قال الشافعي في كتاب الرسالة:
[font="]النهي عن معنى يشبه الذي قبله في شئ ويفارقه في شئ غيره[font="]
(872) أخبرنا مالك عن محمد بن يحيى بن حبان عن الاعرج عن أبي هريرة " أن رسول الله نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس وعن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس " (873) أخبرنا مالك عن نافع عن بن عمر ان رسول الله قال "[/font][/font]
[font="]لا يتحرى أحدكم بصلاته عند طلوع الشمس ولا عند غروبها " (874) أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبد الله الصنابحي ان رسول الله قال " إن الشمس تطلع[/font]
[font="]ومعها قرن الشيطان فإذا ارتفعت فارقها ثم إذا استوت قارنها فإذا زالت فارقها ثم إذا دنت للغروب قارنها فإذا غربت فارقها ونهى رسول الله عن الصلاة في تلك الساعات " (875) فاحتمل النهي من رسول الله عن الصلاة في هذه الساعات معنيين (876) أحدهما وهو أعمهما أن تكون الصلوات كلها
واجبها الذي نسي ونيم عنه وما لزم بوجه من الوجوه منها محرما في هذه الساعات لا يكون لاحد أن يصلي فيها ولو صلى لم يؤدي ذلك عنه ما لزمه من الصلاة كما يكون من قدم صلاة قبل دخول وقتها لم تجزئ عنه[/font]
[font="](877) واحتمل أن يكون أراد به بعض الصلاة دون بعض (878) فوجدنا الصلاة تتفرق بوجهين أحدهما ما وجب منها فلم يكن لمسلم تركه في وقته ولو تركه كان عليه قضاه والآخر ما تقرب إلى الله بالتنقل فيه وقد كان للمتنقل تركه بلا قضا له عليه (879) ووجدنا الواجب عليه منها يفارق التطوع في السفر إذا كان المرء راكبا فيصلي المكتوبة بالارض لا يجزئه غيرها والنافلة راكبا متوجها حيث شاء (880) ومفرقان في الحضر والسفر ولا يكون لمن أطاق[/font]
[font="]القيام أن يصلي واجبا الصلاة قاعدا ويكون ذلك له في النافلة (881) فلما احتمل المعنيين وجب على أهل العلم أن لا يحملوها على خاص دون عام إلا بدلالة من سنة رسول الله أو إجماع علماء المسلمين الذين لا يكن أن يجمعوا على خلاف سنة رسول الله (882) قال وهكذا غير هذا من حديث رسول الله هو على الظاهر من العام حتى تأتي الدلالة عنه كما وصفت أو بإجماع المسلمين أنه على باطن دون ظاهر وخاص دون عام فيجعلونه
بما جاءت عليه الدلالة عليه ويطيعونه في الامرين جميعا (883) أخبرنا مالك عن زيد بن اسلم عن عطاء بن يسار وعن بسر بن سعيد وعن الاعرج يحدثونه عن أبي هريرة أن رسول الله قال " من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر " (884) قال الشافعي " فالعلم يحيط ان المصلي ركعة من الصبح قبل طلوع الشمس والمصلي ركعة من العصر قبل غروب الشمس قد صليا معا في وقتين يجمعان تحريم وقتين وذلك أنهما صليا بعد الصبح والعصر ومع بزوغ الشمس ومغيبها وهذه أربعة أوقات منهي عن الصلاة فيها (885) لما جعل رسول الله المصلين في هذه الاوقات مدركين لصلاة الصبح والعصر استدللنا على أن نهيه عن الصلاة في هذه الاوقات على النوافل التي لا تلزم وذلك انه لا يكون[/font]
[font="]أن يجعل المرء مدركا لصلاة في وقت نهي فيه عن الصلاة (886) أخبرنا مالك عن بن شهاب عن بن المسيب أن رسول الله قال من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها فإن الله يقول (أقم الصلاة لذكري) " (887) وحدث أنس بن مالك وعمران بن حصين عن النبي مثل معنى حديث بن المسيب وزاد أحدهما "
