العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

تلك مراتب الورع كما ذكرها الغزالي، ومحل الفقيه منها. وضرورة إدراك اصطلاح المؤلف.

إنضم
14 نوفمبر 2009
المشاركات
350
التخصص
الفقه والأصول والبحث القرآني
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
الحنفي
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين.. والصلاة والسلام على اشرف النبيين والمرسلين؛ نبينا محمد، وعلى آلةه وصحبه أجمعين.. وبعد :

فتلك مراتب المتورعين، ذكلاها الإمام أبو حامد الغزالي، رحمه الله تعالى ورضي عنه، في كتاب العلم من إحياء علوم الدين.. يقول :

(وأما الحلال والحرام فالورع عن الحرام من الدين ولكن الورع له أربع مراتب:
[font=&quot]الأولى [font=&quot]الورع الذي يشترط في عدالة الشهادة وهو الذي يخرج بتركه الإنسان عن أهلية الشهادة والقضاء والولاية وهو الاحتراز عن الحرام الظاهر. [/font]
[/font] [font=&quot]الثانية[font=&quot] ورع الصالحين وهو التوقي من الشبهات التي يتقابل فيها الاحتمالات قال صلى الله عليه وسلم: (دع ما يريبك إلى مالا يريبك). وقال صلى الله عليه وسلم: (الإثم حزاز القلوب). [/font]
[/font] [font=&quot]الثالثة[font=&quot] ورع المتقين وهو ترك الحلال المحض الذي يخاف منه أداؤه إلى الحرام قال صلى الله عليه وسلم: (لا يكون الرجل من المتقين حتى يدع ما لا بأس به مخافة مما به بأس). وذلك مثل التورع عن التحدث بأحوال الناس خيفة من الانجرار إلى الغيبة والتورع عن أكل الشهوات خيفة من هيجان النشاط والبطر المؤدي إلى مقارفة المحظورات. [/font]
[/font] [font=&quot]الرابعة[font=&quot] ورع الصديقين وهو الإعراض عما سوى الله تعالى خوفا من صرف ساعة من العمر إلى ما لا يفيد زيادة قرب عند الله عز وجل وإن كان يعلم ويتحقق أنه لا يفضي إلى حرام.[/font]
[/font] فهذه الدرجات كلها خارجة عن نظر الفقيه إلا الدرجة الأولى وهو ورع الشهود والقضاء وما يقدح في العدالة والقيام بذلك لا ينفي الإثم في الآخرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لوابصة: (استفت قلبك وإن أفتوك وإن أفتوك)[font=&quot]) ا.ه


فقد اصطلح الغزالي على كون الفقه من علوم الدنيا، لا باعتبار أنه كالطب أو الهندسة، وإنما باعتبار كونه متعلقا بظواهر تسري في الدنيا، وربما لا تسري في الآخرة.

ومن هنا جاء التعبير في باب القضاء : (قضاء لا ديانة) أي أنه يأثم بحكم الآخرة، وإن حكم القاضي - فقها - بأحكام الظاهر. فنسبة الفقه إلى الدنيا هي إناطة بأحكام الظاهر التي لا تجري إلا بالدنيا، والتي محلها الدنيا.

فافهم عنه ذلك تغنم علمه إن شاء الله .

والحمد لله رب العالمين
[/font]​
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
جزاك الله خيرا ويا ليت لنا بالدنيا ورع عدالة الشهادة، فاللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا.
 
