د. فؤاد بن يحيى الهاشمي
:: مشرف سابق ::
- إنضم
- 29 أكتوبر 2007
- المشاركات
- 9,059
- الكنية
- أبو فراس
- التخصص
- فقه
- المدينة
- جدة
- المذهب الفقهي
- مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
قراءة مع تسجيل النتائج والفوائد
في فتوى ابن تيمية رحمه الله عن:
معنى الأحرف السبعة
وهل هي القراءات السبعة؟
وهل تجوز القراءة بغيرها؟
وما السبب الذي أوجب الاختلاف بين القراء؟
في فتوى ابن تيمية رحمه الله عن:
معنى الأحرف السبعة
وهل هي القراءات السبعة؟
وهل تجوز القراءة بغيرها؟
وما السبب الذي أوجب الاختلاف بين القراء؟
قال ابن تيمية رحمه الله([1]):
" لا نزاع بين العلماء المعتبرين أن الأحرف السبعة التي ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن القرآن أنزل عليها ليست هي قراءات القراء السبعة المشهورة:
بل أول من جمع قراءات هؤلاء:
هو الإمام أبو بكر بن مجاهد وكان على رأس المائة الثالثة ببغداد فإنه أحب أن يجمع المشهور من قراءات الحرمين والعراقين والشام إذ هذه الأمصار الخمسة هي التي خرج منها علم النبوة من القرآن وتفسيره والحديث والفقه من الأعمال الباطنة والظاهرة وسائر العلوم الدينية فلما أراد ذلك جمع قراءات سبعة مشاهير من أئمة قراء هذه الأمصار ليكون ذلك موافقا لعدد الحروف التي أنزل عليها القرآن لا لاعتقاده أو اعتقاد غيره من العلماء أن القراءات السبعة هي الحروف السبعة أو أن هؤلاء السبعة المعينين هم الذين لا يجوز أن يقرأ بغير قراءتهم
ولهذا قال من قال من أئمة القراء:
لولا أن ابن مجاهد سبقني إلى حمزة لجعلت مكانه يعقوب الحضرمي إمام جامع البصرة وإمام قراء البصرة في زمانه في رأس المائتين.
ولا نزاع بين المسلمين أن الحروف السبعة التي أنزل القرآن عليها لا تتضمن تناقض المعنى وتضاده بل قد يكون معناها متفقا أو متقاربا كما قال عبد الله بن مسعود :إنما هو كقول أحدكم: أقبل وهلم وتعال.
وقد يكون معنى أحدهما ليس هو معنى الآخر لكن كلا المعنيين حق وهذا اختلاف تنوع وتغاير لا اختلاف تضاد وتناقض:
وهذا كما جاء في الحديث المرفوع عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا:
حديث: "أنزل القرآن على سبعة أحرف إن قلت: غفورا رحيما أو قلت: عزيزا حكيما فالله كذلك ما لم تختم آية رحمة بآية عذاب أو آية عذاب بآية رحمة " وهذا كما في القراءات المشهورة (ربنا باعد وباعد) ( إلا أن يَخافا ألا يقيما ) وإلا أن يُخافا الا يقيما) ( وان كان مكرهم لتزول. وليزول منه الجبال ) (و بل عجبتَ وبل عجبتُ) ونحو ذلك
ومن القراءات ما يكون المعنى فيها متفقا من وجه متباينا من وجه:
كقوله: (يخدعون ويخادعون) (ويكذبون ويكذّبون) (ولمستم ولامستم) و (حتى يطهرن ويطهرن) ونحو ذلك.
فهذه القراءات التي يتغاير فيها المعنى كلها حق وكل قراءة منها مع القراءة الأخرى بمنزلة الآية مع الآية يجب الإيمان بها كلها واتباع ما تضمنته من المعنى علما وعملا لا يجوز ترك موجب إحداهما لأجل الأخرى ظنا أن ذلك تعارض بل كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: من كفر بحرف منه فقد كفر به كله
وأما ما اتحد لفظه ومعناه وإنما يتنوع صفة النطق به:
كالهمزات والمدات والإمالات ونقل الحركات والإظهار والإدغام والاختلاس وترقيق اللامات والراآت أو تغليظها ونحو ذلك مما يسمى القرآءات الأصول.
