العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

الواقعية ، والمعيارية ، في ضوء مقولة :"المقاصد" دعوة إلى اكتشاف العلاقة بينهما

إنضم
3 يوليو 2010
المشاركات
53
الكنية
أبو عمر
التخصص
أصول الفقه
المدينة
الطائف
المذهب الفقهي
المذهب الحنبلي
الواقعية ، والمعيارية ، في ضوء مقولة :"المقاصد"


دعوة إلى اكتشاف العلاقة بينهما .

ازدحم الدرْس الإسلامي بِكَمٍ هائلٍ من الإنتاج المقاصدي ، استوعب المراكز العلمية على جغرافيا المسلمين الممتدة : من ماليزيا في جنوب شرق آسيا ، إلى المملكة المغربية في أطراف الشمال الإفريقي ، وكان هناك التحام ظاهري بين فكرتي : المقاصد ، والتجديد ([1])، لدى تيار ، ولدى تيارٍ آخر كان الالتحام الظاهري بين فكرتي : المقاصد ، والحداثة . تباينت الاستخدامات ، والفكرة واحدة ، هي : المقاصد ، وعدم اسْتِجْرار القديم بكل سلبياته .
كان الدافع لهذا الدرْس بهذا الكم الهائل من الإنتاج المقاصدي هو : أن العصر الحديث امْتَلأ ، بل ازدحم بمستجداتٍ كثيرة ، ومتنوعة ، ومتلاحقة ، بل ومتسارعة ، في مختلف شؤون الحياة ، وأنماطها المتنوعة ، فلم تعد النظم والقوانين تفي بمتطلبات ذلك : إنِ اقْتُصِر على حرفيتها ، والظاهر من ألفاظها ؛ ولذلك كان التنادي من أهل القانون بالكشف عن قصد المشرع ، وغايته ، وإرادته ، فكان ما يُسمَّى بتفسير النصوص بما لا يبتعد عن غاياتها النهائية ، فالدستور - عندهم - وثيقة ، نابضة بالحياة ، لا تصد عن التطور ، فنسيجها متناغماً مع روح العصر ([2]).
وأما الشريعة الإسلامية فهي معتمِدة على نصوص تشريعية ، في القرآن والسنة ، وهي متناهية ، والوقائع غير متناهية ، وما هو متناهي – إنِ اقْتُصِر على الحرفية والظاهرية – لا يفي بما لا يتناهى ، فكانت الحاجة لإيجاد العلل واستخدام المقاييس ، ثم مع تباعد الزمان عن زمان النبوة اشتدت الحاجة إلى ما يُسمَّى بالمصالح المرسلة ، ثم تباعد الزمان أكثر ، وكَثُرَت المستجدات ، وتشابكتْ في الحياة ، وازدحمت المصالح مع المفاسد ، وحصل التعارض فيها ، وكَثُرَت الاختلافات الفقهية ، فظهرت الحاجة إلى ما يُسمَّى بمقاصد الشريعة العامة ، حتى إن الطاهر بن عاشور ، العالم ، التونسي الأصل([3]) – أراد بتأليفه لكتابه :"مقاصد الشريعة الإسلامية" : أن تكون تلك المقاصد نبراساً للمتفقهين في الدين ، ومرجِعاً بينهم عند اختلاف الأنظار ، وتبدل الأعصار ، وتوسُّلاً إلى إقلال الاختلاف بين فقهاء الأمصار ، ودُرْبةً لأتباعهم على الإنصاف في ترجيح بعض الأقوال على بعض ، عند تطاير شَرَرِ الخلاف ؛ حتى يَسْتَتِبَّ بذلك ما أراد من نبذ التعصب ، والفَيْئة إلى الحق ([4]). وأراد أن يستنبط مقاصد شرعية قطعية ؛ لكي يَقْطَع القطعيُّ الخلاف ، فهو يرى أن سبب كثرة الخلاف الاستناد إلى الظنيات ، التي تختلف فيها الأفهام ([5]).
غير أن عناية الفقهاء بمقاصد نصوصهم التشريعية : بتأصيلها ، والبناء عليها - أكثر بكثير مما هو عند أهل القانون ؛ وذلك لأن الداعي الذي قام عند فقهاء الشريعة لم يقم عند أهل القانون ، وبيان ذلك : أن التشريع الوضعي قابلٌ للتعديل ، والتغيير بما يزعم مُشَرِّعوه : أنه يحقق مصالح الجماعة والأفراد ، فهو تشريع قابل للتغيير والتعديل باستمرار ، فليس بحاجة ماسة إلى نظرة مقاصدية ، مجالها في التعليل من أجل القياس ، وفي تفسير النصوص ، فمثل هذه النظرة ضرورية في التشريع الثابت ، الغير قابل للزيادة أو النقصان ، وهو تشريع القرآن والسنة([6])، وهذا لا يعني عدم حاجة أهل القانون لمقاصد تشريعهم ، وإلا لم يكن ما يُسَمَّى بروح القانون ، الذي يحكُم تفسير النصوص ، ثم إن الرجوع لروح القانون يَضْطَرُّ إليه مَن تكون السوابق القضائية في عُرْف بلده تشريعاً ، لا يُنْقَض .
ويمكن أن يُراد بالمقاصد في الشريعة والقانون : الحِكَم والغايات المصلحية من التشريع ، التي هي الإرادة التشريعية ([7]).
وعند جَعْل مقولة :"المقاصد" في مَحَكِّ التطبيق نجد أنها موطنٌ احتدم فيه الصراع من قبل التيارات : المحافظة ، التي قد توصَف بالظاهرية ، والمنفتحة ، التي قد توصَف باتباع الرأي . الأول يُشَدِّد في اتباع النص ، ويُظْهِر قدسيته ، ويَتَّهم الآخَر بزعزعة الثوابت باسم المقاصد ، وأنه يريد أن يجعلها متغيرة ، حتى في المقدَّرات والحدود ، والثاني يُشَدِّد في اتباع المعاني ، ويَفْهَم النصوصَ بها ، ويَتَّهم الآخر بجعل المتغيرات ثوابت ، حتى في الأمور العرفية المصلحية ، التي تتغير بتغير الزمان والمكان والشخص والحال .
وهناك تيار لا ينطلق من أرضية التسليم للنص ([8])، وإنما من الواقع الذي يَفْهَمُه العقل ، فهو يرى أن المقاصد لم تحقق الهدف منها ، وهو : الإقلال من الخلاف ، وكونها قواطع يُحْتَكم إليها ؛ إذ الخلاف – في نظره – لم يَنْحِسم ، بل ولا انْحَسَر ، فقد استمر ، وازداد ، واشتد ، وانتقل الخلاف من الفروع إلى الخلاف في مقولة المقاصد : في تكوينها ، وفي الاستدلال بها ، فما ظُنَّ أنه به يَحْسِم الخلاف إذا به سببٌ للخلاف ، وما ظُنَّ أنه قواطع يُحْتَكم إليها إذا بها ظنون ، توقع في النسبية ؛ ويذكر أن السبب في الوقوع مما أُريد الإفلات منه هو : أن العقلَ الفقهي – سواء عند المحافظين ، أو المنفتحين – معقولٌ ، أي : أنه داخل قفص النصوص ، عاجز عن الانطلاق ، وكَسْر قيود التقليد ، وأنه بذلك لا يقوى عن مجاراة الحياة الحاضرة ، ولا يستوعبها ؛ لأنه أنكر الحياة ، فأنكرته ، فانْفَصَمَتْ صلتها بالعقل الفقهي ، فلا يمكنها أن تأنس إلا بعقل يكون من طينتها ، وهو العقل النقدي الحر ، فهو سليلها بلا نزاع ، هكذا يزعم هذا التيار .
وهذا التيار – الذي ينطلق من الواقع في تكوين مبادئه – يَدْرُس النصوصَ بالسياق التاريخي ، فيُفَسِّرها بمنهج :"تفكيك النص" : مقدساً كان ، أو غير مقدس ؛ لتنتهي بذلك سلطة النص([9]).
إن الجدل في مقولة :"المقاصد" دائرٌ بين الصفة الواقعية والصفة المعيارية ، فالغاية من التشريع : معاني وحِكَم مصلحية ، تعود بالنفع على البشرية ، وهذه المنافع مبثوثة في واقع الوجود ، في هذه الدنيا ، فيرى البعض أن الفِكْر يحتكِم للنص ، فهو معيارٌ لتقويمه وتصحيحه ، يرفع الواقعَ إليه . وآخر يرى أن المقاصد لها الصفة المعيارية ، فلا يجمد على ظاهر النص ، لكنه لا يزال في دائرة تقديس النص . وآخر يرى أن الواقع هو المعيار ، ينظر إلى النص بمنظارٍ تاريخي ، وبمنهجٍ تفكيكي ، فلا النص معيارٌ ، ولا مقاصده معيارٌ ، غير أن جَعْل المقاصد معيارٌ ، وهي المنافع في واقع الوجود – يَرْتَدُّ إلى نوعٍ من كون الواقع هو المعيار ؛ ولذلك مَن لا يعتبر المقاصد معياراً يقع في التناقض ؛ لكون المقاصد منافعاً في الواقع . كأن الأمر يدور في حلَقة : واقعية ...معيارية ...واقعية ... وهكذا دواليك .
يزداد الأمر إشْكالاً عند تراجع السلطتين : السياسية والعلمية ، أو عند شغور الزمان منهما([10]) ؛ إذ تكون المقاصد حينئذٍ هي المنقِذ([11])، فالإحالة على أمور كلية مقاصدية أولى من التخَبُّط في الجهالات ، والمقاصد هي منافع في الواقع ، وقد اعْتُبِرَتْ معياراً ، فارْتَدُّ الأمر إلى نوعٍ من كون الواقع هو المعيار ، ورجعنا إلى الدوران في الحلَقة ...
وحينئذٍ تبرز الحاجة الملحة إلى اكتشاف العلاقة بين الصفتين : الواقعية ، والمعيارية في ضوء مقولة :"المقاصد" ، وأطْرَح ذلك على طاولة البحث والدراسة ، حاثَّاً المفكرين على اكتشاف هذه العلاقة ، وما كان هذا المقال إلا دعوة للبحث في اكتشاف هذه العلاقة .
سبحان ربك رب العزة عما يصفون ، وسلام على المرسلين ، والحمد لله رب العالمين .
كتبه : المحاضر فيصل بن عامر الذويبي

([1])انظر : مدخل أصولي للمقاصد الشرعية ، لمحمد كمال الدين إمام : 12 ، ضمن دورة متخصصة عن :"المقاصد وقضايا العصر" ، في كلية الحقوق بجامعة الاسكندرية ، بالتعاون مع مركز الدراسات والبحوث القانونية والاقتصادية هناك ، لشهر ذي القعدة ، وذي الحجة ، لعام 1427هـ ، الموافق نوفمبر ، وديسمبر ، لعام 2006م ، ومطبوع ضمن كتاب مقاصد الشريعة الإسلامية ، الناشر : مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي – مركز دراسات مقاصد الشريعة الإسلامية ، بلندن ، الطبعة الأولى ، عام 2007م .

([2])انظر : فكرة المقاصد في التشريع الوضعي ، لمحمد سليم العوا : 267 ، ضمن نفس الدورة الآنفة الذكر ، ومطبوع ضمن الكتاب الآنف الذكر .

([3])هو :محمد الطاهر بن الشيخ محمد ، وعاشور من أجداده ، علامة الفقه ، وأصوله ، والتفسير ، وعلومه ، تولى منصب كبير أهل الشورى ، وكان قاضياً مالكياً ، وعميداً للجامعة الزيتونية ، وعضواً في مجمع اللغة العربية بدمشق ، ومشاركاً ببحوثه في مجمع اللغة العربية بالقاهرة ، توفي عام 1973م ، له : تفسير التحرير والتنوير ، وأصول النظام الاجتماعي ، وحاشية التوضيح في أصول الفقه ، والفتاوى .
انظر : محمد الطاهر بن عاشور ، لإياد خالد الطباع ، طبع : دار القلم بدمشق ، الطبعة الأولى ، عام 1426هـ ، الموافق 2005م .

([4])انظر - في سبب تأليف الطاهر بن عاشور لكتابه :"مقاصد الشريعة الإسلامية"- ما ذكره في مقدمة كتابه : 165 ، طبع : دار النفائس بالأردن ، الطبعة الثانية ، عام 1421هـ ، الموافق 2001م .

([5])انظر : مقاصد الشريعة الإسلامية ، للطاهر بن عاشور : 168-174.

([6])انظر : فكرة المقاصد في التشريع الوضعي ، لمحمد سليم العوا : 270-272.

([7])عَرَّف الطاهر بن عاشور مقاصد الشريعة العامة بأنها : المعاني والحكم الملحوظة للشارع في جميع أحوال التشريع ، أو معظمها ، بحيث لا يختص ملاحظتها بالكون في نوع خاص من أحكام الشريعة .
وعَرَّف علال الفاسي مقاصد الشريعة بأنها : الغاية منها – أي : من الشريعة – والأسرار التي وضعها الشارع عند كل حكم من أحكامها .
انظر : مقاصد الشريعة الإسلامية ، للطاهر بن عاشور : 249 ، ومقاصد الشريعة ومكارمها ، لعلال الفاسي : 7 ، طبع : دار الغرب الإسلامي بيروت ، الطبعة الخامسة ، عام 1993م .

([8])انظر – في أدبيات هذا التيار تجاه مقاصد الشريعة - : مقاصد الشريعة ، التشريع الإسلامي المعاصر بين طموح المجتهد ، وقصور الاجتهاد ، لنور الدين بوثوري : 101، 111 ، طبع : دار الطليعة ببيروت ، الطبعة الأولى ، عام 2000م .

([9])انظر – في أدبيات هذا التيار تجاه موضوع الدلالة من النصوص - : مدخل مقاصدي للاجتهاد ، لجاسر عودة :50، ضمن دورة متخصصة عن :"المقاصد وقضايا العصر" ، في كلية الحقوق بجامعة الاسكندرية ، بالتعاون مع مركز الدراسات والبحوث القانونية والاقتصادية هناك ، لشهر ذي القعدة ، وذي الحجة ، لعام 1427هـ ، الموافق نوفمبر ، وديسمبر ، لعام 2006م ، ومطبوع ضمن كتاب مقاصد الشريعة الإسلامية ، الناشر : مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي – مركز دراسات مقاصد الشريعة الإسلامية ، بلندن ، الطبعة الأولى ، عام 2007م .

([10])كتب إمام الحرمين أبي المعالي الجويني في المخرَج عند شغور الزمان من الإمام ، ومن المجتهدين ، أو من نقلة المذاهب – كتاباً ، بعنوان : غياث الأمم في التياث الظلم ، المسمَّى بالغياثي ، طبع : مؤسسة الريان ببيروت ، الطبعة الأولى ، عام 1428هـ ، الموافق 2007م .

