العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

وقف على شفيرها طائفتان من الناس: المحدثون والأحكام!!

إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
وقف على شفيرها طائفتان من الناس: المحدثون والأحكام!!

يقول الحافظ ابن دقيق العيد في كتابه المصنف في علوم الحديث "الاقتراح في فن الاصطلاح":
الباب الثامن في معرفة الضعفاء وهو من الأسباب والعلوم الضرورية في هذا الفن ، إذ به يزول ما لا يُحتجُّ به من الأحاديث .
وقد اختلف الناس في أسباب الجرح ، ولأجل ذلك قال من قال : لا يقبل إلاَّ مُفَسَّراً .
وقد عقد الحافظ الإمام أبو بكر الخطيب باباً فيمن ( جَرَّحَ ) فاستُفْسِرَ ، فذكر ما ليس بجرح ، هذا أو معناه ، وفي بعض ما يذكر في هذا ما يمكن توجيهه .
وهذا الباب تدخل فيه الآفة من وجوه :
أحدها : وهو شرُّها: الكلام بسبب الهوى والغَرَض والتحامل:
وهذا مجانب لأهل الدين وطرائقهم .
وهذا وإن كان نُزِّهَ عنه المتقدمون ، لتوفر أديانهم ، فقد تأخَّر أقوام ووضعوا تواريخ، رُبّما وقع فيها شيء من ذلك ، على أن الفَلتَات من الأنفس لا تُدَّعى العصمة منها ، فإنه ربما حَدَث غضب لمن هو من أهل التقوى فبدرت منه بادرةُ لفظ .
وقد ذكر أبو عمر بن عبد البَرِّ الحافظ أُمُوراً كثيرة عن أَقوام من المتقدمين وغيرهم ، حكم بأنه لا يلتفت إليها ، وحمل بعضها على أنَّها خرجت عن غَضَبٍ وحَرَجٍ من قائلها ، هذا أو قريب منه .
ومن رأيه أَنَّ من اشتُهر بحمل العلم فلا يقبل فيه جرح إلاَّ ببيان هذا أو معناه .
وثانيها: المخالفة في العقائد:
فإنَّها أوجبت تكفير الناس بعضها لبعض، أو تبديعهم، وأوجبت عصبية اعتقدوها ديناً يتديَّنون به ويتقربون إلى الله تعالى ، ونشأ من ذلك الطعن بالتكفير أو التبديع .
وهذا موجود كثيراً في الطبقة المتوسطة من المتقدمين .
والذي تقرر عندنا : أنه لا تُعتبر المذاهب في الرواية .
إذ لا نُكفِّرُ أحداً من أهل القبلة، إلاَّ بإنكار متواتر من الشريعة . فإذا اعتقدنا ذلك وانضم إليه التقوى والورع والضبط والخوف من الله تعالى ، فقد حصل معتمد الرواية .
وهذا مذهب الشافعي - رضي الله عنه - فيما حكي عنه حيث يقول قبل شهادة أهل الأهواءِ إلاَّ الخَطَّابية من الرَّوافض .
وعِلَّة ذلك أنهم يَرَونَ جواز الكَذِبِ لنُصرة مذهبهم .
ونقل ذلك عن بعض الكَرَّامِيَّة .
نعم، ها هنا نظر في أمرين :
أحدهما : أنه هل تقبل رواية المبتدع فيما يؤيد به مذهبه أم لا ؟ هذا محل نظر ، فمن يرى ردّ الشهادة بالتهمة ، فيجيءُ على مذهبه أن لا يقبل ذلك .
الثاني : أنَّا نرى أن من كان داعية لمذهبه المُبْتَدَع متعصباً له ، مُتَجاهراً بباطله ، أن تترك الرواية عنه ، إهانة له وإخماداً لبدعته ، فإن تعظيم المبتدع تنويه لمذهبه به .
اللهمَّ إلاَّ أن يكون ذلك الحديث غير موجودٍ لنا إلاَّ من جهته ، فحينئذ تُقَدَّم مصلحة الحديث على مصلحة إهانة المبتدع .
ومن هذا الوجه - أعني وجه الكلام بسبب المذاهب - يجب أنْ تُتفقد مذاهب الجارحين والمزكِّين مع مذهب من تكلموا فيه ، فإنْ رأيتها مختلفة ، فيتوقف عن قبول الجرح غاية التوقف ، حتى يتبين وجهه بيناً لا شبهة فيه .
وما كان مطلقاً أو غير مفسَّر ، فلا يُجرح به .
وإن كان المجروح مُوَثَّقاً من جهة أخرى ، فلا تحفلن بالجرح المبهم ممن خالفه .
وإن كان غير مُوَثَّق ، فلا تحكمنَّ بجرحه ، ولا بتعديله .
فاعتبر ما قلتُ لك في هؤلاء المختلفين كائناً من كانوا .
وثالثها: الاختلافُ الواقع بين المتصوِّفة وأصحاب العلوم الظاهرة:
فقد وقع بينهم تنافر ، أوجب كلام بعضهم في بعض . وهذا غَمْرَةٌ لا يخلصُ منها إلاَّ العالم الوافِر بقواعد الشريعة .
ولا أحصر ذلك في العلم بالفروع المذهبية ، فإنَّ كثيراً من أحوال المُحِقِّين من الصوفية لا يَفي بتمييز حقِّه من باطله علم الفروع ، بل لا بُدَّ مع ذلك من معرفة القواعد الأصولية ، والتمييز بين الواجب ، والجائز ، والمستحيل العقلي ، والمستحيل العادي فقد يكون المتميِّز في الفقه جاهلاً بذلك ، حتى يَعُدَ المُستحيلَ عادة مستحيلاً عقلاً.
وهذا المقام خطر شديد ، فإن القادح في المُحِقِّ من الصوفيَّة مُعَادٍ لأولياء الله تعلى ، وقد قال سبحانه فيما أخبر عنه نبيّه صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ عَادى لي ولياً فقد بارزني بالمُحاربة ) .
والتارك لإنكار الباطل مما يسمعه عن بعضهم ، تارك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، عاصٍ لله تعالى بذلك .
فإن لم يُنكر بقلبه ، فقد دخل تحت قوله عليه السلام : ( وليس وَراءَ ذلك من الإيمان حبَّة خردَلٍ ) .
ورابعها : الكلام بسبب الجهل بالعلوم ومراتبها ، والحق والباطل:
وهذا محتاج إليه في المتأخرين أكثر مما يُحتاج إليه في المتقدمين ، وذلك لأن الناس انتشرت بينهم أنواع من العلوم المتقدمة والمتأخرة حتى علوم الأوائل .
وقد عُلِمَ أنَّ علوم الأوائل قد انقسمت إلى حقٍّ وباطل .
ومن الحقّ : علم الحساب والهندسة والطب .
ومن الباطل : ما يقولونه في الطبيعيات وكثير من الإلهيات ، وأحكام النجوم .
وقد تحدَّث في هذه الأمور أقوام ، ويحتاج القادح بسبب ذلك إلى أن يكون مميِّزاً بين الحق والباطل ، لئلا يكفر من ليس بكافر ، أو يقبل رواية الكافر .
والمتقدمون قد استراحوا من هذا الوجه ، لعدم شيوع هذه الأمور في زمانهم .
وخامسها : الخلل الواقع بسبب عدم الورع والأخذ بالتوهم والقرائن التي قد تختلف:
فمن فعل ذلك ، فقد دخل تحت قوله عليه السلام : ( إيَّاكم والظَّنُّ فإنَّ الظنَّ أكذبُ الحديثِ ) .
وهذا ضرره عظيم ، فيما إذا كان الجارح معروفاً بالعلم ، وكان قليل التقوى ، فإن علمه يقتضي أن يُجعل أهلاً لسماع قوله
وجرحه ، فيقع الخلل بسبب قلَّة ورعه وأخذه بالوهم .
ولقد رأيتُ رجلاً لا يختلف أهل عصرنا في سماع قوله إن جَرَحَ ، ذكر له إنسان أنه سمع من شيخ ، فقال له : أين سمعتَ منه ؟ فقال له: بمكة ، أو قريباً من هذا ، وقد كان جاء إلى مصر يعني في طريقه للحج ، فأنكر ذلك ، وقال : ذلك صاحبي ، لو جاء إلى مصر ، لاجتمع بي أو كما قال .
فانظر إلى هذا التعليق بهذا الوهم البعيد ، والخيال الضعيف فيما أنكره .
ولصعوبة اجتماع هذه الشرائط ، عَظُمَ الخَطَرُ في الكلام في الرجال لقلَّة اجتماع هذه الأمور في المزكين . ولذلك قلت :
أعراضُ المسلمين حُفْرَةٌ من حُفَرِ النار ، وقف على شَفِيرها طائفتان من الناس : المحدِّثون والحُكَّام .
قلت: الجملة الأخيرة نقلها أهل العلم عن ابن دقيق العيد من كتابه الاقتراح، وهي من شواهد صحة نسبة الكتاب إليه.
 
إنضم
23 مارس 2008
المشاركات
677
التخصص
الحديث وعلومه
المدينة
برمنجهام
المذهب الفقهي
شافعي
جزاك الله خيرا
ولكن ياليت تعدل العنوان:
(وقف على شفيرها طائفتان من الناس: المحدثون والحُكَّام!!
بدل( الأحكام)
 
أعلى