حمد وديع ال عبدالله
:: مطـًـلع ::
- إنضم
- 18 يونيو 2008
- المشاركات
- 166
- التخصص
- فقه وتشريع
- المدينة
- الضفة الغربية
- المذهب الفقهي
- مذهب الائمة الاربعة (اذا صح الحديث فهو مذهبي)
هذا موضوع اختلف فيه، وهو من باب التشريك في النية، فهل يجوز فعلا الجمع بين صلاتين او اي عبادتين بنفس النية؟
فهل يجوز صلاة ركعتين تحية المسجد مع ركعتي سنة الظهر القبلية بنية واحدة وبصلاة واحدة ركعتين؟
وهل يسد الاغتسال عن الوضوء ويسقطه؟
من خلال البحث وجدت انه يجوز ذلك ولكن بتفصيل لكل مذهب من المذاهب الاربعة؛ خلافا للظاهرية الذين لم يجيزوه الا في الحج القارن وهو بين الحج والعمرة فقط.
وطبعا ولكل ادلته، وسانقل لكم بعضا من ذلك:
ذكر الحافظ السيوطي هذه المسألة في الأشباه والنظائر فقال: للتشريك في النية نظائر، وضابطها أقسام: الأول: أن ينوي مع العبادة ما ليس بعبادة، فقد يبطلها... وقد لا يبطلها، وفيه صور: منها: ما لو نوى الوضوء أ و الغسل والتبرد، ففي وجه لا يصح للتشريك، والأصح الصحة، لأن التبرد حاصل، قصده أم لا، فلم يجعل قصده تشريكا وتركا للإخلاص، بل هو قصد للعبادة على حسب وقوعها، لأن من ضرورتها حصول التبرد ومنها ما لو نوى الصوم أو الحمية أو التداوي، وفيه الخلاف المذكور. والأصح الصحة، وقد نص على ذلك أيضا ابن الهمام من الحنفية في فتح القدير فقال: لو نوى الصوم والحمية أو التداوي، فالأصح الصحة، لأن الحمية أو التداوي حاصل قصده أم لا، فلم يجعل قصده تشريكا وتركا للإخلاص، بل هو قصد للعبادة على حسب وقوعها، لأن من ضرورتها حصول الحمية أو التداوي.
قال الشيخ: محمد بن صالح العثيمين
تداخل العبادات قسمان:
قسم لا يصح: وهو فيما إذا كانت العبادة مقصودة بنفسها، أو متابعة لغيرها، فهذا لا يمكن أن تتداخل العبادات فيه، مثال ذلك: إنسان فاتته سنة الفجر حتى طلعت الشمس، وجاء وقت صلاة الضحى، فهنا لا تجزئ سنة الفجر عن صلاة الضحى، ولا الضحى عن سنة الفجر، ولا الجمع بينهما أيضاً، لأن سنة الفجر مستقلة، وسنة الضحى مستقلة، فلا تجزئ إحداهما عن الأخرى، كذلك إذا كانت الأخرى تابعة لما قبلها، فإنها لا تتداخل، فلو قال إنسان: أنا أريد أن أنوي بصلاة الفجر صلاة الفريضة والراتبة، قلنا: لا يصح هذا، لأن الراتبة تابعة للصلاة فلا تجزىء عنها.
والقسم الثاني: أن يكون المقصود بالعبادة مجرد الفعل، والعبادة نفسها ليست مقصودة، فهذا يمكن أن تتداخل العبادات فيه، مثاله: رجلٌ دخل المسجد والناس يصلون صلاة الفجر، فإن من المعلوم أن الإنسان إذا دخل المسجد لا يجلس حتى يصلي ركعتين، فإذا دخل مع الإمام في صلاة الفريضة أجزأت عنه الركعتين، لأن المقصود أن تصلي ركعتين عند دخول المسجد، وكذلك لو دخل الإنسان المسجد وقت الضحى وصلى ركعتين ينوي بهما صلاة الضحى، أجزأت عنه تحية المسجد، وإن نواهما جميعاً فأكمل.
فهذا هو الضابط في تداخل العبادات، ومنه الصوم، فصوم يوم عرفة مثلاً المقصود أن يأتي عليك هذا اليوم وأنت صائم، سواء كنت نويته من الأيام الثلاثة التي تصام من كل شهر، أو نويته ليوم عرفة، لكن إذا نويته ليوم عرفة لم يجزئ عن صيام الأيام الثلاثة، وإن نويته يوماً من الأيام الثلاثة أجزأ عن يوم عرفة، وإن نويت الجميع كان أفضل.
ولابن رجب الحنبلي رحمه الله كلام نفيس عن التشريك في النية أورده في كتابه الجليل:
(تقرير القواعد وتحرير الفوائد) ، أنقله كاملا حتى يعم النفع.
قال ابن رجب رحمه الله تعالى :
( الْقَاعِدَةُ الثَّامِنَةَ عَشَرَ ) : إذَا اجْتَمَعَتْ عِبَادَتَانِ مِنْ جِنْسٍ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ لَيْسَتْ إحْدَاهُمَا مَفْعُولَةً عَلَى جِهَةِ الْقَضَاءِ وَلَا عَلَى طَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ لِلْأُخْرَى فِي الْوَقْتِ تَدَاخَلَتْ أَفْعَالُهُمَا ، وَاكْتَفَى فِيهِمَا بِفِعْلٍ وَاحِدٍ وَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ : ( أَحَدُهُمَا ) : أَنْ يَحْصُلَ لَهُ بِالْفِعْلِ الْوَاحِدِ الْعِبَادَتَانِ [ جَمِيعًا ] يُشْتَرَطُ أَنْ يَنْوِيَهُمَا جَمِيعًا عَلَى الْمَشْهُورِ وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ مَنْ عَلَيْهِ حَدَثَانِ أَصْغَرُ وَأَكْبَرُ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَكْفِيه أَفْعَالُ الطَّهَارَةِ الْكُبْرَى إذَا نَوَى الطَّهَارَتَيْنِ [ جَمِيعًا ] بِهَا وَعَنْهُ لَا يُجْزِئُهُ عَنْ الْأَصْغَرِ حَتَّى يَأْتِيَ بِالْوُضُوءِ وَاخْتَارَ أَبُو بَكْرٍ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ عَنْهُمَا إذَا أَتَى بِخَصَائِصِ الْوُضُوءِ مِنْ التَّرْتِيبِ وَالْمُوَالَاةِ وَإِلَّا فَلَا ، وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمُبْهِجِ وَلَوْ كَانَ عَادِمًا لِلْمَاءِ فَتَيَمَّمَ تَيَمُّمًا وَاحِدًا يَنْوِي بِهِ الْحَدَثَيْنِ أَجْزَأَهُ عَنْهُمَا بِغَيْرِ خِلَافٍ وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا . ( وَمِنْهَا ) الْقَارِنُ إذَا نَوَى الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ كَفَّاهُ لَهُمَا طَوَافٌ وَاحِدٌ وَسَعْيٌ وَاحِدٌ عَلَى الْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ وَعَنْهُ لَا بُدَّ مِنْ طَوَافَيْنِ وَسَعْيَيْنِ كَالْمُفْرِدِ ، وَالْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا حَكَيَا هَذِهِ الرِّوَايَةَ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا تُجْزِئُهُ الْعُمْرَةُ الدَّاخِلَةُ فِي ضِمْنِ الْحَجِّ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِعُمْرَةٍ مُفْرَدَةٍ بِإِحْرَامٍ مُفْرَدٍ لَهَا . ( وَمِنْهَا ) إذَا نَذَرَ الْحَجَّ مَنْ عَلَيْهِ حَجُّ الْفَرْضِ ثُمَّ حَجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ فَهَلْ يُجْزِئُهُ عَنْ فَرْضِهِ وَنَذْرِهِ ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ . ( إحْدَاهُمَا ) يُجْزِئُهُ عَنْهُمَا نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ وَنَقَلَهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهِيَ اخْتِيَارُ أَبِي حَفْصٍ . ( وَالثَّانِيَة ) : لَا يُجْزِئُهُ ، نَقَلَهَا ابْنُ مَنْصُورٍ وَعَبْدُ اللَّهِ وَهِيَ الْمَشْهُورَةُ . وَقَدْ حَمَلَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ كَأَبِي الْحُسَيْنِ فِي التَّمَامِ الرِّوَايَةَ الْأُولَى عَلَى صِحَّةِ وُقُوعِ النَّذْرِ قَبْلَ الْفَرْضِ وَفَرْضُهُمَا فِيمَا إذَا نَوَى النَّذْرَ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ عَنْهُ وَتَبْقَى عَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ . ( وَمِنْهَا ) إذَا نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ يَقْدَمُ فِيهِ فُلَانٌ فَقَدِمَ فِي أَوَّلِ رَمَضَانَ ، هَلْ يُجْزِئُهُ رَمَضَانُ عَنْ فَرْضِهِ وَنَذْرِهِ عَلَى رِوَايَتَيْنِ أَشْهَرُهُمَا عِنْدَ الْأَصْحَابِ لَا يُجْزِئُهُ عَنْهُمَا وَالثَّانِيَة يُجْزِئُهُ عَنْهُمَا نَقَلَهَا الْمَرُّوذِيّ وَصَرَّحَ بِهَا الْخِرَقِيِّ فِي كِتَابِهِ وَحَمَلَهَا الْمُتَأَخِّرُونَ عَلَى أَنَّ نَذْرَهُ لَمْ يَنْعَقِدْ لِمُصَادَفَتِهِ رَمَضَانَ وَلَا يَخْفَى فَسَادُ هَذَا التَّأْوِيلِ وَعَلَى رِوَايَةِ الْإِجْزَاءِ فَقَالَ صَاحِبُ الْمُغْنِي لَا بُدَّ أَنْ يَنْوِيَهُ عَنْ فَرْضِهِ وَنَذْرِهِ وَقَالَ الشَّيْخُ مَجْدُ الدِّينِ لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةِ النَّذْرِ ، قَالَ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَأَحْمَدَ لِأَنَّا نُقَدِّرهُ كَأَنَّهُ نَذَرَ هَذَا الْقَدْرَ مُنْجِزًا عِنْدَ الْقُدُومِ فَجَعَلَهُ كَالنَّاذِرِ لِصَوْمِ رَمَضَانَ لِجِهَةِ الْفَرْضِيَّةِ وَفِيهِ بُعْدٌ ، وَلَوْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ مُطْلَقٍ فَصَامَ رَمَضَانَ يَنْوِيَهُ عَنْهُمَا فَإِنَّهُ يُخَرَّجُ عَلَى مَسْأَلَةِ الْحَجِّ ، ذَكَرَهُ ابْنُ الزاغوني وَغَيْرُهُ . ( وَمِنْهَا ) لَوْ نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِنِصَابٍ مِنْ الْمَالِ وَقْتَ حُلُولِ الْحَوْلِ ، فَهَلْ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ فَهَلْ تُجْزِيه الصَّدَقَةُ عَنْ النَّذْرِ وَالزَّكَاةِ إذَا نَوَاهُمَا ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ وَاخْتِيَارُ صَاحِبُ الْمُغْنِي الْإِجْزَاءَ وَخَالَفَهُ صَاحِبُ شَرْحِ الْهِدَايَةِ . ( وَمِنْهَا ) لَوْ طَافَ عِنْدَ خُرُوجِهِ مِنْ مَكَّةَ طَوَافًا يَنْوِي بِهِ الزِّيَارَةَ وَالْوَدَاعَ ، فَقَالَ الْخِرَقِيِّ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ وَصَاحِبُ الْمُغْنِي فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ يُجْزِئُهُ عَنْهُمَا وَيَتَخَرَّجُ فِيهِ خِلَافٌ مِنْ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي بَعْدَهَا . ( وَمِنْهَا ) لَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ رَاكِعًا فَكَبَّرَ [ تَكْبِيرَةً يَنْوِي بِهَا ] تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ وَالرُّكُوعِ فَهَلْ يُجْزِئُهُ ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ حَكَاهُمَا أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ وَاخْتَارَ [ الْقَاضِي ] عَدَمَ الْإِجْزَاءِ لِلتَّشْرِيكِ بَيْنَ الرُّكْنِ وَغَيْرِهِ وَأَخَذَهُ مِنْ نَصِّ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ وَعَطَسَ فَقَالَ [ الْحَمْدُ لِلَّهِ ] رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ يَنْوِي بِهِ الْوَاجِبَ وَسُنَّةَ الْحَمْدِ لِلْعَاطِسِ أَنْ لَا يُجْزِئَهُ ، وَاخْتَارَ ابْنُ شَاقِلَا الْإِجْزَاءَ وَشَبَّهَهُ بِمَنْ أَخْرَجَ فِي الْفُطْرَةِ أَكْثَرَ مِنْ صَاعٍ وَلَا يَصِحُّ هَذَا التَّشْبِيهُ وَمِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ قَالَ إنْ قُلْنَا تَكْبِيرَةُ الرُّكُوعِ سُنَّةٌ أَجْزَأَتْهُ وَحَصَلَتْ السُّنَّةُ بِالنِّيَّةِ تَبَعًا لِلْوَاجِبِ ، وَإِنْ قُلْنَا وَاجِبَةٌ لَمْ يَصِحَّ التَّشْرِيكُ وَفِيهِ ضَعْفٌ . وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَكْبِيرَةَ الرُّكُوعِ تُجْزِئُ فِي حَالِ الْقِيَامِ خِلَافَ مَا يَقُولُهُ الْمُتَأَخِّرُونَ . ( وَالضَّرْبُ الثَّانِي ) أَنْ يَحْصُلَ لَهُ أَحَدُ الْعِبَادَتَيْنِ بِنِيَّتِهَا ، وَتَسْقُطُ عَنْهُ الْأُخْرَى وَلِذَلِكَ أَمْثِلَةٌ : ( مِنْهَا ) إذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَقَدْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَصَلَّى مَعَهُمْ ، سَقَطَتْ عَنْهُ التَّحِيَّةُ . ( وَمِنْهَا ) لَوْ سَمِعَ سَجْدَتَيْنِ مَعًا ، فَهَلْ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ أَمْ يَكْتَفِي بِوَاحِدَةٍ ؟ الْمَنْصُوصُ فِي رِوَايَةِ البرزاطي أَنَّهُ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ ، وَيَتَخَرَّجُ أَنَّهُ يَكْتَفِي بِوَاحِدَةٍ ، وَقَدْ خَرَّجَ الْأَصْحَابُ بِالِاكْتِفَاءِ بِسَجْدَةِ الصَّلَاةِ عَنْ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَجْهًا فَهُنَا أَوْلَى . ( وَمِنْهَا ) إذَا قَدِمَ الْمُعْتَمِرُ مَكَّةَ فَإِنَّهُ يَبْدَأُ بِطَوَافِ الْعُمْرَةِ وَيَسْقُطُ عَنْهُ طَوَافُ الْقُدُومِ ، وَقِيَاسُهُ إذَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ ثُمَّ قَدِمَ [ يَوْمَ ] النَّحْرِ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ طَوَافُ الزِّيَارَةِ عَنْهُ وَالْمَنْصُوصُ هَاهُنَا أَنَّهُ يَطُوفُ قَبْلَهُ لِلْقُدُومِ ، وَخَالَفَ فِيهِ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَهُوَ الْأَصَحُّ . ( وَمِنْهَا ) إذَا صَلَّى عَقِيبَ الطَّوَافِ مَكْتُوبَةً فَهَلْ يَسْقُطُ عَنْهُ رَكْعَتَا الطَّوَافِ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَقْيَسُ أَنَّهَا لَا تَسْقُطُ ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ عَنْ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ يُجْزِئُهُ لَيْسَ هُمَا وَاجِبَتَيْنِ ، وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ عَنْهُ أَرْجُو أَنْ يُجْزِئَهُ وَهَذَا قَدْ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ يَحْصُلُ لَهُ بِذَلِكَ الْفَرْضِ رَكْعَتَا الطَّوَافِ فَيَكُونُ مِنْ الضَّرْبِ الْأَوَّلِ . لَكِنْ لَا يُعْتَبَرُ هُنَا نِيَّةُ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ . وَيُشْبِهُ هَذِهِ الرِّوَايَةَ الَّتِي حَكَاهَا أَبُو حَفْصٍ الْبَرْمَكِيُّ عَنْ أَحْمَدَ فِي الْجُنُبِ إذَا اغْتَسَلَ يَنْوِي الْجَنَابَةَ وَحْدَهَا أَنَّهُ يَرْتَفِعُ حَدَثُهُ الْأَصْغَرُ تَبَعًا وَهِيَ اخْتِيَارُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ . وَقَدْ يُقَالُ الْمَقْصُودُ أَنْ يَقَعَ عَقِيبَ الطَّوَافِ صَلَاةٌ كَمَا أَنَّ الْمَقْصُودَ أَنْ يَقَعَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ صَلَاةٌ فَأَيُّ صَلَاةٍ وُجِدَتْ حَصَّلَتْ الْمَقْصُودَ . ( وَمِنْهَا ) لَوْ أَخَّرَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ إلَى وَقْتِ خُرُوجِهِ فَطَافَ فَهَلْ يَسْقُطُ عَنْهُ طَوَافُ الْوَدَاعِ أَمْ لَا ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ [ وَنَصَّ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى سُقُوطِهِ . ( وَمِنْهَا ) إذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ رَاكِعًا فَكَبَّرَ لِلْإِحْرَامِ فَهَلْ تَسْقُطُ عَنْهُ تَكْبِيرَةُ الرُّكُوعِ ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ] أَيْضًا وَالْمَنْصُوصُ عَنْهُ الْإِجْزَاءُ . وَهَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَنْوِيَ بِهَا تَكْبِيرَةَ الِافْتِتَاحِ أَمْ لَا ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ نَقَلَهُمَا عَنْهُ ابْنُ مَنْصُورٍ إحْدَاهُمَا لَا يُشْتَرَطُ بَلْ يَكْفِيه أَنْ يُكَبِّرَ بِنِيَّةِ الصَّلَاةِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَحْضِرْ بِقَلْبِهِ أَنَّهَا تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ كَمَا لَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الْقِيَامِ . وَالثَّانِيَةُ : لَا بُدَّ أَنْ يَنْوِيَ بِهَا الِافْتِتَاحَ لِأَنَّهُ قَدْ اجْتَمَعَ هَهُنَا تَكْبِيرَتَانِ فَوَقَعَ الِاشْتِرَاكُ فَاحْتَاجَتْ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ إلَى نِيَّةٍ تُمَيِّزُهَا بِخِلَافِ حَالِ الْقِيَامِ فَإِنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِيهِ اشْتِرَاكٌ . ( وَمِنْهَا ) إذَا اجْتَمَعَ فِي يَوْمِ عِيدٍ وَجُمُعَةٍ فَأَيُّهُمَا قُدِّمَ أَوَّلًا فِي الْفِعْلِ سَقَطَ بِهِ الثَّانِي وَلَمْ يَجِبْ حُضُورُهُ مَعَ الْإِمَامِ . وَفِي سُقُوطِهِ عَنْ الْإِمَامِ رِوَايَتَانِ . وَعَلَى رِوَايَةِ عَدَمِ السُّقُوطِ فَيَجِبُ أَنْ يَحْضُرَ مَعَهُ مَنْ تَنْعَقِدُ بِهِ تِلْكَ الصَّلَاةُ ذَكَرَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَغَيْرُهُ فَتَصِيرُ الْجُمُعَةُ هَهُنَا فَرْضَ كِفَايَةٍ تَسْقُطُ بِحُضُورِ أَرْبَعِينَ . ( وَمِنْهَا ) إذَا اجْتَمَعَ عَقِيقَةٌ وَأُضْحِيَّةٌ فَهَلْ تُجْزِئُ الْأُضْحِيَّةُ عَنْ الْعَقِيقَةِ أَمْ لَا ؟ . عَلَى رِوَايَتَيْنِ مَنْصُوصَتَيْنِ . وَفِي مَعْنَاهُ لَوْ اجْتَمَعَ هَدْيٌ وَأُضْحِيَّةٌ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَنَّهُ لَا تَضْحِيَةَ بِمَكَّةَ وَإِنَّمَا هُوَ الْهَدْيُ . ( وَمِنْهَا ) اجْتِمَاعُ الْأَسْبَابِ الَّتِي يَجِبُ بِهَا الْكَفَّارَاتُ وَتَتَدَاخَلُ فِي الْإِيمَانِ وَالْحَجِّ وَالصِّيَامِ وَالظِّهَارِ وَغَيْرِهَا . فَإِذَا أَخْرَجَ كَفَّارَةً وَاحِدَةً عَنْ وَاحِدٍ مِنْهَا مُعَيَّنٍ أَجْزَأَهُ وَسَقَطَتْ سَائِرُ الْكَفَّارَاتِ وَإِنْ كَانَ مُبْهَمًا . فَإِنْ كَانَتْ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ أَجْزَأَهُ أَيْضًا وَجْهًا وَاحِدًا عِنْدَ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ . وَعِنْدَ صَاحِبِ التَّرْغِيبِ أَنَّ فِيهِ وَجْهَيْنِ . وَإِنْ كَانَتْ مِنْ جِنْسَيْنِ فَوَجْهَانِ فِي اعْتِبَارِ نِيَّةِ التَّعْيِينِ وَأَمَّا الْأَحْدَاثُ الْمُوجِبَةُ لِلطَّهَارَةِ مِنْ جِنْسٍ أَوْ جِنْسَيْنِ مُوجِبُهُمَا وَاحِدٌ فَيَتَدَاخَلُ مُوجِبُهُمَا بِالنِّيَّةِ أَيْضًا بِغَيْرِ إشْكَالٍ وَإِنْ نَوَى أَحَدَهُمَا فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَرْتَفِعُ الْجَمِيعُ وَيَتَنَزَّلُ ذَلِكَ عَلَى التَّدَاخُلِ كَمَا قُلْنَا فِي الْكَفَّارَاتِ أَوْ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ الْوَاحِدَ يُعَلَّلُ بِعِلَلٍ مُسْتَقِلَّةٍ ، وَإِذَا نَوَى رَفْعَ حَدَثِ الْبَعْضِ فَقَدْ نَوَى وَاجِبَهُ وَهُوَ وَاحِدٌ لَا تَعَدُّدَ فِيهِ . وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ لَا يَرْتَفِعُ إلَّا مَا نَوَاهُ قَالَ فِي كِتَابِ الْمُقْنِعِ إذَا أَجْنَبَتْ الْمَرْأَةُ ثُمَّ حَاضَتْ يَكُونُ الْغُسْلُ الْوَاحِدُ لَهُمَا جَمِيعًا إذَا نَوَتْهُمَا بِهِ . وَيَتَنَزَّلُ هَذَا عَلَى أَنَّهُ لَا يُعَلَّلُ الْحُكْمُ الْوَاحِدُ بِعِلَّتَيْنِ مُسْتَقِلَّتَيْنِ بَلْ إذَا اجْتَمَعَتْ أَسْبَابٌ مُوجِبَةٌ تَعَدَّدَتْ الْأَحْكَامُ الْوَاجِبَةُ بِتَعَدُّدِ أَسْبَابِهَا وَلَمْ تَتَدَاخَلْ وَإِنْ كَانَتْ جِنْسًا وَاحِدًا وَرَجَّحَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ قَوْلَ أَبِي بَكْرٍ فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ لِأَنَّهُمَا مُخْتَلِفَا الْأَحْكَامِ إذْ الْمَنْعُ الْمُرَتَّبُ عَلَى الْحَيْضِ يَزِيدُ عَلَى الْمَنْعِ الْمُرَتَّبِ عَلَى الْجَنَابَةِ لِأَنَّهُمَا مُخْتَلِفَا الْأَجْنَاسِ بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا فَهُمَا كَالْجِنْسَيْنِ وَغَيْرُهُمَا كَالْجِنْسِ الْوَاحِدِ . وَمِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ قَالَ إنْ نَوَتْ رَفْعَ حَدَثِ الْحَيْضِ ارْتَفَعَتْ الْجَنَابَةُ لِدُخُولِ مَوَانِعِهَا فِيهِ وَلَا عَكْسَ
وقال في طرح التثريب في شرح التقريب ، لزين الدين أبو الفضل عبد الرحيم بن الحسيني العراقي دار النشر : دار الكتب العلمية - بيروت - 2000م ، الطبعة الأولى ، تحقيق : عبد القادر محمد علي
"يحتمل أن يكون معنى إنما الأعمال بالنيات أن من لم ينو الشيء لم يحصل له ويحتمل أن يكون المراد من نوى شيئا لم يحصل له غيره قال ابن دقيق العيد وبينهما فرق وإلى هذا يشير قوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه انتهى
وهذا يؤدي إلى أن التشريك في النية مفسد لها وقد ورد لكل من الاحتمالين ما يؤكده فمما يؤكد هذا الاحتمال ما رواه النسائي من حديث أبي أمامة قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال رأيت رجلا غزا يلتمس الأجر والذكر ما له فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا شيء له الحديث وفيه إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصا وابتغى به وجهه
ويدل للاحتمال الأول ما رواه النسائي أيضا من حديث عبادة بن الصامت قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزا في سبيل الله ولم ينو إلا عقالا فله ما نواه
فإتيانه بصيغة الحصر يقتضي أنه إذا نوى مع العقال شيئا آخر كان له ما نواه والله أعلم وقد اختلف كلام أصحابنا في مواضع وحاصل ما ذكروه أن من نوى مع الفرض ما هو حاصل ولو لم ينوه فإنه لا يضره
فمنها لو نوى الإمام تكبيرة الإحرام وإعلام القوم لم يضره كما جزم به الرافعي والنووي
ومنها إذا قصد المسبوق بتكبيرة الإحرام التحرم والهوى لا يصح لأن تكبيرة الإحرام لا يحصل بها تكبيرة الهوى
ومنها لو نوى الوضوء والتبرد لم يضره على الأصح لحصول التبرد بدون النية وهذا إذا نواهما معا فإن طرأت نية التبرد فإن كان ذلك مع ذكر النية لم يضره وإن لم يكن ذاكرا لها لم يصح ما بعد نية التبرد
ومنها لو نوى الجنب غسل الجنابة والجمعة معا فقد نص الشافعي في البويطي على حصولهما وهذا يقتضي حصول غسل الجمعة ولو لم ينوه وهو ما صححه الرافعي في الشرحين وخالفه في المحرر فقال يحصل المنوي فقط وتبعه النووي على هذا في سائر كتبه ونقله عن الأكثرين وقال الرافعي إنه إذا نواهما وقلنا إنه لو اقتصر على الجنابة لم تحصل الجمعة فقضيته أن لا يصح الغسل أصلا ورد كلامه لمخالفته للنص
ومنها لو نوى بفرضه الفرض والراتبة فإنه لا يصح لعدم دخول الراتبة مع الفرض لو لم ينو
ومنها لو نوى الفرض والتحية حصلا لحصول التحية بدونها
ومنها لو نوى بخطبة الجمعة الجمعة والكسوف لم يصح كما جزم به الرافعي والنووي
ومنها ما إذا نوى بقضاء الفائتة صلاة التراويح فالقياس عدم الصحة وفي فتاوى ابن الصلاح حصول الفائتة وهو مشكل"
لكن، ما هو رأي الظاهرية بذلك؟
الحقيقة ان الظاهرية ذهبوا الى عدم جواز التشريك في النية في العبادات الا في الحج والعمرة فقط وذلك لان الاصل في العبادات المنع واحداث اي جديد فيها يحتاج لدليل شرعي يثبت حصوله او قوله، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم انه جمع بين عبادتين بنفس النية اللهم ما يستنبط ويستدل به على ذلك من بعض اقوال او فعال النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا الاستدلال لا يخلو من الردود وما يضعفه ويرده اذا اخذنا بعين الاعتبار اننا نتكلم في باب العبادات وفيما لا يعقل معناه.
ولولا ان الاصل في العبادات في المنع لقلت بان راي جماهير العلماء هو الراجح ولكن لكونها عبادات والاصل فيها المنع فوجب فيها الاحتياط للحرص على سلامة الذمة من التكليف وسقوطه عنها اضافة لنيلها الاجر منه تعبدا لله سبحانه وتعالى فالله سبحانه وتعالى لا يُعبد الا بما وكما شرع.
فالاصل ان العبادة تحتاج لنية لان النية هي تميزها عن العادة. وكل عبادة تؤدى كما هي، اما مسالة الجمع بين بعضها بنية واحدة فهذا امر لم نجد له من القران والسنة او حتى عن الصحابة اصل بان قاموا به، اما فتح الباب للعقل في باب العبادات فارى انه امر غير مقبول، وخاصة في عصرنا هذا - الذي يختلف عن عصر الائمة الفقهاء- فان النفس تميل الى التحلل من التكاليف بمجرد اي اثر او رائحة من قول يجيز ذلك بدعوى اليسر والوسطية وعدم العسر والاحراج للمكلف.!
فبالله عليكم ماذا يحصل لو قام المكلف بصلاة ركعتين لله تعالى بعد ان يصلى ركعتين تحية للمسجد؟ ما هي المشقة في ايجاب ذلك عليه؟ وخاصة ان هذا هو الاصل. وماذا يحصل لو قام الملكلف بعد انتهائه من الاغتسال وقبل خروجه وتجفيف الماء عن بدنه بسكب قليل من الماء على اعضاء الوضوء بنية الوضوء؟؟؟؟
وماذا يحصل لو صلى ركعتي سنة الفجر وحدهما بعد ان يصلى ركعتي تحية المسجد؟ هل سيموت؟
لا يقل لي احد بان ذلك رخصة او انه تيسير من الشارع! فهذا لم يرد به نص ، لذا لا يعتبر امرا من الشارع. ثم ان الرسول صلى الله عليه وسلم ما من امر استطاع تيسيره على الناس في التكاليف الشرعية الاو اخبر به وما من امر يدخلنا الى الجنة الا وقد امرنا واخبرنا به وما من يهلكنا ويؤدي بنا الى النار الا وقد نهانا عنه، وهذا الامر وهو الجمع بين العبادات بنية واحدة لو
صح لامر به النبي صلى الله عليه وسلم او قام به امام امته خاصة ان عصرهم لم يكن فيه تطورا كما في عصرنا، فهم احوج لهذا الاستثناء منا.
والله تعالى اعلم
واضيف لاخوتي الكرام بحثا بعنوان : "التداخل واثره في الاحكام الشرعية" يتضمن موضوعنا مفصلا متمنيا دعواتكم لي ومشاركتي بما فتح الله به عليكم من العلم في ذلك..... وذلك على الرابط التالي
017978.pdf مكتبة المصطفى الالكترونية تحميل كتاب -التداخل و اثره في الاحكام الشرعيه-محمد خالد منصور-كتب عربية
فهل يجوز صلاة ركعتين تحية المسجد مع ركعتي سنة الظهر القبلية بنية واحدة وبصلاة واحدة ركعتين؟
وهل يسد الاغتسال عن الوضوء ويسقطه؟
من خلال البحث وجدت انه يجوز ذلك ولكن بتفصيل لكل مذهب من المذاهب الاربعة؛ خلافا للظاهرية الذين لم يجيزوه الا في الحج القارن وهو بين الحج والعمرة فقط.
وطبعا ولكل ادلته، وسانقل لكم بعضا من ذلك:
ذكر الحافظ السيوطي هذه المسألة في الأشباه والنظائر فقال: للتشريك في النية نظائر، وضابطها أقسام: الأول: أن ينوي مع العبادة ما ليس بعبادة، فقد يبطلها... وقد لا يبطلها، وفيه صور: منها: ما لو نوى الوضوء أ و الغسل والتبرد، ففي وجه لا يصح للتشريك، والأصح الصحة، لأن التبرد حاصل، قصده أم لا، فلم يجعل قصده تشريكا وتركا للإخلاص، بل هو قصد للعبادة على حسب وقوعها، لأن من ضرورتها حصول التبرد ومنها ما لو نوى الصوم أو الحمية أو التداوي، وفيه الخلاف المذكور. والأصح الصحة، وقد نص على ذلك أيضا ابن الهمام من الحنفية في فتح القدير فقال: لو نوى الصوم والحمية أو التداوي، فالأصح الصحة، لأن الحمية أو التداوي حاصل قصده أم لا، فلم يجعل قصده تشريكا وتركا للإخلاص، بل هو قصد للعبادة على حسب وقوعها، لأن من ضرورتها حصول الحمية أو التداوي.
قال الشيخ: محمد بن صالح العثيمين
تداخل العبادات قسمان:
قسم لا يصح: وهو فيما إذا كانت العبادة مقصودة بنفسها، أو متابعة لغيرها، فهذا لا يمكن أن تتداخل العبادات فيه، مثال ذلك: إنسان فاتته سنة الفجر حتى طلعت الشمس، وجاء وقت صلاة الضحى، فهنا لا تجزئ سنة الفجر عن صلاة الضحى، ولا الضحى عن سنة الفجر، ولا الجمع بينهما أيضاً، لأن سنة الفجر مستقلة، وسنة الضحى مستقلة، فلا تجزئ إحداهما عن الأخرى، كذلك إذا كانت الأخرى تابعة لما قبلها، فإنها لا تتداخل، فلو قال إنسان: أنا أريد أن أنوي بصلاة الفجر صلاة الفريضة والراتبة، قلنا: لا يصح هذا، لأن الراتبة تابعة للصلاة فلا تجزىء عنها.
والقسم الثاني: أن يكون المقصود بالعبادة مجرد الفعل، والعبادة نفسها ليست مقصودة، فهذا يمكن أن تتداخل العبادات فيه، مثاله: رجلٌ دخل المسجد والناس يصلون صلاة الفجر، فإن من المعلوم أن الإنسان إذا دخل المسجد لا يجلس حتى يصلي ركعتين، فإذا دخل مع الإمام في صلاة الفريضة أجزأت عنه الركعتين، لأن المقصود أن تصلي ركعتين عند دخول المسجد، وكذلك لو دخل الإنسان المسجد وقت الضحى وصلى ركعتين ينوي بهما صلاة الضحى، أجزأت عنه تحية المسجد، وإن نواهما جميعاً فأكمل.
فهذا هو الضابط في تداخل العبادات، ومنه الصوم، فصوم يوم عرفة مثلاً المقصود أن يأتي عليك هذا اليوم وأنت صائم، سواء كنت نويته من الأيام الثلاثة التي تصام من كل شهر، أو نويته ليوم عرفة، لكن إذا نويته ليوم عرفة لم يجزئ عن صيام الأيام الثلاثة، وإن نويته يوماً من الأيام الثلاثة أجزأ عن يوم عرفة، وإن نويت الجميع كان أفضل.
ولابن رجب الحنبلي رحمه الله كلام نفيس عن التشريك في النية أورده في كتابه الجليل:
(تقرير القواعد وتحرير الفوائد) ، أنقله كاملا حتى يعم النفع.
قال ابن رجب رحمه الله تعالى :
( الْقَاعِدَةُ الثَّامِنَةَ عَشَرَ ) : إذَا اجْتَمَعَتْ عِبَادَتَانِ مِنْ جِنْسٍ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ لَيْسَتْ إحْدَاهُمَا مَفْعُولَةً عَلَى جِهَةِ الْقَضَاءِ وَلَا عَلَى طَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ لِلْأُخْرَى فِي الْوَقْتِ تَدَاخَلَتْ أَفْعَالُهُمَا ، وَاكْتَفَى فِيهِمَا بِفِعْلٍ وَاحِدٍ وَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ : ( أَحَدُهُمَا ) : أَنْ يَحْصُلَ لَهُ بِالْفِعْلِ الْوَاحِدِ الْعِبَادَتَانِ [ جَمِيعًا ] يُشْتَرَطُ أَنْ يَنْوِيَهُمَا جَمِيعًا عَلَى الْمَشْهُورِ وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ مَنْ عَلَيْهِ حَدَثَانِ أَصْغَرُ وَأَكْبَرُ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَكْفِيه أَفْعَالُ الطَّهَارَةِ الْكُبْرَى إذَا نَوَى الطَّهَارَتَيْنِ [ جَمِيعًا ] بِهَا وَعَنْهُ لَا يُجْزِئُهُ عَنْ الْأَصْغَرِ حَتَّى يَأْتِيَ بِالْوُضُوءِ وَاخْتَارَ أَبُو بَكْرٍ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ عَنْهُمَا إذَا أَتَى بِخَصَائِصِ الْوُضُوءِ مِنْ التَّرْتِيبِ وَالْمُوَالَاةِ وَإِلَّا فَلَا ، وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمُبْهِجِ وَلَوْ كَانَ عَادِمًا لِلْمَاءِ فَتَيَمَّمَ تَيَمُّمًا وَاحِدًا يَنْوِي بِهِ الْحَدَثَيْنِ أَجْزَأَهُ عَنْهُمَا بِغَيْرِ خِلَافٍ وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا . ( وَمِنْهَا ) الْقَارِنُ إذَا نَوَى الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ كَفَّاهُ لَهُمَا طَوَافٌ وَاحِدٌ وَسَعْيٌ وَاحِدٌ عَلَى الْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ وَعَنْهُ لَا بُدَّ مِنْ طَوَافَيْنِ وَسَعْيَيْنِ كَالْمُفْرِدِ ، وَالْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا حَكَيَا هَذِهِ الرِّوَايَةَ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا تُجْزِئُهُ الْعُمْرَةُ الدَّاخِلَةُ فِي ضِمْنِ الْحَجِّ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِعُمْرَةٍ مُفْرَدَةٍ بِإِحْرَامٍ مُفْرَدٍ لَهَا . ( وَمِنْهَا ) إذَا نَذَرَ الْحَجَّ مَنْ عَلَيْهِ حَجُّ الْفَرْضِ ثُمَّ حَجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ فَهَلْ يُجْزِئُهُ عَنْ فَرْضِهِ وَنَذْرِهِ ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ . ( إحْدَاهُمَا ) يُجْزِئُهُ عَنْهُمَا نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ وَنَقَلَهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهِيَ اخْتِيَارُ أَبِي حَفْصٍ . ( وَالثَّانِيَة ) : لَا يُجْزِئُهُ ، نَقَلَهَا ابْنُ مَنْصُورٍ وَعَبْدُ اللَّهِ وَهِيَ الْمَشْهُورَةُ . وَقَدْ حَمَلَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ كَأَبِي الْحُسَيْنِ فِي التَّمَامِ الرِّوَايَةَ الْأُولَى عَلَى صِحَّةِ وُقُوعِ النَّذْرِ قَبْلَ الْفَرْضِ وَفَرْضُهُمَا فِيمَا إذَا نَوَى النَّذْرَ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ عَنْهُ وَتَبْقَى عَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ . ( وَمِنْهَا ) إذَا نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ يَقْدَمُ فِيهِ فُلَانٌ فَقَدِمَ فِي أَوَّلِ رَمَضَانَ ، هَلْ يُجْزِئُهُ رَمَضَانُ عَنْ فَرْضِهِ وَنَذْرِهِ عَلَى رِوَايَتَيْنِ أَشْهَرُهُمَا عِنْدَ الْأَصْحَابِ لَا يُجْزِئُهُ عَنْهُمَا وَالثَّانِيَة يُجْزِئُهُ عَنْهُمَا نَقَلَهَا الْمَرُّوذِيّ وَصَرَّحَ بِهَا الْخِرَقِيِّ فِي كِتَابِهِ وَحَمَلَهَا الْمُتَأَخِّرُونَ عَلَى أَنَّ نَذْرَهُ لَمْ يَنْعَقِدْ لِمُصَادَفَتِهِ رَمَضَانَ وَلَا يَخْفَى فَسَادُ هَذَا التَّأْوِيلِ وَعَلَى رِوَايَةِ الْإِجْزَاءِ فَقَالَ صَاحِبُ الْمُغْنِي لَا بُدَّ أَنْ يَنْوِيَهُ عَنْ فَرْضِهِ وَنَذْرِهِ وَقَالَ الشَّيْخُ مَجْدُ الدِّينِ لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةِ النَّذْرِ ، قَالَ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَأَحْمَدَ لِأَنَّا نُقَدِّرهُ كَأَنَّهُ نَذَرَ هَذَا الْقَدْرَ مُنْجِزًا عِنْدَ الْقُدُومِ فَجَعَلَهُ كَالنَّاذِرِ لِصَوْمِ رَمَضَانَ لِجِهَةِ الْفَرْضِيَّةِ وَفِيهِ بُعْدٌ ، وَلَوْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ مُطْلَقٍ فَصَامَ رَمَضَانَ يَنْوِيَهُ عَنْهُمَا فَإِنَّهُ يُخَرَّجُ عَلَى مَسْأَلَةِ الْحَجِّ ، ذَكَرَهُ ابْنُ الزاغوني وَغَيْرُهُ . ( وَمِنْهَا ) لَوْ نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِنِصَابٍ مِنْ الْمَالِ وَقْتَ حُلُولِ الْحَوْلِ ، فَهَلْ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ فَهَلْ تُجْزِيه الصَّدَقَةُ عَنْ النَّذْرِ وَالزَّكَاةِ إذَا نَوَاهُمَا ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ وَاخْتِيَارُ صَاحِبُ الْمُغْنِي الْإِجْزَاءَ وَخَالَفَهُ صَاحِبُ شَرْحِ الْهِدَايَةِ . ( وَمِنْهَا ) لَوْ طَافَ عِنْدَ خُرُوجِهِ مِنْ مَكَّةَ طَوَافًا يَنْوِي بِهِ الزِّيَارَةَ وَالْوَدَاعَ ، فَقَالَ الْخِرَقِيِّ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ وَصَاحِبُ الْمُغْنِي فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ يُجْزِئُهُ عَنْهُمَا وَيَتَخَرَّجُ فِيهِ خِلَافٌ مِنْ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي بَعْدَهَا . ( وَمِنْهَا ) لَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ رَاكِعًا فَكَبَّرَ [ تَكْبِيرَةً يَنْوِي بِهَا ] تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ وَالرُّكُوعِ فَهَلْ يُجْزِئُهُ ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ حَكَاهُمَا أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ وَاخْتَارَ [ الْقَاضِي ] عَدَمَ الْإِجْزَاءِ لِلتَّشْرِيكِ بَيْنَ الرُّكْنِ وَغَيْرِهِ وَأَخَذَهُ مِنْ نَصِّ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ وَعَطَسَ فَقَالَ [ الْحَمْدُ لِلَّهِ ] رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ يَنْوِي بِهِ الْوَاجِبَ وَسُنَّةَ الْحَمْدِ لِلْعَاطِسِ أَنْ لَا يُجْزِئَهُ ، وَاخْتَارَ ابْنُ شَاقِلَا الْإِجْزَاءَ وَشَبَّهَهُ بِمَنْ أَخْرَجَ فِي الْفُطْرَةِ أَكْثَرَ مِنْ صَاعٍ وَلَا يَصِحُّ هَذَا التَّشْبِيهُ وَمِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ قَالَ إنْ قُلْنَا تَكْبِيرَةُ الرُّكُوعِ سُنَّةٌ أَجْزَأَتْهُ وَحَصَلَتْ السُّنَّةُ بِالنِّيَّةِ تَبَعًا لِلْوَاجِبِ ، وَإِنْ قُلْنَا وَاجِبَةٌ لَمْ يَصِحَّ التَّشْرِيكُ وَفِيهِ ضَعْفٌ . وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَكْبِيرَةَ الرُّكُوعِ تُجْزِئُ فِي حَالِ الْقِيَامِ خِلَافَ مَا يَقُولُهُ الْمُتَأَخِّرُونَ . ( وَالضَّرْبُ الثَّانِي ) أَنْ يَحْصُلَ لَهُ أَحَدُ الْعِبَادَتَيْنِ بِنِيَّتِهَا ، وَتَسْقُطُ عَنْهُ الْأُخْرَى وَلِذَلِكَ أَمْثِلَةٌ : ( مِنْهَا ) إذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَقَدْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَصَلَّى مَعَهُمْ ، سَقَطَتْ عَنْهُ التَّحِيَّةُ . ( وَمِنْهَا ) لَوْ سَمِعَ سَجْدَتَيْنِ مَعًا ، فَهَلْ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ أَمْ يَكْتَفِي بِوَاحِدَةٍ ؟ الْمَنْصُوصُ فِي رِوَايَةِ البرزاطي أَنَّهُ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ ، وَيَتَخَرَّجُ أَنَّهُ يَكْتَفِي بِوَاحِدَةٍ ، وَقَدْ خَرَّجَ الْأَصْحَابُ بِالِاكْتِفَاءِ بِسَجْدَةِ الصَّلَاةِ عَنْ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَجْهًا فَهُنَا أَوْلَى . ( وَمِنْهَا ) إذَا قَدِمَ الْمُعْتَمِرُ مَكَّةَ فَإِنَّهُ يَبْدَأُ بِطَوَافِ الْعُمْرَةِ وَيَسْقُطُ عَنْهُ طَوَافُ الْقُدُومِ ، وَقِيَاسُهُ إذَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ ثُمَّ قَدِمَ [ يَوْمَ ] النَّحْرِ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ طَوَافُ الزِّيَارَةِ عَنْهُ وَالْمَنْصُوصُ هَاهُنَا أَنَّهُ يَطُوفُ قَبْلَهُ لِلْقُدُومِ ، وَخَالَفَ فِيهِ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَهُوَ الْأَصَحُّ . ( وَمِنْهَا ) إذَا صَلَّى عَقِيبَ الطَّوَافِ مَكْتُوبَةً فَهَلْ يَسْقُطُ عَنْهُ رَكْعَتَا الطَّوَافِ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَقْيَسُ أَنَّهَا لَا تَسْقُطُ ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ عَنْ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ يُجْزِئُهُ لَيْسَ هُمَا وَاجِبَتَيْنِ ، وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ عَنْهُ أَرْجُو أَنْ يُجْزِئَهُ وَهَذَا قَدْ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ يَحْصُلُ لَهُ بِذَلِكَ الْفَرْضِ رَكْعَتَا الطَّوَافِ فَيَكُونُ مِنْ الضَّرْبِ الْأَوَّلِ . لَكِنْ لَا يُعْتَبَرُ هُنَا نِيَّةُ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ . وَيُشْبِهُ هَذِهِ الرِّوَايَةَ الَّتِي حَكَاهَا أَبُو حَفْصٍ الْبَرْمَكِيُّ عَنْ أَحْمَدَ فِي الْجُنُبِ إذَا اغْتَسَلَ يَنْوِي الْجَنَابَةَ وَحْدَهَا أَنَّهُ يَرْتَفِعُ حَدَثُهُ الْأَصْغَرُ تَبَعًا وَهِيَ اخْتِيَارُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ . وَقَدْ يُقَالُ الْمَقْصُودُ أَنْ يَقَعَ عَقِيبَ الطَّوَافِ صَلَاةٌ كَمَا أَنَّ الْمَقْصُودَ أَنْ يَقَعَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ صَلَاةٌ فَأَيُّ صَلَاةٍ وُجِدَتْ حَصَّلَتْ الْمَقْصُودَ . ( وَمِنْهَا ) لَوْ أَخَّرَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ إلَى وَقْتِ خُرُوجِهِ فَطَافَ فَهَلْ يَسْقُطُ عَنْهُ طَوَافُ الْوَدَاعِ أَمْ لَا ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ [ وَنَصَّ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى سُقُوطِهِ . ( وَمِنْهَا ) إذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ رَاكِعًا فَكَبَّرَ لِلْإِحْرَامِ فَهَلْ تَسْقُطُ عَنْهُ تَكْبِيرَةُ الرُّكُوعِ ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ] أَيْضًا وَالْمَنْصُوصُ عَنْهُ الْإِجْزَاءُ . وَهَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَنْوِيَ بِهَا تَكْبِيرَةَ الِافْتِتَاحِ أَمْ لَا ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ نَقَلَهُمَا عَنْهُ ابْنُ مَنْصُورٍ إحْدَاهُمَا لَا يُشْتَرَطُ بَلْ يَكْفِيه أَنْ يُكَبِّرَ بِنِيَّةِ الصَّلَاةِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَحْضِرْ بِقَلْبِهِ أَنَّهَا تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ كَمَا لَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الْقِيَامِ . وَالثَّانِيَةُ : لَا بُدَّ أَنْ يَنْوِيَ بِهَا الِافْتِتَاحَ لِأَنَّهُ قَدْ اجْتَمَعَ هَهُنَا تَكْبِيرَتَانِ فَوَقَعَ الِاشْتِرَاكُ فَاحْتَاجَتْ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ إلَى نِيَّةٍ تُمَيِّزُهَا بِخِلَافِ حَالِ الْقِيَامِ فَإِنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِيهِ اشْتِرَاكٌ . ( وَمِنْهَا ) إذَا اجْتَمَعَ فِي يَوْمِ عِيدٍ وَجُمُعَةٍ فَأَيُّهُمَا قُدِّمَ أَوَّلًا فِي الْفِعْلِ سَقَطَ بِهِ الثَّانِي وَلَمْ يَجِبْ حُضُورُهُ مَعَ الْإِمَامِ . وَفِي سُقُوطِهِ عَنْ الْإِمَامِ رِوَايَتَانِ . وَعَلَى رِوَايَةِ عَدَمِ السُّقُوطِ فَيَجِبُ أَنْ يَحْضُرَ مَعَهُ مَنْ تَنْعَقِدُ بِهِ تِلْكَ الصَّلَاةُ ذَكَرَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَغَيْرُهُ فَتَصِيرُ الْجُمُعَةُ هَهُنَا فَرْضَ كِفَايَةٍ تَسْقُطُ بِحُضُورِ أَرْبَعِينَ . ( وَمِنْهَا ) إذَا اجْتَمَعَ عَقِيقَةٌ وَأُضْحِيَّةٌ فَهَلْ تُجْزِئُ الْأُضْحِيَّةُ عَنْ الْعَقِيقَةِ أَمْ لَا ؟ . عَلَى رِوَايَتَيْنِ مَنْصُوصَتَيْنِ . وَفِي مَعْنَاهُ لَوْ اجْتَمَعَ هَدْيٌ وَأُضْحِيَّةٌ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَنَّهُ لَا تَضْحِيَةَ بِمَكَّةَ وَإِنَّمَا هُوَ الْهَدْيُ . ( وَمِنْهَا ) اجْتِمَاعُ الْأَسْبَابِ الَّتِي يَجِبُ بِهَا الْكَفَّارَاتُ وَتَتَدَاخَلُ فِي الْإِيمَانِ وَالْحَجِّ وَالصِّيَامِ وَالظِّهَارِ وَغَيْرِهَا . فَإِذَا أَخْرَجَ كَفَّارَةً وَاحِدَةً عَنْ وَاحِدٍ مِنْهَا مُعَيَّنٍ أَجْزَأَهُ وَسَقَطَتْ سَائِرُ الْكَفَّارَاتِ وَإِنْ كَانَ مُبْهَمًا . فَإِنْ كَانَتْ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ أَجْزَأَهُ أَيْضًا وَجْهًا وَاحِدًا عِنْدَ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ . وَعِنْدَ صَاحِبِ التَّرْغِيبِ أَنَّ فِيهِ وَجْهَيْنِ . وَإِنْ كَانَتْ مِنْ جِنْسَيْنِ فَوَجْهَانِ فِي اعْتِبَارِ نِيَّةِ التَّعْيِينِ وَأَمَّا الْأَحْدَاثُ الْمُوجِبَةُ لِلطَّهَارَةِ مِنْ جِنْسٍ أَوْ جِنْسَيْنِ مُوجِبُهُمَا وَاحِدٌ فَيَتَدَاخَلُ مُوجِبُهُمَا بِالنِّيَّةِ أَيْضًا بِغَيْرِ إشْكَالٍ وَإِنْ نَوَى أَحَدَهُمَا فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَرْتَفِعُ الْجَمِيعُ وَيَتَنَزَّلُ ذَلِكَ عَلَى التَّدَاخُلِ كَمَا قُلْنَا فِي الْكَفَّارَاتِ أَوْ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ الْوَاحِدَ يُعَلَّلُ بِعِلَلٍ مُسْتَقِلَّةٍ ، وَإِذَا نَوَى رَفْعَ حَدَثِ الْبَعْضِ فَقَدْ نَوَى وَاجِبَهُ وَهُوَ وَاحِدٌ لَا تَعَدُّدَ فِيهِ . وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ لَا يَرْتَفِعُ إلَّا مَا نَوَاهُ قَالَ فِي كِتَابِ الْمُقْنِعِ إذَا أَجْنَبَتْ الْمَرْأَةُ ثُمَّ حَاضَتْ يَكُونُ الْغُسْلُ الْوَاحِدُ لَهُمَا جَمِيعًا إذَا نَوَتْهُمَا بِهِ . وَيَتَنَزَّلُ هَذَا عَلَى أَنَّهُ لَا يُعَلَّلُ الْحُكْمُ الْوَاحِدُ بِعِلَّتَيْنِ مُسْتَقِلَّتَيْنِ بَلْ إذَا اجْتَمَعَتْ أَسْبَابٌ مُوجِبَةٌ تَعَدَّدَتْ الْأَحْكَامُ الْوَاجِبَةُ بِتَعَدُّدِ أَسْبَابِهَا وَلَمْ تَتَدَاخَلْ وَإِنْ كَانَتْ جِنْسًا وَاحِدًا وَرَجَّحَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ قَوْلَ أَبِي بَكْرٍ فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ لِأَنَّهُمَا مُخْتَلِفَا الْأَحْكَامِ إذْ الْمَنْعُ الْمُرَتَّبُ عَلَى الْحَيْضِ يَزِيدُ عَلَى الْمَنْعِ الْمُرَتَّبِ عَلَى الْجَنَابَةِ لِأَنَّهُمَا مُخْتَلِفَا الْأَجْنَاسِ بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا فَهُمَا كَالْجِنْسَيْنِ وَغَيْرُهُمَا كَالْجِنْسِ الْوَاحِدِ . وَمِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ قَالَ إنْ نَوَتْ رَفْعَ حَدَثِ الْحَيْضِ ارْتَفَعَتْ الْجَنَابَةُ لِدُخُولِ مَوَانِعِهَا فِيهِ وَلَا عَكْسَ