([11])انظر – في ارتباط مفهوم المقاصد بالمُشْكِل الاجتماعي والسياسي - : الفكر الأصولي وإشْكالية السلطة العلمية في الإسلام ، قراءة في نشأة علم الأصول ومقاصد الشريعة ، لعبد المجيد الصغير : 434، توزيع : المؤسسة الجامعية للدراسات ببيروت ، الطبعة الأولى ، عام 1415هـ ، الموافق 1994م .
 
إنضم
3 يوليو 2010
المشاركات
53
الكنية
أبو عمر
التخصص
أصول الفقه
المدينة
الطائف
المذهب الفقهي
المذهب الحنبلي
بسم الله الرحمن الرحيم
أستأذن السادة القراء في الابتعاد عن المنتدى – مع تبليغكم سعادتي بلقياكم ، وحزني بالبون عنكم – فترة أرجو أن تكون قصيرة .
ودمتم بكل خير ، وحبور ، وسرور . وإلى لقاء قريب إن شاء الله . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

التوقيع : أخوكم المحب
فيصل الذويـبي
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
على التسليم بكون الرعي خارجاً عن عموم النهي فقد قيل : بجواز الاحتشاش ، فما بيان الشهادة لنوع المصلحة في جنسها القريب . لم ترد الشهادة إلا للجنس الأعلى ، وهو أصل رفع الحرج

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
لما فتح الله على رسول صلى الله عليه وسلم مكة، قام في الناس، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: (إن الله حبس عن مكة الفيل وسلط عليها رسوله والمؤمنين، فإنها لا تحل لأحد كان قبلي، وإنها أحلت لي ساعة من نهار، وإنها لا تحل لأحد بعدي، فلا ينفر صيدها، ولا يختلى شوكها، ولا تحل ساقطتها إلا لمنشد. ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين: إما أن يفدى وإما أن يقيد). فقال العباس:
إلا الإذخر، فإنا نجعله لقبورنا وبيوتنا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إلا الإذخر). فقام أبو شاه، رجل من أهل اليمن، فقال: اكتبوا لي يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اكتبوا لأبي شاه).
 
التعديل الأخير:
إنضم
7 يوليو 2010
المشاركات
42
التخصص
العقيدة
المدينة
الطائف
المذهب الفقهي
الدليل
أسئلة رصينة وجديرة بالبحث، ولكنها تخرج عن موضوع المشاركة الأصلي وتستطرد فيه فحبذا لو طرحت في موضوع مستقل

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيك أخي الكريم

ما أراه أن هذا الاستطراد ليس خارجاً عن الموضوع ولكن استجابة لك لن أطيل فيه الكلام وما أريد ذكره

أن فكرة المقاصد في تطورها عند كل من الشاطبي وابن عاشور رحمهما الله تعالى زامنها تطورات وتغيرات اجتماعية وسياسية كان لها أثر في توجيه فكرة المقاصد

وهذا جانب من جوانب واقعية الفكرة وذلك أن مجالها حاجة الناس وتحقيق مصالحهم

كما أن الفكرة نازعها أصل كلامي وهي مسألة التحسين والتقبيح هل هما عقليان أم شرعيان؟
نقلت المسألة إلى المقاصد
فهل المعيار في المصالح عقلي أم شرعي؟

وما توصلت إليه من بحث مبدأي في المسألة
إن إدراك المصالح عقلي
لكن ترتب الحكم والأثر شرعي
وهذا من جوانب المعيارية في المقاصد

هذا ما كنت أريد الوصول إليه لكن بتدرج وإيضاح
اختصرته هنا
 
إنضم
7 يوليو 2010
المشاركات
42
التخصص
العقيدة
المدينة
الطائف
المذهب الفقهي
الدليل
بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله ، والصلاة والسلام على المصطفى . أما بعد :
أشكر القارئين للمقال على تفاعلهم ، وأعتز بمشاركتهم ، خصوصاً : الشيخ أحمد المالكي ، والشيخ عبدالله القرشي ، ود. أيمن علي صالح ، والشيخ يحي رضا جاد ، والشيخ الأخ العزيز عارف المالكي ؛ غير أني أود من الجميع : من ذكرتهم ومن لم أذكرهم – أن يتكرموا بإفادتي عما أنا عاجز عن درْكِهِ بجميع تفاصيله : العلاقة بين المعيارية والواقعية في ضوء مقولة المقاصد ، هل هي التكامل ، أو التقابل ؟ وما هي تفاصيل هذه العلاقة ؟
وأستأذن الجميع بالمحاولة على سؤال الشيخ أبوعبدالله المصلحي من بغداد : هل تعد العقل والفطرة من طرق كشف المقاصد ؟ في حقل سؤالِهِ .

أخي الكريم فيصل

المعيارية والواقعية في القاصد وصف لا علة ولا إشكال في اجتماعهما فيها إذ أن متعلق الوصف في كل منهما مستقل عن الآخر

فمتعلق الواقعية انصالها بحاجة الناس وتحقيق مصالحهم
ومتعلق المعيارية اعنبار الشرع لها

نعم تكون هناك إشكالية لو فرضنا المقاصد دليلاً مستقلاً مقابلاً للنص
وهذه المقولة لم يصرح بها وإن كانت هناك بعض العبارات الدالة عليها
إن تيسر لي الليلة الحصول على جهازي الخاص وإصلاحه أرفقت بعض تلك النصوص التي تنادي بإحلال المقاصد محل العقل عند أهل الكلام بإذن الله تعالى

أمّا ما لا نص فيه
فمسلك المقاصد فيه مسلك العلة في القياس
وهذا مبني على مسألة منطقية هي الفرق بين قياس التمثيل ( ويمثله القياس الأصولي المتعارف عليه في أصول الفقه ) وبين قياس الشمول ( ويمثله فكرة المقاصد ) وأيهما أولى بالتقديم والأصدق في النتيجة

أمّا ما يتعلق بطرق إدراك المقاصد فهي مسألة أخرى ولها علاقة بمسألىة التحسين والتقبيح في علم الكلام
 
إنضم
7 يوليو 2010
المشاركات
42
التخصص
العقيدة
المدينة
الطائف
المذهب الفقهي
الدليل
أخي الحبيب فيصل للجواب على الإشكال الذي أوردته من أن تحكيم المقاصد وعدها معيارا في الوصول إلى الأحكام وتنظيم شئون الحياة يرتد بنا لا محالة إلى تحكيم الواقع، لأن المقاصد، في نهاية المطاف، ما هي إلا مصالح في مواقع الوجود، أود القول:

لقد ذكرت أن هناك ثلاثة تيارات في تحديد المعيار:


أحدها: أن المعيار هو النص، والنص فقط، وهو قول المحافظين والنزاعين إلى الظاهر
والثاني: أن المعيار هو المقاصد والمعاني وهو قول ما أسميتهم أهل الرأي والمنفتحين
والثالث: لا هذا ولا ذاك بل المعيار هو الواقع، وهو قول الذاهبين إلى تاريخية النص وانتهاء سلطته
فأقول: ثمة بعض الخلل و"التسطيح" في هذا التقسيم، ولربما عنه نشأ الإشكال، وبيان ذلك:
أن ما أسميتهم بأهل الرأي والمنفتحين، لا يقولون بأن المقاصد هي المعيار هكذا بإطلاق كما يوحي به ظاهر التقسيم المذكور، بل يقولون: إن النص هو المعيار الأساس فلا يعدل عنه إلى غيره إذا وجد، أما المقاصد فهي عندهم معيار ثانٍ تال لدور النص لا مواز ولا متقدم، ومجال عمله الأساس هو دائرة "غير المنصوص عليه".

وهذا القول القاضي بإعمال النص والمقاصد كلا في مجاله ـ وهو قول علماء المسلمين قاطبة ما خلا الظاهرية ـ لا يرد عليه إشكال تحكيم الواقع وكونه معيارا، وذلك لسببين:


أحدهما: أن معيارية المقاصد التي يقولون بها محكومة بأمرين:
الأول: أن لا تصتدم مع معيارية النص
والثاني: أن تستمد من معقول النص وروحه
وعليه فمعيارية المقاصد لو سلمنا بأنها ترتد إلى الواقع، فهي صادرة عن النص ـ لا الواقع ـ إنشاء وتوليدا، ومحاطة بسياج من النص حصرا وتحديدا.
والسبب الثاني: أن المقاصد ليست هي مجرد المنافع في مواقع الوجود، كما أشرت وبنيت عليه الإشكال، لأن الموجود في مواقع الوجود هو منافع مختلطة مضطربة تتعدد فيها الرؤى ووجهات النظر، وإنما المقاصد اختيارات الشارع وتفضيلاته بين هذه المنافع والمفاسد المختلطة.
والخلاصة هي أن معيار الوصول إلى الأحكام عند علماء المسلمين قاطبة هو النص لا الواقع، وهذا يدل عليه إجماعهم بأنه لا حكم إلا لله تعالى:
والنص كمعيار: إما أن يقتصر فيه على الظاهر وهو مذهب الظاهرية وغير المعللين، وهم الأقل، وإما أن ينظر إلى روحه ومعقوله وهو مذهب الجماهير من القائلين بتعليل الأحكام.
أما القائلون بتاريخية النص من علمانيي هذا الزمان فهم الذين يحكمون الواقع ويلغون النص، ولا ينبغي أن يحشر رأيهم مع آراء أهل الإسلام ومقالات الإسلاميين لأنهم لا يصدرون في رأيهم هذا عن توجه إسلامي أصلا. والأولى أن تبحث مقالاتهم في كتب أصول الدين والملل والنحل لا أصول الفقه.
وبهذا ترى، والله أعلم، أن العلاقة بين ما أسميتها معارية المقاصد والواقعية هي التقابل لا التكامل.

إذن هل نستطيع أن نقول أخي الكريم

إدراك المقاصد غير اعتبارها
فالإدراك قد يكون عقلياً
أمّا اعتبارها معيارا فهو شرعي؟
 
إنضم
7 يوليو 2010
المشاركات
42
التخصص
العقيدة
المدينة
الطائف
المذهب الفقهي
الدليل
بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العاملين . والصلاة والسلام على رسولنا الأمين . وبعد :
إن النقاش والحوار مع المتخصصين اعتقد أن فيه فائدة الوصول إلى المطلوب الذي يتشوف إليه الطالبون ، أو على الأقل الوصول إلى حقيقة المشكلة دون غموض أو إلباس ؛ لأن التشخيص إذا لم يكن دقيقاً لم يكن الدواء مفيداً ، ولقد وجدتُ هذا الملتقى المتخصِّص في فقه المقاصد - بيئة مناسبة لطرح ما يدور في فكري من خلال البحث والمطالعة ؛ لكي أفيد وأستفيد ، ويشهد لذلك التفاعل من قبل السادة القراء وأصحاب السعادة أعضاء هيئة التدريس .
ولندع جانباً التنظير ، وإليكم فرعٌ فقهيٌ ، يُجَسِّد مشكلة العلاقة بين : الواقعية والمعيارية - في ضوء مقولة المقاصد :
مسألة رعي الدواب لحشيش الحرم ؛ مع ورود النهي عن ذلك ؛ وقيل به للحاجة لذلك ، ولا تبلغ حدَّ الضرورة ؛ لإمكان حمل الحشيش من خارج الحرم ، لكن مع المشقة البالغة .
توجيه الإشكال : عُمِل بالمصلحة في الواقع وهي الحاجة للرعي ؛ تخصيصاً لعموم النص المعياري .
لا يقال : إن هذه المصلحة تشهد لها النصوص ، فهي معيارية أيضاً - لأن النصوص لم تشهد لعينها ، بل شهدت لعكس عينها ، وهذا هو حد المصلحة الملغاة ؛ وإنما النصوص شهدت للجنس الأعلى ، وكان للعقل تعريفٌ لعين المصلحة في الواقع .
ولو كان مثل هذا الاعتراض مقبولاً لكان هو حجة لكل من يُقَدِّم المصلحة التي هي في الواقع على النص الذي هو المعيار ؛ إذ لا يعْدِم أن يقول في كل مصلحة يراها في الواقع : أن النصوص شهدت لجنسها الأعلى .


استفسار أخي الكريم
هل النهي الوارد في حشيش الحرم نهيٌ عن الرعي أم الجز؟
 
إنضم
3 يوليو 2010
المشاركات
53
الكنية
أبو عمر
التخصص
أصول الفقه
المدينة
الطائف
المذهب الفقهي
المذهب الحنبلي
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله الأعلى الأجل ، كلما التقى الأحبة ، والصلاة والسلام على حبيب الأحبة : محمد بن عبدالله ، النبي المصطفى ، وعلى آله وصحبه الأحبة . وبعد :
ازداد قرب الحوار من عقدة المسألة :
الواقعية والمعيارية هي أوصاف ، فمع التسليم بإمكان اجتماعهما – لكن متى يكون الواقع معياراً ؟ إذا سلم بإمكان أن يكون معياراً ، وإذا لم يسلم بذلك فلماذا لا يسلم بذلك مع إمكان الاجتماع ؟
وإذا سلم بكون إدراك المقاصد ، التي هي : المنافع في الواقع – بطريق العقل فلماذا لا تكون دليلاً في حال : الاكتفاء بعدم المعارضة للأصول - دون طلب أصلٍ شاهد – في التعريف بالمناسبة ؛ إذ لا فرق حينئذٍ : بين المناسبة في هذه الحال ، وبين المقاصد التي هي المنافع في الواقع : في كون طريق الإدراك عقلي ، وفي الماصدق ؛ حيث إن الماهية واحدة ، ومع هذا اعْتُبِرَتْ دليلاً ؟
هذا من الناحية التنظيرية ، أما من الناحية العملية :
فمع التسليم بكون :" إلا الإذخر، فإنا نجعله لقبورنا وبيوتنا" شاهد للجنس القريب للمصلحة – إلا أنه لعكسها ، لا لها ؛ بدليل الاستثناء للإذخر ، وتخصيصه بالذكر دون غيره ، فهذا يقوي مفهوم المخالفة إذا لم نقل : بأنه صريح في النفي والإثبات .
ولو قيل : بإلحاق المسكوت عنه للمستثنى بجامع الحاجة في كلٍ ، وهذا الجامع إنما هو : جنس الوصف في عين الحكم ، لا العين في العين ، ومقتضى الارتفاع للجنس القريب في العلة اطرادها بحكمها في جميع محالها ، التي هي : الأنواع لجنس الحاجة ، وحينئذٍ ارتفع حكم النص ، ولم يسلم منه إلا مواضع التحسينيات ، وهذه المواضع لا تظهر فيها التعظيم للبلد للحرام ، وإن اقْتُصِر على الاحتشاش ورد سؤال المطالبة باطراد العلة ، وإلا النقض ، أوبيان الفرق المؤثر .


