رد: قاعدة (ما حرم للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة)
التظاهر السلمي على فرض احتفافه ببعض المنكرات وقوعا أو توقعا
لو عكستَ أخي الكريم لكان أوفق ، و قد علم الدانى و القاصي اشتمال المظاهرات على كثير من المنكرات و تسببها في كثير من المفاسد العامة و الخاصة الدينية و الدنيوية..
فلو قيل : ((بفرض خلو التظاهر السلمي من المنكرات)) لكان أقرب للواقع الذي لا يمكن إنكاره
------
ثم ما هو التظاهر السلمي ؟ لو بُين حده لكان أصح في ميزان البحث ، فهل هو السلمي بمعنى الخلو من التخريب و التدمير ؟ الظاهر أن هذا هو المقصود..
لكن ليس كل مظاهرة سلمية - بهذا المعنى - تكون سالمة من المفاسد
فالعبرة ليست بسلميتها إنما العبرة بسلامتها
أى من المفاسد ، سواء ابتداءً أو ما تؤدى إليه من فتن و شغب و تخريب و قتل و قطع سبل..
------
و في الحقيقة هذه الطريقة لم تنصف ابن تيمية و لا ابن القيم حيث تعرضا لكثير من الظلم و السجن و التنكيل و العقوبة من ولاة أمر ظلمة ، و مع ذلك لم يقوما بالتداعى إلى الخروج و لا أشارا إليه و لا زيناه للناس كما يفعل القعدية من الخوارج الذين يزينون الخروج و لا يباشرونه ، فكيف يتأتى لأحد هذا التركيب البعيد ؟ فيصور كلام الإمامين و كأنه يمكن استلاب إباحة التظاهر من كلامهما و قواعدهما !!.. هذه طريقة ليست موافقة للمنهج البحثي و لا توافق الواقع الحاصل منهما..فلننصف الشيخين بارك الله فيكم
و النقولات عن الشيخين في ضد هذا المعنى المراد انتزاعه متكاثرة ، هذا بخلاف سيرتهما المعلومة..
قال ابن القيم في الإعلام في معرض كلامه على قاعدة سد الذرائع و منع ما يؤدي إلى الحرام
(الوجه الثامن والتسعون : نهيه عن قتال الأمراء
والخروج على الائمة
و إن ظلموا أو جاروا
ما أقاموا الصلاة
سدا لذريعة الفساد العظيم والشر الكثير بقتالهم
كما هو الواقع
فإنه حصل بسبب قتالهم والخروج عليهم أضعاف اضعاف ما هم عليه
والأمة في بقايا تلك الشرور الى الآن وقال إذا بويع الخليفتان فاقتلوا الآخر منهما سدا لذريعة الفتنة ) ..انتهى كلامه رحمه الله
___________
أما ابن تيمية فالنقولات عنه أشهر من أن تذكر
قال رحمه الله:-
[FONT=arial,helvetica,sans-serif]وكان أفاضل المسلمين ينهون عن الخروج والقتال في الفتنة كما كان عبد الله بن عمر وسعيد بن المسيب وعلي بن الحسين وغيرهم ينهون عام الحرة عن الخروج على يزيد وكما كان الحسن البصري ومجاهد وغيرهما ينهون عن الخروج في فتنة ابن الأشعث ولهذا استقر أمر أهل السنة على ترك القتال في الفتنة للأحاديث الصحيحة الثابته عن النبي
وصاروا يذكرون هذا في عقائدهم ويأمرون بالصبر على جور الأئمة وترك قتالهم وإن كان قد قاتل في الفتنة خلق كثير من أهل العلم والدين
وباب قتال أهل البغي والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يشتبه بالقتال في الفتنة وليس هذا موضع بسطه ومن تأمل الأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي
في هذا الباب واعتبر أيضا اعتبار أولى الأبصار علم أن الذي جاءت به النصوص النبوية خير الأمور ولهذا لما أراد الحسين رضي الله عنه أن يخرج إلى أهل العراق لما كاتبوه كتبا كثيرة أشار عليه أفاضل أهل العلم والدين كابن عمر وابن عباس وأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن لا يخرج وغلب على ظنهم أنه يقتل حتى إن بعضهم قال أستودعك الله من قتيل وقال بعضهم لولا الشفاعة لأمسكتك ومصلحة المسلمين والله ورسوله إنما يأمر بالصلاح لا بالفساد لكن الرأي يصيب تارة ويخطيء أخرى
فتبين أن الأمر على ما قاله أولئك ولم يكن في الخروج لا مصلحة دين ولا مصلحة دنيا بل تمكن أولئك الظلمة الطغاة من سبط رسول الله
حتى قتلوه مظلوما شهيدا وكان في خروجه وقتله من الفساد ما لم يكن حصل لو قعد في بلده فإن ما قصده من تحصيل الخير ودفع الشر لم يحصل منه شيء بل زاد الشر بخروجه وقتله ونقص الخير بذلك وصار ذلك سببا لشر عظيم وكان قتل الحسين مما أوجب الفتن كما كان قتل عثمان مما أوجب الفتن
وهذا كله مما يبين أن ما أمر به النبي
من الصبر على جور الأئمة وترك قتالهم والخروج عليهم هو أصلح الأمور للعباد في المعاش والمعاد وأن من خالف ذلك متعمدا أو مخطئا لم يحصل بفعله صلاح بل فساد ولهذا أثنى النبي
على الحسن بقوله إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين ولم يثن على أحد لا بقتال في فتنة ولا بخروج على الأئمة ولا نزع يد من طاعة ولا مفارقة للجماعة
[/FONT]-------------
و قال كذلك :
وأما أهل العلم والدين والفضل فلا يرخصون لأحد فيما نهى الله عنه من معصية ولاة الأمور وغشهم و الخروج عليهم ، بوجه من الوجوه كما قد عرف من عادات أهل السنة والدين قديما وحديثا ومن سيرة غيرهم. وقد ثبت في الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال: (ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة عند استه بقدر غدره) قال: وإن من أعظم الغدر. يعني بإمام المسلمين.
