العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

أبغض الحلال مقال نادر لــ سيد قطب.

إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
المصدر:
الشبكة الإسلامية
ولا يوجد إلا عندها
أبغض الحلال
مقال
للأستاذ: سيد قطب


والطلاق؟ إنه صمام الأمن في هذه الخلية. إنه أبغض الحلال إلى الله ولكنه مكروه تبيحه الضرورة، تحقيقاً للسلام الحقيقي في جو البيت حين يعزّ السلام عن كل طريق سواه. وأنه لاعتراف بالمنطق الواقع الذي لا تجدي في إنكاره حذلقات المتحذلقين، ولا تدفع وجوده كذلك أحلام الشعراء. إن هنالك حالات واقعية تتعذر فيها الحياة الزوجية، فإمساك الزوجين على هذا الرباط مرغمين لا يؤدي إلى خير، ولا ينتهي إلى سلام.
والإسلام لا يسرع إلى رباط الزوجية المقدس فيفصمه لأول وهلة، ولأول بادرة من خلاف. إنه يشد على هذا الرباط بقوة، ويستمسك به في استماتة، فلا يدعه يفلت إلا بعد المحاولة واليأس والمحال.
إنه يهتف بالرجال: (وعاشروهُنَّ بالمعروفِ، فإنْ كرهْتُموهنّ فعسى أن تَكَرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً). (النساء: 19). . فيميل بهم إلى التريث والمصابرة حتى في حالة الكراهية، ويفتح لهم تلك النافذة المجهولة: (فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً).. فما يدريهم في هؤلاء النسوة المكروهات خيراً. وأن الله يدخر لهم هذا الخير فلا يجوز أن يفلتوه, إن لم يكن ينبغي لهم أن يستمسكوا به ويعزوه! وليس أبلغ من هذا في استحياء الانعطاف الوجداني واستثارتهن وترويض الكره وإطفاء شرته.
فإذا تجاوز الأمر مسألة الكره والحب إلى النشوز والنفو، فليس الطلاق أول خاطر يهدي إليه الإسلام، بل لا بد من محاولة يقوم بها الآخرون، وتوفيق يحاوله الخيرون: (وإن خفتمْ شقاق بينهما فابعثوا حَكماً من أهلهِ وحَكَماً من أهلها، إن يريدا إصلاحاً يوفق اللهُ بينهما. إن الله كان عليماً خبيراً) (النساء35).
فإذا لم تجد هذه الوساطة، فالأمر إذن جد، وهنالك ما لا تستقيم معه هذه الحياة، ولا يستقر لها قرار. وإمساك الزوجين على هذا الوضع إنما هو محاولة فاشلة، يزيدها الضغط فشلاً. ومن الحكمة التسليم بالواقع؟ وإنهاء هذه الحياة على كره من الإسلام، فإن أبغض الحلال إلى الله الطلاق. ولعل هذه التفرقة تثير في نفس الزوجين رغبة جديدة لمعاودة الحياة، فكثيراً ما نتفقد الشيء بعد أن نفقده، ونرى حسناته عندما نحرمه. والفرصة لم تضع: (الطلاقُ مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان)(البقرة229) . على أن الطلاق يجب ألا يقع في فترة الحيض. بل ينبغي أن يقع في طهر لم يكن فيه وطء. وهذه مهلة يمد فيها الإسلام، عسى أن يسكن الغضب إن كان هو الذي يوحي بالطلاق.. ثم هناك فترة العدة في حالة الدخول بالزوجة، بعد الطلاق الأول، ثلاثة أشهر على وجه التقريب إن لم يكن هناك حمل، وحتى الوضع إن كان وعليه أن ينفق عليها في هذه الفترة ولا يقتر في النفقة. وفي خلالها يجوز له إن كان قد ندم أن يراجع زوجه، وأن يستأنفا حياتهما بلا أي إجراء جديد. فهو طلاق رجعي، والحياة الزوجية قابلة للاستئناف بأيسر الأسباب.
فإذا تركت مدة العدة تمضي دون مراجعة، صار الطلاق بائناً. ولكن الفرصة بعد لم تضع، وفي استطاعتهما أن يستأنفا هذه الحياة متى رغبا، ولكن بعقد جديد.
وتلك هي التجربة الأولى، وهي تكشف لكلا الزوجين عن حقيقة عواطفهما، وعن جدية الأسباب التي انفصلا بسببها. فإذا تكررت هذه الأسباب أو جدّ سواها، ولندفع الزوج إلى الطلاق مرة أخرى، فعندئذ لا تبقى سوى فرصة واحدة، هي الثالثة. وفي الثانية نذير. فإذا وجدا أن الحياة مستطاعة من جديد، وإذا كشفا في مشاعرهما عن بقية من ود، أو عن دفين من حب، عاودا هذه الحياة.
