العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

شرح كتاب الزكاة من (عمدة الفقه) للإمام الموفَّق ابن قُدامة

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
( كتاب الزكاة )



· الزكاة لغة : النماء والزيادة، والتطهير.
وشرعاً : حق واجب في مال خاص لطائفة مخصوصة في وقت مخصوص.

وهي قرينة الصلاة في القرآن العظيم ، وهي ثالث أركان الإسلام ، وقد جاء التأكيد على فرضيتها والوعيد على تركها ومنعها؛ فقال الله تعالى: } وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأنفُسِكم فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ { ، وقال النبي r: ( من آتاه الله مالاً فلم يؤدِّ زكاته مُثِّلَ له يوم القيامة شجاعاً أقرع[1] له زبيبتان[2]، يُطوَّقه يوم القيامة ثم يأخذ بِلِهْزِمَتَيْهِ يَعْنِي شِدْقَيْهِ، ثُمَّ يَقُول أَنَا مَالُكَ أَنَا كَنْزُك ). البخاري، وقال r: ( ما من صاحب بقر ولا غنم لا يؤدي حقها إلا أُتِي بها يوم القيامة تطؤه بأظلافها وتنطحه بقرونها ) مسلم، وقاتل أبو بكرٍ الصدِّيق رضي الله عنه مانعيها. فعلى المسلم أن يُعنى بها، وأن يخرجها طيبةً بها نفسُه ابتغاءَ مرضاة الله تعالى، وكل مالٍ أُدِّيَت زكاتُه دَرَّت بركاتُه.

شروط وجوب الزكاة :
1-الإسلام. فلا تجب الزكاة على كافر أصلي ولا مرتد.
2-الحرية. فلا تجب على عبد مملوك؛ لأن ما في يده لسيده. قالوا: وتجب على مَن بعضُه حُرٌّ.
3-ملك النصاب. فلا تجب في مالٍ لم يبلغ النصابَ الذي قدَّره الشرع.
وليس الركاز داخلاً في هذا، فتجب الزكاة في قليله وكثيره؛ لشبهه بالغنيمة.
4-تمام المِلْك. فلا تجب الزكاة في دَين المكاتَب[3]، ولا في حصة المضارِب من الربح قبل القسمة[4]، ولا في مالٍ موقوفٍ على غير معيَّن، ولا في دَين على مماطل أو جاحد أو مُعسِر، ولا في أموال الجمعيات التبرعية المُرصَد للديات ونحوها، ولا فيما اشتراه للتجارة قبل أن يقبضه، ولا في المهر قبل الدخول إذ هو عُرضةٌ للسقوط بالطلاق، فلا تزكيه المرأة حتى تملكه ويستقر الملك.
5-مُضِيُّ الحول إلا في الخارج من الأرض فلا يشترط؛ لأن حولها حصادُها، وكذلك الحكم في نماء النصاب من نِتاج سائمة وربح تجارة ([5])، فإن حولهما حول أصلهما إن كان نصاباً ولم ينقص عنه طيلة الحول.
والحول: اثنا عشر شهراً قمرياً.

الأموال التي تجب فيها الزكاة أربعة أنواع :
1- السائمة من بهيمة الأنعام. والسائمة : التي ترعى أكثر الحول.
2- الخارج من الأرض.
3- الأثمان ( الذهب والفضة، وما كان في حكمهما ) .
4- عروض التجارة ( المال المعد للبيع والشراء ) .

*مسألة : هل تجب الزكاة في مال الصبي والمجنون ؟
مذهب الحنابلة: وجوبها، وفاقاً لجمهور أهل العلم، وهو الحق إن شاء الله تعالى، والدليل على ذلك: عموم النصوص الدالة على وجوب الزكاة في الأموال، ولحديث: ( اتَّجِروا في أموال اليتامى لا تأكلها الصدقة ) عند الطبراني في الأوسط وهو ضعيف، لكنه صح موقوفاً عن ابن عمر رضي الله عنهما، وكما أن الحقوق المالية عليهما لازمة للعباد بالاتفاق فكذلك حق الله تعالى بالزكاة.
أما حديث: ( رُفِع القلم عن ثلاثة ) فالمراد به رفع الإثم والوجوب عليهم؛ والزكاة إنما تجب في ماليهما، لا عليهما بل على وليهما.

----
( 1 )الشجاع: الحية الذَّكَر، والأقرع: هو الذي لا شعر على رأسه لكثرة سمـه وقيل: هو الذي ذهب جلد رأسه أو ابيضَّ لكثرة السُّم.

( 2 ) قِيلَ: هُمَا النُّكْتَتَانِ السَّوْدَاوَانِ فَوْق عَيْنيه، وَقِيل: نُقْطَتان منتفختان يَكْتَنفانِ فَاهُ، وَقِيلَ غَيْر ذَلِك. وهو أخبث أنواع الحيات.

( 3 ) المكاتَب: المملوك الذي كاتبَ سيدَه على أن يعتقه بأقساط مالية. وإنما لم تجب الزكاة عليه لأن ملكه للمال غير مستقر؛ فقد يعجز عن أداء المال المتفق عليه فيعود عبداً مملوكاً ويصبح ماله لسيـده، ويسقط الدَّين.

( 4 ) لأنه لا يملكها على رواية، وعلى رواية أخرى: يملكها ملكاً غير مستقر.

( 5 ) قال الشيخ البسام: [ يعني أن أولاد بهيمة الأنعام يكون حولها حول أماتها، فلا ينتظر بها الحول إذا ولدت في أثنائه، وكذلك ربح مال التجارة حوله حول أصله، ولو أن الربح لم يمضِ على حصوله حولٌ كامل ]. وذكر الشيخ العثيمين مثالاً : لو أن رجلاً اتجر بمائة آلف ريال ، وفي أثناء الحول ربح خمسين ألفاً فيزكي الخمسين إذا تم حول المائة ( تضم إلى المائة وتخرَج الزكاة ) .
 
التعديل الأخير:
إنضم
1 نوفمبر 2009
المشاركات
220
الكنية
أبو جنة الحنبلي
التخصص
التاريخ و الآثار
المدينة
الشارقة
المذهب الفقهي
حنبلي
جزاكم الله خيراً
ونفع بك
وهناك مسألة هل مانع الزكاة كافر ؟ وذلك لأننا قرناها بالصلاة فتاركها كافر ( جحوداً أو تكاسلاً )
وإذا كان كافراً فهل هو كافر كفر مخرج من الملة أم لا ؟
وإذا لم يكن كافراً فما وجه الإرتباط بين الزكاة والصلاة ؟ وما هى حجة سيدنا أبو بكر فى محاربته لمانعى الزكاة ؟​
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
باب ( زكاة السائمة )



السائمة : هي التي ترعى أكثر الحول؛ فلا تجب الزكاة في المعلوفة التي يُجمَع لها ما تأكله أو يُشتَرى لها.
ويشترط أن تكون من بهيمة الأنعام (الإبل ، والبقر ، والغنم)، وأن تُتَّخذ للدَّرِّ والنسل، لا للعمل أو التجارة.
فإن كانت عوامل كالأبقار التي يحرث بها فلا زكاة فيها، وإن كانت معدة للبيع والشراء فزكاتها زكاة عروض التجارة على ما يأتي قريباً إن شاء الله تعالى.

النوع الأول : الإبل :
ويبين الجدول الآتي ما يتعلق بزكاتها، وقد قَدَّرها رسول الله r، وبيَّنها أبو بكر الصدّيق t في كتابه لأنس t حين وجَّهَه إلى البحرين. البخاري.



الأنصباء


مقدار الزكاة الواجبة

0-4
لا زكاة فيها
5-9
شاة
10-14
شاتان
15-19
ثلاث شياه
20-24
أربع شياه
25-35
بنت مخاض ( لها سنة من الإبل )
36-45
بنت لبون ( لها سنتان )
46-60
حِقَّة ( لها ثلاث سنين )
61-75
جَذَعَة ( لها أربع سنين )
76-90
بنتا لبون
91-120
حِقتان
121-129
ثلاث بنات لبون




ثم تستقر الفريضة؛ ففي كل خمسين: حِقَّة ، وفي كل أربعين: بنت لبون .
فمثلاً : 130 من الإبل = ( 50 + 40 + 40 )
ففيهما : حقة واحدة، وبنتا لبون .
و 140 من الإبل = ( 50 + 50 + 40 )
ففيهما : حقتان، وبنت لبون .

تنبيهات :
1- إذا بلغت الإبل مائتين اتفق الفرضان فيخرج :
4 حقاق = ( 50 + 50 + 50 + 50 )
أو 5 بنات لبون = ( 40 + 40 + 40 + 40 + 40 ) ، فيخيَّر بين أحدهما .

2- من وجبت عليه سن فعَدِمها، فله أن يُخرِج أعلى منها بسَنَة ويأخذ شاتين أو عشرين درهماً .. وله أن يخرج أدنى منها بسنة ومعها شاتان أو قيمة الشاتين -وكانت قيمتها عشرين درهماً – جبراناً .
مثاله : لو وجبت عليه حقَّة ، وليس عنده حقة ، جاز له أن يخرج جذعة ويُعطي شاتين أو قيمتهما، أو أن يخرج بنت لبون ومعها شاتان أو قيمتهما .
و [ لا مدخل للجبران إلا في الإبل ].


3- لا شيء في الوَقْص -وهو ما بين الفريضتين- في سائمة بهيمة الأنعام
فخمس من الإبل فيها شاة كما تقدم، وعشر فيها شاتان، وما بين الخمس والعشر عفو
فالتسع من الإبل -مثلاً- فيها شاة أيضاً لأنها لم تبلغ الفريضة التالية، وهي العَشر.
 
التعديل الأخير:
إنضم
12 يناير 2010
المشاركات
863
الجنس
ذكر
الكنية
أبو مُـعـاذ
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
خميس مشيط
المذهب الفقهي
حنبلي

د. أريج الجابري

:: فريق طالبات العلم ::
إنضم
13 مارس 2008
المشاركات
1,145
الكنية
أم فهد
التخصص
أصول الفقه
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
المذهب الحنبلي
بارك الله فيكم شيخنا الفاضل استفدنا من هذا الشرح الواضح وكتب الله لكم الأجر.
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
النوع الثاني : البقـر :
وهي مقدَّرة في حديث معاذ t : بعثني رسول الله r إلى اليمن، وأمرني أن آخذ من كل ثلاثين من البقر تَبِيعاً أو تبيعة، ومن كل أربعين مُسِنَّة.
وقد أجمع أهل العلم على العمل بما فيه، على خلاف بينهم في نصابها.
ومن مفردات المذهب: إيجاب الزكاة في بقر الوحش، والرواية الأخرى : أنها لا تجب إلا في البقر الأهلية ؛ لأنها هي المجزئة في الأضحية ، ولأن اسم البقر عند الإطلاق لا ينصرف إلا إليها ، وليست بقر الوحش من بهيمة الأنعام وهذا هو الصحيح، وعليه الجمهور .



الأنصباء
مقدار الزكاة الواجبة
0-29
لا زكاة فيها


30-39
تبيع أو تبيعة ( لها سنة من البقر )


40-59

مسنة ( لها سنتان )





ثم تستقر الفريضة ؛ ففي كل ثلاثين : تبيع ، وفي كل أربعين : مسنة .
فمثلاً : 60 من البقر =( 30+30) ؛ فيهما : تبيعان .
70 من البقر = ( 30+40) ؛ فيهما : تبيع ومسنة .
90 من البقر = ( 30+30+30 ) ؛ فيهما : ثلاثة أتباع .
100 من البقر = (40+30+30 ) ؛ فيهما : مسنة وتبيعين .

تنبيه :
إذا بلغ البقر مائة وعشرين اتفق الفرضان ، فيخرج :
3 مُسِنَّات = ( 40+40+40 )
أو 4 أتباع = (30+30+30+30 ) فيخيَّر بين أحدهما .
 
التعديل الأخير:

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
الإخوة والمشايخ الفضلاء الكرام: مصطفى، عبد المحسن، فهد..
الأخت الفاضلة والأستاذة الكريمة المتخصصة

جزاكم الله خيراً، وبارك فيكم، وأثابكم


هذا الشرح في أصله كان تيسيراً وتقريباً للعمدة؛ لذا فمسائل البحث وذكر الخلافيات ليس هو المقصود ابتداءً فيه. حفظكم الله

وباختصار: تارك الزكاة لا يكفر -على معتمد المذهب وفاقاً للجمهور- ما لم يجحد فرضيتها.
ومن أدلة عدم كفره ما جاء في خبر الذي لا يؤدي زكاته في الأنعام والذهب والفضة من أنه: ثم يرى سبيله إما إلى جنة أو إلى نار.

وللنقاش في هذا.. يرجى فتح موضوع جديد، والله يرعاكم.
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
النوع الثالث :الغنـم :
وتشمل الضأن والمعز ، فيضم بعضهما إلى بعض لأنهما من نوع واحد .



الأنصباء


مقدار الزكاة الواجبة

0-39
لا زكاة فيها
40-120
شاة
121-200
شاتان
201-399
ثلاث شياه
400-499
أربع شياه
وهكذا؛ ففي كل مائة شاه


فمثلاً: 500 من الغنم فيها خمس شياه.

قال المصنف رحمه الله : ( ولا يؤخذ في الصدقة تيس ) لأنه فحل الغنم، فلا يجوز أخذه لأن في ذلك إضراراً بمالكه، فإن لم يكن التيسُ فحلاً لها فإنه يكون فاسد اللحم، ( ولا ذات عَوَار ) وهي عوراء العين، وقيل: هي المعيبة مطلقاً، ( ولا هَرِمة ) وهي المُسِنَّة التي سقطت أسنانها من الكِبَر، (ولا الرُّبّاء) ويقال الرُّبَّى وهي التي تربي ولدها الذي وَضَعَته قريباً، ( ولا الماخِض ) وهي الحامل، ( ولا الأَكُولة ) وهي السمينة؛ لأن في ذلك إضراراً بالمالك إلا أن يشاء إخراجها طيبة به نفسه .
( ولا يؤخذ شِرار المال ولا كرائمه ) بل يأخذ من أواسطه؛ لقوله r: ( وإياك وكرائمَ أموالهم ) مخاطباً معاذاً t حين بعثه إلى اليمن ، ( إلا أن يتبرع به أرباب المال ) فيؤخذ.

مسألة : يجب أن يخرج في زكاة السائمة كلها أناثي، فلا يجوز إخراج الذكر إلا في إحدى ثلاث أحوال:
1- في الثلاثين من البقر يجوز إخراج التبيع .
2- يجوز إخراج ابن لبون إذا لم يجد بنت مخاض في خمس وعشرين من الإبل إلى الخمس والثلاثين.
3- إذا كان نصاب زكاته كله ذكوراً فيخرج ذكراً، ولا يكلف ما ليس عنده .

( ولا يخرج إلا جذعة من الضأن ) وهي ما تم لها ستة أشهر، ( أو ثَنِيَّة من المعز ) وهي ما تم لها سنة، ( والسن المنصوص عليها إلا أن يختار ربُّ المال إخراجَ سن أعلى من الواجب ) ففي الثلاثين من البقر مثلاً تبيع – كما جاء في النصوص – إلا أن يختار صاحبها إخراج مسنة فله ذلك. ( أو تكون كلها صغاراً فيخرج صغيرة ) فلا إجحاف بصاحب المال، ولا يكلَّف بإخراج الزكاة مما ليس عنده.

مسألة : إن كان في الماشية صِحاح ومراض، وذكور وإناث، وصغار وكبار أخرج صحيحة كبيرة قيمتها على قدر المالين ، أي : أنه يخرج صحيحة تكون قيمتها متوسطة بينهن - أعني أقل من الصحاح وأعلى من المراض - وكذا الصغار.

مسألة : الخُلْطة :
قال المصنف: ( وإن اختلط جماعة في نصاب من السائمة حولاً كاملاً وكان مرعاهم ومحلهم ومبيتهم ومَحْلبهم ومشربهم وفحلهم واحداً، فحكم زكاتهم حكم زكاة الواحد ) كما لو اشترك ثلاثة في خليط غنمٍ مجموعُه مائة وعشرون، وكان لكل واحد منهم أربعون شاة، لَزِم في الخليط كله شاة واحدةبخلاف ما لو لم يكونوا مختلطين؛ فإن على كل واحد منهم شاة. ولو اشترك ثلاثة في خليط، فكان لكل واحد منهم خمس عشرة شاة، لزم إخراج شاة عن الجميع بخلاف ما لو لم يكونوا مختلطين؛ فلا زكاة على واحد منهم لعدم بلوغ النصاب[1]؛ فالخلطة لها تأثير في الزكاة إيجاباً وإسقاطاً، وتغليظاً وتخفيفاً.
والأصل في ذلك حديث أنس t في كتاب الصدقات: ( ولا يُجمَع بين متفرِّق، ولا يُفرَّق بين مجتمِع خشيةَ الصدقة، وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسَّوِيَّة ) البخاري.
واشترطوا لذلك ما يلي:
1- أن يبلغ المجموع نصاباً.
2- أن يكون الخليطان من أهل الزكاة.
3- أن يختلطا ويشتركا في الراعي والمسرح والمراح والمحلب والمشرب والفحل(2).
4- أن يختلطا في جميع الحول.
5- أن تكون الخلطة في السائمة، فلا تأثير للخلطة في غيرها؛ لاختصاص النص بها.

قال: ( وإذا أخرج الفرض من مال أحدهم رجع على خُلَطائه بحِصَصِهم ) أهـ
---------
( 1 ) حاشية الشيخ البسام على عمدة الفقه.
( 2 ) المسرح: مكان اجتماعها لتذهب إلى المرعى، والمُراح: مكان بياتها والمكان الذي تأوي إليه، والمحلب: موضع الحلب. فإذا اشتركت في كل ما ذكر مع بقية الشروط كانت خلطة مؤثرة تصيِّر المالين مالاً واحداً.
 
التعديل الأخير:

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
باب ( زكاة الخارج من الأرض )


قال الله تعالى: } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ { .

( وهو نوعان :
أحدهما : النبات؛ فتجب الزكاة منه في كل حب وثمر يُكال ويُدَّخَر ) فكل نبات لا يكال ولا يصلح للادخار كالفواكه والخضراوات فإن الزكاة غير واجبة فيه؛ ودليل ذلك: أن الشرع جعل نصابها بالأَوسُق، فأفاد أن كل ما لا يدخله التوسيق لا تؤخذ منه زكاة.

ونصابه : خمسة أوسق بعد التصفية والجفاف.
( الوَسْق: ستون صاعاً، والصاع: أربعة أمداد، فيكون النصاب بالكيلو جرامات قرابة 750 ) .

ومقداره :
العُشْر --> فيما سُقِي من السماء والسيوح( المياه الجارية على وجه الأرض كالأنهار ) .
نصف العشر( [1] ) --> فيما سُقِي بكُلفة ومؤونة كالدوالي( الدواليب التي تديرها الأبقار أو النواعير التي يديرها الماء ) والنواضح( الإبل التي يستسقى عليها ) فيحتاج في سقيها إلى صرف أموال لاستخراج الماء.
فقد جاء من حديث ابن عمر t مرفوعاً : ( فيما سقت السماء والعيون أو كان عَثْرِيّاً[2] العُشر ، وما سُقِي بالنضح نصف العشر ) البخاري.

( وإذا بدا الصلاح في الثمار واشتد الحب ) بأن تَحْمَرَّ أو تَصْفَرَّ الثمرة، وإمكان كسر الحبة ( وجبت الزكاة ) ولا يشترط له حول.
( ولا زكاة فيما يكتسبه من مُباحِ الحب والثمر ) فلو وجد حباً أو ثمراً متروكاً أو بأرض غير مملوكة فلا زكاة فيه، ( ولا فيما يأخذه أجرةً لحصاده ) فلا يخرج زكاة الثمر الذي يعطى له كأجرة على حصده للزرع والثمر.

مسألة : لو كان عنده نصف نصاب من البُر مع نصف نصاب من الدُّخن فلا زكاة عليه، ولا يضم هذا النصف للآخر في تكميل النصاب ، إلا أن يكون صنفاً واحداً ؛ فلو كان عنده نصف نصاب من تمر العجوة فإنه يكمل به النصاب مع نصف نصاب من تمر البرني ويخرج الزكاة كأنهما نصاب واحد .. مُخْرِجاً عن كل نوع زكاته ؛ فيخرج من هذا ومن هذا على التساوي؛ لِتساوي مقداريهما[3] .

( النوع الثاني : المعدن ) وهو كل متولد في الأرض من غير جنسها ليس بنبات، ( فمن استخرج نصاباً من معدن ) بأن كان من الذهب أو الفضة فيخرج ربع عشر عينه، وسيأتي نصابهما قريباً بإذن الله تعالى ( أو ما قيمته ذلك من الجواهر أو الكحل أو الصُّفْر ) النحاس ( أو الحديد أو غيره فعليه الزكاة ) على المذهب بإخراج ربع عشر القيمة، ولا يُشترط له حول؛ لأنه خارج من الأرض.

فيخرج ربع العشر من عينِـه إن كان أثماناً- ذهباً أو فضةً خارجين من الأرض – ومن قيمته إن كان غير أثمان. ( ولا يخرج إلا بعد السَّبْك والتصفية ) .
قال المصنف : ( ولا شيءَ في اللؤلؤ والمرجان والعنبر والمسك ) لقول ابن عباس t: ( ليس في العنبر شيء ؛ إنما هو شيء دَسَرَه - أي : لَفَظَه - البحر ) أبو عُبَيد في كتاب الأموال، واستمساكاً بالأصل وهو عدم الوجوب حتى يقوم الدليل عليه، وهو أشهر الوجهين في المذهب وفاقاً للجمهور.

قال : ( ولا شيءَ في صيد البر والبحر ) أي لا زكاة في ذلك كلِّه.

مسألة : الرِّكاز: هو ما وُجد من دفن الجاهلية؛ ويُعرف بوجود علاماتهم عليه، أما دفن المسلمين ونقودهم في باطن الأرض فحكمها حكم اللقطة لا زكاة فيها، ومثله ما لا علامة عليه.

تنبيه: إذا وجد دفناً لمسلمين لم يبق منهم أحد فإنه يكون في حكم المال الضائع وينقل لبيت مال المسلمين.

وزكاة الركاز تخالف زكاة بقية الأموال في أمور ، منها :
1- أنه يخرج منه الخُمس -قل أو كثر- .
2- ليس له نصاب كما تقدم ذِكرُه.
3- مصرفه مصرف الفيء: } فأنَّ لله خُمُسَه وللرسولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وابنِ السبيل {، وباقيه لواجدِه.
4- حوله وقت وجوده.

----
( 1 ) يمكن حساب نصف العشر بقسمة المقدار على عشرين .
( 2 ) العثري : كل نبات يشرب الماء بعروقه.
( 3 ) حاشية البسام على العمدة.
 
التعديل الأخير:

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
باب ( زكاة الأثمان )



( وهي نوعان : ذهبٌ وفضة ) .

نصابها : مائتا درهم من الفضة = 56 ريال فضة سعودي = 595 جراماً من الفضة .
و عشرون مثقالاً من الذهب = 85 جرام من الذهب الخالص.

مقدار الواجب إخراجه :-
ربع العشر ( أي: اثنان ونصف في المائة ، ويمكن حسابه بقسمة المال المراد إخراج زكاته على أربعين ) .

مسألة : إن كان فيهما غش من مادة أخرى غيرهما، فإنه لا يحسب مع النصاب، بل يحسب خالصاً عن هذا الشائب، فإن شك خير بين أمرين: سبكه، وإخراج قدر زكاته بيقين دون سبك.

مسألة : زكاة الحلي المباح المعد للاستعمال أو الإعارة:
وهي مسألة اختلف فيها الفقهاء سلفاً وخلفاً ، بل نُقِل الخلاف بين الصحابة رضي الله عنهم ...
فجمهور الصحابة ، وجمهور الفقهاء مِن بعدهم على أنه لا زكاة فيه ، واستدلوا بما يلي :-
1- حديث جابر t عن النبي r قال : ( ليس في الحلي زكاة ).
وأُعِلَّ هذا الحديث بعافية بن أيوب، قال البيهقي: ( وعافية بن أيوب مجهول ) ، لكن أبا زرعة سئل عنه فقال: ( هو مصري ليس به بأس )[1]، وقال ابن الجوزي في "التحقيق": ( ما عرفنا أحداً طعن فيه ).
وذكر الشيخ الألباني له علة أخرى ، وهي ضعف إبراهيم بن أيوب ناقلاً تضعيفه عن " لسان الميزان " المطبوع، وقد بين بعض الباحثين بعد الرجوع لمخطوطتين للكتاب أنه قد وقع بها – أي : النسخة المطبوعة – تصحيف وخلط ترجمتين ([2] ) في ترجمة ، وأن الراوي هنا هو إبراهيم بن أيوب الحوراني الدمشقي من العبَّاد ، ولم يضعفه إلا أحمد بن محمد بن عثمان المقدسي دون تفسير لهذا الجرح واعتبره بعضهم حسناً صالحاً للاعتبار ، فيكون من الشواهد .
2- روى مالك في " الموطأ " عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أن عائشة رضي الله عنها كانت تلي بنات أخيها يتامى في حجرها لهن الحلي ، فلا تخرج من حليهن الزكاة . وعند الشافعي في " الأم " عن ابن أبي مليكة أن عائشة كانت تحلي بنات أخيها بالذهب والفضة لا تخرج زكاته .
3- روى ابن أبي شيبة في " مصنفه " وأبو عبيد وغيرهما عن يحيى بن سعيد قال : سألت عمر بنت عبد الرحمن عن صدقة الحلي فقالت: ( ما رأيت أحداً يزكيه ) . قال الباجي في " المنتقى " : ( وهذا مذهب ظاهر بين الصحابة ، وأعلم الناس به عائشة فإنها زوج النبي r وحكم حليها لا يخفى عليه أمره في ذلك ، وعبد الله بن عمر t فإن أخته حفصة كانت زوج النبي وحكم حليها لا يخفى على النبي r ولا يخفى عليها حكمه فيه ) .
4- الأصل : أن الزكاة لا تجب إلا في الأموال النامية ؛ فلا تجب في بهيمة الأنعام إذا كانت عوامل -مع وجوبها إذا كانت للدَّرّّ والنسل أو التجارة-، ولا تجب في الدور إذا كانت للسكنى ، ولا في عبيد الخدمة ، ولا في ثياب البذلة .
قال شيخ الإسلام: ( إن الشارع عني ببيان ما تجب فيه الزكاة ؛ لأنه خارج عن الأصل ، فيحتاج إلى بيان ، بخلاف ما لا تجب فيه فإنه لا يحتاج إلى بيان بأصل عدم الوجوب ) .
5- أن الزكاة شعيرة ، وإيجابها في الحلي أمر تعم به البلوى فكيف لا يكون قد بُيِّن بياناً عاماً تتناقله الأمة ، حتى لا يعلم به أقرب الصحابة إلى رسول الله r ؟! انظر كلام الشوكاني في " السيل الجرار 2/21-22 " كما أن كتبه r التي بين فيها الأموال التي تجب فيها الزكاة ، والتي بلّغها الخلفاء الراشدون بعده وعملوا بها ،لم يأتِ فيها ذكر الحلي ولا زكاته. وانظر كلام أبي عبيد في " الأموال " ص 450.
6- القياس من وجهين :-
الأول : إلحاقه بغيره من الأحجار النفيسة بجامع الاستعمال المباح .
الثاني : قياس العكس، وهو إثبات ضد الحكم لضد الأصل.
فإن العروض لا تجب فيها زكاة ، فإذا صارت للتجارة والنماء وجبت فيها.. عكس الذهب والفضة ؛ تجب فيها ، فإذا صارت حلياً مباحاً للاستعمال وانقطع عنها قصد التنمية بالتجارة صارت لا زكاة فيها