أو نام عنها " (888) قال الشافعي فقال رسول الله " فليصلها إذا[/font]
[font="]ذكرها " فجعل ذلك وقتا لها وأخبر به عن الله تبارك وتعالى ولم يستثني وقتا من الاوقات يدعها فيه بعد ذكرها (889) أخبرنا بن عيينة عن أبي الزبير عن عبد الله بن باباه عن جبير بن مطعم أن النبي قال " يا بني عبد مناف من ولي منكم من أمر الناس شيئا فلا يمنعن أحدا طاف بهذا البيت وصلى أي ساعة شاء من ليل أو نهار " (890) أخبرنا عبد المجيد عن بن جريج عن[/font]
[font="]عطاء عن النبي مثل معناه وزاد فيه " يا بني عبد المطلب يا بني عبد مناف " ثم ساق الحديث (891) قال فأخبر جبير عن النبي أنه أمر بإباحة الطواف بالبيت والصلاة له في أي ساعة شاء الطائف والمصلي (892) وهذا يبين أنه أنما نهى عن المواقيت التي نهى عنها عن الصلاة التي لا تلزم بوجه من الوجوه فأما ما لزم فلم ينه عنه بل أباحه صلى الله عليه (893) وصلى المسلمون على جنائزهم عامة بعد العصر والصبح لأنها لازمة (894) وقد ذهب بعض أصحابنا إلى أن عمر بن الخطاب[/font]
[font="]طاف بعد الصبح ثم نظر فلم يرى الشمس طلعت فركب حتى اتى ذا طوى وطلعت الشمس فأناخ فصلى فنهى عن الصلاة للطواف بعد العصر وبعد الصبح كما نهى عما لا يلزم من الصلاة (895) قال فإذا كان لعمر أن يؤخر الصلاة للطواف فإنما تركها لان ذلك له ولانه لو أراد منزلا بذي طوى لحاجة كان واسعا له إن شاء الله ولكن سمع النهي جملة عن الصلاة وضرب المنكدر عليها بالمدينة بعد العصر ولم يسمع ما يدل على أنه[font="][/font][/font]
[font="]إنما نهى عنها للمعنى الذي وصفنا فكان يجب عليه ما فعل (896) ويجب على من علم المعنى الذي أباحها فيه خلاف المعنى الذي نهى فيه عنها كما وصفت مما روى علي عن النبي من النهي عن إمساك لحوم الضحايا بعد ثلاث إذا سمع النهي ولم يسمع سبب النهي (897) قال فإن قال قائل فقد صنع أبو سعيد الخدري كما صنع عمر (898) قلنا والجواب فيه كالجواب في غيره[/font]
[font="] (899) قال فإن قال قائل فهل من أحد صنع خلاف ما صنعا (900) قيل نعم بن عمر وابن عباس وعائشة والحسن والحسين وغيرهم وقد سمع بن عمر النهي من النبي
(901) أخبرنا بن عيينة عن عمرو بن دينار قال رأيت أنا وعطاء بن أبي رباح بن عمر طاف بعد الصبح وصلى قبل أن تطلع الشمس (902) سفيان عن عمار الدهني عن أبي شعبة أن الحسن والحسين طافا بعد العصر وصليا[/font]
[font="](903) أخبرنا مسلم وعبد المجيد عن بن جريج عن بن أبي مليكة قال رأيت بن عباس طاف بعد العصر وصلى (904) قال وإنما ذكرنا تفرق أصحاب رسول الله في هذا ليستدل من علمه على أن تفرقهم فيما لرسول الله فيه سنة لا يكون إلا على هذا المعنى أو على أن لا تبلغ السنة من قال خلافها منهم أو تأويل تحتمله السنة أو ما أشبه ذلك مما قد يرى قائله له فيه عذر إن شاء الله (905) وغذا ثبت عن رسول الله الشئ فهو لازم لجميع من عرفه لا يقويه ولا يوهنه شئ غيره بل الفرض الذي على الناس اتباعه ولم يجعل لاحد معه أمرا يخالف أمره[/font]
[font="]
[/font]