صلاح بن خميس الغامدي
قاضي بوزارة العدل السعودية
- إنضم
- 27 أبريل 2008
- المشاركات
- 103
- الإقامة
- الدمام - المنطقة الشرقية
- الجنس
- ذكر
- الكنية
- أبو أحمد
- التخصص
- الفقه
- الدولة
- السعودية
- المدينة
- الدمام حرسها الله
- المذهب الفقهي
- الحنبلي
بيع المرهون
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد ..
سأحصر الكلام في هذا الباب في عدد من المسائل .
المسألة الأولى : في تعريف الرهن لغة واصطلاحا.
المسألة الثانية : مشروعية الرهن .
المسألة الثالثة : فيما يصح رهنه.
المسألة الرابعة : لزوم الرهن .
المسألة الخامسة : الأثر المترتب على حلول دين الرهن .
__________
المسألة الأولى : في تعريف الرهن لغة واصطلاحا.
الرهن في اللغة : هو ما وضع عندك لينوب مناب ما اخذ منك .(1)
يقال : رهنت فلانا دارا رهنا وارتهنه إذا أخذه رهنا ، والجمع رُهون ورِهان ورُهُن بضم الهاء.(2)
وأما في الاصطلاح فقد اختلفت عبارات الفقهاء في تعريفه .
الحنفية
الرهن : هُوَ حَبْسُ شَيْءٍ مالي بِحَقٍّ يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْه كالدين حقيقة أو حكما.(3)
ومعنى ذلك جعل عين لها قيمة مالية في نظر الشرع وثيقة بدين يمكن أخذ الدين كله أو بعضه من تلك العين.
المالكية
الرهن : هو مَالٌ قُبِضَ تَوَثُّقًا بِهِ فِي دَيْنٍ .(4)
وعرفه بعضهم بأنه : بذل من له البيع ما يباع ، أو غرراً ولو اشترط في العقد وثيقة بحق . قالوا : فالرهن إعطاء من فيه أهلية البيع شيئاً يصح بيعه ، إلا أن الشرع أجاز هنا رهن الغرر كالآبق ، ولو شرط رهن الغرر في عقد الرهن ؛ لأن للمرتهن أن يدفع ماله بغير وثيقة فساغ أخذه ما فيه غرر ، فعلى ذلك من صح منه البيع صح منه الرهن.(5)
الشافعية
الرهن : جَعْلُ عَيْنِ مَالٍ وَثِيقَةً بِدَيْنٍ يُسْتَوْفَى مِنْهَا عِنْدَ تَعَذُّرِ وَفَائِهِ.(6)
ويخرج بهذا التعريف رهن المنافع ؛ لأنها تتلف فلا يحصل بها استيثاق.(7)
الحنابلة
الرهن : هو توثقة دين بعين يمكن أخذه أو بعضه منها أو من ثمنها إن تعذر الوفاء من غيرها.(8)
قولهم : ( دين بعين ) أي جعل عين مالية وثيقة بدين .
المسألة الثانية : مشروعية الرهن.
الرهن مشروع بالكتاب والسنة والإجماع .
فمن الكتاب قوله تعالى : " وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِباً فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ ".(9)
ومن السنة فقد اشترى النبي صلى الله عليه وسلم من يهودي طعاما ورهنه درعا من حديد.(10).
ونقل ابن قدامة إجماع العلماء على جواز الرهن في السفر(11) ، واختلفوا في جوازه في الحضر وجمهور العلماء على جواز ذلك ويراجع ذلك في مظانه .
المسألة الثالثة : فيما يصح رهنه.
الرهن يصح في كل عين يجوز بيعها ، وقد ذكر الفقهاء رحمهم الله شروطا في كل من الصيغة كاتصال الإيجاب بالقبول ، وفي العاقد اشترطوا كونه جائز التصرف ومالكاً للمرهون ، كما اشترطوا أن يكون الرهن بدين ثابت وإمكانية الاستيفاء منه ، وكون العين المرهونة عينا ومعلومة قابلة للبيع عند حلول الأجل أي أن تكون مالا متقوماً مملوكا منتفعا به مقدورا على تسليمه ، وأعرض عن ذلك حتى لا يطول المقام في هذا البحث المختصر .
المسألة الرابعة : لزوم الرهن .
اختلف الفقهاء ـ رحمهم الله تعالى ـ فيما يلزم به الرهن على قولين .
القول الأول : أن الرهن لا يلزم إلا بالقبض ، وهو رأي الحنفية(12)والشافعية(13) والحنابلة(14).
وقد استدلوا بالأدلة الآتية :
1= قوله تعالى : " فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ"(15).
قالوا : فإن الله تعالى وصف الرهن بالقبض فدل ذلك على أنه لا يلزم إلا به(16).
2= ولأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم لما رهن درعه لليهودي أقبضه إياه.
3= أن موجب عقد الرهن ثبوت يد الاستيفاء للمرتهن عليه، ولا تثبت هذه اليد إلا بالقبض.(17)
4= قالوا إن البيع عقد معاوضة والرهن عقد ارفاق فلا يشبهه ولذا فهو مفتقر إلى القبض فلم يلزم من غير قبض كالهبة.(18)
5= إن العقد لحظ المرتهن لا للراهن فلا يلزم بمجرده فيجوز له فسخه إذا شاء، فأما من جهة الرهن فلا يلزم إلا بقبض.(19)
القول الثاني : يلزم الرهن بالعقد ، وهو رأي المالكية(20).
وقد استدلوا لرأيهم بقياس الرهن على سائر العقود اللازمة بالقول(21) .
يتبــع =
______________________________
(1) مختارالقاموس ص 264
(2) لسان العرب مادة ( رهن ) ص 5750
(3) ينظر في ذلك تبيين الحقائق 6/62 ، ومجمع النهر شرح ملتقى الأبحر 1/269 ، وحاشية ابن عابدين 6/478
(4) ينظر في ذلك الشرح الكبير 3/231
(5) ينظر في ذلك حاشية الخرشي على مختصر خليل 6/126
(6) ينظر في ذلك تحفة المحتاج 5/50 ، ومغني المحتاج 3/38، وحاشية الجمل 3/262
(7) ينظر الفقه الإسلامي وأدلته لوهبة الزحيلي 6/4207
(8) ينظر في ذلك الإقناع 2/150 ، وشرح المنتهى 2/103 ، وكشاف القناع 3/320
(9) سورة البقرة آية 283
(10) أخرجه البخاري في الجامع الصحيح 3/142بعدد2509 ومسلم في صحيحه 3/1226 برقم 1603
(11) المغني 4/245
(12) المبسوط 21/68
(13) ينظر المهذب 2/87 ، وتحفة المحتاج 5/60
(14) ينظر كشاف القناع 3/330 ، و الإنصاف 5/ 149 ، والشرح الكبير 4/386
(15)سبق تخريجها حاشية (9)
(16) المهذب 2/82 ، المبسوط 21/86
(17) المبسوط 21/87 ، و حاشيتا قليوبي 2/334
(18) المهذب 2/87 ، وتحفة المحتاج 5/60 ، والكافي 2/85
(19) ينظر المجموع شرح المهذب 13/ 184، والكافي 2/85
(20) ينظر بداية المجتهد 4/57 حاشية الصاوي 3/323 مواهب الجليل 5/22
(21) مواهب الجليل 5/23