العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

قاعدة (ما حرم للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة)

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
هذه قاعدة مهمة وخطيرة جدا، وهي من ابتكار ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله تعالى، ويكثر استعمالها هذه الأيام في الفتاوى الترخيصية، وبالبناء عليها ـ ضمن أدلة أخرى ـ أجاز الشيخان بيع الحلي من الذهب أو الفضة بجنسه متفاضلا، وبالبناء عليها أجاز كثيرون الدراسة والعمل في الأماكن المختلطة، وأجازوا استعمال القنوات الفضائية رغم ما فيها للدعوة، وغير ذلك كثير.
وعليها قد يُخرَّج جواز التظاهر السلمي على فرض احتفافه ببعض المنكرات وقوعا أو توقعا
ولحسن الحظ يوجد بحث مستفيض في هذه القاعدة للدكتور قطب الريسوني، تجدونه هنا
أرجو قراءة البحث، وهو يستحق القراءة، وموافاتنا بانطباعاتكم
 
التعديل الأخير:

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: قاعدة (ما حرم للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة)

قاعدة (ما حرم للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة)
دراسة تأصيلية تطبيقية

د. قطب الريسوني
المقدمة:
لا يخفى على حصيف أن الوسائل في عصرنا على حظ غير ضئيل من التنوع والتباين، مع تزاحمها أحيانًا في المضمار الواحد، والآراء في صحّة التوسّل بها أو الترجيح بينها في موارد التعارض لا تجري على سََننِ الاتفاق؛ بل تختلف إلى حد التشاجر والملاحاة، وربما يحكم على الوسيلة بالمنع، غفلة عن مقاصد الشرع، وجمودًا على الظاهر، فيُضيَّق الواسع، ويحجّر الليّن، ويوصد باب اليسر في دين الله تعالى. وإن الحكم على الوسيلة يقتضي تدبرًا في وجوه استعمالها، ومكامن فوائدها ومضارها، قبل التهجّم عليها بالإيجاب أو المنع، وهذا معترك اجتهادي ضنك لا يأمن العثارَ فيه إلا الفقيه الحاذق البصير بمقاصد الشريعة، الواعي بفقه الواقع المجتهد فيه والمنزَّل عليه.
والحقّ أن منزلةَ الوسائل أهدرت بين الغالين فيها والجافين عنها، أما الغالون فيستسهلون ركوب الوسائل بمنطقٍ ذرائعي مشبوهٍ وإن كانت محظورة مًمنوعة مادام
إفضاؤها إلى المقصود محقّقَّا، وهذا مذهب العلمانيين الميكيافليين ومن نسجَ على نولهم، وأما الجافون فيجمدون على الوسائل بدعوى أنها توقيفية، ويحجرون على التوسع فيها
بالرأي أو الاجتهاد. وقد عجّت الآفاق، اليوم، بأولئك وهؤلاء، وضاق الناس ذرعًا بإسرافهم في الأمر، وتن ّ كبهم سََننَ المصلحةِ التي هي مراد الشارع فيما شرع في العاجل والآجل!.
ولما كانت للوسائل أهمية وخطورة وشأن في حياة الناس؛ إذ هي الطرق المفضية إلى الأغراض المرسومة، والمقاصد المرجوة، فإن الحاجة ماسة إلى صياغة منهج إسلامي في النظر يزن المقاصد والوسائل بميزان الحكمة والتبصر، فلا يرفع من شأن
المقصد على حساب الوسيلة، ولا تض ّ خم الوسيلة إلى حد اهتضام المقصد! ولا شك أن دفع القصور في فهم ضوابط الوسائل، وطرق إجرائها، لا يتأتى إلا بتجريد صدر
محمود من الاهتمام لدراسة قواعد الوسائل وتخريج الفروع عليها؛ لأنها بمثابة الموازين التي يحتكم إليها في بيا ِ ن شرعية التوسل، والصوى الهادية على طريق الاجتهاد، حين تتزاحم النوازل، وتطرد المستجدات، وأكثرها مما يتصل بأسباب
الحياة، ويتدّلى إلى واقع الناس.
ومن القواعد المشهورة في باب الوسائل: (ما حرّم س دا للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة)، وقد أكثر شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم من الاستدلال بها والتخريج عليها، ولا غرو؛ فهما من رؤوس الفقه المقاصدي، من الذين أتيح لهم من شفوفِ الرأي، وجودة النظر، في حك ِ م التشريع وأسراره ما لم يتح لغيرهم. أما المعاصرون فلم يفردوا القاعدة بدراسة مستقلة تعنى باستنطاق محتواها، واستجلاء صلتها بالأصول التشريعية، وبيا ِ ن تطبيقاتها الفقهية. وما وقفت عليه من كلامهم في هذا الباب لا يعدو قبسة العجلان أو حسوة الطائر!، وإليكَ حصيلَته بعد الفحص عن مواضعه، واستقراءِ إشاراته.
. ١ - قواعد الوسائل في الشريعة الإسلامية لمصطفى بن كرامة الله مخدوم
عقد مؤلف الكتاب فصلا للحديث عن قاعدة: (الفعل المنهي عنه سدا للذريعة يباح للحاجة)، وإن ضؤلة المادة في هذا الفصل كانت تقتضي من الباحثِ إعادة النظر في هيكل بحثه؛ لأن ما ساقه من شرح على القاعدة يمكن أن يلتئم تحت عنوان مبحث، ولا يحتاج إلى عقد فصل مستقل برأسه!.
ومردّ نزارة المادة إلى تقصير الباحث في بيان محتوى القاعدة، واستجلاء علاقتها بفقه الموازنات، وسوْقِ الأدلة الناهضة على صحتها من الكتاب والسنة؛ ذلك أن عنايته بها لم تتعدَّ الشرح المبتسر، وحكاية الفروع المسطورة في كتب الفقهاء.
٢ - القواعد والضوابط الفقهية عند ابن تيمية في كتابي الطهارة والصلاة
استقصى المؤلف القواعد الفقهية المُخرَّج عليها عند شيخ الإسلام في كتابي الطهارة والصلاة، وأوفى في استقصائه على الغاية، وكان حظ قاعدة: (ما كان منهيا عنه
للذريعة فإنه يفعل لأجل المصلحة الراجحة) ثلاث صفحات من الكتاب، سيق فيها شرح مبتسر للقاعدة، ودليل واحد على صحتها، وأربعة فروع لها انتثرت في كتاب (زاد المعاد) لابن القيم. وكان من الأولى استقراء التطبيقات الفقهية في كتب شيخ الإسلام لسبقه إلى تأصيل القاعدة أولا، ولأنه موضوع الكتاب ثانيًا.
٣ - القواعد الفقهية المستخرجة من (إعلام الموقعين) لابن القيم لعبد المجيد. جمعة الجزائري
ذكر المؤلف القاعدة بصيغتها الشائعة عند ابن القيم: (ما حرّم سدا للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة)، وعضّد حجيتها بالدليل من الكتاب والسنة، مع بيان وجه الانتزاع
منه، ثم ساق فروعًا لها من كتب ابن القيم. وكان من الواجب المضيَّقِ أن يوطأ لهذا كله بشرح مستوفٍ للقاعدة، وبيان لمحتواها المقاصدي، بيد أن المؤلف ضرب صفحًا عن ذلك فأخلّ بالمادة والمنهج معًا!.
٤ - موسوعة القواعد الفقهية المنظمة للمعاملات المالية الإسلامية لعطية عدلان. عطية رمضان
عدّ المؤلف القاعدة في زمرة قواعد الاحتياط وسد الذرائع، وبين معناها الإجمالي بالنقل عن غيره، ثم أردف ذلك بجلب فرع فقهي عار عن مصدره وقائله. وإن قصور المؤلف في تجلية القاعدة تأصيلا وتنزيلا، عاق عن إدراك فحواها، وتبيّن بعدها، ففاته بذلك المقصد المرجو من إيرادها ضمن قواعد الاحتياط الفقهي.
٥ - نظرية الاحتياط الفقهي (دراسة تأصيلية تطبيقية) لمحمد عمر سماعي

ساق المؤلف القاعدة عند رصده لقواعده الذرائع، وبيان أثرها في الاحتياط الفقهي، وقد وّفق في شرحها، واستنطاق بعدها الاحتياطي، إلا أن في الجانب التطبيقي قصورًا بيًّنا مردّه إلى إغفال الفروع المجلية للصلة الوثقى بين القاعدة وأصل الاحتياط.
٦ - قواعد السعة والمرونة في المعاملات المالية وتطبيقاتها المعاصرة لإبراهيم علي أحمد الشال الطنيجي
عدّ المؤلف القاعدة في زمرة قواعد السعة والمرونة، وخرّج عليها فروعًا من الواقع المالي المعاصر، لكن صنيعه في التأصيل للقاعدة لم يستوف حظه من النضج والاستواء؛ ذلك أنه لم يعن بشرح القاعدة شرحًا مستوفيًا، وتبيّن علائقها بأصول
التشريع وقواعده. وهذا قصور لا يغتفر في دراسة تأصيلية تطبيقية تروم بيانَ حكم الشرع في النوازل المعاصرة؛ لأن الجانب التطبيقي لا يؤتي أكله إلا بعد الغوص على الفحوى النظري للقاعدة، واستجلاء أبعادها، ليتأتى الربط بين النظرية والتطبيق على نحو محكم، وإلا جرى التنزيل على الواقع بصورة فجّة وأسلوب مبتسر.
ومن العجب العاجب أن يؤلف كتاب عن (سدّ الذرائع عند شيخ الإسلام ابن تيمية) ويعقد فصل فيه لبيان العلاقة بين سد الذرائع والقواعد الأصولية والفقهية، ولا يُعاجُ على قاعدة: (ما حرّم سدا للذريعة يباح للمصلحة الراجحة)، وهي قاعدة بارزة في الفكر الذرائعي عند ابن تيمية؛ فكيف يستقيم سبر أغوار هذا الفكر مع الغفلة عنها والسكوت عليها؟!.
وقد حدا بي هذا الإعواز والخصاص حد وا إلى إفراد القاعدة بدراسة مستقلة تعنى باستنطاق محتواها، وسوق أدلتها، وتبيّن علائقها، وتخريج الفروع عليها، فاستقامت - أي الدراسة - في ستة مباحث:
الأول: عني بشرح ألفاظ القاعدة وبيان صيغها عند الإمامين ابن تيمية وابن القيم.
الثاني: عني باستبيان المعنى الإجمالي للقاعدة، واستجلاء أبعاده المقاصدية
الثالث: عني بسوقِ أدلة القاعدة من الكتاب والسنة والمعقول، تعضيدًا لمنحاها،وشدا لنطاقها.
الرابع: عني باستيضاح علائق القاعدة بالأدلة والقواعد التشريعية كالمقاصد والمصالح واعتبار المآل والاحتياط.
الخامس: عني باستجلاء الفروق بين القاعدة والنظرية المكيافلية المتهافتة.
السادس: عني ببيان تطبيقات القاعدة عند الفقهاء، مع التخريج عليها في الواقع المعاصر.
وإذا كان لهذه الدراسة من فضلِ وعائد، فمن الإنصاف عزوه إلى الإمامين الجليلين:
شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم؛ إذ قاما على تأصيل القاعدة أتم القيام، مع السبق المحمود، والأثر الحسن، وإن كنت لا أبخس عملي حقه، فقد رتبت فيه وهذبت، وأضفت مباحث أصيلة لعلي لم أسبق إليها، وهي تزيد القاعدة قوّة وجلاءً، وتضع لبنة في صرح فقه الوسائل.
هذا؛ وقد توسلت في إنجاز هذه الدراسة بمنهج لاحب يتناغم وطبيعة المادة العلمية، ويجري في ركاب المعايير المستقيمة، ومن أبرز عناصره:
أولا: الاستقراء، وقد أفدنا منه في تتبّع الإشارات التأصيلية والتطبيقية التي تناولت القاعدة، ورصدِ ملامح ارتباطها بالأدلة الشرعية والقواعد الأصولية. وإن هذا التتبع أو ذاك الرصد اقتضى الاطلاع على مظان فقهية متنوعة، ونظم ما تناثر في تضاعيفها في سلكٍ جامع.
ثانيا: التأصيل، وهو منهج أصيل أثير في أي بحث جادّ يتوخى الإضافة والإثراء، وقد كان قِبلتنا في بيان المحتوى النظري للقاعدة، وبسط أدلتها، واستجلاء علائقها بالأدلة الشرعية والقواعد الأصولية.
ثالثا: التوثيق، أسّ البحث العلمي ومِلاكه، وهو يلزم الباحث بعزو النقل إلى صاحبه ومصدره، وتوثيق الآيات، وتخريج الأحاديث وبيان رتبتها إن رويت في غير الصحيحين.
والله نسأل أن يجعل عملي لوجهه خالصًا، ومن النار منجيا ومخّلصًا، وأن ينفع به كاتبه وقارئه في الدنيا والآخرة، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: قاعدة (ما حرم للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة)

