العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

المذهب الحنفي ومسألة سنية أربع ركعات قبل العشاء أو عدم سنيتها

إنضم
29 مارس 2010
المشاركات
133
الجنس
ذكر
التخصص
الشريعة
الدولة
بريطانيا
المدينة
لندن
المذهب الفقهي
حنفي
السلام عليكم

مستمر من:
https://feqhweb.com/vb/threads/4186-2#post42368


أما السنة غير المؤكدة فهي السنن التي قبل الفرض أو بعدها ولم يثبت كونها من الرواتب مثل الأربع قبل العصر والعشاء
تعريف السنة غير المؤكدة ليس هذا.

إنما تعريفها: ما ثبتت سنيته (من كل جهة كالوقت وعدد الركعات)، ولكن لم تثبت مواظبة النبي عليه.

وبهذا تفترق السنة غير المؤكدة من النفل، لأن النفل هو التطوع المطلق، فلا وقت له ما دام الوقت مباحا، ولا تحديد له من جهة عدد الركعات (ركعتين أو أربعا).

أما حكمها فحكم النوافل وهو الاستحباب، كما هو مصرح به في أغلب كتب المذهب، سواء المتون والشروح، والعجب ممن ينكر تصريح الفقهاء بأن هذه الصلوات مستحبة!
ينبغي لك أن تنظر في كلام ابن عابدين حيث فرق بين السنة غير المؤكدة وبين النفل. قال:
وبخلاف النفل فإنه كما قالوا ما شرع لنا زيادة على الفرض والواجب والسنة بنوعيها ؛ ولذا جعلوا قسما رابعا
فانظر رحمك الله أنه جعله قسما رابعا مستقلا عن السنة، وهذا هو الأدق والله أعلم. كذلك قال أمير بادشاه في عمله على تحرير ابن الهمام:
(وإلى نفل) معطوف على قوله إلى فرض وهو المشروع زيادة على الفرائض والواجبات والسنن لنا لا علينا
والبابرتي في عمله على مختصر ابن الحاجب:
( وإلى نفل ) وهو المشروع زيادة على الفرائض والواجبات والسنن لنا لا علينا

فالتفريق بين السنة بنوعيها وبين النفل هو الأدق عندي كحنفي.

أما كلمة السنة فتطلع على كل منها كما أنها تطلق على النوافل الأخر
ومثله كلمتى التطوع والنوافل فتطلقان على كل من الرواتب وغير المؤكدة وغيرهما
نعم، لكلمة السنة إطلاقات، ولكن إذا يذكر معه النفل مستقلا فبينهما فرق (أي إذا اجتمعا افترقا).

السنة قبل العشاء ثابتة بحديث "بين كل أذانين صلاة"
فثبت أصل التطوع قبل العشاء
اما حكمها فمستحب فعدم ثبوت كونها من الرواتب
أما عددها فاختلف فيه الفقهاء،
فقيل الأربع قول الإمام والركعتان قولهما، بناء على اختلافهم في نوافل الليل
ومن المعلوم أن القول الإمام يفتى به في العبادات
كما أن بعض الفقهاء ذهب إلى أفضلية الأربع بناء على ورودها في بعض الأثار والأحاديث (ولو اختلف في ثبوت بعضها)

فالأربع مستحبة وللرجل أن يصلي اثنين، ولا حاجة إلى ثبوت الأربع بدليل خاص لأنها مسحتبة وليست سنة وأفضلية التطوع بالأربع ثابتة عن الإمام

فاتضح خطأ من يظن أن الإمام بريء من هذا القول
بل الإمام بريء بريء من هذا القول، ولو تبناه لنص عليه نصا، كما نُصَّ في الأربع قبل العصر.

أولا، عدم تفريقك بين السنة غير المؤكدة وبين النفل أداك إلى الورطة التي أن فيها.

ثانيا، حديث "بين كل أذانين صلاة" عام بين جميع الصلوات، لكن كلامنا في تخصيص الأربع قبل العشاء واعتقاد أنها سنة خاصة ثابتة (كما حاول صاحب الاختيار إثباته بحديث لا أصل له ففشل في ذلك).

