العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

هل ألزم الشوكانيُّ ابنَ حزم بترك ظاهريته؟

إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
هل ألزم الشوكانيُّ ابنَ حزم بترك ظاهريته؟

يقول ابن حزم الظاهري:
125- والمذي تطهيره بالماء يغسل مخرجه من الذكر وينضح بالماء ما مس منه الثوب. قال مالك: يغسل الذكر كله....
ثم قال ابن حزم:
غسل مخرج المذي من الذكر يقع عليه اسم غسل الذكر كما يقول القائل إذا غسله: غسلت ذكري من البول، فزيادة إيجاب غسل كله شرع لا دليل عليه
وقال بعضهم: في ذلك تقليص.([2])
فيقال له: فعانوا ذلك بالقوابض من العقاقير إذن فهو أبلغ!..([1])

وقال الشوكاني :
ومن العجيب أن ابن حزم مع ظاهريته ذهب إلى ما ذهب إليه الجمهور وقال : إيجاب غسل كله شرع لا دليل عليه وهذا بعد أن روى حديث ( فليغسل ذكره ) وحديث ( واغسل ذكرك ) ولم يقدح في صحتهما وغاب عنه أن الذكر حقيقة لجميعه ومجازا لبعضه وكذلك الإنثيان حقيقة لجميعهما فكان اللائق بظاهريته الذهاب إلى ما ذهب إليه الأولون.([3])

http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=11#_ftnref1([1]) المحلى (1/106، 107).

http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=11#_ftnref2([2]) قال أحمد شاكر: هذا القائل هو الطحاوي.

http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=11#_ftnref3([3]) نيل الأوطار (1 / 63).
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
قال ابن الملقن في الإعلام بفوائد عمدة الأحكام 1/651:
عدل جمهور العلماء عن استعمال الحقيقة في الذكر كله نظرا إلى المعنى الموجب للغسل وهو خروج الخارج، فاقتضى الاقتصار عليه، ومن جعل الحكمة فيه التبرد اقتضى عدم وجوبه أيضاً.
 
إنضم
28 يونيو 2008
المشاركات
36
التخصص
علم الحديث
المدينة
البيضاء
المذهب الفقهي
ليس لي مذهب
شكر الله لكم هذه الفوائد ..،

و هذا نص في غاية من النفاسة حوى فوائد و دررا ،لقرين الإمام ابن حزم و نده الحافظ الإمام الأصولي ابن الفخار القرطبي - رحمه الله - نقلا عن رسالته الرائقة (التبصرة في نقد رسالة ابن أبي زيد القيراوني،98)، وسأتجشم نقل النص بتمامه لدلالته على ان الإمام ابن حزم لم يحد عن ظواهر النصوص في هاته المسألة.
قال الإمام ابن الفخار - رحمه الله - معلقا على قول صاحب (الرسالة) :"يغسل الذكر كله من المذي" : (( و هذا قول من لا نظر له، و لا معرفة بالحقيقة في لغة العربي، و إنما اعتمد فيه على قول سحنون،وسحنون معذور لأنه كان لا يحسن لغة العرب، و أبو محمد غير معذور لأنه كان بصيرا بلغة العرب، و هو منسوب إلى لغة العرب و الخرق(الصواب الحذق)و الجدل.

و قد أخبر أبو محمد الأصيلي عن الأبهري الصغير، قال لي: يا أبا محمد طرأت لنا من المغرب شريعة شرعها رجل اسمه سحنون بأن قال: "إن الذكر يغسل كله من المذي"، قال الأصيلي:" فأبعدت الأمر لسقوط المسألة و عارها بأن يغسل الذكر كله، هذا موضع الأذى قد غسل فما بال بقية الذكر، و هو طاهر لا نجاسة عليه، هل هذا إلا تعبد؟ و لا يتعبد الخلق إلا لله وحده في كتابه ، أو على لسان رسوله الذي لا حرج فيما قضى به. "

و الحرج فيما قضى به سحنون ، و ابن أبي زيد ، و الدليل على نفي غسل ما عدا مخرج المذي عند مالك و سائر العلماء حديث رسول الله-صلى الله عليه و سلم – إذ سأله المقداد عن المذي فقال: (( إذا وجد ذلك أحدكم فلينضح فرجه)) ، يعني : يغسله و ليتوضأ، و الفرج في اللغة: الشق نفسه، قال الله تعالى : (و ما لها من فروج) ، يعني: من شقوق، هكذا قال أهل التأويل، فلا يجب في المذي إلا غسل الفرج الذي هو موضع الأذى.
فإن قال قائل : ما وجه قول مالك : " إن المذي عندنا أشد من الودي لأن الفرج يغسل عندنا من المذي، و الودي بمنزلة البول".
قيل له: لو تدبرت قول مالك لبان لك خلاف ما قلت، أليس مالك قد قال: يغسل الفرج من المذي، و الفرج: هو الشق نفسه، و معنى أنه أشد من البول ، لأن البول يستجمر منه بالحجارة مع وجود الماء، و المذي لا يجوز ذلك أن يزال إلا بالماء ، و فرق بين ذلك أن رسول الله – صلى الله عليه و سلم- سئل عن الاستطابة فقال: (( أولا يجد أحدكم ثلاثة أحجار؟)).و لم يشترط عدم الماء من وجوده،و سئل في المذي: فأمر بغسل الفرج منه، و لم يأمر فيه بالحجارة، فلذلك كان أكثر من البول، و أما أن يرقى إلى ما ليس بنجس، فهذا مما لم يأت فيه سنة ، فإن توهم فيه متوهم بقول عمر:" يغسل الذكر من المذي"، قيل له: قال رسول الله -صلى الله عليه و سلم- في ذلك ينضح الفرج، و لا يقع الفرج إلا على الشق، فقد خص موضعا من الذكر و هو الفرج، **و الخصوص يدخل على العموم، و لا يدخل العموم على الخصوص**))

و الإمام ابن الفخار المالكي– رحمه الله – كان من المعظمين للإمام داود الظاهري و الآخذين ببعض أقواله ، مع جنوحه إلى الحجة و الدليل.

و مما يفيده هذا النص : أن الصحيح من مذهب مالك غسل موضع الأذى من الذكر لا الذكر كله، و لعل الإمام ابن حزم نسب ذلك للإمام مالك اتباعا لسحنون و من معه.
 
إنضم
25 يونيو 2008
المشاركات
1,762
الإقامة
ألمانيا
الجنس
ذكر
التخصص
أصول الفقه
الدولة
ألمانيا
المدينة
مونستر
المذهب الفقهي
لا مذهب بعينه
تظهرعلى الشوكاني رحمه الله كثير من التأثيرات الأصولية والمنطقية = خاصة في العناية بالحدود والتفريع فيها ، وابن حزم رجل لغوي كان يسير على هدى العرب من "عدم المماحكة في الألفاظ- حسب تعبيره ...
ولهذا أثر في كثير من المسائل الفقهية = ومن راجع رسالة ماجستير المسائل الفقهية التي بناها ابن حزم على اللغة تبين له ذلك.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
كأنكم تقولون: لم يلزمه.
والمسألة عائدة إلى معنى "الذكر" لغة" واستعمال "غسل الذكر" فلا شك أن الذكر حقيقة يرجع إلى جميعه، لكن استعمال "الذكر" في جملة الغسل قريبة على إرادة غسل مخرجه أو ما أصابه من الأذى.

للصنعاني رأي آخر في الموضوع:
فهو يرى أن الذكر حقيقة على الذكر كله لكن أوجب قصره على بعضه قرينة خارجية وهو ما علم من قواعد الشرع:

يقول رحمه الله في سبل السلام:

وأما إطلاق لفظ (ذكرك) فهو ظاهر في غسل الذكر كله، وليس كذلك، إذ الواجب غسل محل الخارج، وإنما هو من إطلاق اسم الكل على البعض، والقرينة ما علم من قواعد الشرع.
----
وفي هذين النقلين عن الإمامين الصنعاني والشوكاني يظهر أنهما ليسا على قواعد أهل الظاهر بالتمام، وإن كانت نزعتهم الظاهرية بارزة لاسيما في الأخذ بظاهر اللفظ وجملة من مسائل الإجماع.
وطريقتهم في نظري هي تطور للمذهب الظاهري وهي الشائعة بين المعاصرين سواء كانوا من المنتسبين إلى أهل الظاهر أو جماعة من المائلين إلى الحديث والأثر.
فتجد فيهم تشبثاً بالأخذ بالظاهر وتحجيم عريض للإجماع والقياس.
 
إنضم
28 يونيو 2008
المشاركات
36
التخصص
علم الحديث
المدينة
البيضاء
المذهب الفقهي
ليس لي مذهب
صنيع الإمام الصنعاني – رحمه الله – في صرف ظاهر النص بقرينة أن ذلك ما تدل عليه قواعد الشرع و تقتضيه فيه نظر..،

فلو عارضه معارض بقوله: أن غسل الذكر كله أليق بقواعد الشرع، لكان مصيبا، مع أن هذا ما دل عليه النص أصالة، و لا انفكاك للصنعاني عن هذا.

و لو تركنا هذا الإجمال ، و فصلنا :

فنقول أن مقصود الصنعاني بقواعد الشرع ، أي أن غسل بعض الذكر موافق لرفع الحرج و التيسير و التخفيف الذي أتى به الشرع ، و بالخصوص في باب الطهارة.

فإن المعارض: يقول أن غسل الذكر كله فيه زيادة تحرز من الأذى ، و تحقيق التطهير بتمامه، و هذا واجب على المكلف إذ الطهارة شرط في صحة العبادة، في كلام يطول..، و قبل هذا كله أنه ظاهر النص ، الذي يجب الإذعان له ،لا تأويله بدعوى أن قواعد الشرع توجب تأويله..،

و أما المسلك الذي سلكه ابن الفخار -رحمه الله- سديد غير منتقض و لا معارض في ظاهره، فتخصيص النصوص التي ورد فيها لفظ (الذكر) بالحديث الذي ورد فيه لفظ (الفرج)، أمر يوجبه النظر السديد، و هذا يقطع النزاع في المعنى المقصود بـ(الذكر) في الحديث ، و يلزم المصير إلى النص المُخصص بلا تردد، و لكن عليه مأخذ يسقطه ، سيأتي إن شاء الله.

و أما الإمام الشوكاني - رحمه الله- فالأمر كما قال الاخ عبد الرحمن،

فالإمام ابن حزم - رحمه الله - يرى أن اللغة و العادة تقضي بأن من غسل موطن الأذى من ذكره فقد غسل ذكره، و ليس في ذلك حمل للحديث على المجاز(الذي علاقته الجزئية) أو شيء من هذا القبيل، فالشوكاني لما نظر إلى لفظ (الذكر) مجردة من سياقها أخذ يحاكم الإمام بتأصيلات البلاغيين،و إلا فإن الشرع طلب منا غسل الذكر و هذا يقع بغسل موطن الأذى دون تعديه، و تعديه زيادة لم يأذن بها الشرع.


و إن قال قائل : لماذا الإمام -رحمه الله- لم يسلك في تعضيد ما قال به مسلك ابن الفخار ، مع أنه أورد تلك الأحاديث بشتى ألفاظها في (محلاه) ؟؟

فيجاب بالآتي: إن الحديث الذي ذكر فيه لفظ (الفرج) و الحديث الذي ذكر فيه لفظ (الذكر)، حديث واحد لقصة واحدة، و ذكر (الفرج) في الأول دون الثاني، تصرف من بعض الرواة ، حيث رواه بالمعنى، ولو أن الحديث الذي ذكر فيه (الفرج) كان حديثا مستقلا بنفسه ، لصحت دعوى ابن الفخار في تخصيص حديث (الذكر) بحديث الذي ذكر فيه (الفرج)، و لكن الأمر بخلاف ذلك،و يضاف إلى ما سبق أن رواية (الذكر) أصح من رواية (الفرج).

قلت: و هذا هو المأخذ المشار إليه ، و هو مسقط لنهج ابن الفخار في تخصيصه للذكر بالفرج.

ومسلك الإمام ابن حزم - رحمه الله- ، مسلك متين السبك، رصين الحبك، فهو يقول: (إن غسل الذكر-ينظر لهذه الجملة بهيئتها الاجتماعية - يقع على من غسل موطن الأذى من الذكر دون زيادة)، و هذا تقضي به اللغة و العادة ، و من أنكره فهو مكابر لحسه و عقله و مبطل للغة التي خاطبنا الله تعالى بها، إذ يجوز لمن غسل موضع الأذى من ذكره أن يقول : غسلتُ ذكري، و يوصف بأنه غاسل لذكره حقيقة لا مجازا .

و هذا محل النزاع لمن رام أن يناقش الإمام - رحمه الله – هل غسل الذكر يقع على من غسل موطن الأذى من الذكر أو بغسل الذكر كله؟

و هذا قد أشار إليه الأستاذ الفاضل فؤاد،و الله تعالى أجل و أعلم.
 
أعلى