العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

قراءة في فتوى ابن تيمية في معنى الأحرف السبعة وهل هي القراءات السبعة......الخ.

إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
قراءة مع تسجيل النتائج والفوائد
في فتوى ابن تيمية رحمه الله عن:
معنى الأحرف السبعة
وهل هي القراءات السبعة؟
وهل تجوز القراءة بغيرها؟
وما السبب الذي أوجب الاختلاف بين القراء؟



قال ابن تيمية رحمه الله([1]):
" لا نزاع بين العلماء المعتبرين أن الأحرف السبعة التي ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن القرآن أنزل عليها ليست هي قراءات القراء السبعة المشهورة:
بل أول من جمع قراءات هؤلاء:
هو الإمام أبو بكر بن مجاهد وكان على رأس المائة الثالثة ببغداد فإنه أحب أن يجمع المشهور من قراءات الحرمين والعراقين والشام إذ هذه الأمصار الخمسة هي التي خرج منها علم النبوة من القرآن وتفسيره والحديث والفقه من الأعمال الباطنة والظاهرة وسائر العلوم الدينية فلما أراد ذلك جمع قراءات سبعة مشاهير من أئمة قراء هذه الأمصار ليكون ذلك موافقا لعدد الحروف التي أنزل عليها القرآن لا لاعتقاده أو اعتقاد غيره من العلماء أن القراءات السبعة هي الحروف السبعة أو أن هؤلاء السبعة المعينين هم الذين لا يجوز أن يقرأ بغير قراءتهم
ولهذا قال من قال من أئمة القراء:
لولا أن ابن مجاهد سبقني إلى حمزة لجعلت مكانه يعقوب الحضرمي إمام جامع البصرة وإمام قراء البصرة في زمانه في رأس المائتين.
ولا نزاع بين المسلمين أن الحروف السبعة التي أنزل القرآن عليها لا تتضمن تناقض المعنى وتضاده بل قد يكون معناها متفقا أو متقاربا كما قال عبد الله بن مسعود :إنما هو كقول أحدكم: أقبل وهلم وتعال.
وقد يكون معنى أحدهما ليس هو معنى الآخر لكن كلا المعنيين حق وهذا اختلاف تنوع وتغاير لا اختلاف تضاد وتناقض:
وهذا كما جاء في الحديث المرفوع عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا:
حديث: "أنزل القرآن على سبعة أحرف إن قلت: غفورا رحيما أو قلت: عزيزا حكيما فالله كذلك ما لم تختم آية رحمة بآية عذاب أو آية عذاب بآية رحمة " وهذا كما في القراءات المشهورة (ربنا باعد وباعد) ( إلا أن يَخافا ألا يقيما ) وإلا أن يُخافا الا يقيما) ( وان كان مكرهم لتزول. وليزول منه الجبال ) (و بل عجبتَ وبل عجبتُ) ونحو ذلك
ومن القراءات ما يكون المعنى فيها متفقا من وجه متباينا من وجه:
كقوله: (يخدعون ويخادعون) (ويكذبون ويكذّبون) (ولمستم ولامستم) و (حتى يطهرن ويطهرن) ونحو ذلك.
فهذه القراءات التي يتغاير فيها المعنى كلها حق وكل قراءة منها مع القراءة الأخرى بمنزلة الآية مع الآية يجب الإيمان بها كلها واتباع ما تضمنته من المعنى علما وعملا لا يجوز ترك موجب إحداهما لأجل الأخرى ظنا أن ذلك تعارض بل كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: من كفر بحرف منه فقد كفر به كله
وأما ما اتحد لفظه ومعناه وإنما يتنوع صفة النطق به:
كالهمزات والمدات والإمالات ونقل الحركات والإظهار والإدغام والاختلاس وترقيق اللامات والراآت أو تغليظها ونحو ذلك مما يسمى القرآءات الأصول.