ثالثا، حديث "بين كل أذانين صلاة" في المشروعية المطلقة للصلاة بين الأذانين بدون نعتقد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعله سنة متبعة، ولذلك قال في الحديث في الأخير: لمن شاء. فهذا نص على أنه نفل مستحب من حيث الأصل ولا إشكال فيه، فلا ينبغي لك يا أخي أن تستدل بهذا الحديث على تخصيص الأربع قبل العشاء. مع أن الحنفية أبعد الناس عن الاستدلال بهذا الحديث على جعل الصلاة بين الأذانين سنة، لأنهم لو قالوا بهذا لورد عليهم سنية الصلاة بين أذاني المغرب، ولم يقل الحنفية حتى باستحبابه. كذلك لا يسن شيء بعد الفجر وقبل صلاة الفجر إلا رابتة الفجر. فلا معنى لهذا الحديث عند الحنفية إلا المشروعية المطلقة، فإذا عورضت هذا بشيء خاص (كما في الفجر والمغرب عند الحنفية)، فلم يعمل بهذا الحديث عند الحنفية.

رابعا، قول الإمام بفتى به في العبادات إلا ما نص المشايخ على خلاف ذلك، وأعلم أن المسألة في الأولوية، لكن الحنفية صرحوا أن الأولى هو قول الصاحبين في المسألة وهو الركعتان في النفل المطلق.

خامسا، لو كان الحنفية رأوا أن هذه الصلاة قبل العشاء من باب التطوع لأجروا الخلاف فيه، ولكن نرى أن كثيرا منهم لم يذكروا إلا الأربع قبل العشاء، وهذا يدل على أن هذه الصلاة ليست من باب النفل المطلق (الذي فيه الخلاف)، ولكن من باب أنها سنة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (ولذك حاول صاحب الاختيار في إثباته بحديث لا ندري ما أصله).

ولعلمك أزوِّدك بما قاله ابن الهمام في الفتح في أقوى السنن:
... ثم التي بعد الظهر لأنها سنة متفق عليها بخلاف التي قبلها لأنه قيل هي للفصل بين الأذان والإقامة ، ثم التي بعد العشاء ، ثم التي قبل الظهر ، ثم التي قبل العصر ، ثم التي قبل العشاء ، وقيل التي قبل العشاء ، والتي قبل الظهر وبعده ، وبعد المغرب كلها سواء
يدل هذا الكلام كله أن الأربع قبل العشاء في ضمن السنن، وهي مستقلة عن النفل، والسنن شأنها التخصيص بالوقت والعدد الركعات بخلاف النفل.

الأربع قبل العشاء سنة غير مؤكد وحكمها الاستحباب مثل النوافل
ولا ينكر ذلك إلا معاند
لعل المتضح مما سبق التفريق بين السنة غير المؤكدة وبين النفل، ولعل العناد عند من لا يفرق بينهما، غفر الله لنا وله.

تصف كلام الأخرين بأن فيه عجائب ثم تأتي بأعجوبة مثل هذا!

لعل أدنى طالب علم عندنا يستطيع الجواب عما استشكل عليك

كلمة السنة أعم من الرواتب وغيرها كما هو مصرح في أغلب كتب المذهب
كما أن أصحاب المتون يذكرون السنن كلها- سواء الرواتب وغيرها- باسم السنن خشية الإطالة بينما تجد الشراح يفرقون بين المؤكدة وغيرها عادة

ولما ادعيت أن القول باتفاق أهل المذهب على استحباب الأربع قبل العشاء خطأ فاحش وجهل، فات بنصوص الفقهاء الذين صرحوا بأنها ليست مستحبة فقط - بل أقوى- لأن نصوص الاستحباب كثيرة
ولا يكفي مجرد ذكر السنة لأن كلمة السنة تشملهما كما مر
السنة لا تطلق على ما لم تثبت بالسنة الخاصة على اصطلاح الفقه. لو كان كذلك لكانت صلاة كل واحد يتطوع بها "سنة غير مؤكدة" على قولك.

لا تطلق كلمة السنة إلا على ما ثبتت في السنة خاصة لتلك الصلاة من جهة تحديد الصلاة وعدد ركعاتها ووقتها. شأن الأربع قبل العشاء دون ذلك يا أخي.

