العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

حكم الأخذ من الشعر و الظفر في أيام عشر ذي الحجة -بحث جيد -

إنضم
19 ديسمبر 2007
المشاركات
83
الإقامة
مدينة سيدي بلعباس الجزائر
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
أصول الفقه المقارن
الدولة
الجزائر
المدينة
بلعباس
المذهب الفقهي
المالكية و الحنابلة
بسم الله الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله و صحبه و كل من والاه أما بعد : فهذا بحث في حكم الأخذ من الشعر و الظفر في أيام عشر ذي الحجة أدرجته رجاء افادة القراء لحاجة المكلفين لمثل هذه المسألة خصوصا هذه الأيام و بالله التوفيق و الحمد لله رب العالمين .
 

المرفقات

  • حول حكم قص الشعر و الظفر في أيام عشر ذي الحجة .doc
    177.5 KB · المشاهدات: 0

سيدي محمد ولد محمد المصطفى ولد أحمد

:: قيم الملتقى المالكي ::
إنضم
2 أكتوبر 2010
المشاركات
2,243
التخصص
الفقه المقارن
المدينة
كرو
المذهب الفقهي
مالكي
رد: حكم الأخذ من الشعر و الظفر في أيام عشر ذي الحجة -بحث جيد -

الحديث في صحيح مسلم وجرى عليه العمل عند العلماء
قال العراقي :
واقطع بصحة لما قد أسندا ....إلخ
يعني البخاري ومسلما
والله أعلم
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
رد: حكم الأخذ من الشعر و الظفر في أيام عشر ذي الحجة -بحث جيد -

في السياق التاريخي


نظرة فقهية في حديث أم سلمة


((إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره وبشره شيئا))







تم فيه الاستفادة بشكل كبير من بحث حـكـم أخـذ الشـَّعـر أو الظـُّـفــُر في عشر ذي الحجة لمن أراد أن يُضحِّي لـ د. سائد بكـداش
الأستاذ المشارك بقسم الدراسات الإسلامية جامعة طيبة بالمدينة المنورة.





§ نص الحديث:


عن أم سلمة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره وبشره شيئا) أخرجه مسلم([1]).


§ تحرير محل النزاع:


- عامة أهل العلم على أن أخذ الشعر والظفر محظور على المُحْرِم، وخالف أهلَ الظاهر في غير شعر الرأس.


- اتفقوا على جواز أخذ الشعر والظفر لمن كان حلالا ولم يرد أن يضحي.


- موقع الخلاف في الأخذ من الشعر والظفر في عشر ذي الحجة لمن أراد أن يضحي.


- عامة أهل العلم على جواز أخذ المضحي من شعره وظفره إذا لم يكن محرما.


ثم اختلفوا في درجته على قولين:


1- الحنفية: الإباحة.


2- المالكية والشافعية: الكراهة.


- ذهب الحنابلة: إلى تحريم أخذ المضحي من شعره ومن ظفره في عشر ذي الحجة حتى يضحي، وهذا من مفردات المذهب.


- ووافقهم على ذلك: أهل الظاهر.






§ تفصيل الأقوال في المسألة:


القول الأول: الجواز.


وهذا مذهبُ الحنفية، وقولٌ للمالكية، اعتمده ابنُ عبد البر، وجعله قولَ سائر فقهاء المدينة والكوفة، وبه قال عطاء بن يسار، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث.


القول الثاني: الكراهة.


وهذا مذهب المالكية، والشافعية، وجماعة من أصحاب أحمد كالقاضي أبي يعلى، وروي عن ابن سيرين, والأوزاعي، وأبي ثور.


القول الثالث: التحريم.


وهذا مذهب الحنابلة والظاهرية، وبعض أصحاب الشافعي، وبه كان يفتي سعيد بن المسيب، وهو قول ربيعة الرأي وإسحاق، واختاره الطحاوي أخيرا([2]).





§ تاريخ المسألة:


الذي يبحث في مسألة حكم الأخذ من الشعر والظفر لمن أراد أن يضحي لا يمكنه بحال أن يتجاوز فقيه المدينة: "سعيد بن المسيب"، سيد التابعين، فمدار حديث أم سلمة بكل رواياته الموقوفة والمرفوعة عليه وحده حتى روي عنه موقوفاً عليه.


وترجع الروايات التي ساقها الإمام مسلم إلى راويين عن سعيد بن المسيب:


الأول: عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف.


الثاني: عمرو بن مسلم.


وقد حدث في عصر التابعين ثلاثة أحداث مهمة في تناول المسألة:

الحدث الأول: الطلاء بالنورة، وتَرْكُ الناس للحديث:
فعن عمرو بن مسلم بن عمار الليثي قال: (كنا في الحمام قبيل الأضحى، فاطلى فيه ناس، فقال بعضُ أهل الحمام: إن سعيد بن المسيب يكره هذا أو ينهى عنه، فلقيت سعيد بن المسيب، فذكرت ذلك له، فقال: يا ابن أخي، هذا حديث قد نسي وترك، حدثتني أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر الحديث).
قلت: هذه الجملة فهم منها بعضهم، أن سعيد بن المسيب يحكي ترك العمل بحديث أم سلمة، فهم هذا ابنُ عبد البر وابنُ حزم، فاحتج به ابنُ عبد البر على ترك العمل به، ورده ابنُ حزم لأصله في خطأ إعلال النصوص بترك العمل.
لكن الأظهر: أن سعيد بن المسيب لا يريد الاحتجاج بترك العمل بالحديث، وإنما أراد أن الناس قد فرطوا في الأخذ به لنسيانه، أو أنه لم يشتهر فلم يعلموا به، ويدل على ذلك الروايات الكثيرة عنه بفتواه بمقتضى الحديث، وتحسينه لفتوى من أفتى بموجبه.
إذا هناك ترك للحديث، ثم هناك اتجاهان في تفسير الترك؛ فمن الناس مَنْ فسره بأنه ترك أهل العلم للعمل بالحديث، والأدق أن المراد أن الناس تركوه جهلاً منهم أو نسياناً، فالأول تركٌ للحديث بمعنى إسقاط الاحتجاج به، والآخر ترك فيه تأسف على عدم عمل الناس به.
ويبدو أن تفسير الترك بمنى ترك العمل بالحديث: هو سبب ما أضيف إلى سعيد بن المسيب أنه لا بأس بالاطلاء بالنورة في عشر ذي الحجة.
قال ابنُ عبد البر: فترك سعيد لاستعمال هذا الحديث وهو راويته دليل على أنه عنده غير ثابت أو منسوخ([3]).

الحدث الثاني: تأييد سعيد لفتوى الخرساني.
فعن قتادة: أن كثير بن أبي كثير سأل سعيد بن المسيب أن يحيى بن يعمر يفتي بخراسان يعني كان يقول: إذا دخل عشر ذي الحجة واشترى الرجل أضحيته فسماها لا يأخذ من شعره وأظفاره، فقال سعيد: قد أحسن، كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعلون ذلك أو يقولون ذلك([4]).

وفي رواية، قال قتادة: فذكرت ذلك لسعيد بن المسيب، فقال: نعم، قلت: عمن يا أبا محمد، قال: عن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم([5]).

قيل لأحمد: إن قتادة يروي عن سعيد بن المسيب: ( أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا إذا اشتروا ضحاياهم أمسكوا عن شعورهم وأظفارهم إلى يوم النحر)، فقال: هذا يقوي هذا، ولم يره خلافا ولا ضعفه([6]).
قلت: في هذه القصة فوائد:
- وقوع الفتوى في زمن التابعين بمقتضى الحديث.
- يبدو أن هذا الأمر لم يكن مشهورا، بدليل أن سعيداً يحدَّث بفتوى الخرساني، ثم يسأل عن حكم المسألة ودليلها.
- فيه تصريح سعيد بن المسيب بموافقته لهذا الفتوى.
- فيه بيان مأخذ الفتوى به: وهو أنه قول أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، مما يعزز وقف الحديث وعدم رفعه، إذ لو كان عنده ثابتا مرفوعا لما احتاج إلى الاحتجاج بأقوال الصحابة.
ومما ورد في الباب من فتوى الصحابة به: ما جاء عن علي بن أبي طالب قال: (إذا دخل العشر واشترى أضحيته أمسك عن شعره وأظفاره) قال قتادة: فأخبرت بذلك سعيد بن المسيب، فقال: كذلك كانوا يقولون([7]).


الحدث الثالث: عكرمة والنقد القياسي للحديث:
أخرج النسائي حديث أم سلمة من رواية شريك عن عثمان الأحلافى عن سعيد بن المسيب قال: «من أراد أن يضحى, فدخلت أيام العشر , فلا يأخذ من شعره , ولا أظفاره " قال عثمان: فذكرته لعكرمة, فقال: ألا يعتزل النساء والطيب!! "([8]).
فهاهنا ينتقد عكرمة تلميذ ابن عباس: فتوى سعيد بن المسيب من عدم الأخذ من الشعر والظفر لمن أراد أن يضحي، واستعمل في نقده لهذه الفتوى الأدوات القياسية، فقال: إن كان هذا الحكم تشبها بالمحرم أفلا يعتزل النساء ويجتنب الطيب كما يصنع المحرم فإن هذا مقتضى القياس، أما وقد تركوه فإنه يدل على فساده، فتبعيض القياس من غير معنىً يلوح أو يتخيل إشارة بيِّنة على وهنه.
وقد أجمع العلماء – كما يقول ابن عبد البر على أن الجماع مباح في أيام العشر لمن أراد أن يضحي، فما دونه أحرى أن يكون مباحا([9]).




§ مرحلة ما بعد سعيد بن المسيب:
- يمكن تلخيصها في نقطتين:
الأولى: الاختلاف في رفع الحديث ووقفه.
هذه المرحلة وقع فيها الاختلاف: هل الحديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أو أنه موقوفٌ على أم سلمة، أو أنه من فتوى سعيد بن المسيب من قوله.
وقد أشار الإمام مسلم إلى شيء من هذا الاضطراب الواقع في رواية الحديث، فنقل عن سفيان أنه قيل له: وهو أحد رواة الحديث عن حميد بن عبد الرحمن: فإن بعضهم لا يرفعه؟ فقال: لكني أرفعه.
وقد ساق الإمام مسلم والإمام النسائي جملة من هذه الآثار، وقد صحح أحمد ومسلم والترمذي وابن حبان وابن حزم الحديث مرفوعا.
بينما جزم بوقفه الدارقطني في العلل وابن عبد البر في التمهيد، وقبلهم الطحاوي في شرح معاني في قوله القديم الآثار لما كان يقول بقول الجمهور.
قال الدارقطني في كتاب العلل ما ملخصه:
وقفه على سعيد:
1. عبد الله بن عامر الأسلمي.
2. ويحيى القطان.
3. وأبو ضمرة عن عبد الرحمن بن حميد.
4. وعقيل.
5. وعبد الرحمن بن حرملة وقتادة وصالح بن حسان عن سعيد قوله.
ووقفه على أم سلمة:
1. يزيد بن عبد الله بن قسيط.
2. وابن أبي ذئب عن الحرث بن عبد الرحمن عن أبي سلمة عن أم سلمة[10].
والمحفوظ عن مالك موقوف.
قال الدارقطني: والصحيح عندي قول من وقفه([11]).
قلت: ومن الطرق الموقوفة على سعيد: شريك عن عثمان الأحلافى عن سعيد بن المسيب([12]).