وقال في طرح التثريب في شرح التقريب ، لزين الدين أبو الفضل عبد الرحيم بن الحسيني العراقي دار النشر : دار الكتب العلمية - بيروت - 2000م ، الطبعة الأولى ، تحقيق : عبد القادر محمد علي
"يحتمل أن يكون معنى إنما الأعمال بالنيات أن من لم ينو الشيء لم يحصل له ويحتمل أن يكون المراد من نوى شيئا لم يحصل له غيره قال ابن دقيق العيد وبينهما فرق وإلى هذا يشير قوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه انتهى
وهذا يؤدي إلى أن التشريك في النية مفسد لها وقد ورد لكل من الاحتمالين ما يؤكده فمما يؤكد هذا الاحتمال ما رواه النسائي من حديث أبي أمامة قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال رأيت رجلا غزا يلتمس الأجر والذكر ما له فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا شيء له الحديث وفيه إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصا وابتغى به وجهه
ويدل للاحتمال الأول ما رواه النسائي أيضا من حديث عبادة بن الصامت قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزا في سبيل الله ولم ينو إلا عقالا فله ما نواه
فإتيانه بصيغة الحصر يقتضي أنه إذا نوى مع العقال شيئا آخر كان له ما نواه والله أعلم وقد اختلف كلام أصحابنا في مواضع وحاصل ما ذكروه أن من نوى مع الفرض ما هو حاصل ولو لم ينوه فإنه لا يضره
فمنها لو نوى الإمام تكبيرة الإحرام وإعلام القوم لم يضره كما جزم به الرافعي والنووي
ومنها إذا قصد المسبوق بتكبيرة الإحرام التحرم والهوى لا يصح لأن تكبيرة الإحرام لا يحصل بها تكبيرة الهوى
ومنها لو نوى الوضوء والتبرد لم يضره على الأصح لحصول التبرد بدون النية وهذا إذا نواهما معا فإن طرأت نية التبرد فإن كان ذلك مع ذكر النية لم يضره وإن لم يكن ذاكرا لها لم يصح ما بعد نية التبرد
ومنها لو نوى الجنب غسل الجنابة والجمعة معا فقد نص الشافعي في البويطي على حصولهما وهذا يقتضي حصول غسل الجمعة ولو لم ينوه وهو ما صححه الرافعي في الشرحين وخالفه في المحرر فقال يحصل المنوي فقط وتبعه النووي على هذا في سائر كتبه ونقله عن الأكثرين وقال الرافعي إنه إذا نواهما وقلنا إنه لو اقتصر على الجنابة لم تحصل الجمعة فقضيته أن لا يصح الغسل أصلا ورد كلامه لمخالفته للنص
ومنها لو نوى بفرضه الفرض والراتبة فإنه لا يصح لعدم دخول الراتبة مع الفرض لو لم ينو
ومنها لو نوى الفرض والتحية حصلا لحصول التحية بدونها
ومنها لو نوى بخطبة الجمعة الجمعة والكسوف لم يصح كما جزم به الرافعي والنووي
ومنها ما إذا نوى بقضاء الفائتة صلاة التراويح فالقياس عدم الصحة وفي فتاوى ابن الصلاح حصول الفائتة وهو مشكل"
لكن، ما هو رأي الظاهرية بذلك؟
الحقيقة ان الظاهرية ذهبوا الى عدم جواز التشريك في النية في العبادات الا في الحج والعمرة فقط وذلك لان الاصل في العبادات المنع واحداث اي جديد فيها يحتاج لدليل شرعي يثبت حصوله او قوله، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم انه جمع بين عبادتين بنفس النية اللهم ما يستنبط ويستدل به على ذلك من بعض اقوال او فعال النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا الاستدلال لا يخلو من الردود وما يضعفه ويرده اذا اخذنا بعين الاعتبار اننا نتكلم في باب العبادات وفيما لا يعقل معناه.
ولولا ان الاصل في العبادات في المنع لقلت بان راي جماهير العلماء هو الراجح ولكن لكونها عبادات والاصل فيها المنع فوجب فيها الاحتياط للحرص على سلامة الذمة من التكليف وسقوطه عنها اضافة لنيلها الاجر منه تعبدا لله سبحانه وتعالى فالله سبحانه وتعالى لا يُعبد الا بما وكما شرع.
فالاصل ان العبادة تحتاج لنية لان النية هي تميزها عن العادة. وكل عبادة تؤدى كما هي، اما مسالة الجمع بين بعضها بنية واحدة فهذا امر لم نجد له من القران والسنة او حتى عن الصحابة اصل بان قاموا به، اما فتح الباب للعقل في باب العبادات فارى انه امر غير مقبول، وخاصة في عصرنا هذا - الذي يختلف عن عصر الائمة الفقهاء- فان النفس تميل الى التحلل من التكاليف بمجرد اي اثر او رائحة من قول يجيز ذلك بدعوى اليسر والوسطية وعدم العسر والاحراج للمكلف.!
فبالله عليكم ماذا يحصل لو قام المكلف بصلاة ركعتين لله تعالى بعد ان يصلى ركعتين تحية للمسجد؟ ما هي المشقة في ايجاب ذلك عليه؟ وخاصة ان هذا هو الاصل. وماذا يحصل لو قام الملكلف بعد انتهائه من الاغتسال وقبل خروجه وتجفيف الماء عن بدنه بسكب قليل من الماء على اعضاء الوضوء بنية الوضوء؟؟؟؟
وماذا يحصل لو صلى ركعتي سنة الفجر وحدهما بعد ان يصلى ركعتي تحية المسجد؟ هل سيموت؟
لا يقل لي احد بان ذلك رخصة او انه تيسير من الشارع! فهذا لم يرد به نص ، لذا لا يعتبر امرا من الشارع. ثم ان الرسول صلى الله عليه وسلم ما من امر استطاع تيسيره على الناس في التكاليف الشرعية الاو اخبر به وما من امر يدخلنا الى الجنة الا وقد امرنا واخبرنا به وما من يهلكنا ويؤدي بنا الى النار الا وقد نهانا عنه، وهذا الامر وهو الجمع بين العبادات بنية واحدة لو
صح لامر به النبي صلى الله عليه وسلم او قام به امام امته خاصة ان عصرهم لم يكن فيه تطورا كما في عصرنا، فهم احوج لهذا الاستثناء منا.
والله تعالى اعلم
واضيف لاخوتي الكرام بحثا بعنوان : "التداخل واثره في الاحكام الشرعية" يتضمن موضوعنا مفصلا متمنيا دعواتكم لي ومشاركتي بما فتح الله به عليكم من العلم في ذلك..... وذلك على الرابط التالي
017978.pdf مكتبة المصطفى الالكترونية تحميل كتاب -التداخل و اثره في الاحكام الشرعيه-محمد خالد منصور-كتب عربية