي
د / ربيع أحمد ( طب ).;2092 قال:
وأنا مثلكم مشغول جدا لدرجة ليس عندي وقت لأرى والدي وهما معي في نفس المكان ، وما ذكرته هي فعلا أكثر حجج المانعين ،و فرق بين الكلام عن المظاهرات كحكم عام وبين الكلام عن المظاهرات في بلاد الكفر فلكل مقام مقال فابدوا بما ترونه أحق بالبداية

الأخ الحبيب ربيع أحمد حفظه الله

أعانكم الله ووفقكم ، وسدد رأيكم .
ولي رجاء : وهو أن تقضي الليلة مع والديك ، وأن تترضاهما ، وأن تطلب منهما الدعاء لي ولك . .

وغدا إن شاء الله نشرع في دراسة المسألة معا .

وشكر الله لكم

أخوك المحب
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
جزاكم الله خيرا على النصيحة ،وأنا اقصد بأني لا أرى ولادي ليس مجرد رؤيتهما بل مليء العين برؤيتهما فأنا لا أشبع من النظر إليهما ،وهم معي في نفس البيت نأكل كثيرا معا ،و كل يوم لابد أن أرهما الرؤية المعتادة لكن ذهني مشغول حتى وأنا معهما فلا أشعر بأني رأيتهما .
 

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,136
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
لقد سرني- بعد غيابي عن الملتقى- ما رأيت منكما؛ من أدب طالب العلم حين المحاورة؛ لأجد من ورائها عنوان المحبة في الله بين طلاب العلم؛ والذي ينئى بنا عن الغلظة؛ والقسوة ...
والذي سيُكسِب الملتقى مكانة طيبة؛ وسمعة جميلة؛ فأنتم رواده؛ وأنتم من ستطبعونه بطابعكم ...
فبارك الله فيكم؛ ونفع بكم؛ وزادكم فقهاً وعلماً وعملاً ...
وبانتظاركما ...
 

أحمد بن فخري الرفاعي

:: مشرف سابق ::
إنضم
12 يناير 2008
المشاركات
1,432
الكنية
أبو عبد الله
التخصص
باحث اسلامي
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
شافعي
لقد سرني- بعد غيابي عن الملتقى- ما رأيت منكما؛ من أدب طالب العلم حين المحاورة؛ لأجد من ورائها عنوان المحبة في الله بين طلاب العلم؛ والذي ينئى بنا عن الغلظة؛ والقسوة ...
والذي سيُكسِب الملتقى مكانة طيبة؛ وسمعة جميلة؛ فأنتم رواده؛ وأنتم من ستطبعونه بطابعكم ...
فبارك الله فيكم؛ ونفع بكم؛ وزادكم فقهاً وعلماً وعملاً ...
وبانتظاركما ...


واياكم أخانا الحبيب
وشكر لكم
 

أحمد بن فخري الرفاعي

:: مشرف سابق ::
إنضم
12 يناير 2008
المشاركات
1,432
الكنية
أبو عبد الله
التخصص
باحث اسلامي
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
شافعي
جزاكم الله خيرا على النصيحة ،وأنا اقصد بأني لا أرى ولادي ليس مجرد رؤيتهما بل مليء العين برؤيتهما فأنا لا أشبع من النظر إليهما ،وهم معي في نفس البيت نأكل كثيرا معا ،و كل يوم لابد أن أرهما الرؤية المعتادة لكن ذهني مشغول حتى وأنا معهما فلا أشعر بأني رأيتهما .

واياكم
هذا الظن بكم أيها الأخ الحبيب
وشكر لكم
 

أحمد بن فخري الرفاعي

:: مشرف سابق ::
إنضم
12 يناير 2008
المشاركات
1,432
الكنية
أبو عبد الله
التخصص
باحث اسلامي
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
شافعي
الأخ الحبيب د. ربيع أحمد حفظكم الله

لقد سرني منكم حسن خلقكم حفظكم الله ورعاكم ، وزادكم علما وحلما .

عندما سألتُ ، سألتُ سؤالا استنكاريا ، وما كنت أحب أن ندخل في محاورة أو مناظرة ، فعندي من المواضيع التي أريد أن أستكملها الكثير ، وهذه تتطلب الجهد والوقت الكبير .

لكن لا بأس من طرق باب هذه المسألة إن أحببت ، فمسألة المظاهرات والمسيرات تكلم فيها أهل العلم ، فمن مانع ومن مجيز ، وقد نقلتَ حفظك الله جُلّ ما يتكىء عليه المانعون ، وأستطيع أن ألخص كلامكم - لا سيما الكلام الأخير - في أربع نقاط ، وهي : _
1- القول ببدعيتها ، وأن فعلها استدراك على الشرع ، وقد تركها السلف مع وجود مقتضاها .
2- أن فيها مخالفة لأسلوب النصيحة ، والأصل في نصيحة الحاكم أن تخلوا من التشهير .
3- أن هذه المظاهرات والمسيرات قد تأتي بنتائج معاكسة ، وقد تسبب الأذى للأقليات .
4- يصعب ان تكون خلوا من المحاذير ، ومنها الاختلاط .

هل بقي عندكم - أكرمكم الله - ما يمكن أن يُضاف ؟

وشكر الله لكم

أخوك المحب


الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ،، وبعد ؛
فاللهم انا نسألك الاخلاص في القول والعمل ، اللهم اهدنا الى الحق ، ونور بصائرنا وسدد رأينا ووفقنا لما تحبه وترضاه يا رب العالمين .

سأتكلم في الموضوع من خلال عدة قواعد :

القاعدة الأولى : الأصل في الأشياء الاباحة .
فالأقوال والأفعال لها حالتان :
إما ان تكون عبادات فالأصل فيها التوقيف ، وأعني بالتوقيف أنه لا يسعنا أن نتعبد الله تعالى بعبادة الا اذا دل دليل معتبر على مشروعيتها .

وإما أن تكون عادات : معاملات ..أطعمة ...أشربة ، لبس وزينة وغير ذلك ، والأصل في هذه الأشياء الإباحة ما لم يدل دليل معتبر على تحريمها والنهي عنها .

قال الزركشي في " البحر المحيط :
"فالشرع قد قَرّر أن الأصلَ فِي الأشيَاءِ علَى أنها على الإِباحة إلا ما استَثْناه الدَّليل ، وفائدة ذلك أنه إذا وقع الخلاف فِي حكمِ شيء في الشرعِ هل هو على الإِباحة أو المنْعِ ؟ حكَم بِأَنَّهُ على الإِباحة ، لأنّ الشرع قد قرر ذَلك ". البحر المحيط للزركشي 7/263

وقال ابن قدامة في المغني 1/161 : " لأن الأصل الإباحة، وترك النبي صلى الله عليه وسلم لا يدل على الكراهة، فإنه صلى الله عليه وسلم قد يترك المباح كما يفعله " .

والمظاهرات والمسيرات لم يرد فيها شيء عن الشارع يمنع منها .
وقد أشار ابن قدامة رحمه الله فيما نقلته عنه قريبا : أن ترك النبي صلى الله عليه وسلم لأمر لا يدل على الكراهة فضلا عن التحريم . لأن الأصل الاباحة .


القاعدة الثانية : حد البدعة .
من المعروف أن العبادات الأصل فيها التوقيف كما سبق قريبا ، ولكن هناك جانب آخر وهو جانب العادات فهل الزيادة فيه يُعَدُّ من البدعة التي هي ردٌّ، وهي ضلالة ؟
وهل تندرج في حديث عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلة الله عليه وسلم : "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد" وفي لفظ " كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد " ؟

قال الشيخ محمد بن ابراهيم آل الشيخ في الرسائل والفتاوى :
"((مَن أَحدَثَ فِيْ أَمْرنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنهُ فَهُوَ رَدٌّ)) وفي رواية ((مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ)). ولا يخفى أَنه لا يقصد بالميكرفون واستعماله قربة ولا زيادة ثواب عن غيره وإِنما المقصود به كما لا يخفى تكبير الصوت حتى يسمعه من لا يسمع صوت الخطيب لاتساع المسجد ونحوه، فمثله مثل النظارة في تكبير الحرف وتقريبه، إِذ القارىء لا يقصد بقراءته القرآن وهو يقرؤه بالنظارة زيادة القربة والثواب وإِنما يهدف إِلى التمكن من القراءة بوضوح، فكذلك الميكرفون، بل قد يكون استعمال الميكرفون قربة من القرب إِذا احتيج إِلى ذلك إِذ أَنه وسيلة إِلى تبليغ الخطبة جميع المصلين، وكذا إِبلاغ صوت المؤذن. وقد يقال إِنه من العادات التي لا يقصد بفعلها التعبد وإِنما هو من الأُمور العادية، ولو سمع ما يقال عن العوائد بأَنها بدع محدثة لاعتبر جميع ما لم يكن في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وعهد أَصحابه من المآكل والمشارب والملابس والمراكب وكافة أَنواع رسائل الحياة مما استحدث بعد تلك العهود من البدع والمنكرات، والقول بذلك في غاية السقوط والبطلان والجهل التام بأصول الدين ومقاصده."

"وقال العلامة ابن عثيمين " مجموع الفتاوى "
"ولهذا كان من القواعد المقررة عند أهل العلم " أن الأصل في العبادات الحظر والمنع حتى يقوم دليل على المشروعية" قال سبحانه : (أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يإذن به الله) وهذا إنكار عليهم.
وعلى العكس من ذلك فالأصل في المعاملات والأفعال والأعيان الإباحة والحل حتى يقوم دليل على المنع.وهذا الحديث ورد في العبادات وهي التي يقصد الإنسان بها التعبد والتقرب إلى الله، فنقول لمن يزعم شيئاً عبادة: هات الدليل على أن هذا عبادة، وإلا فقولك مردود .... وإذا تردد الأمر بين كونه عبادة أو عادة فالأصل أنه عادة ، ولا ينهى عنه حتى يقوم دليل على أنه عبادة".


لقد بين الشيخان رحمهما الله حد البدعة ، وأنها لا تدخل في العادات لذلك فقد قال الشافعي رحمه الله :
" المحدثات ضربان ما أحدث يخالف كتابا أو سنة أو أثرا أو إجماعا فهذه بدعة الضلال وما أحدث من الخير لا يخالف شيئا من ذلك فهذه محدثة غير مذمومة " مناقب الشاقفعي للبيهقي .

وقد درج المسلمون رحمهم الله على استحداث الكثير من الأمور التي كانت فيها مصلحة ، كجمع الناس على نسخة واحدة من القرآن الكريم ، وقبل ذلك جمع القرآن ، وجمع السنة ، وتأليف الكتب في علم الشريعة ، واستحداث الدواوين ، ونظام الخراج ، واستخدام الآت الحرب الدبابات ، والبنادق ، وغيرها ، وركوب الطائرات ، وهذه كلها محدثات .

بل إن المسلمين استحدثوا أمورا أخذوها عن الروم وأهل فارس ، كنظام الدواوين ، وصك النقود وغير ذلك مما رأى المسلمون فيه مصلحة لأهل الإسلام

من خلال هاتين المقدمتين أرى أن المظاهرات تخرج عن قيد محدثات الضلالة لأنها من العادات اولا ، ولم يرد دليل في الشرع يمنع منها .
وكذا يتبين من كلام العلماء أن المحدثات في العادات ليس فيها استدراك على الشرع ، بل بعض هذه المحدثات قد يكون واجبا اذا اقتضته المصلحة ، حتى ولو كان تقليدا لغير المسلمين وقد أوردت بعض الأمثلة الدالة على ذلك .

وهناك اشارة واضحة في كلام ابن قدامة الذي نقلته عن " المغني " تبين بوضوح أن ترك النبي صلى الله عليه وسلم لشيء لا يدل على الكراهة .
وبهذا أقول أن ترك السلف لشيء مع وجود مقتضاه لا يدل على الكرهة بله التحريم .

القاعدة الثالثة : من هم أولوا الأمر ؟
اختلف المفسرون في المقصود بقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ) سورة النساء (59) .
فمنهم من قال (أولي الأمر) هم العلماء. ومنهم من قال أنهم الأمراء والولاة، ومنهم من قال أنهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن مقال أن (أولي الأمر) هم أولو العقل والرأي الذين يدبرون أمر الناس، أي أهل الحل والعقد الذين قال الإمام النووي فيهم: (فإن أهل الحل والعقد هم الطليعة الواعية والفئة المستنيرة من أهل الإجتهاد ومن الأمة هم الجديرون باختيار الإمام)(المجموع للنووي).
.
وأنا أرى أن المقصود بهم الأمراء ما داموا يستظلون بظل العلماء .

لكني أقول : هل الأمير او الحاكم او السلطان الذي لا يُحكّم منهج الله تعالى ويستبدل به تشريعا وضعيا ، يحل ما حرم الله ، ويحرم ما أحل الله ، هل هذا هذا الحاكم هو المقصود بهذه الأية ؟ّّّ!!

لا يشك من له أدنى معرفة بعلوم الشريعة الاسلامية أنه ليس المقصود بأولي الأمر ، فما الفرق بين هذا الحاكم وبين النصارى واليهود ؟

لقد قام (834? -914?) الونشريسي في مجموعه المسمى "المعيار المعرب"، بجمع أكثر من ستة آلاف فتوى صادرة عن مشاهير العلماء، الذين عاشوا في بلاد الأندلس والمغرب وشمال إفريقيا، في خلال الفترة ما بين أواخرالقرن الرابع الهجرى والقرن العاشر الهجري. ولقد تناولت كثير من هذه الفتاوى النوازل والمشكلات التى واجهت المسلمين في هذه البلاد على مدى قرون، ومنها استيلاء النصارى على أجزاء كبيرة منها، ووقوع المسلمين تحت حكمهم. وتضمنت بعض هذه الفتاوى مبدأ ولاية العلماء، وقيامهم مقام الحاكم المسلم في غيابه. وهذه مناقشة لبعض هذه الفتاوى، وأنا أنصج اخواني بمراجعته فهو من أعظم الكتب التي صنفت في هذه القضايا .

ومن بين هذه الفتاوى :
سئل الداودي وهو الامام أحمد بن نصر الداودي المالكي توفي سنة 402 سئل عن بلاد المصامدة في منطقة جبلبة معزولة بالمغرب، لم تكن تخضع لسلطة الدولة المسلمة، من يملك حق تحكيم الشريعة في المقيمين بها، فأجاب بعبارة صريحة بقوله: "كل بلد لا سلطان فيه، أوفيه سلطان يضيع الحدود، أو السلطان غير عدل، فعدول الموضع وأهل العلم، يقومون في جميع ذلك مقام السلطان "

وسئل الامام أبو الحسن القابسي توفي سنة 403عن مكان في بلاد السودان القديمة، كان خاضعا لحاكم غير مسلم، وفي البلد رجل مسلم ولاه ملك البلد القضاء بين المسلمين ورضي به المسلمون لأنفسهم، هل تجوز أحكامه وتنفذ على المسلمين؟ فأجاب بتفصيل:

"إذا كان هذا المكان الذي دار فيه هذا الأمر، مستقرا للمسلمين سكنوه وأقاموا فيه، فلا بد لهم ممن ينظر في أمورهم ويحكم بينهم، وتكون لهم يد يقوى بها على من عصى الحكم ويأمر بها من الغالب على المكان، إذ لا يمكن أن يفتات على الملوك في سلطانهم، ولا سيما سلطان الكفر والعداوة. فإن كان ناظر المسلمين منهم يحكم فيهم بأحكام المسلمين فحكمه ماض إذا أصاب وجه الحكم، ولازم لمن رضي أن يدخل في سلطانه ويقيم تحت نظره من مقيم أو مجتاز"

والناظر في كتاب " غياث الأمم عند التياث الظلم" للجويني يرى عجبا .

مما تقدم يظهر أن معظم الذين الذين يحكمون بلاد المسلمين في عصرنا هذا ليسوا ممن تنطبق عليهم هذه الآية الكريمة ، وليسوا من ولاة الأمر بالمسمى الشرعي .

وهذه فتوى الشيخ صالح بن فوزان بن عبدالله الفوزان/ أسئلة وأجوبةفي مسائل الإيمان والكفر/
السؤال السادس عشر:

ما حكم تنحية الشريعة الإسلامية واستبدالها بقوانين وضعية كالقانون الفرنسي البريطاني وغيرها ، مع جعله قانوناً ينص فيه على أن قضايا النكاح والميراث بالشريعة الإسلامية ؟

الجواب :
من نحّى الشريعة الإسلامية نهائياً وأحل مكانها القانون فهذا دليل على أنه يرى جواز هذا الشيء ، لأنه ما نحاها وأحل محلها القانون إلا لأنه يرى أنها أحسن من الشريعة ، ولو كان يرى أن الشريعة أحسن منها لما أزاح الشريعة وأحل محلها القانون، فهذا كفر بالله عز وجل .
أما من نص على أن قضايا النكاح والميراث فقط تكون على حسب الشريعة ، هذا يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض، يعني يحكّم الشريعة في بعض، ويمنعها في بعض، والدين لا يتجزأ، تحكيم الشريعة لا يتجزأ، فلا بد من تطبيق الشريعة تطبيقا كاملاً، ولا يطبق بعضها ويترك بعضها .


كتبته على عجل وفاء بما وعدت
يتبع ان شاء الله
 
التعديل الأخير:

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,136
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
ما شاء الله لا قوة إلا بالله
فعلاً ..... لتكن النقاشات رصيداً لإثراء ملكاتنا الفقهية والعلمية ...
ولتكن مطارحاتنا نحو الإيجابية ...
جزى الله الدكتور/ ربيع على طرح هذا الموضوع؛ ليكون على مائدة النقاش ...
وشكر الله صنيعك شيخنا أبا عبدالله على هذا الحوار الهادئ المفيد ...
نفعنا الله بما كتبتما ...
 

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,136
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
أخي الكريم الرفاعي؛ عذراً؛ الخط صغيرٌ جداً؛ لذا فقد كبرت الخط؛ كي لا تجهد عين القارئ؛ كما جهدت عيني.
 

أحمد بن فخري الرفاعي

:: مشرف سابق ::
إنضم
12 يناير 2008
المشاركات
1,432
الكنية
أبو عبد الله
التخصص
باحث اسلامي
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
شافعي
عبدالحميد بن صالح الكراني;2138 قال:
ما شاء الله لا قوة إلا بالله
فعلاً ..... لتكن النقاشات رصيداً لإثراء ملكاتنا الفقهية والعلمية ...
ولتكن مطارحاتنا نحو الإيجابية ...
جزى الله الدكتور/ ربيع على طرح هذا الموضوع؛ ليكون على مائدة النقاش ...
وشكر الله صنيعك شيخنا أبا عبدالله على هذا الحوار الهادئ المفيد ...
نفعنا الله بما كتبتما ...


بورك فيكم أيها الحبيب ، ونفع بكم .

وجزاك الله خيرا على تكبير الخط ، وأعتذر عن ايراده بالبنط المصغر .

وسامحني أنت والأخوة الأفاضل الذين شرفوني بمرورهم على هذا الموضوع إن سببت لكم ازعاجا أو عنتا .
 

أحمد بن فخري الرفاعي

:: مشرف سابق ::
إنضم
12 يناير 2008
المشاركات
1,432
الكنية
أبو عبد الله
التخصص
باحث اسلامي
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
شافعي
القاعدة الرابعة : كيف ننصح حكام هذا الزمان ؟

أحب في البداية أن أبين أن الأصل في النصيحة أن تكون بين الناصح والمنصوح سرا ، فإذا جَهَرتَ بها كان تعيّيرا وتشهيرا لا نصيحة ، وقد بين الحافظ ابن رجب الحنبلي يرحمه الله الفرق بين النصيحة والتعيير في رسالته المطبوعة ، وقد أجاد أيّما اجادة ، وأنصح شباب الأمة بقراءة هذه الرسالة لأنها تربي الشباب على أدب رفيع وخلق قويم .

لكنني أتساءل فأقول اذا لم تُجدِ النصيحة في السر مع حاكم يُجاهر بالمعصية والفساد ، فهل عليّ بأس اذا قمت بنُصحه جهرا وعلانية ؟
سنرى ذلك من خلال أقوال العلماء وسأذكر دليلا واحدا ، وإن لزمني ذكر غيره فعلت إن شاء الله :


أخرج الشيخان في صحيحهما عن أبي وائل : قال : قال أسامةُ - رضي الله عنه - : سمعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يقول : « يُؤتَى بالرجل يوم القيامة فيُلْقى في النار ، فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُ بَطْنِهِ، فَيَدُورُ بها كما يدُور الحمار في الرَّحَى ، فيجتمع إِليه أَهلُ النار، فيقولون : يا فُلانُ مالك ؟ أَلم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ فيقول : بلى ، كنتُ آمر بالمعروف ولا آتيه ، وأَنْهَى عن المنكر وآتيه».
ولمسلم في رواية ، قال : قيل لأسامة : « لو أَتيتَ عثمانَ فَكلَّمْتَهُ ، فقال : إنكم لَتَرَوْنَ أَنِّي لا أُكَلِّمُهُ إِلا أُسْمِعُكم ، وإني أُكلِّمُهُ في السِّرِّ ، دونَ أَن أَفْتَح بابا لا أكونُ أوَّلَ مَنْ فَتحَهُ ، ولا أَقول لرجلٍ إن كان عليَّ أَميرا : إِنَّهُ خيرُ الناس : بعدَ شيء سمعتُه من رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- ، قالوا : وما هو ؟ قال : سمعتُه يقول : يُجَاءُ بالرجل يوم القيامة فيُلْقى في النار ، فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُهُ، فيدور كما يَدُور الحمار بِرَحَاهُ ، فَيجتَمِعُ أَهل النار عليه، فيقولون : يا فلان ، ما شأنك ؟ أَليس كنتَ تأمُرُنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟ فيقول : كنت آمُرُكم بالمعروف ولا آتيه، وأنهاكم عن الشر وآتيه».
قال : « وإِني سمعتُه يقول : مَرَرْتُ ليلةَ أُسْرِيَ بي بأَقوامٍ تُقْرَضُ شِفَاهُهم بمقاريضَ من نارٍ ، قلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال : خُطَباءُ أُمَّتك الذين يقولون ما لا يفعلون».


احتج بعضهم بهذا الحديث على عدم جواز النصيحة لولي الأمر إلا سرا ،
مع أني أعتبر أن هذا يدل على تمام أدب أسامة بن زيد رضي الله عنهما مع الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه ، وعلّل أسامة رضي الله عنهما ذلك بعدم رغبته بفتح باب لم يُفتح من قبل ، وكان يرى أن وراء هذا الباب سيلا عرمرما من الفتن ، وقد كان .

وأرى أن الحديث لا يحمل بين طياته دلالة على عدم جواز النصح الا بالسر ، فمن كان يطلب من أسامة رضي الله عنهما أن يأمر عثمان رضي الله عنه كانوا من الصحابة غالبا ، ولو علموا أن هذا الأمر غير جائز لما طالبوا ، هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى فإن أسامة رضي الله عنه اعتذر إليهم بما قدمنا ، ولم يعتذر بعدم الجواز ..


قال الحافظ النووي في " شرح مسلم "18 / 118 :
" قوله ( أفتتح أمرا لاأحب أن أكون أول من افتتحه ) يعنى المجاهرة بالإنكار على الأمراء فى الملأ كما جرى لقتلة عثمان رضى الله عنه ، وفيه الأدب مع الأمراء ، واللطف بهم ، ووعظهم سرا ، وتبليغهم ما يقول الناس فيهم لينكفوا عنه ، وهذا كله اذا أمكن ذلك ، فإن لم يمكن الوعظ سرا والإنكار ، فليفعله علانية لئلا يضيع أصل الحق "

وقال العيني في " عمدة القاري " 23/34:
" فيه الأدب مع الأمراء واللطف بهم ووعظهم سرا وتبليغهم قول الناس فيهم ليكفوا عنه هذا كله إذا أمكن فإن لم يمكن الوعظ سرا فليجعله علانية لئلا يضيع الحق لما روى طارق بن شهاب قال قال رسول الله أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر وأخرجه الترمذي من حديث أبي سعيد بإسناد حسن "
قال الطبري : معناه : إذا أمن على نفسه ، أو أن يلحقه من البلاء ما لا قبل له به ، روي ذلك عن ابن مسعود وحذيفة وهو مذهب أسامة .
وقال آخرون الواجب على من رأى منكرا من ذي سلطان أن ينكره علانية كيف أمكنه ، روي ذلك عن عمر وأبي بن كعب رضي الله تعالى عنهما "
.

قلت : حديث طارق بن شهاب المشار اليه له شواهد هو بها صحيح .

وممن كان يرى من الصحابة الإنكار على الامام علانية بالاضافة الى عمر وأبي بن كعب رضي الله عنهما : أمنا عائشة ولها موقف مشهور مع عثمان بن عفان رضي الله عنهما ، وكذا الزبير وطلحة وعبادة بن الصامت وأبو ذر صاحب المواقف المشهورة رضي الله عنهم جميعا

وهذه النماذج تدل دلالة واضحة على جواز الانكار علانية ، وهذه المواقف وقعت مع أئمة أطهار رضي الله عنهم وارضاهم من الخلفاء الراشدين ، فما بالك بحكام هذه الأيام الذين استدبروا الدين واتخذوه ظهريا ، واستبدلوا شرائعه بشرائع مستوردة !!!

كتبته على عجل ، فمن رأى فيه خطأ او خللا فليصحح أو فلينصح وجزاكم الله خيرا .

يتبع ان شاء الله
 
التعديل الأخير:
إنضم
28 ديسمبر 2007
المشاركات
677
التخصص
التفسير وعلوم القرآن
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
حنبلي
جزاكم الله خيرا أيها الأخوة الأحبة ..
أتفق مع فضيلة الشيخ أبي عبد الله الرفاعي حفظه الله وحفظ الإخوة جميعا ..

وقد أجاد - فيما أرى - في تقعيد القواعد المؤصلة لهذه المسألة ..
والله أسأل أن يوفق الجميع وسيكون لي عود على هذا إن شاء الله تعالى .
 
أعلى