الثانية: ترك أكثر فقهاء الأمصار العمل به.
فأهل الكوفة على الجواز، ولم يقولوا حتى بكراهة الأخذ.
وعن الليث بن سعد، وهو فقيه أهل مصر، حين ذُكر له حديث أم سلمة قال: قد رُوي هذا, والناس على غيره([13]).
وقد ذكر عمران بن أنس: أنه سأل مالكا عن حديث أم سلمة هذا، فقال: ليس من حديثي، قال: فقلت لجلسائه: قد رواه عنه شعبة وحدث به عنه وهو يقول: ليس من حديثي فقالوا لي: إنه إذا لم يأخذ بالحديث قال: فيه ليس من حديثي([14]).
وصار الشافعي: إلى الجواز، وحمل الحديث على الكراهة، وعارض ظاهره بعموم حديث عائشة.
وقال ابن عبد البر الأندلسي: هو مذهب سائر الفقهاء بالمدينة والكوفة([15]).
وأخذ به الأوزاعي لكن ضيق دائرته: إذا جعله خاصا بمناشترى الأضحية بعد دخول العشر دون من كانت عنده، ووافقه على ذلك ابن حبان([16]).
ثم بعد مرحلة هؤلاء صار أحمد وإسحاق إلى ظاهره، وهو من تحمل عبء إظهار هذا القول، والفتوى بموجبه بعد سعيد بن المسيب.
قال أحمد: ذكرت لعبد الرحمن بن مهدي حديث عائشة، وحديث أم سلمة، ولم يأت بجواب، فذكرته ليحيى بن سعيد، فقال يحيى: ذاك له وجه، وهذا له وجه، حديث عائشة إذا بعث بالهدي، وأقام وحديث أم سلمة إذا أراد أن يضحي بالمصر.
قال أحمد: وهكذا أقول، قيل له: فيمسك عن شعره وأظفاره؟ قال: نعم، كل من أراد أن يضحي، فقيل له: هذا على الذي بمكة؟ فقال: لا، بل على المقيم، قال: وقد رواه محمد بن عمرو عن شيخ مالك، قيل له: إن قتادة يروي عن سعيد بن المسيب: (أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا إذا اشتروا ضحاياهم أمسكوا عن شعورهم وأظفارهم إلى يوم النحر فقال: هذا يقوي هذا ولم يره خلافا ولا ضعفه.
قال ابن عبد البر: حديث قتادة هذا اختلف فيه على قتادة وكذلك حديث أم سلمة مختلف فيه وفي رواته من لا تقوم به حجة وأكثر أهل العلم يضعفون هذين الحديثين([17]).
ثم أخذ بهذا القول بعد ذلك: الطحاوي في آخر قوليه وأهل الظاهر متمثلين بداود وابن حزم.

وخلاصة تاريخ هذه المسألة: يمكن اعتباره بسعيد بن المسيب الذي روى حديث الباب وأفتى بموجبه، وكان مشهورا عنه دون غيره، ثم خمل هذا القول ولا يكاد يضاف إلى أحد بعده إلا ما قيل عن ربيعة الرأي، أما فقهاء المدينة ومكة والكوفة ومصر فلم يقولوا بمقتضاه من الحظر، وينبغي أن يشار هاهنا أن القول بالكراهة يندرج في الجواز، ثم اشتهر القول بالحظر عن أحمد وإسحاق به ثم أهل الظاهر، ووافقهم عليه الطحاوي في آخر قوليه.




§ حديث عائشة رضي الله عنها؛ هل يعارض حديث أم سلمة؟

عن عائشة رضي الله عنها قالت: «فتَلْتُ قلائدَ بُدْن النبي r بيديَّ, ثم قلَّدها, وأشعرها, وأهداها, فما حَرُم عليه شيءٌ كان أُحِلَّ له»([18]).
وفي رواية: «ثم لا يجتنب شيئاً مما يجتنبه المُحْرِم»([19]).
قال ابن عبد البر: في حديث عائشة أيضا من الفقه ما يرد حديث أم سلمة ويدفعه([20]).
وبيَّن ذلك الشافعي فقال: البعث بالهدي أكثر من إرادة التضحية, فدلَّ على أنه لا يحرم ذلك([21]).
وقال الماوردي: لما أهدى رسول الله r إلى الحرم هدياً, ولم يحرِّم على نفسه شيئاً: كان غيره أولى إذا ضحى في غير الحرم ([22]).
وذكر الطحاوي: أن مجيء حديث عائشة رضي الله عنها أحسنُ من مجيء حديث أم سلمة رضي الله عنها, لأنه قد جاء متواتراً، وحديث أم سلمة رضي الله عنها لم يجئ كذلك, بل قد طُعن في إسناده, فقيل: إنه موقوف على أم سلمة رضي الله عنها([23]).
لكن أجاب الحنابلة والظاهرية والطحاوي عن حديث عائشة:
1- بأنه عام وحديث عائشة خاص في محل النزاع، فيقدم في موضعه، ويحمل حديث عائشة على ما لا يتناوله حديث أم سلمة من الجماع والطيب ونحو ذلك([24]).
2- أن عائشة رضي الله عنها تخبر عن فعله r, وأم سلمة رضي الله عنها تخبر عن قوله r, والقول يُقدَّم على الفعل, لاحتمال أن يكون فعله خاصاً به.
3- أن عائشة رضي الله عنها تعلم ظاهراً ما يباشرها به r من المباشرة, أو ما يفعله r دائماً, كاللباس والطيب, فأما ما يفعله نادراً, كقص الشعر, وقَلْم الأظافر مما لا يفعله في الأيام إلا مرة, فالظاهر أنها لم تُرِدْه بخبرها. وإن احتمل إرادتَها إياه: فهو احتمالٌ بعيد, وما كان هكذا: فاحتمال تخصيصه قريب, فيكفي فيه أدنى دليل, وخبرُنا دليلٌ قوي, فكان أولى بالتخصيص([25]).
4- حمل حديث عائشة رضي الله عنها على أمر خاص, وهو مَن بَعَثَ بهديه, وأقام في أهله: فلا يكون مُحْرماً, ولا يحرم عليه, وقالوا: إن حديث عائشة رضي الله عنها ردٌّ على من يقول بأنه يكون بذلك الإرسال مُحْرماً
5- أن خبر أم سلمة صريحٌ في النهي, فلا يجوز تعطيله أيضاً, فأم سلمة تخبر عن قوله وشَرْعه لأمته, فيجب امتثاله, وعائشة تخبر عن نفيٍ مستنِد إلى رؤيتها, وهي إنما رأت أنه لا يَصير بذلك مُحْرِماً, يَحرم عليه ما يَحرم على المُحْرِم, ولم تخبر عن قوله: إنه لا يَحْرُم على أحدكم بذلك شيء, وهذا لا يعارض صريح لفظه([26]).
6- أنه يجب حمل حديث عائشة رضي الله عنها على غير محل النزاع, وذلك لأن النبي r لم يكن ليفعل ما نهى عنه وإن كان مكروهاً([27]).
قلت: أما حديث أم سلمة إذا ثبت مرفوعاً فلا شك بأنه خاص بصورة محل النزاع، فتقديمه أولى، ويبقى الكلام بعد ذلك في درجة النهي في التحريم أو الكراهة.
ولذا فأهم نقطة في المسألة هي؛ الفراغ من الموقف من حديث أم سلمة هل هو مرفوع أو موقوف؟
وقد حكى ابن القيم عن جماعة من أهل العلم تصحيح رفع حديث أم سلمة، منهم:
1. مسلم بن الحجاج وأودعه في كتابه
2. ومنهم أبو عيسى الترمذي , قال : هذا حديث حسن صحيح .
3. ومنهم ابن حبان , خرجه في صحيحه .
4. ومنهم أبو بكر البيهقي , قال : هذا حديث قد ثبت مرفوعا من أوجه لا يكون مثلها غلطا.
وقد رفعه:
1. سفيان بن عيينة
2. وشعبة عن مالك عن عمرو بن مسلم.
وليس شعبة وسفيان بدون هؤلاء الذين وقفو ,
ثم رجح ابن القيم الرفع من جهة المتن فقال:
ولا مثل هذا اللفظ من ألفاظ الصحابة, بل هو المعتاد من خطاب النبي صلى الله عليه وسلم في قوله " لا يؤمن أحدكم " , " أيعجز أحدكم " , " أيحب أحدكم " , " إذا أتى أحدكم الغائط " , " إذا جاء أحدكم خادمه بطعامه " ونحو ذلك ..))([28]).
وقال المباركفوري: هذه الطرق المرفوعة كلها صحيحة، فكيف يصح القول بأن حديث أم سلمة الموقوف هو أصل الحديث , بل الظاهر أن أصل الحديث هو المرفوع ، وقد أفتت أم سلمة على وفق حديثها المرفوع , فروى بعضهم عنها موقوفا عليها من قولها.

