فيما يلي إجبات تفصيلية وتعليقات على بعض ما أورده الإخوة الفضلاء أعلاه، وليعذرني الإخوة من دمج ملاحظات الإخوة من غير إشارة إلى القائل غالبا:
قولكم بارك الله فيكم:
((قد تواترت كتب العلماء من جميع المذاهب من الأصوليين والفقهاء والمحدثين والمفسرين وغيرهم على الاحتجاج بأدلة السمع بل كما ذكرت سابقا معظم الأصوليين جعل السمع هو العمدة في ذلك))
يمكن حمل هذا على الإجماع القطعي كما صوره أيضا معظم الأصوليين، وهو ما كان مستندا إلى ما علم من الدين ضرورة أو ما استند إلى نص متواتر أو مشهور ظاهر الدلالة في المسألة محل الإجماع. أما حمل ذلك على الإجماع الظني والسكوتي وغير ذلك فدونه عقبات وعليه اعتراضات أوضحتها في مشاركاتي السابقة.
قولكم بارك الله فيكم:
((أما الاعتراض على الأدلة فلا يعني سقوطها فلا يكاد يسلم دليل إلا ويمكن ان يرد عليه الاعتراض وإنما المحك هو قوة الاعتراضات وإسقاطها للدليل . وقد أورد الأصوليون كل هذه الاعتراضات وأجابوا عنها...الخ))
كثرة الاعتراضات، وتشكك الكثيرين في الدليل، دليل على ضعفه أو على الأقل ظنيته، وقد سلم بهذا إمام الحرمين والرازي والآمدي وغيرهم. وعلى ما ذهبنا إليه من إسناد إجماع الضرورة إلى هذه الأدلة نكون قد أعملنا السمع والعقل معا في تثبيت الإجماع ولكن كل منهما في الدلالة على نوع مختلف من أنواعه.
قولكم بارك الله فيكم:
((قولكم بأن النصوص تقتضي دخول جميع الأمة لا العلماء خاصة هذا خلاف تفسير السلف للحديث كعبد الله بن المبارك وإسحاق بن راهويه وجمهور الأصوليين والمحدثين . وقد علم أن الحل والعقد هو فيمن عندهم الآلة لفهم الشرع وقد علم أن العوام ليسوا كذلك بل ويحرم عليهم الفتوى في الدين بالإجماع فضلا أن يعتد بقولهم...))
هذا التفسير يستلزم تأويل لفظ "المؤمنين" و"الأمة" و"الجماعة" الواردة في أدلة الحجية، وهو تخصيص قوي يقصر العام على أقل أفراده ولا دليل عليه إلا الرأي. وإذا كان ثمة تفسير للنص لا يتعارض مع ظاهره، كما قلناه في حمل ذلك على إجماع الضرورة، فهو أولى والله أعلم.
قولكم بارك الله فيكم:
((قولكم إن الإجماع في جميع صوره الصريح وغير الصريح والإجماع السكوتي ..حجة ظنية....أقول: هذا قول طائفة من الأصوليين كالرازي والآمدي وغيرهما بينما يرى جمهور الأصوليين أن الإجماع منه ما هو قطعي ومنه ما هو ظني ولهم في ذلك تقسيمات لا تخفاكم....الخ))
القطعي فقط هو ما استند إلى قاطع أو على الأقل مشهور يفيد علم الطمأنينة كما ذكر الحنفية، أما غير ذلك فلا تتوفر له أدلة القطع من القطع بنفي المخالف، وتواتر النقل عن المجمعين، وهما شرطا الإجماع القطعي الذي ذكره الأصوليون. وعند تطبيق هذين الشرطين على الواقع، لا يتخلَّص لدينا إجماع قطعي إلا ما استند إلى قطعي كالمعلوم من الدين ضرورة.
قولكم بارك الله فيكم:
((يلزم على قولكم أن الحجة في النص فقط لا في الإجماع انه يجوز مخالفة النص الذي استند إليه الإجماع لمعارض كوجود نص آخر علماً أن الإجماع يرفع الخلاف فلو استند الإجماع إلى نص وخولف بنص آخر فالعبرة بالإجماع المستند إلى النص وهنا يظهر الفرق بين النص المنفرد والإجماع المستند إلى نص...))
الإجماع القطعي يرفع الخلاف أما الظني فهو حجة إضافية تضاف إلى النص عند تعارضه مع غيره، فيتقوى الظن بهما ويرجح مدلولهما. ولا نقصد بقولنا الحجة في النص لا الإجماع أن يكون الإجماع مهملا بل هو كما ذكرت نور على نور، فاللازم المذكور على هذا غير لازم ولا مقصود.
قولكم بارك الله فيكم:
((فهمت من كلامكم أنه لا إجماع إلا عن نص فلا يصح الإجماع عن اجتهاد من قياس أو مصلحة ونحوهما فلا أدري هل فهمي لكلامكم صحيح أو لا ؟ وعموما فالقول بصحة استناد الإجماع إلى القياس قول جمهور أهل العلم وهو الذي صححه الرازي والآمدي وابن الحاجب وغيرهم خلافا لابن جرير والظاهرية وقد دل عمل الصحابة على جوازه في حوادث كثيرة كإجماعهم على قياس خلافة أبي بكر رضي الله عنه على إمامته بالصلاة وإجماعهم على تحريم شحم الخنزير قياسا على لحمه وغيرها من الفروع التي ذكرها الأصوليون تحت هذه المسألة على أن في بعضها نزاعا لاستنادها لدليل آخر...))
الإجماع المنقول عن الصحابة في مسألة من المسائل هو غالبا يكون بغير ذكر المستند ونقله عن المجمعين، وإنما يخمِّنه الأصوليون والفقهاء بعد ذلك، كقولهم أنهم أجمعوا على قياس شحم الخنزير على لحمه، فالمحرم لشحم الخنزير من الصحابة لم يقل أو يظهر مع قوله بالتحريم أنه قاسه على اللحم، ولربما تكون له حجة أخرى كنص أو فعل نبوي أو إقرار لم يبلغنا. وهذا يمكن تقديره في كل مسألة ادعي أن مستند الإجماع فيها هو الاجتهاد والقياس، مع أن القياس الجلي هو نوع من دلالة النص اللغوية كما لا يخفى، فيُستثنى من الاجتهاد. ومع هذا فإذا أجمعوا على مسألة اجتهادية وأجمعوا كذلك على الاستدلال لها بقياس ما (وهذا لا أظنه يتوفر لنا في أي مسألة ما نُقلت عنهم) فإن قولهم حجة لا لأنه إجماع بل لأن اجتهادات الصحابة أرجح من اجتهادات من بعدهم لسلامة اللغة، ومعاصرة الوحي، والعلم بمقاصد الشارع وعاداته.
والحاصل هنا أني أتفق معك على حجية الإجماع القياسي ولكن مأخذ الحجية مختلف، فليس هو الاتفاق نفسه وإنما إما نص مقدر لم يبلغنا وإما رجحان اجتهاد الصحابة على من بعدهم لما ذكرته من أسباب.
قولكم بارك الله فيكم:
((لكنه استدل بهذه الأحاديث من وجهين الاول :ما ذكرتم وهو التواتر المعنوي لنصوص السنة. والثاني تلقي الأمة لها بالقبول ..وقد أورد عليه ابن الحاجب أنه لا يخرجها عن الآحاد...الخ)).
التواتر المعنوي في نصوص السنة المفيدة للإجماع زعمه الغزالي ولم يزعمه أحد قبله ممن استدل على الإجماع، وهو لا يسلم من الاعتراض لسببين:
أحدهما: الأحاديث التي ذكرها محصورة معدودة لا أظنها تزيد على عشرة وهو أقل ما قبله علماء المصطلح في حد التواتر اللفظي فما بالك بالمعنوي الذي يحتاج إلى أكثر من ذلك بكثير.