إنضم
14 نوفمبر 2009
المشاركات
350
التخصص
الفقه والأصول والبحث القرآني
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
الحنفي
ومن هنا أضيف وأنبه تخريجا واعتمادا على ما نظّره الإمام الغزالي رضي الله عنه :

كثيرا ما نجد من المشتغلين بالعلوم - ولا نبرئ أنفسنا فهي أول المتهمين - وخاصة علم الفقه انشغالا بذلك عن فقه تزكية القلوب. فإن نبهنا أو نبهنا سارع المنبّه (المفعول) إلى التعلق بالعلم، وأنه هو الذي به صلاح القلوب، وأن الجهل هو أصل المرض.. إلخ ما يعهد أن يقال. والواقع يشهد على قلة الديانة، وتغلب فورة النفس لذاتها، فترى الغيرة، وترى التصيد للزميل، وترى اللذع الشافي للغليل مغلفا بدعوى التقوى الباردة، والإخلاص الزائف الذي تدل على زيفه القرائن ومواطن الانشغال .

والفطن الحكيم هو من تجنب ذلك كله، وأمسك لسانه، وعقد العزم على اختزان ما يؤذاه ليكون رصيدا له يوم الحساب يضع به من أثقاله.

وقد اتخذت في ذلك لنفسي منهجا؛ فقد مكثت فترة أنتصر من المتشفي، حتى اختلط عليّ الأمر، فما دريت أنتصر لنفسي أم للدين والعلم، ثم أيقنت أنها النفس السوء، ووافق ذلك كثرة في ذنوبي وتكررا وتوطنا على تقصيري في جناب الله، نسأل الله السلامة من السوء، فاتخذت في هذا الباب منهجا ارتضيته لنفسي وهو (تثمير الواقعين) : فأمسكت بإطلاق عمن يروم شفاء الغليل، فيرمي ويعرّض ويتصيد مواطن التقليل، ونويت بيني وبين ربي أن ما أوتاه من أذى هو مخترن، وفي الصحيفة مرتهن، ، فصرت بذلك أسعد والله بالوقيعة، فقد احتسبتها وديعة، أرمي بها عني كل قبيحة وضيعة، فيحملها على عاتقه الواقع، من كان يشمشم في المواضع، وما لغير حقده من دافع.

فإن جاء هذا في الدنيا، يطلب التحلل، نظرت؛ فإن كان الرصيد هينا، والخير في العفو، عفوت.. وإن كان الرصيد عظيما وترجى به المقايضة المربحة ما أحللت، وأعرضت، حتى أعلم علم اليقين، من عالم مكين، أن العفو أربح، ويأتي عليه بدليل مبين. وإلا فإن الرصيد ينفع، يوم لا ينفع مال ولا مرتع.
 

تمارا محمد علي

:: متابع ::
إنضم
17 مارس 2010
المشاركات
34
التخصص
تربية إسلامية
المدينة
نابلس
المذهب الفقهي
الحنفي
بارك الله فيكم وجزاكم كل خير ....ورزقنا وإياكم خشيته في السر والعلن
 
إنضم
10 أكتوبر 2009
المشاركات
85
التخصص
فقه
المدينة
مصر
المذهب الفقهي
الحنبلى
جزاكم الله خيرا على دررك الغالية. وليتنا نسقط هذا الكلام على الواقع فيذكر كل واحد من موقفا تورع فيه عن الحرام أو عن الحلال . لعل النتيجة ستكون مؤسفة إذا طبقنا ذلك. والأسف الأكبر أن نعلم جميعا أن ما تعلمناه وقرأناه فى وادٍ وحالنا فى وادٍ آخر . فنسأل الله السلامة والمعافاة.
 

طارق موسى محمد

:: متفاعل ::
إنضم
5 أغسطس 2009
المشاركات
411
الإقامة
الاردن
الجنس
ذكر
التخصص
محاسبة
الدولة
الاردن
المدينة
الزرقاء
المذهب الفقهي
الحنفي
جزاكم الله خيرا على دررك الغالية. وليتنا نسقط هذا الكلام على الواقع فيذكر كل واحد منا موقفا تورع فيه عن الحرام أو عن الحلال . لعل النتيجة ستكون مؤسفة إذا طبقنا ذلك. والأسف الأكبر أن نعلم جميعا أن ما تعلمناه وقرأناه فى وادٍ وحالنا فى وادٍ آخر . فنسأل الله السلامة والمعافاة.
النفس اللوامة
بداية الطريق
والله الموفق
 