فأما إذا كانت الثالثة، فالعلة إذن عميقة، والمحاولة غير مجدية. ومن الخير له ولها أن يجرب كل منهما طريقه، ومن الخير كذلك أن يتلقى الزوج إن كا عابثاً أو متسرعاً نتيجة عبثه أو تسرعه: (فإن طلقها فلا تحلُ له من بعدُ حتى تنكح زوجاً غيره) . (البقرة: 230) ، لا على طريقة "المحلل" الشائعة، والتي لا يعترف بها الإسلام، ولا تقرها شريعته. ولكن على أن تتزوج زواجاً حقيقياً جديداً، منوياً فيه التأبيد لا التوقيت. فإذا حدث لأمر ما أن طلقت من زوجها الجديد أومات عنها، فلزوجها الأول أن يتزوجها من جديد. وأن يستأنفا معاً رحلتهما في الحياة.
ولا يجوز أن تنسى في هذا المجال توصيات الإسلام في كل خطوة وفي كل مرحلة بحسن المعاملة وتوفية النفقة، تأليفاً للقلوب النافرة في فترة العدة، فقد يعود إليها ودها، وتجبر شعوبها، وتستأنف الحياة صافية من جديد: (وإذا طلقتمُ النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروفٍ أو سرحوهن بمعروف ولا تُمسكوهن ضراراً لتعتدواً، ومن يفعلْ ذلك فقد ظلم نفسه) (البقرة231). (يا أيها النبي إذا طلقتمُ النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العِدَّة، واتقوا الله ربكم، لا تخرجوهنَّ من بيوتهن، ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة. وتلك حدود الله . ومن يتعدَ حدود الله فقد ظلم نفسه، لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً. فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف، وأشهدوا ذوي عدل منكم وأقيموا الشهادة لله. ذلك يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، ومن يتق الله يجعل له مخرجاً، ويرزقه من حيث لا يحتسب) . (الطلاق: 1، 2) .
ثم لا يجوز أن ننسى كذلك أن للمرأة أن تشرط أن تكون العصمة بيدها، فيكون لها من الحق ما للرجل في هذا المجال عند الاقتضاء.
ذلك هو الطلاق في الإسلام.. صمامة أمن لا تنطلق إلا حيث لا يكون مفر من انطلاقها، ومحاولة بعد محاولة في التوقي والاستصلاح والمراجعة، وفرصة بعد فرصة تكشف للزوجين عن حقيقة مشاعرهما، وعن أخطائهما في السلوك أو أخطائهما في التقدير، أو أخطائهما في الشعور.
ففيمَ إذن تلهج حناجر عابثة جاهلة بنقد هذا النظام أو عيبه أو تشويهه؟ يقولون: إنه نظام يدع المرأة دائماً مهددة بكلمة تخرج من شفتي رجل!
أهو كذلك في حقيقته الإسلامية؟ أم إنه صار كذلك بانفلات القلوب من عروة الإسلام، وانفلات المجتمع من نظام الإسلام، وانفلات الحكم من يد الإسلام؟
إن أبغض الحلال إلى الله الطلاق. وإنه لمكروه تبيحه الضرورة. فإذا فسدت القلوب، وانحلت الأخلاق، ورخصت الروابط، وفشا الاستهتار، فالمجتمع الفاسد هو المسؤول لا ذلك النظام البصير الحكيم. والعلاج لا يكون بتقييد المباح وتحريم الحلال، ولكن يكون برد الحكم والتنظيم والتربية إلى الإسلام، وعندئذ يصوغ الإسلام المجتمع كله وفق تعاليمه. فتشريعات الإسلام مشروعه لمجتمع يحكمه الإسلام، ولنظام يقوم على الإسلام، ولضمير رباه الإسلام.
دعوا الإسلام يحكم، فيربي النفوس، ويوقظ الضمائر، ويضرب على أيدي العابثين والمستهترين، ويحقق إرادة الإسلام كلها ومن بينها شرائع الإسلام.
على أنني أفترض أن قد تم تقييد الطلاق، في مجتمع كمجتمعنا الزائغ المريض. فما الذي تبتغيه المرأة بنفسها وبكرامتها؟ أفتريد أن يلفظها الرجل من قبله فيمسكها القانون عليه؟! أفتريد أن يعبث بطلاقها فلا تطلق، وتبقى على العبث بها مقحمة في الدار؟! أية كرامة تلك التي يريدها للمرأة نساء فارغات عابثات، أراد الله لهن الكرامة فأبينها وانطلقن شاردات رخيصات؟!
إن الزواج رابطة مقدسة، لا تقوم إلا على الرضى والقبول، ولا تستمر إلا بالرضا والقبول. ونظام الطلاق هو الكفيل ببقائها قائمة على أصولها الكريمة. فإذا انفصمت عراها بعد هذا كله، فمعنى انفصامها أنها غير صالحة للبقاء، وأنه خير للزوجين حينئذ وأكرم أن يركنا إلى حياة أخرى جديدة: (وإن يتفرقا يغنِ الله كلاً من سَعته، وكان الله واسعاً حَكيماً).
http://www.islamweb.net/ver2/archive/readArt.php?id=12549
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
http://www.mmf-4.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=3493
حكم الطلاق مع استقامة الحال:

الحكم التّكليفيّ للطّلاق :
اتّفق الفقهاء على أصل مشروعيّة الطّلاق ، كما اتفقوا على أنه تعتريه الأحكام وذلك بحسب الظّروف والأحوال الّتي ترافقه فيكون واجباً ومحرما ومستحبا ومكروها بيد أنهم اختلفوا في مسألتين:
المسألة الأولى: هل يكون مباحاً أو لا؟
وهذه المسألة سيأتي تناولها إن شاء الله على هذا الرابط:
http://www.mmf-4.com/vb/showthread.php?p=3493#post3493

المسألة الثانية: الحكم الأصليّ للطّلاق.
وقد نحى أهل العلم في هذه المسألة على اتجاهين:
الاتجاه الأول: أنّ الأصل في الطّلاق الإباحة، وقد يخرج عنها في أحوال، وإليه ذهب الجمهور.
الاتجاه الثاني: أنّ الأصل فيه الحظر ، ويخرج عن الحظر في أحوال وإليه ذهب الحنفية في الصحيح عندهم وهو رواية عن الإمام أحمد.
والمقصود بالأصل هو في حال استقامة الحال بين الزوجين ولا حاجة فيه إلى الطلاق فهنا الخلاف فذهب الجمهور إلى الإباحة وعبر الحنابلة بالكراهة والحكم بالكراهة مندرج في الإباحة من جهة أنه لا إثم على فاعله ، ومن جهة أخرى إذا ما قابلنا بين الإباحة والتحريم فإن الكراهة بل والاستحباب والوجوب كلها تندرج في الِإباحة، باعتبار صورة الفعل فهي جائزة الفعل وإن كان قد يختلف الحكم في هذا الجواز، فيجوز لي أن أعمل هذا العمل لكن قد يكون على جهة الإباحة الأصلية وقد يكون على جهة الاستحباب وقد يكون على جهة الوجوب، وهذا معنىً معروف عند الأصوليين.
سبب بحث المسألة: هو هذا النقل:
"قال الوزير: أجمعوا على أن الطلاق في حال استقامة الزوجين مكروه، إلا أبا حنيفة قال: هو حرام مع استقامة الحال."
فأحببت التأكد ومعرفة اتجاهات أهل العلم في هذه المسألة مع عموم البلوى فيها وما قد يقع من التساهل في الطلاق بدعوى أنه مكروه فقط.
وسيكون تناول هذه المسألة بالبحث في كل مذهب على حدة
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
نقل آخر من نفس الرابط السابق:
يقول السرخسي في المبسوط:
وإيقاع الطلاق مباح وإن كان مبغضا في الأصل عند عامة العلماء.
ومن الناس من يقول لا يباح إيقاع الطلاق إلا عند الضرورة:

قال أبو فراس:
نحاول الآن أن نرسم سير الإمام السرخسي في بحث هذه المسألة من خلال القراءة السابقة:
1- إيقاع الطلاق مباح وإن كان مبغضا في الأصل عند عامة العلماء.
2- أن من الناس من يقول: لا يباح إيقاع الطلاق إلا عند الضرورة
3- ساق السرخسي أدلة من قال إن الطلاق لا يباح إلا عند الضرورة.
4- نقل السرخسي بكل إنصاف أجوبة هؤلاء عما قد يعترض عن الأدلة التي أقاموا عليها حكمهم في هذه المسألة.
5- وفي نهاية البحث أجاب السرخسي عن أدلة هذا القول بخمسة طرق:
الطريقة الأولى: الاستدلال بالسنة الفعلية للنبي صلى الله عليه وسلم من طلاقه من غير سبب.
الطريقة الثانية: الاستدلال بعمل الصحابة من الطلاق بغير سبب.
الطريقة الثالثة: الاستدلال بالمعنى وهو أن الطلاق إزالة الملك بطريق الإسقاط فليكن مباحاً.
الطريقة الرابعة: الاستدلال بالتنظير: تنظير مسألة الطلاق على مسألة الإعتاق.
الطريقة الخامسة: الاستدلال بالموجب: وهو أن الطلاق وإن كان فيه معنى كفران النعمة من وجه فإن فيه معنى إزالة الرق من وجه آخر.
وإلى هذا التزاوج بين هذين المعنيين أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله : { وإن أبغض المباحات عند الله تعالى الطلاق } "فقد نص على أنه مباح لما فيه من إزالة الرق ومبغض لما فيه من معنى كفران النعمة."


قال المرغيناني في شرح الهداية:
( قوله : والمشروعية في ذاته ) جواب عن قوله : والمشروعية لا تجامع الحظر .
ووجهه: أن المشروع لذاته لا يجوز أن يكون محظورا لذاته أما إذا كانت المشروعية لذاته والحظر لمعنى في غيره كما ذكرنا من فوات مصالح الدين والدنيا فلا تنافي إذ ذاك كالبيع وقت النداء والصلاة في الأرض المغصوبة وقد قررناه في التقرير ، وكذا إيقاع الثنتين في الطهر الواحد بدعة لما قلنا : إنه لا حاجة إلى الجمع بين الثلاث.
قال أبو فراس:
خلاصة جواب المرغيناني مع حاشية البابرتي على قول الشافعي من إطلاق إباحة الطلاق لصحة وقوعه سواء كان مفرقا أو مجمعا= هو ما يلي:
أنهم ينازعون الشافعي في أصل قوله، فالشافعي يرى أن الأصل الإباحة وهم يرون أن الأصل الحضر لجملة من المعاني.
أن الطلاق إنما أبيح للحاجة.
أن استدلال الشافعي على إطلاقه إباحة الطلاق بأنه مشروع لا يصح لأن هذا إنما يكون لو أننا قلنا: إنه مشروع لذاته ومحظور لذاته، أما ونحن نقول – أي الأحناف – إنه مشروع لذاته ومحظور لغيره بجملة من المعاني فلا يرد ما ذكر.
قال أبو فراس:
وهذا الكلام من الأحناف ليس تراجعا عن قولهم: إن الأصل في الطلاق الحظر، فإنه يصح أن يتمسكوا بهذا الأصل مع قولهم – بل هو محل اتفاق - إن الطلاق مشروع من حيث الجملة لكن إذا خلا الطلاق من الأسباب الداعية له فإنه يكون محرما لتفويته مصالح الدين والدنيا.



قال الكمال ابن الهمام في فتح القدير:
وأما وصفه: فهو أبغض المباحات إلى الله تعالى على ما رواه أبو داود وابن ماجه عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال { إن أبغض المباحات عند الله الطلاق } فنص على إباحته وكونه مبغوضا وهو لا يستلزم ترتب لازم المكروه الشرعي إلا لو كان مكروها بالمعنى الاصطلاحي، ولا يلزم ذلك من وصفه بالبغض إلا لو لم يصفه بالإباحة لكنه وصفه بها ؛ لأن أفعل التفضيل بعدما أضيف إليه ، وغاية ما فيه أنه مبغوض إليه سبحانه وتعالى ولم يترتب عليه ما رتب على المكروه .


خلاصة النقل عن الكمال ابن الهمام:
الطلاق أبغض المباحات ولا يستلزم الوصف بالبغض الكراهة الشرعية لأنه وصف كذلك بالمباح فهو أبغض المباح.
قال ابن عابدين:
وأما ما رواه أبو داود أنه صلى الله عليه وسلم قال: ( أبغض الحلال إلى الله عز وجل الطلاق ) فالمراد بالحلال ما ليس فعله بلازم الشامل للمباح والمندوب والواجب والمكروه كما قاله الشمني ( بحر).
قلت: لكن حاصل الجواب أن كونه مبغوضا لا ينافي كونه حلالا، فإن الحلال بهذا المعنى يشمل المكروه وهو مبغوض، بخلاف ما إذ أريد بالحلال ما لا يترجح تركه على فعله، وأنت خبير أن هذا: الجواب مؤيد للقول الثاني، ويأتي بعده تأييده أيضا، فافهم.
وأجاب في البحر: بأن هذا الأصل لا يدل على أنه محظور شرعا، وإنما يفيد أن الأصل فيه الحظر وترك ذلك بالشرع فصار الحل هو المشروع، فهو نظير قولهم: الأصل في النكاح الحظر، وإنما أبيح للحاجة إلى التوالد والتناسل، فهل يفهم منه أنه محظور فالحق إباحته لغير حاجة طلبا للخلاص منها للادلة المارة اه.
أقول: لا يخفى ما بين الاصلين من الفرق، فإن الحظر الذي هو الاصل في النكاح قد زال بالكلية، فلم يبق فيه حظر أصلا إلا لعارض خارجي بخلاف الطلاق، فقد صرح في الهداية بأنه مشروع فيه ذاته من حيث إنه إزالة الرق، وأن هذا لا ينافي الحظر لمعنى في غيره، وهو ما فيه من قطع النكاح الذي تعلقت به المصالح الدينية والدنيوية اه.
فهذا صريح في أنه مشروع ومحظور من جهتين، وأنه لا منافاة في اجتماعهما لاختلاف الحيثية كالصلاة في الارض المغصوبة، فكون الاصل فيه الحظر لم يزل بالكلية بل هو باق إلى الآن، بخلاف الحظر في النكاح فإنه من حيث كونه انتفاعا بجزء الآدمي المحترم واطلاعا على العورات قد زال للحاجة إلى التوالد وبقاء العالم.
وأما الطلاق فإن الاصل فيه الحظر، بمعنى أنه محظور إلا لعارض يبيحه، وهو معنى قولهم: الاصل فيه الحظر والاباحة للحاجة إلى الخلاص، فإذا كان بلا سبب أصلا لم يكن فيه حاجة إلى الخلاص، بل يكون حمقا وسفاهة رأي ومجرد كفران النعمة وإخلاص الايذاء بها وبأهلها وأولادها، ولهذا قالوا: إن سببه الحاجة إلى الخلاص عند تباين الاخلاق وعروض البغضاء الموجبة عدم إقامة حدود الله تعالى، فليست الحاجة مختصة بالكبر والريبة كما قيل، بل هي أعم كما اختاره في الفتح، فحيث تجرد عن الحاجة المبيحة له شرعا يبقى على أصله من الحظر، ولهذا قال تعالى: * (فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا)([1]) أي لا تطلبوا الفراق، وعليه حديث أبغض الحلال إلى الله عز وجل الطلاق قال في الفتح: ويحمل لفظ المباح على ما أبيح في بعض الأوقات: أعني أوقات تحقق الحاجة المبيحة ا.ه.
وإذا وجدت الحاجة المذكورة أبيح، وعليها يحمل ما وقع منه صلى الله عليه وسلم ومن أصحابه وغيرهم من الأئمة صونا لهم عن العبث والإيذاء بلا سبب، فقوله في البحر: إن الحق إباحته لغير حاجة طلبا للخلاص منها، إن أراد بالخلاص منها الخلاص بلا سبب كما هو المتبادر منه فهو ممنوع لمخالفته لقولهم: إن إباحته للحاجة إلى الخلاص، فلم يبيحوه إلا عند الحاجة إليه لا عند مجرد إرادة الخلاص، وإن أراد الخلاص عند الحاجة إليه فهو المطلوب.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
هذه تلخيص لموضوع مدارسة حكم الطلاق عند استقامة الحال
فؤاد يحيى هاشم;3596 قال:
وسبق النقل عن السرخسي في المبسوط أن:
"إيقاع الطلاق مباح وإن كان مبغضا في الأصل عند عامة العلماء"
وإن قول بقية الأحناف: إن الأصل في الطلاق الحظر
لا يبعد عن الصواب
فأمر الطلاق متردد بين التحريم والكراهة الشديدة
والمتأمل في النصوص الشرعية ورغبتها عن الطلاق إلا في أضيق الأحوال وعند انعدام فرص الحل فإننا ندرك هذا المعنى إضافة إلى المعاني التي ذكرها أهل العلم في مفاسد الطلاق عند استقامة الحال ومن غير موجب، لاسيما ما ذكره الأحناف القائلين : إن الأصل في الطلاق الحظر.
ولعلنا نتأمل النصوص الشرعية الواردة في الطلاق فيما ذكرناه في هذا الموضوع والمقال المذكور للأستاذ سيد قطب "أبغض الحلال" على هذا الرابط:
http://www.mmf-4.com/vb/showthread.php?t=520

وهنا مسألة مهمة:
وهو أن أحكام أهل العلم على حكم الطلاق هو من الجهة التجريدية
والأحوال تتغير
فكان في القديم مثلا: المرأة تطلق اليوم وما ان تنتهي عدتها حتى تتجمل للخطاب وتتزوج.
وكانت المرأة الكبيرة تطلق وتتزوج ولم يكن الزواج قاصرا على المتعة وإنما للألفة أو لعقل المرأة أو لأنها طلقت ولا زوج لها....
أما اليوم فقد تغير الحال فقد امتلأت البيوت بالأبكار العوانس ولا تكاد تتزوج الصغيرة فكيف بالكبيرة المطلقة.
ولذا فإن الضرر الحاصل اليوم بالطلاق كبير جدا.
فإن المرأة إذا لم تتزوج اليوم فإنها قد تتزوج غدا.
لكن إذا تزوجت ثم طلقت فإن المصيبة عليها كبيرة والخطب شديد، ومن يبحث عن مطلقة ثيب، وعنده الأبكار .
والذي يتزوج فإنه لا يكاد يتزوج إلا واحدة للظروف الاجتماعية اليوم
ولذا فهو يحرص أشد الحرص على أن تكون صغيرة بكرا...
ومن كل ما سبق وما نسيته أكثر
نعرف أن تطليق النساء اليوم من غير سبب موجب له شأنه عظيم وخطره شديد.
ولذا فلا نتساهل فيه لاسيما مع أرباب الأموال ممن لا يرقبون في الناس إلا ولا ذمة
فربما تزوجها اليوم ورغب عنها غدا.
ويتركها تعاني آلام الحياة لوحدها
أما هو فيذهب بأنانيته وماله إلى حيث يشتهي.
ولذا فالفقير اليوم لا يكاد يطلق لأنه يفكر في المهر وتبعة الطلاق....

ولا بد أن نفرق بين الحكم الشرعي المجرد وبين الفتوى النازلة على الواقعة المعينة.
والله الهادي إلى سواء السبيل
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
http://www.mmf-4.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=3404
الموضوع: حكم الطلاق: الروض المربع مع حاشيته وتعليق الشيخ ابن عثيمين والعلوان


قال في الروض المربع:


يباح الطلاق للحاجة كسوء خلق المرأة والتضرر بها مع عدم حصول الغرض.


ويكره الطلاق لعدمها أي عند عدم الحاجة لحديث "أبغض الحلال إلى الله الطلاق" ولاشتماله على إزالة النكاح، المشتمل على المصالح المندوب إليها.


ويستحب للضرر أي لتضررها باستدامة النكاح في حال الشقاق وحال تحوج المرأة إلى المخالعة ليزول عنها الضرر وكذا لو تركت صلاة أو عفة أو نحوهما.


ويجب الطلاق للإيلاء على الزوج المولي إذا أبى الفيئة.


ويحرم للبدعة.



قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرحه على زاد المستقنع في أول كتاب الطلاق (حسب الأشرطة)([3]):


الطلاق تجري عليه الأحكام الخمسة والأصل فيه الكراهة والدليل قوله تعالى: "فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم" ففي الطلاق قال: (فإن الله سميع عليم) ففيه تهديد، وفي الفيئة قال: (فإن الله غفور رحيم ).


أما حديث (أبغض الحلال إلى الله الطلاق ) فهو ضعيف كما أنه لا يصح معنى.


وفي الحاشية: رواه أبو داود وابن ماجه ورجاله ثقات... وإنما يكون مبغوضا من غير حاجة إليه وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم حلالا.


قال العلوان: أخرجاه (يعني أبا داود وابن ماجه ) من طريق محارب بن دثار عن ابن عمر مرفوعا، ورجح أبو حاتم وغيره إرساله وأن ذكر ابن عمر غلط، فالصواب أنه من مراسيل محارب بن دثار.

 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
الخلاصة:
هناك اتجاهان لأهل العلم:
الاتجاه الأول: تضعيف الحديث سندا ومتنا.
الاتجاه الثاني: تصحيح الحديث، وتوسيع معنى الحلال ليشمل المكروه حيث إننا لو قسمنا الأحكام الشرعية إلى حلال ومحرم
فإن المكروه يندرج في الحلال، بل والمندوب والواجب كلها تندرج في قسم الحلال
فالقسمة الخماسية للأحكام ترجع بهذا الاعتبار إلى قسمة ثنائية:
الأول: المحرم.
الثاني: الحلال: وهو يشتمل على المباح والمندوب والواجب
أو حمل الحل على جهة أصل الحل، والبغض على جملة من صوره إن لم تكن غالبها
ولو تأملنا في النقولات السابقة لخرجنا بأكثر مما ذكرت، وعلى من نشط أن يتأمل ويضيف.
 
إنضم
23 مارس 2008
المشاركات
677
التخصص
الحديث وعلومه
المدينة
برمنجهام
المذهب الفقهي
شافعي


أفدت وأجدت شيخنا أبا فراس أضيف فقط:
أن الحديث رواه أبو داود في سننه من طريق محمد بن خالد عن معرف بن واصل عن محارب عن ابن عمر وهي رواية الوصل هذه و هي أقوى طرق رواية الحديث متصلة، والراجح فيها أنها مرسلة لا تصح متصلة، ، فقد رواه عن معرف أحمد بن يونس ووكيع بن الجراح ويحيى ابن بكير عن معرف عن محارب مرسلا ، ورواية هولاء الثلاثة أصح من رواية محمد بن خالد الواهبي السابقة المتصلة لإنهم أكثر عددا وأقوى حفظاً فهم ممن احتج بهم الشيخان، ولا يقوى محمد بن خالد الواهبي على مخالفتهم، بل تقديم أبي داود للرواية المرسلة مشعر بضعف الرواية المتصلة عنده والله أعلم.
وقد رجخ رواية الإرسال الإمامان الناقدان أبو حاتم الرازي وأبو الحسن الدارقطني كمافي عللهما، وصحح البيهقي إرساله، وكذا الخطابي وابن المنذر، وهو ظاهرعبارة ابن حجر في الفتح والبلوغ، وابن الجوزي أورده في العلل المتناهية، ونصر هذا القول الشيخ الألباني في الإرواء وغيره.
وصحح وصله الحاكم والذهبي وبعض المتأخرين كالسيوطي ورأيت فتوى اللجنة الدئمة للأفتاء في السعودية على هذا.

أما معناه فأضيف إلى ما أضافه الشيخ المبارك أبو فراس جملة من أقوال أهل العلم من شراح الحديث:
1- قال الحافظ في الفتح : "
وَحَذَفَ اِبْن بَطَّالٍ مِنْ التَّرْجَمَة قَوْله " مَنْ طَلَّقَ " فَكَأَنَّهُ لَمْ يَظْهَر لَهُ وَجْهه ، وَأَظُنّ الْمُصَنِّف قَصَدَ إِثْبَات مَشْرُوعِيَّة جَوَاز الطَّلَاق وَحَمَلَ حَدِيث " أَبْغَضُ الْحَلَال إِلَى اللَّهِ الطَّلَاقُ " عَلَى مَا إِذَا وَقَعَ مِنْ غَيْر سَبَب ، وَهُوَ حَدِيثٌ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ ، وَأُعِلَّ بِالْإِرْسَالِ ،
2-وقال النووي في شرحه على مسلم معلقا على هذا الحديث:
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لْيَتْرُكْهَا حَتَّى تَطْهُر ثُمَّ تَحِيض ثُمَّ تَطْهُر ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْد وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْل أَنْ يَمَسّ فَتِلْكَ الْعِدَّة الَّتِي أَمَرَ اللَّه أَنْ يُطَلَّق لَهَا النِّسَاء )
"دَلِيل عَلَى أَنَّهُ لَا إِثْم فِي الطَّلَاق بِغَيْرِ سَبَب لَكِنْ يُكْرَه لِلْحَدِيثِ الْمَشْهُور فِي سُنَن أَبِي دَاوُدَ وَغَيْره ، أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " أَبْغَض الْحَلَال إِلَى اللَّه الطَّلَاق " ، فَيَكُون حَدِيث اِبْن عُمَر لِبَيَانِ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ وَهَذَا الْحَدِيث لِبَيَانِ كَرَاهَة التَّنْزِيه .
ثم يقول النووي "قَالَ أَصْحَابنَا الطَّلَاق أَرْبَعَة أَقْسَام : حَرَام وَمَكْرُوه وَوَاجِب وَمَنْدُوب ، وَلَا يَكُون مُبَاحًا مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ .
إلى أن يقول:"وَأَمَّا الْمَكْرُوه فَأَنْ يَكُون الْحَال بَيْنهمَا مُسْتَقِيمًا فَيُطَلِّق بِلَا سَبَب وَعَلَيْهِ يُحْمَل حَدِيث " أَبْغَض الْحَلَال إِلَى اللَّه الطَّلَاق " .

3- وقد أورد هذا الاستشال الذي ذكرته صاحب عون المعبود وأورد الجواب عليه، قال صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( أَبْغَض الْحَلَال إِلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ الطَّلَاق )
: قِيلَ كَوْن الطَّلَاق مَبْغُوضًا مُنَافٍ لِكَوْنِهِ حَلَالًا ، فَإِنَّ كَوْنه مَبْغُوضًا يَقْتَضِي رُجْحَان تَرْكه عَلَى فِعْله ، وَكَوْنه حَلَالًا يَقْتَضِي مُسَاوَاة تَرْكه لِفِعْلِهِ .
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَاد بِالْحَلَالِ مَا لَيْسَ تَرْكه بِلَازِمٍ الشَّامِل لِلْمُبَاحِ وَالْوَاجِب وَالْمَنْدُوب وَالْمَكْرُوه ، وَقَدْ يُقَال الطَّلَاق حَلَال لِذَاتِهِ ، وَالْأَبْغَضِيَّة لِمَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ مِنْ اِنْجِرَاره إِلَى الْمَعْصِيَة .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ اِبْن مَاجَهْ ، وَالْمَشْهُور فِيهِ الْمُرْسَل وَهُوَ غَرِيب . وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي رِوَايَة اِبْن أَبِي شَيْبَة يَعْنِي مُحَمَّد بْن عُثْمَان عَنْ عَبْد اللَّه بْن عُمَر وَلَا أُرَاهُ يَحْفَظهُ.
.
4- وقال السندي في حاشيت"قَوْله ( أَبْغَض الْحَلَال )
أَيْ أَنَّهُ تَعَالَى شَرَعَ وَوَضَعَ عَنْهُ الْإِثْم لِمَصَالِح النَّاس وَإِنْ كَانَ فِي ذَاته أَبْغَض لِمَا فِيهِ مِنْ قَطْع الْوَصْلَة وَإِيقَاع الْعَدَاوَة وَرُبَّمَا يُفْضِي إِلَى وُقُوع الطَّرَفَيْنِ فِي الْحَرَام وَلِذَلِكَ هُوَ أَحَبُّ الْأَشْيَاء إِلَى الشَّيْطَان فَيَنْبَغِي لِلْإِنْسَانِ تَرْكُ الْإِكْثَار مِنْهُ وَالِاقْتِصَار عَلَى قَدْر حَاجَته وَاَللَّه تَعَالَى أَعْلَم.
5- ويقول ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى "وَالطَّلَاقُ فِي الْأَصْلِ مِمَّا يُبْغِضُهُ اللَّهُ وَهُوَ أَبْغَضُ الْحَلَالِ إلَى اللَّهِ وَإِنَّمَا أَبَاحَ مِنْهُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ النَّاسُ كَمَا تُبَاحُ الْمُحَرَّمَاتُ لِلْحَاجَةِ ؛ فَلِهَذَا حَرَّمَهَا بَعْدَ الطَّلْقَةِ الثَّالِثَةِ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ عُقُوبَةً لَهُ لِيَنْتَهِيَ الْإِنْسَانُ عَنْ إكْثَارِ الطَّلَاقِ
6- وقال الصنعاني في سبل السلام"( وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أَبْغَضُ الْحَلَالِ إلَى اللَّهِ الطَّلَاقُ } .
رَوَاهُ أَبُو دَاوُد ، وَابْنُ مَاجَهْ ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ ، وَرَجَّحَ أَبُو حَاتِمٍ إرْسَالَهُ ) وَكَذَا الدَّارَقُطْنِيُّ ، وَالْبَيْهَقِيُّ رَجَّحَا الْإِرْسَالَ .
الْحَدِيثُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ فِي الْحَلَالِ أَشْيَاءَ مَبْغُوضَةً إلَى اللَّهِ تَعَالَى ، وَأَنَّ أَبْغَضَهَا الطَّلَاقُ فَيَكُونُ مَجَازًا عَنْ كَوْنِهِ لَا ثَوَابَ فِيهِ ، وَلَا قُرْبَةَ فِي فِعْلِهِ ، وَمَثَّلَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الْمَبْغُوضَ مِنْ الْحَلَالِ بِالصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ لِغَيْرِ عُذْرٍ ، وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَحْسُنُ تَجَنُّبُ إيقَاعِ الطَّلَاقِ مَا وَجَدَ عَنْهُ مَنْدُوحَةً ، وَقَدْ قَسَّمَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الطَّلَاقَ إلَى الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ فَالْحَرَامُ الطَّلَاقُ الْبِدْعِيُّ وَالْمَكْرُوهُ الْوَاقِعُ بِغَيْرِ سَبَبٍ مَعَ اسْتِقَامَةِ الْحَالِ ، وَهَذَا هُوَ الْقِسْمُ الْمَبْغُوضُ مَعَ حِلِّهِ .
7- أما الشوكاني فيقول"كَوْنَهُ أَبْغَضَ الْحَلَالِ لَا يَسْتَلْزِمُ أَنْ يَكُونَ مَكْرُوهًا كَرَاهَةً أُصُولِيَّةً"
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
بارك الله فيك أبا عبد الله على الإضافات المتميزة
لكن أحب أن تذيل إضافاتك وفوائدك المطولة بتلخيصها:
فتقول هنا مثلا:
والخلاصة في الحديث : أن غالب الأئمة على الحكم عليه بالإرسال ونزع بعض أهل العلم إلى تصحيح الرواية الموصلة والأول أقوى.
ومن صححه :
فإنه يفسر البغض بما لا ينافي الحل
أو يفسر الحل بما لا ينافي البغض والكراهة
أو يحمل البغض على الأصل إذا كان لغير سبب، ويحمل الحل على ما كان لسبب
ومن الأول: وهو من فسر البغض بما لا ينافي الحل الشوكاني فإنه قال لا يلزم البغض الكراهة الأصولية. فهو مباح لكنه مبغوض من غير كراهة.
ومن الثاني: من فسر الحل بما لا ينافي البغض: فإنه يوسع دائرة الحل ليشمل الكراهة بناء على أن المكروه لا إثم فيه فهو حلال بهذا الاعتبار
...................
وهذه الطريقة يستعلمها كثيرا ابن تيمية رحمه الله وفائدتها أنها تجمع لك أطراف المسألة وتلمها، ثم تنطلق منها إلى ما أردته من سياقها لشاهد أو تمهيد أو اعتبار أو حتى استطراد.....
ولها فائدة أخرى: أنها تظهر لك بعض العقد في المسألة، فإنك إذا جئت تختصر فإنه يشترط له أن تكون قد ألممت بالفكرة تماما، فإذا جئت تختصر استعصت عليك أحيانا بعض الأفكار لما فيها من العقد فيدعوك ذلك لحلها
 

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,147
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
ما شاء الله
جزاكم الله خيراً جميعاً ...
استمتعت واستفدت ...
أثابكم الله ...
 

عاشور

:: مخالف لميثاق التسجيل ::
إنضم
27 أبريل 2008
المشاركات
87
جزاكم الله خيراعلى هذا النقاش المميز
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
بارك الله فيكم
 
إنضم
18 يونيو 2008
المشاركات
166
التخصص
فقه وتشريع
المدينة
الضفة الغربية
المذهب الفقهي
مذهب الائمة الاربعة (اذا صح الحديث فهو مذهبي)
بارك الله فيك اخي الفاضل وجزيت كل خير
 
إنضم
21 مايو 2009
المشاركات
116
الجنس
ذكر
الكنية
أبو البراء
التخصص
الفقه وأصوله
الدولة
الأردن
المدينة
عمّان
المذهب الفقهي
الشافعي
بارك الله في الجميع
وجعل كل ما بيّنتموه في ميزان حسناتكم يوم القيامة
 

طارق موسى محمد

:: متفاعل ::
إنضم
5 أغسطس 2009
المشاركات
411
الإقامة
الاردن
الجنس
ذكر
التخصص
محاسبة
الدولة
الاردن
المدينة
الزرقاء
المذهب الفقهي
الحنفي
جزاكم الله خيرا على هذه المعلومات
 

تمارا محمد علي

:: متابع ::
إنضم
17 مارس 2010
المشاركات
34
التخصص
تربية إسلامية
المدينة
نابلس
المذهب الفقهي
الحنفي
بارك الله فيكم ...وجزاكم عنا كل الخير
 
إنضم
30 مايو 2010
المشاركات
8
التخصص
طبيب
المدينة
الشرقية
المذهب الفقهي
حنبلي
جزاكم الله خيرًا ، معشر الأخوة
وبارك فيكم،وعلمنا وإياكم مما يشاء
 
أعلى