العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

موقف الإمام مالك من معارضة القياس للسُّنة الأحادية

إنضم
12 مارس 2008
المشاركات
39
التخصص
القضاء الشرعي
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
المالكي
موقف الإمام مالك من معارضة القياس للسُّنة الأحادية

كتبت هذا ولخصته من كلام العلامة مولاي الحسين بن الحسن الحيان رحمه الله وذلك لما رأيت من متانة بحثه في ذلك، ونصرة للإمام مالك ومذهبه الذي أتبناه وأتعبد الله به.
وكنت قد لخصت من زمن من نفس الكتاب مسألة عمل أهل المدينة.
تنبثق فكرة هذا الفصل عن تعارض أصلين أساسيين هما: خبر الآحاد والقياس. وقد اشتهر- في معظم كتب الأصول- أن إمام دار الهجرة كان يُقدم القياس على خبر الآحاد متى تعارضا ولم يمكن الجمع بينهما. وأن ذلك خاص بمذهبه. ومعلوم أن مرتبة القياس- في الاحتجاج- متأخرة عن مرتبة السنة. فكيف ساغ لإمام دار الهجرة أن يُقدمه عليها؟
هذا ما دعاني إلى اختصار هذا الفصل لبحث هذه المسألة، وتحقيق مذهب مالك فيها.
المبحث الأول: تحديد المراد بالقياس هنا:
أ- القياس في اللغة:
يُطلق القياس في اللغة على معنيين:
أحدهما: التقدير: وهو قصد معرفة أحد الأمرين بالآخر.
وثانيهما: المساواة: وهي عبارة عن رد الشيء إلى نظيره.
ب- القياس في الاصطلاح:
يُطلق القياس في الاصطلاح؛ ويُراد منه عدة معان. يهمنا منها هنا معنيين فقط:
المعنى الأول: القياس الأصولي: وهو الأصل الرابع من أصول الأدلة بعد الكتب والسنة والإجماع. وهو الدليل المنتزع من الأصول. وهو أصل الرأي، وينبوع الفقه. ومنه تتشعب الفروع وعلم الخلاف.
وهو المقصود عند إطلاق لفظ القياس عند الفقهاء وأرباب الأصول.
وتعريفه: حمل معلوم على معلوم في إثبات حكم لهما. أو نفيه عنهما، بأمر جامع بينهما.
والقياس عند الجمهور حجة شرعية يجب العمل بها عند فقد النص؛ لتضافر الأدلة السمعية على ذلك. وإجماع الصحابة على العمل بمقتضاه في وقائع لا تُحصى.
المعنى الثاني: القياس بمعنى القواعد والأصول المقررة شرعاً:
والمراد ما تعاضدت عليه عمومات نصوص الكتاب والسنة. وشهد له كثير من الأدلة والفروع، حتى أصبح أصلاً وضابطاً تُعرض عليه المسائل الجزئية.
ويصدق هذا الضرب من القياس على بعض الاحكام الشرعية المستثناة من القواعد العامة للرفق والحاجة. مثل: السَّلم، والإجارة، والحوالة، والعرايا، والمساقاة، فتجد في كتب الفقه أن الإجارة وردت على خلاف القياس،.... أي على خلاف القاعدة العامة، فالإجارة خالفت قاعدة: الغرر، وبيع ما لم يُخلق. والعرايا خالفت قاعدة: المعروف المستثناة من المغابنة.
وقد نرى بعض المالكية يستعملون القياس في هذا المعنى- أي الأصل والقاعدة- كالإمام المازري وابن رشد الحفيد وأبو العباس القرطبي.
على أن اعتبار ورود هذه الأحكام – السَّلم والإجارة وما يُشبهها- على خلاف القياس، ليس محل اتفاق العلماء. بل هي في نظر البعض أصول بنفسها. وضعها رسول الله صلى الله عليه وسلم. فالحديث- في رأي هؤلاء- إذا ثبت صار أصلاً في نفسه، ووجب الحكم به، وإن كان مخالفاً لمعاني أصول سائر الأحكام.
فهذا الحافظ ابن عبد البر يقول في حديث التفليس: وهذه السنة أصلٌ في نفسها، فلا سبيل أن تُرد إلى غيرها، لأن الأصول لا تُقاس. وإنما تنقاس الفروع رداً على أصولها.
وهذا ما قرره أبو مظفر السمعاني في قواطع الأدلة، وابن العربي في أحكام القرآن.
وقد كتب في هذا الموضوع ابن تيمية فصولاً ممتعة، شدد فيها النكير على أرباب هذه المقالة.
هذا وإن التفريق بين المعنيين المذكورين للقياس لم يكن واضحاً في كتابات الأصوليين: المتقدمين منهم والمتأخرين. إلا كلاماً للمحقق البناني المالكي في تعليقه على قول المحلي- وهو يشرح كلام ابن السبكي في جمع الجوامع- فقال: هذا يقتضي أن المراد بالقياس: القاعدة والأصل.