والثاني: أن هذه الأحاديث المذكورة، بعضها نوزع في إسناده حديثيا كلا تجتمع أمتي على خطأ وعلى ضلالة، ثم نوزع في دلالة كل واحد منها على الإجماع، وشرط التواتر المعنوي كشجاعة علي وكرم حاتم أن تتوفر وقائع منفردة دال كل منها على حِدَة على المعنى المشترك. وسأضرب لك مثالا بحديث "عليكم بالجماعة فإن الشيطان مع الواحد وهو من الإثنين أبعد" أو "من سره بحبوبوحة الجنة فليلزم الجماعة" فلفظ الجماعة مشترك شرعي إما أن يقصد به صلاة الجماعة مثل: أيما ثلاثة...لا تقام فيهم الجماعة إلا استحوذ عليهم الشيطان، وإما أن يقصد به جماعة المسلمين. فإن كان القصد هو الأول فيسقط الاستدلال، وإن كان الثاني فما معنى التزام جماعة المسلمين. قال الإمام الشافعي، رحمه الله تعالى، عندما استدل للإجماع بأنه المقصود هو لزوم قولهم، فهل هذا متعين؟ لا سيما والنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن التَعرُّب، وهو مفارقة حسية للجماعة لا قولية، ثم هذا يدخل في سياق الأحاديث الآتية مثل: ((من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر عليه فإنه من فارق الجماعة شبرا فمات ، إلا مات ميتة جاهلية)) [البخاري]، وحديث: ((من خرج من الطاعة ، وفارق الجماعة، ثم مات، مات ميتة جاهلية. ومن قتل تحت راية عمية، يغضب للعصبة، ويقاتل للعصبة، فليس من أمتي. ومن خرج من أمتي على أمتي، يضرب برها وفاجرها، لا يتحاش من مؤمنها، ولا يفي بذي عهدها، فليس مني)) [مسلم]. فهذا هو السياق الأظهر للحديث وهو الخروج السياسي وشق عصا الطاعة. أما حمله على عدم جواز مخالفة المجتهدين في عصر سابق إذا أجمعوا على رأي ما في مسألة ظنية، فهو تأويل مستكره لا يدعمه السياق العام للفظ الجماعة في السنة ويتضمن ارتكاب تأويل تخصيص لفظ الجماعة بالمجتهدين، ثم تأويل المجتهدين بوجودهم في عصر ماض، لأن مخالفة المجتهدين في نفس العصر جائز باتفاق لعدم تحقق الإجماع.
أما القول بأن هذه الأحاديث تلقيت بالقبول في الاستدلال، فـ"التلقي بالقبول" على فرض التسليم به، هو نفسه الإجماع، ولا يجوز الاستدلال بالإجماع على الإجماع كما لا يخفاكم.
قولكم بارك الله فيكم:
((هذا تحكم فاشتراط انقراض العصر مسألة لا ألزم باعتبارها . قال بها الإمام احمد وابن فورك وابن الحاجب وغيره على عدم اعتبار انقراض العصر...))
اشتراط انقراض العصر إنما لزم لوجود مشكلة في تصوُّر الإجماع الذي صوره الأصوليون، لأنه عمليا من المستحيل إثبات تزامن أقوال المجتهدين. فالنقول عن الصحابة في أكثر مسائل الإجماع غير محددة التاريخ، ولذلك اشترط بعض الأصوليين انقراض العصر حتى يستقر الإجماع ويمكن التأكد عمليا من التوافق. وهذا لا يلزم على الوجه والمأخذ الذي بينته في حجية الإجماع.
قولكم بارك الله فيكم:
((هل هناك حكم شرعي في مسألة ما ثبت بالاجماع غير المستند لنص شرعي؟))
كثير من مسائل الإجماع لم يرد فيها نص. خذ مثلا التكبير بعد الصلوات أيام العيد، المضاربة والاستصناع، وبعض المسائل نقل الإجماع والنص فيها ضعيف من حيث الإسناد كبيع الكالئ بالكالئ ولا ميراث لقاتل ولا وصية لوارث وغيرها.
شيخي الفاضل أبو حازم قولكم بارك الله فيكم تعليقا على مثال بيع الكالئ بالكالئ الذي أوردتُه على الإجماع فيما ليس فيه نص:
((هذه المسألة فيها نص ولذا فالصواب – بارك الله فيكم - أن يقال : نقل الإمام أحمد الإجماع على العمل بمعنى الحديث، الإجماع مستنده الحديث الذي تلقي بالقبول فارتقى إلى مرتبة الاحتجاج وهذا الأصل قد قرره غير واحد من العلماء...الخ)).
هذا استطراد في الموضوع يحمد لكم التنبيه عليه فقد أتحفتمونا بفوائد من النقول عن أهل العلم. والسبب في كونه استطرادا أنه يناقش في مثال، والأمثلة لا تحتمل التنقير. على أن تأصيلكم لهذه المسألة بالذات فيه نظر ولا أحسبها تخفى عليكم مسألة إجماع العلماء على وفق حديث هل يقتضي صحته أم لا، المبحوثة في الأصول. وقول الجمهور كما ذكره الزركشي هو أنه لا يقتضي الصحة. والأصح، والله أعلم، التفصيل فإن نُقل إجماعهم على الحكم فقط فهذا لا يقتضي صحة الحديث، وإن نقل إجماعهم على الحكم مستدلين عليه بالحديث فهذا يقتضي صحة الحديث، وهذا ما لا أظنه يتوفر في حديث بيع الكالئ بالكالئ لا سيما أنه تفرد به موسى بن عبيدة الربذي، وقد قال فيه أحمد: ((لا تحل الرواية عنه عندي، ولا أعرف هذا الحديث عن غيره)) . وقال: ((ليس في هذا أيضا حديث يصح، ولكن إجماع الناس على أنه لا يجوز بيع دين بدين)). فها أنت ذا ترى كيف نفى، رحمه الله، عن الحديث الصحة واستدل على الحكم بالإجماع.
قولكم بارك الله فيكم:
((القطع والظن نسبيان بحسب ما يطلع عليه المرء وما يتحقق له من قرائن ومن استقراء فقد يحصل القطع لفلان دون فلان وكون الإجماع ثبتت حجيته بالقطع أمر قد تتابع عليه كثير من العلماء من اتباع المذاهب وهذا دليل صحة القطع فيبقى الأمر بالظن راجعا إلى من لم يحصل القطع في المسألة لا في نفس الأمر...))
لا أسلم بأن تتابع الكثيرين من أتباع المذاهب دليل الصحة، وقد عرفت إدمانهم على مجرد النقل عن المتقدمين وتهيب مخالفتهم، ولا سيما أيضا أن أكثرهم صوَّر الإجماع القطعي بصورة خيالية، حين شرطوا فيه الصراحة، واستغراق جميع المجتهدين، وثبوت تواتر النقل عنهم، ويكفي اعتراض الرازي والآمدي الذي تفضلت بالتنبيه عليه مُشَوِّشا على هذا التتابع، وقبلهم إمام الحرمين الذي وإن قال بقطعية الإجماع إن ثبت بشروطه، فقد رده إلى جري العوائد لا إلى دليل السمع والتواتر المعنوي الذي تتابع عليه الأصوليون بعد الغزالي.
قولكم بارك الله فيكم:
((تارة أرى أنكم ترون الإجماع لا يمكن وقوعه وتارة أرى أنكم ترونه ظنياً وتارة أرى أنكم تثبتون الإجماع إن استند إلى نص دون اجتهاد ولست أعرف قولكم بالضبط .
لكن عموما يظهر أن ثمة خلاف لفظي في بعض المسائل فالذي يظهر لي أنكم تقولون لا يحصل إجماع إلا بنص قد يصلنا وقد لا يصل وهذا لا إشكال فيه إن اتفق على انه حجة في الحالتين وعليه فسواء قلنا هو بنفسه حجة أو لا فلا تأثير له إن اتفق على قبوله مطلقا سواء ظهر النص أو لا .
وأمر آخر أظننا نتفق عليه وهو أن عامة الإجماعات هي إجماعات الصحابة وليس ثمة ما يجعلها متعذرة حتى بدون انقراض العصر .
وأمر ثالث وهو أننا متفقان – فيما يظهر لي - على أن الإجماع القطعي لا يقع إلا بأن يظهر النص فلا يمكن عادة أن يوجد نص في مثل هذا النوع من الإجماعات ويكون خفياً فما خفي نصه فهو من قبيل الإجماع الظني)).
