محمد بن فائد السعيدي
:: متخصص ::
- إنضم
- 23 مارس 2008
- المشاركات
- 677
- التخصص
- الحديث وعلومه
- المدينة
- برمنجهام
- المذهب الفقهي
- شافعي
تعريف الحديث المرسل :
لغة : من ( أرسلت الشيء ) إذا أطلقته .
.
واصطلاحاً : هو الحديث الذي يرفعه التابعي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فيقول : ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ) لا يذكر له إسناداً بذلك .
قال شيخنا المحقق أبو محمد عبدالله بن يوسف الجديع -وفقه الله -"هذا هو المحرر في معناه الاصطلاحي بعد استقراره ، ويسمى بـ( الإرسال الظاهر ) لظهوره ، ويقابله ( الخفي ) وسيأتي .
-وللعلماء مذاهب ثلاثة مشهورة في هذه المسألة لخصها شيخنا الفاضل المحقق أبو محمدعبدالله الجديع-وفقه الله- بعد أن فرق بين طبقاتهم، يقول:
"مراسيل التابعين متفاوتة في القوة بحسب قدم التابعي المرسل وكبره ، أو صغره .
وتصور ذلك بتقسيم التابعين إلى طبقات ثلاث بحسب من لقوا وسمعوا منه من الصحابة.
الطبقة الأولى : كبار التابعين ، وهم الذين أدركوا كبار الصحابة ، كأبي بكر وعمر وعثمان وابن مسعود ومعاذ بن جبل ، وجُل أو أكثر رواياتهم إذا سموا شيوخهم عن الصحابة .
وهؤلاء مثل : قيس بن أبي حازم ، وسعيد بن المسيب ، ومسروق بن الأجدع .
ويندرج في جملتهم من يطلق عليه اسم ( المخضرمين ) ، وهم التابعون الذين أدركوا الجاهلية والإسلام ، لكنهم لم يثبت لهم شرف الصحبة ، مثل : سويد بن غفلة ، وعمرو بن ميمون الأودي ، وأبي رجاء العطاردي ، وغيرهم .
فمراسيل هذه الطبقة تقرب من المتصل .
الطبقة الثانية : أوساط التابعين ، وهم الذين أدركوا علي بن أبي طالب ، ومن بقي حيا إلى عهده وبعيده من الصحابة ، كحذيفة بن اليمان ، وأبي موسى الأشعري ، وأبي أيوب الأنصاري ، وعمران بن حصين ، وسعد بن أبي وقاص ، وعائشة أم المؤمنين ، وأبي هريرة ، والبراء بن عازب ، وعبد الله بن عمر ، وعبد الله بن عباس ، ووقع سماعهم من بعضهم .
ومثال هؤلاء التابعين : الحسن البصري ، ومحمد بن سيرين ، وعطاء بن أبي رباح ، وطاوس اليماني ، والقاسم بن محمد ، وأبو سلمة بن عبد الرحمن ، وعامر الشعبي ، ومجاهد بن جبر .
فمراسيل هذه الطبقة صالحة تكتب ويعتبر بها"
ثم لخص المسألة بقوله كمافي ص941 ,ومابعدها من ج2 في التحرير:
" وحاصل هذه المسألة :
أن المرسل يتفاوت في قوته ، والشواهد مع تحري المرسل معيار للترجيح بينها ، وللاعتبار بما يعتبر به منها"
أما ما يتعلق بالاحتجاج بالحديث المرسل فقد لخص مذاهب العلماء في مراسيل الصحابة وحصرها في ثلاثة أقول:
قال "وللعلماء في الاحتجاج بذلك وعدمه مذاهب :
المذهب الأول : صحة الاحتجاج به ، بشرط أن يكون المرسل ثقة عدلاً ، وهؤلاء يكون المرسل عندهم من جملة الحديث الصحيح .
والقول به منقول عن إبراهيم النخعي ، وحماد بن أبي سلمان ، وأبي حنيفة وصاحبيه : أبي يوسف ومحمد ، وكذلك هو قول مالك وأهل المدينة ، وذكر أصحاب أحمد أن الصحيح عنه الاحتجاج بالمرسل ......"
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــ
المذهب الثاني : ليس بحجة ، وهو من جملة الحديث الضعيف .
وهو قول الأئمة : الأوزاعي ، وعبد الله بن المبارك ، والشافعي ، وأحمد بن حنبل وقول أكثر أهل الحديث.
قلت: "وسمعت شيخنا أبا محمد يقول أن هذا المذهب هو الموافق للأصول..."
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــ
المذهب الثالث : التفريق بين المراسيل ، بحسب المرسل .
وهذا عزي للشافعي أنه كان يقبل مراسيل كبار التابعين ، كما تقدم بيانه في المسألة السابقة ، وتبين أن الشافعي لا يرى قبول مرسل التابعي الكبير لذاته ، إنما يقبله بقرائن تقويه . فهذا مذهب في التحقيق لم يقل به أحد ، فعاد الخلاف إلى المذهبين الأولين .
وظاهر ما تقدمت حكاية عن أهل العلم : الاختلاف بين الفقهاء وأهل الحديث في صحة المرسل .
لكن التحقيق كما حررته عبارة الناقد ابن رجب ، حيث قال : " اعلم أنه لا تنافي بين كلام الحفاظ وأعلام الفقهاء في هذا الباب ، فإن الحفاظ إنما يريدون صحة الحديث المعين إذا كان مرسلاً ، وهو ليس بصحيح على طريقهم ؛ لانقطاعه وعدم اتصال إسناده إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وأما الفقهاء فمرادهم صحة ذلك المعنى الذي دل عليه الحديث ، فإذا أعضد ذلك المرسل قرائن تدل على أن له أصلاً قوي الظن بصحة ما دل عليه ، فاحتج به مع ما احتف به من القرائن ، وهذا هو التحقيق في الاحتجاج بالمرسل عند الأئمة " ( شرح علل الترمذي(1/297)) .
يؤيد هذه الخلاصة المحققة قول أبي عمر بن عبد البر وهو يبين مذهب أصحابه المالكية ومن وافقهم في قولهم بقبول المرسل :
" ثم إني تأملت كتب المناظرين والمختلفين من المتفقهين وأصحاب الأثر من أصحابنا وغيرهم ، فلم أر أحداً منهم يقنع من خصمه إذا احتج عليه بمرسل ، ولا يقبل منه في ذلك خبراً مقطوعاً (أي منقطعا) ، وكلهم عند تحصيل المناظرة يطالب خصمه بالاتصال في الأخبار " (التمهيد/1/ 7) .
التعديل الأخير: