أبو محمد ياسين أحمد علوين المالكي
:: متخصص ::
- إنضم
- 14 يناير 2010
- المشاركات
- 545
- الجنس
- أنثى
- التخصص
- دراسات
- الدولة
- بريطانيا
- المدينة
- لندن
طريقة القراءة الصحيحة
الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على سيدن محمد و آله وسلم و رضي الله عن صحابته المهاجرين و الأنصار و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
و بعد:الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على سيدن محمد و آله وسلم و رضي الله عن صحابته المهاجرين و الأنصار و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
فلا يخفى ما للقراءة من فضائل و مزايا و قد كان الأمر بالقراءة أول أمر نزل في كتاب الله تعالى إذ قال سبحانه:"إقرأ باسم ربك الذي خلق.."الآية، و القراءة مصدر العلم و الرقي و التقدم على مستوى الأمم.
و لن أطيل الكلام في فضائل القراءة و أهميتها،فذلك له موضع آخر، مع أن أهميتها واضحة و جلية.
الكيفية المناسبة للتعامل مع الكتاب
1- الغرض من الكتاب الذي تريد قراءته:
الغرض من الكتاب هو الذي يحدد الأسلوب الذي تتناوله به، فإن كان الغرض بحثا في الكتاب، فيجب أن يكون تناول الكتاب بدقة عالية، و أمانة علمية رصينة، و ذلك يتم بقراءة الكتاب كاملا بدقة و محاولة فهمه فهما جيدا،لئلا تفهم أفكاره بشكل خاطئ فيؤدي ذلك إلى نقل معلومات غير موثقة و تنسب إلى الكتاب و مؤلفه،خصوصا و أن الإحالة على الكتاب تتطلب دقة لا متناهية في استقاء المعلومات.
أما إن كان الغرض من الكتاب هو مطالعته و الاستفادة العامة التي تشكل الثقافة العامة، دون التخصص، فعند ذلك يمكنك قراءة الكتاب بسرعة تلخص أهم الأفكار و محتويات الكتاب بشكل عام.
و تبعا للغرض يختلف أسلوب تناول الكتاب.
2- أسلوب القراءة و أنواعها:
قبل قراءة أي كتاب،يجب معرفة صلاحيته لذلك،فيمكن أن تجد أن الكتاب الذي بين يديك لا يفي بالموضوع أو المسألة التي تريد قراءتها و أن هناك كتابا آخر قد حوى تلك المسألة و غيرها مما له علاقة بها.
و هناك طريقة عامة لتشكف بها ذلك:
النظر في المقدمة التي تتبين فيها الأفكار الرئيسية للكتاب و ملامحه العامة، مع قراءة لفهرس الموضوعات و من خلاله تفهم تساؤلات الكتاب و مواضيع التي سبحثها المؤلف،بعد ذلك تنتقل إلى الخاتمة لتكتشف نتائج المقدمات و الأجوبة لتلك التساؤلات.
و يبقى على القارئ أن يفهم وجه الربط بين التساؤلات و الأجوبة.
فبهذه الطريقة يمكنك اخي القارئ من معرفة صلاحية الكتاب الذي بين يديك للقراءة أم لا.
فإن وجدت الكتاب صالحا لك لقراءته،فيختلف نوع القراءة على حسب الغرض كما ذكرنا سلفا.
فهناك أنواع من القراءة، و هي:
1- القراءة السريعة:
و قد تناولت كثيرا من الأبحاث و المؤلفات العلمية طرق القراءة السريعة و كيفية تحسينها و الاستفادة منها و علاقتها بالدماغ و الأعصاب و غير ذلك مما له علاقة بجسم الإنسان.
و تكون هذه القراءة باستقراء الكتاب كاملا، و لكن نسبة التركيز تكون غير كاملة،حيث يتم قراءة الكتاب استعراضا، فيأخذ القارئ محاور الكتاب الرئيسية دون توابعها.
و فائدة هذه القراءة تكون في قراءة بعض الكتب التي تكون قيمتها المعرفية محدودة،كقراءة قصة الهدف منها معرفة مغزاها و استخراج الحكمة منها دون تفاصيلها، و قراءة الدوريات و المجلات الهادفة، و كتب التراجم و غيرها مما لا تحمل في طياتها معارف أساسية.
2- القراءة من أجل المطالعة:
و هدف هذه القراءة هي زيادة المعارف و تتميز بتركيز أكبر من طرف القارئ، و هذه هي القراءة الغالبة، و تكون بقراءة الكتاب كاملا، و اكتشاف ما يحمله من أفكار و معرفة غرض الكاتب من تأليفه الكتاب، لكن هذه القراءة لا تكون فيها درجة التركيز عالية جدا بحيث يحفظ القارئ المعلومات و يحللها.
فالمهم فيها بناء تصور صحيح حول الكتاب و كاتبه، و فهم الحديث الدائر حول موضوع الكتاب.
و هذا النوع من القراءة، لا يفيد صاحبه في التخصص، و لا قي إطلاق الأحكام على الدراسات المماثلة لما قرأه في ذلك الكتاب و لا تقييمها،لكن تفيده في بناء نفسه علميا و رفع مستوى تفكيره جيدا.