 
إنضم
7 يوليو 2010
المشاركات
42
التخصص
العقيدة
المدينة
الطائف
المذهب الفقهي
الدليل
أخي الكريم
حفظك الله ورعاك

مسألة المقاصد وعلاقتها بالأحكام تقديماً وتأخيراً وإثباتاً ورفعاً هي شبيهة بمسألة العقل وموقفه من النص تقديماً وتأخيراً وقبولاً ورداً

ويتنازع باب المقاصد عدة مسائل كلامية تحتاج إلى تحرير لكن في مجال ماهو مطروح الآن قلت أخي الكريم:



الواقعية والمعيارية هي أوصاف ، فمع التسليم بإمكان اجتماعهما – لكن متى يكون الواقع معياراً ؟ إذا سلم بإمكان أن يكون معياراً ، وإذا لم يسلم بذلك فلماذا لا يسلم بذلك مع إمكان الاجتماع ؟


إطلاق لفظ " متى يكون الواقع معياراً؟ " لفظ مجمل فليس كل واقع يكون معياراً وفرق بين أن تكون المصلحة واقعاً وبين أن يكون كل ما في الواقع مصلحة.
ولذا فلابد من تحديد ماذا نقصد بقولنا أن المقاصد لها صفة الواقعية.
والذي يظهر لي أن المراد بواقعية المقاصد وجودها واتصالها بتحقيق صلاح شؤون الناس وحفظ ضرورياتهم ومن هنا لو تأملت الحصر في الضروريات الخمس لوجدت المنطلق من باب الحدود والتعزيرات إذ أحكام الحدود والتعزيرات تدور حول حفظ هذه الضروربات الخمس.
وعلى هذا فلا يكون الواقع معياراً في حين قد تكون المصلحة واقعاً ومعياراً.

والسؤال الصحيح في رأيي
متى تكون المقاصد معياراً؟

والجواب عليه:
أن المقاصد تكون معياراً إذا اعتبرها الشرع.

وهذا يقودنا للجزئية الأخرى حينما قلتَ

وإذا سلم بكون إدراك المقاصد ، التي هي : المنافع في الواقع – بطريق العقل فلماذا لا تكون دليلاً في حال : الاكتفاء بعدم المعارضة للأصول - دون طلب أصلٍ شاهد – في التعريف بالمناسبة ؛ إذ لا فرق حينئذٍ : بين المناسبة في هذه الحال ، وبين المقاصد التي هي المنافع في الواقع : في كون طريق الإدراك عقلي ، وفي الماصدق ؛ حيث إن الماهية واحدة ، ومع هذا اعْتُبِرَتْ دليلاً ؟


الكلام هنا في نقاط:

الأولى: باب المناسبة هو في الحقيقة باب من أبواب المقاصد يقول ابن عاشور يرحمه الله في متابه [ أليس الصبح بقريب ص 177 من طبعة دار السلام الأولى عام 1427هـ ] في معرض تعداد أسباب ضعف علم أصول الفقه:" الرابع: الغفلة عن مقاصد الشريعة فلم يدوّنوها في الأصول وإنما أثبتوا شيئاً قليلاً في مسالك العلة مثل مبحث المناسبة والإخالة والمصلحة المرسلة. ا.هـ"
وعليه فلا فرق بين المقاصد والمناسبة في اعتبارها دليلاً.

الثانية: اعتبار المقاصد دليلاً لا يكون إلا باعتبار المقصد شرعاً فمتى كان المقصد معتبر شرعاً كان دليلاً في حال عدم المعارض.

الثالثة: هناك فرق بين إدراك أن هذا منفعة وبين اعتبار تلك المنفعة شرعاً إذ ليس كل المنافع معتبرة شرعاً قال تعالى ( يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس ) ومع ذلك لم تعتبر تلك المنفعة شرعاً.
وعليه فمناط المعيارية في المقاصد: اعتبار ذلك المقصد شرعاً ولذا فإن الكلام في المقاصد لم يكن في أبواب العبادات على نحو ما هو عليه في أبواب المعاملات إذ باب الاجتهاد في الأخيرة أوسع يقول ابن عاشور يرحمه الله في كتابه [ مقاصد الشريعة الإسلامية ص 175 من طبعة دار النفائس الثانية عام 1421هـ بتحقيق محمد الطاهر الميساوي ] في معرض بيان سبب التأليف:" وإني قصدت في هذا الكتاب خصوص البحث عن مقاصد الإسلام من التشريع في قوانين المعاملات والآداب.ا.هـ"
وهذا التفريق موافق لمسلك السلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم إذ فرقوا بين إدراك الحسن والقبح وترتب الأثر عليهما فقالوا الإدراك بالعقل وترتب الأثر ( الاعتبار ) بالشرع، وخالف في ذلك كل من المعتزلة والأشاعرة، فقالت المعتزلة: أنهما - الادراك والاعتبار - عقليان وبنوا عليها وجوب فعل الأصلح على الله تعالى. وقالت الأشاعرة: أنهما شرعيان وبنوا عليها نفي النعليل والحكمة لأفعال الله تعالى.

أما مسألة رعي حشيش الحرم فقلت



فمع التسليم بكون :" إلاالإذخر،فإنا نجعله لقبورنا وبيوتنا" شاهد للجنس القريب للمصلحة – إلا أنه لعكسها ، لا لها ؛ بدليل الاستثناء للإذخر ، وتخصيصه بالذكر دون غيره ، فهذا يقوي مفهوم المخالفة إذا لم نقل : بأنه صريح في النفي والإثبات .


وكلامك هذا يصح لو كان النص في النهي عن الرعي أما لمّا كان دليل التحريم في الرعي هو القياس فهنا ننظر بين القياسين:
قياس النهي عن الرعي على النهي عن الجز، ودخول الإذن بالرعي ضمن مقصد تحقيق مصلحة حفظ المال
والقياس الأول قياس تمثيل، والقياس الثاني قياس شمول
وقياس الشمول أقوى في الدلالة من قياس التمثيل في علم المنطق

ومع ذلك فلست أرى أن المسألة لها علاقة بهذا الباب مطلقاً إذ لو كان الرعي منهيٌ عنه لنص عليه ولم يسكت عنه للحاجة إلى بيانه وترك البيان عند قيام الحاجة ليس من مسلكه عليه الصلاة والسلام.
فلما نص على تحريم الجزّ دل على بقاء ما عداه على أصل الحل.

وبهذا لا يرد في المسألة لا طرد علة ولا نقض.

وفي العموم باب المقاصد يحتاج إلى بحث وتحرير مسائل وما بحث في هذا الباب إلى الآن لا يفي ببيانه بياناً شافياً
 
التعديل الأخير:
إنضم
3 يوليو 2010
المشاركات
53
الكنية
أبو عمر
التخصص
أصول الفقه
المدينة
الطائف
المذهب الفقهي
المذهب الحنبلي
بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين . والصلاة والسلام على المصطفى الأمين . وبعد :
أستاذي العزيز :
محلُّ البيان السابق : في إمكان اجتماع وصفي : الواقعية والمعيارية ، لا في وجوبه ، فكون كل الواقع مصلحة خارجاً عن المحل .
وليس بفصْلٍ مطلق كون المصلحة معتبرة شرعاً ؛ إذ لا يَعْدِم من يُقَدِّم المصلحة التي هي في الواقع على النص الذي هو المعيار – أن يقول في كل مصلحة يراها في الواقع : أن المصلحة معتبرة شرعاً ؛ لكون النصوص شهدت لمطلق المصلحة .
ومن يقول : الفصل بالشهادة للجنس القريب يُشْكِل عليه اعتبار المناسبة في حال الاكتفاء بعدم المعارضة للأصول ، فلا أصل شاهد : لا قريب ولا بعيد ، ومثل هذا الحال في المناسبة هو المصلحة في الواقع ، وقد اعْتُبِرَتْ دليلاً ، سُمِّيَ ذلك : مناسبة ، أو مقاصد ، أو مصلحة في الواقع ؛ الماصدق واحد ؛ للاتحاد : في الماهية ، وفي دَرْكِها بالعقل .
ومحل الإشكال في الفرع الفقهي ، بعد التسليم بخروج الرعي عن عموم النهي : الاحتشاش ، وهو : الحز والقطع للبهائم ، وقد قيل : به ، فيرد فيه : طرد العلة ، والنقض ، وعلى فرض عدم التسليم بخروج الرعي ؛ لأنه بفعل المكلف ، وهذا يختلف عن السائبة – فإن القول : "الإذن بالرعي ضمن مقصد تحقيق مصلحة حفظ المال" عودٌ على كون مطلق كون المصلحة معتبرة شرعاً - ليس بفصل ، كما تقدم .
وأما تعارض : قياس الشمول ، وقياس التمثيل – فهذا محل أخَر ، يُجَسِّد مشكلة الواقعية والمعيارية في ضوء مقولة :"المقاصد" ، أرجو التكرم بإرجائه لحين الانتهاء من هذا الفرع الفقهي وأمثاله من الفروع ؛ لكيلا ينتشر الكلام .
 
إنضم
3 يوليو 2010
المشاركات
53
الكنية
أبو عمر
التخصص
أصول الفقه
المدينة
الطائف
المذهب الفقهي
المذهب الحنبلي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله الرحمن الرحيم . والصلاة والسلام على الرسول الأمين . وبعد :
إلى السادة القراء ، وأهل العلم الفضلاء ، والمتابعين النبلاء :
هل من : تعليق ، أو ملاحظة - قبل الانتقال لفرع فقهي آخر ، يُجَسِّد مشكلة العلاقة بين : الواقعية ، والمعيارية - في ضوء مقولة :"المقاصد" ؟
بـفـكركم نستــنير . وبـلـحـظـكم نستــفـيد .
 
إنضم
17 نوفمبر 2009
المشاركات
439
التخصص
باحث إسلامي
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
مستقل
المناقشة في الأمثلة وإن أفادت في التوضيح فإنها لا تنفع في التأصيل وبناء القواعد، وكما قالوا لا مشاحة في الاصطلاح فقد قالوا لا مشاحة في المثال [ .. ] إن رفع الحرج ـ كما لا يخفى عليكم ـ أصل كلي في الشريعة ثبت نصا ومعنى في عدد هائل من النصوص، وهذا أورثه قوة على تخصيص عمومات جميع النصوص الأخرى [ .. ] هو من باب تعارض عمومين أو قياس وعموم [ .. ] وحتى على فرض دخوله في العموم لفظا فقاعدة رفع الحرج قادرة على التخصيص، فكأن الحديث يقول: لا يختلى خلاها ولا يعضد شوكها إلا أن يلزم حرج (غير معتاد) من ذلك.
وهذا ينبغي أن يفهم على نفس مساق قاعدة الضرورة، فقاعدة الضرورة تَرِد قيدا على جميع النصوص حتى ما كان منها محرما بالعين كشرب الخمر مثلا، لكن الفرق بين الضرورة والحرج أن الضرورة أسهل في الضبط من الحرج لذلك لا يختلف الفقهاء في مسائل الضرورة بينما يختلفون في مسائل الحرج لاختلافهم في تحقق مناط الحرج غير المعتاد الذي تلزم معه الإباحة [ .. ] والنتيجة هي أن ما ارتد من المصالح إلى أصل مشهود له نصا ومعنى كقاعدتي الحرج والضرورة فجعله معيارا يخص به عموم النصوص الأخرى ليس من تقديم المصلحة على النص في شيء بل هو من باب تعارض عمومين قدم أقواهما اقتضاء للحكم [ .. ] وشهادة النصوص لمصلحة ما تحتاج إلى بيان وشروط في الاعتبار.
وحتى لو تيسر ذلك في مسألة بعينها فجنس المصلحة على درجات في البعد والقرب، وعادة ما ينظر الفقهاء إلى الجنس القريب لا البعيد، وكذلك عموم النص المتناول للواقعة محل التقاطع بين العموم والمصلحة هو على درجات في إفادة الظن وشمول الواقعة بحكمه، وفي مثل هذه المسائل يلجأ المجتهد عادة للترجيح بين مقتضى المصلحة ومقتضى ظاهر النص بحسب غلبة الظن [ .. ] والحاصل هو أن تحكيم المصلحة المشهود لها قطعا (كالحرج والضرورة) في ظواهر النصوص الأخرى ليس هو من باب معيارية الواقع دون النصوص بل هو من باب معيارية المصالح الواقعية التي اعتبرتها النصوص، وشتان بين الأمرين. وإذن، فالمعيار هو النص أولا وآخرا.
أما المصالح الأخرى المشهود لنوعها أو جنسها ظنا فيمكن القول بتعارضها مع ظواهر بعض النصوص كما قالوه في تخصيص العموم بالقياس وبالمصلحة، على أن الأمر في نهاية المطاف خاضع لموازنة المجتهد بين الظن الذي يثيره كل من الدليلين ومدى تناوله محل التعارض.
وهذا أيضا ليس من باب معيارية الواقع مجردا بل معيارية المصالح المشهود لنوعها أو جنسها القريب ظنا وهذا رد لها إلى النصوص، كما قلناه في النوع الذي قبله.

بيان نفيس من الأخ الكبير الكريم د/ أيمن صالح الذي أسأل الله أن يفتح عليه وبه
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
التعديل الأخير:

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله الرحمن الرحيم . والصلاة والسلام على الرسول الأمين . وبعد :
إلى السادة القراء ، وأهل العلم الفضلاء ، والمتابعين النبلاء :
هل من : تعليق ، أو ملاحظة - قبل الانتقال لفرع فقهي آخر ، يُجَسِّد مشكلة العلاقة بين : الواقعية ، والمعيارية - في ضوء مقولة :"المقاصد" ؟
بـفـكركم نستــنير . وبـلـحـظـكم نستــفـيد .
هناك ملاحظة أخي الكريم فيصل أرجو أن يتسع صدرك لها وهذا هو الظن بك.
حتى تكون مفهوما أكثر، أخي الكريم، حاول قدر الإمكان الابتعاد عن الألفاظ الطنانة الغريبة عن اللغة الأصولية، القريبة من اللغة الفلسفية المعاصرة مثل: واقعية، معيارية، مقولة المقاصد، وغير ذلك.
وبدل أن تقابل بين الواقعية والمعيارية وهو ما لا يفهم المقصود منه إلا بمشقة، يمكنك القول بلغة أسهل: ما هو معيار المصلحة: النص أم الواقع؟
والجواب على هذا ليس فيه إشكال عند الأصوليين:
المعيار هو النص إما بلفظه المباشر أو بمعقوله (العلة) أو بجنس معقوله (المصلحة)، وأما الواقع فيُستهدى به لاكتشاف العلة والمصلحة، فالشارع يقرر الحكم أولا ويربطه بمحل ما (فعل ما من أفعال المكلفين) ويأتي دور العقل بعد ذلك بالتأمل في وجه هذا الربط وما هي المصالح المجتلبة والمستدفعة به فيما لا يخرج عن شروط العلة من التأثير وعدم الانتقاض وعدم عودها على أصلها أو على نص آخر أظهر منها بالإبطال وغير ذلك. فإن شئت أن تسمِّي مثل هذا النظر تحكيما للواقع فلا غضاضة في ذلك لكن بشرط تحقق شروط التعليل المستقيم

