العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

قاعدة (ما حرم للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة)

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
هذه قاعدة مهمة وخطيرة جدا، وهي من ابتكار ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله تعالى، ويكثر استعمالها هذه الأيام في الفتاوى الترخيصية، وبالبناء عليها ـ ضمن أدلة أخرى ـ أجاز الشيخان بيع الحلي من الذهب أو الفضة بجنسه متفاضلا، وبالبناء عليها أجاز كثيرون الدراسة والعمل في الأماكن المختلطة، وأجازوا استعمال القنوات الفضائية رغم ما فيها للدعوة، وغير ذلك كثير.
وعليها قد يُخرَّج جواز التظاهر السلمي على فرض احتفافه ببعض المنكرات وقوعا أو توقعا
ولحسن الحظ يوجد بحث مستفيض في هذه القاعدة للدكتور قطب الريسوني، تجدونه هنا
أرجو قراءة البحث، وهو يستحق القراءة، وموافاتنا بانطباعاتكم
 
التعديل الأخير:
إنضم
30 يونيو 2010
المشاركات
10
التخصص
أصول الفقه
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: قاعدة (ما حرم للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة)

جزاكم الله خيرًا د. أيمن على هذا الطرح العلمي الرائع..
ولي تعقيب على ما طرحه الأخ متولي من نسبة المنع من المظاهرات لجمهور العلماء، أجمله فيما يأتي:
1- لا يصح نسبة حكم عام للمظاهرات لأي عالم فضلًا عن نسبته للجمهور لما عُلم من ابتناء المسألة على تقدير المصالح والمفاسد، وهذا يتغير من وقت لآخر ومن بلد لآخر.
2-وفي مصر -التي هي بلدي- قد حكم جمهور العلماء بجواز التظاهر السلمي في الأحداث الأخيرة، يراجع في ذلك بيانات الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح التي ضمت علماء مصر من كافة التوجهات.
 

أسامة أمير الحمصي

:: مطـًـلع ::
إنضم
20 مارس 2010
المشاركات
103
التخصص
هندسة
المدينة
حمص
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: قاعدة (ما حرم للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة)

هل نعود الى الموضوع الأصلي؟
من الأمثلة التطبيقية لهذه القاعدة :
1- تحريم الذهب على الرجال لكونه ذريعة للمخيلة الا انه ابيح للحاجة كالعلاج, و للنساء لحاجتهن اليه
2- تحريم الحرير على الرجال لكونه ذريعة للمخيلة الا انه ابيح للحاجة كالحكة, و للسناء لحاجتهن اليه


و من الامثلة التي تصلح ان تندرج تحت هذه القاعدة على الراجح الا أنه مُختلف في حكمها:
1- تحريم التخلف عن صلاة الجماعة في المسجد لكونه ذريعة الى تفرق الكلمة, ابيح للحاجة كمرض او سفر او مطر...الخ
2- تحريم الاسبال لكون ذريعة للمخيلة الا انه ابيح للحاجة كبردٍ او اظهار للمخيلة في الحروب
3- تحريم الموسيقى بما في ذلك الدف و المزمار لكونه ذريعة الى فساد المجتمع و النفوس كما قال ابن مسعود عنه انه ينبت النفاق في القلب, الان ان الدف ابيح للحاجة في الأعياد و الأعراس لحاجة الاعلان, و ابيح المزمار للراعي لحاجته اليه

و يندرج تحت هذه القاعدة الأمور التي حُرمت للذريعة بالاجتهاد مثل: المظاهرات, و قيادة المرأة للسيارة في المملكة, و غير ذلك من الأمور التي هي مُباحة في الأصل و انما مُنعت للمآل الممنوع

............. ثم لا يفوتنا الى ان نشير الى ان الحاجة تُقدر بقدرها, و لذلك لما ابيحت الموسيقى ابيح القدر الذي يحتاجه الناس و هو: الدف في الاعراس, و المزمار للراعي.... ثم هل يُقال باباحة الموسيقى \ او المؤثرات الصوتية في الأعراس لحاجة الناس الى ذلك خاصة مع انعدام استخدام الدف في هذه الأيام؟
 

أسامة أمير الحمصي

:: مطـًـلع ::
إنضم
20 مارس 2010
المشاركات
103
التخصص
هندسة
المدينة
حمص
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: قاعدة (ما حرم للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة)

ألا تتعارض هذه القاعدة مع: درء المفاسد أولى من جلب المصالح؟
أم يقال: أن القاعدة انما هي ما حرم لذريعة ابيح للحاجة بسبب تزاحم المفاسد
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: قاعدة (ما حرم للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة)

ألا تتعارض هذه القاعدة مع: درء المفاسد أولى من جلب المصالح؟
أم يقال: أن القاعدة انما هي ما حرم لذريعة ابيح للحاجة بسبب تزاحم المفاسد
تفويت المصلحة هو مفسدة بحد ذاته، ولذا فالقاعدة المذكورة مخصوصة بحالة ما إذا تساوت المفسدة مع المصلحة كما ذكره بعض الشراح، وإلا فهي بعمومها تناقض قاعدة اختيار أهون الشرين وقاعدة ارتكاب أدنى المفسدتين. وقد ذكر العز وابن تيمية وابن القيم رحمهم الله تعالى أن عناية الشارع بالمأمورات أكثر منها بالمنهيات وأثبتوه من وجوه كثيرة. وانظر نقاشا علميا حول هذه القاعدة هنا
 
إنضم
10 سبتمبر 2009
المشاركات
5
الكنية
الرفاعي
التخصص
الفقه / السياسة الشرعية
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: قاعدة (ما حرم للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا أستاذنا الكريم د.أيمن على طرح هذا الموضوع المهم، وأسأل الله التوفيق لأخي متولي أمين وأدعوه وأدعو إخواني جميعا إلى عدم احتكار (الحق) و (العلم) بقصرهما على من نوافقهما من العلماء والمشايخ، وإخراج بقية أهل العلم من المخالفين في المذهب أو المنهج من دائرة (الاعتبار) العلمي، فحين قال أستاذي الفاضل متولي أمين بأن القول (بعدم الجواز) هو قول العلماء، فكأنما شممت التعريض بمن قال (بالجواز) من أهل العلم بأنهم ليسوا بعلماء أصلا، أو أنهم علماء غير معتبر بقولهم، وربما يكونون من أهل البدع ممن لا يعتد بأقوالهم.
فأدعو إخواني إلى ترك هذا المنهج واحترام جميع الآراء وجعل الدليل الشرعي حكما على تلك الآراء هدانا ووفقنا الله جميعا.
الأمر الثاني: لا يخفى على حضراتكم ما يعانيه أهل السنة في العراق من ويلات، وهم مهددون اليوم في عقائدهم، فشباب ونساء أهل السنة والعوام منهم يعيشةن تحت ضغط المظاهر للفكر الشيعي من أعلام ولا فتات ورايات تغزو الشوارع والبنايات ووسائل الإعلام، والاختفالات والمناسبات والمسيرات والتجمعات المختلفة، مما يسبب الوهن في قلوب عوام أهل السنة، وقد أدى ذلك إلى انخراط الكثير الكثير في هذه الأيام من أهل السنة مع الشيعة في مناسباتهم رغبا ورهبا، وقد تشيع الكثير اليوم من عوام أهل السنة اليوم.
ونحن نؤمن أن العلاج هو في نشر العقيدة الصحيحة والتربية على التواصي بالحق والصبر
ولكن قد يحتاج إلى استغلال بعض الوسائل للتحصين المؤقت والسريع لعوام أهل السنة وبالأخص في بغداد والمناطق المختلطة، بقصد التميز في المظاهر عن أهل البدع كي نتجنب الذوبان السريع في مظاهر أهل البدعة
وقد عمل على ذلك العثمانيون في بغداد فركزوا على الاحتفال بالمولد النبوي مقابلة لمقتل الحسين الذي تقوم به الشيعة الروافض في بغداد وما زال بعض أهل السنة في بغداد يتوارثون ذلك، وهو ما فعله صلاح الدين ايضا في مصر قصد رد بدعة الفاطميين.
فمن باب المذاكرة هل يجوز تطبيق القاعدة المذكورة في عمل بعض المحاضرات والنشاطات ورفع بعض اللافتات المنضبطة بأقوال الشرع في شهر ربيع الأول لتقبل أهل السنة لتلك النشاطات في تلك اليام وغقبالهم عليها، حيث أن النهي عن تلك النشاطات في تلك المناسبة عائد لسد الذريعة عن اتخاذ هذه المناسبة عيدا شرعيا والزيادة على الشرع بفعل ذلك؟
أرجو مذاكرتكم للموضوع مع تصور واستحضار حال مسيس حاجة أهل السنة في العراق ووقوعهم في حدّ الضرورة الشرعية، وفقكم الله وسددكم
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: قاعدة (ما حرم للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة)

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
شخصيا لا أرى في عمل المحاضرات والنشاطات في أي مناسبة دينية أو غير دينية بأسا
الخلاف في إحياء المولد ينبغي أن ينصب على ما يُفعل على وجه العبادة كتخصيصه بالصوم أو الصلاة أو ورد معين من الذكر. أما ما لا يكون من العبادة بالمعنى الخاص فلا ينبغي أن يدخل في المنع، وذلك لأن مدرك المنع هو "الإحداث" وهو جائز فيما سبيله المصلحة العامة لا خصوص التعبد باتفاق. والله أعلم.
 
