أبو يوسف محمد يوسف رشيد
:: متفاعل ::
- إنضم
- 14 نوفمبر 2009
- المشاركات
- 350
- التخصص
- الفقه والأصول والبحث القرآني
- المدينة
- القاهرة
- المذهب الفقهي
- الحنفي
تلك الكلمات التي سأدرجها للغزالي قد استوقفتني، حيث كانت لها هواجس وأمثلة في نفسي، وكنت أطرح على ذاتي تساؤولا بين الحين والحين أثناء تناولاتي للمسائل الفقهية : لو افترضت افتراضا أنني ذهبت للحظتي إلى الصحابة وعرضت عليهم ما نرتضيه من الأقوال، فما يكون فعلهم؟
كان بداخلي جوابان: أولهما نفسي ميلي، والآخر تكليفي حسمي.
أما النفسي الميلي: فنفسي تجزم أننا لسنا على طريقتهم، وانهم ما عرفوا الفقه الذي نعرفه الآن ونتداوله، وما كانت طريقتهم طريقتنا، وإن كثيرا من الأقوال التي نرتضيها سيأبونها، ولن يبدوا في رفضها تلك القواعد والتحليلات التي نبديها في زماننا، ولن تكون ردود أفعالهم تجاهها كردود أفعالنا. هذا حديث النفس البحت.
أما التكليفي الحسمي: فبه أخرج عن مأزق الحديث النفسي الميلي، وأحسمه، فإنني لا أتمكن من بناء شيء على حديث للنفس، فلا أجد به حجة اقف بها بين يدي الله تعالى، ولكنني لو اتبعت القواعد والقوانين لأهل العلم استطعت أن أسلم بالحجة أمام الله، فأقول لله: هذا يا ربي ما تعلمت ما تعلمت غيره. ومضمون التكليفي أن أقف بحدود مسائلي على ما أتقنه عن أهل العلم، وما أضبطه بأصول الفقه، على أن لا أخالف أهل العلم ممن سبقنا، وأن لا أتجنى بأصول محدثة لم أعرفها عنهم، فإن كنت كذلك كنت على أرض صلبة مطمئنة تجاه ما استخرجه من الأحكام، وما ترتضيه تلك الأصول.
ثم وقفت على النقل الآتي للإمام أبي حامد الغزالي من كتاب العلم في سفره (إحياء علوم الدين) وقد استوقفني وسلب تأملي للحظات، إنه يطرق على تلك الهواجس وذلك الحديث النفسي. يقول رضي الله عنه :
( وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقول: حسن الهدى في آخر الزمان خير من كثير من العمل. وقال: أنتم في زمان خيركم فيه المسارع في الأمور وسيأتي بعدكم زمان يكون خيرهم فيه المتثبت المتوقف لكثرة الشبهات.
وقد صدق فمن لم يتوقف في هذا الزمان ووافق الجماهير فيما هم عليه وخاض فيما خاضوا فيه هلك كما هلكوا.
وقال حذيفة رضي الله عنه أعجب من هذا أن معروفكم اليوم منكر زمان قد مضى وأن منكركم اليوم معروف زمان قد أتى وإنكم لا تزالون بخير ما عرفتم الحق وكان العالم فيكم غير مستخف به.
ولقد صدق فإن أكثر معروفات هذه الأعصار منكرات في عصر الصحابة رضي الله عنهم إذ من غرر المعروفات في زماننا تزيين المساجد وتنجيدها وإنفاق الأموال العظيمة في دقائق عماراتها وفرش البسط الرفيعة فيها.
ولقد كان يعد فرش البواري في المسجد بدعة وقيل إنه من محدثات الحجاج فقد كان الأولون قلما يجعلون بينهم وبين التراب حاجزاً.
وكذلك الاشتغال بدقائق الجدل والمناظرة من أجل علوم أهل الزمان ويزعمون أنه من أعظم القربات وقد كان من المنكرات.
ومن ذلك التلحين في القرآن والآذان.
ومن ذلك التعسف في النظافة والوسوسة في الطهارة وتقدير الأسباب البعيدة في نجاسة الثياب مع التساهل في حل الأطعمة وتحريمها إلى نظائر ذلك.
ولقد صدق ابن مسعود رضي الله عنه حيث قال: أنتم اليوم في زمان الهوى فيه تابع للعلم وسيأتي عليكم زمان يكون العلم فيه تابعا للهوى.
وقد كان أحمد بن حنبل يقول: تركوا العلم وأقبلوا على الغرائب ما أقل العلم فيهم. والله المستعان.
وقال مالك بن أنس رحمه الله: لم تكن الناس فيما مضى يسألون عن هذه الأمور كما يسأل الناس اليوم، ولم يكن العلماء يقولون حرام ولا حلال ولكن أدركتهم يقولون مستحب ومكروه ومعناه أنهم كانوا ينظرون في دقائق الكراهة والاستحباب فأما الحرام فكان فحشه ظاهرا.
وكان هشام بن عروة يقول: لا تسألوهم اليوم عما أحدثوه بأنفسهم فإنهم قد أعدوا له جوابا ولكن سلوهم عن السنة فإنهم لا يعرفونها. ) انتهى كلامه رحمه الله
وكنت سأعلق على كلمات للغزالي، لولا خشيتي ان يكن لغوا؛ فما أحسب الكلمات إلا أوصلت رسائل لعقل ولب كل قارئ، وكأن الغزالي ينتقي ما نبرز فيه.
