العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

رأي في (سلم طالب الفقه)

إنضم
19 نوفمبر 2009
المشاركات
61
التخصص
أصول الفقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
بسم الله، وبعد: فقد كثر السؤال عن سلم طلب علم الفقه، أو سلم الطلب في مذهب معين، والملاحظ أن الإجابات تأتي عادة بطريقة سرد أسماء للمتون التي يراها المجيب مناسبة مرتبة على مراحل، وقد يذكر المجيب سلما (أقصر) في علم الأصول في المذهب المسؤول عنه، ولذا فقد رأيتُ أن أقف وقفات مع هذه الطريقة في رسم السلم الفقهي، بقصد استخراج الفوائد من المشايخ في الملتقى فيما يبدونه من تقويم لهذه الوقفات.

الوقفة الأولى: عند عدم مراعاة الفروق بين المتعلمين. وذلك أن السائلين يتفاوتون، والمرسوم لهم -مع ذلك- واحد؛ والأولى مراعاة الفروق بين المتعلمين، سنا وذكاءً وعلما، وتمكنا من لسان العرب، وهذه الأربعة خاصة من أهم ما يفرَّق به بين المتعلمين فيما يناسبهم من المتون. وأعني بالتفاوت العلمي بين المبتدئين: أن بعض المبتدئين يكون ذا ثقافة شرعية، أو اطلاع فقهي واسع بطريقة متخبطة غير منهجية، وبعضهم يكون مبتدئا خالصا.

الوقفة الثانية: مع مسألة البدء بصغار العلم، وهذا -في الغالب- يراعى في (أسماء) المتون المختارة، ولكن هذا لا يقتضي تحقق تلك القاعدة بهذه النصيحة؛ فإن الطالب يعالج متنا مع شرحه المحرر تأليفا أو الملقَى في درس، وكثير من هذه الشروح تنقل المتن من مرحلته إلى مرحلة أعلى، وهذا لا ينتقد من حيث هو طريقة في شرح المتن يراها الشارح، ولكنه ينتقد من جهة كونها سنة متبعة للشرح للمبتدئين، وينتقد الناصح تبعا لعدم إتمام نصحه ببيان الشرح المناسب للمبتدئ. والملاحظ على التعليم الفقهي عندنا معشر السلفيين أن الغالب يتناقض بين التنظير والتطبيق، فتجد الشيخ إن نصح طالب العلم نصحه بعدم تجاوز مراحل العلم، والبدء بصغاره قبل كباره، ونهاه عن كتب الخلاف العالي كالمغني ونحوه، وإذا شرح متنا لمبتدئ اختار متنا مناسبا له، وهذا كله حسن، يذهب بحسنه أن ترى الشرح أوعب من المغني بكثير في ذكر الخلاف والأدلة والأجوبة، ولو بدء الطالب بالمغني لكان خيرا له عِلما وأيسر له تحصيلا. فالعبرة بالمادة التي يتلقاها الطالب لا بالمتن المرتب لمسائلها.
أعود إلى الوقفة وأقول: إن من تمام النصح الدلالة مع المتن إلى الشرح المناسب للمبتدئ.

الوقفة الثالثة: أن راسم السلم الفقهي يذكره بمعزل عن السلم الأصولي إن ذكر الثاني، وهذا عزل لا معنى له، وليس المقام مقام بيان التلازم بين العلمين وتوقف فهم الطالب لأحدهما على فهمه للآخر -لا دورا بل تكاملا- لأن ذكر السلمين يدل على تسليم الناصح بهذا. ولكن ما أقف عنده هو أن المرحلة العليا في علم الفقه كما أنها تتطلب ضبط ما دونها من مراحله، فإنها تتطلب ضبط شيء من مراحل علم الأصول بحسب تقدُّمها. فالأولى توحيد السلمين وذكرهما متداخلين؛ فبدلا من أن نرى مثلا في السلم الحنبلي: يقرأ الطالب أخصر المختصرات بعد الكافي، نرى المتطلبات هكذا: يقرأ الأخصر بعد أن يضبط الكافي ومختصر التحرير. وقد جعلت المثال هكذا لئلا ينصرف النقاش إليه!
وهذا الترابط أظهر ما يكون في المراحل المتقدمة من علم الأصول؛ حيث يحتاج الطالب فيها إلى مراحل في الفقه، وكذلك في العقيدة والمنطق وعلوم اللغة، ولكن ليس هذا الموضع مناسبا للبيان فالإشارة تكفي.

الوقفة الأخيرة: مع طريقة النصيحة بالمتون؛ فإنها قاصرة حتى المنضبط منها، والأولى من وجهة نظري -وأنا ممن يعمل بتلك النصائح في تعلُّمه- أن يكون النصح بتحديد الأهداف لكل مرحلة، ثم جعل المتن والشرح تابعين للأهداف؛ فهما هما إلا من موصلات تحقيق الأهداف، ومتى انضبطت الأهداف وصحت وشملت ما يحتاجه الطالب، ثم أحسن المعلِّمُ اختيار ما يحققها من الأوعية (المتون) والوسائل (طريقة الشرح) ؛ كانت النتيجة في الطالب أظهر وأقرب إلى تحقيق المقصود.
ولذا؛ فأدعو مشايخنا إلى تحديد أهداف كل مرحلة وتحريرها وترتيبها، ثم اختيار المتون والشروح المناسبة لها مرتبة بما يحقق الأهداف بطريقة التكامل بين العلوم، وعلمي الفقه والأصول خاصة، وهذا هو السلم الأمتن لطالب الفقه.

 

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,141
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
بارك الله في أخي الفاضل إبراهيم على هذه البادرة الطيبة؛ في طرحه لمشروع السُّلم التعليمي لطالب الفقه والأصول؛ كونه بالغ الأهميَّة؛ بل وفي منتهى الحساسية؛ إذ وقوع الخلل في التأصيل؛ ينجم عنه كثرة الأخطاء في مفردات التَّطبيق.
ولعلَّها نواة طيِّبة للإسهام في بناء متين؛ من خلال مشاركة الإخوة الكرام؛ لتتشكَّل لنا صيغة نهائية؛ ينفع بها الله تعالى.
وليكن الأمر كذلك؛ في بقية أفرع المذاهب في الملتقى.
وشكر الله لك أخي إبراهيم؛ وهذا غرس علَّك أن ترعاه؛ ليهنك أجره وذخره.
والله الموفق.
 
التعديل الأخير:

ظافر الخطيب

بانتظار تفعيل البريد الإلكتروني
إنضم
6 فبراير 2010
المشاركات
12
التخصص
فقه
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
الحنبلي
"الدال على الخير كفاعله"
 
إنضم
19 نوفمبر 2009
المشاركات
61
التخصص
أصول الفقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
بارك الله فيكما!
وقد وضعتُ المشروع في هذا القسم لأن أكثر الأهداف عام ومشترك، ولا ينفرد كل مذهب إلا ببعض الأهداف الراجعة إلى طبيعة كتبه وأصوله وفروعه، فقد يكون حفظ أقوال الأصحاب عند الحنفية أعلى مرتبةً منه عند الحنابلة، وقد يكون (تحرير الأصول) أكثر أهمية عند الثلاثة دون الحنفية.
وأحب لو أرى وجهات نظر الإخوان في المسألة، فالمرحلة الأولى من المشروع كانت لإثارة القضية والتباحث في إن شاؤوا في مظاهرها وآثارها، وفي (بناء خطوات المشروع) ، والثانية بتصوري هي تحديد الأهداف سردا وتحريرا وترتيبا، ثم الثالثة وهي المذهبية: بزيادة ما يناسب ما اختص به كل مذهب من الأهداف، وتعيين المتون التي تحقق أهداف كل مرحلة والمتون المشترطة للتأهل للمتن الأعلى، والأساليبِ المناسبة لذلك في الشرح.

 
إنضم
24 ديسمبر 2008
المشاركات
242
التخصص
أصول الفقه
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
حنبلي
ما أحسن هذا الكلام ..

(.. ليتنا نفقه التعلم قبل نتفقه في العلم ..)
 
أعلى