فهذا أظهر وأبين في أنه ليس فيه تناقض ولا تضاد مما تنوع فيه اللفظ أو المعنى
إذ هذه الصفات المتنوعة في أداء اللفظ لا تخرجه عن أن يكون لفظا واحدا ولا يعد ذلك فيما اختلف لفظه واتحد معناه أو اختلف معناه من المترادف ونحوه
ولهذا كان دخول هذا في حرف واحد من الحروف السبعة التي أنزل القرآن عليها من أولى ما يتنوع فيه اللفظ أو المعنى وان وافق رسم المصحف وهو ما يختلف فيه النقط أو الشكل
ولذلك لم يتنازع علماء الإسلام المتبوعين من السلف والأئمة في أنه لا يتعين أن يقرأ بهذه القراءات المعينة في جميع أمصار المسلمين بل من ثبت عنده قراءة الأعمش شيخ حمزة أو قراءة يعقوب بن اسحق الحضرمي ونحوهما كما ثبت عنده قراءة حمزة والكسائي فله أن يقرأ بها بلا نزاع بين العلماء المعتبرين المعدودين من أهل الإجماع والخلاف بل أكثر العلماء الأئمة الذين أدركوا قراءة حمزة كسفيان بن عيينة وأحمد بن حنبل وبشر بن الحارث وغيرهم يختارون قراءة أبى جعفر بن القعقاع وشيبة بن نصاح المدنيين وقراءة البصريين كشيوخ يعقوب بن اسحق وغيرهم على قراء حمزة والكسائي.
وللعلماء الأئمة في ذلك من الكلام ما هو معروف عند العلماء ولهذا كان أئمة أهل العراق الذين ثبتت عندهم قراءات العشرة أو الأحد عشر كثبوت هذه السبعة يجمعون ذلك في الكتب ويقرؤونه في الصلاة وخارج الصلاة وذلك متفق عليه بين العلماء لم ينكره أحد منهم
وأما الذي ذكره القاضي عياض ومن نقل من كلامه من الإنكار على ابن شنبوذ الذي كان يقرأ بالشواذ في الصلاة في أثناء المائة الرابعة وجرت له قصة مشهورة فإنما كان ذلك في القراءات الشاذة الخارجة عن المصحف كما سنبينه.
ولم ينكر أحد من العلماء قراءة العشرة ولكن من يكن عالما بها أو لم تثبت عنده كمن يكون في بلد من بلاد الإسلام بالمغرب أو غيره ولم يتصل به بعض هذه القراءات فليس له أن يقرأ بما لا يعلمه فان القراءة كما قال زيد بن ثابت سنة يأخذها الآخر عن الأول كما أن ما ثبت عن النبي من أنواع الاستفتاحات في الصلاة ومن أنواع صفة الأذان والإقامة وصفة صلاة الخوف وغير ذلك كله حسن يشرع العمل به لمن علمه وأما من علم نوعا ولم يعلم غيره فليس له أن يعدل عما علمه الى ما لم يعلمه وليس له أن ينكر على من علم ما لم يعلمه من ذلك ولا أن يخالفه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا تختلفوا فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا )
وأما القراءة الشاذة الخارجة عن رسم المصحف العثماني:
مثل: قراءة ابن مسعود وأبي الدرداء رضي الله عنهما ( والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى والذكر والأنثى) كما قد ثبت ذلك في الصحيحين ومثل قراءة عبد الله (فصيام ثلاثة أيام متتابعات) وكقراءته (إن كانت الأزقية واحدة) ونحو ذلك
فهذه إذا ثبتت عن بعض الصحابة فهل يجوز أن يقرأ بها في الصلاة على قولين للعلماء هما روايتان مشهورتان عن الإمام أحمد وروايتان عن مالك:
إحداهما: يجوز ذلك لأن الصحابة والتابعين كانوا يقرؤن بهذه الحروف في الصلاة
والثانية: لا يجوز ذلك وهو قول أكثر العلماء لأن هذه القراءات لم تثبت متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم وإن ثبتت فإنها منسوخة بالعرضة الآخرة فانه قد ثبت في الصحاح عن عائشة وابن عباس رضي الله عنهم: أن جبريل عليه السلام كان يعارض النبي صلى الله عليه وسلم بالقرآن في كل عام مرة فلما كان العام الذي قبض فيه عارضه به مرتين.
والعرضة الآخرة: هي قراءة زيد بن ثابت وغيره وهى التي أمر الخلفاء الراشدون أبو بكر وعمر وعثمان وعلى بكتابتها في المصاحف وكتبها أبو بكر وعمر في خلافة أبى بكر في صحف أمر زيد بن ثابت بكتابتها ثم أمر عثمان في خلافته بكتابتها في المصاحف وإرسالها إلى الأمصار وجمع الناس عليها باتفاق من الصحابة على وغيره.