بقيت مسألة الاستحباب، فالصلاة قبل العشاء مستحبة، كما أن التطوع المطلق مستحب في أي وقت، وليس لللوقت الذي قبل العشاء أي مزية عند الحنفية من غيره، فالتصريح بأن الصلاة في هذا الوقت مستحب كلام لغو. العبارة الصحيحة للصلاة قبل العشاء هو ما قاله محمد بن الحسن:
إنه لا تطوع قبل العشاء، وإن فعل لا بأس به
أي شأنها شأن أي صلاة مستحبة نافلة في أي وقت آخر، لا مزية لها على غيرها.

هذا مدى أمانتك في النقل

قال في المختار متن الاختيار:...

ثم شرحه في الاختيار بقوله:فصاحب الاختيار صرح باستحبابها -كباقي فقهاء المذهب- ولم يحاول إثبات سنيتها كما اتهمته!
الصلاة التي ثبتت بالحديث عنده سنة عنده، لكنه قال "مستحب"، ولا مشاحة في الاصطلاح. كلمة المستحب وكلمة النفل تطلقان على السنة كذلك. هذا كقول الفقيه: الصلاة إما فرض وإما نفل (الفرض يشمل الفرض والواجب، والنفل يشمل السنة والمستحب).

فلا حاجة إلى أن تضربني بالتهم الفارغة. كان الأولى بك تعظيم نقل صاحب الاختيار - والذي نقله عنه بعده ابن نجيم في البحر الرائق - لحديث لا أصل له، بدلا أن تتهمني.


والله أعلم
 

أحمد بن فخري الرفاعي

:: مشرف سابق ::
إنضم
12 يناير 2008
المشاركات
1,432
الكنية
أبو عبد الله
التخصص
باحث اسلامي
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
شافعي
الأخوان الحبيبان ، جزاكما الله خيرا ، ونفع بكما.
لقد قرأت ما كتبتما ، بارك الله فيكما، وكلاكما له معرفة طيبة في المذهب ، وليت الحوار بينكما يستمر بعيدا عن العبارات التي لا تناسب مستواكما العلمي ، مثل التجهيل ، وغير ذلك من النقائص فأنتما من أبعد الناس عنها إن شاء الله.
وشكر الله لكما.
 
إنضم
2 أكتوبر 2008
المشاركات
5
التخصص
فقه
المدينة
الفلوجة
المذهب الفقهي
الحنفي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قد أفدتمونا كثيرا بارك الله فيكما..
ومهما ساء الفهم عند البعض لا ينبغي أن ينحدر الحوار إلى هذا القدر والمستوى..
فأنتما أعلى شأنا ومكانا مما ظهرتما به أمامنا..
أصلحنا الله وإياكما..
معرفتي بالأخ إسماعيل بن إبراهيم بن محمد محدودة جدا.. وأتشرف بك يا أخ إسماعيل..
لكني أعتب على الشيخ حسين حفظه الله قائلا .. ما هكذا تورد الإبل !
بارك الله فيكما وأجزل لكما المثوبة .. آمين

أبو العطاء
 
إنضم
29 مارس 2010
المشاركات
133
الجنس
ذكر
التخصص
الشريعة
الدولة
بريطانيا
المدينة
لندن
المذهب الفقهي
حنفي
رد: المذهب الحنفي ومسألة سنية أربع ركعات قبل العشاء أو عدم سنيتها

وأما صلاة القوم فكل صلاة قبلها مثلها من التطوع كالفجر والظهر لا تجوز صلاتهم، وكل صلاة ليس قبلها مثلها من التطوع كالعصر والمغرب والعشاء تجوز صلاتهم.

(قاله ابن مازه في المحيط البرهاني)

أقول: هذا نص صريح في أنه لا يجوز تخصيص شيء من التطوع بما قبل صلاة العشاء في مذهب الحنفية، ومن ظن أن هناك أربعا كشيء خاص (حتى ولو لم يعتقد أنها سنة) قبل العشاء فستترتب على قوله مخالفة المذهب الحنفي في المسألة التي كان ابن مازه بصدد ذكرها في كتابه المحيط البرهاني.

والله أعلم.
 
أعلى