الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه، أما بعد:
فأسأل الله تعالى أن يثيب أخي الشيخ خالد باوزير وأن يعلي قدره في الدنيا والآخر، ثم هذه مباحث دونتها لتكون مقدمة، ثم بعد ذلك نكمل المذاكرة عن طريق إلقاء المسائل وحلها، فأقول وبالله التوفيق:
المراد بذوي الأرحام: كل قريب لا يرث بفرض ولا تعصيب. كابن البنت، وأبي الأم.
ويشترط لتوريثهم: عدم وجود وارث بفرض أو تعصيب، سوى الزوجين.
جهات ذوي الأرحام
لذوي الأرحام عند الحنابلة ثلاث جهات، وهي: جهة البنوة، وجهة الأبوة، وجهة الأمومة.
أولاً: جهة البنوة:وتشمل كل من يدلي إلى الميت بأولاده، وهولا يرث بفرض ولا تعصيب، وهم:
1- أولاد البنات.
2- أولاد بنات البنين.
3- من أدلى بهم.
ثانياً: جهة الأبوة:وتشمل كل من يدلي إلى الميت بأبيه، أو بأبيه وأمه معًا، وهو لا يرث بفرض ولا تعصيب، وهم:
1- الأجداد والجدات السواقط من قبل الأب.
2- أولاد الأخوات لغير أم.
3- بنات الإخوة لغير أم، وبنات بنيهم.
4- بنات الأعمام الأشقاء، وبنات الأعمام لأب، وبنات بنيهم.
5- الأعمام لأم.
6- العمات مطلقا. (وعمات الأب، وعمات أصول الأب).
7- أخوال الأب، وخالاته. (وأخوال وخالات أصول الأب).
8- من أدلى بواحد من هؤلاء.
ثالثاً: جهة الأمومة: وتشمل كل من يدلي إلى الميت بأمه فقط، وهو لا يرث بفرض ولا تعصيب، وهم:
1- الأجداد والجدات السواقط من قبل الأم.
2- أولاد الإخوة والأخوات لأم.
3- الأخوال، والخالات. (وأخوال الأم وخالاتها، وأخوال وخالات أصول الأم).
4- أعمام الأم وعماتها. (وأعمام وعمات أصول الأم).
5- من أدلى بواحد من هؤلاء.
ووجه انحصار إرثهم في هذه الجهات الثلاث: أن لواسطة بين الإنسان وسائر أقاربه: أبوه وأمه وولده، لأن طرفه الأعلى أبواه، لأنه نشأ منهما، وطرفه الأسفل أولاده، لأنه مبدؤهم، ومنه نشأوا، فكل قريب إنما يدلي بواحد من هؤلاء.
كيفية توريث ذوي الأرحام
ذوو الأرحام إما أن تختلف جهاتهم، أو تتحد:
أولا: إذا اختلفت جهاتهم: فيأخذ كل واحد منهم، حكم مَن أَدْلَى به من الورثة، إرثًا وحجبًا.
مثاله: هالك عن (بنت بنت، وأم أبي الأم):
أصل المسألة من 6
لبنت البنت: النصف ثلاثة.
ولأم أبي الأم: السدس واحد.
وترد المسألة إلى أربعة.
ومع اختلاف الجهة، لا يحجب الأقربُ درجة الأبعدَ عند الحنابلة، كما في المثال السابق، فإن (بنت البنت) لم تحجب (أم أبي الأم)، مع أنها أي بنت البنت في الدرجة الأولى، وأم أبي الأم في الدرجة الثانية.
وقال الشافعية: الأقربُ درجة يَحجب الأبعدَ، فلا اعتبار للجهة عندهم. ففي المثال السابق: جميع المال لبنت البنت، ولا شيء للجدة.
ثانيا: إن اتحدت جهتهم:فإما أن يستووا في الدرجة ( القرب )، أو يكن بعضهم أقرب من بعض:
1- فإن كان بعضهم أقرب من بعض: حجب الأقربُ درجة الأبعدَ، سواء كانوا مُدْلِيْن بشخصٍ أو بأشخاص.
مثاله: لو خلَّف (بنت بنت، وابن ابن بنت):
فلبنت البنت جميع المال، لأنها أقرب درجة من ابن ابن البنت، وكلاهما من جهة البنوة، فتحجبه، سواء أدليا ببنتٍ واحدةٍ أو ببنتين.
2- وإن استووا في الدرجة:قسمت المسألة على الْمُدْلَى بهم إن كانوا جماعة، فما صار لكل واحد منهم، قسم على من أَدْلَوا به بحسب إرثهم منه.
مثاله: لو ترك (بنت بنت، وابن بنت أخرى) فالمال بينهما نصفين.
مسألة: هل يفضل الذكر على الأنثى، إذا كانوا يرثون الْمُدلَى به عصوبة:
في المسألة خلاف:
فقال الحنابلة: يقتسم ذوو الأحام نصيب المدلَى به على حسب إرثهم منه، إلا إذا كانوا يرثونه بالمعصوبة فإنهم يقتسمونه بالسوية، الذكر كالأنثى.
وقال الشافعية: يقتسمون نصيبه على حسب إرثهم منه، ولو كانوا يرثونه عصوبة، فيقتسمون نصيبه للذكر مثل حظ الأنثيين.
مثاله: لو توفي عن (ابن بنت، وبنت بنت هي الأولى):
فعند الحنابلة: المال بينهما نصفين.
وعند الشافعية: للابن الثلثان، وللبنت الثلث.
ولو توفي عن (ابن بنت، وبنت بنت أخرى): فالمال بينهما نصفين على كلا المذهبين. لأن الميراث يقسم أولا على المدلَى بهم، وهما البنتان، فما صار لكل منهما قسم على من أدلوا بها.
واستثنى الشافعية من قولهم: "يقتسمون نصيب المدلَى به على حسب إرثهم منه" مسألتان:
الأولى: أولاد ولد الأم، ينزلون منزلة ولد الأم، ويقتسمون نصيب أبيهم على عدد رؤوسهم يستوي فيه ذكرورهم وإناثهم. وهذا باتفاق أهل التنزيل.
مع أن ولد الأم لو ورث أولاده نصيبه على حسب ميراثهم منه لو كان هو الميت، لكان يقسم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين. ولهذا استشكله المعتبرون من الشافعية كإمام الحرمين. لكنهم أجمعوا على التساوي.
الثانية: الخال والخالة من الأم، يقسم بينهم نصيب الأم (أختهم من أم) للذكر مثل حظ الأنثيين.
مع أن الأخوال والخالات من الأم، لو ورثوا أختهم على حسب ميراثهم منها لو كانت هي الميتة، لاقتسموه على عدد رؤوسهم، يستوي فيه الذكر والأنثى، لأنهم إخوة وأخوات من أم.
فائدة: اعلم أن مذهب الشافعية في هذا الباب، كمذهب الحنابلة إلا في مسألتين:
الأولى: أنهم يفضلون الذكر على الأنثى إذا كانوا يرثون الْمُدلَى به عصوبة، إلا من أدلى بولد الأم.
الثانية: أنهم يسقطون الأبعد درجة بالأقرب مطلقًا، فلا اعتبار للجهة عندهم.
تنبيه: فائدة معرفة جهات ذوي الأرحام عند الحنابلة: معرفة الحاجب والمحجوب إذا اتحدت الجهة، فالأقرب درجة يحجب الأبعد، مع اتحاد الجهة، كما تقدم. لا أنه يرث ميراث الابن أو الأب أو الأم. والله أعلم.
وبقي الكلام على على صفة عمل مسائل ذوي الأرحام.
وفي هذا الملف، جدول يبين كيفية تنزيل ذوي الأرحام: