قال ابن جرير الطبري رحمه الله : " اختلف أهل التأويل في التي عُنِيت بهذه الآية من صَلوات العشيّ، بعد إجماع جميعهم على أن التي عُنيت من صَلاة الغداة الفجرُ ..." ثم ذكر الخلاف في صلوات العشي على أقوال :
1 - أنها صلاة الظهر والعصر ونقله عن مجاهد ومحمد بن كعب القرظي والضحاك .
2 - أنها صلاة المغرب ونقله عن ابن عباس والحسن البصري وابن زيد .
3 - أنها صلاة العصر ونقله عن الضحاك ومحمد بن كعب والحسن البصري وقتادة .
ثم قال ابن جرير : " وأولى هذه الأقوال في ذلك عندي بالصواب قولُ من قال هي صلاة المغرب ، كما ذكرنا عن ابن عباس ، وإنما قلنا هو أولى بالصواب لإجماع الجميع على أن صلاة أحد الطرفين من ذلك صلاة الفجر، وهي تصلى قبل طلُوع الشمس ، فالواجب إذ كان ذلك من جميعهم إجماعًا ، أن تكون صلاةُ الطرف الآخر المغرب، لأنها تصلى بعد غُروب الشمس ، ولو كان واجبًا أن يكون مرادًا بصلاة أحد الطرفين قبل غروب الشمس ، وجب أن يكون مرادًا بصلاة الطرف الآخر بعدَ
طلوعها، وذلك ما لا نعلم قائلا قاله ، إلا من قال: عنى بذلك صلاة الظهر والعصر وذلك قول لا يُخِيلُ فساده، لأنهما إلى أن يكونا جميعًا من صلاة أحد الطرفين ، أقربُ منهما إلى أن يكونا من صلاة طرفي النهار. وذلك أن "الظهر" لا شك أنها تصلَّى بعد مضي نصف النهار في النصف الثاني منه، فمحالٌ أن تكون من طرف النهار الأول ، وهي في طرفه الآخر.
فإذا كان لا قائلَ من أهل العلم يقول : "عنى بصلاة طرف النهار الأول صلاةً بعد طلوع الشمس"، وجب أن يكون غير جائز أن يقال: "عنى بصلاة طرف النهار الآخر صلاةً قبل غروبها".
وإذا كان ذلك كذلك ، صح ما قلنا في ذلك من القول ، وفسدَ ما خالفه." تفسير ابن جرير الطبري ( 15 / 502 )
وقد ذكر ابن كثير عند تفسير الآية احتمالاً فقال : " وقد يحتمل أن تكون هذه الآية نزلت قبل فرض الصلوات الخمس ليلة الإسراء ؛ فإنه إنما كان يجب من الصلاة صلاتان : صلاة قبل طلوع الشمس، وصلاة قبل غروبها. وفي أثناء الليل قيام عليه وعلى الأمة، ثم نسخ في حق الأمة، وثبت وجوبه عليه، ثم نسخ عنه أيضًا، في قول، والله أعلم "
لكن استبعد الشيخ الشنقيطي - رحمه الله - هذا الاحتمال فقال : " الظاهر أن هذا الاحتمال الذي ذكره الحافظ ابن كثير -رحمه الله- بعيد؛ لأن الآية نزلت في أبي اليسر في المدينة بعد فرض الصلوات بزمن فهي على التحقيق مشيرة لأوقات الصلاة، وهي آية مدنية في سورة مكية "