-------------
و قال أيضاً :-
((ولهذا كان المشهور من مذهب أهل السنة أنهم لا يرون الخروج على الأئمة وقتالهم بالسيف وإن كان فيهم ظلم كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة المستفيضة عن النبي صلى الله عليه و سلم لأن الفساد في القتال والفتنة أعظم من الفساد الحاصل بظلمهم بدون قتال ولا فتنة فلا يدفع أعظم الفسادين بالتزام أدناهما و لعله لا يكاد يعرف طائفة خرجت على ذي سلطان إلا وكان في خروجها من الفساد ما هو أعظم من الفساد الذي أزالته
والله تعالى لم يأمر بقتال كل ظالم وكل باغ كيفما كان ولا أمر بقتال الباغين ابتداء بل قال و إن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغى حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل سورة الحجرات 9 فلم يأمر بقتال الباغية ابتداء فكيف يأمر بقتال ولاة الأمر ابتداء؟))
---------
فلا يصح انتزاع هذا المعنى مع توافر النقولات المضادة له و دلالة سيرتهما على ضده ، و لا ننسى أن الإمامين حنبليان يتبعان أصول السنة المرضية عند العلماء كافة و التى نص عليها الإمام أحمد
و منها :-
والسمع والطاعة للأمة وأمير المؤمنين البر والفاجـر ومن ولي الخلافة، واجتمع الناس عليه ورضوا به، و من غلبهم بالسيف حتى صار خليفة وسمي أمير المؤمنين.
والغزو ماض مع الأمراء إلى يوم القيامة البر والفاجر لا يترك.
وقسمة الفيء، وإقامة الحدود إلى الأئمة ماض، ليس لأحد أن يطعن عليهم، ولا ينازعهم.
ودفع الصدقات إليهم جائزة نافذة. من دفعها إليهم أجزأت عنه برا كان أو فاجرا.
وصلاة الجمعة خلفه، وخلف من ولاه جائزة باقية تامة ركعتين، من أعادهما فهو مبتدع، تارك للآثار، مخالف للسنة، ليس له من فضل الجمعة شيء؛ إذا لم ير الصلاة خلف الأئمة برهم و فاجرهم فالسنة بأن يصلي معهم ركعتين ويدين بأنها تامت. لايكن في صدرك من ذلك شك.
ومن خرج على إمام من أمة المسلمين وقد كان الناس اجتمعوا عليه وأقروا له بالخلاقة بأي وجه كان بالرضا أو بالغلبة فقد شق هذا الخارج عصا المسلمين، وخالف الآثار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن مات الخارج عليه مات ميتة جاهلية.
[mark=#FAF2FF]ولا يحل قتال السلطان
و لا الخروج عليه لأحد من الناس. فمن فعل ذلك فهو مبتدع على غير السنة والطريق.[/mark]انتهى كلام الإمام أحمد..
--------
و هذه المعانى مجمع عليها و الحمد لله
قال الحافظ ابن حجر فِي الفتح (13/7): و قد أجمع الفقهاء عَلَى وجوب طاعة السلطان المتغلب والجهاد معه، وأن طاعته خير من الخروج عليه لِما فِي ذَلِكَ من حقن الدماء وتسكين الدهماء..اهـ
فلا يحسن - بأي حال - ممن تحرى و أنصف و علم كلام الإمامين و سيرتهما أن ينتزع عنوةً ، جواز المظاهرات من كلامهما و قواعد الدين التي بيناها و شرحاها..و بارك الله في الجميع