وهذا النزاع لابد أن يبني على الأصل الذي سأل عنه السائل وهو أن القراءات السبعة هل هي حرف من الحروف السبعة أم لا؟
فالذي عليه جمهور العلماء من السلف والأئمة:
أنها حرف من الحروف السبعة بل يقولون: إن مصحف عثمان هو أحد الحروف السبعة وهو متضمن للعرضة الآخرة التي عرضها النبي صلى الله عليه وسلم على جبريل والأحاديث والآثار المشهورة المستفيضة تدل على هذا القول.
وذهب طوائف من الفقهاء والقراء وأهل الكلام إلى:
أن هذا المصحف مشتمل على الأحرف السبعة وقرر ذلك طوائف من أهل الكلام كالقاضي أبى بكر الباقلاني وغيره بناء على أنه لا يجوز على الأمة أن تهمل نقل شيء من الأحرف السبعة وقد اتفقوا على نقل هذا المصحف الإمام العثماني وترك ما سواه حيث أمر عثمان بنقل القرآن من الصحف التي كان أبو بكر وعمر كتبا القرآن فيها ثم أرسل عثمان بمشاورة الصحابة إلى كل مصر من أمصار المسلمين بمصحف وأمر بترك ما سوى ذلك
قال هؤلاء:
ولا يجوز أن ينهى عن القراءة ببعض الأحرف السبعة.
ومن نصر قول الأولين يجيب تارة:
بما ذكر محمد بن جرير وغيره: من أن القراءة على الأحرف السبعة لم يكن واجبا على الأمة وإنما كان جائزا لهم مرخصا لهم فيه وقد جعل إليهم الاختيار في أي حرف اختاروه.
كما أن ترتيب السور لم يكن واجبا عليهم منصوصا بل مفوضا إلى اجتهادهم ولهذا كان ترتيب مصحف عبد الله على غير ترتيب مصحف زيد وكذلك مصحف غيره ، وأما ترتيب آيات السور فهو منزل منصوص عليه فلم يكن لهم أن يقدموا آية على آية في الرسم كما قدموا سورة على سورة لأن ترتيب الآيات مأمور به نصا وأما ترتيب السور فمفوض إلى اجتهادهم
قالوا:
فكذلك الأحرف السبعة فلما رأى الصحابة أن الأمة تفترق وتختلف وتتقاتل إذا لم يجتمعوا على حرف واحد اجتمعوا على ذلك اجتماعا سائغا وهم معصومون أن يجتمعوا على ضلالة ولم يكن في ذلك ترك لواجب ولا فعل محظور .
ومن هؤلاء من يقول:
بأن الترخيص في الأحرف السبعة كان في أول الإسلام لما في المحافظة على حرف واحد من المشقة عليهم أولا فلما تذللت ألسنتهم بالقراءة وكان اتفاقهم على حرف واحد يسيرا عليهم وهو أرفق بهم أجمعوا على الحرف الذي كان في العرضة الآخرة.
ويقولون: أنه نسخ ما سوى ذلك
وهؤلاء يوافق قولهم قول من يقول: إن حروف أبى بن كعب وابن مسعود وغيرهما مما يخالف رسم هذا المصحف منسوخة
وأما من قال عن ابن مسعود: أنه كان يجوز القراءة بالمعنى فقد كذب عليه وإنما قال: قد نظرت إلى القراء فرأيت قراءتهم متقاربة، وإنما هو كقول أحدكم اقبل وهلم وتعال فاقرؤا كما علمتم أو كما قال.
ثم من جوز القراءة بما يخرج عن المصحف مما ثبت عن الصحابة قال:
يجوز ذلك لأنه من الحروف السبعة التي أنزل القرآن عليها
ومن لم يجوزه فله ثلاثة مآخذ:
تارة يقول: ليس هو من الحروف السبعة.
وتارة يقول: هو من الحروف المنسوخة.
وتارة يقول: هو مما انعقد إجماع الصحابة على الإعراض عنه.
وتارة يقول: لم ينقل إلينا نقلا يثبت بمثله القرآن.
وهذا هو الفرق بين المتقدمين والمتأخرين
ولهذا كان في المسألة قول ثالث وهو اختيار جدي أبى البركات:
أنه إن قرأ بهذه القراءات في القراءة الواجبة وهى الفاتحة عند القدرة عليها: لم تصح صلاته لأنه لم يتيقن أنه أدى الواجب من القراءة لعدم ثبوت القرآن بذلك
وإن قرأ بها فيما لا يجب: لم تبطل صلاته لأنه لم يتيقن أنه أتى في الصلاة بمبطل لجواز أن يكون ذلك من الحروف السبعة التي أنزل عليها.
وهذا القول ينبني على أصل وهو:
أن ما لم يثبت كونه من الحروف السبعة فهل يجب القطع بكونه ليس منها فالذي عليه جمهور العلماء أنه لا يجب القطع بذلك إذ ليس ذلك مما أوجب علينا أن يكون العلم به في النفي والإثبات قطعيا
وذهب فريق من أهل الكلام:
إلى وجوب القطع بنفيه حتى قطع بعض هؤلاء كالقاضي أبى بكر بخطأ الشافعي وغيره ممن أثبت البسملة آية من القرآن في غير سورة النمل لزعمهم أن ما كان من موارد الاجتهاد في القرآن فانه يجب القطع بنفيه
والصواب:
القطع بخطأ هؤلاء وأن البسملة آية من كتاب الله حيث كتبها الصحابة في المصحف إذ لم يكتبوا فيه إلا القرآن وجردوه عما ليس منه كالتخميس والتعشير وأسماء السور.
ولكن مع ذلك لا يقال: هي من السورة التي بعدها كما أنها ليست من السورة التي قبلها بل هي كما كتبت آية انزلها الله في أول كل سورة وان لم تكن من السورة وهذا أعدل الأقوال الثلاثة في هذه المسألة.
وسواء قيل بالقطع في النفي أو الإثبات فذلك لا يمنع كونها من موارد الاجتهاد التي لا تكفير ولا تفسيق فيها للنافي ولا للمثبت بل قد يقال ما قاله طائفة من العلماء: أن كل واحد من القولين حق وأنها آية من القرآن في بعض القراءات وهي قراءة الذين يفصلون بها بين السورتين وليست آية في بعض القراءات وهى قراءة الذين يصلون ولا يفصلون بها بين السورتين.
وأما قول السائل:
ما السبب الذي أوجب الاختلاف بين القراء فيما احتمله خط المصحف فهذا مرجعه إلى النقل واللغة العربية لتسويغ الشارع لهم القراءة بذلك كله إذ ليس لأحد أن يقرأ قراءة بمجرد رأيه بل القراءة سنة متبعة وهم إذا اتفقوا على اتباع القرآن المكتوب في المصحف الإمامي وقد قرأ بعضهم بالياء وبعضهم بالتاء لم يكن واحد منهما خارجا عن المصحف ومما يوضح ذلك أنهم يتفقون في بعض المواضع على ياء أو تاء ويتنوعون في بعض كما اتفقوا في قوله تعالى: ( وما الله بغافل عما تعملون ) في موضع وتنوعوا في موضعين وقد بينا أن القراءتين كالآيتين فزيادة القراءات كزيادة الآيات لكن إذا كان الخط واحدا واللفظ محتملا كان ذلك أحضر في الرسم
والاعتماد في نقل القرآن على حفظ القلوب لا على المصاحف كما في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( إن ربى قال لي: أن قم في قريش فأنذرهم فقلت: أي رب اذا يثلغوا رأسي أي يشدخوا. فقال: إني مبتليك ومبتل بك ومنزل عليك كتابا لا يغسله الماء تقرؤه نائما ويقظانا فابعث جندا أبعث مثليهم وقاتل بمن أطاعك من عصاك وانفق أنفق عليك ) فأخبر أن كتابه لا يحتاج في حفظه إلى صحيفة تغسل بالماء بل يقرؤه في كل حال كما جاء في نعت أمته: ( أناجيلهم في صدروهم ) بخلاف أهل الكتاب الذين لا يحفظونه إلا في الكتب ولا يقرأونه كله إلا نظرا لا عن ظهر قلب .
وقد ثبت في الصحيح: أنه جمع القرآن كله على عهد النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من الصحابة كالأربعة الذين من الأنصار وكعبد الله بن عمرو.