وقد طرحت تلك الكلمات، لأسخب بها مشاعر الطالب القارئ، من خلال كلماته؛ فما هي حقيقة تلك الهواجس لديك يا طالب العلم؟ وهل ترتضي طريقتك لى حد الاطمئنان أو اليقين، أم أنك تغلب الحديث التكليفي على الحديث النفسي؟ .. إن كشف حديث النفس في مثل تلك الأمور لهو من دروب مصارحة النفوس.
والحمد لله رب العالمين.
كان بداخلي جوابان: أولهما نفسي ميلي، والآخر تكليفي حسمي.
أما النفسي الميلي: فنفسي تجزم أننا لسنا على طريقتهم، وانهم ما عرفوا الفقه الذي نعرفه الآن ونتداوله، وما كانت طريقتهم طريقتنا، وإن كثيرا من الأقوال التي نرتضيها سيأبونها، ولن يبدوا في رفضها تلك القواعد والتحليلات التي نبديها في زماننا، ولن تكون ردود أفعالهم تجاهها كردود أفعالنا. هذا حديث النفس البحت.
أما التكليفي الحسمي: فبه أخرج عن مأزق الحديث النفسي الميلي، وأحسمه، فإنني لا أتمكن من بناء شيء على حديث للنفس، فلا أجد به حجة اقف بها بين يدي الله تعالى، ولكنني لو اتبعت القواعد والقوانين لأهل العلم استطعت أن أسلم بالحجة أمام الله، فأقول لله: هذا يا ربي ما تعلمت ما تعلمت غيره. ومضمون التكليفي أن أقف بحدود مسائلي على ما أتقنه عن أهل العلم، وما أضبطه بأصول الفقه، على أن لا أخالف أهل العلم ممن سبقنا، وأن لا أتجنى بأصول محدثة لم أعرفها عنهم، فإن كنت كذلك كنت على أرض صلبة مطمئنة تجاه ما استخرجه من الأحكام، وما ترتضيه تلك الأصول.
ثم وقفت على النقل الآتي للإمام أبي حامد الغزالي من كتاب العلم في سفره (إحياء علوم الدين) وقد استوقفني وسلب تأملي للحظات، إنه يطرق على تلك الهواجس وذلك الحديث النفسي. يقول رضي الله عنه :
( وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقول: حسن الهدى في آخر الزمان خير من كثير من العمل. وقال: أنتم في زمان خيركم فيه المسارع في الأمور وسيأتي بعدكم زمان يكون خيرهم فيه المتثبت المتوقف لكثرة الشبهات.
وقد صدق فمن لم يتوقف في هذا الزمان ووافق الجماهير فيما هم عليه وخاض فيما خاضوا فيه هلك كما هلكوا.
وقال حذيفة رضي الله عنه أعجب من هذا أن معروفكم اليوم منكر زمان قد مضى وأن منكركم اليوم معروف زمان قد أتى وإنكم لا تزالون بخير ما عرفتم الحق وكان العالم فيكم غير مستخف به.
ولقد صدق فإن أكثر معروفات هذه الأعصار منكرات في عصر الصحابة رضي الله عنهم إذ من غرر المعروفات في زماننا تزيين المساجد وتنجيدها وإنفاق الأموال العظيمة في دقائق عماراتها وفرش البسط الرفيعة فيها.
ولقد كان يعد فرش البواري في المسجد بدعة وقيل إنه من محدثات الحجاج فقد كان الأولون قلما يجعلون بينهم وبين التراب حاجزاً.
وكذلك الاشتغال بدقائق الجدل والمناظرة من أجل علوم أهل الزمان ويزعمون أنه من أعظم القربات وقد كان من المنكرات.
ومن ذلك التلحين في القرآن والآذان.
ومن ذلك التعسف في النظافة والوسوسة في الطهارة وتقدير الأسباب البعيدة في نجاسة الثياب مع التساهل في حل الأطعمة وتحريمها إلى نظائر ذلك.
ولقد صدق ابن مسعود رضي الله عنه حيث قال: أنتم اليوم في زمان الهوى فيه تابع للعلم وسيأتي عليكم زمان يكون العلم فيه تابعا للهوى.
وقد كان أحمد بن حنبل يقول: تركوا العلم وأقبلوا على الغرائب ما أقل العلم فيهم. والله المستعان.
وقال مالك بن أنس رحمه الله: لم تكن الناس فيما مضى يسألون عن هذه الأمور كما يسأل الناس اليوم، ولم يكن العلماء يقولون حرام ولا حلال ولكن أدركتهم يقولون مستحب ومكروه ومعناه أنهم كانوا ينظرون في دقائق الكراهة والاستحباب فأما الحرام فكان فحشه ظاهرا.
وكان هشام بن عروة يقول: لا تسألوهم اليوم عما أحدثوه بأنفسهم فإنهم قد أعدوا له جوابا ولكن سلوهم عن السنة فإنهم لا يعرفونها. ) انتهى كلامه رحمه الله
وكنت سأعلق على كلمات للغزالي، لولا خشيتي ان يكن لغوا؛ فما أحسب الكلمات إلا أوصلت رسائل لعقل ولب كل قارئ، وكأن الغزالي ينتقي ما نبرز فيه.
وقد طرحت تلك الكلمات، لأسخب بها مشاعر الطالب القارئ، من خلال كلماته؛ فما هي حقيقة تلك الهواجس لديك يا طالب العلم؟ وهل ترتضي طريقتك لى حد الاطمئنان أو اليقين، أم أنك تغلب الحديث التكليفي على الحديث النفسي؟ .. إن كشف حديث النفس في مثل تلك الأمور لهو من دروب مصارحة النفوس.
والحمد لله رب العالمين.