وهذا يزكي القول باضطراب كلام الأصوليين في القياس المقدم عند مالك على أخبار الآحاد عند التعارض.
المبحث الثاني: متى تتحقق المعارضة بين خبر الآحاد والقياس؟
الإجابة على هذا السؤال تتوقف على تحرير محل النزاع بين العلماء في القياس الذي يقوى على معارضة الأخبار.
والواقع أن أقوالهم في تحرير موضع النزاع في هذه المسألة ينطوي على كثير من التضارب.
فأبو الحسين يرى أن القياس إن ثبتت علته بنص قطعي، قُدم على الخبر؛ لأن النص على العلة كالنص على حكمها، وهو مقطوع به. والخبر مظنون، فكانت مقدمة.
وإن ثبتت العلة بنص ظني، وكان حكمها في الأصل مظنوناً، قُدم الخبر على القياس. لاستواء النصين في الظن. واختصاص خبر الواحد بالدلالة على الحكم بصريحه من غير واسطة. بخلاف النص الدال على العلة، فإنه إنما يدل على الحكم بواسطة العلة.
وأما إذا كان حكم الأصل مقطوعاً به، فذلك موضع اجتهاد.
وأما إن كانت العلة مستنبطة من أصل ظني فإنه يُقدم الخبر اتفاقاً؛ لأن الظن كلما كان أقوى؛ والاحتمال أقل، كان أولى بالاعتبار. وذلك حاصل في الخبر.
وأما إن كانت العلة مستنبطة من أصل قطعي، فذلك موضع الاختلاف بين الناس.
وهكذا حصر أبو الحسين البصري الخلاف في صورة واحدة من صور القياس الظني. وهو القياس الذي ثبتت علته بطريق الاستنباط من أصل مقطوع به.
ويرى التاج السبكي أن الخبر والقياس إذا تنافيا من كل وجه: نُظر في مقدمات القياس؛فإن كانت ثابتة بدليل قطعي، قُدم القياس على خبر الواحد. وذلك واضح. وإن لم تثبت بدليل قطعي، بأن كانت كلها ظنية، قُدم الخبر على القياس.
وإن كان بعضها قطعياً، وبعضها ظنياً، فذلك محل الخلاف.
وهذا ما يسميه الحنفية بدلالة النص. وعند الجمهور مفهوم الموافقة أو فحوى الخطاب أو القياس الجلي.
وليس الكلام في هذا. ولا خلاف في أن ذلك يُقدم على خبر الآحاد؛ لأنه أقوى ثبوتاً، لكون الثبوت فيه بالقطعي. وإنما الخلاف في القياس الظني المأخوذ من أصل قطعي.
واختار السيف الآمدي وتبعه ابن الحاجب والفهري من المالكية والكمال بن الهمام والمحب ابن عبد الشكور من الحنفية تقديم الخبر على القياس في الحالتين:
الحالة الأولى: أن تكون علة القياس منصوصاً عليها بنص مساوٍ في الدلالة لخبر الواحد أو مرجوح عنه.
الحالة الثانية: أن تكون العلة مستنبطة، فيُقدم الخبر على القياس مطلقاً.
ويُقدم القياس في حالة واحدة، وهي: ما إذا كانت العلة ثابتة بنص راجح على الخبر في الدلالة. وكان وجودها في الفرع مقطوعاً به. وأما إن كان وجودها مظنوناً، فالتوقف.
ونستطيع القول بعد استعراض هذه الأقوال أن القياس القطعي سواء كان أوليا أو مساويا فهو خارج عن محل النزاع. ومقدم على الخبر اتفاقا.
وأن القياس الظني منه ما هو خارج عن محل النزاع؛ وهو ما إذا كانت جميع مقدماته ظنية، وكانت علته ثابتة بطريق الاستنباط من أصل ظني. فإن الخبر مقدم عليه اتفاقاً.
المبحث الثالث: مذاهب الفقهاء في معرضة القياس خبر الآحاد:
المذهب الأول: ذهب الجمهور من الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين أبي حنيفة والشافعي وأحمد إلى تقديم خبر الواحد إذا ثبتت صحته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على القياس مطلقاً.
(لم أذكر ما استدلوا به لأنه خارج عن مقصود البحث)
المذهب الثاني: ذهب عيسى بن أبان وأبو زيد الدبوسي وعامة متأخري الحنفية إلى اشتراط فقه الراوي لتقديم خبره على القياس.
وجعلت هذا المذهب خاصاً به وبأصحابه دون من سواهم. حتى اشتهر في سائر الكتب
أن تقديم القياس على الخبر مما انفرد به دار الهجرة عن سائر الأئمة.
المبحث الرابع: موقف المالكية من مخالفة الخبر للقياس:
يكتنف موقف المالكية من الخبر إذا خالف القياس غموض والتباس في أمرين:
أحدهما: النقل المضطرب عنهم في المسألة.
الثاني: مرادهم بالقياس: القياس الاصطلاحي أو القياس بمعنى القواعد والأصول.
الأمر الأول: التضارب في النقل:
أ- فالعراقيون من أصحابه يقولون: مشهور مذهبه تقديم القياس على الخبر.
حكاه ابن القصار عن مالك، ونسبه إلى بعض المالكية وانتصر له. ونص الباجي على أنه اختيار أكثر الأصحاب. وأبو العباس القرطبي في المفهم على أنه قول مالك في العتبية، وفي مختصر ابن عبد الحكم. ورجحه القرافي في التنقيح.
ب- أما المدنيون من أصحابه، فقد رووا عنه تقديم الخبر على القياس. وهو الذي ارتضاه الباجي في المنتقى والإحكام. والرهوني في تحفة المسؤول. وقوى القاضي عياض أنه مشهور المذهب ومعروفه.
وقال عنه أبو العباس القرطبي في المفهم: وهذا هو الصحيح من مذهب مالك وغيره من المحققين. وهو الذي نصره محمد الأمين الشنقيطي حين قال: والرواية الصحيحة عن مالك رواية المدنيين أن خبر الواحد مقدم على القياس..... ومسائل مذهبه تدل على ذلك.
ج- وروي عنه أنه كان يُقدم على الخبر قياس الأصول. وهو القياس القطعي. واختار هذا من المالكية أبو بكر الأبهري.
هذا رأي الإمام مالك نفسه. أما الأصوليون من أصحابه، فقد اختلفوا في المسألة أيضاً:
أ- ذكر القرافي أن القاضي عبد الوهاب حكى أن خبر الآحاد إذا خالف الأصول قبله المتقدمون من المالكية.
ب- نقل الفهري عن بعض المالكية أنهم يُقدمون قياس الأصول على الخبر المخالف له. وإليه مال القاضي أبو الفرج وأبو بكر الأبهري وغيرهما من المالكية.
ج- حكى القاضي عياض في التنبيهات، وابن رشد في المقدمات قولين في مذهب مالك في الخبر المخالف للقياس: تقديم الخبر. وتقديم القياس. ومن شيوخ المذهب من يقول: إن في المدونة ما يدل على القولين معاً: تقديم الخبر. وتقديم القياس. أما ما يدل على تقديم الخب، فمسألة المصراة. وأما ما يدل على تقديم القياس، فمسألة ولوغ الكلب في الإناء.
الأمر الثاني: القياس الذي يقصدونه: القياس الشرعي. أو القياس بمعنى القواعد والأصول.
اختلط الأمر على الأصوليين في تحديد القياس الذي روي أن مالكاً يُقدمه على الخبر. ولعل أول من وصلنا منه كلام يفيد هذا المعنى أبو الحسن ابن القصار(ت 397هـ)
ومما يقوي أن ابن القصار يقصد في هذا النص القياس الشرعي احتجاجه بقوله: والحجة له هي أن خبر الواحد لما جاز عليه النسخ والغلط والسهو والكذب والتخصيص، ولم يجز على القياس من الفساد إلا وجه واحد؛ وهو أن الأصل معلول بهذه العلة أو لا. وصار أقوى من خبر الواحد، فوجب تقديمه عليه.
وهذا التعليل للقياس المقدم على الخبر لا يصدق إلا على القياس الشرعي. ويظهر أن هذا الرأي من ابن القصار هو معتمد من جاء بعده من المالكية الذين فسروا القياس المقدم على الخبر بالقياس الشرعي؛ لأن هؤلاء لم يلبثوا بعد أن ساقوا المذهب المقرر أن يوردوا الحجة نفسها.كابن رشد والقرافي ومحمد الولاتي.
وأنكر أبو المظفر السمعاني، ويربأ بمالك ومنزلته في العلم أن يصدر عنه مثل هذا القول. فقال معلقاً على هذه الرواية: وهذا القول بإطلاقه سمج مستقبح عظيم. وأنا أُجل منزلة مالك عن مثل هذا القول، وليس يدري ثبوت هذا منه.
وأنا أميل إلى ما ذكره ابن السمعاني. إذ الظاهر أن هذا القول لا تصح نسبته لمالك، وإن اشتهر بين الأصوليين، ويمكن الاستدلال على ذلك بما يأتي:
أولاً:جاء في المدونة التصريح بخلاف هذا المذهب. وذلك في المسألة أنه أملك بها ما دامت في عدتها، لورود الأخبار بذلك. إلا أن سحنوناً اعترض على هذا الجواب بقياس مفاده: أن النصراني لا يحل له نكاح مسلمة ابتداء. فأجابه ابن القاسم بقوله: جاءت الآثار أنه أملك بها ما دامت في عدتها إن هو أسلم. وقامت به السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم. فليس لما قامت به السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم قياس ولا نظر.
ويؤكد هذا قول مالك في العتبية: إن السنة تمضي ولا تعارض برأي.
ثانياً: أنه قد يتعذر على الباحث في فقه مالك أن يعثر على مسألة ترك فيها مالك خبر الآحاد بدعوى مخالفته للقياس
الشرعي.
ولعل هذا ما حدا بالشيخ محمد الأمين الشنقيطي إلى القول بعد سوق هذا المذهب: لكن فروع مذهبه تقتضي خلاف هذا. وأنه يقدم الخبر على القياس.... وهذا الذي يدل عليه استقراء مذهبه.
المبحث الخامس: تحقيق مذهب مالك في الخبر إذا خالف القياس:
لا يُنازع أحد في أن مالكاً كان في بعض الأحيان يرد الخبر بالقياس. ولكن النزاع في كون ذلك أصلاً من أصوله يجب تطبيقه على كل حادثة يتعارض فيها خبر الواحد مع القياس؛ وفي كون القياس الذي رد به الخبر قطعياً أو ظنياً.
والذي عليه المعول في هذه المسألة. وتصح نسبته إلى الإمام. ويتفق وإمامته في السنة ومكانته في الاجتهاد. ويصدع به محققو مذهبه؛ أن مالكاً رحمه الله لم يرد الخبر لمطلق القياس كما تشير إليه عبارة جمهور الأصوليين حتى من المالكية، وإنما رده بشرطين:
الشرط الأول: أن يكون القياس معتمداً على أصل قطعي، وقاعدة مقررة لا مجال للريب فيها. وهذا المبدأ مستقيم؛ لأن القياس المبني على قاعدة قطعية يكون قطعياً، وخبر الآحاد يكون ظنياً. وإلى هذا المبدأ أشار الشاطبي بقوله: الظني المعارض لأصل قطعي، ولا يشهد له أصل قطعي فمردود بلا إشكال. ومن الدليل على ذلك أمران: أحدهما: أنه مخالف لأصول الشريعة. ومخالف أصولها لا يصح؛ لأنه ليس منها. وما ليس من الشريعة كيف يعد منها. والثاني: أنه ليس له ما يشهد بصحته. وما هو كذلك ساقط الاعتبار. الشرط الثاني: أن يكون الخبر غير معاضد بقاعدة أخرى؛ أي بأصل آخر. فمتى توفر الشرطان معاً قُدم القياس على الخبر، لكون القياس حينئذ قطعياً، وخبر الآحاد ظنياً. والظني لا يُقاوم القطعي اتفاقاً.
والذي حقق هذه المسألة، وضبط أصلها؛ وحكم هذا الأصل في الفروع المأثورة عن الإمام، رافعاً بذلك التناقض الذي قد يبدو في بعضها؛ هو القاضي أبو بكر ابن العربي غير معاضد بقاعدة أخرى قطعية. ثم جاء شيخ المقاصد، أبو اسحاق الشاطبي، الذي أدرك نفاسة هذا الأصل، وأهميته في تأصيل فروع المذهب المالكي، والتقارب بين المتماثل من مسائله، وإزالة التنافر الظاهر من بعضها...، ليتمسك بهذا الأصل، ويُرجع إليه كثيراً من المسائل التي قيل إن المالكية تركوا فيها الأخبار لمنافتها للقياس.
فالإمام مالك – إذن – لا يترك خبر الآحاد إلا إذا لم يعتضد بأصل آخر. وعارضه في الوقت نفسه أصل قطعي. أو ما يعود إلى أصل قطعي. وهو القواعد المستخلصة من مجموع آيات القرآن الكريم، والأحاديث النبوية الصحيحة. أو بعبارة أخرى: ما ثبت بالاستقراء لنصوص الشرع وأحكامه في فروع مختلفة أنها قواعد مقررة ثابتة من غير شك ولا ريب.
وبهذا الأصل يصعب الإقرار بما تشير إلى ترجيحه عبارة القرافي في التنقيح، وهو تقديم القياس على خبر الآحاد على الإطلاق. بل الثابت أن القياس يُقدم على خبر الآحاد إذا اعتمد على قاعدة قطعية، ولم يكن الخبر معاضداً بقاعدة أخرى قطعية.
وبهذا يتجلى – أيضاً – أن القياس الذي يقصده مالك؛ هو القياس بمعنى القاعدة العامة؛ أي مجموعة الأصول الثابتة، والقواعد المرعية في الشريعة، والمستقاة من الأدلة المتضافرة.
وعلى ضوء هذا المنهج الذي سار عليه إمام دار الهجرة في العمل بالأدلة، يمكن تخريج الفروع التي أُثر عنه تقديم الخبر على القياس. والفروع التي أُثر عنه تقديم القياس فيها على الخبر.
وقد مثّل العلامة مولاي الحسين الحيان رحمه الله على تقديم الخبر على القياس بمسألتين هما : العرايا و المصراة.
ومثّل على تقديم القياس على الخبر بمسألة ولوغ الكلب في الإناء وقضاء من أفطر ناسياً في رمضان.
انتهى
 