إنضم
22 يونيو 2008
المشاركات
1,566
التخصص
الحديث وعلومه
المدينة
أبوظبي
المذهب الفقهي
الحنبلي ابتداءا
رد: قاعدة (ما حرم للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة)

من الكتب التي درست القاعدة بالتفصيل:
فتح الذرائع وأثره في الفقه الإسلامي
د. محمد رياض الطبقجلي
 
إنضم
10 سبتمبر 2009
المشاركات
5
الكنية
الرفاعي
التخصص
الفقه / السياسة الشرعية
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: قاعدة (ما حرم للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة)

جزاكم الله خيرا د. أيمن وزادكم علما
ولكن تعلمون أن بعض الفقهاء يمنعون من (التخصيص) بالزمان سداً لذريعة اتخاذه موسما وعيداً مضاهيا للأعياد والمواسم المشروعة، حيث أن إضفاء الصفة الدينية للموسم ظاهر، فأحببت الاستفسار أنه على راي هؤلاء الفقهاء والعلماء هل يمكن القول بفتح الذريعة للقاعدة التي ذكرتموها.
رغم أنني اعتقد أن ما بينتموه من مدرك في ردكم الكريم هو الأوجه والأقوم ولكن من باب التسليم للمعارض
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: قاعدة (ما حرم للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة)

جزاكم الله خيرا د. أيمن وزادكم علما
ولكن تعلمون أن بعض الفقهاء يمنعون من (التخصيص) بالزمان سداً لذريعة اتخاذه موسما وعيداً مضاهيا للأعياد والمواسم المشروعة، حيث أن إضفاء الصفة الدينية للموسم ظاهر، فأحببت الاستفسار أنه على راي هؤلاء الفقهاء والعلماء هل يمكن القول بفتح الذريعة للقاعدة التي ذكرتموها.
رغم أنني اعتقد أن ما بينتموه من مدرك في ردكم الكريم هو الأوجه والأقوم ولكن من باب التسليم للمعارض
حياكم الله أخي د. أحمد
لا أدري: إذا كانوا يؤمنون بأن تحريم النشاطات غير العبادية في هذا اليوم هو من باب الذريعة فينبغي عليهم أن يفتحوا هذه الذريعة في مثل الحال التي تفضلت بالسؤال عنها. هذا إذا كانوا يسلمون بالقاعدة أصلا وهذا ما لا أدريه أيضا
 
إنضم
25 مارس 2011
المشاركات
1,035
الكنية
أبو محمد
التخصص
فقه
المدينة
مكة المكرمة والشمال
المذهب الفقهي
أصول المذهب الأحمد
رد: قاعدة (ما حرم للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة)

جزاك الله خيرا.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
.....
18- وكـلُّ مـمنوعٍ فلِـلضَّـرُورةِ..... يُبــــــــاحُ والـمَكروهُ عِندَ الحاجةِ
19- لكنَّ ما حُرِّمَ لِلذَّرِيْعَــةِ..... يَـجُـــوزُ لِلْحــــــاجــةِ كالعَرِيَّــةِ
رابط: http://www.feqhweb.com/vb/showthrea...5%E6%E1+%C7%E1%DD%DE%E5+%E6%DE%E6%C7%DA%CF%E5
شرح منظومة القواعد والأصول لابن عثيمين (ص: 35):
يعني المحرم [الذي حرّم] لكونه ذريعة لمحرم أشد، فإنه يجوز [يباح] عند الحاجة...

ومما سأل الشيخ :في شرح منظومة القواعد والأصول لابن عثيمين (ص 104) (الشاملة):
س: وهذا يقول فضيلة الشيخ ما صحة القاعدة التي تنص على أن النهي إذا كان لسد الذريعة أبيح للمصلحة الراجحة وهل من تطبيقات هذه القاعدة الصلاة في مسجد فيه قبر لإدراك الجماعة حيث لم يجد إلا هذا المسجد في طريقه؟
ج: الدليل أن ما أمر للذريعة وفي حال الحاجة ما ذكرناه في النظم في مسألة العريَّة، العرية هي أن يشتري الإنسان الرطب على رؤوس النخل بالتمر، ومن المعلوم أن بيع الرطب بالتمر حرام؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- سئل عن بيع التمر بالرطب فقال: أينقص إذا جف؟ قالوا: نعم. قال: فلا .أي: فلا تبيع؛ وذلك لأن بيع الرطب بالتمر تُجهل فيه المماثلة، والواجب في بيع التمر بالتمر أن يكون متماثلا في الكيل، وهذا -أعني بيع الرطب بالتمر- لم يتحقق فيه هذا الشرط، لكن لماذا مُنع بيع الرطب بالتمر؟ لأنه ذريعة إلى أن يباع التمر بمثله متماثلا.. نعم لأنه ذريعة إلى أن يباع التمر بمثله متفاضلا، إذا دعت الحاجة إليه في مثل العرية جاز.
والعرية هي أن يكون عند الإنسان تمر سادة، ويحتاج إلى التفكه بالرطب على رؤوس النخل، وليس عنده مال، فيذهب إلى صاحب البستان ويقول: بعني ثمرة هذه النخلة بتمر، فيبيعه إياه، فهذا جائز، لكن يجب أن يُخرص الرطب لمثل ما يؤول إليه تمرا، ويعطى من التمر ما يماثله كيلًا؛ حتى يحصل التساوي، ولو بالخرص والتخريص، وقد مضى بيان ذلك ووجه جوازه. نعم.
بقي علينا مثال أنه ذكر إذا مر الإنسان بمسجد فيه قبر فهل يصلي عليه عند الحاجة؟ نقول: إنه -في الواقع- لا حاجة إلى هذا المسجد، والمسجد المبني على قبر لا تصح الصلاة فيه؛ لأنه محرم، وليس هناك حاجة إلى الصلاة فيه، إذ إن الإنسان يمكن أن يصلي في أي مكان من الأرض؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (جعلت لي الأرض مسجدا) ولم يفصل. ا هـ
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: قاعدة (ما حرم للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة)

جزيتم خيرا يا شيخ ملفي على الإضافة
 
إنضم
1 ديسمبر 2011
المشاركات
4
الكنية
أبو محمد
التخصص
دراسات إسلامية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: قاعدة (ما حرم للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة)

جزاكم الله خيرا يا دكتور أيمن
وأسأل الله تعالى أن يبارك فيكم وفي علمكم
ولا أخفيكم شيخنا أنني أقف أمام كل كلمة قلتها هنا أتأملها وأتفهمها
فإن ما ذكرتموه جد دقيق
وأتوجه إليكم بعدم الزهد بالكتابة بيننا -مع أنني جديد- فإننا عطشى لما تنثر من درر الفوائد والقواعد
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: قاعدة (ما حرم للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة)

جزاكم الله خيرا يا دكتور أيمن
وأسأل الله تعالى أن يبارك فيكم وفي علمكم
ولا أخفيكم شيخنا أنني أقف أمام كل كلمة قلتها هنا أتأملها وأتفهمها
فإن ما ذكرتموه جد دقيق
وأتوجه إليكم بعدم الزهد بالكتابة بيننا -مع أنني جديد- فإننا عطشى لما تنثر من درر الفوائد والقواعد
حياكم الله أخي الكريم يوسف، وأهلا بكم في ملتقانا هذا نتذاكر ونتدارس، وربما نخلط ونغرب ونلقي الكلام في كثير من الأحيان على عواهنه من غير تمحيص ولا تحقيق، فما كان من صواب فلله الحمد، وما كان من خطأ وزلل فمردود في وجوهنا، وحسبنا فيه أن نخرج منه سالمين من الإثم، لأنا لا نرى أنفسنا أهلا للاجتهاد والانتقاد، ولكنها شهوة الكلام والتعالم نسأل الله العافية.
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: قاعدة (ما حرم للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة)

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ؛ وبعد:
(ما حرم للذريعة ، أبيح للمصلحة الراجحة)
ابتداءً يجب أن نعلم أن التحريم أشد ما يجب التزامه من الأحكام التشريعية الخمسة ، فإذا جاز ارتكابه للمصلحة الراجحة ، فمن باب أولى يجوز ترك الواجب إذا كان وسيلة إلى المصلحة أو وسيلة إلى سد الذريعة من أجل مصلحة أرجح.
وهكذا المندوب والمكروه والمباح ، مع أن البعض قد لا يتصور تعلق القاعدة المذكورة بهذه الأحكام الثلاثة غير الإلزامية ، لجواز تركها أو فعلها ابتداءً . ولكنها تتعلق بها ، بمعنى أنه يصير الأولى مع وجود المعارض الأرجح ليس بأولى والمساوي مع وجود المعارض الأرجح غير مساوي ، بل ربما وجب الجميع أو حرم لسد الذريعة إلى المفسدة التي قد تحصل بالترك أو الفعل في الجميع.
ولما كانت التشريعات في باب المعاملات عامتها وسائل إلى المصالح أو سداً للذرائع وهكذا كثير من العبادات ، بل لو نظرنا إلى العبادات باعتبارها وسائل إلى المصالح الأخروية ، والتي لم نعد نسمع عنها كثيراً ، فإن جميع التشريعات هي إما تحصيل للمصالح الدنيوية والأخروية ودفع للمفاسد الدنيوية والأخروية.
فكل التشريعات حينئذٍ يجوز ارتكاب ما يخالف مقتضاها للمصلحة الراجحة ، وهنا تكمن خطورة هذه القاعدة التي لا نعرف لها ضابطاً حتى الساعة.
ومن نظر في كلام ابن القيم رحمه الله رأى أنه تكلم عن بعض الأحكام الشرعية التي جاء الشرع بها سداً للذريعة وإباحة ارتكاب المحرم الذي جاء الشرع أيضاً بإباحته مخالفة لمقتضى التحريم الأول ، ثم علله بالقاعدة المذكورة.
ولم يأتِ هو ابتداءً ليبيح ما حرم الشرع اعتماداً منه على أن التحريم كان لسد الذريعة والإباحة كانت لمصلحة راجحة ارتآها.
بل هو أساساً إنما أتى بهذه القاعدة كأحد وجوه الجمع بين الأدلة المتعارضة ظاهراً.
كالنهي عن بيع الحيوان بالحيوان وإباحة الحيوان بالحيوان نسيئة ، والنهي عن بيع الربوي بجنسه إلا متماثلاً يداً بيد ، وإباحة العرايا .
وهذا لا إشكال فيه لأن الشارع الذي قدر المفسدة حين منع هو من رجح الترك للمصلحة المعارضة حينئذٍ.
فمن جاء ليبيح ما حرم الشارع بدعوى أن الشارع إنما نهى عما نهى عنه لأنه وسيلة إلى محرم ، وأنه هو عَلِمَ في ارتكاب المنهي عنه مصلحة راجحة ، فقد شرع لا أقول من دون الله ، بل وبمضادة شرعه، وكان في حكم من قال الله فيهم : {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا} وفي قوله سبحانه : {وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله ...} وغيرها من النصوص الكثيرة ، وليست بخافية على أحد ، وغاية ما يعتذر به هو من جنس اعتذار من قال : { يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا . أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ }
والعمل بهذه القاعدة بالإطلاق المذكور ، هو مذهب العلمانيين ، وقد استحيى المنتسبون إلى الشرع من هذه الوصمة فجاؤوا لنا بقسمة العلمانيين إلى ميكيافيليين وغير ميكيافليين ، وجعلوا يزعمون أنهم لا يغلون غلو العلمانيين الميكيافليين ، وهو ما يقتضي أنهم يعتدلون اعتدال العلمانيين غير الميكيافليين ، ومن شر البلية ما يضحك.
على أن ما نقله الريسوني عن الميكيافليين وقوله : { أما الغالون فيستسهلون ركوب الوسائل بمنطقٍ ذرائعي مشبوهٍ وإن كانت محظورة مًمنوعة مادام إفضاؤها إلى المقصود محقّقَّا، وهذا مذهب العلمانيين الميكيافليين ومن نسجَ على منولهم} هو بعينه مقتضى هذه القاعدة إن لم يلتزم العامل بها أن تكون الإباحة لدليل شرعي آخر غير الكذب بلا حياء مدعياً أن المصلحة المذكورة راجحة.
فإن ما نسبه إلى العلمانيين هو ارتكاب الوسيلة المحرمة إن كان ذلك يفضي إلى مصلحة محققة. فما الفرق بين هذا وبين القاعدة المذكورة أعلاه؟
لا يقال : شرط المصلحة أن تكون أرجح ، فإنه لا يقبل عاقل أن يقول : العلماني يبيح الوسيلة المحرمة لمصلحة مرجوحة ، لمجرد أنه يعادي العلماني ويحمل له في نفسه بغضاً ، فإن هذا لا يقوله عاقل أصلاً ، بل كل عاقل يدعي أن ما يعتقده أرجح من غيره وإلا لما اعتقده ، هذا في كل شيء في العلميات والعمليات ولدنيوية والأخروية .
ولا يقال : هم يستخدمون منطقاً وسائلياً مشبوهاً .
فهذا الإشتباه إن كان هو معارضة الشرع ، فالفرض أن معارضته جائزة مع وجود المصلحة الأرجح وفقاً لهذه القاعدة .
وهذا الإشتباه كلام للزخرفة ، إذ لا نعرف نحن كيف يتميز المشبوه من غير المشبوه ، إذ لا ضابط ولا قيد.
ولو سلمنا صحة القاعدة بهذا الإطلاق ، فلعله يجوز لنا أن نذهب إلى المنع من العمل بها سداً لذريعة رفع الشريعة.
هذا والله أعلم
ولنا عودة
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: قاعدة (ما حرم للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة)

اتفق معك يا شيخ وضاح بأن الإطلاق في القاعدة بحاجة إلى ضبط، وأن القاعدة بصيغته المعروضة ربما تستغل استغلالا سيئا، ولكن هذا لا يخوِّلنا إلغاء القاعدة من أصلها بل يدفعنا إلى البحث عن ضوابط تحدد المقصود بألفاظها لا سيما المقصود الدقيق بـ "ماحرم للذريعة". ولعل تعبير الشاطبي عن نفس مضمون القاعدة بقوله: "الأمور الضرورية أو غيرها من الحاجية أو التكميلية إذا اكتنفتها من خارج أمور لا ترضى شرعا فإن الإقدام على جلب المصالح صحيح على شرط التحفظ بحسب الاستطاعة من غير حرج كالنكاح الذي يلزمه طلب قوت العيال مع ضيق طرق الحلال واتساع أوجه الحرام والشبهات وكثيرا ما يلجئ إلى الدخول في الاكتساب لهم بما لا يجوز ولكنه غير مانع لما يئول إليه التحرز من المفسدة المربية على توقع مفسدة التعرض ولو اعتبر مثل هذا في النكاح في مثل زماننا لأدى إلى إبطال أصله وذلك غير صحيح وكذلك طلب العلم إذا كان في طريقه مناكر يسمعها ويراها وشهود الجنائز وإقامة وظائف شرعية إذا لم يقدر على إقامتها إلا بمشاهدة ما لا يرتضي فلا يخرج هذا العارض تلك الأمور عن أصولها لأنها أصول الدين وقواعد المصالح وهو المفهوم من مقاصد الشارع فيجب فهمها حق الفهم فإنها مثار اختلاف وتنازع وما ينقل عن السلف الصالح مما يخالف ذلك قضايا أعيان لا حجة في مجردها حتى يعقل معناها فتصير إلى موافقة ما تقرر إن شاء الله والحاصل أنه مبني على اعتبار مآلات الأعمال فاعتبارها لازم في كل حكم على الإطلاق" --- أقول: لعل تعبير الشاطبي هذا أكثر بعدا عن التفسيرات غير المرضية للقاعدة.
أما قولكم، أخي وضاح، بارك الله فيكم، بأن ابن القيم ضرب أمثلة للقاعدة من المنصوص فهذا صحيح لأن هذه الأمثلة هي الأصول التي استقرئت منها القاعدة فأكسبتها العموم، وهكذا هي حال كثير من القواعد غير المنصوصة بعمومها تُستقرأ من جملة فروع منصوصة لتطبق بعد ذلك على فروع غير منصوصة، كقاعدة إقامة المظنة مقام المئنة مثلا، فلا نص شرعيا مباشرا على هذه القاعدة ولكنها مستقرأة من جملة كبيرة من تصرفات الشارع في الفروع المنصوصة، وهذا أكسبها قوتها القاعدية.
ولذلك لمَّا استشكل القرافي حجية الاستدلال على قاعدة سد الذرائع بنصوص الشرع في الوقائع كتحريم الخلوة وسب آلة المشركين ونحوها، قائلا بأن هذا استدلال بالقياس لا بالنص، رد عليه الشاطبي بأن المعنى الكلي المستقرأ من جملة كبيرة من الفروع ليس قياسا مجردا بل هو، لتعدد أصوله، في قوة العموم اللفظي وربما أقوى.
وأما قولكم، بارك الله فيكم، بأن ابن القيم لم يطبق القاعدة إلا على فروع منصوصة فهذا ليس بصحيح؛ لأنه وشيخه، رحمهما الله، يوردان القاعدة في سياق الاستدلال على مسائل خالفا فيه عموم النص لمصلحة، كمسألة بيع الحلي من الذهب بنفسه متفاضلا، فقد قاما باستثناء حلي الذهب من عموم تحريم بيع الذهب بالذهب متفاضلا، للحاجة والمصلحة، على طريقة الشارع في استثناء بيع العرايا من عمومات تحريم البيوع الربوية؛ لأن ربا الفضل عند الشيخين ليس محرما لذاته بل لما قد يؤدي إليه من ربا النسأ الذي هو ربا الديون. ومثل ذلك أيضا إجازتهما ميراث المسلم من الذمي دون العكس استثناء من عموم لا يتوارث أهل ملتين، ونحو ذلك من المسائل.
أما قولكم، بارك الله فيكم، بأن القاعدة تنطبق بمعناها أيضا على الواجبات وبقية الأحكام، فهذا صحيح لكن اصطُلح على تسمية ذلك بسد الذرائع وعلى هذه القاعدة بفتح الذرائع. ومن أمثلة الواجبات التي قد تترك للمفسدة الراجحة (أي سدا للذريعة) الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا ظن الآمر أو الناهي لزوم مفسدة أكبر عن فعله الأمر أو النهي، ومن المنصوص عليه من الأمثلة ترك النبي صلى الله عليه وسلم بناء البيت على قواعد إبراهيم، عليه السلام، لخشيته على قومه نظرا لقرب عهدهم بالإسلام، وتركه معاقبة بن أبي سلول مع ظهور نفاقه، معللا ذلك بأنه، صلى الله عليه وسلم، يخشى أن يقول الناس إن محمدا يقتل أصحابه، وغير ذلك من أمثلة سد الذرائع وهي كثيرة تُطلب في مظانها.
 
إنضم
11 يوليو 2012
المشاركات
350
التخصص
أصول فقه
المدينة
قرن المنازل
المذهب الفقهي
الدليل
رد: قاعدة (ما حرم للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة)

أحسن الله إليكم
وشكر الله المشايخ الكرام إثراءهم العاطر
المسألة واسعة ، من كل جهة تكتنفها أصول وفروع وقواعد
والأسلم تضييق محل النزاع حولها ، بردِّها إلى أصولها المتعلِّقة بالواقع التطبيقي لا النظري .
وقد تناول الإمام الشوكاني أصول هذه المسألة بتأصيل ماتع في : " إرشاد الفحول " وبين في ثنايا تقريره أن العُرف يخصِّص النص الظني دون القطعي ، لأن التخصيص فرع التعارض ، والتعارض لا يكون إلا مع النص المساوي ، فلا يقع التعارض بين قطعي وظني ، لأن القطعي يُقدَّم عليه .
والمقصود أن الأحكام تتغير بتغير الأعراف كما بين ابن عابدين في رسالته النفيسة : نشر العرف في بناء الأحكام على العرف . والله الهادي .
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: قاعدة (ما حرم للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة)

ولكن هذا لا يخوِّلنا إلغاء القاعدة من أصلها بل يدفعنا إلى البحث عن ضوابط تحدد المقصود بألفاظها
أما القاعدة المذكورة فلا أعلمها مقررة من قبل أهل العلم بالدليل ، بل لا أعلمهم ذكروها أصلاً ، وإنما استنبطها بعض المعاصرين من تصرفات بعض الأئمة كشيخ الإسلام وتلميذه ، مع عدم تسليم أنهما عملا بمقتضاها أصلاً كما سيأتي معك لاحقاً.
وإذا كانت هكذا فنحن لا نحتاج إلى بيان عدم انضباطها وبيان إمكانية استغلالها استغلالاً سيئاً لنلغيها ؛ إذ هي لم تثبت حتى تلغى ، ويكفينا أن نقف موقف المنع ، وعلى المثبت الدليل.
وعلى فرض ثبوتها ، لماذا لا يخولنا عدم انضباطها وإمكانية استغلالها استغلالاً سيئاً إلغائها؟
فإن قيل : بعد الثبوت كيف تذهب إلى الإلغاء بمجرد ما ذكرَ مع إمكان الضبط ؟
قلنا : لوجود ما يغني عنها ، بدليل انضباط الفقه قبل ظهورها.
ومن القواعد التي تغني عنها الضرر يزال ، وتقديم درأ المفاسد على جلب المصالح ، ودرأ أعظم المفسدتين ، وجلب أعظم المصلحتين ... إلخ
أما أن فساد المثال لا يدل على فساد القاعدة .. ففيه نظر من حيث أن القاعدة أن برزت بالبناء على المثال .. سقطت بسقوطه ، وإنما يصح أن يقال أن بطلان المثال لا يدل على بطلان القاعدة حيث ثبتت القاعدة بالدليل أو باستقراء جملة كثيرة من الأمثلة دلت على صحة القاعدة دلالة ظاهرة ، فبيان بطلان مثال أو مثالين مع بقاء الكثير المفيد لثبوتها .. لا يضر.
وليس شأن القاعدة كذلك ، فإنا لا نعلمهم مثلوا لها إلا بمسائل يسيرة قليلة عامتها من تخصيص العام ، وهذا لا تعلق له بالقاعدة أصلاً ، لأنها لا تتكلم عن المسائل الفرعية التي لا تدخل تحت دلالة العام ، بل عن الداخلة في دلالته ودلالة غيره من الأدلة ، بأن يترك الحكم المستفاد من الدليل لكونه حكماً ثابتاً سداً للذريعة والجنوح إلى غيره لاقتضاء المصلحة. لذا قد يكون الحكم عند القائلين بها هو حكم النص في زمان أو مكان أو حال معين ، ويترك ذلك الحكم في غيرها ، تبعاً للمصلحة ، وذلك متى كان النص وارداً لدرء المفسدة كما تقدم.
فالأمثلة لا تعلق لها بهذه القاعدة أصلاً ، بل عمومات دلت المخصصات على عدم دخول صورة بعينها في ذلك العموم ، فذلك الخاص حكمه واحد قبلاً وبعداً.
وأما قولكم، بارك الله فيكم، بأن ابن القيم لم يطبق القاعدة إلا على فروع منصوصة فهذا ليس بصحيح؛ لأنه وشيخه، رحمهما الله، يوردان القاعدة في سياق الاستدلال على مسائل خالفا فيه عموم النص لمصلحة، كمسألة بيع الحلي من الذهب بنفسه متفاضلا، فقد قاما باستثناء حلي الذهب من عموم تحريم بيع الذهب بالذهب متفاضلا، للحاجة والمصلحة، على طريقة الشارع في استثناء بيع العرايا من عمومات تحريم البيوع الربوية؛ لأن ربا الفضل عند الشيخين ليس محرما لذاته بل لما قد يؤدي إليه من ربا النسأ الذي هو ربا الديون. ومثل ذلك أيضا إجازتهما ميراث المسلم من الذمي دون العكس استثناء من عموم لا يتوارث أهل ملتين، ونحو ذلك من المسائل
أما أنهما رحمهما الله كانا يوردان القاعدة .. فلا أعلمه.
أما الأمثلة المذكورة .. فلا تعلق لها بالقاعدة أصلاً ، لأنها من باب الإستثناء من العام ، فليست هذه المسائل محرمة عندهما ثم أبيحت للحاجة ، بل هي ليست داخلة في عمومات النصوص المذكورة أصلاً ، فهي مباحة بدليل المخصصات ولو مصالح.
أما القاعدة فظاهرة في كونها في إباحة ما ثبت تحريمه بالنص الشرعي متى كان ذلك التحريم سداً للذريعة.
وقد تقدم الكلام فيه فلا حاجة إلى الإعادة
وبعض الأمثلة التي ذكرت ترك الحكم الشرعي لمصلحة أو درأ مفسدة ، فنفس النص الشرعي الدال عليها هو دال على اعتبار تلك المصلحة ، ولا إشكال في إعمالها حينئذٍ لأن العمل بتلك المصلحة عمل بالنص الدال على اعتبارها.
ولا يقال : فنعمل نحن ذلك حيث لا نص ؛ لأن القاعدة ميدانها هو حيث هناك نص ، ولا يجوز أن يكون المجتهد هو الذي يقرر تلك المصلحة باجتهاده لدفع دلالة النص مع اعترافه بدلالته على خصوص ما يريد نفي حكمه الشرعي ، فهذا أسوأ من الإستحسان الذي رده الأئمة بمن فيهم أبو حنيفة رحمه الله ، فإن استحسان الأحناف ليس هذا مجاله ، بل مجاله المسائل الفرعية التي اعتورتها أدلة متعارضة ، فإن كان أحد الدليلين مخرجاً للفرع عن نظائره سموه استحساناً ولو كان ذلك الدليل نصاً من كتاب الله سبحانه ، ولا يعارضون الكتاب ولا السنة ولو آحادية باستحسان غير مبني على أحدهما.

والله سبحانه أعلم
 
التعديل الأخير:
إنضم
27 مارس 2010
المشاركات
65
الكنية
أبو مؤمن
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
غزة
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: قاعدة (ما حرم للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة)

قاعدة رائعة وتعالج كثراً من القضايا المعاصرة نفع الله بكم
 
أعلى