أظنُّه فات الباحثَ أمور:
1. ربط القاعدة بمبدأ الاستحسان فهي إن لم تكن هو فأهم نوع من أنواعه
2. التفريق بين ما اندرج تحريمه تحت عموم لفظي أو علة قياسية جزئية، (مثل إباحة بيع حلي الذهب والفضة بجنسها مع التفاضل استثناء من عموم "لا تبيعوا الذهب إلا مثلا بمثل يدا بيد" )، وبين ما لم يرد فيه نص عام أو خاص أو قياس جزئي، وإنما حُرِّم لمجرد سد الذريعة. (مثل تحريم التظاهر عند من يحرمونه أو تحريم قيادة المرأة السيارة وما إلى ذلك مما لم يرد بحرمته نص وإنما حُرِّم للمآل الممنوع مع التسليم بجوازه من حيث الأصل) فالقاعدة بعمومها تشمل النوعين، والصواب قصرها على النوع الأول. أما الثاني فلا يدخل تحت القاعدة أصلا لأن افتراض أن الوسيلة محل البحث ينبني عليها مصلحة راجحة يمنع من اندراج هذه الوسيلة تحت مبدأ سد الذرائع بالكلية فلا معنى لاستثنائها منه بالقاعدة المذكورة.
3. بيان معايير المصلحة الراجحة التي تقوى على استثناء ما ورد بتحريمه نص عام أو قياس ظاهر من حكم التحريم.
4. بيان معايير معرفة ما حُرِّم تحريم الوسائل وما حرم تحريم المقاصد وما هو محل اشتباه بين هذا وذاك.
5. ربط هذه القاعدة والتفريق بينها وبين قاعدة الضرورات تبيح المحظورات وقاعدة تنزيل الحاجات العامة بل والخاصة منازل الضرورة.
6. الترجيح أو الموازنة بين هذه القاعدة وقاعدة الحنفية بأن ما ورد بشأنه نص فلا يباح للحاجة.
7. ربط هذه القاعدة بما أصله الشاطبي في مواضع من الموافقات من جواز اجتراح ما كان مباحا بالكل حتى لو احتف باستيفائه بعض المناكر. "الْقَوَاعِدَ الْمَشْرُوعَةَ بِالْأَصْلِ إِذَا دَاخَلَتْهَا الْمُنَاكِرُ؛ كَالْبَيْعِ، وَالشِّرَاءِ، وَالْمُخَالَطَةِ، والْمُسَاكَنَةِ إِذَا كَثُرَ الْفَسَادُ فِي الْأَرْضِ وَاشْتَهَرَتِ الْمُنَاكِرُ، بِحَيْثُ صَارَ الْمُكَلَّفُ عِنْدَ أَخْذِهِ فِي حَاجَاتِهِ وَتَصَرُّفِهِ فِي أَحْوَالِهِ لَا يَسْلَمُ فِي الْغَالِبِ مِنْ لِقَاءِ الْمُنْكَرِ أَوْ مُلَابَسَتِهِ؛ فَالظَّاهِرُ يَقْتَضِي الْكَفَّ عَنْ كُلِّ مَا يُؤَدِّيهِ إِلَى هَذَا، وَلَكِنَّ الْحَقَّ يَقْتَضِي أَنْ لَا بُدَّ لَهُ مِنِ اقْتِضَاءِ حَاجَاتِهِ، كَانَتْ مَطْلُوبَةً بِالْجُزْءِ أَوْ بِالْكُلِّ، وَهَى إِمَّا مَطْلُوبٌ بِالْأَصْلِ، وَإِمَّا خَادِمٌ لِلْمَطْلُوبِ بِالْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُ إِنْ فُرِضَ الْكَفُّ عَنْ ذَلِكَ أَدَّى إِلَى التَّضْيِيقِ وَالْحَرَجِ، أَوْ تَكْلِيفُ مَا لَا يُطَاقُ، وَذَلِكَ مَرْفُوعٌ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ؛ فَلَا بُدَّ لِلْإِنْسَانِ مِنْ ذلك، لكن مع الكف عما يُسْتَطَاعُ الْكَفُّ عَنْهُ، وَمَا سِوَاهُ؛ فَمَعْفُوٌّ عَنْهُ لِأَنَّهُ بِحُكْمِ التَّبَعِيَّة لَا بِحُكْمِ الْأَصْلِ.
وَقَدْ بَسَطَهُ الْغَزَّالِيُّ فِي كِتَابِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مِنَ "الْإِحْيَاءِ" عَلَى وَجْهٍ أَخَصَّ مِنْ هَذَا، فَإِذَا أُخَذَ قَضِيَّةً عَامَّةً اسْتَمَرَّ وَاطَّرَدَ.
[وَقَدْ] قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي مَسْأَلَةِ دُخُولِ الْحَمَّامِ بَعْدَ مَا ذَكَرَ جَوَازَهُ: "فَإِنْ قِيلَ: فَالْحَمَّامُ دَارٌ يغلب فيها المنكر؛ فدخلوها إِلَى أَنْ يَكُونَ [حَرَامًا] أَقْرَبُ مِنْهُ إِلَى أَنْ يَكُونَ مَكْرُوهًا؛ فَكَيْفَ أَنْ يَكُونَ جَائِزًا؟ قُلْنَا: الْحَمَّامُ مَوْضِعُ تداوٍ وَتَطَهُّرٍ؛ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ النَّهْرِ، فَإِنَّ الْمُنْكَرَ قَدْ غَلَبَ فِيهِ بِكَشْفِ العورات، وَتَظَاهُرِ الْمُنْكَرَاتِ، فَإِذَا احْتَاجَ إِلَيْهِ الْمَرْءُ دَخَلَهُ، وَدَفَعَ الْمُنْكَرَ عَنْ بَصَرِهِ وَسَمِعَهُ مَا أَمْكَنُهُ، وَالْمُنْكَرُ الْيَوْمَ فِي الْمَسَاجِدِ وَالْبُلْدَانِ؛ فَالْحَمَّامُ كَالْبَلَدِ عُمُومًا، وَكَالنَّهْرِ خُصُوصًا. هَذَا مَا قَالَهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي هَذَا الْمَعْنَى.
وَهَكَذَا النَّظَرُ فِي الْأُمُورِ الْمَشْرُوعَةِ بِالْأَصْلِ كُلِّهَا، وَهَذَا إِذَا أَدَّى الِاحْتِرَازُ مِنَ الْعَارِضِ لِلْحَرَجِ، وَأَمَّا إِذَا لَمْ يُؤَدِّ إِلَيْهِ وَكَانَ فِي الْأَمْرِ الْمَفْرُوضِ مَعَ وُرُودِ النَّهْيِ [سِعَةً] كَسَدِّ الذَّرَائِعِ؛ فَفِي الْمَسْأَلَةِ نَظَرٌ، وَيَتَجَاذَبُهَا طَرَفَان؛ فَمَنِ اعْتَبَرَ الْعَارِضَ سَدَّ فِي بُيُوعِ الْآجَالِ وَأَشْبَاهِهَا مِنَ الْحِيَلِ، وَمَنِ اعْتَبَرَ الْأَصْلَ لَمْ يَسُدَّ مَا لَمْ يَبْدُ الْمَمْنُوعُ صُرَاحًا".
 
التعديل الأخير:
إنضم
16 ديسمبر 2007
المشاركات
238
التخصص
مهندس حاسب
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: قاعدة (ما حرم للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة)

قولنا (ما حرم سدا للذريعة) معناه أن هذا الشيء محرم بسبب ما يؤدي إليه من مفسدة.
وقولنا (المصلحة الراجحة) معناه أن هذه المصلحة المفروضة أرجح من تلك المفسدة المذكورة.
وقد نص عدد من أهل العلم على أن المصلحة الراجحة تقدم على المفسدة المرجوحة، وهو ما يسمى باعتبار المصالح والمفاسد.
فخلاصة المقصود من هذه العبارة ( ما حرم للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة ) التفريع على القاعدة الكبرى وهي قاعدة اعتبار المصالح والمفاسد.
ولا يخفى عليكم أنها قاعدة معروفة عند جمع من أهل العلم، ولعل أشهر من تكلم عليها ابن عبد السلام في قواعده، وهو سابق على ابن تيمية بنحو سبعين سنة.
فليست القاعدة اختراعا ولا بدعا من القول، ولا ينبغي أن يُظن أن مثل ابن تيمية يرسل هذا الكلام اختراعا من عنده نفسه.
والمقصود أنه ينبغي التأمل والتدبر في كلام أهل العلم المتقنين قبل تخطئتهم ووسمهم بالاختراع.
 

متولى أمين حلوة

:: مشارك ::
إنضم
31 مايو 2010
المشاركات
248
الجنس
ذكر
التخصص
طب الأطفال
الدولة
saudia
المدينة
الأحساء - الهفوف
المذهب الفقهي
غير متمذهب
رد: قاعدة (ما حرم للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة)

التظاهر السلمي على فرض احتفافه ببعض المنكرات وقوعا أو توقعا

لو عكستَ أخي الكريم لكان أوفق ، و قد علم الدانى و القاصي اشتمال المظاهرات على كثير من المنكرات و تسببها في كثير من المفاسد العامة و الخاصة الدينية و الدنيوية..

فلو قيل : ((بفرض خلو التظاهر السلمي من المنكرات)) لكان أقرب للواقع الذي لا يمكن إنكاره
------
ثم ما هو التظاهر السلمي ؟ لو بُين حده لكان أصح في ميزان البحث ، فهل هو السلمي بمعنى الخلو من التخريب و التدمير ؟ الظاهر أن هذا هو المقصود..
لكن ليس كل مظاهرة سلمية - بهذا المعنى - تكون سالمة من المفاسد
فالعبرة ليست بسلميتها إنما العبرة بسلامتها
أى
من المفاسد ، سواء ابتداءً أو ما تؤدى إليه من فتن و شغب و تخريب و قتل و قطع سبل..
------
و في الحقيقة هذه الطريقة لم تنصف ابن تيمية و لا ابن القيم حيث تعرضا لكثير من الظلم و السجن و التنكيل و العقوبة من ولاة أمر ظلمة ، و مع ذلك لم يقوما بالتداعى إلى الخروج و لا أشارا إليه و لا زيناه للناس كما يفعل القعدية من الخوارج الذين يزينون الخروج و لا يباشرونه ، فكيف يتأتى لأحد هذا التركيب البعيد ؟ فيصور كلام الإمامين و كأنه يمكن استلاب إباحة التظاهر من كلامهما و قواعدهما !!.. هذه طريقة ليست موافقة للمنهج البحثي و لا توافق الواقع الحاصل منهما..فلننصف الشيخين بارك الله فيكم
و النقولات عن الشيخين في ضد هذا المعنى المراد انتزاعه متكاثرة ، هذا بخلاف سيرتهما المعلومة..

قال ابن القيم في الإعلام
في معرض كلامه على قاعدة سد الذرائع و منع ما يؤدي إلى الحرام
(الوجه الثامن والتسعون : نهيه عن قتال الأمراء
والخروج على الائمة
و إن ظلموا أو جاروا
ما أقاموا الصلاة
سدا لذريعة الفساد العظيم والشر الكثير بقتالهم
كما هو الواقع
فإنه حصل بسبب قتالهم والخروج عليهم أضعاف اضعاف ما هم عليه
والأمة في بقايا تلك الشرور الى الآن وقال إذا بويع الخليفتان فاقتلوا الآخر منهما سدا لذريعة الفتنة ) ..انتهى كلامه رحمه الله
___________
أما ابن تيمية فالنقولات عنه أشهر من أن تذكر
قال رحمه الله:-
[FONT=arial,helvetica,sans-serif]وكان أفاضل المسلمين ينهون عن الخروج والقتال في الفتنة كما كان عبد الله بن عمر وسعيد بن المسيب وعلي بن الحسين وغيرهم ينهون عام الحرة عن الخروج على يزيد وكما كان الحسن البصري ومجاهد وغيرهما ينهون عن الخروج في فتنة ابن الأشعث ولهذا استقر أمر أهل السنة على ترك القتال في الفتنة للأحاديث الصحيحة الثابته عن النبي وصاروا يذكرون هذا في عقائدهم ويأمرون بالصبر على جور الأئمة وترك قتالهم وإن كان قد قاتل في الفتنة خلق كثير من أهل العلم والدين
وباب قتال أهل البغي والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يشتبه بالقتال في الفتنة وليس هذا موضع بسطه ومن تأمل الأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي في هذا الباب واعتبر أيضا اعتبار أولى الأبصار علم أن الذي جاءت به النصوص النبوية خير الأمور ولهذا لما أراد الحسين رضي الله عنه أن يخرج إلى أهل العراق لما كاتبوه كتبا كثيرة أشار عليه أفاضل أهل العلم والدين كابن عمر وابن عباس وأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن لا يخرج وغلب على ظنهم أنه يقتل حتى إن بعضهم قال أستودعك الله من قتيل وقال بعضهم لولا الشفاعة لأمسكتك ومصلحة المسلمين والله ورسوله إنما يأمر بالصلاح لا بالفساد لكن الرأي يصيب تارة ويخطيء أخرى
فتبين أن الأمر على ما قاله أولئك ولم يكن في الخروج لا مصلحة دين ولا مصلحة دنيا بل تمكن أولئك الظلمة الطغاة من سبط رسول الله حتى قتلوه مظلوما شهيدا وكان في خروجه وقتله من الفساد ما لم يكن حصل لو قعد في بلده فإن ما قصده من تحصيل الخير ودفع الشر لم يحصل منه شيء بل زاد الشر بخروجه وقتله ونقص الخير بذلك وصار ذلك سببا لشر عظيم وكان قتل الحسين مما أوجب الفتن كما كان قتل عثمان مما أوجب الفتن
وهذا كله مما يبين أن ما أمر به النبي من الصبر على جور الأئمة وترك قتالهم والخروج عليهم هو أصلح الأمور للعباد في المعاش والمعاد وأن من خالف ذلك متعمدا أو مخطئا لم يحصل بفعله صلاح بل فساد ولهذا أثنى النبي على الحسن بقوله إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين ولم يثن على أحد لا بقتال في فتنة ولا بخروج على الأئمة ولا نزع يد من طاعة ولا مفارقة للجماعة

[/FONT]
-------------
و قال كذلك :
وأما أهل العلم والدين والفضل فلا يرخصون لأحد فيما نهى الله عنه من معصية ولاة الأمور وغشهم و الخروج عليهم ، بوجه من الوجوه كما قد عرف من عادات أهل السنة والدين قديما وحديثا ومن سيرة غيرهم. وقد ثبت في الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال: (ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة عند استه بقدر غدره) قال: وإن من أعظم الغدر. يعني بإمام المسلمين.
-------------
و قال أيضاً :-
((ولهذا كان المشهور من مذهب أهل السنة أنهم لا يرون الخروج على الأئمة وقتالهم بالسيف وإن كان فيهم ظلم كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة المستفيضة عن النبي صلى الله عليه و سلم لأن الفساد في القتال والفتنة أعظم من الفساد الحاصل بظلمهم بدون قتال ولا فتنة فلا يدفع أعظم الفسادين بالتزام أدناهما و لعله لا يكاد يعرف طائفة خرجت على ذي سلطان إلا وكان في خروجها من الفساد ما هو أعظم من الفساد الذي أزالته
والله تعالى لم يأمر بقتال كل ظالم وكل باغ كيفما كان ولا أمر بقتال الباغين ابتداء بل قال و إن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغى حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل سورة الحجرات 9 فلم يأمر بقتال الباغية ابتداء فكيف يأمر بقتال ولاة الأمر ابتداء؟))
---------

فلا يصح انتزاع هذا المعنى مع توافر النقولات المضادة له و دلالة سيرتهما على ضده ، و لا ننسى أن الإمامين حنبليان يتبعان أصول السنة المرضية عند العلماء كافة و التى نص عليها الإمام أحمد

و منها :-

والسمع والطاعة للأمة وأمير المؤمنين البر والفاجـر ومن ولي الخلافة، واجتمع الناس عليه ورضوا به، و من غلبهم بالسيف حتى صار خليفة وسمي أمير المؤمنين.
والغزو ماض مع الأمراء إلى يوم القيامة البر والفاجر لا يترك.
وقسمة الفيء، وإقامة الحدود إلى الأئمة ماض، ليس لأحد أن يطعن عليهم، ولا ينازعهم.
ودفع الصدقات إليهم جائزة نافذة. من دفعها إليهم أجزأت عنه برا كان أو فاجرا.
وصلاة الجمعة خلفه، وخلف من ولاه جائزة باقية تامة ركعتين، من أعادهما فهو مبتدع، تارك للآثار، مخالف للسنة، ليس له من فضل الجمعة شيء؛ إذا لم ير الصلاة خلف الأئمة برهم و فاجرهم فالسنة بأن يصلي معهم ركعتين ويدين بأنها تامت. لايكن في صدرك من ذلك شك.
ومن خرج على إمام من أمة المسلمين وقد كان الناس اجتمعوا عليه وأقروا له بالخلاقة بأي وجه كان بالرضا أو بالغلبة فقد شق هذا الخارج عصا المسلمين، وخالف الآثار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن مات الخارج عليه مات ميتة جاهلية.
[mark=#FAF2FF]ولا يحل قتال السلطان و لا الخروج عليه لأحد من الناس. فمن فعل ذلك فهو مبتدع على غير السنة والطريق.[/mark]انتهى كلام الإمام أحمد..
--------
و هذه المعانى مجمع عليها و الحمد لله
قال الحافظ ابن حجر فِي الفتح (13/7): و قد أجمع الفقهاء عَلَى وجوب طاعة السلطان المتغلب والجهاد معه، وأن طاعته خير من الخروج عليه لِما فِي ذَلِكَ من حقن الدماء وتسكين الدهماء..اهـ

فلا يحسن - بأي حال - ممن تحرى و أنصف و علم كلام الإمامين و سيرتهما أن ينتزع عنوةً ، جواز المظاهرات من كلامهما و قواعد الدين التي بيناها و شرحاها..و بارك الله في الجميع
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: قاعدة (ما حرم للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة)

قولنا (ما حرم سدا للذريعة) معناه أن هذا الشيء محرم بسبب ما يؤدي إليه من مفسدة.
وقولنا (المصلحة الراجحة) معناه أن هذه المصلحة المفروضة أرجح من تلك المفسدة المذكورة.
وقد نص عدد من أهل العلم على أن المصلحة الراجحة تقدم على المفسدة المرجوحة، وهو ما يسمى باعتبار المصالح والمفاسد.
فخلاصة المقصود من هذه العبارة ( ما حرم للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة ) التفريع على القاعدة الكبرى وهي قاعدة اعتبار المصالح والمفاسد.
ولا يخفى عليكم أنها قاعدة معروفة عند جمع من أهل العلم، ولعل أشهر من تكلم عليها ابن عبد السلام في قواعده، وهو سابق على ابن تيمية بنحو سبعين سنة.
فليست القاعدة اختراعا ولا بدعا من القول، ولا ينبغي أن يُظن أن مثل ابن تيمية يرسل هذا الكلام اختراعا من عنده نفسه.
والمقصود أنه ينبغي التأمل والتدبر في كلام أهل العلم المتقنين قبل تخطئتهم ووسمهم بالاختراع.

جزاكم الله خيرا شيخنا "أبو مالك" على المرور والتعقيب
وأخشى أنكم حملتم كلامي على غير محمله، فأنا لم أخطِّئ ابن تيمية أو ابن القيم أو غيرهما، وإنما نسبت إليهما ابتكار القاعدة، وهذا محمدة لا مذمة لأن استخلاص المعاني الكلية من جزئيات الشريعة وصوغها صياغة محكمة فضيلة علمية، وهو لا يدخل في الابتداع المذموم كما لا يخفى عليكم شيخنا الفاضل.
أما أن العز وكذا القرافي قائلون بالقاعدة قبل الشيخيين فنعم من حيث المعنى العام بل كل من قال بالاستحسان بالمصالح الراجحة هو قائل بها من حيث المعنى كذلك، أما من حيث الصياغة اللفظية وذكر الأدلة والأمثلة الشرعية وتطبيقها فللشيخين القدح المعلى والله أعلم.
والقاعدة غاية في الأهمية من وجهة نظري، ولكن كما هي العادة فيما كان معياره التعارض والتجاذب بين العمومات والمصالح، يحتاج إلى دقة واحتياط كبيرين في تقدير المصلحة وتحقيق مناطها ومناط العموم والتوليف بينهما، ولذلك وصفت القاعدة بكونها خطيرة فهي ذات حدين وقد تستغل استغلالا سيئا من قبل البعض، ولكن هذا لا يدفعنا إلى إنكارها والله أعلم.
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: قاعدة (ما حرم للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة)


فلا يحسن - بأي حال - ممن تحرى و أنصف و علم كلام الإمامين و سيرتهما أن ينتزع عنوةً ، جواز المظاهرات من كلامهما و قواعد الدين التي بيناها و شرحاها..و بارك الله في الجميع

وبارك فيكم وفتح عليكم من فتوحه، وأشكركم على التعقيب، ولكن اسمح لي بهذه الملاحظات:
أولا: أخي الكريم تأصيل القاعدة وبناء الفروع عليها أمران مختلفان، فقد يتفق عالمان على القاعدة ولكنهما يختلفان في تخريج فرع ما عليها، ولا مشاحة في هذا. وهذا أوضح من أن يحتاج إلى إطناب القول فيه. وعليه فكون ابن تيمية رحمه الله تعالى سن القاعدة من حيث اللفظ، لا يحرم الآخرين من استعمال القاعدة في فرع قد يخالفون به ابن تيمية رحمه الله تعالى، لا سيما أن القاعدة من حيث المعنى ثابتة لدى كل القائلين بالاستحسان المصلحي من مالكية وحنفية وحنابلة.
ثانيا: أما فيما يتعلق بموضوع التظاهر السلمي فخارج عن القاعدة أخي الكريم كما ذكرتُه جملةً في المشاركة رقم 3 النقطة 2، لأن التظاهر السلمي مما لا نص فيه، والأصح أن القاعدة إنما يُقصد بها ما تناولته عمومات النصوص، ولذلك وردت في كلام ابن تيمية رحمه الله تعالى بلفظ "ما نهي عنه للذريعة...". وهو ـ أقصد التظاهر السلمي ـ إنما يدخل في قاعدة الوسائل (غير المنصوص عليها) مع مقاصدها، ولذا لا يقال بجوازه بإطلاق أو بتحريمه بإطلاق وإنما تعتريه الأحكام الخمسة بحسب الغاية المرادة منه، والمآل الذي قد يترتب عليه. وكنا قد أبنا في مشاركتنا على هذا الرابط أن تقدير المآل المترتب على هذا التظاهر مصلحة أو مفسدة وأيهما الغالب لا يختص به المشايخ وإنما يحتاج إلى استشارة أهل الخبرة من الثقات في مجال التحليل السياسي أو الاجتماعي
ثالثا: إقحام موضوع الخروج على الولي الجائر هنا غير سديد إلا إذا كان المقصود من التظاهر إسقاط الحاكم وتولية غيره، وأما فيما عدا ذلك فلا يكون التظاهر السلمي خروجا. وموضوع الخروج على الولي الجائر موضوع ذو شجون، ولقد أكثرتَ من طرحه أخي الكريم في هذا الملتقى طرحا خشبيا غير منهجي يقوم على أحادية النظر والانتقاء في الأدلة والأقوال وضعف الفهم لأقوال السلف والفقهاء، وقد ناقشتك هناك في بعض ما قلته ولم تعقِّب على كلامي، فإن أردت أن نفتتح موضوعا مستقلا يقوم على المذاكرة العلمية والحوار الذي يُبغى من ورائه الوصول إلى الحق في موضوع الخروج على الولي الجائر قمنا بذلك، أما على طريقتك في الطرح في هذا الموضوع على مبدأ "أضرب واهرب" دون مناقشة للردود أو استيفاء لنقاط الخلاف والاتفاق ومناقشتها واحدة تلو الأخرى فأرجو أن تعذرني لأني لا أجدني متحمسا لنقاشك أو التعقيب على كلامك في هذا الباب على وجه التحديد
 

متولى أمين حلوة

:: مشارك ::
إنضم
31 مايو 2010
المشاركات
248
الجنس
ذكر
التخصص
طب الأطفال
الدولة
saudia
المدينة
الأحساء - الهفوف
المذهب الفقهي
غير متمذهب
رد: قاعدة (ما حرم للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة)

بارك الله فيكم أخى الكريم
و تلك القاعدة لا تخص ابن تيمية وحده ، بل هى قاعدة مطردة عند أكثر الفقهاء و الأصوليين و الشريعة تؤيدها و العقل يدل عليها ، و إذا كانت الشريعة قد أباحت المحظورات لأجل الضرورات ، فمن باب أولى أن تبيح ما حرم لوصفه لا لذاته حيث تكون المصلحة ، و لا يخفى عليكم أن اختلاف صيغ العلماء في التعبير عن القواعد ليس مهماً بقدر أهمية المعنى ، و هذا المعنى منتظم الوجود عند أكثر الفقهاء و الأصوليين..
و أيضاً فإن النهى عن الخروج على الأئمة معنى منتظم الوجود عند المحققين من أهل السنة قديماً و حديثاً ، فالمخالف في هذا المعنى مخالف لكل هؤلاء لا ابن تيمية وحده..

و إذا كان العلماء ينهون عن تزيين الخروج فما بالكم أخى الكريم بمباشرته ؟
الذين يزينون الخروج على الولاة و لا يباشرونه هم من الخوارج ، صنف منهم ، يقال لهم القَعَدية أو القَعَدَة أو القَعَد ، و وصفهم العلماء فقالوا : هم أخبث الخوارج ، كما رواه أبو داوود في مسائله للإمام أحمد..
و النهى عن المظاهرات ليس إلا قول العلماء ، لا فهمي أنا الخاص بي و لا فهم غيري حتى يقال :" فهمك" فضلاً عن ضعف الفهم!!! ، كلامهم واضح و صريح و موجه للجميع العلماء و العوام ، يفهمه كل أحد و لا يحتاج لمزيد كلام ، و ليس لي فيه حظ سوى النقل و الإبانة ، و العلماء هم الذين استدلوا بكلام الأئمة و السلف من قبل ، فلا ينبغي أن يوجه القول بالنهي إلى فهمي الخاص بي ، ثم يوصف هذا الفهم بأنه ضعيف..هذه حيدة في الكلام..
الصواب أن يقال : "فهم العلماء" أو "ضعف فهم العلماء" ، و لا أظن أنه يخفى عليك أخى الكريم استفاضة القول بمنع المظاهرات عن عشرات و عشرات من العلماء ، فلماذا يصار إلى غيرهم الرد ؟ الصواب أن ينسب الرد عليهم ، إليهم هم ، لا إلى الناقل عنهم..
أما إطلاق العبارات مثل الأحادية و الخشبية ، فهذه تضر القلم و تقطع الرحم ، تضر قلم العلم و التحقيق ، و تقطع رحم المحبة بين حملة العلم ، فالمرجو البعد عن التوصيف و اللجوء لركن التحقيق و الاحتماء به ، هو أنفع و أحب لكل قارئ..
و كل وصف يوجه للناقل عن العلماء فهو راجع إليهم حتماً ، و هذا ليس بسائغ ، أن نترك صاحب القول إلى الناقل عنه..
أما العلماء فهم أرحم بنا من آبائنا و أمهاتنا ، لله درهم عرفوا الحق و رحموا الخلق ، و ما أساؤوا لأحد ، ليس منهم إلا جميل المعروف و الإحسان لأمة محمد صلى الله عليه و سلم..
ما ألقوا بهم في الفتن ، و لا تشجعوا من خلف الشاشات ، و لا نشروا الشبهات ، و لا خرجوا عن أقوال الأئمة الثقات..
فالواجب على حملة العلم جميعاً أن يعرفوا لهؤلاء الكبار أقدارهم ..
و كما أخاطبكم أخي الفاضل بكل مودة و تؤدة ، أرجو أن يكون خطابكم ، إن لم يكن أحسن و أجمل - لأنكم أهل لذلك - فلا يقال لي أن هذا هو قولي و هذا هو فهمي..
لا
بل منع المظاهرات هو قول العلماء و هو فهمهم ، كما استفاضت فتاويهم و لله الحمد و المنة..
----------
و بغير الدخول في تفاصيل حرمة المظاهرات - التى عم فسادها كل البلدان ، مع ما يستغرب من تمسك البعض بجوازها بناءً على قاعدة الأصل في الأشياء الإباحة - هناك ستة أصناف يبعثون برسالة شكر لمبيحي المظاهرات
1- الصنف الأول : أعداء الإسلام من الكفرة و الملاحدة : يقولون للمبيحين
(( شكراً لكم ، فقد قتلتم منكم عشرات المئات بأيديكم لا بأيدينا ، و خربتم بيوتكم بأيديكم لا بأيدينا ، و فعلتم ما لم نكن نحلم به يوماً ما بغير مجهود منا ، ما أعونكم لنا ، نتمنى منكم المواصلة ، مهما بين لكم العلماء الأقلاء عندكم حرمة المظاهرات ، لا تلتفتوا إليهم ، و استمروا ، فما أشجعكم و ما أكثر بركاتكم علينا ، لقد رأينا نساءكم و تصفحنا وجوههن ، حتى المنتقبات منهن رأينا منهن طاقات عجيبة ، و أنتم تعرفون محبتنا لكم و عدم مكرنا و عدم خبثنا و لا سوء طوايانا و لا فساد نياتنا ، ننظر إليكم و إليهن بعين المحبة و التأييد و لسوف نظل نناصركم ، المهم ألا تلتفتوا مهما حصل من مفاسد إلى فتاوى هؤلاء الخشبيين الأحاديين من علمائكم ، لأنهم علماء سلطان ، انشروا هذا القول عنهم ، أنهم علماء سلطان ، حتى تتمكنوا من تنفير الناس عنهم و الطعن فيهم ، و لحومهم اليوم مطعومة لا مسمومة ، و اعتلوا سلالم الحرية و التعددية و المرونة و بشروا الناس بمستقبل مليئ بالنعم ، و قولوا لهم : ما يحصل من سفك دماء هو ثمن للحرية فتحملوا ضياع أبنائكم و خراب بيوتكم و تشرذمكم و تشتتكم و تقاتلكم ، تحملوا تحملوا لأجل مجئ الحرية ، و نحن معكم لأبعد مدى ، سوف نؤيدكم القول بأن السبب في كل مفاسد المظاهرات و انتشار الرعب و عدم الأمن هم الحكام و الشرطة ، اطمئنوا نحن معكم و نتابعكم حتى و لو لم تشعروا بنا))
2- الصنف الثانى : نصارى بلداننا
يقولون للمبيحين:-
((جزاكم الله عنا كل خير ، بكم استطعنا الخروج بعد طول سكوت ، بكم رفعنا الصلبان على رؤوس الأشهاد ، و بكم ساوينا بين الكنيسة و بين الجامع فقلنا :" الكنيسة زى الجامع"
و بكم قمنا بشحن الناس إلينا و توجيه الأنظار إلى وحدتنا و قلتنا و ضعفنا و اضطهادنا!! ، بكم رفعنا كل شعار نريده ، بكم علونا و ارتقينا من التمكن و التمكين سلالم لم نكن لنرتقيها إلا بكم ، و من بركات إباحتكم للمظاهرات في بلداننا أننا يوما قريباً سوف نتمكن من تغيير الدستور ، فاصبروا و كونوا معنا ، و لا تتراجعوا أبداً عن إباحة المظاهرات ، لأنها سلمية كما تعلمون !!))..

3-الصنف الثالث : شيعة بلداننا
يقولون للمبيحين
(( كان حلماً لنا أن نظهر و أن نتظاهر و أن نخرج ، و كنا في غاية الحيرة عن وسيلة تحقق لنا الوجود العلني و المطالبات التى سوف تمكن لنا - على المدى البعيد- دولة ثانية في بلاد المشرق ، لكن ما إن رأيناكم خرجتم ، هنا و هناك و في كل بلد ، و رأينا منكم من يرد على علمائكم و يقول إنهم علماء سلطان أو مجتهدون مخطئون مغفور لهم خطؤهم ، ضربنا بكل قوة على نفس الوتر ، و انتحل منا أناس التسنن فروجنا القول بحل المظاهرات على قاعدتكم بأن الأصل في الأشياء الإباحة ، رغم أن دولتنا الأم تقمع المتظاهرين و تعذب أهل السنة ، لكن لماذا لا نستفيد منكم ؟ و نستثمر تلك القاعدة الخطيرة في تحقيق مرادنا ؟
سوف يكون لنا دولة ، لا نكاد نصدق أنفسنا أننا عاجلاً سوف يكون لنا دولة ، و لم لا ؟ فنحن الأغلبية ، و الديمقراطية هى ديكتاتورية الأغلبية ، فلنكن أغلبيين ، لنكن ديمقراطيين و لتكن لنا دولة ، و الفضل لكم و في قاعدتكم الخطيرة : الأصل في الأشياء الإباحة..
لقد شجعتمونا أيما تشجيع
و لا ندرى ، من دونكم ماذا كنا نفعل ؟
لولا ما بيننا ، و لولا الملامة ، لكنا قبلنا وجوهكم أنتم أيها المبيحون للمظاهرات ، و لا نريد منكم أكثر من الاستمرار و التشجيع ، حتى لو كنتم جالسين من وراء الشاشات ، و حتى لو مات بسببكم الخلق الكثير..
اتركوا باقي المهمة لنا..))

4-الصنف الرابع:-العلمانيون و أضرابهم
((في الحقيقة نحن نحاول من سنوات طويلة تفعيل مبادئنا في إطلاق الحريات و اللاتدين و إخراج المرأة بكل وسيلة ، و اليوم وجدنا المرأة و ربة المنزل و المنتقبة بين صفوفنا رجالاً و نساءً
إن المرأة المنتقبة تنادى و تصيح و تصرخ و تنفعل و تشتم و تتلاحم مع الرجال ، بل إن زوجها الشيخ يقول لها تعالى نخرج في مظاهرة اليوم و اعتصام الغد و إضراب بعد غد و وقفة الجمعة ، و هذه صورة لم نكن نحلم بها ، لولا أنكم تسببتم فيها ، نعم ، أنتم لم تقولوا بخروج المرأة في المظاهرات ، لكن نشكركم لأن المظاهرات لا يمكن ضبطها مهما حاولتم ، و هذه الصورة العظيمة من الحرية هى أكبر و اكثر مما كنا نتمنى ، و غداً سوف نرسي دعائم الدولة المدنية فلا نتمنى منكم يوماً ما ، أن تتراجعوا عن قاعدتكم و فتاويكم ، و قوموا بمهمة التصبير ، صبروا الثكالى ، صبروا اليتامى ، صبروا من خربت بيوتهم ، صبروهم ، عدوهم بوعود الحرية و رفع الظلم و زوال الطغاة الذين جثموا على صدورنا عقوداً طويلة ))

5-الصنف الخامس : البلطجية و السوقة و الحرامية و الرعاع و الهمج الرعاع
((نحن نحب المظاهرات ، ياله من موسم خيرات ، نفعل ما يحلو لنا ، نسرق ، ننهب ، نقطع السبيل ، نسلب الناس ما معهم من أموال و مصاغ و كل ما غلا ثمنه ، نغتصب فتيات الجامعة ، نسطو على المنازل ، ما أجمل حمل السلاح و الإشارة به و إطلاق النيران في الهواء و الشعور بالقوة و البطش و السيطرة و تخويف الناس ، لقد عشنا سنوات من الحرمان ، و هذ مواسم خيرات لنا نتمنى أن تستمر ، ما أحلى المظاهرات ، بين أخواتنا الفتيات نصبح و نمسي ، و نتسامر ، لكن نحن بشر ، فاعذرونا في لحظات الضعف ، سامحونا و لا توقفوا المظاهرات))

6-الصنف السادس : أهل الأحزاب و أهل التشيع و التفرق
((لقد كان لغزاً حائراً عندنا ، أن نوجد ثغرة في الفقه الإسلامى تبيح لنا الخروج ، ذهبنا لأقوال السلف فصدتنا عن مرادنا ، ذهبنا لسيرتهم فلم نقنع بتحقيقها لمبتغانا ، رجعنا لأصول السنة في شتى الكتب فسرعان ما أغلقناها ، فكرنا في أي قاعدة تساعدنا ، أعيانا البحث ، حاولنا الارتكاز على مبدأ أن المظاهرات سلمية ، لكنه مبدأ ضعيف لأنها ليست سلمية في دول العالم الثالث و لأنها دوماً تحتوى على المفاسد مهما حاولنا وضع و تقنين ضوابط لها ، وقوعها لا يمكن تقنينه ، هذا التقنين نظري فقط.
حاولنا الارتكاز على مبدأ حرية التعبير ، لكن لماذا هذا المبدأ غير موجود عند السلف ؟ حتى إن النصيحة لولاة الأمر عندهم الأصل فيها السر لا العلن..
لقد ضاقت السبل بنا
ثم فوجئنا بالبعض ، ينشر القول بإباحة المظاهرات بناءً على قاعدة الأصل في الأشياء الإباحة ، كنا نعلم أن هذه القاعدة لها تكملة ، وهى كالآتى :
الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يرد الدليل على التحريم ، و الدليل نص أو إجماع أو قياس
لكن بما أنهم لم يكملوا صياغة القاعدة ، فشيئ حسن ، سوف نتكاتم تكملة القاعدة ، و سوف نشيعها و ننشرها ، و سوف نساعدهم في تجنب الأخذ عن العلماء الذين أفتوا بحرمة المظاهرات ، و ما أسهل ذلك علينا ، لنا إعلامنا و لنا أبواقنا و عندنا تمويلنا الذي يدفعه كل عضو منتمٍ لنا و ما نأخذه من أموال التبرعات تحت دعوى الإغاثة من المسلمين الصالحين..
سوف نقول عن العلماء أنهم علماء سلطان يحق لنا الخوض فيهم ، و سوف نقلب الآية و نعكسها و نقول أن كلام العلماء شبهات و كلامنا هو التحقيق و هو الأصل
و أى شخص ينقل عن العلماء نتهمه و لا نبالي ، رغم أننا نرفع شعار الرفق في الدعوة ، و نستوعب كل الأطياف و نرحب بكل الأفكار ، إلا هذه الفكرة ، و إلا هؤلاء العلماء و من ينقل عنهم ، يجب أن نبذهم و أن نصورهم في صورة المغفلين غير الفاهمين ، الغائبين عن الواقع ، و نجعل أنفسنا الفاهمين المتمكنين من الفقه و الاستيعاب في تلك المسألة مهما خالفنا الأدلة ، لكن سنصفهم بأنهم طيبون و جيدون و نواياهم طيبة حتى لا نكسب عداوة الناس الذين يحترمونهم ، فنجمع بين كونهم أناساً طيبين و لكنهم غير جديرين بالاتباع ، لأنهم تسببوا بطيبتهم في ضياع الأمة ، و سوف ننشر تلك الأفكار في كل الأماكن و كل المنتديات و كل الأصعدة ، فهؤلاء العلماء و من ينقل عنهم أشد علينا من كل أحد..
و طريقتنا التى سوف نستعملها هى التخذيل عنهم و التنكيل بهم برفق ، نقول إنهم علماء لكن ليس في تلك القضايا ، فنضع حاجزاً منيعاً بينهم و بين الناس ، و نصورهم في صورة أنهم لم ينصروا المسلمين ، و نحن الذين نصرناهم ، و بخصوص قتلى المسلمين فسوف نجعلهم شهداء و لا نلتفت إلى قول البخاري "لا يقال فلان شهيد" ، و بخصوص التخريب فهو في ميزان الحسنات ، و بخصوص الرعب الحاصل فسوف ننسبه للنظام المستبد ، حتى لو كانت المظاهرات هى التى أفضت إليه ، و لا مانع من تكفير الحكام حتى يسهل الخروج عليهم ، و يوماً ما بعد أن نستغل المبيحين للمظاهرات ، سوف نبعدهم عنا و نصنع نفس الصنائع معهم ، لأنهم و إن وافقونا اليوم فسوف يتعبوننا غداً))..
---
أما بخصوص "اضرب و اهرب" ، فأقول لك أخي الفاضل:-
هذا ليس بصواب ، لأني أولاً لست بضارب و لا شيئ من هذا القبيل ، إنما هى نصائح ، و ليس سكوتى إلا من باب مظنة المصلحة الأعلى من عدم التفرق بين المحبين ، خاصةً مع حصول حيدات كثيرة في النقاش حول تلك المسألة و خروج كثير من المتكلمين فيها عن حد التأصيل إلى حد التوصيف..

و قد سألتك أخى الكريم ما حد المظاهرات عندك ؟
ما تعريفها ؟
و هل يتفق المبيحون لها على تعريف ؟

تعلمت في الطب و تلقيت في مجالس العلم الشرعي على يد كبار طلبة العلم - و منهم تلاميذ لشيخ المالكية في مصر الشيخ إسماعيل صادق العدوي ، تلقيت أصولاً مهمة ، منها ، عند الاختلاف يصار إلى التعريف..

أنا و الطبيب فلان إذا اختلفنا في مرض هل هو حاد أو مزمن ، رجعنا إلى التعريف
أنا و طالب العلم فلان إذا اختلفنا حول العام و المطلق ، رجعنا إلى التعريف

و قد طلبت من حضرتك التعريف الخاص بالمظاهرات فلم تجبنى ، فهل أعد ذلك هروباً؟كلا ، لأنه ربما يكون عند الكاتب أشغالاً و أعمالاً ، و ربما يكون في طور الإعداد و الصياغة و التحرير و التقرير ، و لربما كان جهازه فيه مشكلة أو انقطع الانترنت عنده ، إلى سائر الأعذار ..
و هذا المطلب مطلب منهجى أصيل ، و مع ذلك رأيت من حضرتك السكوت و عدم الالتفات..
ما هى المظاهرة؟ ما تعريفها و حدها ؟ ما خصائصها و أوصافها ؟

و لا تجعل اختلاف الأقلام سبباً في اختلاف القلوب
و إن كنت تظننى مفضولاً بالسنبة لعلمكم أخى الكريم فالأعلى يعلم الأدنى ، يعلمه لا يقلل من فهمه و لا يصفه بالخشبية و ضعف الفهم !! حتى لا يوغر صدر المتكلم عليه و لا صدر القراء ، و منتدانا مقروء من الكثير منتسبين إليه و غير منتسبين ، فلنكن على أكمل ما يكون ، و أرفق ما يكون ، و أحسن ما يكون ، و كل فاضل هو مفضول دون الأفضل ، و لربما صح قول المفضول دون الفاضل ،
و ليست النجابة في الإفحام ، إنما النجابة في الإفهام.
و أعود فأقول : هذا ليس قولى ، بل قول أكابر الفضلاء من العلماء و الأئمة..
و لربما يأتينى المريض يجالسنى فيلقي بأقوال في غاية الفساد عن مرضه و يتداعى للتمارض و يتكلم بكلام غاية في الجهل عن الأدوية و طرق العلاج و لربما يتعامل بقسوة ، فيجد مني الشرح و الإفهام و التوضيح مع الرفق ، فيكون من أوفى الأصدقاء لطبيبه ، و يتمنى أن يخدمه في أى شيئ..

و هكذا ينبغي أن يكون حملة العلم : أرفق الناس بالخلق و أعلمهم بالحق ، و هم مع أعلميتهم بالحق لا يستغلون ذلك في الشدة على الناس ، لا ، بل هم رفقاء كما كان الأنبياء..
و العلم رسالة إن لم تحمل على مطية الرفق لرفضها الناس و حصل لهم انصداد عن الحق كبير.
فما بالك أخى الكريم و المبيحون للمظاهرات ليسوا محقين و ليسوا رفقاء؟
فالرفق الرفق ، لا خشبية و لا أحادية و لا ضعف في الفهم عند العلماء..

و بارك الله فيك أخي الكريم و جزاك عنا كل خير و سدد الله تعالى كل أقوالك و أفعالك و جعلك من سعداء الدنيا و سعداء الآخرة و جمعنى و إياك و كل موحد في دار النعيم...آمين
 
إنضم
16 ديسمبر 2007
المشاركات
238
التخصص
مهندس حاسب
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: قاعدة (ما حرم للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة)

وجزاكم الله خيرا على حسن التعقيب.
وأنا تلميذكم يا شيخنا الفاضل، فأنتم أهل التخصص، وما أنا إلا متطفل عليكم، ولكن مائدة الكرام لا تضيق.

جزاكم الله خيرا "أبو مالك" على المرور والتعقيب
وأخشى أنكم حملتم كلامي على غير محمله، فأنا لم أخطِّئ ابن تيمية أو ابن القيم أو غيرهما، وإنما نسبت إليهما ابتكار القاعدة، وهذا محمدة لا مذمة لأن استخلاص المعاني الكلية من جزئيات الشريعة وصوغها صياغة محكمة فضيلة علمية، وهو لا يدخل في الابتداع المذموم كما لا يخفى عليكم.
يا ليت طلبة العلم ينتبهون لمثل هذه التنبيهات المهمة في التفريق بين ما يمكن الابتكار فيه وما لا يمكن.
فإن الواحد منهم يظن أنه لا يصير عالما أو طالب علم إلا إذا خالف.
 
إنضم
16 أبريل 2010
المشاركات
187
التخصص
إنجليزية
المدينة
تلمسان
المذهب الفقهي
مالكي
رد: قاعدة (ما حرم للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة)

ليت الأخ متولي أمين حلوة يخرج هاته المسائل التي يحاول إقحامها قسرا في صلب الموضوع
وهي التي تندرج فيما لا نص فيه
بخصوص صاحب البحث جزاكم الله كل خير
لعل ما ينسب للشيخين ابن القيم وابن تيمية رحمهما الله هو الذي أدرجه جمهور الأصوليين في باب الاستحسان والمصالح المرسلة
كما في باب من أجاز رعي الحرم عند الضرورة وا ستحسان بيعتين في بيعة لمن أجار أرضا فبنى فيها المستأجر شجرا ودورا
لأن هاته وردت فيها نصوصا بالنهي سدا للذريعة وخصصها العلماء بالمصلحة عند الضرورة
والله اعلم
 
إنضم
4 فبراير 2010
المشاركات
785
التخصص
شريعة
المدينة
------
المذهب الفقهي
اهل الحديث
رد: قاعدة (ما حرم للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة)

[align=justify]
س:
كيف نميز ان هذا الشيء حرم للذريعة ، وذلك الشيء حرم لذاته ؟
بمعنى:
ما هو المعيار للتفريق بين الامرين ؟
ولاشك ان هذا المعيار او الضابط هو بمثابة المقدمة لهذه القاعدة ، اذ يتوقف القول بصحتها على وجوده.
[/align]
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: قاعدة (ما حرم للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة)

[FONT=&quot]أخي الكريم أمين بارك الله فيكم وأحسن إليكم. [/FONT]
[FONT=&quot]أعتذر عما قد يبدو في كلامي من إساءة إلى شخصكم الكريم. [/FONT]
[FONT=&quot]والحقيقة أني لم أصفكم شخصيا بعدم المنهجية والخشبية (التي تقوم على أحادية النظر دون استيفاء الأدلة والأقوال وضعف الفهم لكلام السلف والفقهاء)، وإنما وصفت طرحكم لموضوع بعينه على وجه بعينه.
[/FONT]
[FONT=&quot]وانتقادي للطرح والتعاطي في مسألة بخصوصها لا يعني انتقادا لشخصكم الكريم، ولا لمنهجيتكم في الطرح بشكل عام، فالقول غير القائل، ومقام الخصوص ليس كمقام العموم، ومَن منَّا لا تعتريه أخطاء وقصور في النظر وسوء في فهم الأقوال وتناولها وتنزيلها في مواطن بعينها ومسائل بعينها. ولكن المهم أمران:[/FONT]
[FONT=&quot]أحدهما: أن لا تكون هذه منهجية عامة في الطرح في المسائل كلها أو جلها، وهو ما أنزه نفسي وإياكم عنه. [/FONT]
[FONT=&quot]والثاني: أن لا يكون للخلاف وانتقاد أحدنا الآخر في مثل هذه المسائل أيُّ أثر سلبي في "الإخوة الإيمانية" القائمة بيننا ـ وأقلها سلامة الصدر ـ هذا فضلا عن التأثير سلبا في "رحم العلم" التي جمعتنا في هذا الملتقى المبارك.[/FONT]
[FONT=&quot]وأنا شخصيا لا تهمني المسائل والخلاف فيها بقدر ما يهمني المنهج في البحث والوصول إلى النتائج، وقد أتَّفِق مع محاوري في النتيجة النهائية في مسألة ما، ولكني اختلف معه في طريق الوصول إليها وأسلوب التدليل والتأصيل والتنزيل، ومنزلة النتيجة المتحصَّل عليها في المسألة من حيث القطع والظن. [/FONT]
[FONT=&quot]ومسألة الخروج بالسَّيف على الحاكم الجائر واحدةٌ منها، إذ أنا مع الجمهور في عدم المشروعية، لكني مع ذلك أعترف بالرأي الآخر القائل بالجواز، ولا أَعُدُّ أصحابه من الخوارج، أو القعدية منهم، وأرى أن الخلاف في هذه المسألة، على خَطَرها، سائغٌ لاختلاف السَّلف تجاهها وتعارض الأدلة فيها. [/FONT]
[FONT=&quot]وما أُخالفك فيه تحديداً أمور:[/FONT]
[FONT=&quot]الأمر الأول: "شرعية ولاية المتغلِّب". فأنا لا أقول بشرعيتها، وذلك لأسباب كثيرة، منها:[/FONT]
[FONT=&quot]أولا: قوله تعالى: "وأمرهم شورى بينهم" فأي أمر أعظم من الولاية العامة أحق بالشورى.[/FONT]
[FONT=&quot]والثاني: إجماع المسلمين على عدم صحة العقود بالإكراه، "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استُكرهوا عليه" وهذا بعمومه يدخل فيه عقد الولاية.[/FONT]
[FONT=&quot]والثالث: إجماع المسلمين، والعقلاء في كل الملل، على أن الغَصْب ليس طريقا شرعيا لاكتساب الحقوق، والمتغلِّب غاصبٌ للسُّلطة فكيف يُقَرُّ على ذلك، ويُقال بتمتُّعه بآثار الولاية الشرعية من وجوب الطاعة إلا في معصية والنصرة والدفاع عنه بالغالي والنفيس؟ وهل يحل لنا إقرار الباطل والاعتراف به لمجرد أنه صار في حكم الواقع؟ ومتى كان الباطل طريقا للاستحقاق الشرعي؟ ومتى كانت قواعد الشرع تقضي بمعاملة المعتدي بما يوافق مقصوده لا بنقيض ذلك؟ أليس في إقرار ولاية المتغلِّب والاعتراف بها تشجيعا لمريضي النفوس من طلاب السلطة أن ينازعوها أئمة العدل المختارين، وينقلبوا أو يخرجوا عليهم، وفي هذا من الفساد وسفك الدماء وإهلاك البلاد ما فيه؟ وكذلك هي ولاية المتغلب إنما تقوم في بدئها على الدماء والخيانة ومنازعة أهل الأمر، فكيف يُقال له مُقدَّما: إذا غلبتَ هذا الإمام العدل فسنتبعك ونطيعك ونوقرك ونبيح لك أبشارنا وأموالنا، فهل ثمة تشجيع على المعصية أكبر من هذا؟[/FONT]
[FONT=&quot]والرابع: قوله، صلى الله عليه وسلم، كما في صحيح مسلم: "إذا بُويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما"، وقوله: «منْ أَرَادَ أَنْ يُفَرِّقَ أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَهِيَ جَمِيعٌ، فَاضْرِبُوهُ بِالسَّيْفِ كَائِنًا مَنْ كَانَ». والمتغلِّب منتزع للسلطة من غيره في الغالب، ومتأخِّرٌ عنه بلا بُد، فالواجب بحسب النص قتلُه لا الاعتِراف بشرعية ولايته، والعجيب أن المتغلبين وأتباعهم يستدلون بهذه النصوص على عدم جواز الخروج عليهم، مع أن هذه النصوص تدينهم وتوجب قتلهم ابتداء.[/FONT]
[FONT=&quot]والخامس: قول عبادة بن الصامت، رضي الله عنه ـ كما في الصحيحين ـ: "بايعنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على السمع والطاعة في المنشط والمكره، وأن لا ننازع الأمر أهله وأن نقوم، أو: نقول بالحق حيثما كنا لا نخاف في الله لومة لائم". وجه الدلالة أن الحديث بمفهومه دال على أن هناك من هو أهلٌ للإمارة وأنه لا ينازع فيها، وهذا يقتضي أن هناك من ليس بأهل للإمارة ـ وإن تأمَّر ولقَّب نفسه أميرا ـ وهذا تجوز منازعته (ولا ضرورة أن يكون ذلك بالسيف).[/FONT]
[FONT=&quot]والسادس: قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه، كما في البخاري: «مَنْ بَايَعَ رَجُلًا عَنْ غَيْرِ مَشُورَةٍ مِنَ المُسْلِمِينَ فَلاَ يُبَايَعُ هُوَ وَلاَ الَّذِي بَايَعَهُ، تَغِرَّةً أَنْ يُقْتَلاَ»، وعنه عند عبد الرزاق بسند صحيح: «فَمَنْ تَأَمَّرَ مِنْكُمْ مِنْ غَيْرِ مَشُورَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَاقْتُلُوهُ» وفي سند فيه ليث بن أبي سليم (فيه ضعف): «مَنْ دَعَا إِلَى إِمَارَةِ نَفْسِهِ، أَوْ غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ مَشُورَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَلَا يَحِلُّ لَكُمْ إِلَّا أَنْ تَقْتُلُوهُ» ويشهد له الأثر السابق. ولا مخالف لعمر رضي الله عنه في وقته بل وافقه الصحابة على ذلك وأقاموا ولاية عثمان رضي الله عنه على الشورى والاختيار بحسب ما أشار الفاروق، رضي الله عنه، فكان إجماعا للصحابة يبطل به كل إجماع بعده، هذا إذا صح قيام إجماع بعده بخلافه.[/FONT]
[FONT=&quot]وأما من اعترف بولاية المتغلِّب من العلماء، فإنما كان ذلك لحكم الضرورة كما أشار الغزالي وغيره؛ إذ لا بد للناس من إمام يحمي البيضة ويمضي الحدود وينفذ أحكام الشرع وينصب القضاة...الخ، فهذا استحسان واستثناء للضرورة، وهو يشبه جواز أكل الميتة والخنزير في المخمصة، والضرورة تُقدَّر بقدرها، "ويجب السَّعي دائماً لإزالتها عند الإمكان، ولا يجوز أن توطَّن النفس على دوامها" كما قال الشيخ رشيد رضا رحمه الله تعالى في كتاب الخلافة.
[/FONT]
[FONT=&quot]والأمر الثاني الذي اختلف معك فيه: عَدُّك التظاهر السلمي عموما من الخروج المحرَّم:[/FONT]
[FONT=&quot]ونزولا عند رغبتك يمكنني تعريف التظاهر السِّلمي، الذي أتكلَّم عنه بأنه، قيام شخص أو مجموعة أشخاص في مكان عام، للمطالبة بحق أو التنديد بباطل دون حملٍ للسِّلاح. [/FONT]
[FONT=&quot]وأما الخروج الذي دلَّت النصوص على تحريمه فهو خروج شخص أو أشخاص بالسَّيف (وما في حكمه مما يقتل غالبا) على الإمام العدْل، أو على المسلمين الراضين به بعضهم أو كلهم. [/FONT]

  1. فإن كان الخروج بقصدر الإفساد في الأرض والسَّلب والنهب فهذا حرابة.
  2. وإن كان لتأويل عند الخارج وشبهة دليل ظنَّها تُسوِّغ له الخروج، ولكن دون تكفير للإمام وأتباعه من المسلمين واستحلال لدمائهم أو أموالهم أو نسائهم، فهذا بَغْيٌ، وإثم صاحبه بقدر قوة شبهته وضعفها، وبقدر أهليته في النظر في سبب المنازعة والحكم فيه. قال الرملي في نهاية المحتاج: "وَالْبَغِيُّ لَيْسَ اسْمَ ذَمٍّ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا خَالَفُوا بِتَأْوِيلٍ جَائِزٍ فِي اعْتِقَادِهِمْ لَكِنَّهُمْ مُخْطِئُونَ فِيهِ فَلَهُمْ لِمَا فِيهِمْ مِنْ أَهْلِيَّةِ الِاجْتِهَادِ نَوْعُ عُذْرٍ، وَمَا وَرَدَ مِنْ ذَمِّهِمْ وَمَا وَقَعَ فِي كَلَامِ الْفُقَهَاءِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ مِنْ عِصْيَانِهِمْ أَوْ فِسْقِهِمْ مَحْمُولَانِ عَلَى مَنْ لَا أَهْلِيَّةَ فِيهِ لِلِاجْتِهَادِ أَوْ لَا تَأْوِيلَ لَهُ أَوْ لَهُ تَأْوِيلٌ قَطْعِيُّ الْبُطْلَانِ"
  3. وإن كان مع تكفير واستحلال للدم أو المال أو العِرض فهذا هو الحقيق باسم "الخروج"، وصاحبه يسمى بالخارجي وهو وصف الحرورية وأهل النهر نصا وواقعا؛ لأنهم كانوا "يقتلون أهل الإسلام ويَدَعون أهل الأوثان" (متفق عليه) وكانوا ممَّن"خرج على أمتي بسيفه يضرب برَّها وفاجرها لا يتحاشى مؤمنا لإيمانه، ولا يفي لذي عهد بعهده" (رواه أحمد وصحَّحه شاكر والأرناؤوط)
[FONT=&quot]وإدراج بعض الفقهاء الخوارج ضمن البغاة، إنما كان في أحكام المقاتلة، كترك مقاتلهم إذا أدبر، وعدم الإجهاز عليه إذا جرح ونحو ذلك، لا أن كل باغ بالسيف هو خارجي، جاء في الدر المختار وشرحه: [/FONT]
[FONT=&quot]"(باب البغاة: هُمْ الْخَارِجُونَ عَنْ الْإِمَامِ الْحَقِّ بِغَيْرِ حَقٍّ) فَلَوْ بِحَقٍّ فَلَيْسُوا بِبُغَاةٍ...ثُمَّ الْخَارِجُونَ عَنْ طَاعَةِ الْإِمَامِ ثَلَاثَةٌ: قُطَّاعُ طَرِيقٍ وَعُلِمَ حُكْمُهُمْ. وَبُغَاةٌ وَيَجِيءُ حُكْمُهُمْ وَخَوَارِجُ وَهُمْ قَوْمٌ لَهُمْ مَنَعَةٌ خَرَجُوا عَلَيْهِ بِتَأْوِيلٍ يَرَوْنَ أَنَّهُ عَلَى بَاطِلٍ كُفْرٍ أَوْ مَعْصِيَةٍ تُوجِبُ قِتَالَهُ بِتَأْوِيلِهِمْ، وَيَسْتَحِلُّونَ دِمَاءَنَا وَأَمْوَالَنَا وَيَسْبُونَ نِسَاءَنَا، وَيُكَفِّرُونَ أَصْحَابَ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَحُكْمُهُمْ حُكْمُ الْبُغَاةِ بِإِجْمَاعِ الْفُقَهَاءِ كَمَا حَقَّقَهُ فِي الْفَتْحِ وَإِنَّمَا لَمْ نُكَفِّرْهُمْ لِكَوْنِهِ عَنْ تَأْوِيلٍ وَإِنْ كَانَ بَاطِلًا."[/FONT]
[FONT=&quot] فانظر كيف ميَّز الخوارج عن البغاة، ولكنه أشركهم معهم في أحكام القتال. والإجماع المذكور على مساواتهم للبغاة في أحكام المقاتلة، ككثير من الإجماعات التي يدعيها بعض الفقهاء، غير صحيح. قال ابن تيمية رحمه الله تعالى: [/FONT]
[FONT=&quot]"إِنَّ نَفْيَ الْفَرْقِ [بين الخوارج والبغاة] إنَّمَا هُوَ قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ، مِثْلُ كَثِيرٍ مِنْ الْمُصَنِّفِينَ فِي قِتَالِ أَهْلِ الْبَغْيِ فَإِنَّهُمْ قَدْ يَجْعَلُونَ قِتَالَ أَبِي بَكْرٍ لِمَانِعِي الزَّكَاةِ، وَقِتَالَ عَلِيٍّ الْخَوَارِجَ، وَقِتَالَهُ لِأَهْلِ الْجَمَلِ وَصِفِّينَ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ قِتَالِ الْمُنْتَسِبِينَ إلَى الْإِسْلَامِ. مِنْ بَابِ قِتَالِ أَهْلِ الْبَغْيِ...[/FONT]
[FONT=&quot]وَأَمَّا جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ فَيُفَرِّقُونَ بَيْنَ " الْخَوَارِجِ الْمَارِقِينَ " وَبَيْنَ " أَهْلِ الْجَمَلِ وَصِفِّينَ " وَغَيْرِ أَهْلِ الْجَمَلِ وَصِفِّينَ. مِمَّنْ يُعَدُّ مِنْ الْبُغَاةِ الْمُتَأَوِّلِينَ. وَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ عَنْ الصَّحَابَةِ، وَعَلَيْهِ عَامَّةُ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَالْفُقَهَاءِ، وَالْمُتَكَلِّمِينَ وَعَلَيْهِ نُصُوصُ أَكْثَرِ الْأَئِمَّةِ وَأَتْبَاعُهُمْ: مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ، وَأَحْمَدَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَغَيْرِهِمْ".[/FONT]
[FONT=&quot]وأما مجرَّد الخروج بالسيف على من ليس بإمام شرعا، جائرا كان أو غير جائر، مسلما كان أو كافرا، فهذا خارج عن النصوص التي وردت في الخوارج، وكذا عن النصوص التي أمرت بطاعة أولي الأمر؛ إذ هو لا يُعَدُّ وليا شرعا، وظاهر حديث: "إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما"، وحديث عرفجة: «منْ أَرَادَ أَنْ يُفَرِّقَ أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَهِيَ جَمِيعٌ، فَاضْرِبُوهُ بِالسَّيْفِ كَائِنًا مَنْ كَانَ» " وأثر عمر "من تأمَّر من غير مشورة من المسلمين فاقتلوه" يقتضي وجوب قتله، ولكن قد يُؤَوَّل ذلك بأن المقصود به التنفير من التغلُّب والاستفراد بالسلطة دون مشورة، وعليه فقد يُكتفى بعزله وتعزيره بما دون القتل. ولكنَّ هذا كلَّه، كأي تغيير لمنكر، يتوقَّف على القدرة على عزله، وعلى الموازنة بين حجم المفاسد التي قد تترتب على مباشرة هذا العزل، والمفاسد التي تلزم من الانكفاف عنه إلى أن يُحْدث الله أمراً. وهاهنا مجالٌ لاختلاف وجهات النظر في تقدير المصالح والمفاسد، وتبعا لذلك قد تختلف الفتوى في الخروج وعدمه بين أهل العلم ما بين متغلِّب وآخر وبلد وآخر. والذي ثبت تاريخيا أنَّ أكثر الخروجات المسلَّحة على من لم تصحّ ولايتهم باءت بالفشل، وتمكَّن هؤلاء المتأمِّرون الظالمون من إخماد حركات الخروج، والقضاء على أصحابها. [/FONT]
[FONT=&quot]وعلى الخلاف في تقدير المصالح هذا، وقياس عوامل نجاح التغيير والإخفاق فيه (تحقيق المناط) يُحمل اختِلاف السَّلف بقعود من قعد منهم، وخروج من خرج على يزيد والحجاج وعبيد الله بن زياد وأضرابهم ممن لم تصح ولايتهم واشتد فسقهم وبغيهم، يدلك على هذا أن من نصحوا الحسين، رضي الله عنه، بعدم الخروج على يزيد، لم يُذَكِّروه بأحاديث الطاعة أو يحتجوا بها عليه، وإنما كان نُصْحُهم منصبَّاً على التشكيك في ولاء أهل العراق وخذلهم سيدنا علي، رضي الله عنه، أو التحذير من افتراق المسلمين وضعفهم أمام أعدائهم ونحو ذلك. وكذا لما خالف الحسن البصري رحمه الله أقرانه كالشعبي وابن أبي ليلى وسعيد بن جبير في الخروج بالسيف على الحجاج، لم يحتج عليهم بأحاديث الطاعة، بل أورد قوله تعالى في بني إسرائيل: "وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون"، فكأنه يشبه الحجاج وبطشه بفرعون، وحال المسلمين وما نالهم من الأذى بحال بني إسرائيل (مع أنهم خرجوا في النهاية).[/FONT]
[FONT=&quot]فإذا تقرر هذا كله تبيَّن أن التظاهر السِّلمي كما عرَّفناه، والخروج المحرم بالسيف كما فصَّلناه، فِعْلان متغايران ليس أحدهما من الآخر. [/FONT]
[FONT=&quot]وفضلا عن هذا، فإنَّ حديث البيعة كما رواه عبادة، رضي الله عنه: "بايعنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على السمع والطاعة في المنشط والمكره، وأن لا ننازع الأمر أهله وأن نقوم، أو: نقول بالحق حيثما كنا لا نخاف في الله لومة لائم"، بإطلاقه في القول أو القيام (أن نقوم أو نقول بالحق) وعمومه في المكان (حيثما كُنَّا) دالٌّ على جواز التظاهر بالقول في كل مكان عامَّا أو خاصَّا، وسواء أكان الإمام فاسقا أو عدلا، صحيح الولاية أو باطلها. [/FONT]
[FONT=&quot]وكذا قد يدل على جواز التظاهر الحديث: "حمزة سيد الشهداء، ورجلٌ قام إلى إمامٍ جائرٍ فأمره ونهاه فقتله" (صححه الألباني)، إِذِ القيام إلى الإمام في الحديث مطلق، يدخل فيه ما كان عن طريق التظاهر أو غيره.[/FONT]
[FONT=&quot] ومع أصل الجواز هذا، فإنه ينبغي أن يُراعى أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالقول، واجبٌ مع القدرة وظن عدم تسببه بالأذى الفِعْلي للآمر والناهي، وعزيمةٌ مندوبة عند خشية ذلك قد يُرخَّص في تركها، وحرامٌ عند غلبة الظن بلزوم مفاسد عامَّة منه، تربو على مفسدة بقاء الأمر المنكر المراد تغييره (وهذا خاضعٌ للاجتهاد وتتباين فيه التقديرات).[/FONT]
[FONT=&quot]كما ينبغي أن يُراعى أنه ، أي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، على درجات في التصعيد، بحيث يُكتفى بالدنيا إذا نجعت وإلا رقينا إلى الدرجة الأعلى. والتظاهر إذا كان موجَّها إلى الإمام نفسه فهو في درجة عالية من ذلك، لا ينبغي أن يُصار إليها إلا بعد عدم جدوى ما هو أقل منها، والله أعلم.[/FONT]
[FONT=&quot]والأمر الثالث الذي أخالفك فيه هو المنهجية والطريقة في طرح الموضوع. ومما أخالفك فيه في هذا الصدد:[/FONT]
[FONT=&quot]أولا: الطرح غير المتوازن بعرض وجهة نظر واحدة دون عرض وجهة النظر الأخرى إلا لماما ومن خلال كتب المخالفين أنفسهم، والإيحاء بأن تحريم التظاهر السِّلمي هو قول جميع العلماء إلا من لا عبرة به.[/FONT]
[FONT=&quot]ثانيا: استعمال الأدلة الخطابية والطرح العاطفي الذي يصلح في الخطب والمواعظ ومواضيع الإنشاء الأدبي، ولكنَّه لا يجدي شيئا في مجاري النظر والعلم والبحث. ومن هذا ما تفضلت بنقله من ذكر الطوائف "التي تبعث برسائل شكر لمبيحي المظاهرات"، فكذلك على نفس المساق فإن لمعارضك أن يقول: وهناك طوائف تبعث برسائل شكر وتقدير لمحرِّمي التظاهرات: أولها اليهود ودولة إسرائيل الذين اهتموا واغتموا من الحراك الدائر الذي قد يزيل عملاءهم وصنائعهم والمتواطئين معهم أو الساكتين عليهم.... وثانيها: الظلمة الجورة، وكذا الكفرة منهم ظاهرا أو باطنا، الذين ساموا الناس خسفا وقهرا وأهلكوا الحرث والنسل...الخ، وثالثها أعوان هؤلاء الحكام من المجرمين والجلادين والمغتصبين من رجال الأمن والبوليس السري الذين لا يرعون في مؤمن إلا ولا ذمة...ورابعا المنافقون والمتملقون والمنتفعون من الأنظمة من علمانيين ورسميين وفسقة...الخ، وهكذا... وهذا كله أسلوبٌ يصلح مع العوام ولا يغني شيئا في مقام الاستدلال والبحث العلمي.[/FONT]
[FONT=&quot]ثالثا: تهجين الآراء والتنفير منها لمجرد موافقتها جزئيا أو شكليا لآراء بعض أهل الباطل والابتداع. والصواب أن الحق لا يُعرف بالرجال، ورب قول للسنة وافقوا فيه رأي قوم من المبتدعة جزئيا أو كليا. فليس كل ما عند أهل البدعة باطل بل بعضه حق هم موافقون لنا فيه وبعضه باطل نحن نخالفهم فيه، ولكن يلجأ البعض لهذه المغالطة الجدالية للتنفير من رأي ما، والذي قد يكون حقا في نفسه، بذكر من قال به من المبتدعة اعتمادا على ما في كراهة قلوب طلاب العلم والمبتدئين ومن في حُكمهم من المقلِّدين كلَّ ما يمت إلى المبتدعة بصلة حتى لو كان حقا في نفسه أحيانا، وسبب ذلك، كما قال ابن تيمية، رحمه الله تعالى: "أن قلوب المثبتة تبقى متعلقة بإثبات ما نفته المبتدعة، وفيهم نفرة عن قول المبتدعة بسبب تكذيبهم بالحق ونفيهم له، فيعرضون عن ما يثبتونه من الحق أو ينفرون منه أو يكذِّبون به، كما قد يصر بعض جهال المتسننة في إعراضه عن بعض فضائل علي وأهل البيت إذا رأى أهل البدعة يغلون فيها". وقال أيضا: "والله قد أمرنا ألا نقول عليه إلا الحق وألا نقول عليه إلا بعلم، وأمرنا بالعدل والقسط فلا يجوز لنا إذا قال يهودي أو نصراني - فضلاً عن الرافضي - قولاً فيه حق أن نتركه أو نردَّه كلَّه بل لا نرد إلا ما فيه من الباطل دون ما فيه من الحق" [/FONT]
[FONT=&quot]وقال الزرقاني صاحب مناهل العرفان، رحمه الله: "ولقد التزمت في علاج هذه الشبهات أدب الباحث وواجب المناظر... فإننا أصبحنا في زمان افتتن كثير من الناس فيه بالأسماء والرتب والأموال والنسب. وباتوا لا يعرفون الرجال بالحق إنما يعرفون الحق بالرجال، فالباطل إن صدر من فلان النَّابه فهو عندهم حقٌّ وزين، والحق إن جاء به فلان الخامل فهو عندهم باطل وشين، وهكذا اختلت الضوابط وانقلبت الموازين". [/FONT]
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: قاعدة (ما حرم للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة)

وجزاكم الله خيرا على حسن التعقيب.
وأنا تلميذكم يا شيخنا الفاضل، فأنتم أهل التخصص، وما أنا إلا متطفل عليكم، ولكن مائدة الكرام لا تضيق.
.
سامحكم الله يا شيخنا على هذا الكلام، وهذا التواضع المبالغ فيه. والشهادات ليست بالضرورة دليلا على التخصص، وعلمكم غير الخافي يجعلكم من أرباب المائدة لا من المتطفلين عليها
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: قاعدة (ما حرم للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة)

[align=justify]
س:
كيف نميز ان هذا الشيء حرم للذريعة ، وذلك الشيء حرم لذاته ؟
بمعنى:
ما هو المعيار للتفريق بين الامرين ؟
ولاشك ان هذا المعيار او الضابط هو بمثابة المقدمة لهذه القاعدة ، اذ يتوقف القول بصحتها على وجوده.
[/align]
جزاكم الله خيرا أبا عبد الله.
هذا السؤال مهم جدا، وقد أشرنا أعلاه إلى أن بحث الدكتور قطب لم يتطرق إليه.
وقد بدا لي في الجواب عليه وجهٌ أقوله تفقُّها ومذاكرة لا تحقيقا وهو:
أولا: إذا كان الشيء غير منصوص وحُرِّم اجتهادا اعتماداً على دليل سد الذريعة والإفضاء إلى ما من شأنه أن يسبب المفسدة غالبا، كقيادة السيارة بسرعة عالية جدا، فهذا ظاهرٌ كونُه من المحرَّم لغيره، ولكنه كما أسلفنا ليس هو المقصود بالقاعدة.

ثانيا: إذا كان الشيء محرما بعموم لفظ، فهاهنا: إما أن يمكن الوقوف على علة تحريمه أو لا.
* فإن كان معللا، يُنظر في المفسدة التي حُرِّم من أجلها، فإن كانت تترتب عليه مباشرة دون تخلِّل فعلٍ مُخْتار آخر، كان محرما لذاته وإلا كان محرما لغيره.
مثال ذلك شرب القدر المسكر من الخمر، إذ يترتب عليه الإسكار (وما بعده) مباشرة دون تخلل فعل مختار، بخلاف شرب القدر غير المسكر، لأنه لا تترتب عليه مفسدة الإسكار (أو ما بعدها) إلا لأنه مدعاة إلى شرب المزيد، وهو فعل اختياري، وعليه فالقدر المسكر من الخمر محرم تحريم مقاصد والقدر غير المسكر محرم تحريم وسائل، ولولا وجود نص خاص بتحريم التداوي بالخمر وأنه لا شفاء فيها لما كان بعيدا إجازة التداوي بالقدر غير المسكر منها.
مثال آخر: الزنا تترتب عليه مفاسده (وأهمها خلط الأنساب) دون توسُّط فعلٍ مُختار، بينما الخلوة بالأجنبية لا تترتب عليه مفاسده إلا لأنه يدعو إلى الزنا، وعليه كان الزنا محرما لذاته والخلوة محرمة لغيرها.
*وإن كان المحرم غير معلل، فهذا محرم لذاته لا لغيره، ومثاله المحرَّمات التعبدية كأكل الميتة والخنزير وما له ناب من السباع ونحو ذلك.
هذا ومن علامات كون الشيء محرَّما لذاته أن لا يستثني الشارع منه إلا في حالات الضرورة، كالتلفظ بالكفر، والزنا وشرب المسكر وأكل الميتة والخنزير ونحو ذلك.
ومن علامات كونه محرما لغيره أن يستثني منه الشارع في غير حالات الضرورة ، كالنظر إلى الأجنبية، حرام وأبيح للخاطب بالنص، وربا الفضل، حرام وأبيح منه العرايا بالنص، وبيع ما ليس عند الإنسان، حرام وأبيح منه السلم بالنص، والغرر حرام وأبيح في الهبات والمضاربة والجعالة، والصلاة في الأوقات المكروهة استثني منها ما له سببب بالنص (عند من يقول بذلك)، والتصاوير، واستثني منها لعب الأطفال وما كان رقما في ثوب بالنص، والمعازف واستثني منها الدف، واقتناء الكلاب واستثني منها كلب الصيد والماشية، وغير ذلك كثير. والله أعلم.
 
إنضم
4 فبراير 2010
المشاركات
785
التخصص
شريعة
المدينة
------
المذهب الفقهي
اهل الحديث
رد: قاعدة (ما حرم للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة)

[align=justify]
الاخ الدكتور ايمن:
بارك الله فيكم على الروح التباحثية.
اقول:
اما اني لم افهم جيدا.
او يوجد تضارب في كلامكم.
بيانه:
أنكم قلتم أولا ان من علامة المحرم لغيره أن تترتب عليه المفسدة بصورة غير مباشرة بتخلل فعل آخر، وذلك مثل شرب القليل من المسكر.
ثم ذكرتم ثانيا ان من علامة المحرم لذاته ان لايستثني الشارع منه الا في حالات الضرورة كالتلفظ بالكفر ....الخ.
قلتُ:
وشرب القليل من المسكر محرم لايستثنى الشارع ذلك الا في حالات الضرورة، فان شرب القليل من المسكر لايباح الا للضرورة ولايباح لغير ذلك، فيكون على وفق هذه العلامة من قسم المحرم لذاته.
أي:
تحريم القليل من المسكر وفق العلامة الأولى من المحرم لغيره.
ووفق العلامة الثانية من المحرم لذاته.
فكيف الخروج من هذه ؟
[/align]
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: قاعدة (ما حرم للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة)

انتقادكم في مكانه أخي أبا عبد الله، منَّ الله عليكم بدقة البصر وصواب البصيرة
وللخروج من التناقض نقول:
1) إن المعول عليه هو الضابط الأول إذا تيسر، وأما ضابط العلامة الذي أوردتُه فهو استئناسي، فربما لا يكون مطردا.
2) أو يمكن أن نعدل الضابط بالقول: كل محرم في الشرع رخص الشارع به أو بنوع منه لغير الضرورة فهو محرم لغيره وأما ما لم يستثن منه إلا للضرورة فقد يكون محرما لذاته أو لغيره.
3) أو يمكن المنازعة فيما أوردتَه من عدم الاستثناء من قليل الخمر الذي لا يسكر، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم رخص فيما ينتبذ في الأوعية أقل من ثلاثة أيام، وقد كان هذا محرما أوَّل الأمر ثم رخص النبي فيه كما هو رأي الجمهور. والانتباذ في الأوعية ولو ليوم واحد، لا ينفك من تخمر ولو بنسب ضئيلة جدا، تزداد مع الوقت، كما يقوله الكيميائيون. ومن هنا أفتت المجامع الفقهية ـ حسب ما أذكر ـ بالعفو عن النِّسب الضئيلة جدا من التخمر الطبيعي في الأغذية والأدوية (أقل من 0.5%)، وهذا استثناء من عموم تحريم "ما أسكر كثيره فقليله حرام" كما لا يخفى. والله أعلم وأحكم.

 
إنضم
22 يونيو 2008
المشاركات
1,566
التخصص
الحديث وعلومه
المدينة
أبوظبي
المذهب الفقهي
الحنبلي ابتداءا
رد: قاعدة (ما حرم للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة)

للمتابعة ،،
 

أحمد محمد صابر

:: متابع ::
إنضم
27 يناير 2010
المشاركات
20
التخصص
الفقه
المدينة
..........
المذهب الفقهي
شافعي
رد: قاعدة (ما حرم للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة)

طالما أن هذه القاعدة سيقت من أجل بيان حكم التظاهر السلامي شرعا وهو أمر عم البلاد العربية والإسلامية فلماذا لا يفرد لهذه القضية (التظاهر السلمي ) موضوع خاص تدرس وتبحث ويحكم فيها شرعا ؟
خاصة وأنه أمر ضروري وملح بل هو موضوع الساعة . حتى تكون موضوعاتنا مسايرة لواقع المسلمين غير بعيدة عنه وليعلم الناس أن لكل حادثة حكما في شرع الله .علمه من علمه وجهله من جهله.
 

أحمد محمد صابر

:: متابع ::
إنضم
27 يناير 2010
المشاركات
20
التخصص
الفقه
المدينة
..........
المذهب الفقهي
شافعي
رد: قاعدة (ما حرم للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة)

سدا لذريعة الفساد العظيم والشر الكثير بقتالهم كما هو الواقع فإنه حصل بسبب قتالهم والخروج عليهم أضعاف اضعاف ما هم عليه

أولا: استشهدت بكلام ابن القيم في غير موضعه فقد ذكر "قتالهم " ونحن نتكلم عن التظاهر السلمي . وهذا خطأ علمي أردت من خلاله تشويه المسألة التي نتكلم عنها إما لأنك تعتنق رأيا رافضا للتظاهر أو لأمر آخر.

ثانيا -وهو الأهم - : أنت تدعي أنك تحترم المنهج العلمي في كلامك فما هو تعريف الخروج على الحاكم؟ وما هو تعريف التظاهر السلمي؟ وهل يكون التظاهرالسلمي خروجا على الحاكم ؟
أعتقد أنك إن أجبت عن هذه الأسئلة فسوف تنسف بنفسك كلامك هذا نسفا .
 
إنضم
16 أبريل 2010
المشاركات
187
التخصص
إنجليزية
المدينة
تلمسان
المذهب الفقهي
مالكي
رد: قاعدة (ما حرم للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة)

قال الشيخ أيمن صداح جزاه الله خيرا في بحثه عن جواز التظاهر السلمي.وهي مسألة قد تدخل تحت هذه القاعدة (ما حرم للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة ) باعتبارمعين وقد لا تدخل باعتبارات أخرى
قال الشيخ أن الجمهور يقول بعدم جواز المظاهرات
ولعل العكس هو الراجح
 
أعلى