§ الترجيح:
الذي يظهر لي والعلم عند الله هو أن الحديث موقوف على أم سلمة رضي الله عنها للأسباب التالية:
- أن القول بالوقف معتضد بتصريح سعيد بن المسيب الذي عليه مدار الحديث: أن معتمده في الفتوى هو قول الصحابة، ولو كان عنده شيء مرفوع لما كان لاحتجاجه بأقوال الصحابة معنىً، فصاحب الدليل الأقوى لا يستدل بالأدنى.
- أنه هو الموافق للقياس، وقد فطن لهذا عكرمة لما أُخبِر بفتوى سعيد بن المسيب، فقال: ألا يجتنب النساء والطيب؟! ولم يفسِّر القائلون بالتحريم وجه الحظر في الحديث بمعنى من النظر، أما التشبه بالمحرم فهو منقوض بإجماعهم على عدم اجتنابه للنساء والطيب.
قال الإمام ابن عبد البر: قد أجمع العلماء على أن الجماع مباح في أيام العشر لمن أراد أن يضحي, فما دونه أحرى أن يكون مباحاً([29]).
وقال الخطابي: في حديث عائشة دليل على أن ذلك ليس على الوجوب ...وأجمعوا أنه لا يحرم عليه اللباس والطيب كما يحرمان على المحرم فدل ذلك على سبيل الندب والاستحباب دون الحتم والإيجاب([30]).
- أنه هو الموافق لعموم حديث عائشة رضي الله عنها؛ فإن البعث بالهدي هو أكثر من مجرد التضحية؛ حتى وقع خلاف قديم في كونه يجتنب ما يجتنب منه المحرم.
- أن حديث أم سلمة لم يجيء مجيء حديث عائشة الذي تواتر عنها.

- حديث أم سلمة وإن كان أخص في محل النزاع إلا أنه مختلف في رفعه ووقفه، فيكون عموم حديث عائشة قرينة على عدم صحة رفع حديث أم سلمة، لاسيما مع قوة العموم الوارد في الحديث وتأخره، فقد كان في السنة التاسعة قبل حجة الوداع بسنة واحدة، ولا يصح حمله على أنه لم يضح في تلك السنة لأنه عليه الصلاة والسلام لم يترك التضحية أصلاً([31]).


- يعضد القول بمقتضى عموم حديث عائشة أن فقهاء الأمصار على ذلك، حتى حكى الليث بن سعد أن هذا الحديث وإن رُوي إلا أن الناس على غيره.


- حاول الشافعي بعد ذلك أن يجمع بين الحديثين بالقول بالكراهة، ثم جاء بعده أحمد فجزم بالحظر، ووافقه إسحاق، ثم أهل الظاهر.


- الدراسة التاريخية للمسألة تفيد في تحديد تطور الأقوال، وانقساماتها، وتكشف عن أسباب حدوث ذلك.


§ خلاصة الخلاصة:


حديث عائشة أرجح من حديث أم سلمة سندا ومعنى وعملاً.
 
التعديل الأخير:
إنضم
8 ديسمبر 2008
المشاركات
8
التخصص
سنة وعلومها
المدينة
جيزان
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: حكم الأخذ من الشعر و الظفر في أيام عشر ذي الحجة -بحث جيد -

شكر لله للجميع ...
ولكن للأسف في مشاركة الشيخ فؤاد لم تظهر عندي الحواشي ..
ولي تعقيبان على ما تفضل به الشيخ فؤاد:
1.ليتك سقت كلام الدارقطني كاملاً، أو تركته كاملا، فإن التلخيص المذكور مخل جداً ولا تتضح من خلاله حقيقة الاختلاف في إسناده، وذلك لأن مدار الاختلاف قد حذف -غالبا-منه في التلخيص . مع كون كلام الدارقطني ليس بطويل .
2.أن مذهب ابن حبان هو عكس مذهب الأوزاعي، ونصه كما يلي في صحيحه 13 /239 : ذكر البيان بأن هذا الفعل إنما زجر عنه لمن عنده أضحية يريد ذبحها وأهل عليه هلال ذي الحجة وهي عنده دون من اشتراها بعد هلاله عليه .اهـ
وقول ابن حبان هذا ذكره النووي وجهاً لبعض الشافعية وضعفه، مع أن له ما يؤيده من الرواية، كما ورد في بعض ألفاظ حديث أم سلمة، والأثر المروي عن الصحابة، والأثر المروي عن علي بن أبي طالب، ومرسل سعيد بن المسيب .
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
رد: حكم الأخذ من الشعر و الظفر في أيام عشر ذي الحجة -بحث جيد -

بارك الله فيكم، وجزاكم الله عني خيرا، بالنسبة للملاحظة الثانية فنعم، وبالنسبة للأولى فيحق لك الامتعاض؛ فأهل مكة أدرى بشعابها، وأهل التخصص لا يعجبهم اختزال القضايا.
 
إنضم
12 أكتوبر 2010
المشاركات
26
التخصص
فقه وأصوله
المدينة
حضرموت
المذهب الفقهي
شافعي
رد: حكم الأخذ من الشعر و الظفر في أيام عشر ذي الحجة -بحث جيد -

جزاكم الله خيراً على البحث القيم
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
رد: حكم الأخذ من الشعر و الظفر في أيام عشر ذي الحجة -بحث جيد -

يرفع للفائدة ومناسبة الزمان
 
إنضم
22 يونيو 2008
المشاركات
1,566
التخصص
الحديث وعلومه
المدينة
أبوظبي
المذهب الفقهي
الحنبلي ابتداءا
رد: حكم الأخذ من الشعر و الظفر في أيام عشر ذي الحجة -بحث جيد -

جاري قراءته ،،
 
إنضم
25 مارس 2011
المشاركات
1,035
الكنية
أبو محمد
التخصص
فقه
المدينة
مكة المكرمة والشمال
المذهب الفقهي
أصول المذهب الأحمد
رد: حكم الأخذ من الشعر و الظفر في أيام عشر ذي الحجة -بحث جيد -

جزاك الله خيرا
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,490
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: حكم الأخذ من الشعر و الظفر في أيام عشر ذي الحجة -بحث جيد -

للمناسبة
 

سما الأزهر

:: متخصص ::
إنضم
1 سبتمبر 2010
المشاركات
518
التخصص
الشريعة الإسلامية
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: حكم الأخذ من الشعر و الظفر في أيام عشر ذي الحجة -بحث جيد -

بالتوفيق بإذن الله تعالى - ولكن أين هو ؟
 

أم عبد الله السرطاوي

:: نائبة فريق طالبات العلم ::
إنضم
13 يونيو 2010
المشاركات
2,308
التخصص
شريعة/ هندسة
المدينة
***
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: حكم الأخذ من الشعر و الظفر في أيام عشر ذي الحجة -بحث جيد -

تعقيب وبيان كاتب البحث (الخلاصة)

وهكذا بعد هذا العرض الطويل لخلاف الفقهاء في هذه المسألة, وبيان أدلتهم, وبسط وجهات أنظارهم في الجمع بين الأدلة المتعارضة ظاهراً, وما ذُكر حول ذلك من مناقشات وأَخْذٍ وردّ.