فتبين بما ذكرناه:
أن القراءات المنسوبة إلى نافع وعاصم ليست هي الأحرف السبعة التي أنزل القرآن عليها وذلك باتفاق علماء السلف والخلف
وكذلك:
ليست هذه القراءات السبعة هي مجموع حرف واحد من الأحرف السبعة التي انزل القرآن عليها باتفاق العلماء المعتبرين.
بل القراءات الثابتة عن أئمة القراء كالأعمش ويعقوب وخلف وأبى جعفر يزيد بن القعقاع وشيبة بن نصاح ونحوهم هي بمنزلة القراءات الثابتة عن هؤلاء السبعة عند من ثبت ذلك عنده كما ثبت ذلك.
وهذا أيضا مما لم يتنازع فيه الأئمة المتبوعون من أئمة الفقهاء والقراء وغيرهم.
وإنما تنازع الناس من الخلف:
في المصحف العثماني الإمام الذي أجمع عليه أصحاب رسول الله والتابعون لهم بإحسان والأمة بعدهم هل هو بما فيه من القراءات السبعة وتمام العشرة وغير ذلك:
هل هو حرف من الأحرف السبعة التي أنزل القرآن عليها؟
أو هو مجموع الأحرف السبعة؟
على قولين مشهورين:
والأول قول أئمة السلف والعلماء والثاني قول طوائف من أهل الكلام والقراء وغيرهم وهم متفقون على أن الأحرف السبعة لا يخالف بعضها بعضا خلافا يتضاد فيه المعنى ويتناقض بل يصدق بعضها بعضا كما تصدق الآيات بعضها بعضا
وسبب تنوع القراءات فيما احتمله خط المصحف:
هو تجويز الشارع وتسويغه ذلك لهم إذ مرجع ذلك إلى السنة والاتباع لا إلى الرأي والابتداع
أما إذا قيل:
إن ذلك هي الأحرف السبعة فظاهر وكذلك بطريق الأولى إذا قيل إن ذلك حرف من الأحرف السبعة فإنه إذا كان قد سوغ لهم أن يقرؤوه على سبعة أحرف كلها شاف كاف مع تنوع الأحرف في الرسم فلأن يسوغ ذلك مع اتفاق ذلك في الرسم وتنوعه في اللفظ أولى وأحرى وهذا من أسباب تركهم المصاحف أول ما كتبت غير مشكولة ولا منقوطة لتكون صورة الرسم محتملة للأمرين كالتاء والياء والفتح والضم وهم يضبطون باللفظ كلا الأمرين ويكون دلالة الخط الواحد على كلا اللفظين المنقولين المسموعين المتلوين شبيها بدلالة اللفظ الواحد على كلا المعنيين المنقولين المعقولين المفهومين فان أصحاب رسول الله تلقوا عنه ما أمره الله بتبليغه إليهم من القرآن لفظه ومعناه جميعا كما قال أبو عبد الرحمن السلمي وهو الذي روى عن عثمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) كما رواه البخاري في صحيحه وكان يقرئ القرآن أربعين سنة. قال: حدثنا الذين كانوا يقرؤننا عثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وغيرهما أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل قالوا: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعا .
ولهذا دخل في معنى قوله: ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه ) تعليم حروفه ومعانيه جميعا بل تعلم معانيه هو المقصود الأول بتعليم حروفه وذلك هو الذي يزيد الإيمان كما قال جندب بن عبد الله وعبد الله بن عمر وغيرهما تعلمنا الإيمان ثم تعلمنا القرآن فازددنا إيمانا وأنتم تتعلمون القرآن ثم تتعلمون الإيمان.
وفى الصحيحين عن حذيفة قال:
حدثنا رسول الله صلى الله عليه و سلم حديثين رأيت احدهما وأنا أنتظر الآخر حدثنا أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال ونزل القرآن وذكر الحديث بطوله ولا تتسع هذه الورقة لذكر ذلك وإنما المقصود التنبيه على أن ذلك كله مما بلغه رسول الله إلى الناس وبلغنا أصحابه عنه الإيمان والقرآن حروفه ومعانيه وذلك مما أوحاه الله إليه كما قال تعالى: (وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدرى ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدى به من نشاء من عبادنا) وتجوز القراءة في الصلاة وخارجها بالقراءات الثابتة الموافقة لرسم المصحف كما ثبتت هذه القراءات وليست شاذة حينئذ والله أعلم." ([2])
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
([1]) مجموع الفتاوى - (ج 13 / ص 390)
([2]) مجموع الفتاوى - (ج 13 / ص 390- 403)
التعديل الأخير: