العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

حاجة المتفقه إلى كتب أحاديث الأحكام وكتب العلل !

إنضم
25 يونيو 2008
المشاركات
1,762
الإقامة
ألمانيا
الجنس
ذكر
التخصص
أصول الفقه
الدولة
ألمانيا
المدينة
مونستر
المذهب الفقهي
لا مذهب بعينه
[FONT=خط الفارسي]المسألة الأولى : اسم الكتاب وعناية أهل العلم به.[/FONT]
أ- اسم الكتاب:
أما الكتاب نفسه فنسبته إلى مؤلفه ثابتة ، وما استفاضة النقل عنه ومناقشته والتنويه بالكتاب من جهة الأكابر إلا دليلا على ثبوت النسبة للمؤلف –رحم الله الجميع-.
أما عن اسمه فهو : "بيان الوهم والإيهام الواقعين في كتاب الأحكام" ، إلا أن الناس في نطقهم "الوهم" افترقوا فريقين : طائفة تنطقها بفتح الهاء ، وأخرى بسكونها :
فقال الأصمعي : (وهِمت في الصلاة : سهوتُ) ([1]) = ومنه الوهَم أي الغلط. قال ابن فارس : (ووَهِمْتُ: غَلِطْت، أَوْهَم وَهَماً)([2]).
أما عن الوهَم ، قال الليث والأصمعي : (ووهَم إلى الشئ , إذا ذهب وهْمه إليه) = بمعنى أنه كان يريد غيره لكنه صُرف.
قال الدكتور الحسين آيت سعيد :
"..وبهذا يتضح أن ابن القطان يريد المعنى الأول الذي هو الغلط , فكأنه قال : (كتاب بيان أغلاط عبد الحق وإيهاماته) ولا يصح المعنى الثاني هنا بتاتا"([3]).
ب- عناية أهل العلم به :
إن اشتغال أهل العلم بكتاب ما ، وتداوله بينهم دليل على أهميته وعظمته –في الجملة- وقد حظي كتاب ابن القطان بقدر وافر من هذا الإهتمام ، فرغم أن مؤلف الكتاب مغربي ، ومنافح عن دولة كانت معادية لدولة الشرق "الأيوبية" ، ومعلوم أن عيب العلم في قطر ابن القطان "أنه غَرْبٌ"..، لكن العظمة والتميز تشق طريقها إلى النور –ولو بعد حين- ، وهذا ما حصل معه وقبله ابن حزم وغيره ، فقلما ألف مؤلف في علم الحديث ولم يلتفت لما رآه ابن القطان –رحم الله الجميع- وقد نقل عن ابن القطان جمع من أهل العلم : كابن حجر والزيلعي والعراقي وغيرهم.
وقد أحصى الدكتور آيت سعيد عدد المرات التي نقل فيها ابن حجر عن ابن القطان في تلخيص الحبير فوجدها قد فاقت التسعين مرة (حوالي 94) أما الزيلعي في نصب الرابعة فقد تعدى مئة مرة([4]). وكذلك الذهبي فقد راجعتُ ميزان الإعتدال ووجدته يكثر من النقل عنه في أحوال الرجال ([5]).
[FONT=خط الفارسي]المسألة الثانية : سبب تأليف الكتاب .[/FONT]
تناول الإمام ابن القطان سبب تأليفه الكتاب في مقدمته ، وذكر أن إكباب المتفقهة على كتاب الإمام عبد الحق –رحم الله الجميع- وتسليمهم لكل ما فيه قد جر عليهم الجهالات([6]) –لقلة خبرتهم بالصناعة- فقال :
"قد حداهم حسن تأليفه إلى الإكباب عليه وإيثاره وخاصة من لا يشارك في طلبه بشيء من النظر في علم الحديث ، من فقهاء ، ومتكلمين ، وأصوليين ، فإنهم الذين قد قنعوا به ، ولم يبتغوا سواه ، حتى لربما جر عليهم جهالات".
كما ذكر أن الإهتمام بأحكام ابن الخراط دون غيره من الأمهات قد جر على المتفقهة الأوهام في العزو وتحصيل الأحاديث مشتتة , والإهتمام بالفرع مع نسيان الأصل : مع أن الفرع –الذي هو كتاب الأحكام- قد لا يسلم من اختلالات النقل والخطأ ([7]) ، يقول رحمه الله :
"فالكتاب المذكور من حيث حسنه وكثرة ما فيه ، قد جر الإعراض عن النظر الصحيح ، والترتيب الأولى ، من تحصيل الشيء من معدنه ، وأخذه من حيث أخذه هو وغيره . هذا على تقدير سلامته من اختلال نقل ، أو إغفال ، أو خطأ ، في نظر أهل هذا الشأن . فأما والأمر على هذا.."
كما برر سبب تأليفه للكتاب ، بما وقع فيه هؤلاء من تقليد الإمام عبد الحق –رحمه الله- في أحكامه من حيث التصحيح والتضعيف ..([8]).
فالحاصل أنه رحمه الله قصد من تأليفه الكتاب ، التنبيه على ما قد يقع فيه المشتغلون بكتاب الأحكام الوسطى ، سيما وأن هؤلاء المشتغلين ليسوا من أهل الصنعة الحديثية ، فيقعون فيما لا يحسن بطالب علم الوقوع فيه : من الإستدلال بما لم يصح ، أو عزو الحديث إلى غير مظانه ..
إلا أنه رحمه الله قد نبه على نقطة مهمة ، وهي أن كتابه ليس خاصا بمن كانت له عناية بكتاب عبد الحق, بل ذكر بأن فيه من التحقيقات الحديثية ما لا يوجد في غيره –وقد صدق رحمه الله- فكتابه : كتاب قائم بنفسه ، مستغن عن كتاب عبد الحق , يقول رحمه الله :
وقد يظن ظان أن كتابنا هذا ، مقصور الإفادة على من له بكتاب أبي محمد عبد الحق اعتناء ، فذلك الذي يستفيد منه إصلاح خلل ، أو تنبيها على مغفل . وهذا الظن ممن يظنه خطأ ، بل لو كان كتابنا قائماً بنفسه ، غير مشير إلى كتاب أبي محمد المذكور ، كان - بما فيه من التنبيه على نكت حديثية ، خلت عنها وعن أمثالها الكتب ، وتعريف برجال يعز وجودهم... وأصول أشرنا إليها _ أفيد كتاب".


[1] - الأزهري , تهذيب اللغة مادة (وهم)

[2] - ابن فارس , مقاييس اللغة , مادة (وهم).

[3] - مقدمة بيان الوهم 1/ 222.

[4] - السابق 1/ 344.

[5] - مثلا : 1/ 6 – 1 /4402/ 362- 364..

[6] - ابن القطان , بيان الوهم والإيهام 2/ 8.

[7] - السابق 2/ 10.

[8] - السابق.
 
أعلى