العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

حكم دخول الحائض والجنب المسجد لسماع الدروس والمحاضرات

إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.

حكم دخول الحائض والجنب المسجد لسماع الدروس والمحاضرات
أ.د. سعود بن عبدالله الفنيسان


جاء في سنن أبي داود وابن ماجه والبيهقي وصحيح ابن خزيمة، عن عائشة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: " لا أحل المسجد لحائض ولا جنب" والحديث وارد على سبب، وذلك أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- جاء ووجوه بيوت أصحابه شارعة [مقابلة] في المسجد، فقال: وجهوا هذه البيوت عن المسجد، ثم دخل النبي –صلى الله عليه وسلم- ولم يصنع شيئًا؛ رجاء أن تنزل فيهم رخصة، فخرج إليهم بعدُ، فقال: "وجهوا هذه البيوت عن المسجد فإني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب"، وحيث إن هذا الحديث هو عمدة من يمنع دخول الحائض المسجد، فمن المتعين بيان درجته من حيث القبول والرد، فأقول مستعيناً بالله: إن إسناد هذا الحديث بجميع طرقه ضعيف لا يحتج به، ففي إسناده: جسرة بنت دجاجة، قال فيها البخاري: عندها عجائب، وقال البيهقي: فيها نظر، كما في إسناده أيضاً (أُفلت) أو فليت بن خليفة عن جسرة عن عائشة، وفليت هذا مجهول، ذكره ابن أبي حاتم في كتابه الجرح والتعديل. ورواه ابن ماجه في سننه من حديث أبي الخطاب البحري عن محدوج الذهلي عن جسرة بنت دجاجة عن أم سلمة، وهذا خطأ، و الصحيح عن عائشة، وأبو الخطاب ومحدوج مجهولان، قاله الحافظ ابن حجر.
وقال البخاري في محدوج الذهلي: فيه نظر، وقال ابن حزم: ساقط يروي المعضلات عن جسرة، وقال الذهلي له حديث مقطوع هو هذا الحديث.
وأبو الخطاب البحري قال فيه البخاري مجهول، وقال الذهبي: متماسك، ولينه الحافظ ابن حجر واتهمه جمال الدين المزي بالتشيع مع شيخه ابن عقدة.
هذا عن رجال إسناده، أما الحديث جله فقد ضعفه كل من الخطابي في (معالم السنن)، وابن القيم في (تهذيب السنن)، والنووي في (المجموع) وابن حزم في (المحلى)، وقال إنه منكر مردود، وتبعه الألباني في (إرواء الغليل).
آية النساء (يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنباً إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا.." نصت على من أصابته جنابة – ذكراً كان أو أنثى- وكان مسافراً أن لا حرج عليه أن يمر بالمسجد إن احتاج لذلك.
قال ابن عباس: " لا يصح لأحد أن يقرب الصلاة "ومن لازم المسجد وهو جنب إلا بعد الاغتسال إلا المسافر فإنه يتيمم" وقال به النووي والشافعي، وبهذا قال أبو حنيفة والنووي وابن راهويه وهو رواية عن أحمد: أما إذا أراد الجنب دخول المسجد فعليه أن يتيمم، وقال الجمهور من العلماء: يجوز لمن عليه جنابة دخول المسجد للحاجة مطلقاً، واستدلوا بحديث أبي هريرة المتفق عليه لما سأله الرسول – صلى الله عليه وسلم - عندما افتقده، فقال: يا رسول الله إني كنت نجساً قد أجنبت، فقال له الرسول (إن المسلم لا ينجس) قال ابن المنذر: وبه نقول. فأنكر على أبي هريرة اعتزاله المسجد، وحضور مجلس العلم بعلة الجنابة، وبين له أن المسلم لا ينجس.
ومعلوم أن الكافر المشرك يجوز له دخول المساجد كلها إلا المسجد الحرام؛ لقوله تعالى " إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا..."وبوب البخاري في صحيحه: (باب دخول المشرك المسجد) وساق فيه حديث ثمامة بن أثال لما ربطه الرسول –صلى الله عليه وسلم- في سواري المسجد، ولا يكاد يجهل أحد أن المشركين كانوا يغدون على الرسول – صلى الله عليه وسلم- وهو في المسجد – لغرض الإسلام أو لتبليغ رسالة إليه، أو لغرض المجادلة والحاجة كما حصل من وفد نصارى نجران، فقد بقوا أياماً ضربوا أخبيتهم في جانب من المسجد، بل كان نصارى الحبشة يلعبون فيه بالحراب بمرأى ومسمع من الرسول – صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، فإذا جاز هذا مع المشرك النجس مهما تطهر وتنظف فكيف لا يجوز للحائض والجنب المسلمين دخول المسجد لسماع المواعظ والتذكير وتعلم القرآن وتعليمه، وإذا جاز للجنب ومن في حكمه
- كالحائض – المرور بالمسجد للحاجة الخاصة من نوم أو استظلال وراحة فدخولهما له لغرض طلب العلم أو تعليمه من باب أولى.
- وحدث الحيض كحدث الجنابة في الجملة، فلا تصح الصلاة من الحائض والجنب ما داما متلبسين، به ودليل هذا في الجنب آية النساء السابق ذكرها، ودليل عدم صلاة الحائض قول رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ( فإذا أقبلت حيضتك تدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك وصلي).
ويفارق الجنب الحائض بأمور منها: أن من عليه جنابة لا يجوز له أن يقرأ القرآن، بخلاف الحائض فلا مانع أن تقرأ القرآن نظراً أو حفظاً على الصحيح من أقوال أهل العلم، وبه أفتت اللجنة الدائمة لهيئة كبار العلماء برئاسة سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله- وما ورد في منع الحائض من قراءة القرآن لحديث ( لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن) فلا يصح، فقد ضعف طرقه ابن القيم في ( إعلام الموقعين) والحافظ ابن حجر في (التلخيص الحبير).
ومما يخالف فيه الجنب الحائض أن الجنب يصح صيامه بخلاف الحائض. كما يختلف الحدثان( الجنابة والحيض) في الاغتسال منهما، فمن عليه جنابة لابد من تعميم الماء على جميع جسده وشعره فإن تحت كل شعرة جنابة، أما الحائض عند الاغتسال منه فلا يلزمها نقض شعر رأسها بل يكفيها أن تحثو عليه ثلاث حثيات من الماء، وأيضاً فإن من عليه جنابة فرفع حدثه بيده متى شاء اغتسل.
أما المرأة الحائض فرفغ حدثها أو ابتداؤه ليس إليها لحديث " إن حيضتك ليست بيدك" فحدثها قد يطول، حيث أقل الحيض يوم وليلة، وأكثره خمسة عشر يوماً من الشهر، وهذا معنى الحديث الصحيح في نقصان دين المرأة: أنها ( تجلس شطر دهرها لا تصلي) فمنع الحائض من قراءة القرآن ودخول المسجد للتعليم والتعلم يتسبب في حرمانها من خير كثير طوال نصف عمرها الزمني.
- وتأسيساً على ما سبق فإن الجنب والحائض على وجه الخصوص لا يجوز منعهما من دخول المسجد لسماع المواعظ وحضور الدروس والندوات والمحاضرات العلمية النافعة، ومنع الحائض من ذلك قد يسبب لها نسيان ما حفظته من القرآن، ويحرمها من طلب العلم النافع علاوة على ما فيه من كسر خاطرها، وكبح همم وعزائم ذوات النبوغ من النساء.
- ثم إذا أبيح للجنب دخول المسجد للحاجة كما لو كان في سفر (إلا عابري سبيل ...) فإن الحائض أشد منه حاجة، كأن يطلبها عدو لأخذ مالها أو التحرش بها جنسياً فلها أن تدخل المسجد وتمكث فيه، والقاعدة الشرعية تقول: ( الحاجة تنزل منزلة الضرورة عند الانتفاء)، وطلب العلم في المسجد إن لم يكن بالفعل فرض عين تدعو إليه الضرورة لإحياء رسالة المسجد للمسلمين جميعاً، فلا أقل أن يكون حاجة تنزل منزلة الضرورة.
- وإذا كانت العلة من منع الحائض من دخول المسجد والمكث فيه للحاجة عند من يقول بالمنع هي خوف تلويثه بالنجاسة (الدم) فإن وسائل النظافة والتحفظ عند النساء اليوم أكثر منه في زمان مضى، حيث تتحفظ المرأة في بيتها – فضلاً عن المسجد- لا يلحق الدم مهما عظم شيئاً من ملابسها، ثم إن المستحاضة (غير الحائض) تصوم وتصلي وتشهد مجامع الخير ولو خرج منها الدم. فقد جاء في صحيح البخاري من حديث عائشة، قالت:" اعتكف مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعض نسائه وهي مستحاضة ترى الدم، فربما وضعت الطست تحتها من الدم" فإن كانت علة المنع للحائض هي التلويث للمسجد فهي نفسها في دم الاستحاضة، وليست مساجدنا بأفضل من مسجد رسول الله – صلى الله عليه وسلم- بل حاجة نساء اليوم إلى طلب العلم الشرعي وتوخي سبله النافعة – أشد من حاجة نساء الأمس وأمهات المؤمنين خاصة.
- وثبت من حديث أم عطية في الصحيحين أنها قالت: " أمرنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم- في العيدين أن نخرج العواتق والحيض ليشهدن الخير ودعوة المسلمين ويجتنبن الحيض المصلى) فكأن اجتناب النساء الحيض للمصلى مخافة التلويث بالدم النجس، وسبق أن أجبنا عن هذه العلة المدعاة، أما التعليل في خروجهن إلى صلاة العيدين فقد نص عليه بالحديث (ليشهدن الخير ودعوة المسلمين) من سماع الخطبة والموعظة والتأمين على الدعاء ونحو ذلك، وهذا هو عين الموجود في الدروس العلمية المقامة في المسجد من الرجال والنساء طوال العام، وفي شتى الفنون العلمية النافعة.
ثم إن منع الحيض من حضور مثل هذه الدروس والحلقات العلمية لا يتفق مع قول رسول الله – صلى الله عليه وسلم- " لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وليخرجن تفلات" أي بثياب العادة دون زينة أو طيب، بل في بعض روايات حديث أم عطية السابقة أنها سألت عن مثل هذا الخروج أهو عزيمة أو رخصة، حين قالت ( أعلى إحدانا بأس إذا لم يكن لها جلباب ألا تخرج؟ فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم- مشيراً إلى أن الخروج في مثل هذه الحال هو أشبه بالعزيمة قال" لتلبسها صاحبتها من جلبابها" قال الحافظ ابن رجب في شرحه لصحيح البخاري " الأظهر أن أمر الحيض باعتزال المصلى إنما هو حال الصلاة ليتسع المصلى على النساء الطاهرات مكان صلاتهن، ثم يختلطن بهن في سماع الخطبة" والنهي عن تلويث المسجد بدم الحيض أو دم الاستحاضة على السواء، ولهذا قال الحافظ ابن حجر في الفتح في شرح حديث المستحاضة التي اعتكفت مع الرسول – صلى الله عليه وسلم -: " فيه جواز مكث المستحاضة في المسجد، وصحة اعتكافها وصلاتها وجواز حدثها في المسجد عند أمن التلويث، ويلتحق بها دائم الحدث ومن به جرح يسيل" وقال ابن الملقن في شرحه لعمدة الأحكام: " أُمر الحيّض باعتزال مصلى المسلمين ليس للتحريم، بل إما مبالغة في التنزيه لمحل العبادة، أو لكراهة جلوس من لا يصلي مع المصلين في محل واحد في حال إقامة الصلاة، أو هو للاحتراز وصيانتهن من مقاربة الرجال من غير حاجة ولا صلاة".
- وقول النبي – صلى الله عليه وسلم – عن الحائض في الحج: " تقضي المناسك كلها غير أن لا تطوف بالبيت" دليل على دخولها المسجد الحرام للدعاء والصدقة والاستغفار لمضاعفة الحسنة فيه بمائة ألف إلا الصلاة والطواف فيه فلا يصح منها.
الخلاصة:
بعد النظر والتأمل في النصوص وأقوال أهل العلم فيظهر لي – والله أعلم - جواز دخول الجنب والحائض المساجد كلها إذا أمن التلويث لأرض المسجد وفرشه، ودعت حاجة غير الصلاة في المساجد أو الطواف بالبيت – ولا حاجة أكبر وأهم من حضور مجالس الذكر وحلق العلم تعلماً وتعليماً التي تعقد بين الحين والآخر في عموم مساجد المسلمين، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد.




المصدر
 

مجتهدة

:: متميز ::
إنضم
25 أبريل 2008
المشاركات
931
التخصص
فقه وأصول..
المدينة
000000
المذهب الفقهي
حنبلية على اختيارات الشيخ ابن عثيمين-رحمه الله-.
جزاكم الله خيــراً على (توسيع) صدوركم، وانا أعلم أن من تكلم كتم ثلاثة ارباع حنقه وأخرج الربع..
وظنت وانا انقر على (ايقونة الرد) أريد التعليق مجدداً على قولكم أني ساتفاجأ بحظر مشاركاتي!
أسأل الله مغفرته ورحمته...
الحمد لله انا أعرف للعلماء فضلهم، وأحبهم، ولولا حبي لهم واعجابي بهم-بعد طلب الثواب- ماطلبت العلم، فقد كنت في الابتدائية اكثر من النظر في سير السلف وفي المتوسطة، فرأيتهم بشراً وخلت أننا أشباح لاتلبث أن تموت لترتاح منها الأرض...!!
فرحمة الله عليهم جميعاً، وأعوذ بالله أن اسيئ لأحد منهم.....

لكن إن كان عندي مايحيرني أفأسكت!؟ وأنا أعلم أن له جواباً!؟؟؟
ربما فكرتي غير واضحة...الله أعلم...



أرأيتم لو لم أطرح اشكالي.. لما سمعت هذه الردود الجميـــلة!!
icon4.gif

أرأيتم؟!!
فمن أين لي بمن أطرح عليه سؤالاً فيقول لي: أسكتي لايسمعنك أحد!!؟؟
باااااارك الله فيكم...
 

وطن التميّز

:: متابع ::
إنضم
11 يناير 2010
المشاركات
80
التخصص
فقه وأصوله
المدينة
الفروانية
المذهب الفقهي
الشافعي
جزاكم الله خيــراً على (توسيع) صدوركم، وانا أعلم أن من تكلم كتم ثلاثة ارباع حنقه وأخرج الربع..
وظنت وانا انقر على (ايقونة الرد) أريد التعليق مجدداً على قولكم أني ساتفاجأ بحظر مشاركاتي!
أسأل الله مغفرته ورحمته...
الحمد لله انا أعرف للعلماء فضلهم، وأحبهم، ولولا حبي لهم واعجابي بهم-بعد طلب الثواب- ماطلبت العلم، فقد كنت في الابتدائية اكثر من النظر في سير السلف وفي المتوسطة، فرأيتهم بشراً وخلت أننا أشباح لاتلبث أن تموت لترتاح منها الأرض...!!
فرحمة الله عليهم جميعاً، وأعوذ بالله أن اسيئ لأحد منهم.....

لكن إن كان عندي مايحيرني أفأسكت!؟ وأنا أعلم أن له جواباً!؟؟؟
ربما فكرتي غير واضحة...الله أعلم...



أرأيتم لو لم أطرح اشكالي.. لما سمعت هذه الردود الجميـــلة!!
icon4.gif

أرأيتم؟!!
فمن أين لي بمن أطرح عليه سؤالاً فيقول لي: أسكتي لايسمعنك أحد!!؟؟
باااااارك الله فيكم...


عزيزتي
أنا أتكلم عن نفسي ، ولا علاقة لي بغيري
أنت تكلمت مقررة الفكرة التي وضعتها في مشاركتك
ولست بمثابة السائلة عنها
والشواهد كثيرة ، وهذا ما دفعني للرد عليك
ولا أظن أني قسوت إنما رددت على الفكرة فحسب



فإن كنت سائلة فلا أظن الإخوان إلا مجيبون لك بكل رحابة صدر
لكن لا تقرري ما لا ينبغي تقريره



بارك الله فيك
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
جزاكم الله خيــراً على (توسيع) صدوركم، وانا أعلم أن من تكلم كتم ثلاثة ارباع حنقه وأخرج الربع..
وظنت وانا انقر على (ايقونة الرد) أريد التعليق مجدداً على قولكم أني ساتفاجأ بحظر مشاركاتي!
أسأل الله مغفرته ورحمته...
الحمد لله انا أعرف للعلماء فضلهم، وأحبهم، ولولا حبي لهم واعجابي بهم-بعد طلب الثواب- ماطلبت العلم، فقد كنت في الابتدائية اكثر من النظر في سير السلف وفي المتوسطة، فرأيتهم بشراً وخلت أننا أشباح لاتلبث أن تموت لترتاح منها الأرض...!!
فرحمة الله عليهم جميعاً، وأعوذ بالله أن اسيئ لأحد منهم.....

لكن إن كان عندي مايحيرني أفأسكت!؟ وأنا أعلم أن له جواباً!؟؟؟
ربما فكرتي غير واضحة...الله أعلم...



أرأيتم لو لم أطرح اشكالي.. لما سمعت هذه الردود الجميـــلة!!
icon4.gif

أرأيتم؟!!
فمن أين لي بمن أطرح عليه سؤالاً فيقول لي: أسكتي لايسمعنك أحد!!؟؟
باااااارك الله فيكم...

لم نقل هذا أختنا الكريمة.. والردود في ظني كانت جميلة ..
وأعتقد أننا -جميعاً- التزمنا الأدب في الخطاب، وأرشدنا وبينَّا.. وأرجو أن لا يسوء ظنك بإخوانك في الله تعالى، فهم مشفقون قبل أن يكونوا موبخين معاتبين. والله يرعاكم
 
إنضم
13 نوفمبر 2009
المشاركات
24
التخصص
؟؟؟
المدينة
دبي
المذهب الفقهي
حر
أما قوله صلى الله عليه و سلم ( و يعتزلن المصلى )
فما هو المصلى ؟ و ما المقصود به في الحديث ؟

معلومٌ أن مصلى النبي عليه الصلاة و السلام كان ناحية البقيع بقيع الغرقد بالجبانة ، و هي مساحة أرضٍ فضاء كان يصلي فيها العيدين و الاستسقاء، و ليس لها بناءٌ يحوطها حتى يجوز لنا أن نقول فلانٌ دخل المصلى و فلانٌ لم يدخل المصلى بل هي أرض مفتوحة , هذا أولاً .

فمن يقول أن النبي صلى الله عليه و سلم منعهن من دخول المصلى ( أي أمرهن باعتزاله - و قد بينا من قبل معنى الاعتزال لغة و معنى - أي المصلى ) فلأحرى أن يُمنعن من دخول المسجد لعظم قدره و قدسيته فهو لم يتصور المسألة تصورا صحيحا و الحكم على الشيئ فرع عن تصوره .

فالمصلى ليس بناء له جدران و حوائط حتى نقول هذا داخل المصلى و هذا خارج المصلى بل هو أرض فضاء يجتمع فيها المسلمون لأداء الصلاة ، و قيل أن النساء كن يجلسن فيه خلف الرجال ، فما دلالة قوله و يعتزلن المصلى لو كان مراده لا يجلسن في المصلى أصلا ؟ ولماذا خرجن إذاً ؟ مع العلم بأنه هو الذي أمر بأخراجهن ، و من قال خرجن ليشهدن الخير و دعوة المسلمين قلنا له كيف يشهدن دعوة المسلمين و هن خارج المصلى ؟

فعلم من ذلك أن مقصود النبي صلى الله عليه و سلم بالمصلى أي حال الصلاة و الله أعلم .


ثم أين حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه و أرضاه أنه صلى الله عليه و سلم خرج في يوم أضحى أو فطرٍ - إلى المصلى فمر على النساء فقال يامعشر النساء تصدقن .......... الحديث . رواه البخاري

و فيه أنه كان يعظ النساء و يخصهم بالوعظ في يوم العيد لاجتماعهن و لتذكيرهن و حثهن على الصدقة و فيه شهود النساء صلاة العيد و أنهن يخرجن للمصلى و غير ذلك .
و قوله فمر على النساء يشعر باجتماعهن في مكان واحد بلا تفرقة كما قال ابن رجب ويختلطن بهن حال الخطبة و يعتزلن حال الصلاة حتى يفسحن مكانا للطاهرات يصلين و لا يقطعن الصفوف أهـ .

ومعنى ذلك أنهن جميعا في مكان واحد إما داخل المصلى أو خارج المصلى ...!


و أما حجة من قال بعدم جواز دخول المرأة الحائض المسجد حتى لا تلوثه و لا يتأذى النساء منها فهذا من أبعد ما يكون إذ هو معلومٌ للجميع أن إحدى نساء النبي صلى الله عليه و سلم أعتكفت معه و هي مستحاضة و ربما وُضع الطست تحتها و هي تصلي كما رواه البخاري في صحيحه . و لا شك أن إقرار النبي صلى الله عليه و سلم بذلك دليل على جواز مكث من ظنت عدم تلويث المسجد .




و خلاصة القول
أن الحائض يجوز لها أن تدخل المسجد و تمكث فيه إذا أمنت عدم تلويثه و هو قول طائفة من أهل العلم ، و المسألة فيها خلاف و يسعنا ما وسع سلفنا الصالح ، فمن اطمأن قلبه للقول بالجواز فليعمل به و من لم يطمئن قلبه لهذا القول فلا يعمل به و العلم عند الله و الله تعالى أعلم و صلى الله على محمد و على آله و صحبه أجمعين.
 

مجتهدة

:: متميز ::
إنضم
25 أبريل 2008
المشاركات
931
التخصص
فقه وأصول..
المدينة
000000
المذهب الفقهي
حنبلية على اختيارات الشيخ ابن عثيمين-رحمه الله-.
عزيزتي


أنا أتكلم عن نفسي ، ولا علاقة لي بغيري
أنت تكلمت مقررة الفكرة التي وضعتها في مشاركتك
ولست بمثابة السائلة عنها


بارك الله فيك
وفيك بارك الله...نعم أنا طرحته مقررة، ولا أستفسر،،لكني تكلمت بظني وجعلته أمامكم لنتحاور، ونتناقش.. وليس لنتفرج عليه..!


ولقد قلت كلاما في مشاركتك السابقة لعل الله ييسر الرد عليه، لكني لاأريد اثقال الموضوع بما هو خارج عن صلبه..



وأشكر أبايوسف التواب،، جزاه الله خيراً...

ولعله ينظر بنظري أنا لابنظره هو،، ويحاول أن يجد من خلال الكتب ما أقصد الاشارة إليه...
 

مجتهدة

:: متميز ::
إنضم
25 أبريل 2008
المشاركات
931
التخصص
فقه وأصول..
المدينة
000000
المذهب الفقهي
حنبلية على اختيارات الشيخ ابن عثيمين-رحمه الله-.
عودة إلى الموضوع الأساس..

هل للشيخ سلف سبقه في اطلاق هذا الحكم؟؟
 
إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
871
الكنية
أبو الأمين
التخصص
أصول الفقه
المدينة
باريس
المذهب الفقهي
أصول مالكية
أما قوله صلى الله عليه و سلم ( و يعتزلن المصلى )
فما هو المصلى ؟ و ما المقصود به في الحديث ؟

معلومٌ أن مصلى النبي عليه الصلاة و السلام كان ناحية البقيع بقيع الغرقد بالجبانة ، و هي مساحة أرضٍ فضاء كان يصلي فيها العيدين و الاستسقاء، و ليس لها بناءٌ يحوطها حتى يجوز لنا أن نقول فلانٌ دخل المصلى و فلانٌ لم يدخل المصلى بل هي أرض مفتوحة , هذا أولاً .

فمن يقول أن النبي صلى الله عليه و سلم منعهن من دخول المصلى ( أي أمرهن باعتزاله - و قد بينا من قبل معنى الاعتزال لغة و معنى - أي المصلى ) فلأحرى أن يُمنعن من دخول المسجد لعظم قدره و قدسيته فهو لم يتصور المسألة تصورا صحيحا و الحكم على الشيئ فرع عن تصوره .

فالمصلى ليس بناء له جدران و حوائط حتى نقول هذا داخل المصلى و هذا خارج المصلى بل هو أرض فضاء يجتمع فيها المسلمون لأداء الصلاة ، و قيل أن النساء كن يجلسن فيه خلف الرجال ، فما دلالة قوله و يعتزلن المصلى لو كان مراده لا يجلسن في المصلى أصلا ؟ ولماذا خرجن إذاً ؟ مع العلم بأنه هو الذي أمر بأخراجهن ، و من قال خرجن ليشهدن الخير و دعوة المسلمين قلنا له كيف يشهدن دعوة المسلمين و هن خارج المصلى ؟

فعلم من ذلك أن مقصود النبي صلى الله عليه و سلم بالمصلى أي حال الصلاة و الله أعلم .


ثم أين حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه و أرضاه أنه صلى الله عليه و سلم خرج في يوم أضحى أو فطرٍ - إلى المصلى فمر على النساء فقال يامعشر النساء تصدقن .......... الحديث . رواه البخاري

و فيه أنه كان يعظ النساء و يخصهم بالوعظ في يوم العيد لاجتماعهن و لتذكيرهن و حثهن على الصدقة و فيه شهود النساء صلاة العيد و أنهن يخرجن للمصلى و غير ذلك .
و قوله فمر على النساء يشعر باجتماعهن في مكان واحد بلا تفرقة كما قال ابن رجب ويختلطن بهن حال الخطبة و يعتزلن حال الصلاة حتى يفسحن مكانا للطاهرات يصلين و لا يقطعن الصفوف أهـ .

ومعنى ذلك أنهن جميعا في مكان واحد إما داخل المصلى أو خارج المصلى ...!


و أما حجة من قال بعدم جواز دخول المرأة الحائض المسجد حتى لا تلوثه و لا يتأذى النساء منها فهذا من أبعد ما يكون إذ هو معلومٌ للجميع أن إحدى نساء النبي صلى الله عليه و سلم أعتكفت معه و هي مستحاضة و ربما وُضع الطست تحتها و هي تصلي كما رواه البخاري في صحيحه . و لا شك أن إقرار النبي صلى الله عليه و سلم بذلك دليل على جواز مكث من ظنت عدم تلويث المسجد .




و خلاصة القول
أن الحائض يجوز لها أن تدخل المسجد و تمكث فيه إذا أمنت عدم تلويثه و هو قول طائفة من أهل العلم ، و المسألة فيها خلاف و يسعنا ما وسع سلفنا الصالح ، فمن اطمأن قلبه للقول بالجواز فليعمل به و من لم يطمئن قلبه لهذا القول فلا يعمل به و العلم عند الله و الله تعالى أعلم و صلى الله على محمد و على آله و صحبه أجمعين.



بارك الله في الأخ الكريم

لكن أرى أن ما جئت به من أدلة ضعيف و هو إعادة لما سبق لذلك سأضيف للموضوع هذه الفتوى للشيخ فركوس حفظه الله التي توافق ما ذهبت إليه و الذي أخالفه فيما ذهب إليه و سأعود لنقدها إن شاء الله إن تيسر الوقت و تبيان مواقع الخلل فيها مع تبيان مواطن الخلل في ما جئت به إن شاء الله.



دخول الحائض المسجد



السؤال: يرجى من الشيخ أبي عبد المعز أن يبين لنا على وجه التحقيق مسألة دخول الحائض المسجد مطلقا أو للحاجة مع التفصيل. وشكرا.

الجواب: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين أمّا بعد:

فلم يرد دليل ثابت وصريح في حق الحائض ما يمنعها من دخول المسجد، والأصل عدم المنع، وقد وردت جملة من المؤيدات لهذا الأصل مقررة للبراءة الأصلية منها: ما ثبت من حديث عائشة رضي الله عنها فيما رواه البخاري وغيره:" أنّ وليدة سوداء كانت لحي من العرب فأعتقوها، فجاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأسلمت فكان لها خباء في المسجد أو حفش"(١) ولا يخفى عدم انفكاك الحيض عن النساء إلا نادرا، ولم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم أنّه أمرها باعتزال المسجد وقت حيضتها والأصل عدمه، ولا يصح أن يعترض عليه بأنّه واقعة عين وحادثة حال لا عموم لها، لأنّ الذي يضعف صورة تخصيصها بذلك كون القصة مؤكدة للبراءة الأصلية، يؤيدها عموم قوله صلى الله عليه وآله وسلم:«إنّ المسلم لا ينجس»(٢) ويقوي هذا الحكم مبيت أهل الاعتكاف في المسجد مع ما قد يصيب المعتكف النائم من احتلام، والمعتكفة من حيض، وهي أحوال غير خفيّة الوقوع في زمنه صلى الله عليه وآله وسلم ومنتشرة انتشارا يبعد معه عدم علم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، وهو المؤيَّد بالوحي.

ويشهد للأصل السابق قوله صلى الله عليه وآله وسلم لعائشة رضي الله عنها في حجة الوداع لمّا حاضت: «افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري»(٣)، ولم يمنعها النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الدخول إلى المسجد والمكث فيه، وإنّما نهاها عن الطواف بالبيت، لأنّ الطواف بالبيت صلاة، وقد ثبت في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: "إنّ أول شيء بدأ به النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين قدم مكة أنّه توضأ ثمّ طاف بالبيت"(٤) فهذا يدل على وجوب الطواف على طهارة، بناء على أنّ كلّ أفعاله صلى الله عليه وسلم في الحج محمولة على الوجوب في الأصل. ومعلوم للعاقل أنّ الفعل لا يمكن أن يؤمر به وينهى عنه من وجه واحد لاستحالة اجتماع الضدين، وهو تكليف بما لا يطاق، وإنّما يجوز أن يكون الفعل مأمورا به من وجه ومنهيا عنه من وجه آخر لإمكان اجتماع مصلحة ومفسدة في الفعل الواحد، وبالنظر لوجود الوصف المانع من الطواف نَهَى عنه النبي صلى الله عليه وسلم لاشتماله على مفسدة، وأمرها بما يفعله الحاج لاشتماله على تحصيل مصلحة، ولا يخفى أنّ جنس فعل المأمور به والمثوبة عليه أعظم من جنس ومثوبة ترك المنهي عنه، وأنّ جنس ترك المأمور به والعقوبة عليه أعظم من جنس والعقوبة على فعل المنهي عنه(٥)، وإذا تقرر ذلك فإنّ أمره صلى الله عليه وآله وسلم لعائشة رضي الله عنها-وهي حائض- أن تفعل ما يفعله الحاج إنّما هو من جنس المأمور به وهو أعظم من جنس ترك المنهي عنه، فلو كان أمره صلى الله عليه وآله وسلم مقتضيا لعدم جواز دخول الحائض المسجد لكان عدولا عن جنس المأمور به إلى المنهي عنه، وهو دونه في الرتبة، فيحتاج-حالتئذ-إلى بيان في الحال وتأخيره عن وقت الحاجة لا يجوز كما تقرر في الأصول(٦).

ويشهد-أيضا- للأصل المتقدم، إنزاله صلى الله عليه وآله وسلم وفد ثقيف في المسجد قبل إسلامهم، ومكث فيه الوفد أياما عديدة وهو صلى الله عليه وآله وسلم يدعوهم إلى الإسلام، كما استقبل في مسجده نصارى نجران حينما جاءوه لسماع الحق ومعرفة الإسلام، هذا وغيره وإن كان يدلّ على جواز إنزال المشرك في المسجد والمكث فيه لمن كان يرجى إسلامه وهدايته مع ما كانوا فيه من رجس معنوي كما قال تعالى إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا) [التوبة:28] ولا يبعد أن تتعلق بهم جنابة من غير اغتسال أو نجاسة حسية من بول أو غائط لعدم الاحتراز، فإنّ المسلم والمسلمة أطهر حالا وأعلى مكانا وأولى بدخول المسجد والمكث فيه ولو اقترن بهم وصف الجنابة أو الحيض أو النفاس لكون المسلم طاهرا على كلّ حال لقوله صلى الله عليه وآله وسلم:«إنّ المسلم لا ينجس»(٧)، ولا يصح أن يُعترض بأنّ حكم المنع خاص بالمسلمين دون المشركين فلا يلحق بهم إلحاقا قياسيا، ذلك لأنّ المعتقد قائم في أنّ الكفار مخاطبون إجماعا بالإيمان -الذي هو الأصل- ومطالبون بالفروع مع تحصيل شرط الإيمان للأوامر الشرعية الموجبة للعمل المتصفة بالعموم لسائر الناس كقوله تعالى ولله على الناس حج البيت لمن استطاع إليه سبيلا)[آل عمران:97] وغيرها والكافر معاقب أخرويا على ترك أصل الإيمان أولا، وما يترتّب عليه من فروع الشريعة ثانيا، لِما أخبر به تعالى عن سائر المشركين في معرض التصديق لهم، تحذيرا من فعلهم ما سلككم في سقر، قالوا لم نك من المصلين و لم نك نطعم المسكين و كنا نخوض مع الخائضين و كنا نكذب بيوم الدين حتى أتانا اليقين)(٨) [المدثر:42/47].

هذا، وغاية ما يتمسك به المانعون من دخول الحائض المسجد:

أولا: إلحاقها بالجنب إلحاقا قياسيا إذ الجنب-وهو المقيس عليه- ورد النهي عن قربانه المسجد إلاّ إذا اتخذه طريقا للمرور وذلك في قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة و أنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا) [النساء:43]، ويكون حمل الآية على الإضمار تقديره: "لا تقربوا مواضع الصلاة"، أو كناية عن المساجد حيث أقيمت مقام المصلى أو المسجد، وهذا التفسير -وإن نقل عن بعض السلف كابن مسعود وسعيد بن جبير وعكرمة والزهري وغيرهم- إلاّ أنّه معارض بتفسير آخر يحمل الصلاة على نفسها ويكون معنى الآية: "ولا تقربوا الصلاة جنبا إلا أن تكونوا مسافرين ولم تجدوا ماء فتيمموا" وهذا التفسير منقول عن علي بن أبي طالب وابن عباس رضي الله عنهم ومجاهد والحسن ابن مسلم وغيرهم، وبه قال أحمد والمزني.

والتفسير الأول الذي حمل الصلاة على مواضعها أو حمله كنايةً عن المساجد مخالف للأصل، إذ الأصل في اللفظ أن يكون مستقلا ومكتفيا بذاته، لا يتوقف معناه على تقدير، خلافا للإضمار، وإذا دار اللفظ بين الاستقلال والإضمار، فإنّه يحمل على الاستقلال لقلة اضطرابه، والتفسير الثاني مستغنٍ في دلالته عن الإضمار بخلاف الأول فمفتقر إليه، ومعلوم أنّ الألفاظ المقدرة إنما يُصار إليها عند الحاجة وانعدام وجود لفظ مناسب لمعنى اللفظ ضرورة لتصحيح الكلام، وقد استقام المعنى بالتفسير الثاني فلا يُعدل إلى غيره، وقد يُعترض أنّ تأوُّل الآية على أنّ «عابري سبيل» هم المسافرون، ولم يكن في إعادة ذكره في قوله تعالى: (وإن كنتم مرضى أو على سفر) معنى مفهوم، إذ لا فائدة في تكراره وانتفاؤها عبث يجب تنزيه الشارع عنه، ولو أفاد تكراره التأكيد لكان خلاف الأصل، إذ الأصل التأسيس وهو أولى من التأكيد، ذلك لأنّ الأصل في وضع الكلام إنّما هو إفهام السامع ما ليس عنده.

فجوابه أنّ التأسيس مبني على صرف كلمة "الصلاة" عن معناها الحقيقي إلى المعنى المجازي وهو خلاف الأصل، إذ المقرّر في الأصول أنّ النص إذا دار بين الحقيقة الشرعية والمجاز الشرعي، فحمل اللفظ الشرعي على حقيقته أولى من حمله على المجاز، فضلا عن ذلك فإنّه يلزم على القول بأنّ في القرآن مجازا، أن القرآن يجوز نفيه لإجماع القائلين بالمجاز على أنّ كلّ مجاز يجوز نفيه ويكون نافيه صادقا في نفس الأمر ولا ريب أنّه لا يجوز نفي شيء من القرآن(٩)، وبناء على ما تقدم فحمل اللفظ المبني على حقيقته الشرعية المكتفي بذاته على وجه الاستقلال، -وإن أفاد التأكيد- أولى من حمله على المجاز المفتقر في دلالته على الإضمار -وإن أفاد التأسيس- لأصالة الحقيقة الشرعية وهي مقدّمة على الحقيقة العرفية واللغوية فمن باب أولى مع المجاز الشرعي.

ولو حملنا تفسير الآية على تقدير الإضمار فإنّ الحكم يقتصر على الجنب ولا تُلحق به الحائض إلاّ بنوع قياس يظهر قادح الفرق بينهما جليا من ناحية أنّ الجنب غير معذور بجنابته وبيده أن يتطهر، والآية تحثه على الإسراع في التطهر، بخلاف الحائض فمعذورة بحيضتها، فلا تملك أمرها ولا يسعها التطهر من حيضتها إلاّ بعد انقطاع الدم، فحيضتها ليست بيدها، وإنّما هي شيء كتبه الله على بنات آدم، وهذا الفرق الظاهر بين المقيس والمقيس عليه يقدح في القياس فيفسده. وتبقى الآية محصورة في الجنب دون الحائض جمعا بين الأدلة.

ومع ذلك فحمل لفظ "الصلاة" على الحقيقة الشرعية والاستقلال أولى بالتفسير لما يشهد لذلك عموم حديث «المسلم لا ينجس» وما تقدم من أدلة شاهدة على الجواز كمبيت الوليدة السوداء وأهل الاعتكاف وقول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة لما حاضت:«افعلي ما يفعله الحاج إلا أن تطوفي بالبيت» وفضلا عن ذلك لو سُلّم القياس على الجنب فقد ثبت أنّ أصحاب الصّفّة كانوا يبيتون في المسجد لا مأوى لهم سواه(١٠) ويؤيد ما ذكرنا ما أخرجه سعيد بن منصور في سننه بإسناد حسن عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار قال:"رأيت رجالا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يجلسون في المسجد وهم مجنبون إذا توضؤا وضوء الصلاة"(١١).

ثانيا: وأمّا الاستدلال بحديث جسرة بنت دجاجة قالت: "سمعت عائشة رضي الله عنها تقول:"جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجوه بيوت أصحابه شارعة في المسجد، فقال: «وجهوا هذه البيوت عن المسجد» ثمّ دخل النبي صلى الله عليه وسلم ولم يصنع القوم شيئا رجاء أن تنزل فيهم رخصة فخرج إليهم بعد، فقال: «وجهوا هذه البيوت عن المسجد فإني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب»(١٢) فلو صح الحديث لكانت دلالته صريحة على تحريم دخول المسجد للحائض والجنب، ولكنّه ضعيف لا يصلح للاحتجاج به لمجيئه عن طريق جسرة، وحاصل القول فيها أنّ الحجة لا تقوم بحديثها إلاّ بشواهد، و لهذا قال الحافظ في التقريب: "إنها مقبولة"(١٣) أي مقبولة إذا توبعت وإلا فليّنَة، وفي هذا الحديث لم تتابع، والحديث ضعفه جماعة منهم: الإمام أحمد والبخاري والبيهقي وابن حزم وعبد الحق الإشبيلي وغيرهم.

ثالثا: أمّا حديث أمّ عطية قالت: "أمرنا أن نخرج في العيدين العواتق وذوات الخدور، وأمر الحيض أن يعتزلن مصلى المسلمين"(١٤) الذي استدل به على منع الحائض من المصلى فتكون ممنوعة من المسجد من باب أولى، ومن جهة أخرى فلو حمل اللفظ على "الصلاة" لأفاد التأكيد الذي يقصد به تقوية لفظ سابق، وهو على خلاف الأصل، لأنّ الأصل في وضع الكلام إنّما هو التأسيس، لذلك كان حمله على "المصلّى" أولى من حمله على "الصلاة" فالصواب أنّه لا دلالة فيه على هدا المعنى، لأنّ المراد بالمصلى في الحديث إنّما هي الصلاة ذاتها بدليل رواية مسلم وغيره وفيه: "فأمّا الحيض فيعتزلن الصلاة". ويقوي هذا المعنى رواية الدارمي: "فأمّا الحيض فإنّهنّ يعتزلن الصف"(١٥)، فحمله على الصلاة نفسها ليس فيه خلاف بينما إذا ما حملت على لفظ "المصلى" فمختلف فيه، وقد تقرر أنّ المتفق عليه أرجح من المختلف فيه. ومن زاوية أخرى فحمله على التأكيد-وإن كان خلاف الأصل- إلاّ أنّه أولى بالتقديم لوجود قرائن تدلّ عليه، منها: أنّ لفظ الاعتزال الذي هو التنحي والبعد عن الشيء يتعدى بحرف"عن" الدّال على المجاوزة، وهو يدلّ بدلالة الالتزام على ابتداء الغاية، إذ كلّ مجاوزة فلا بدّ لها من ابتداء غاية، فيكون المصلى هو مبدأ الاعتزال وهو الغاية المأمور بها، فدلّ على أنّ الحائض حلّت به ابتداء، علما أنّ المصلى غير محدود بحدّ حتى يمكن أن تخرج منه، ولو سُلّم أنّه محدود حدّا عرفيا لما وسعها أن تَرِده من جديد عند سماع خطبة العيد ودعوة المصلين الذي هو علة خروجها إلى المصلى، فدلّ ذلك على أنّ المراد بالمصلى الصلاة ذاتها.

وعلى تقدير حمل الحديث على اللفظين معا، للزوم أحدهما الآخر باعتزال الحائض المصلى والصلاة بحيث لا يكون أحد اللفظين نافيا للآخر فلا دلالة فيه-أيضا- على منع الحائض من دخول المسجد، ذلك لأنّ صلاة العيد التي كان يؤديها النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع أصحابه إنّما كانت بالفضاء ولم ينتقل عنه بسند مقبول على أنّه أداها في المسجد، وقد جعلت الأرض كلّها مسجد، والحائض والجنب يباح لهما جميع الأرض بلا خلاف، وهي مسجد فلا يجوز أن يُخَصّ بالمنع من بعض المساجد دون بعض(١٦).

-أمّا قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها: "ناوليني الخمرة من المسجد" قالت: فقلت: إنّي حائض فقال: « إنّ حيضتك ليست في يدك»(١٧) وفي رواية مسلم: "تناوليها فإن الحيضة ليست في اليد"(١٨) وقد اختلف في فقه الحديث وهل الخمرة كانت داخل المسجد أو خارجه؟

فمن أجاز لها دخول المسجد بظاهر لفظ الحديث السابق الذي يفيد أن الخمرة كانت بداخل المسجد، فقد حمل قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إن حيضتك ليست في يدك» على قيام عذرها بحيضتها ولا دخل لها ولا إرادة لها فيها، ويعضد هذا المعنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم لها: «إن هذا شيء كتبه الله على بنات آدم» وعليه فلا دلالة على منع الحائض من الدخول فيه، ومن منع منه الحائض استدل برواية النسائي عن عائشة رضي الله عنها قالت بينما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المسجد قال: «يا عائشة ناوليني الثوب" فقالت: إني لا أصلي، فقال: «ليس في يدك» فناولته(١٩). وفي رواية أبي هريرة رضي الله عنه: قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المسجد فقال: "يا عائشة ناوليني الثوب" فقالت: إني حائض فقال: «إنّ حيضتك ليست في يدك»(٢٠) فإنّ ظاهر الروايتين يفيد أنّ الخمرة كانت خارج المسجد وأنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم أذن لها في إدخال يدها فقط دون سائر جسدها ولو كان أمرها بدخول المسجد لم يكن لتخصيص اليد معنى.

والحديث تنازعه الفريقان والظاهر أنّه غير صريح في المنع ولا في الإباحة، ينبغي العدول عنه إلى غيره من الأدلة، وإذا لزم الترجيح بينهما لكان حمل قوله: «إن حيضتك ليست في يدك» على معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إن هذا شيء كتبه الله على بنات آدم» وتفسيره به أولى، لأنّ ما يعضده دليل مقدّم على ما لم يعضده دليل آخر، ومن جهة أخرى فإنّ الاستدلال بالحديث على تخصيص إدخال اليد في المسجد دون سائر الجسد تأباه الصناعة الأصولية وقد تقرر في القواعد أنّ "تحريم الشيء مطلقا يقتضي تحريم كل جزء منه"(٢١)، لذلك كانت الأدلة المقررة للبراءة الأصلية مثيرة لغلبة الظن وموجبه للعمل.

ومع ذلك فإن كان في ترك الحائض دخول المسجد ما تحقق به مصلحة راجحة من تأليف القلوب عن طريق ردم الخلاف فإنه: "يستحب الخروج من الخلاف"(٢٢) وقد ترك النبي صلى الله عليه وآله وسلم تغيير بناء البيت لما فيه جمع القلوب وتأليفها وصلّى ابن مسعود خلف عثمان رضي الله عنهما بعد إنكاره عليه لإتمام الصلاة في السفر دفعا للخلاف ونبذا للشقاق، أمّا إذا كانت الحاجة أو المصلحة داعية إلى دخول المسجد لطلب العلم الشرعي أو للاستفتاء مثلا كان مأخذ المخالف ضعيفا، وحالتئذ فليس الورع والحيطة الخروج من الخلاف، لأنّ شرطه أن لا يؤدي مراعاته إلى ترك واجب أو إهمال سنة ثابتة أو خرق إجماع، بل الورع في مخالفته لموافقة الشرع فإنّ ذلك أحفظ و أبرأ للدين والذمة.

والله أعلم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلّ اللّهم على محمّـد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلّم تسليما.

الجزائر في:222 محرم 1419هـ


--------------------------------------------------------------------------------

١- أخرجه البخاري في الصلاة(439)، من حديث عائشة رضي الله عنها.

٢- أخرجه مسلم في الحيض(851)، وأبو داود في الطهارة (230)، والنسائي في الطهارة(268)، وابن ماجة في الطهارة(535)، وأحمد(24169) من حديث حذيفة رضي الله عنه.

٣- أخرجه البخاري في الحيض(305)، ومسلم في الحج(2977)، من حديث عائشة رضي الله عنها.

٤- أخرجه البخاري في الحج(1641)، ومسلم في الحج(3060)، من حديث عائشة رضي الله عنها.

٥- انظر أفضلية جنس فعل المأمور به على جنس ترك المنهي عنه في "المجموع" لابن تيمية(20/85) وما بعدها، و"الفوائد" لابن القيم(157) وما بعدها.

٦- نقل ابن قدامة عدم الخلاف على هذا الأصل، انظر:"روضة الناظر" لابن قدامة: (2/57)، "المسوّدة" لآل تيمية: (181). وأفاد الشيخ الشنقيطي أنّ من أجازه وافق عدم وقوعه("المذكرة":185، "أضواء البيان":1/98،97).

٧- تقدم تخريجه.

٨- انظر اختلاف العلماء في مسألة مخاطبة الكفار بفروع الشريعة في"المعتمد" لأبي الحسين: (1/295)، "التبصرة" للشيرازي: (80)، "الإشارة" للباجي: (174)، "المحصول" للفخر الرازي: (1/145)، "الإحكام" للآمدي: (1/110)، "شرح تنقيح الفصول" للقرافي: (163)، "أصول السرخسي": (1/87)، "مجموع الفتاوى" لابن تيمية: (22/7-16)، "زاد المعاد" لابن القيم: (5/698-699)، "فواتح الرحموت" للأنصاري: (1/128)، "شرح الكوكب المنير" للفتوحي: (1/503)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي: (253)، "إرشاد الفحول" للشوكاني: (10)، "مذكرة الشنقيطي": (33-34).

٩- انظر"منع جواز المجاز" للشنقيطي: (4-5). وأهل السنة يختلفون في وقوع المجاز في القرآن، فمنهم من منع وقوعه مطلقا، ومنهم من أجازه فيما عدا آيات الصفات الواجب حملها على الحقيقة دون المجاز، والظاهر أنّ الخلاف لفظي على ما صرح به ابن قدامة-رحمه الله-.

(انظر المسألة في "تأويل مشكل القرآن" لابن قتيبة: (103-109-132) "الفقيه والمتفقه" للخطيب البغدادي: (1/64)، "روضة الناظر" لابن قدامة: (1/182)، "مجموع الفتاوى" لابن تيمية: (5/200-201)(7/88-90-96-108)، "الصواعق المرسلة" لابن القيم: (2/632)، "شرح الكوكب المنير": ,(1/191))

١٠- انظر صحيح البخاري: (11/281)، في الرقاق، باب كيف كان عيش النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

١١- تمام المنة للألباني ص: (118).

١٢- أخرجه أبو داود: (1/157-159)، والبيهقي: (2/442-443)، وابن خزيمة: (2/284)، من حديث عائشة رضي الله عنها. وحديث جسرة بنت دجاجة ذكره الألباني في الإرواء(1/162)، وقال : (ضعيف، في سنده جسر بنت دجاجة، قال البخاري: عندها عجائب ، وقد ضعف الحديث جماعة منهم البيهقي وابن حزم وعبد الحق الإشبيلي، بل قال ابن حزم: "إنّه باطل"، وقد فصلت القول في ذلك في "ضعيف السنن" رقم:32)، وخرجه في الإرواء برقم:193، وضعفه وذكر علل من ضعفه، وذكر أنّ رد في ضعيف سنن أبي داود على من صححه كاتبن خزيمة وابن القطان والشوكاني، وضعفه أيضا في تمام المنة:ص(118) .

١٣- تقريب التهذيب لابن حجر: (2/593).

١٤- متفق عليه: البخاري في العيدين (974)، ومسلم في صلاة العيدين(2091)، من حديث أم عطية رضي الله عنها.

١٥- أخرجه الدارمي(1662)، من طريق عبد العزيز بن عبد الصمد عن هشام بن حسان عن حفصة عن أم عطية، ورجال سنده كلهم ثقات، أمّا عبد العزيز إن كان هو العمى فهو ثقة حافظ، وهشام بن حسان الأزدي فهو ثقة -أيضا-.

١٦- انظر المحلى لابن حزم(2/182).

١٧- أخرجه مسلم في الحيض(715)، وأبو داود في الطهارة(261)، والترمذي في الطهارة(134)، والنسائي في الطهارة(271)، من حديث عائشة رضي الله عنها. وانظر الإرواء(1/212).

١٨- مسلم في الحيض(716).

١٩- النسائي في الطهارة(270).

٢٠- مسلم في الحيض(717)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

٢١- مجموع الفتاوى لابن تيمية(21/85).

٢٢- انظر هذه القاعدة في الأشباه والنظائر للسيوطي(136)، القواعد الفقهية للندوي(336).
منقول من موقع الشيخ​
 
إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
871
الكنية
أبو الأمين
التخصص
أصول الفقه
المدينة
باريس
المذهب الفقهي
أصول مالكية
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين أما بعد :

الكلام علي حديث : عائشة رضي الله عنها قالت : { جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجوه بيوت أصحابه شارعة في المسجد ، فقال : وجهوا هذه البيوت عن المسجد ، ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يصنع القوم شيئا رجاء أن ينزل فيهم رخصة فخرج إليهم ، فقال : وجهوا هذه البيوت عن المسجد فإني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب } . رواه أبو داود ) .

( وعن أم سلمة قالت : { دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم صرحة هذا المسجد فنادى بأعلى صوته إن المسجد لا يحل لحائض ولا لجنب } . رواه ابن ماجه )

قال الشوكاني رحمه الله في نيل الأوطار في كتاب الطهارة ، أوباب موجبات الغسل ، باب الرخصة في اجتياز الجنب في المسجد ومنعه من اللبث فيه إلا أن يتوضأ :

الحديث الأول صحيح كما سيأتي .

وأخرج الثاني أيضا الطبراني قال أبو زرعة : الصحيح حديث عائشة ، وكلاهما من حديث أفلت بن خليفة عن جسرة ،
وضعف ابن حزم هذا الحديث فقال : بأن أفلت مجهول الحال .
وقال الخطابي : ضعفوا هذا الحديث وأفلت راويه مجهول لا يصح الاحتجاج به وليس ذلك بسديد ، فإن أفلت وثقه ابن حبان ، وقال أبو حاتم : هو شيخ وقال أحمد بن حنبل : لا بأس به . وروى عنه سفيان الثوري وعبد الواحد بن زياد . وقال في الكاشف : صدوق . وقال في البدر المنير : بل هو مشهور ثقة ،

وأما جسرة فقال البخاري إن عندها عجائب . قال ابن القطان : وقول البخاري في جسرة إن عندها عجائب لا يكفي في رد أخبارها .
وقال العجلي : تابعية ثقة . وذكرها ابن حبان في الثقات . وقد حسن ابن القطان حديث جسرة هذا عن عائشة وصححه ابن خزيمة .
قال ابن سيد الناس ولعمري إن التحسين لأقل مراتبه لثقة رواته ووجود الشواهد له من خارج . فلا حجة لأبي محمد يعني ابن حزم في رده ، ولا حاجة بنا إلى تصحيح ما رواه في ذلك ؛ لأن هذا الحديث كاف في الرد .
قال الحافظ : وأما قول ابن الرفعة في أواخر شروط الصلاة : إن أفلت متروك فمردود ؛ لأنه لم يقله أحد من أئمة الحديث .

والحديثان يدلان على عدم حل اللبث في المسجد للجنب والحائض وهو مذهب الأكثر ، واستدلوا بهذا الحديث وبنهي عائشة عن أن تطوف بالبيت متفق عليه .اهــ

قال الألباني رحمه الله في ضعيف سنن أبي داود :

(قلت: إسناده ضعيف؛ من أجل جسرة بنت دجاجة، قال البخاري:

" عندها عجائب " . وقد ضعف الحديث جماعة، كما قال الخطابي، ومن
هؤلاء: البيهقي وابن حزم، فقال: " هذا باطل " ، وأبو محمد عبد الحق،
فقال: " لا يثبت ") .

إسناده: حدثنا مسدد قال: ثنا عبد الواحد بن زياد قال: ثنا أفْلتُ بن خليفة
قال: حدثتني جسْرةُ بنت دِجاجة.

قال أبو داود: " وهو فُليْت العامري " .

قلت: ورجاله ثقات؛ غير جسرة بنت دجاجة؛ وليست بالمشهورة ثقةً وعدالةً،
ولم يوثقها أحد من المتقدمين ممن يوثق بتوثيقهم، بل قد غمزها البخاري؛ ففي
" المجموع " (2/160) :
" رواه أبو داود وغيره، قال البيهقي: ليس هو بقوي. قال: قال البخاري: عند
جسرة عجائب، وقد خالفها غيرها في سد الأ بواب.
وقال الخطابي: ضعف جماعة هذا الحديث وقالوا: أفلت مجهول. وقال عبد الحق: هذا الحديث لا
يثبت. فلت: وخالفهم غيرهم، فقال أحمد بن حنبل: لا أرى بأفلت بأساً.
وقال الدارقطني: هو كوفي صالح. وقال أحمد بن عبد الله العجلي: جسرة تابعية ثقة.
وقد روى أبو داود هذا الحديث ولم يضعفه، وقد قدمنا أن مذهبه أن ما رواه ولم
يضعفه، ولم يجد لغيره فيه تضعيفاً؛ فهو عنده صالح، ولكن هذا الحديث ضعفه
من ذكرنا " !

قلت: قد بينا في مقدمة هذا الكتاب أنه لا يصح أن يعتمد على سكوت
المصنف عن الحديث؛ لأسباب: منها كثرة الأحاديث الضعيفة في الكتاب-؛ مما
سكت عنها أبو داود، وهاك الكتاب بين يديك شاهداً على ذلك.
وعلة الحديث ليست هي أفلت؛ بل هي جسرة، وهي- وإن وثقها العجلي
وكذا ابن حبان- فهما من المتساهلين في التوثيق، فلا يطمئن القلب لتوثيقهما؛ لا
سيما مع تضعيف من ذكِر لحديثها؛ فلولا أنها غير حجة عندهم لما ضعفوه.
ثم إنها لم يرو عنها من المعروفين غير أفلت هذا، وقد ذكر في " التهذيب "
فيمن روى عنها غيره:
" قدامة بن عبد الله العامري، ومحدوج الذهلي، وعمر بن عمير بن محدوج " .

وقد أشار البخاري لى أنها غير حجة؛ لمخالفتها غيرها في هذا الحديث. ونص
كلامه في ذلكء كما نقله البيهقي (2/443) -:
" قال البخاري: وعند جسرة عجائب، وقال عروة وعباد بن عبد الله عن
عائشة رضي الله عنها عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " سُدُوا هذه الأبواب إلا باب أبي بكر " ؛
وهذا أصح " . قال البيهقي:
" وهذا إن صح؛ فمحمول في الجنب على المكث فيه، دون العبور؛ بدليل
الكتاب " .
قلت: لكن قد جاءت أحاديث عن غير واحد من الصحابة في سدِّ الأبواب
في المسجد إلا باب علي؛ وقد أخرجها الحافظ في " الفتح " (7/11- 12) ، وساق
ألفاظها وطرقها، ثم قال.
" وكل طريق منها صالح للاحتجاج- فضلاً عن مجموعها- " .
ثم جمع بينها وبين حديث عائشة المذكور؛ فليراجع.
والمقصود هنا: أنه ليس في شيء من هذه الأحاديث المشار إليها ما في هذا
الحديث من سد الأبواب كلها دون استثناء باب أبي بكر أو علي، كما أنه ليس
فيها ما فيه من تعليل ذلك بقوله: " فإني لا أحل... " إلخ.
فهذا مما يوهن من شأن هذا الحديث عندي؛ وإن كنت لم أجد من صرح بذلك
قبلي.
ثم إن له علة أخرى، وهي الاضطراب على جسرة كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (2/442) من طريق المصنف.
وأخرجه البخاري في " التاريخ الكبير " ، وفيه زيادةء كما قال المنذري-.

قلت: ومن طريق البخاري: أخرجه البيهقي أيضاً: عن موسى بن إسماعيل
عن عبد الواحد... والزيادة:
" إلا لمحمد وآل محمد " .
وأخرجه ابن ماجه (1/222) ، وابن أبي حاتم في " العلل " (1 رقم 269) من
طريق أبي نعيم: ثنا ابن أبي غنِية عن أبي الخطاب الهجرِي عن محْدُوج الذهلِي
عن جسرة قالت: أخبرتني أم سلمة قالت:
دخل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صرْحة هذا المسجد، فنادى بأعلى صوته:
" إن السجد لا يحِل لجنب ولا لحائض " ؛ زاد ابن أبي حاتم:
" إلا للنبي، ولأزواجه، وعلي، وفاطمة بنت محمد " . ثم قال:
" قال أبو زرعة: يقولون: عن جسرة عن أم سلمة. والصحيح: عن عائشة " .
قال:
" قد روى أفلت بن خليفه عن جسرة عن عائشة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... هذا
الحديث؛ غير أنه لم يذكر فيه: " إلا للنبي ولأزواجه " ؛ وإنما يدل (كذا! ولعل
الأصل: قال) : " لا يصلح لجنب ولا لحائض " فقط ".
قلت: قد ثبتت هذه الزيادة في رواية البخاري كما سبق؛ وهي مما تزيد
الحديث وهناً على وهن؛ فإن ابن القيم في " التهذيب " ذهب إلى أنها موضوعة.
وأوردها ابن حزم في " المحلى " (2/185) من طريق أبي الخطاب الهجري، ثم
قال:
" وأما محدوج؛ فساقط، يروي المعضلات عن جسرة. وأبو الخطاب الهجري

ثم إن في قول أبي زرعة المتقدم: " يقولون: عن جسرة " إشارة إلى أن محدوجاً
لم يتفرد بهذا الإسناد، وهو كذلك، فقد ذكره ابن حزم من طريق عبد الوهاب عن
عطاء الخفاف عن ابن أبي غنية عن إسماعيل عن جسرة بنت دجاجة... به؛
وفيه الزيادة. ثم أعله ابن حزم بقوله:
" وأما عطاء الخفاف؛ فهو عطاء بن مسلم، منكر الحديث، وإسماعيل
مجهول " .
قلت: هكذا في " المحلى " : " عبد الوهّاب عن عطاء الخفاف " ، وقال مصححه
الشيخ أحمد محمد شاكر:
" في الميمنية: عبد الوهاب بن عطاء الخفاف وهو خطأ " .
قلت: وما في هذه النسخة: هو الموافق لما نقله ابن القيم عن ابن حزم؛ ولذلك
أخذ يرد على ابن حزم تضعيفه إياه، ظناً منه أنّه عبد الوهاب بن عطاء، لا عطاء
والد عبد الوهاب، ونقل كلمات الأئمة في الثناء عليه! وهو بلا شك أحسن حالاً
من أبيه.
لكن الصواب أن الراوي هنا إنما هو والده عطاء، كما في النسخ الصحيحة من
" المحلى " ، وهو ضعيف لسوء حفظه، وقد قال فيه ابن معين:
" ليس به بأس، وأحاديثه منكرات " .
وهذا عمدة ابن حزم في قوله فيه: " منكر الحديث " .
يخرجه ابن ماجه في الحديث " .
قلت: قد أخرجه البخاري وابن أبي حاتم وابن حزم من الطرق الثلاث؛ فهي
بلا شك ثابتة في الحديث؛ ومدارها كلها على جسرة، وقد عرفت حالها. وقد قال
ابن حزم عقبها:
" وهذا كله باطل " .
ومما تقدم بيانه؛ تعلم أن قول الشوكاني في " نيل الأوطار " (2/200) :
" إن الحديث صحيح " - تبعاً لابن خزيمة-! غير صحيح. وقوله:
" قال ابن سيد الناس: ولعمري إن التحسين لأقل مراتبه؛ لثقة رواته، ووجود
الشواهد له من خارج " !
ففيه نظر بين؛ لأن الشواهد المشار إليها: كلا شواهد؛ لأن مدارها- كما
علمت- على جسرة، ولم يرد من غير طريقها من وجه مقبول؛ وإلا لذهبنا إليه.
فقد رواه ابن حزم من طريق محمد بن الحسن بن زُبالة عن سفيان بن حمزة
عن كثير بن زيد عن المطلب بن عبد الله:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يكن أذن لأحد أن يجلس في المسجد، ولا يمر فيه وهو
جنب؛ إلا علي بن أبي طالب.
وهذاء مع أنه مرسل-؛ فإن ابن زبالة؛ قال المصنف وابن معين:
" كذاب " . زاد الأخير:

" خبيث، لم يكن بثقة ولا مأمون، يسرق " .
وأخرجه الترمذي (2/300- طبع بولاق) ، والبزار أيضاًء كما في " تخريج أحاديث الكشاف " (4/44 رقم 365) ء من طريق سالم بن أبي حفصة عن عطية
عن أبي سعيد... مرفوعاً:
" يا علي! لا يحل لأحد أن يُجْنِب في هذا المسجد غيري وغيرك " . وقال
الترمذي:
" حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه. سمع مني محمد بن
إسماعيل هذا الحديث؛ فاستغربه " .
قلت: وهذا من تساهل الترمذي؛ حيث حسنه. قال الحافظ ابن كثير في
" تفسيره " (1/501) :
" إنه حديث ضعيف لا يثبت؛ فإن سالماً هذا متروك، وشيخه عطية
ضعيف " .
ثم رواه البزار من رواية الحسن بن زياد عن خارجة بن سعد عن أبيه سعد... مثله سواءً، وقال:
" لا نعلمه عن سعد إلا بهذا الإسناد " .
قلت: وهو إسناد موضوع؛ فإن الحسن بن زياد: هو اللؤلؤيء تلميذ أبي حنيفة- وقد كذبه جماعة من الأئمة، كابن معين وغيره، وانظر " الضعيفة " (6285) .اهــ

للفصل بين كلام الشيخين الشوكاني و الألباني رحمهما الله لابد من التعريج على دعوى تساهل العجلي في التوثيق و النظر في توثيق جسرة بنت دجاجة العامرية.


قال فضيلة الشيخ الدكتورأحمد معبد عبدالكريم إجابة عن السؤال التالي : ما رأيكم فيما يقال: إن الإمام العِجلي مُتساهل؟

والجواب أن هذا القول غير صحيح، وليس له دليل يُعَوَّل عليه. ولا أعرف من قال به قبل الشيخ عبدالرحمن المعلمي ء رحمه الله ء ثم تابعه عليه غيره.
ويظهر أن الشيخ - رحمه الله - تأثر في هذا القول بمعركة الشيخ الكوثري - رحمه الله - وتطوراتها المعروفة، وصدور عدة مؤلفات بعناوين شديدة مثل: "التأنيب"، و"التنكيل"، والدليل على تأثر الشيخ المعلمي - رحمه الله - بهذه المعارك أنه لم يقتصر على وصف العِجلي بالتساهل؛ بل انتقد توثيق ابن معين أيضًا.
وكل ما استدل به على تساهل العجلي قوله: "إن كثيرًا ممن وثقهم حَكَم غيرُه من النقاد عليهم بالجهالة". ومعروف أن الجهالة ولو كثرت فلا تقدح في حُكْم مَن عَرف، وللإمام النووي في كتاب "تهذيب الأسماء واللغات" (2/267) ترجمة "أبو مرزوق التجيبي" جوابٌ عن ذلك خاص بتوثيق العجلي، ولا أدري إن كان الشيخ المعلمي وقف عليه أم لا؟ ولم أقف على مَن نبَّه على جواب النووي هذا مِن قَبْل، ثم إني وجدتُ بعض مَن وافق الشيخ المعلمي حاول تأييده بأمور:
الأول: قولهم: "إن كثيرًا ممن وثقهم العجلي قد ضعفهم غيرُه من النقاد". وهذا كما هو معلوم ليس أمرًا خاصًّا بالعجلي؛ بل أمثاله من النقاد حصل معه مثل هذا بما يغني عن ذكر الأمثلة.
الأمر الثاني: قولهم: "إن العجلي وثق أناسًا لم يرهم ولم يُعاصرْهم". وهذا القول كسابقه مردود؛ لأن كثيرًا من النقّاد غيره فعل هذا، مستندًا إلى ما جاء عن غيره من النقاد؛ كما يصنع الإمام البخاري مثلاً، أو مستندًا إلى النظر في أحاديث الراوي، وبيان حاله على ضوئها ومثل هذا يصنع البخاري أيضًا وغيره.
والأمر الثالث: مقارنة مجموعة فقط من توثيق العجلي بأحكام الحافظ ابن حجر في "التقريب". وهذا أيضًا مردود لأمور منها: أن المقارنة حصلت في أمثلة جزئية غير مستقصية؛ وبالتالي لا يصلح استنتاج طابع عام منها.
ومنها: أن الحافظ نفسه قد خالف ما في "التقريب" في مؤلفاته الأخرى كما هو معلوم. والقول بأن "التقريب" متأخر، هو باعتبار أصل الكتاب، وليس باعتبار جميع أحكامه.
ومنها: أن الأخ الدكتور علي الصياح - جزاه الله خيرًا- أوقفني على نص لعلي بن المديني، يقرر فيه أن الناقد إنما يُقاس بأقرانه وأهل زمانه من النقاد؛ وبالتالي تكون مقارنة توثيق العجلي بأحكام "التقريب" أو غيره ممن ليس من أقران العجلي ولا من أهل زمانه، مقارنةً غير متوازنة.
ومنها: أن أحد معاصري العجلي وعارفيه، وهو عباس الدوري، يذكر: أنهم كانوا يعدون العجلي مثل الإمام أحمد وابن معين، وأن أحمد وابن معين كانا يأخذان عنه.
فهل مثل هذا يُقبل إطلاق القول بتساهله في التوثيق عمومًا؟! وقول الدوري هذا يؤكد قول ابن المديني السابق أيضًا.
هذا، ولا يفوتني التنبيه على أن هناك فرقًا بين الحُكْم العام بالتساهل أو التشدد على أحكام الناقد، وبين الحكم بالتساهل أو التشدد الجزئي، فهذا الأخير يوجد في أحكام كثير من النقاد كما هو معلوم لأهل الاطلاع والممارسة، والله الموفق. اهــ

و يكفي لرد ما أدعاه بعضهم في توثيق العجلي للمجاهيل بقوله في ترجمة يحيى بن عباد السعدي : ( مجهول بالنقل ، لا يقيم الحديث ، حديثه يدلك على ضعفه ) .

فأنظر كيف حكم عليه بالجهالة مما يبين فساد ما ذهب إليه البعض في جعله متساهلا كإبن حبان

و كتاب العجلي موجود و فيه الكثير من الكلام و النقد في الروات مما يبين ضلوعه في هذا العلم


فالصحيح أن العجلي من أئمة هذا الشأن و أحكامه من رتبة أحكام الإمام أحمد وابن معين بدليل ما ذكره عباس الدوري: أنهم كانوا يعدون العجلي مثل الإمام أحمد وابن معين، وأن أحمد وابن معين كانا يأخذان عنه.

قال العجلي في جسرة : تابعية ، ثقة.

و لو نظرنا لما نقلته من أحاديث نجد الألباني رحمه الله قد صحح و حسن بعضها كحديث جسرة بنت دجاجة ، قالت : قالت عائشة رضي الله عنها : ما رأيت صانعا طعاما مثل صفية ، صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما فبعثت به ، فأخذني أفكل ، فكسرت الإناء ، فقلت : يا رسول الله ، ما كفارة ما صنعت ؟ قال : " إناء مثل إناء وطعام مثل طعام " في سنن أبي داود.
صححه في صحيح الجامع لكن ضعفه في ضعيف سنن ابي داود.

و كذلك حديث جسرة ، عن عائشة ، أنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اللهم رب جبرائيل وميكائيل ، ورب إسرافيل ، أعوذ بك من حر النار ، ومن عذاب القبر " في السنن الصغرى للنسائي صححه و حسنه.

مما يبين أن أقل ما يقال في جسرة مقبولة كما قال الحافظ في تقريب التهذيب أما قول البخاري أنها تأتي بالعجائب فغير مسلم به كما قال الشوكاني رحمه الله و هذا ظاهر من أحاديث جسرة.

يتبع ....

 
إنضم
13 نوفمبر 2009
المشاركات
24
التخصص
؟؟؟
المدينة
دبي
المذهب الفقهي
حر
بارك الله في الأخ الكريم

لكن أرى أن ما جئت به من أدلة ضعيف و هو إعادة لما سبق لذلك سأضيف للموضوع هذه الفتوى للشيخ فركوس حفظه الله التي توافق ما ذهبت إليه و الذي أخالفه فيما ذهب إليه و سأعود لنقدها إن شاء الله إن تيسر الوقت و تبيان مواقع الخلل فيها مع تبيان مواطن الخلل في ما جئت به إن شاء الله.




دخول الحائض المسجد





السؤال: يرجى من الشيخ أبي عبد المعز أن يبين لنا على وجه التحقيق مسألة دخول الحائض المسجد مطلقا أو للحاجة مع التفصيل. وشكرا.​

الجواب: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين أمّا بعد:​

فلم يرد دليل ثابت وصريح في حق الحائض ما يمنعها من دخول المسجد،..........​


و فيك بارك الله


أما فتوى الشيخ فاركوس فهذه أول مرة أطلع عليها و لم أقرأ للشيخ و لم أسمع له من قبل .


و أرى أن الشيخ تعرض لهذه المسألة بشكل من التفصيل و تناول جميع الأدلة بما لا يترك مجالا للاستدراك .


و لا شك أن هذه الفتوى أثلجت صدري لما رأيته من توفيق الله حيث أن الشيخ تعرض لجوانب جديدة لم يتعرض لها إلا قليل من العلماء,


أما محاولتك تصحيح حديث جسرة عن عائشة رضي الله عنها بنقل بعض أقوال أهل العلم ممن يرون تصحيحه فهي لا تفيد في نقاشنا هذا إذ أن هناك من أكابر المتقدمين و المتأخرين ممن لا يحصون كثرة يضعفونه, فهو لا يصلح للاعتماد عليه حتى على سبيل التعضيد للمسألة .


أما قولك أن ما جئتُ به من أدلة فهي أدلة ضعيفة , فأقول بأن أدلة من يرون المنع هي الضعيفة جداً مثل :


* اعتمادهم على حيث جسرة و قد تبين ما فيه .
* قولهم ( يعتزلن المصلى ) و قد بينا ما فيه .
* قولهم ( لحرمة المسجد و عدم تلويثه ) و قد تعرضنا له .

و الله أعلم .
 
إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
871
الكنية
أبو الأمين
التخصص
أصول الفقه
المدينة
باريس
المذهب الفقهي
أصول مالكية
الكلام الثاني في الجنب :

قال الشيخ فركوس :
ويشهد-أيضا- للأصل المتقدم، إنزاله صلى الله عليه وآله وسلم وفد ثقيف في المسجد قبل إسلامهم، ومكث فيه الوفد أياما عديدة وهو صلى الله عليه وآله وسلم يدعوهم إلى الإسلام، كما استقبل في مسجده نصارى نجران حينما جاءوه لسماع الحق ومعرفة الإسلام، هذا وغيره وإن كان يدلّ على جواز إنزال المشرك في المسجد والمكث فيه لمن كان يرجى إسلامه وهدايته مع ما كانوا فيه من رجس معنوي كما قال تعالى إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا) [التوبة:28] ولا يبعد أن تتعلق بهم جنابة من غير اغتسال أو نجاسة حسية من بول أو غائط لعدم الاحتراز، فإنّ المسلم والمسلمة أطهر حالا وأعلى مكانا وأولى بدخول المسجد والمكث فيه ولو اقترن بهم وصف الجنابة أو الحيض أو النفاس لكون المسلم طاهرا على كلّ حال لقوله صلى الله عليه وآله وسلم:«إنّ المسلم لا ينجس»(٧)، ولا يصح أن يُعترض بأنّ حكم المنع خاص بالمسلمين دون المشركين فلا يلحق بهم إلحاقا قياسيا، ذلك لأنّ المعتقد قائم في أنّ الكفار مخاطبون إجماعا بالإيمان -الذي هو الأصل- ومطالبون بالفروع مع تحصيل شرط الإيمان للأوامر الشرعية الموجبة للعمل المتصفة بالعموم لسائر الناس كقوله تعالى ولله على الناس حج البيت لمن استطاع إليه سبيلا)[آل عمران:97] وغيرها والكافر معاقب أخرويا على ترك أصل الإيمان أولا، وما يترتّب عليه من فروع الشريعة ثانيا، لِما أخبر به تعالى عن سائر المشركين في معرض التصديق لهم، تحذيرا من فعلهم ما سلككم في سقر، قالوا لم نك من المصلين و لم نك نطعم المسكين و كنا نخوض مع الخائضين و كنا نكذب بيوم الدين حتى أتانا اليقين)(٨) [المدثر:42/47].