بعد هذا يقف الناظر الفاحص المدقِّق أمام ذلك كله, فيرى نفسه أمام مسألة فقهية خلافية, قد قويَ الخلاف فيها, وتجاذبت دلالات الأدلة الأقوالَ فيها, وهي كلها دلالات ظنية وليست بقطعية, لكنه يراها نحو القول القائل بالإباحة تميل بوضوح. كما يرى أن أكثر أهل العلم, ومعهم فريق كبير من أئمة الحنابلة ممن لم يقل بالقول المعتمد في مذهبهم بالمنع, قد ذهبوا إلى القول بجواز الأخذ جملة, مع تفصيلٍ لطيف في حق من فَعَلَ وأخذ من شعره وظفره, هل يعتبر مخالفاً للأَوْلى, أو أنه مرتكب لمكروه كراهة تنزيه بدون إثم.

وفي مقابل قول هذا الجمع الغفير القائل بعدم التحريم, نجد أن الحنابلة في المعتمد عندهم انفردوا بالقول بالتحريم. وهكذا فإن هذه الدراسة لن تحسم الخلاف في المسألة, وسيبقى الخلاف قائماً إلى ما شاء الله, وفي الوقت نفسه ليس لأحد أن يحرِّج على مَن أخذ بقول المُبيحين, أو قول القائلين بالكراهة, ولا لأحدٍ أن يحرِّج على مَن أخذ بالمنع والتحريم, والكلُّ متفقون على استحباب عدم الأخذ إما نصاً, أو مراعاةً للخلاف, ولا شك أن هذا هو الأحوط.

وأما التشديد على الناس في هذه المسألة, والتأكيد على تحريم الأخذ, وجَعْل الناس آثمين فاسقين إن أخذوا من شعورهم أو أظفارهم, ففي ذلك إيقاع لهم في حرج شديد, وبخاصة أن جمهور العلماء يقولون بعدم التحريم, وجواز الأخذ بدون إثم.

وأيضاً فإن هذا التشديد, وعدم التوسعة على الناس, كانت ضحيته أن أدى بالكثير إلى ترك التضحية, وتضييع هذه الشعيرة العظيمة من شعائر الإسلام, وتَرْك هذا الخير الكبير, والفضل العميم, وذلك من أجل أن يأخذوا من شعورهم وأظفارهم في عشر ذي الحجة, حيث إن الناس في آخر عشر ذي الحجة يقدم عليهم عيدٌ عظيمٌ من أعياد المسلمين, وهو عيد الأضحى, وغالب الناس إن لم يكن كلهم رجالاً ونساءً يتأهبون للتزين له قبل مجيئه بأيام ــ أي قبيل زمن التضحية ـــ بأخذ شعورهم وأظافرهم, والاعتناء بها بصورٍ مختلفة.
وهكذا دين الله واسع, ورفع الضيق والحرج عن الناس مطلب عظيم, ومقصد مهم كبير من مقاصد الشريعة الإسلامية, والله الموفق.

 

أم عبد الله السرطاوي

:: نائبة فريق طالبات العلم ::
إنضم
13 يونيو 2010
المشاركات
2,308
التخصص
شريعة/ هندسة
المدينة
***
المذهب الفقهي
الحنبلي

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,490
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: حكم الأخذ من الشعر و الظفر في أيام عشر ذي الحجة -بحث جيد -

بالتوفيق بإذن الله تعالى - ولكن أين هو ؟
الأصلي مع مرفقات المشاركة الأولى
ألم يفتح معك أخيتي؟
 
أعلى