أظن بعد كل هذه التوضيحات قد ظهر لكم رأيي بوضوح، والخلاصة هي:
الإجماع حجة: وهو نوعان: قطعي إن استند إلى إلى دليل قاطع، وعلى هذا النوع من الإجماع يمكن حمل الأدلة السمعية التي يذكرها الأصوليون للإجماع. والثاني ظني إن استند إلى نص ظني أو اجتهاد، ومأخذ حجيته هو أنه مظنة لوجود نص مقدر وقفنا عليه أو لم نقف، وعليه كان قاصرا على عصور السلف.
كلمة أخيرة:
لقد أثقل موضوع الإجماع وحجيته ومناقشة ذلك أصوليا بالبحث، وهو أمر حسن، لكن ما ينبغي صرف الهمة إليه الآن هو "استقراء" موارد الإجماع لا سيما الظني وتمحيصها وتصنيفها، على سبيل المثال لا الحصر، إلى:
إجماعات مستندها نص قطعي
إجماعات مستندها دلالة قرآنية ظنية
إجماعات مستندها حديث مشهور
إجماعات مستندها دلالة خبر واحد صح سندا
إجماعات مستندها دلالة خبر واحد ضعف سندا
إجماعات قيل إنها عارضت النص
إجماعات قيل إنها نسخت النص
إجماعات قيل إن مستندها القياس
إجماعات قيل إن مستندها المصلحة
إجماعات بنيت على علة مؤقتة
إجماعات سبقت بخلاف
وهكذا.....
كما أني أود التأكيد على ما أوصى به السدحان في ختام كتابه مناقشة الاستدلال بالإجماع حين قال:
((1- إن المثبتين للإجماع والمنكرين له أطالوا في بحث مسائل: (إمكان وقوع الإجماع، وإمكان العلم به، وإمكان نقله)، وكأن الإمكان هو المقصد الأهم.
والمقترح: أن يصرف الجهد إلى المسألة التي حكي وقوع الإجماع عليها وتحقيق القول فيها، إذ أن هذا هو الغاية الأولى، فإذا كان المستدل في مسألة يحكي الإجماع عليها، فالأمر قد تجاوز الإمكان إلى الوقوع، فلا يبدو – حينئذ – أن لبحث موضوع الإمكان وجها، وبخاصة أن الأمر يتعلق بإمكان عادي أو استحالة عادية، والمستحيل العادي ليس له صفة الثبات؛ فما يكون مستحيلا – عادة – في وقت قد يقال بإمكانه في وقت آخر، تبعا لتغير الظروف.
2 – أن مسائل الإجماع المحكية في مصادرها (وموسوعاتها) لم تحظ بما تستحق من التحقيق والتنقيح وتمييز الثابت من غيره، ولم تخضع لمعايير نقد السند والمتن، وكان المنتظر أن تحظى بمثل ذلك؛ لأنها جزئيات دليل ثابت من أدلة التشريع، فهي كجزئيات دليل السنة النبوية التي حظيت بذلك كما لا يخفى.
والمقترح: أن تتضافر جهود الباحثين لتتبع مسائل الإجماع المنقولة في مصادرها، ونقدها، فالإجماع دليل نقلي، وله سند ومتن، فيجب أن يحقق القول فيهما.
3 – أن الذين يستدلون بالإجماع يذكرون في كثير من المواضع – إجماعات مجردة؛ فيقولون – مثلا -: (دليلنا الإجماع؛ فقد أجمع العلماء على كذا) أو نحو ذلك.
والمقترح: اتباع المنهج الآتي للاستدلال بالإجماع:
أ – ذكر الطريق الذي ثبت به الإجماع – إما بالرواية أو بالعزو إلى كتاب – مع تصحيح ذلك الطريق، وبيان نوع النقل (متواتر أم مشهور أم آحاد؟)، وذكر عبارة الناقل.
ب – ذكر صفة الإجماع، وذلك ببيان دليل حصول الاتفاق بين العلماء (قول الجميع، أم فعل الجميع، أم قول بعضهم وفعل البقية، أم قول بعضهم وسكوت البقية، أم فعل بعضهم وسكوت البقية؟).
جـ - ذكر وجه الدلالة من متن الإجماع (نص أم ظاهر؟ منطوق أم مفهوم؟...) )) انتهى كلامه.