إنضم
25 يونيو 2008
المشاركات
1,762
الإقامة
ألمانيا
الجنس
ذكر
التخصص
أصول الفقه
الدولة
ألمانيا
المدينة
مونستر
المذهب الفقهي
لا مذهب بعينه
بارك الله فيك ...

المعنى الأول: القياس الأصولي: وهو الأصل الرابع من أصول الأدلة بعد الكتب والسنة والإجماع. وهو الدليل المنتزع من الأصول.

هل هو فعلا أصل ودليل؟
الذي أعرف أن الأصول ثلاثة : الكتاب والسنة والإجماع ، هذا ماقاله الغزالي في المستصفى .
 
إنضم
14 يونيو 2012
المشاركات
307
الكنية
أبو محمد
التخصص
فقه و أصوله
المدينة
الجزائر
المذهب الفقهي
------------------
رد: موقف الإمام مالك من معارضة القياس للسُّنة الأحادية

هل هو فعلا أصل ودليل؟
الذي أعرف أن الأصول ثلاثة : الكتاب والسنة والإجماع ، هذا ماقاله الغزالي في المستصفى .
ونحن نعرف ان القياس ليس هو الكتاب و لاهو السنة ولا هو الاجماع فماهو عندكم؟
 
إنضم
19 أكتوبر 2014
المشاركات
12
الكنية
أبو سليمان
التخصص
الاتصال والإعلام
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: موقف الإمام مالك من معارضة القياس للسُّنة الأحادية

جزاك الله خير ونفع بك
 
أعلى