فهذا أظهر وأبين في أنه ليس فيه تناقض ولا تضاد مما تنوع فيه اللفظ أو المعنى
إذ هذه الصفات المتنوعة في أداء اللفظ لا تخرجه عن أن يكون لفظا واحدا ولا يعد ذلك فيما اختلف لفظه واتحد معناه أو اختلف معناه من المترادف ونحوه
ولهذا كان دخول هذا في حرف واحد من الحروف السبعة التي أنزل القرآن عليها من أولى ما يتنوع فيه اللفظ أو المعنى وان وافق رسم المصحف وهو ما يختلف فيه النقط أو الشكل
ولذلك لم يتنازع علماء الإسلام المتبوعين من السلف والأئمة في أنه لا يتعين أن يقرأ بهذه القراءات المعينة في جميع أمصار المسلمين بل من ثبت عنده قراءة الأعمش شيخ حمزة أو قراءة يعقوب بن اسحق الحضرمي ونحوهما كما ثبت عنده قراءة حمزة والكسائي فله أن يقرأ بها بلا نزاع بين العلماء المعتبرين المعدودين من أهل الإجماع والخلاف بل أكثر العلماء الأئمة الذين أدركوا قراءة حمزة كسفيان بن عيينة وأحمد بن حنبل وبشر بن الحارث وغيرهم يختارون قراءة أبى جعفر بن القعقاع وشيبة بن نصاح المدنيين وقراءة البصريين كشيوخ يعقوب بن اسحق وغيرهم على قراء حمزة والكسائي.
وللعلماء الأئمة في ذلك من الكلام ما هو معروف عند العلماء ولهذا كان أئمة أهل العراق الذين ثبتت عندهم قراءات العشرة أو الأحد عشر كثبوت هذه السبعة يجمعون ذلك في الكتب ويقرؤونه في الصلاة وخارج الصلاة وذلك متفق عليه بين العلماء لم ينكره أحد منهم
وأما الذي ذكره القاضي عياض ومن نقل من كلامه من الإنكار على ابن شنبوذ الذي كان يقرأ بالشواذ في الصلاة في أثناء المائة الرابعة وجرت له قصة مشهورة فإنما كان ذلك في القراءات الشاذة الخارجة عن المصحف كما سنبينه.
ولم ينكر أحد من العلماء قراءة العشرة ولكن من يكن عالما بها أو لم تثبت عنده كمن يكون في بلد من بلاد الإسلام بالمغرب أو غيره ولم يتصل به بعض هذه القراءات فليس له أن يقرأ بما لا يعلمه فان القراءة كما قال زيد بن ثابت سنة يأخذها الآخر عن الأول كما أن ما ثبت عن النبي من أنواع الاستفتاحات في الصلاة ومن أنواع صفة الأذان والإقامة وصفة صلاة الخوف وغير ذلك كله حسن يشرع العمل به لمن علمه وأما من علم نوعا ولم يعلم غيره فليس له أن يعدل عما علمه الى ما لم يعلمه وليس له أن ينكر على من علم ما لم يعلمه من ذلك ولا أن يخالفه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا تختلفوا فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا )
وأما القراءة الشاذة الخارجة عن رسم المصحف العثماني:
مثل: قراءة ابن مسعود وأبي الدرداء رضي الله عنهما ( والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى والذكر والأنثى) كما قد ثبت ذلك في الصحيحين ومثل قراءة عبد الله (فصيام ثلاثة أيام متتابعات) وكقراءته (إن كانت الأزقية واحدة) ونحو ذلك
فهذه إذا ثبتت عن بعض الصحابة فهل يجوز أن يقرأ بها في الصلاة على قولين للعلماء هما روايتان مشهورتان عن الإمام أحمد وروايتان عن مالك:
إحداهما: يجوز ذلك لأن الصحابة والتابعين كانوا يقرؤن بهذه الحروف في الصلاة
والثانية: لا يجوز ذلك وهو قول أكثر العلماء لأن هذه القراءات لم تثبت متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم وإن ثبتت فإنها منسوخة بالعرضة الآخرة فانه قد ثبت في الصحاح عن عائشة وابن عباس رضي الله عنهم: أن جبريل عليه السلام كان يعارض النبي صلى الله عليه وسلم بالقرآن في كل عام مرة فلما كان العام الذي قبض فيه عارضه به مرتين.
والعرضة الآخرة: هي قراءة زيد بن ثابت وغيره وهى التي أمر الخلفاء الراشدون أبو بكر وعمر وعثمان وعلى بكتابتها في المصاحف وكتبها أبو بكر وعمر في خلافة أبى بكر في صحف أمر زيد بن ثابت بكتابتها ثم أمر عثمان في خلافته بكتابتها في المصاحف وإرسالها إلى الأمصار وجمع الناس عليها باتفاق من الصحابة على وغيره.
وهذا النزاع لابد أن يبني على الأصل الذي سأل عنه السائل وهو أن القراءات السبعة هل هي حرف من الحروف السبعة أم لا؟
فالذي عليه جمهور العلماء من السلف والأئمة:
أنها حرف من الحروف السبعة بل يقولون: إن مصحف عثمان هو أحد الحروف السبعة وهو متضمن للعرضة الآخرة التي عرضها النبي صلى الله عليه وسلم على جبريل والأحاديث والآثار المشهورة المستفيضة تدل على هذا القول.
وذهب طوائف من الفقهاء والقراء وأهل الكلام إلى:
أن هذا المصحف مشتمل على الأحرف السبعة وقرر ذلك طوائف من أهل الكلام كالقاضي أبى بكر الباقلاني وغيره بناء على أنه لا يجوز على الأمة أن تهمل نقل شيء من الأحرف السبعة وقد اتفقوا على نقل هذا المصحف الإمام العثماني وترك ما سواه حيث أمر عثمان بنقل القرآن من الصحف التي كان أبو بكر وعمر كتبا القرآن فيها ثم أرسل عثمان بمشاورة الصحابة إلى كل مصر من أمصار المسلمين بمصحف وأمر بترك ما سوى ذلك
قال هؤلاء:
ولا يجوز أن ينهى عن القراءة ببعض الأحرف السبعة.
ومن نصر قول الأولين يجيب تارة:
بما ذكر محمد بن جرير وغيره: من أن القراءة على الأحرف السبعة لم يكن واجبا على الأمة وإنما كان جائزا لهم مرخصا لهم فيه وقد جعل إليهم الاختيار في أي حرف اختاروه.
كما أن ترتيب السور لم يكن واجبا عليهم منصوصا بل مفوضا إلى اجتهادهم ولهذا كان ترتيب مصحف عبد الله على غير ترتيب مصحف زيد وكذلك مصحف غيره ، وأما ترتيب آيات السور فهو منزل منصوص عليه فلم يكن لهم أن يقدموا آية على آية في الرسم كما قدموا سورة على سورة لأن ترتيب الآيات مأمور به نصا وأما ترتيب السور فمفوض إلى اجتهادهم
قالوا:
فكذلك الأحرف السبعة فلما رأى الصحابة أن الأمة تفترق وتختلف وتتقاتل إذا لم يجتمعوا على حرف واحد اجتمعوا على ذلك اجتماعا سائغا وهم معصومون أن يجتمعوا على ضلالة ولم يكن في ذلك ترك لواجب ولا فعل محظور .
ومن هؤلاء من يقول:
بأن الترخيص في الأحرف السبعة كان في أول الإسلام لما في المحافظة على حرف واحد من المشقة عليهم أولا فلما تذللت ألسنتهم بالقراءة وكان اتفاقهم على حرف واحد يسيرا عليهم وهو أرفق بهم أجمعوا على الحرف الذي كان في العرضة الآخرة.
ويقولون: أنه نسخ ما سوى ذلك
وهؤلاء يوافق قولهم قول من يقول: إن حروف أبى بن كعب وابن مسعود وغيرهما مما يخالف رسم هذا المصحف منسوخة
وأما من قال عن ابن مسعود: أنه كان يجوز القراءة بالمعنى فقد كذب عليه وإنما قال: قد نظرت إلى القراء فرأيت قراءتهم متقاربة، وإنما هو كقول أحدكم اقبل وهلم وتعال فاقرؤا كما علمتم أو كما قال.
ثم من جوز القراءة بما يخرج عن المصحف مما ثبت عن الصحابة قال:
يجوز ذلك لأنه من الحروف السبعة التي أنزل القرآن عليها
ومن لم يجوزه فله ثلاثة مآخذ:
تارة يقول: ليس هو من الحروف السبعة.
وتارة يقول: هو من الحروف المنسوخة.
وتارة يقول: هو مما انعقد إجماع الصحابة على الإعراض عنه.
وتارة يقول: لم ينقل إلينا نقلا يثبت بمثله القرآن.
وهذا هو الفرق بين المتقدمين والمتأخرين
ولهذا كان في المسألة قول ثالث وهو اختيار جدي أبى البركات:
أنه إن قرأ بهذه القراءات في القراءة الواجبة وهى الفاتحة عند القدرة عليها: لم تصح صلاته لأنه لم يتيقن أنه أدى الواجب من القراءة لعدم ثبوت القرآن بذلك
وإن قرأ بها فيما لا يجب: لم تبطل صلاته لأنه لم يتيقن أنه أتى في الصلاة بمبطل لجواز أن يكون ذلك من الحروف السبعة التي أنزل عليها.
وهذا القول ينبني على أصل وهو:
أن ما لم يثبت كونه من الحروف السبعة فهل يجب القطع بكونه ليس منها فالذي عليه جمهور العلماء أنه لا يجب القطع بذلك إذ ليس ذلك مما أوجب علينا أن يكون العلم به في النفي والإثبات قطعيا
وذهب فريق من أهل الكلام:
إلى وجوب القطع بنفيه حتى قطع بعض هؤلاء كالقاضي أبى بكر بخطأ الشافعي وغيره ممن أثبت البسملة آية من القرآن في غير سورة النمل لزعمهم أن ما كان من موارد الاجتهاد في القرآن فانه يجب القطع بنفيه
والصواب:
القطع بخطأ هؤلاء وأن البسملة آية من كتاب الله حيث كتبها الصحابة في المصحف إذ لم يكتبوا فيه إلا القرآن وجردوه عما ليس منه كالتخميس والتعشير وأسماء السور.
ولكن مع ذلك لا يقال: هي من السورة التي بعدها كما أنها ليست من السورة التي قبلها بل هي كما كتبت آية انزلها الله في أول كل سورة وان لم تكن من السورة وهذا أعدل الأقوال الثلاثة في هذه المسألة.
وسواء قيل بالقطع في النفي أو الإثبات فذلك لا يمنع كونها من موارد الاجتهاد التي لا تكفير ولا تفسيق فيها للنافي ولا للمثبت بل قد يقال ما قاله طائفة من العلماء: أن كل واحد من القولين حق وأنها آية من القرآن في بعض القراءات وهي قراءة الذين يفصلون بها بين السورتين وليست آية في بعض القراءات وهى قراءة الذين يصلون ولا يفصلون بها بين السورتين.
وأما قول السائل:
ما السبب الذي أوجب الاختلاف بين القراء فيما احتمله خط المصحف فهذا مرجعه إلى النقل واللغة العربية لتسويغ الشارع لهم القراءة بذلك كله إذ ليس لأحد أن يقرأ قراءة بمجرد رأيه بل القراءة سنة متبعة وهم إذا اتفقوا على اتباع القرآن المكتوب في المصحف الإمامي وقد قرأ بعضهم بالياء وبعضهم بالتاء لم يكن واحد منهما خارجا عن المصحف ومما يوضح ذلك أنهم يتفقون في بعض المواضع على ياء أو تاء ويتنوعون في بعض كما اتفقوا في قوله تعالى: ( وما الله بغافل عما تعملون ) في موضع وتنوعوا في موضعين وقد بينا أن القراءتين كالآيتين فزيادة القراءات كزيادة الآيات لكن إذا كان الخط واحدا واللفظ محتملا كان ذلك أحضر في الرسم
والاعتماد في نقل القرآن على حفظ القلوب لا على المصاحف كما في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( إن ربى قال لي: أن قم في قريش فأنذرهم فقلت: أي رب اذا يثلغوا رأسي أي يشدخوا. فقال: إني مبتليك ومبتل بك ومنزل عليك كتابا لا يغسله الماء تقرؤه نائما ويقظانا فابعث جندا أبعث مثليهم وقاتل بمن أطاعك من عصاك وانفق أنفق عليك ) فأخبر أن كتابه لا يحتاج في حفظه إلى صحيفة تغسل بالماء بل يقرؤه في كل حال كما جاء في نعت أمته: ( أناجيلهم في صدروهم ) بخلاف أهل الكتاب الذين لا يحفظونه إلا في الكتب ولا يقرأونه كله إلا نظرا لا عن ظهر قلب .
وقد ثبت في الصحيح: أنه جمع القرآن كله على عهد النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من الصحابة كالأربعة الذين من الأنصار وكعبد الله بن عمرو.
فتبين بما ذكرناه:
أن القراءات المنسوبة إلى نافع وعاصم ليست هي الأحرف السبعة التي أنزل القرآن عليها وذلك باتفاق علماء السلف والخلف
وكذلك:
ليست هذه القراءات السبعة هي مجموع حرف واحد من الأحرف السبعة التي انزل القرآن عليها باتفاق العلماء المعتبرين.
بل القراءات الثابتة عن أئمة القراء كالأعمش ويعقوب وخلف وأبى جعفر يزيد بن القعقاع وشيبة بن نصاح ونحوهم هي بمنزلة القراءات الثابتة عن هؤلاء السبعة عند من ثبت ذلك عنده كما ثبت ذلك.
وهذا أيضا مما لم يتنازع فيه الأئمة المتبوعون من أئمة الفقهاء والقراء وغيرهم.
وإنما تنازع الناس من الخلف:
في المصحف العثماني الإمام الذي أجمع عليه أصحاب رسول الله والتابعون لهم بإحسان والأمة بعدهم هل هو بما فيه من القراءات السبعة وتمام العشرة وغير ذلك:
هل هو حرف من الأحرف السبعة التي أنزل القرآن عليها؟
أو هو مجموع الأحرف السبعة؟
على قولين مشهورين:
والأول قول أئمة السلف والعلماء والثاني قول طوائف من أهل الكلام والقراء وغيرهم وهم متفقون على أن الأحرف السبعة لا يخالف بعضها بعضا خلافا يتضاد فيه المعنى ويتناقض بل يصدق بعضها بعضا كما تصدق الآيات بعضها بعضا
وسبب تنوع القراءات فيما احتمله خط المصحف:
هو تجويز الشارع وتسويغه ذلك لهم إذ مرجع ذلك إلى السنة والاتباع لا إلى الرأي والابتداع
أما إذا قيل:
إن ذلك هي الأحرف السبعة فظاهر وكذلك بطريق الأولى إذا قيل إن ذلك حرف من الأحرف السبعة فإنه إذا كان قد سوغ لهم أن يقرؤوه على سبعة أحرف كلها شاف كاف مع تنوع الأحرف في الرسم فلأن يسوغ ذلك مع اتفاق ذلك في الرسم وتنوعه في اللفظ أولى وأحرى وهذا من أسباب تركهم المصاحف أول ما كتبت غير مشكولة ولا منقوطة لتكون صورة الرسم محتملة للأمرين كالتاء والياء والفتح والضم وهم يضبطون باللفظ كلا الأمرين ويكون دلالة الخط الواحد على كلا اللفظين المنقولين المسموعين المتلوين شبيها بدلالة اللفظ الواحد على كلا المعنيين المنقولين المعقولين المفهومين فان أصحاب رسول الله تلقوا عنه ما أمره الله بتبليغه إليهم من القرآن لفظه ومعناه جميعا كما قال أبو عبد الرحمن السلمي وهو الذي روى عن عثمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) كما رواه البخاري في صحيحه وكان يقرئ القرآن أربعين سنة. قال: حدثنا الذين كانوا يقرؤننا عثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وغيرهما أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل قالوا: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعا .
ولهذا دخل في معنى قوله: ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه ) تعليم حروفه ومعانيه جميعا بل تعلم معانيه هو المقصود الأول بتعليم حروفه وذلك هو الذي يزيد الإيمان كما قال جندب بن عبد الله وعبد الله بن عمر وغيرهما تعلمنا الإيمان ثم تعلمنا القرآن فازددنا إيمانا وأنتم تتعلمون القرآن ثم تتعلمون الإيمان.
وفى الصحيحين عن حذيفة قال:
حدثنا رسول الله صلى الله عليه و سلم حديثين رأيت احدهما وأنا أنتظر الآخر حدثنا أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال ونزل القرآن وذكر الحديث بطوله ولا تتسع هذه الورقة لذكر ذلك وإنما المقصود التنبيه على أن ذلك كله مما بلغه رسول الله إلى الناس وبلغنا أصحابه عنه الإيمان والقرآن حروفه ومعانيه وذلك مما أوحاه الله إليه كما قال تعالى: (وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدرى ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدى به من نشاء من عبادنا) وتجوز القراءة في الصلاة وخارجها بالقراءات الثابتة الموافقة لرسم المصحف كما ثبتت هذه القراءات وليست شاذة حينئذ والله أعلم." ([2])
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
([1]) مجموع الفتاوى - (ج 13 / ص 390)

([2]) مجموع الفتاوى - (ج 13 / ص 390- 403)
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
تسجيل النتائج والفوائد والقواعد من القراءة في الفتوى السابقة:
- لا نزاع بين العلماء المعتبرين أن الأحرف السبعة ليست هي قراءات القرَّاء السبعة المشهورة.