( فتعاكست أحكامها لتعاكسها في العلة )


7- الوضع اللغوي :
أي الألفاظ الواردة في زكاة الذهب والفضة كلفظ " الرقة " و" الورق" ونحوها كالأواقي هل تشمل الحلي أم لا ؟
وذكروا أن هذين اللفظين لا يكونان إلا للدراهم المضروبة ، ولا يشمل الحلي .
8- كما استأنسوا بحديث البخاري عن زينب امرأة ابن مسعود y قالت : كنت في المسجد فرأيت النبي r فقال :" تصدقن ولو من حليكن " . فدل على أنه لم يكنّ معتاداتٍ على الإخراج منه ، فلم يأمرهن بالصدقة المستحبة منه ابتداءً .. فما دام أنها لم تكن محلاً للصدقة المستحبة فأولى بها أن لا تكون محلاً للصدقة الواجبة .
9- وبما روت فريعة بنت أبي أمامة قالت : حلَّاني رسول الله r رعاثاً وحلّى أختي ، وكنا في حِجره فلم تؤخذ زكاة حلينا قط . ابن منده ، وابن سعد من طريق أخرى ([3]).


وذهب ابن مسعود من الصحابة، وقيل : لا يثبت عنه، ومجاهد وعطاء من التابعين، وأبو حنيفة والثوري والأوزاعي ، وقول في مذهب الشافعي، ورواية عن أحمد، وهو قول الظاهرية: إلى وجوب الزكاة فيه . واستدلوا بما يلي :-
1- عموم قوله تعالى: (( وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ )) ... والحلي من الكنوز ، فمن ادعى خروج الحلي المباح من هذا العموم فعليه الدليل .
2- ما رواه مسلم عن أبي هريرة t مرفوعاً : ( ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا صفحت له صفائح من نار ) الحديث .. أو كما قال r .
والمتحلي بالذهب والفضة صاحب ذهب وفضة ولا دليل يخرجه من العموم . وانظر كلام ابن حزم في " المحلى " 6/80 .
3- حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن امرأة أتت رسول الله r ومعها ابنة لها وفي يد ابنتها مسكتان غليظتان من ذهب ، قال : " أتعطين زكاة هذا ؟ " قالت : لا قال : ( أَيَسُرُّك أن يسوركِ الله بهما يوم القيامة سوارين من نار.. ؟! ) الحديث. أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي .
وصححه أحمد شاكر ، وحسّن إسناده النووي والألباني وابن باز وغيرهم كالحافظ والمنذري .
4- حديث أم سلمة -رضي الله عنها- قالت : كنت ألبس أوضاحاً من ذهب ، فقلت : يا رسول الله أكنز هو ؟ قال : " ما بلغ أن تؤدى زكاته فزكي فليس بكنز " أبو داود والحاكم وقال : صحيح على شرط البخاري وأقرّه الذهبي والبيهقي والطبراني والدارقطني . وحسنه النووي والسيوطي وجوّده العراقي والعيني وابن دقيق العيد .
5- حديث عائشة -رضي الله عنها- ، وفيه أنه رأى بيديها فتحات من ورق ، فسألها: ( أتؤدين زكاتهن ).. الحديث أخرجه أبو داود والحاكم وقال : صحيح على شرطهما ووافقه الذهبي والبيهقي والدار قطني .
6- حديث أسماء بنت يزيد بن السكن -رضي الله عنها- قالت : دخلت أنا وخالتي على النبي r وعليها أسورة من ذهب . فقال لنا :" أتعطيان زكاته ؟ " قالت فقلنا : لا . قال " أما تخافان أن يسوركما الله أسورة من نار ؟ أديا زكاته " . أحمد والطبراني وصححه العيني وحسنه المنذري .
7- القياس : بأن قاسوا الحلي على الذهب المسبوك والمسكوك بجامع أن الجميع نقد . قالوا : وهو أشبه ؛ لاستصحابه حكم النقدين في البيع والربا .

ولعل الصواب في هذه المسألة: هو القول بعدم وجوب الزكاة في الحلي المعد للاستعمال وذلك للأدلة التي استدل بها أصحابه ، وقد أجيب عن أدلة الموجبين بما يلي :
1- أن من البعيد أن يباح التزين والاستعمال للحلي – الذي هو في الأصل ليس محلاً للنفقة والإنفاق– ثم يسمى ذلك الحلي المستعمل بما أباح الله تعالى كنزاً يعاقب عليه([4]) .
2- وقوله تعالى: }وَلا يُنْفِقُونَهَا{ لا يشمل الحلي؛ إذ المال الذي من شأنه أن ينفق إنما هو الدنانير والدراهم .
3- حديث مسلم من النصوص العامة ، وقد جاء بلفظ :"حقها " لا بلفظ الزكاة ، وقد جاء في نفس الحديث تفسيره بغير الزكاة فقال في الإبل : ( ومن حقها حلبُها يوم وردها ) وليس هذا من الزكاة .. ومع ذلك فقد يقال : هو عام خُصِّص .
4- حديث عمرو بن شعيب t قد تفرد به عن أبيه عن جده ، وفيه مقال لا يخفى([5]) قال المنذري: وأخرجه النسائي مسنداً ومرسلاً ، وذكر أن المرسل أولى بالصواب. وعلى فرض ثبوته فهو محتمل لأن يكون في أول الأمر عندما كان لبس حلي الذهب محرماً على النساء ، ويُحمَل عليه حديث أسماء بنت يزيد –رضي الله عنها- ، إذ جاء في بعض الروايات في مسند أحمد أن ذلك كان عند بيعة النساء ، وأمر بطرح الأسورة والخواتيم .
5- وأما حديث أم سلمة –رضي الله عنها- فقد ضعفوه لوجود علتين :
الأولى : تفرد ثابت بن عجلان به، والثانية : الانقطاع؛ فإن عطاء لم يسمع من أم سلمة.
6- وحديث عائشة –رضي الله عنها- ضعفه ابن حزم بيحيى بن أيوب الغافقي، وعلى فرض صحته فإنه قد ثبت عنها كما سبق بإسناد صحيح عدم إخراجها الزكاة من حلي بنات أخيها ، مع كونها ترى وجوب إخراجها من أموال اليتامى، ومع ذلك كانت تخرج زكاة المال ولا تضم إليه زكاة تلك الحلي .. فكيف يصح عنها هذا ؟! ([6])
قال الترمذي: ( ولا يصح في هذا الباب عن النبي r شيء )، وقال بنحوه ابن العربي وابن حزم وابن الجوزي والفيروزآبادي ، وسبقهم إلى ذلك الإمام الشافعي([7]).
*فإن قيل : لمَ فرّق الجمهور بين المستعمل وغير المستعمل ، وبين المباح والمحرم؟
فالجواب : أن الاستعمال والتزين به أخرجه من أصل الثمنية، وأن إباحة ذلك أخرجته أو نقلته من كونه مالاً زكوياً إلى كونه غير زكوي بإذن الشارع ، بينما بقي المحرم على أصله من وجوب الزكاة فيه إذْ لم يأتِ ما ينقله عن ذلك، والأصل بقاء ما كان على ما كان. والله تعالى أعلم.
وقد بسطتُ العرض لهذه المسألة ؛ لأنها مسألة كثر فيها الخلاف قديماً وحديثاً، وهي مما يحتاج إليه جل الناس، مع أنه قد قال بوجوب زكاة الحلي من المعاصرين، المشايخ: ابن باز ، وابن عثيمين ، وابن جبرين، وعطية محمد سالم ...وغيرهم.
وقال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي: ( وإخراج زكاة الحلي أحوط )([8]).

إلا أن ثبوت القول بخلاف ذلك بأسانيد صحيحة عن خمسة من الصحابة مع صلاحية حديث جابر t للاعتبار، إضافة إلى ظهور الأصل الذي اعتُبِر وقُوَّته، غلّب الأخذ بقول الجمهور..
وكيف تُكلَّف امرأة لا تملك إلا ما يساوي النصاب من الذهب، وليس عندها مال زكوي غيره، أن تقترض لتزكي، أو أن تبيع هذا الحلي الذي تتزين به فيضيَّق عليها في التحلي؟! والله أعلم .
وممن قال بعدم وجوب الزكاة من المتأخرين، المشايخ: المجدِّد محمد بن عبد الوهاب، والشوكاني، ومحمد ابن إبراهيم آل الشيخ، وعبد الرحمن السعدي، والبسَّام، وصالح الفوزان، وابن منيع، والقرضاوي.

وقول المصنف : ( ويباح للنساء كل ما جرت العادة بلبسه من الذهب والفضة ) أي : ولو كان كثيراً، وهذا مجمع عليه. أما الرجال فيحرم عليهم لبس الذهب، والأحاديث فيه كثيرة.
وقوله : ( ويباح للرجال من الفضة الخاتم وحلية السيف والمنطقة ونحوها )
وهذا هو الراجح، خلافاً لمن أباح الفضة مما جرت العادة بلبسه للرجال مطلقاً، وأما ما رواه أبو هريرة t مرفوعاً: ( عليكم بالفضة فالعبوا بها لعباً )أحمد وأبو داود، فعلى فرض صحته فقد قال الشيخ محمد الأمين في "أضواء البيان" (2/132): ( الذي يظهر لي والله أعلم أن هذا الحديث لا دليل فيه على إباحة لبس الفضة للرجال، ومن استدل به على جواز لبس الرجال للفضة فقد غَلِط. بل معنى الحديث: أن الذهب كان حراماً على النساء، وأن النبي r نهى الرجال عن تحلية نسائهم بالذهب وقال لهم: "العبوا بالفضة" أي حلوا نساءكم منها بما شئتم. ثم نسخ تحريم الذهب على النساء )، وقال: ( الذي يظهر لي من كتاب الله جل وعلا وسنة نبيه r: أن لبس الفضة حرام على الرجال، وأن مَن لبسها منهم في الدنيا لم يلبسها في الآخرة ).. وذكر - رحمه الله – حديث حذيفة t : ( الذهب والفضة والحرير والديباج هي لهم في الدنيا ولكم في الآخرة ) البخاري. فالذهب والحرير والديباج كلها يحرم لبسها بهذا العموم، فكذلك الفضة. وقد قال الله تعالى عن أهل الجنة : } عالِيَهُم ثيابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وإِسْتَبْرَقٌ وحُلُّوا أساور من فضة {.
أما الخاتم فقد ثبت تختُّم النبي r بالفضة، وأما حلية السيف فلأنّ قبيعة سيفه r كانت من فضة، وأما المنطقة - وهي ما يشد به الوسط – فقد اتخذها الصحابة من الفضة.
قال: ( فأما المُعَد للكِراء ) أي الحلي المعد للأُجرة ( والادخار ) فإنه تجب فيه الزكاة؛ لكونه لم يخرج عن الأصل بذلك.
( والمحرَّم ففيه الزكاة ) لأنه غير مأذون فيه، فلا تسقط زكاته بذلك إبقاءً على الأصل.

----
(1) الجرح والتعديل لابن أبي حاتم.

(2 ) د . إبراهيم الصبيحي ، فقه زكاة الحلي . ص 43 .

(3) وانظر "الإصابة" للحافظ.

(4) الشيخ عبد الله البسام ، القول الجلي .ص 21 .

(5) وفي إحدى روايتيه عن الترمذي ابن لهيعة ، وفي الأخرى المثنى بن الصَّبَّاح ، وهما ضعيفان .

(6) كما أنه ورد مطلقاً فلم يحدد مقداراً ، ولم يظهر فيه اشتراط نصاب الفضة ، ولا اشتراط الحول .. وهذه نكارة إلا أن يكون ذلك أول الأمر ثم نسخ ، ولا أعلم دليلاً عليه .

(7) انظر " امتنان العلي " لفريح البهلال .

(8) الشيخ عطية محمد سالم، زكاة الحلي على المذهب الأربعة .
 
التعديل الأخير:

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
باب ( حكم الدَّيـن )


لا يخلو أن يكون المدين إما مليئاً باذلاً يُقدَر على استيفاء المال منه، وإما معسِراً أو مماطلاً يتعذر استيفاؤه منه. ففي الحال الأولى يجب على الدائن(المقرِض) إذا قبض ماله[1] أن يخرج الزكاة عن كل عام مضى، وفي الحال الثانية لا تجب عليه الزكاة حتى يقبضه، فإذا قبضه استأنف به حولاً جديداً، ولا يزكي عما مضى؛ لأنه مالٌ غير مقدور عليه فأصبح ملكه فيه غير تام، أشبه المال الضال.
وهذه رواية عن الإمام أحمد اختارها الشيخ الموفق هنا، وإن كان المشهور من مذهب الإمام أحمد أنه إذا قبضه أخرج الزكاة عنه مطلقاً سواء كان على مليء باذل، أو على مماطل، أو معسر.

قال: ( وحكم الصَّداق حكم الدين ) فإذا قبضت المرأة صَداقها زكته لما مضى إن كان على مليء، وإن كان على معسر أو مماطل فلا زكاة فيه على ما اختاره المصنف رحمه الله تعالى.

قال: ( ومن كان عليه دين يستغرق النصاب الذي معه أو ينقِصه فلا زكاة فيه )
ومثال الدين الذي يستغرق النصاب: أن يملك ثلاثة آلاف ريال، ويكون عليه دين بمقدار ثلاثة آلاف أو أكثر.
ومثال الدين الذي يُنقِص النصاب: أن يملك ثلاثة آلاف ريال، ويكون عليه دين بمقدار ألفين وثمانمائة؛ فلا شك أن المتبقي(مائتا ريال) لا يبلغ النصاب.
وقصد السبيل في ذلك: أن يخصم مقدار الديون التي عليه من مجموع ما عنده، ويخرج الزكاة عن المتبقي من ذلك إن كان يبلغ نصاباً.

ففي الحالين لا زكاة على هذا المدين عند أكثر أهل العلم؛ للأوجه التالية:
الأول: أن الزكاة مواساة، ولا مواساة مع الدَّين.
الثاني: أنه مال تستغرقه حاجته فلم تجب فيه الزكاة كأموال البذلة والمهنة، مع أن أموال البذلة يحتاج إليها حاجة اختيار، وحاجته إلى قضاء دينه حاجة اضطرار.
الثالث: أن المدين ناقص الملك فلا تجب عليه الزكاة كالمكاتب، فإن الدين سبب في الحَجر عليه ومنع تبرعاته كما يمنع المكاتب.
الرابع: أنه لا يلزمه الحج بوجوده في ذمته، ولا التكفير بالعتق مع ذلك.
الخامس: أن الدين مال غيره، ولا تجب زكاة في مال الغير.
واستدلوا بحديث معاذ t أن النبي r قال: ( فأعلِمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فتُرَد على فقرائهم )متفق عليه، والمدين بالصورة السابقة ليس من الأغنياء.
واستدلوا أيضاً بما رواه مالك في موطئه من قول عثمان t: هذا شهر زكاتكم، فمن كان عليه دين فليؤده حتى تخرجوا زكاة أموالكم.
قال ابن رشد في "بداية المجتهد" (5/2) : ( والأشبه بغرض الشرع إسقاط الزكاة عن المديان ).

-فالمذهب: أن الدين يمنع وجوب الزكاة في سائر الأموال.
-وفي رواية أخرى في المذهب: أنه يمنع وجوبها في الأموال الباطنة(النقدين، وعروض التجارة)، ولا يمنع وجوبها في الأموال الظاهرة(بهيمة الأنعام، والحبوب والثمار).
بدليل أن النبي r وخلفاءَه الراشدين من بعده كانوا يبعثون السُّعاة إلى أرباب الأموال الظاهرة، ولم يُنقَل أنهم سألوا أربابها هل عليهم دين؛ ولأن قلوب الفقراء تتعلق بها وتتشوَّف إليها لظهورها. وهو قول الإمام مالك، وذهب إليه المشايخ: عبد الرحمن السعدي، ومحمد بن إبراهيم، وابن جبرين.

-وأما الإمام الشافعي، فالمنصوص عنه في مذهبه الجديد: أن الدين لا يمنع وجوب الزكاة.
واستُدِل لذلك بأن الجهة منفكة، فلا تعارض.
ولأن أحاديث تقدير الأنصباء عامة لم تُخرج المالك المدين من وجوب الزكاة.
وذهب إليه الشيخ ابن باز، والشيخ العثيميـن.

والقول الأول أظهر وأقوى، وهو الموافق لأصول الشريعة، والله تعالى أعلم. لكن اشترط المالكية لمنع الدين من الزكاة أن لا يكون عند المدين عروض ثابتة ومدخرات غير محتاج لها حاجة أصلية كسيارة ثانية لا يحتاج إليها عادة، فإذا وجدت هذه العروض جعلت في مقابل الدين، وهو رواية عن أحمد.
-------
( 1 ) وعند بعض العلماء: أنه يخرج الزكاة في الحال، وإن لم يقبض المال؛ لأنه كالوديعة عند المقترض.
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: شرح كتاب الزكاة من (عمدة الفقه) للإمام الموفَّق ابن قُدامة

باب ( زكاة العُروض )



العُروض: جمع عَرْض، وهو كل ما أُعِد للبيع والشراء من جميع صنوف الأموال.
قال المصنف: ( ولا زكاة فيها حتى ينويَ بها التجارة وهي نصابٌ حولاً )
فإذا نوى بها التجارة وكانت قد بلغت نصاباً بنصاب الأثمان فإنه يستقبل بها الحول.

ووجوب الزكاة في عروض التجارة دل عليه كتاب الله تعالى في قوله: } يا أيها الذين ءامنوا أنفِقُوا من طيبات ما كسبتم { ، ودلت عليه السُّنة، ونُقِل الإجماع عليه.

( ثم يُقَوِّمها فإذا بلغت أقل نصاب من الذهب والفضة أخرج الزكاة من قيمتها ) وذلك لأن التقويم بأقلهما أَحَظُّ للفقراء والمساكين، وزكاتها ربع عشر قيمتها كزكاة الأثمان.

مسألة : ( وإن كان عنده ذهب أو فضة ضمها إلى قيمة العروض في تكميل النصاب ) قال صاحب العدة: لأنه معد للنماء، والزكاة تجب في القيمة وهي إما ذهب وإما فضة فوجبت الزكاة في الجميع كما لو كان الكل للتجارة.

قال المصنف: ( وإذا نوى بعروض التجارة القنية فلا زكاة فيها، ثم إن نوى بها بعد ذلك التجارة استأنف له حَولاً ) أي: إذا نوى بها القنية ثم نوى بها التجارة لم يصِرْ للتجارة بمجرد النية على مشهور المذهب، فلا يكون فيها زكاة حتى تُباع ويستقبل بثمنها حولاً.
 
التعديل الأخير:

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: شرح كتاب الزكاة من (عمدة الفقه) للإمام الموفَّق ابن قُدامة

وإياكم يا شيخ عبد الله (الحنبلي)
وشرفني اطلاعك على الموضوع، والإخوةِ المبارَكين.
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: شرح كتاب الزكاة من (عمدة الفقه) للإمام الموفَّق ابن قُدامة

باب ( زكاة الفِطـر )
وهي الزكاة التي سببُها الفِطرُ من رمضان، وفيها إغناءٌ للفقراء والمساكين عن السؤال ليلة العيد ويومه، وطُهرة للصائم مما يُنقِص أجر صيامه.

( وهي واجبة على كل مسلم إذا ملك فضلاً عن قوته وقوت عياله ليلة العيد ويومه ) فالمسلم إذا ملك ما يزيد من الطعام عن حاجته هو ومَن يعول ليلة عيد الفطر ويومه وجب عليه إخراج هذه الزكاة؛ لقول ابن عباس رضي الله عنهما: فرض رسول الله e زكاة الفطر طُهرةً للصائم من اللغو والرفث وطُعمةً للمساكين. أبو داود وابن ماجه، وحسَّن إسناده جمع من المحدِّثين.

وتلزم من تبرع بمؤنة مسلم طيلة شهر رمضان على المعتمد في المذهب.

وتجب بغروب شمس ليلة عيد الفطر؛ لأنه قد حصل سببها بذلك. فمن أسلم أو وُلِد قبل الغروب وجبت؛ وكذا لو مات بعد الغروب لغروب الشمس عليه وهو من أهل الوجوب. ومن أسلم أو وُلِد بعد الغروب أو مات قبله لم تجب؛ لغروب الشمس عليه وهو ليس أهلاً للوجوب.

ولا تجب عن الجنين في البطن، ولكن تستحب؛ لفعل عثمان رضي الله عنه.

( وقَدْر الفِطْرة صاعٌ من البـر أو الشعير أو دقيقِهما أو سَوِيقِهما أو من التمر أو الزبيب، فإن لم يجده أخرجَ من قوته أي شيءٍ كان صاعًا ) فالواجب إخراجه في هذه الزكاة صاع من هذه الأصناف المطعومة؛ لقول أبي سعيد t: كنا نخرِج إذ كان فينا رسولُ الله e زكاةَ الفطر عن كل صغير وكبير، حُر أو مملوك، صاعاً من طعام، أو صاعاً من شعير، أو صاعاً من تمر، أو صاعاً من أَقِط، أو صاعاً من زبيب. متفق عليه. والصاع النبوي ما يساوي أربعةَ أمدادٍ.
فإن لم يجد شيئاً من هذه الأصناف جاز أن يخرِج صاعاً من أي قوتٍ يُكال، وهذا هو المعتمد في المذهب.

فكلام المصنف هنا يفيد أن إخراج ما سوى هذه الأصناف التي ورد بها الحديث غير مجزئ، إلا إذا عدم ذلك فيخرج ما يقوم مقامه من حب أو ثمر مكيل مقتات على المذهب، وقوله: (صاعاً) يفيد اشتراط الكيل كما هو المذهب، والله أعلم.

تنبيه: على القول بجواز إخراج الدقيق والسويق في الفطرة -كما هو المذهب وفاقاً للحنفية- فإنه يخرج صاعاً بوزن حبه، لا بوزنه دقيقاً أو سويقاً؛ لأنه ينتشر بطحنه.

( ومن لزمته فطرةُ نفسِه لزمته فطرةُ مَن تلزمُه مؤنته ليلةَ العيد إذا ملك ما يؤدي عنه ) فيجب أن يخرج الزكاة عن نفسه وعمن تجب عليه نفقته إذا كان لديه ما يؤدي به عنهم ليلة العيد.

( فإن كانت مؤنته تلزم جماعة كالعبد المشترك، أو المعسر القريب لجماعة، ففطرته عليهم على حسب مؤنته ) فالعبد الذي تعدد أسيادُه يجب على كلٍّ منهم أن يخرج عنه بقدر ما يلزمه من نفقته، ( وإن كان بعضُه حُرًا ففطرته عليه وعلى سيده ) تبعاً لنفقته؛ إذ هي عليه وعلى سيده بحسب التبعيض.

( ويستحب إخراج الفطرة يوم العيد قبل الصلاة، ولا يجوز تأخيرها عن يوم العيد ) لما روى أبو داود وابن ماجه من قول ابن عباس : من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات.
ولما روي مرفوعاً: ( أغنوهم عن السؤال في هذا اليوم )، وهو ضعيف لا يثبت.

فمن أخرجها بعد صلاة العيد وقبل الغروب في يومه أجزأت مع الكراهة على المذهب، والأظهر: عدم الإجزاء بعد الصلاة لحديث ابن عمر في الصحيحين: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بزكاة الفطر أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة، ولقول ابن عباس المذكور قريباً.. ولكنها تبقى في ذمته يلزمه إخراجها وإن لم تجزئ.

( ويجوز تقديمُها عليه بيوم أو يومين ) أي: أن تقديمها على يوم العيد بيوم أو يومين جائز، ولا يجوز تعجيلها لأكثر من ذلك؛ لما روى البخاري عن نافع من أنهم كانوا يُعطون قبل الفطر بيوم أو يومين. ولأن تعجيلها لأكثر من ذلك لا يحصل به الإغناء المقصود ليلةَ العيد ويومه.

( ويجوز أن يعطيَ واحدًا ما يلزم الجماعةَ، والجماعةَ ما يلزم الواحد ) فلو دفع جماعةٌ زكواتهم إلى مستحقٍّ واحدٍ جاز، كما يجوز تفرقة زكاةِ واحدٍ على أكثر من مستحق.
 
أعلى