رياض صالح على

:: متابع ::
إنضم
18 مارس 2010
المشاركات
69
الكنية
أبوصالح
التخصص
دراسات إسلامية
المدينة
غيل باوزير
المذهب الفقهي
شافعي
هذا الباب وهو الإهتمام بتزكية النفس من أهم الأبواب التي ينبغي لطالب العلم أن يهتم بها لما لها من أثر على مصير الإنسان فكيف يفعل من لم يهتم بإخلاصه أو كان عنده عجب أوكبر والعياذ بالله فنسأل الله أن يلهمنا الصواب وأن يوفقنا لما فيه نجاتنا في ألاخرة ..
 
إنضم
22 يونيو 2008
المشاركات
1,566
التخصص
الحديث وعلومه
المدينة
أبوظبي
المذهب الفقهي
الحنبلي ابتداءا
وللذهبي كلمات رائقة في نفس المعنى في كتابه زغل العلم ..
 
إنضم
14 نوفمبر 2009
المشاركات
350
التخصص
الفقه والأصول والبحث القرآني
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
الحنفي
ومن هنا كذلك يمكننا أن نفك الإلغاز في الاجتماع الواقع بين العلم وقلة الديانة أو الجبن والنفاق.

فنرى كثيرا من المحصلين الموصوفين بغزارة المادة العلمية ضعاف القلوب في بيان الحق، تهتز أعصابهم وتتغير مناهجهم إذا اصطدموا بواقع أعظم منهم، وبعضهم هم من تنابلة السلطان، يهيئون له الفقه والحديث، فتكون علومهم الغزيرة آلة لخدمة من يغدق عليهم.
كذلك من نراهم ينتسبون للعلم إمامة أو طلبا، ويتعجب الناس منهم حيث هم في ورعهم وعملهم يقال عنهم (عاديون) فلم يؤثر العلم فيهم كبير تأثير. بل ربما اتخذوا العلم مطية للهزء والسخرية، كذلك المقرئ الذي طلب ثمنا عظيما لقراءته في محفل لميت، فقيل له في ذلك، فقال : ألم تسمعوا قول الله تعالى (ولا تشتروا بآيات الله ثمنا قليلا)؟!!
فهؤلاء قد تحول العلم لديهم إلى (داتا) أي معلومات مجردة، فأجهزة الحاسب الآلي والبرامج التراثية أفضل عند الله منهم لو ظنوا أن الأفضلية بالكمية. فإن تحول العلم إلى كمّ تحصيلي مجرد، وحصل تجاهل القلوب وغذائها، تحقق ما نحن متحققون منه في أيامنا.

فإن زكى الإنسان نفسه برياضتها وفق مراتب الورع، نفعه هنا العلم التحصيلي نغها عظيما، وهنا - فقط - يكون العلم ممدوحا، وهو العلم النافع الذي نتعوذ من ضدّه.

والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.
 
التعديل الأخير:

نجمة الورفلي

:: متابع ::
إنضم
9 مارس 2010
المشاركات
36
التخصص
لغة عربية
المدينة
ليبيا
المذهب الفقهي
الدليل
بارك الله فيك ياأخي لقد أتحفتنا من مكنون الدر المنثور فنفع الله بماذكرتم
 

بشرى عمر الغوراني

:: فريق طالبات العلم ::
إنضم
29 مارس 2010
المشاركات
2,121
الإقامة
لبنان
الجنس
أنثى
الكنية
أم أنس
التخصص
الفقه المقارن
الدولة
لبنان
المدينة
طرابلس
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: تلك مراتب الورع كما ذكرها الغزالي، ومحل الفقيه منها. وضرورة إدراك اصطلاح المؤلف.

جزاكم الله خيراً
موضوع يستحق القراءة مرات ومرات..علّه ينطبع منه شيء في النفس؛ فتعمل به..
 
أعلى