 
إنضم
3 يوليو 2010
المشاركات
53
الكنية
أبو عمر
التخصص
أصول الفقه
المدينة
الطائف
المذهب الفقهي
المذهب الحنبلي

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على الرسول الأمين . وبعد
لما اعترض على قاعدة :" أن الحاجة لا تعتبر في موضع النص " بمسألة رعي حشيش الحرم وقطعه – أجيب : بأن التخصيص للنص بأدلة نفي الحرج القاطعة ، ورد : بأن النص على الإذخر في الاستثناء دليل عدم الحرج في غيره أو أن الحرج فيه يسير .
لا إنكار بين المستدل والسائل : للحرج المنفي بأدلة قاطعة ؛ وإنما المورد في : كون هذا حرج يقتضي النفي أولا ، فالمقدمة الأولى :"حرج منفي بأدلة قاطعة" متفق عليها ، والمقدمة الثانية : "هذا حرج يقتضي النفي" هي مورد النزاع . الأولى معلومة بالشرع . والثانية تعرف في أغلبها بالعقل ، وقد تعرف بالنقل ، لكن هنا الحنس القريب "إلا الإذخر"شاهد لعكسها كما تقدم .
وجه الإشكالية :
1- أن الاستدلال بمطلق المقدمة الأولى ليس بفصل كما تقدم . كيف ننفصل عمن يقول بمنع التعدد رفعاً للضرر عن الضرة ، ودفعاً للحرج عن الأمة في المحافل الدولية ، فإن أدلة رفع الضرر والحرج قطعية ، وهي أقوى ، فالأمر موازنة بين الأدلة ، وقدم الأقوى ، فلم يكن العمل إلا بجنس معقول النص ، وهو المصلحة ، هكذا يزعم ! فكيف ننفصل عنه إذا استدللنا بمطلق رفع الحرج الثابت بأدلة قطعية ، وأن هذا هو معقول النص ؟
2- إن كان النزاع في مسألة رعي حشيش الحرم وقطعه سائغ ، فيلزم منه كون طريقة الاستنباط لمن جوزه سائغة ، وهي طريقة من منع التعدد ، فكيف ننفصل عنه ؟

تنويه
المقاصد الشرعية ، فهي منسوبة للشرع ، ولذلك هي معيار ، ولكن هي منافع في الواقع فكيف كانت معيار ! هنا محل الإشكال : أن الواقع اعتبر معياراً ، ويشهد لذلك مسألة رعي حشيش الحرم وقطعه ، وليس بفصل مطلق المصلحة المعتبرة شرعاً كما تقدم .
واعتبار الواقع معياراً هي أخص من مسألة : "ما هو معيار المصلحة: النص أم الواقع" ، مع التسليم باندراجه تحتها ، فهي أعم منه ، وهو عقدتها .
وما هو عقدتها هو تُكْئَة الهادمين للدين : بقصد ، أو بدون قصد ، ولا بد من الخوض فيه ، لم أقصد الإغراب ، مع يقيني أن قارئي المنتدى هم من النخبة ، وليس هذا بإغراب عليهم .
 
إنضم
17 نوفمبر 2009
المشاركات
439
التخصص
باحث إسلامي
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
مستقل
يُمكن القول - باختصار شديد- بأن المقاصد هي لتنقيح المناط .. أما الواقع فهو لتحقيق المناط ..

المقاصد للفقه .. والواقع للتنزيل


والله أعلم
 
إنضم
17 نوفمبر 2009
المشاركات
439
التخصص
باحث إسلامي
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
مستقل
يُمكن القول - باختصار شديد- بأن المقاصد هي لتنقيح المناط .. أما الواقع فهو لتحقيق المناط ..

المقاصد للفقه .. والواقع للتنزيل


والله أعلم

أطرح هذا من باب المدارسة والمذاكرة ليس إلا .. لأنه ليس إلا خاطرة خطرت لي فأحببتُ إثباتها؛ طلباً للتحاور حولها و/أو تصحيحها ..
 
إنضم
3 يوليو 2010
المشاركات
53
الكنية
أبو عمر
التخصص
أصول الفقه
المدينة
الطائف
المذهب الفقهي
المذهب الحنبلي
بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين . والصلاة والسلام على المصطفى الأمين . وبعد :
الأستاذ العزيز : الشيخ يحي رضا جاد
ما تفضلتم بذكره محل اهتمامي ، ولي فيه تقليب تأمل ونظر ، ولعل الحوار فيما بعد هذا الفرع الفقهي يبدي شيئاً . أحيا الله بعلمكم البشر ، وأسأل الله تعالى : رضاه لكم ، وجوده عليكم .
 
إنضم
17 نوفمبر 2009
المشاركات
439
التخصص
باحث إسلامي
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
مستقل
بانتظاركم إن شاء الله .. وإنما فعلتُ ما فعلتُ إثراءً للموضوع؛ لمَّا وجدتُّ مشاركاتكم وتعليقاتكم الجيدة في عدد من الموضوعات .. وعندي إن شاء الله ما سأضيفه محرراً .. بانتظاركم.
 
إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
بارك الله في الشيوخ الكرام
فضيلة الشيخ الدكتور فيصل وفقه الله
حقيقة هذا الموضوع دقيق ومهم جداً لا سيما مع تلاطم الأمواج وضياع القادة إلا من شاء الله حتى أصبحت السفينة بلا قائد تضرب يمنة ويسرة ودخل في هذا الفن شرائح عدة لكني أضيف بعض الإضافة إلى ما ذكره الشيوخ الكرام بنقاط مختصرة لعلها تفيد في الموضوع وإلا فالموضوع متشعب فأقول :
أولاً :
هناك مجموعة من الكتب تكلمت في هذا الموضوع بكلام جيد ومفيد منها :
1 – كتاب الاجتهاد : النص – الواقع – المصلحة وهو حوار بين الدكتور أحمد الريسوني والأستاذ محمد جمال باروت وقد تكلم فيه الأستاذ الدكتور أحمد الريسوني حفظه الله بكلام جيد وتأصيلي لا يكاد يوجد في غير هذا الكتاب .
وينظر الكتاب هنا :

http://www.al-mostafa.info/data/arabic/depot2/gap.php?file=012654.pdf

2 – ضوابط اعتبار المقاصد في مجال الاجتهاد وأثرها الفقهي للدكتور عبد القادر حرز الله / مكتبة الرشد .
3 – نحو تفعيل مقاصد الشريعة للدكتور جمال الدين عطية .
4 – الحكم الشرعي بين أصالة الثبات والصلاحية ( دراسة أصولية ترصد دعاوى العصرانيين في ثبات الأحكام وتغيرها ) للدكتور عبد الجليل زهير ضمرة ( رسالة دكتوراه ) / دار النفائس .
5 - فقه المقاصد : إناطة الأحكام الشرعية بمقاصدها للدكتور جاسر عودة .

ثانياً :
أصول هذه المسألة ترجع إلى مسائل كبرى ومشهورة عند أهل العلم :
1 – تعارض العقل والنقل ومن أجله حصل بحث طويل بين أهل السنة والمتكلمين .
2 – التحسين والتقبيح العقليان .
3 – تعارض النص والمصلحة وكان أشهر من تكلم عن ذلك الطوفي وعلى كلامه حصل بحث طويل عند أهل العلم .

ثالثاً :
المصلحة الواقعية لا تخلو من حالتين :
الحالة الأولى : أن يوجد نص في المسألة .
الحالة الثانية : أن لا يوجد نص في المسألة .
والإشكال الواقع إنما هو في الحالة الأولى ؛ إذ الحالة الثانية أمرها سهل وحيث لا يوجد نص فهي قابلة للاجتهاد وليس فيها محذورات كبيرة .

رابعاً :
النظر إلى المصالح بالنسبة للمكلفين هل هو نظرٌ نفعيٌّ دنيويٌّ صرفٌ أو أنه نظرٌ مصلحيُّ مع تحقيق جانب التعبُّد لله عز وجل ؟
مما هو مسلَّم به أن الله عز وجل استخلفنا في هذه الأرض وخلقنا من أجل عبادته فكل ما فيها من مصالح إنما هو خادم لهذا لأصل وهو التعبُّد ، فالمصالح ينظر إليها ابتداءً من حيث هي تعبد لله عز وجل ولذا فإن أعظم المصالح الدنيوية وهي النفس تبذل من أجل مصالح الدين ومصالح الآخرة كما في الجهاد في سبيل الله .

خامساً :
ما هو معيار المصلحة في النصوص هل هو الجانب الشكلي ( واجب ومندوب ومباح ومحرم ومكروه ) أو الجانب الموضوعي ( عظم المصلحة ذاتها وعظم المفسدة ذاتها ) ومن ثم نقسم المصالح إلى ضروريات وحاجيات وتحسينيات بالنظر الشكلي أو الموضوعي أو أن المعيار الشكلي يقدم حيث وجد النص والمعيار الموضوعي يقدم حيث فقد النص ؟
لو رأينا كلام بعض أهل العلم في الموضوع ممن لهم بحث في هذا الباب كالعز بن عبد السلام والقرافي والشاطبي وغيرهم لوجدناهم تارةً يقدمون هذا وتارةً يقدمون ذاك وتارةً يجمعون بينهما لكنهم يلتفتون حال وجود النص غالباً إلى معيار الشكل وكأنه الحاكم والمقدم في تقدير المصلحة .

سادسا :
لماذا المعيار هو النصوص ؟
الجواب لعدة أسباب :
1 – أن النصوص معصومة .
2 – أن النصوص ربانية .
3 – أن النصوص تتسم بالشمول والثبات .
4 – أن جعل النصوص هو المعيار يدفع توهم التعارض بين المصلحة والنص .
5 – أن النصوص تراعي المصالح من حيث هي أوامر الشارع ومن حيث تحقق التعبد لله ومن حيث تحقق مصالح الخلق في الدارين .
6 – أن النصوص هي التي تقدر التفاوت بين المصالح والمفاسد وتأمر بجلب أعظم المصالح ودرء أعظم المفاسد وهي التي تدفع التعارض بينها بالجمع تارة والترجيح تارة أخرى .
7 – أن النصوص هي التي تقدر أحوال المكلفين من حيث تنزيل المصالح عليهم مع مراعاة أحوالهم وتقلب الأزمنة والأمكنة .

سابعاً :
الشريعة مصلحة والمصلحة شريعة .
مما هو متقرر ومجمع عليه بين أهل العلم قاطبة أن الشريعة جاءت بجلب المصالح ودرء المفاسد وأنها رحمة كلها وعدل كلها وحكمة كلها ومصلحة كلها .
وأما كون المصلحة شريعة فهذا ينبني على ما سبق من كون الشريعة كلها مصالح وهذا في المنصوص عليه وينبني على حجية المصلحة المشهود لجنسها في الشرع وتلائم مقاصد الشريعة وإن لم ينص عليها بعينها وهي ما تسمى بالمصلحة المرسلة .
ولقد كان العلماء السابقون على علم ودراية بما يمكن أن يحدث عند إطلاق القول بحجية المصالح المرسلة ولذلك لم يطلقوا القول بحجيتها بل ضبطوها بضوابط من أهمها الارتباط بالنص من حيث اعتبار الجنس ومن حيث ملائمة الشريعة ومقاصدها ومن حيث كون القائل بها من أهل الاجتهاد الذين ارتووا بعلوم الشريعة وعرفوا نفس الشرع .
ولذلك نجد كثيراً من العلماء يشترطون في المجتهد أن يكون عالما بمقاصد الشريعة ذا استقراء لنصوصها حتى يتمكن من معرفة المصالح والمفاسد والموازنة بينها .
يقول العز بن عبد السلام - مشيراً إلى جانب التتبع والاستقراء وما يحققه ذلك لمن قام به - : " ومن تتبع مقاصد الشرع في جلب المصالح ودرء المفاسد، حصل له من مجموع ذلك اعتقاد أو عرفان بأن هذه المصلحة لا يجوز إهمالها، وأن هذه المفسدة لا يجوز قربانها، وإن لم يكن فيها إجماع ولا نص ولا قياس خاص ، فإن فهم نفس الشرع يوجب ذلك " قواعد الأحكام ( 2 / 160 )
ولو نظرنا أيضاً إلى كلامهم عن مقاصد الشريعة فإنا لا نجد العلماء السابقين يفردونها كدليل محتج به استقلالاً بل يرونها مندرجة ضمن أدلة التشريع ولذا قل أن تجد من ينصُّ على حجية المقاصد وإنما يعبرون عن ذلك بمراعاة واعتبار والتفات ونحو ذلك مما يدل على أنها لا تستقل بالحجية .

وأخيراً شيخنا الكريم فيصل أقول :
الفروع الفقهية التطبيقية لما تريد تأصيله كثيرة منها ما هو مروي عن الصحابة ومنها ما هو مروي عن الأئمة الأربعة .
 
التعديل الأخير:
إنضم
3 يوليو 2010
المشاركات
53
الكنية
أبو عمر
التخصص
أصول الفقه
المدينة
الطائف
المذهب الفقهي
المذهب الحنبلي
الأستاذ القدير : د.أبو حازم الكاتب
مستشار الملتقى الأصولي
شاكراً بذلكم من وقتكم ، ومُثَمِّناً مَنْحُكم من جهدكم – في إفادتي حول ما استشكل علي فهمه ، وما انغلق علي مسائله ، وأخصُّ إفادتكم لي بكاتبين ، عَزَّ عليّ وجودُها ، وهما :
· مسالك الكشف عن المقاصد بين الشاطبي وابن عاشور ، لعبدالمجيد النجار .
· الاجتهاد : النص والواقع والمصلحة ، حوار بين : الدكتور أحمد الريسوني ، والأستاذ محمد جمال باروت .
الأول منهما كان في مشاركتكم في غير موضوعي ، وهأنتم في الثاني تبذلون : ما أظن أنه أخذ من وقتكم الكثير ، ومن جهدكم الشيء الكبير ؛ ويأتي دورنا في قطف الثمرة ، بدون عناء وتعب .
كنت أقطف ما بحث في هذين الكتابين من بساتين الكتب والبحوث التي نقلت عنهما ، ولكن الآن سأدخل بستانيهما مباشرة بدون واسطة .
الأستاذ القدير : د.أبو حازم الكاتب
مستشار الملتقى الأصولي
ما تفضلتم بذكره محلُّ عنايتي ، ولقد أَوْفَقَتْ الحقيقةُ بيننا في كثير مما ذكرتم إلا في بعض المواطن ، التي أظن أنها هي مَحَزُّ الأمر ، ومَقْطَع الكلام ؛ وأطلب منكم إمهالي مدة للنظر ، ولا يَعْجَل جنابكم عليّ .
 
أعلى