3- القراءة من أجل التحصيل الدراسي:
و هذا النوع من أهم أنواع القراءة،فهو الرصيد العلمي و الأساسي للتخصص،فهو ركيزة أساسية للتحصيل العلمي و الرقي الفكري.
و تتميز هذه القراءة بكونها دراسة شاملة و دقيقة للكتاب بحيث يتثمر القارئ الكتاب إلى أقصى الحدود.
و هذا النوع من القراءة يسترعي عناية خاصة من حيث المكان و الزمان الذي يدرس فيه القارئ الكتاب، و كذلك من حيث الغذاء،فهذه القراءة تتطلب جهدا أكبر من استحضار القلب و الذي مركز العقل.
و كذلك تتطلب راحة نفسية و الابتعاد عن كل ما يضايق النفس و يرهق الجسد.
و هذه القراءة التحصيلية يجب ان تأخذ وقتها الكافي من غير أن يرهق القارئ نفسه،فيبدأ القارئ بدراسة المادة التي تكون أقرب إلى نفسه كي يمرن نفسه على التحصيل حتى يصل إلى المادة الأصعب و هكذا.
و تكون هذه القراءة بالتدرج،حتى لا تتعب نفسه و يمل و يترك التحصيل رأسا.
و كلما أحس القارئ بالتعب فيعطي لنفسه قسطا من الراحة يجمه بها، كما قال النبي صلى الله عليه و آله و سلم:" إنما هي ساعة و ساعة" الحديث.
و على القارئ الذي يريد التحصيل أن يجنب نفسه أي عمل ثناء القراءة،لأن ذلك سيؤدي إلى اقتسام الطاقة بين ذلك العمل و بين القراءة سواء من حيث الجهد أو التركيز.
و أذا درس القارئ كتابا معينا،فلا يرهق نفسه لاستذكار المعلومات التي حصلها في بداية القراءة،لأن ذهنه سيكون مشعولا بالفقرة الأخيرة التي قرأها،فيريح عقله بعد الانتهاء من التحصيل، و عند ذلك سيجد أنه لم ينس المعلومات التي قرأها، و على سبيل المثال،فإن البناء عندما يصل إلى مستوى معين من وضع اللبنات فإنه يتوقف حتى تجف ثم يستأنف،فكذلك القراءة.
و يستحسن بالقارئ أن يراجع مواضيع الكتاب الذي تم درسه مراجع سريعة كي تتفهرس المواضيع في ذهنه، و هذه المراجعة تجبر النسيان الذي قد يكون اعترى القارئ أثناء دراسته، و تلعب دة المراجعة دورا أساسيا في الاستذكار إذ هي آخر مرحلة و أثقلها على النفس لأمن من طبعية النفس أنها لا تحب التكرار.
4- القراءة من أجل الحفظ:
و هذا النوع من القراءة يتوجه إلى المعلومات الأساسية، و المبادئ العامة كالقواعد و الأصول و المقدمات المتفق عليها من قواعد المنطق و غير ذلك.
فيحفظها بشكل تام لتستعمل فيما بعد في البحث العلمي أو عمليات التفكير،فلذلك يجب أن يكون الحفظ جد دقيق و بعيدا على الخطأ.
و هذه المرحلة –القراءة للحفظ- يجب ألا تأخذ وقتا طويلا حتى لا يستغرق وقته في الحفظ دون الرقي إلى مرحلة فهم ما حفظ و استثماره بشكل كبير.
خــاتـمـة
ختم الله لنا بالحسنى
إن مستويات الكتب تختلف من موضوع لآخر،فيجد القارئ أن البعض أسهل من الآخر،فيقبل على ذلك النوع من المواضيع و الكتب و يهمل غيره بحجة الصعوبات في ذلك الموضوع.
و قراءة دائما ما هو مفهوم لن يرقى بصاحبه فكريا و ثقافيا، بخلاف لو قرأ ما هو صعب فإن فكره سيتطور و يرقى في سلم التحصيل العلمي و الفكري، و سرعان ما سيعتاد على قراءة هذا النوع من الكتب الصعبة، و يكتسب في كل مرة مستوى جديدا في التحصيل.
و العامل الأساسي الذي يدفع بالقارئ إلى التحصيل رغم الصعوبات و المشاق هو الغاية من القراءة و لا شك أن القارئ المسلم،يجب أن يستحضر الغاية التعبدية من قراءته و تحصيله العلمي.
و نسأل الله تعالى أن يجعلنا من القارئين و المتعلمين لكتابه و سنة نبيه صلى الله عليه و آله و سلم فهما المفتاح لكل خير، و المغلاق لكل شر، و هما العلم النافع و النور اللامع.
هذا، فما كان من صواب من الله تعالى وحده و ما كان من خطإ فمني، و أسأله سبحانه أن يتقبل هذا القليل و يتم التقصير و يعظم الأجر.
و الحمد لله رب العالمين
و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و آله الطاهرين
و رضي الله عنه صحابته المهاجرين و الأنصار و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
و كتبه:حامدا لله تعالى و مصليا على رسوله الأعظم
الراجي عفو ربه، خادم الشريعة
ياسين بن سيدي أحمد علوين
أستاذ الفقه المالكي و الحديث الشريف
بمؤسسة العرفان الإسلامية
بالدار البيضاء ليلة من محرم الحرام سنة 1432هـ
المملكة المغربية.