هذا، وغاية ما يتمسك به المانعون من دخول الحائض المسجد:

أولا: إلحاقها بالجنب إلحاقا قياسيا إذ الجنب-وهو المقيس عليه- ورد النهي عن قربانه المسجد إلاّ إذا اتخذه طريقا للمرور وذلك في قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة و أنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا) [النساء:43]، ويكون حمل الآية على الإضمار تقديره: "لا تقربوا مواضع الصلاة"، أو كناية عن المساجد حيث أقيمت مقام المصلى أو المسجد، وهذا التفسير -وإن نقل عن بعض السلف كابن مسعود وسعيد بن جبير وعكرمة والزهري وغيرهم- إلاّ أنّه معارض بتفسير آخر يحمل الصلاة على نفسها ويكون معنى الآية: "ولا تقربوا الصلاة جنبا إلا أن تكونوا مسافرين ولم تجدوا ماء فتيمموا" وهذا التفسير منقول عن علي بن أبي طالب وابن عباس رضي الله عنهم ومجاهد والحسن ابن مسلم وغيرهم، وبه قال أحمد والمزني.

والتفسير الأول الذي حمل الصلاة على مواضعها أو حمله كنايةً عن المساجد مخالف للأصل، إذ الأصل في اللفظ أن يكون مستقلا ومكتفيا بذاته، لا يتوقف معناه على تقدير، خلافا للإضمار، وإذا دار اللفظ بين الاستقلال والإضمار، فإنّه يحمل على الاستقلال لقلة اضطرابه، والتفسير الثاني مستغنٍ في دلالته عن الإضمار بخلاف الأول فمفتقر إليه، ومعلوم أنّ الألفاظ المقدرة إنما يُصار إليها عند الحاجة وانعدام وجود لفظ مناسب لمعنى اللفظ ضرورة لتصحيح الكلام، وقد استقام المعنى بالتفسير الثاني فلا يُعدل إلى غيره، وقد يُعترض أنّ تأوُّل الآية على أنّ «عابري سبيل» هم المسافرون، ولم يكن في إعادة ذكره في قوله تعالى: (وإن كنتم مرضى أو على سفر) معنى مفهوم، إذ لا فائدة في تكراره وانتفاؤها عبث يجب تنزيه الشارع عنه، ولو أفاد تكراره التأكيد لكان خلاف الأصل، إذ الأصل التأسيس وهو أولى من التأكيد، ذلك لأنّ الأصل في وضع الكلام إنّما هو إفهام السامع ما ليس عنده.

فجوابه أنّ التأسيس مبني على صرف كلمة "الصلاة" عن معناها الحقيقي إلى المعنى المجازي وهو خلاف الأصل، إذ المقرّر في الأصول أنّ النص إذا دار بين الحقيقة الشرعية والمجاز الشرعي، فحمل اللفظ الشرعي على حقيقته أولى من حمله على المجاز، فضلا عن ذلك فإنّه يلزم على القول بأنّ في القرآن مجازا، أن القرآن يجوز نفيه لإجماع القائلين بالمجاز على أنّ كلّ مجاز يجوز نفيه ويكون نافيه صادقا في نفس الأمر ولا ريب أنّه لا يجوز نفي شيء من القرآن(٩)، وبناء على ما تقدم فحمل اللفظ المبني على حقيقته الشرعية المكتفي بذاته على وجه الاستقلال، -وإن أفاد التأكيد- أولى من حمله على المجاز المفتقر في دلالته على الإضمار -وإن أفاد التأسيس- لأصالة الحقيقة الشرعية وهي مقدّمة على الحقيقة العرفية واللغوية فمن باب أولى مع المجاز الشرعي.

ولو حملنا تفسير الآية على تقدير الإضمار فإنّ الحكم يقتصر على الجنب ولا تُلحق به الحائض إلاّ بنوع قياس يظهر قادح الفرق بينهما جليا من ناحية أنّ الجنب غير معذور بجنابته وبيده أن يتطهر، والآية تحثه على الإسراع في التطهر، بخلاف الحائض فمعذورة بحيضتها، فلا تملك أمرها ولا يسعها التطهر من حيضتها إلاّ بعد انقطاع الدم، فحيضتها ليست بيدها، وإنّما هي شيء كتبه الله على بنات آدم، وهذا الفرق الظاهر بين المقيس والمقيس عليه يقدح في القياس فيفسده. وتبقى الآية محصورة في الجنب دون الحائض جمعا بين الأدلة.

ومع ذلك فحمل لفظ "الصلاة" على الحقيقة الشرعية والاستقلال أولى بالتفسير لما يشهد لذلك عموم حديث «المسلم لا ينجس» وما تقدم من أدلة شاهدة على الجواز كمبيت الوليدة السوداء وأهل الاعتكاف وقول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة لما حاضت:«افعلي ما يفعله الحاج إلا أن تطوفي بالبيت» وفضلا عن ذلك لو سُلّم القياس على الجنب فقد ثبت أنّ أصحاب الصّفّة كانوا يبيتون في المسجد لا مأوى لهم سواه(١٠) ويؤيد ما ذكرنا ما أخرجه سعيد بن منصور في سننه بإسناد حسن عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار قال:"رأيت رجالا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يجلسون في المسجد وهم مجنبون إذا توضؤا وضوء الصلاة"(١١).
قلت : مكوث الجنب في المسجد ممنوع بدليل الحديث ذاته الذي نقله الشيخ فركوس : عن عطاء بن يسار قال:"رأيت رجالا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يجلسون في المسجد وهم مجنبون إذا توضؤا وضوء الصلاة"


فما معنى تقييد جلوس الصحابة رضي الله عنهم بالوضوء في حالة الجنابة إن لم يكن للجنابة دور في ذلك

أما إستدلال الشيخ بوفد ثقيف فمردود لأنه إستدلال بنص ليس فيه ذكر الجنابة و معارض بنص فيه ذكر الجنابة فالإستدلال بنص لا يتناول موضع الخلاف مردود بنص يتناول محل الخلاف و من النصوص التي تتناول محل الخلاف الأثر السابق : عن عطاء بن يسار قال:"رأيت رجالا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يجلسون في المسجد وهم مجنبون إذا توضؤا وضوء الصلاة" فدل هذا النص أن الجنابة لها تمنعهم من الجلوس لذلك توضؤوا.

و من النصوص الواردة في ذلك ما روى زيد بن أسلم قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحدثون في المسجد على غير وضوء، وكان الرجل يكون جنباً فيتوضأ، ثم يدخل، فيتحدث.

أما كون المسلم لا ينجس فلا علاقة له بالمكوث في المسجد لأن نهي الجنب عن المكوث في المسجد من باب وقوع الجنابة لا من باب النجاسة ألا ترى أن الجنب لا يمس المصحف و هو طاهر.


أما قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة و أنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا) [النساء:43]

فيشهد لتفسير بعض الصحابة الصلاة هنا بالمسجد قوله تعالى : { لَّهُدّمَتْ صوامع وَبِيَعٌ وصلوات } [ الحج : 40 ] والمراد بالصلوات مواضع الصلوات ، فثبت أن إطلاق لفظ الصلاة والمراد به المسجد جائز.

كذلك قوله تعالى : لا تقربوا يفيد أن المراد بالصلاة المسجد لأن القرب والبعد لا يصحان على نفس الصلاة على سبيل الحقيقة ، إنما يصحان على المسجد و هذا هو المجاز الذي منعه الشيخ لو أخد الصلاة على ظاهرها !!!!

كذلك لو قيل أن الصلاة على حقيقتها أصبح ظاهر الآية جواز صلاة المسافر بدون غسل مع وجود الماء و لا قائل به !!!

كما أن قوله تعالى إلا عابري سبيل ، لو حملناه على المسافر لكان ذلك إضافة في الآية لأن المسافر يتيمم للصلاة فما فائدة اضافة هذا اللفظ ثم ذكر المسافر بعد ذلك في آخر الآية و إعمال اللفظ أولى من تركه.

كذلك وقف أغلب القراء على قوله تعالى حتى تغتسلوا فدل ذلك على إنفصال الجزء الثاني من قوله تعالى : وَإِنْ كُنْتُمْ مرضى أَوْ على سَفَرٍ . فدل على خروج السفر من القسم الأول من الآية

و أقول كذلك أن فهم الصحابة لا يحاكم بالقواعد الأصولية لكن العكس فهم أفهم الناس بمعاني القرآن و إنما من فمهم نستقي القواعد الأصولية فإن قال بعضهم أن في الآية اضمار لا نقول لهم حمل اللفظ على حقيقته أولى !!!! لأنهم أفهم منا بمعاني الألفاظ فمادام بعض الصحابة جعلوا الصلاة هنا هي مواضع الصلاة فلابد أن في الآية قرينة تدل على ذلك و هي كذلك لقوله تعالى و لا تقربوا و القرب كما ترى أكبر من مجرد الصلاة و مثال ذلك قوله تعالى و لا تقربوا الزنا. فدل ذلك على إجتناب كل ما يؤدي إليه فالقرب هنا جاء في أول الآية فصرف لفظ الصلاة إلى مواضعها.

كما أن العبور مف
سر على حقيقته إن قلنا ان المراد من الصلاة مواضعها بعكس من فسر الصلاة على حقيقتها
كما أن تفسير الصلاة بالمواضع ورد أيضا عن عبد الله بن العباس رضي الله عنه.

و قد أخرج الطبري : من طريق الليث عن يزيد بن أبي حبيب أن رجالا من الأنصار كانت أبوابهم في المسجد فتصيبهم الجنابة ولا ماء عندهم فلا يجدون ممرا إلا في المسجد فنزلت الآية.


و حاصل الكلام في هذه الآية أن الاضمار موجود في كلا التفسيرين لكن في أحدهما أقل و هو القول بأن المراد من الصلاة مواضعها و هذا معضض بالقرآن من قوله تعالى : : { لَّهُدّمَتْ صوامع وَبِيَعٌ وصلوات } [ الحج : 40 ]

و من الأثر بما ذكرنا سابقا من الآحاديث التي تفيد منع الجنب من المكوث في المسجد.

بعكس من جعل قوله تعالى إلا عابري سبيل من قبيل إلا مسافرين فتتيمموا لها !!! فزيادة على الاضمار المجاز في قوله تعالى لا تقربوا فجعله من باب لا تصلوا و اضافة لفظ السفر الموجود في آخر الآية فكان هذا القول أكثر تأويلا من القول الآخر و معارض بنصوص في محل النزاع من عمل الصحابة تفيد منع الجنب من المكوث في المسجد و الله الموفق إلى الصواب.


بعدما ثبت لدينا أن الجنب ممنوع من الجلوس في المسجد ، نأتي للقياس أما قياس الحائض على الجنب جعله البعض من باب القياس مع الفارق لإستطاعة الجنب الغسل بعكس الجنب فأقول أن هذا الفارق غير معتبر لعدم إضطرار الحائض للجلوس في المسجد فالأمر لا علاقة له بالضرورة إنما هو بصفة حكمية الجنابة و الحيض ألا ترى أن الحائض لا تطوف و لم يراعي الشرع في ذلك عدم قدرتها على رفع الحيض كما أنها لا تمس المصحف لقوله عليه الصلاة و السلام لا يمس القرآن إلا طاهر.
فلم يراعي الشرع هذا الفارق بين الجنب و الحائض فدل ذلك على عدم إعتبار الشريعة لذلك الفارق و الله أعلم


 
إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
871
الكنية
أبو الأمين
التخصص
أصول الفقه
المدينة
باريس
المذهب الفقهي
أصول مالكية
و فيك بارك الله


أما فتوى الشيخ فاركوس فهذه أول مرة أطلع عليها و لم أقرأ للشيخ و لم أسمع له من قبل .


و أرى أن الشيخ تعرض لهذه المسألة بشكل من التفصيل و تناول جميع الأدلة بما لا يترك مجالا للاستدراك .


و لا شك أن هذه الفتوى أثلجت صدري لما رأيته من توفيق الله حيث أن الشيخ تعرض لجوانب جديدة لم يتعرض لها إلا قليل من العلماء,


أما محاولتك تصحيح حديث جسرة عن عائشة رضي الله عنها بنقل بعض أقوال أهل العلم ممن يرون تصحيحه فهي لا تفيد في نقاشنا هذا إذ أن هناك من أكابر المتقدمين و المتأخرين ممن لا يحصون كثرة يضعفونه, فهو لا يصلح للاعتماد عليه حتى على سبيل التعضيد للمسألة .


أما قولك أن ما جئتُ به من أدلة فهي أدلة ضعيفة , فأقول بأن أدلة من يرون المنع هي الضعيفة جداً مثل :


* اعتمادهم على حيث جسرة و قد تبين ما فيه .
* قولهم ( يعتزلن المصلى ) و قد بينا ما فيه .
* قولهم ( لحرمة المسجد و عدم تلويثه ) و قد تعرضنا له .

و الله أعلم .


أخي الكريم لا تستعجل ، انما نقلت كل ما قيل في هذا الحديث لأبين كل الموجود و كما ترى الحديث ليس شديد الضعف كما يفهم البعض بل هو يدور بين الحسن و اقل من الحسن بشيئ.

و لا تستعجل على فتوى الشيخ فركوس فعندي من الأدلة ما ينقضها و ستراها إن شاء الله
.


بالنسبة للشيخ فركوس حفظه الله فهو من علماء الجزائر حامل لدكتورا في أصول الفقه و كما ترى كل فتاويه مؤصلة و هذا موقعه الصفحة الرئيسة لموقع الشيخ أبي عبد المعزّ محمّد علي فركوس - حفظه الله


 
إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
871
الكنية
أبو الأمين
التخصص
أصول الفقه
المدينة
باريس
المذهب الفقهي
أصول مالكية
قال صاحب كتاب إرشاد العابد :


( أ ) قالوا لم يأت نهى عن ذلك بدليل صحيح ؛ فيبقى الأمر على البراءة الأصلية .
الجواب عن ذلك :
بل ورد النهي عن ذلك ، ولقد استدل العلماء القائلون بعدم جواز مكث الحائض في المسجد بالآية 43 من سورة النساء ، وبثلاثة أحاديث : حديثين متفق على صحتهما ،والثالث مختلف في صحته.

أولاً : الآية 43 من سورة النساء :
قال سبحانه وتعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا ) .

1- من تفسير شيخ المفسرين ابن جرير الطبري :
قال رحمه الله : تأويل هذه الآية على قولين :
الأول : لا تقربوا نفس الصلاة وأنتم سكارى . ثم ذكر من قال من السلف بهذا القول .
الثاني : لا تقربوا مواضع الصلاة وأنتم سكارى . ثم ذكر من قال من السلف بهذا القول . ومنهم أثر عبدالله بن عباس ، ولكنه أثر ضعيف لوجود أبى جعفر الرازي في إسناده ، إلا انه ورد عن غير ابن عباس أيضاً وبأسانيد أخرى كثيرة(1) ، انظرها في تفسير الطبري.

ثمّ قال رحمه الله : " وأولى القولين بالتأويل لذلك تأويل من تأوله {ولا جنباً إلا عابري سبيل} : إلا مجتازي طريق فيه . وذلك أنه قد بين حكم المسافر إذا عدم الماء وهو جنب في قوله : {وإن كنتم مرضي أو على سفرٍٍ أو جاءَ أحدٌ منكم من الغائط أو لامستم النسآء فلم تَجدوا ماءً فتيمموا صعيداً طيباً} ، فكان معلوماً بذلك أن قوله {ولا جنباً إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا} لو كان معنياً به المسافر لم يكن لإعادة ذكره في قوله {وإن كنتم مرضي أو على سفرٍٍ} معنى مفهوم ، و قد مضى ذكر حكمه قبل ذلك ، وإن كان ذلك كذلك فتأويل الآية : يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا المساجد للصلاة مصلين فيها وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ، ولا تقربوها أيضاً جنباً حتى تغتسلوا إلا عابري سبيل . والعابر السبيل المجتازه مراً و قطعاً ". أ. هـ

فها هو شيخ المفسرين الطبري يقول بأن الصحيح في معنى الآية : لا تقربوا المساجد وأنتم جنباً حتى تغتسلوا إلا أن تعبروها مجتازين- يعنى من غير مكث فيها.

2 - من تفسير الحافظ ابن كثير :
قال رحمه الله تعالى : " ينهى تبارك وتعالى عباده المؤمنين عن :
1 - فعل الصلاة في حال السكر الذي لا يدرى معه المصلى ما يقول .
2 - وعن قربان محالّها التي هي المساجد للجنب إلا أن يكون مجتازاً من باب إلى باب من غير مكث وقد كان هذا قبل تحريم الخمر ."

ثمّ أورد بعد ذلك أثر ابن عباس المذكور آنفاً برواية ابن أبى حاتم ولكن في سندها أيضاً أبى جعفر الرازي ، ثمّ قال ابن كثير:" قال - يعنى ابن أبى حاتم - وروى عن عبد الله بن مسعود وأنس وأبى عبيدة وسعيد ابن المسيب والضحاك وعطاء ومجاهد ومسروق وإبراهيم النخعي وزيد بن أسلم وأبى مالك وعمرو بن دينار والحكم بن عتبة وعكرمة والحسن البصري ويحي بن سعيد الأنصاري وابن شهاب وقتادة نحو ذلك ، وقال ابن جرير حدثنا المثنى حدثنا أبو صالح حدثني الليث حدثنا يزيد بن أبى حبيب عن قول الله عز وجلّ {ولا جنباً إلا عابري سبيل} إنّ رجالاً من الأنصار كانت أبوابهم في المسجد فكانت تصيبهم الجنابة ولا ماء عندهم فيردون الماء ولا يجدون ممراً إلا في المسجد فأنزل الله : { ولا جنباً إلا عابري سبيل}. ويشهد لصحة ما قاله يزيد بن أبى حبيب رحمه الله (1) ما ثبت في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :"سدوا كل خوخة في المسجد ،إلا خوخة أبى بكر". وهذا قاله في آخر حياته صلى الله عليه وسلم علماً منه أنّ أبا بكر رضي الله عنه سيلى الأمر بعده (2) ويحتاج إلى الدخول في المسجد كثيراً للأمور المهمة فيما يصلح للمسلمين فأمر بسد الأبواب الشارعة إلى المسجد إلا بابه رضي الله عنه".
وقال : " وبهذه الآية احتج كثير من الأئمة على أنه يحرم على الجنب المكث في المسجد وجوز له المرور وكذا الحائض والنفساء أيضاً في معناه ، إلا أن بعضهم قال يحرم مرورهما لإحتمال التلويث ، و منهم من قال إن أمنت كل واحدة منهما التلويث في حال المرور جاز لهما المرور و إلا فلا ".
فانظر رحمك الله كيف قال : المرور ، أمّا عند حكم المكث فيصرح بالتحريم ، وإذا أمنت التلويث فإنه يجوز لها المرور فقط .

ثمّ حكى بعد ذلك قول الطبري السابق نقله واختيار الطبري لتأويل الآية ، ثم قال ابن كثير :
" وهذا الذي نصره - يعنى الطبري -هو قول الجمهور ، وهو الظاهر من الآية ، وكأنه تعالى نهى عن :
1 - تعاطى الصلاة على هيئة ناقصة تناقض مقصودها .
2 - وعن الدخول إلى محلها على هيئة ناقصة وهى الجنابة المباعدة للصلاة ولمحلها أيضاً ، والله أعلم ."

وقال "وقوله عزّ وجل { حتى تغتسلوا } دليل لما ذهب إليه الأئمة الثلاثة: أبوحنيفة ومالك والشافعي أنه يحرم على الجنب المكث في المسجد حتى يغتسل أو يتيمم إن عدم الماء أو لم يقدر على استعماله بطريقة ، وذهب الإمام أحمد إلى أنه متى توضأ الجنب جاز له المكث في المسجد لما روى سعيد بن منصور في سننه بسند صحيح أنّ الصحابة كانوا يفعلون ذلك . "

فائدة :
أوضح ابن كثير أن تفسير آية {ولا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى ولا ...} أي لا تقربوا مواضع الصلاة وأنه قول الجمهور ، وفي ذلك رد على من قال أن المقصود حقيقة الصلاة وأنه قول أكثر المفسرين!(1)
نعم من الصحيح أنه قول بعض المفسرين بلا شك ، ولكن الجمهور على خلاف ذلك ، وقد عرفت قول الجهبذين الطبري و ابن كثير .
3 - ومن تفسير مفاتح الغيب لفخر الدين الرازي :
بعد أن نقل الرازي الاختلاف في تأويل الآية ، قال إن أصحاب الشافعي انتصروا لقوله بوجوه منها :
الأول : أنّه - سبحانه و تعالى - قال : { لا تقربوا الصلاة } والقرب والبعد لا يصحان على نفس الصلاة على سبيل الحقيقة ، إنّما يصحان على المسجد .
الثاني : أنّا لو حملناه على ما قلنا لكان الاستثناء صحيحاً ، أمّا لو حملناه على ما قلتم لم يكن صحيحاً لأن من لم يكن عابر سبيل وقد عجز عن استعمال الماء بسبب المرض الشديد ؛ فإنّه يجوز له الصلاة بالتيمم ، وإذا كان كذلك كان حمل الآية على ذلك أولى .

الثالث : أنّا إذا حملنا عابر السبيل على الجنب المسافر فهذا إن كان واجداً للماء لم يجز له القرب من الصلاة البتّة فحينئذ يحتاج إلى إضمار هذا الاستثناء في الآية ، وإن لم يكن واجداً للماء لم يجز له الصلاة إلا مع التيمم فيفتقر إلى إضمار هذا الشرط في الآية ، وأمّا على ما قلناه فإنّا لا نفتقر إلى إضمار شيء في الآية ؛ فكان قولنا أولى .
الرابع : أن الله تعالى ذكر حكم السفر وعدم الماء وجواز التيمم بعد هذا ، فلا يجوز حمل هذا على حكم مذكور في آية بعد هذه الآية . والذي يؤكده أن القرّاء استحبوا الوقف عند قوله {حتى تغتسلوا} ثمّ يستأنف قوله {وإن كنتم مرضي} لأنّه حكم آخر . وأمّا إذا حملت الآية على ما ذكرنا لم نحتج فيه إلى هذه الإلحاقات ، فكان ما قلناه أولى .
وقال الرازي أيضاً : قيل للذي يجب عليه الغسل جنب لأنّه يجتنب الصلاة والمسجد وقراءة القرآن حتى يتطهر .
4 - وقال القاضي أبو بكر بن العربي في" أحكام القرآن" :
المسألة الحادية عشرة : ثبت عن عطاء بن يسار أنه قال : كان رجال من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم تصيبهم الجنابة فيتوضئون ويأتون المسجد يتحدثون فيه . وربما أغتر بهذا جاهل فظنَّ أنَّ اللبث للجنب في المسجد جائز. وهذا لا حجة فيه ، فإن كل موضع وضع للعبادة وأكرم عن النجاسة الظاهرة كيف يدخله من لا يرضي لتلك العبادة ، و لا يصح له أن يتلبس بها ؟

5 - و قال الشوكاني في تفسيره" فتح القدير" :


يمكن أن يقال : أن بعض قيود النهى أعنى (لا تقربوا) وهو قوله (وأنتم سكارى) يدل على أن المراد بالصلاة معناها الحقيقي وبعض قيود النهى وهو قوله (إلا عابري سبيل) يدل على أن المراد مواضع الصلاة ولا مانع من اعتبار كل واحد منهما مع قيده الدالّ عليه ويكون ذلك بمنزلة نهيين مقيد كل واحد منهما بقيد ، وهما لا تقربوا الصلاة التي هي ذات الأذكار والأركان وأنتم سكارى ، ولا تقربوا مواضع الصلاة حال كونكم جنباً إلا حال عبوركم في المسجد من جانب إلى جانب .
ثمّ حكى قول الطبري وقول ابن كثير وهو قول الجمهور كما سبق .

توضيح :
بالرغم من أن هذه الآية في حق الجنب إلا إنها أيضاً في حق الحائض كما قال المفسرون ، وذلك لأن الحائض حدثها أغلظ من حدث الجنب ، فكل ما ينطبق حكماً على الجنب ينطبق على الحائض ، وليس كل ما ينطبق حكماً على الحائض ينطبق على الجنب ، لأن الحائض حدثها أغلظ كما سبق .

اهــ

ثم قال في حديث جسرة


الحديث الثالث :
حديث اختلف أهل العلم في تصحيحه وتضعيفه . رواه أبو داود ح 232، و البيهقي 2 /442 -443 ح 4323 ،4324 (1) .
قال أبو داود حدثنا مُسدد قال حدثنا عبد الواحد بن زياد قال حدثنا أَفْلَتْ بن خَليفة قال حدثتني جَسْرة بنت دِجاجة قالت سمعت عائشة تقول :

{ جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجوه بيوت أصحابه شارعة في المسجد فقال : وجهوا هذه البيوت عن المسجد . ثمّ دخل النبي صلى الله عليه وسلم ولم يصنع القوم شيئاً رجاء أن ينزل فيهم رخصة . فخرج إليهم بعد فقال وجهوا هذه البيوت عن المسجد ، فإنّى لا أحل المسجد لحائض ولا جنب}

- وقد بوّب البيهقي لهذا بقوله : " باب الجنب يمرّ في المسجد مارّاً ولا يقيم فيه " . وقال بعد روايته للحديث : وهذا إن صحّ فمحمول في الجنب على المكث فيه دون العبور بدليل الكتاب . (1)

وهذا الحديث هو أوضح حديث في هذا الباب ، ولكن ضعّفه بعض أهل العلم بسبب ضعف راويين من رواته وهما:أفلت بن خليفة،وجسرة بنت دِجاجة، لكن رد هذا التضعيف آخرون ، وبيان ذلك :-

أولاً : أفلت بن خليفة العامري : (2)
قال ابن حزم : أفلت مجهول الحال ، وقال الخطابي : قد ضعفوا هذا الحديث وقالوا أفلت راويه مجهول لا يصح الاحتجاج بحديثه .
وقد ردّ ذلك جماعة من الحُفّاظ منهم الحافظ المنذري في تهذيب السنن ، حيث علّق على كلام الخطابي قائلاً :" وفيما قاله نظر ، فإنه أفلت بن خليفة العامري ويقال الذهلي وكنيته أبو حسان حديثه في الكوفيين ، وروى عنه سفيان بن سعيد الثوري وعبد الواحد بن زياد ، وقال الإمام أحمد : ما أرى به بأساً، وسأل عنه أبو حاتم الرازي فقال شيخ ، وحكى البخاري أنّه سمع من جسرة بنت دجاجة . " . انتهى كلام المنذري .
- وقال الدارقطني : صالح وروى عنه الثقات .
- ووثقه ابن حبّان .
- وقال في الكشاف : صدوق .

ثانياً : جَسْرة بنت دِجاجة : (1)
- قال الإمام البخاري في تاريخه الكبير : عندها عجائب .
- قال الحافظ في تهذيب التهذيب : " قال العجلي : ثقة تابعية ، ذكرها ابن حبّان في الثقات ، وقال البخاري : عندها عجائب ، وقال أبو الحسن بن القطّان: هذا القول لا يكفي لمن يسقط كل ما رَوَتْ ، كأنّه يُعرِّض بابن حزم لأنّه زعم أنّ حديثها باطل ." أ. هـ ملخصاً
- وقال ابن حبّان في الثقات : " تروى عن عائشة ، روى عنها أفلت " .
الحكم على الحديث :
( أ ) من ضعّف الحديث :
قال ابن حزم : باطل
وقال أبو محمد عبد الحق: لا يثبت من جهة إسناده .
وقال الخطابي : ضعّفوا هذا الحديث .
وقال البيهقي : هذا إن صح .
وضعّفه من المُعَاصرين : الشيخ الألباني . (2)
( ب ) من صحّحَّ الحديث :
- قال الشوكاني (3) : "الحديث صحيح ... وقال أبو زرعة : حديث عائشة أصح من حديث أم سلمة ، وضعّف ابن حزم هذا الحديث ، وقال الخطابي ضعّفوا هذا الحديث ... وليس ذلك بسديد ...
الحديث إمّا حسن أو صحيح ، و جَزْم ابن حزم بالبطلان مجازفة وكثيراً ما يقع في مثلها

وقال ابن سيد الناس : ولعمري إنّ التحسين لأقل مراتبه لثقة رواته ، ووجود شواهد له من خارج فلا حجة لأبى محمد بن حزم في رده ، ولا حاجة بنا إلى تصحيح ما رواه في ذلك لأن هذا الحديث كاف في الرد " .
- وقال : " قال الحافظ : وأمّا قول ابن الرفعة في أواخر شروط الصلاة : إنّ أفلت متروك . فمردود؛ لأنّه لم يقله أحد من أئمة الحديث " . أ.هـ (1)
- وقال الحافظ الزيلعي(2) : " هو حديث حسن " .
- وقال أيضاً : " قال ابن القطّان : قال أبو محمد عبد الحقّ في حديث جسرة هذا، أنه لم يثبت من جهة إسناده ولم يبين ضعفه ، ولست أقول إنّه حديث صحيح وإنّما أقول إنّه حسن " .
- وهذا الحديث رواه أبو داود وسكت عليه ولم يضعّفه ، فهو حسن على الأقل عنده .
- كما صححه أيضاً إمام الائمة ابن خزيمة ، حيث رواه في المجلد الثاني من صحيحه .
- وقال الإمام الزركشي (3) : قد صح الحديث المتقدم ، وحسّنه ابن القطّان وغيره.
وقد أورد الحافظ ابن حجر هذا الحديث في تهذيب التهذيب ، وكذا في تلخيص الحبير ، ثمّ نقل كلام من ضعّفه ، ثمّ أعقبه برد ابن القطّان وابن حبّان ، فكأنّه يميل إلى رأيهما فيصححه أو يحسّنه على الأقل .
- قلت : ولعلّ حجّة من ضعّف الحديث قول الحافظ ابن حجر في تقريب التهذيب في جسرة : مقبولة . وهذا يعنى عند الحافظ إذا توبعت وإلا فلينة ، وهى لم تُتابع فيكون الحديث ضعيفاً .
ولكننا نلاحظ أنّ الحافظ قد نقل أيضاً القول بأنّها ثقة عن العجلي وابن حبّان . بلّ إنّه أعقب كلام الإمام البخاري بقول ابن القطّان في الدفاع عن جسرة ، وقال الحافظ أنّ ابن القطّان هنا يُعرّض بابن حزم .

ولعل ذلك لأن الجرح فيها غير مُفسر فلم يقبله ابن القطان إلا إذا تبين السبب ، وذلك كما قال الإمام الذهبي (1) : قول أبى بكر بن الجعابى (عنده عجائب) عبارة محتملة للتليين فلا تُقبَل إلا مُفسّرة . وانظر تهذيب التهذيب و تلخيص الحبير .
هذا مع ملاحظة أن ابن القطّان ليس من المتساهلين في التعديل ، بلّ إن الإمام الذهبي قال عنه(2):انّه تعنت في أماكن من كتابه بيان الوهم والإيهام، وقال الحافظ ابن حجر(3) : ابن القطّان يتبع ابن حزم في إطلاق التجهيل على من لا يطّلعون على حاله .
أمّا مجرد تضعيف الحديث لمجرد أن الحافظ قال في التقريب أن جسرة (مقبولة) فهذا مردود بتوثيق الأئمة لها كما سبق .وقد قال الشيخ الألباني(4): أبو الجعفاء ... وثقه ابن معين والدارقطنى وروى عنه جماعة من الثقات فلا يلتفت بعد هذا إلى قول الحافظ فيه (مقبول) يعنى لين الحديث عند التفرد ، فكيف هذا مع توثيق الإمامين المذكورين إيّاه ؟!
وقال الشيخ مقبل بن هادى الوادعي (5) : إن الحافظ ربما يحكم على رجل بأنّه (مقبول) أي لا يحتج بحديثه إلا في الشواهد والمتابعات ، و يكون قد وثقه معتبر .

** وبذلك يكون من صحّحّ الحديث أو حسّنه :
ابن خزيمة ، وأبو داود ، والمنذري ، وابن القطّان ، وابن سيد الناس، والزيلعي ، والشوكاني . بالإضافة إلى الموقف المذكور للحافظ ابن حجر .

وأرى ، والله أعلم : أن الحديث حسن ، وأقول كما قال ابن القطان " ولست أقول إنّه حديث صحيح وإنّما أقول إنّه حسن ". مع ملاحظة أن صحة هذا الحديث أو ضعفه ليس هو الفيصل في الحكم على المسألة لوجود أدلة أخرى سبق بيانها .
اهــ


يتبع


 
إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
871
الكنية
أبو الأمين
التخصص
أصول الفقه
المدينة
باريس
المذهب الفقهي
أصول مالكية
ثم قال :

ومن أدلة المجوزين :

( ب ) قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " المؤمن لا يَنْجُسُ " . (1)

الجواب عن ذلك :
قد تلصق أعيان النجاسة بالمؤمن فيكون حاملاً لها ولكنّه هو لا ينجس ، ألا ترى أن الرجل يكون على جسده دماً مسفوحاً أو بولاً فنقول له لا تصلى هكذا حتى تزيل هذه النجاسة . فهل يعنى ذلك أنّه نجس ؟ الجواب : لا ، وإنّما هو يحملها فقط . وكذلك الحائض فإن حيضتها نجاسة تحملها معها ، أمّا هي ذاتها فليست نجسة ، ونقول لها لا تصلى ولا تصومي ولا تمكثي في المساجد و ....و..... ، ليس لأنّها نجسة ، ولكن لأنّها تحمل النجاسة .
قال السندي (2) : ونجاسة بعض الأعيان اللاّصقة بأعضائه أحياناً لا توجب نجاسة الأعضاء ، نعم تلك الأعيان يجب الاحتراز عنها فإذا لم تكن فما بقى إلا أعضاء المؤمن فلا وجه للاحتراز عنها .
فكأنّه قال : لو كانت هناك نجاسة لكانت تلك النجاسة في أعضاء المؤمن إذ ليس هناك عين نجاسة لاصقة به ، والمؤمن لا ينجس بهذه الصفة فلا نجاسة .
وقال العظيم آبادي (3) : معنى قوله : " لا ينجس " أي بالحدث سواء كان أصغر أو أكبر ، ويدل عليه المقام ، إذ المقام مقام الحدث ، فلا يرد بأنه يتنجس بالنجاسة . وقد يقال : إن المراد نفسه لا يصير نجساً ، لأنّه إن صحبه شيء من النجاسة فنجاسته بسبب صحبته بذلك ، لا أن ذاته صار نجساً ، فإذا زال ما كان معه من النجاسة فالمؤمن على حاله من الطهارة ، فصدق أن المؤمن لا يتنجس أصلاً .

ومن أدلتهم : (ج) : كان أهل الصُفّة يبيتون في المسجد بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهم جماعة كثيرة ، ولا شك أن فيهم من يحتلم ، فما نُهوا قط عن ذلك .

الجواب :

1 - أهل الصُّفَّة كانوا من أكثر المسلمين فقراً ولم يكن لهم بيوت فكانوا يأوون إلى موضع مُظلّ في مسجد المدينة يسكنونه(1) ، فكأنهم مضطرين ، والقول فيهم كالقول في المعتكف ، ألا ترى أن المعتكف إذا اعتكف فإنّه يبادر إلى الاغتسال ، فكذلك هم ، وكانوا قطعاً يغتسلون عقب احتلامهم .
2 - أنّ الجنب قد يجوز له المكث في المسجد إذا توضأ - عند الحنابلة - للأثر الوارد في سنن سعيد بن منصور، أمّا الحائض فليس لها ذلك كما مرّ في المقدمة ، مع ملاحظة الفارق بين الحائض والجنب كما سبق أيضاً .

اهــ


يتبع
 
إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
871
الكنية
أبو الأمين
التخصص
أصول الفقه
المدينة
باريس
المذهب الفقهي
أصول مالكية
ثم قال :

قالوا قد جاء في صحيح البخاري (حديث رقم 439) { عن عائشة أمّ المؤمنين أنّ وليدة سوداء كانت لحىٍّ من العرب فأعتقوها فجاءت إلى رسول الله عليه وسلم فأسلمت فكان لها خباء في المسجد أو حفش } .
فهذه امرأة ساكنة في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ، والمعهود من النساء الحيض ، فما منعها صلى الله عليه وسلم من ذلك ولا نهى عنه ، وكل ما لم ينه عنه فمباح .

والجواب :
لم يرد في ألفاظ الحديث أنّها كانت لا تغادر المسجد أبداً حتى في أيام حيضتها ، وكذلك لم يرد في ألفاظه أن هذا الحديث كان بعد منع الحيّض من دخول المسجد أو قبله والله سبحانه وتعالى أعلم .
فإن هذا الحديث الصحيح ليس واضح الدلالة في جواز مُكث الحائض في المسجد، وبخاصة أنه يوجد من الأدلة الصحيحة ما يضادّ ذلك كما سبق بيانه.
كما أن هذه المرأة كما جاء في الحديث لا بيت لها ، ولذلك سكنت المسجد بعد إسلامها ، ولم يكن لها أن تبيت في الطرقات والمزابل بعد أن جاءت للنبي صلى الله عليه وسلم وأعلنت إسلامها ، فهي مضطرة للبيات في المسجد حيث لا مكان لها سواه .
وقال الحافظ (1): وفي الحديث إباحة المَبيت والمَقيل في المسجد لمن لا مسكن له من المسلمين رجلاً كان أو امرأة عند أمن الفتنة . وكذا قال الصنعاني في سبل السلام (2) .

اهــ

قلت الإحتجاج بنص في محل النزاع مقدم على الاحتجاج بنص آخر ليس في محل النزاع فهذا النص لا يذكر حال المرأة أيام الحيض فهو لم يرد لتبيان حكم الحائض بعكس النصوص الأخرى التي ذكرناها.

يتبع...
 

ابنة أحمد

:: متخصص ::
إنضم
11 ديسمبر 2008
المشاركات
76
التخصص
فــقه وأصـوله
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
حنبلي
اسمحوا لي أن أضع بين يديكم هذه الفتوى للشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى.

السؤال:
بسم الله الرحمن الرحيم

أنا أدرس في بعض المساجد تلاوة القرآن والفقه والتفسير و...
وأتعرض كثيرا للسؤال من النساء الحُيّض عن دخولهم للمسجد بقصد حضور الدروس وتعلّم القرآن، وقد كنت أمنعهم من دخول المسجد إلى أن قالت لي الكثيرات منهن إنهن سمعن جواز الدخول من كثير من علماء التلفاز ومستندهم في هذا أن العلة في عدم الجواز هي خشية التلويث، واليوم لا خشية من هذا، فأجاز الكثيرون دخول المسجد للحائض. ورجعت بعد هذا إلى كثير من المراجع وأعدت النظر في الحكم فرأيت أن العلة فعلا هي خشية تلويث المسجد، وأن أكثر الأحاديث في منع الدخول لا ترقى إلى مستوى الحديث الحسن.
فأرجو منكم التفضل بتقديم الجواب الشافي بشيء من التفصيل مع بيان الفتوى والتقوى في هذا الحكم؟ وجزيتم خيرا.

الفتوى:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يجوز للحائض أن تمكث في المسجد ولو لتعلم وتعليم القرآن الكريم، وإلى ذلك ذهب جماهير أهل العلم، ومنهم الأئمة الأربعة، لقوله تعالى: (وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا) {النساء: 43}. والحيض يلزم منه ما يلزم من الجنابة، ويزيد عليها بأن الله تعالى وصفه بأنه أذى، في قوله: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى) {البقرة: 222}. ولما رواه أبو داود عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فإني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب). ولقول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة: ناوليني الخمرة من المسجد، قالت: إني حائض، قال: (إن حيضتك ليست في يدك). رواه مسلم. ووجه الدليل من الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرها على أن الحائض لا تدخل المسجد، ولكن بين أنه لا بأس بإدخال يدها فيه، لأنها ليست محل الحيض.

وسبب منع الحائض من دخول المسجد هو كونها حائضا، والحكمة من المنع خشية تلويثها للمسجد، والأحكام معلقة بأسبابها لا بحكمها، فتمنع المرأة الحائض من دخول المسجد ولو أمنت التلويث، وهذا مثل السفر فهو سبب للجمع والقصر للصلاة، والحكمة من ذلك دفع المشقة، فلو سافر شخص ولم يجد مشقة في سفره فله أن يجمع وأن يقصر.

والله أعلم.
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
في المشاركة الثانية والثلاثين:
قال الأخ عبد الحكيم وفقه الله: و أقول كذلك أن فهم الصحابة لا يحاكم بالقواعد الأصولية لكن العكس فهم أفهم الناس بمعاني القرآن و إنما من فمهم نستقي القواعد الأصولية فإن قال بعضهم أن في الآية اضمار لا نقول لهم حمل اللفظ على حقيقته أولى !!!! لأنهم أفهم منا بمعاني الألفاظ فمادام بعض الصحابة جعلوا الصلاة هنا هي مواضع الصلاة فلابد أن في الآية قرينة تدل على ذلك و هي كذلك لقوله تعالى و لا تقربوا و القرب كما ترى أكبر من مجرد الصلاة و مثال ذلك قوله تعالى و لا تقربوا الزنا. فدل ذلك على إجتناب كل ما يؤدي إليه فالقرب هنا جاء في أول الآية فصرف لفظ الصلاة إلى مواضعها. أهـ

أقول: هذا الكلام ليس في محله، فإذا اختلف الصحابة رضي الله عنهم كان للمجتهد بعدهم أن يعمِل أدوات الاجتهاد لينظر في أرجح القولين
وكون بعضهم -رضي الله عنهم أجمعين- رأى قرينة صالحة لذلك، وبعضهم لم ير ذلك لا يقضي برجحان قول الأوائل. فليتنبه لذلك

 
إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
871
الكنية
أبو الأمين
التخصص
أصول الفقه
المدينة
باريس
المذهب الفقهي
أصول مالكية
في المشاركة الثانية والثلاثين:
قال الأخ عبد الحكيم وفقه الله: و أقول كذلك أن فهم الصحابة لا يحاكم بالقواعد الأصولية لكن العكس فهم أفهم الناس بمعاني القرآن و إنما من فمهم نستقي القواعد الأصولية فإن قال بعضهم أن في الآية اضمار لا نقول لهم حمل اللفظ على حقيقته أولى !!!! لأنهم أفهم منا بمعاني الألفاظ فمادام بعض الصحابة جعلوا الصلاة هنا هي مواضع الصلاة فلابد أن في الآية قرينة تدل على ذلك و هي كذلك لقوله تعالى و لا تقربوا و القرب كما ترى أكبر من مجرد الصلاة و مثال ذلك قوله تعالى و لا تقربوا الزنا. فدل ذلك على إجتناب كل ما يؤدي إليه فالقرب هنا جاء في أول الآية فصرف لفظ الصلاة إلى مواضعها. أهـ

أقول: هذا الكلام ليس في محله، فإذا اختلف الصحابة رضي الله عنهم كان للمجتهد بعدهم أن يعمِل أدوات الاجتهاد لينظر في أرجح القولين
وكون بعضهم -رضي الله عنهم أجمعين- رأى قرينة صالحة لذلك، وبعضهم لم ير ذلك لا يقضي برجحان قول الأوائل. فليتنبه لذلك



بل الكلام في محله أخي الكريم إنما لم تفهمه , القواعد الأصولية ليس كلها قطعية كما أن بعضها لغوية فلا تحاكم فهم الصحابة لقواعد أصولية لغوية فهم أدرى بمعاني اللغة لكن يطلب المرجح من خارج النص فتأمل ذلك.

لذلك وافقتني بقولك " رأى قرينة صالحة لذلك" فالقرينة تطلب خارج النص لا من داخله لكن أن تقول أن الصحابي لم يفهم النص بدليل القاعدة الأصولية اللغوية كذا و كذا فهذا باطل, إن لم يفهم الصحابة اللغة فمن يفهمها !!! هم أدرى بمعاني النصوص و اللغة لذلك تطلب مرجحات أخرى لكن لا نقول أن النص لا يفهم منه كذا و كذا و قد فهم الصحابة ذلك منه و الله أعلم

 
أعلى