- أول من جمع القراءات السبعة هو الإمام أبو بكر بن مجاهد وكان على رأس المائة الثالثة ببغداد فإنه أحب أن يجمع المشهور من قراءات الحرمين والعراقين والشام إذ هذه الأمصار الخمسة هي التي خرج منها علم النبوة.
- أراد بذلك جمع قراءات سبعة مشاهير من أئمة قراء هذه الأمصار ليكون ذلك موافقا لعدد الحروف التي أنزل عليها القرآن.
- لم يرد هو ولا غيره من العلماء أن تكون القراءات السبعة هي الحروف السبعة.
- لم يرد أن هؤلاء السبعة هم الذين لا يجوز أن يقرأ بغير قراءتهم.
- لا نزاع بين المسلمين أن الحروف السبعة التي أنزل القرآن عليها لا تتضمن تناقض المعنى وتضاده بل قد يكون معناها متفقا أو متقاربا.
- قد يكون معنى أحدهما ليس هو معنى الآخر لكن كلا المعنيين حق وهذا اختلاف تنوع وتغاير لا اختلاف تضاد وتناقض.
- من القراءات ما يكون المعنى فيها متفقا من وجه متباينا من وجه.
- القراءات التي يتغاير فيها المعنى كلها حق وكل قراءة منها مع القراءة الأخرى بمنزلة الآية مع الآية يجب الإيمان بها كلها واتباع ما تضمنته من المعنى علما وعملا ولا يجوز ترك موجب إحداهما لأجل الأخرى ظنا أن ذلك تعارض.
- ما اتحد لفظه ومعناه وإنما يتنوع صفة النطق به: كالهمزات والمدات فهذا أظهر وأبين في أنه ليس فيه تناقض ولا تضاد.
- هذه الصفات المتنوعة في أداء اللفظ لا تخرجه عن أن يكون لفظا واحدا بل هو أولى من غيره من دخول هذا في حرف واحد من الحروف السبعة.
- لم يتنازع علماء الإسلام المتبوعين أنه لا يتعين أن يقرأ بهذه القراءات المعينة في جميع أمصار المسلمين بل من ثبت عنده قراءة فله أن يقرأ بها.
- ثبت عند أئمة أهل العراق قراءات العشرة أو الأحد عشر كثبوت هذه السبعة فجمعوا ذلك في الكتب وقرأوا به في الصلاة وخارج الصلاة وذلك متفق عليه بين العلماء ولم ينكره أحد منهم.
- ما ذكره القاضي عياض من الإنكار على ابن شنبوذ الذي كان يقرأ بالشواذ في الصلاة في أثناء المائة الرابعة إنما كان ذلك في القراءات الشاذة الخارجة عن المصحف.
- من لم يكن عالما بها أو لم تثبت عنده كمن كان بالمغرب فليس له أن يقرأ بما لا يعلمه فان القراءة سنة يأخذها الآخر عن الأول.
- من علم نوعا ولم يعلم غيره فليس له أن يعدل عما علمه إلى ما لم يعلمه وليس له أن ينكر على من علم ما لم يعلمه من ذلك ولا أن يخالفه.
- القراءة الشاذة الخارجة عن رسم المصحف العثماني إذا ثبتت عن بعض الصحابة ففي جواز قراءتها في الصلاة قولان للعلمان هما روايتان عن أحمد ومالك:
إحداهما: يجوز ذلك لأن الصحابة والتابعين كانوا يقرؤن بهذه الحروف في الصلاة
والثانية: لا يجوز ذلك وهو قول أكثر العلماء لأن هذه القراءات لم تثبت متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم وان ثبتت فإنها منسوخة بالعرضة الآخرة.
- جمهور العلماء على أن القراءات السبعة هي حرف من الحروف السبعة بل يقولون: إن مصحف عثمان هو أحد الحروف السبعة وهو متضمن للعرضة الآخرة التي عرضها النبي صلى الله عليه وسلم على جبريل والأحاديث والآثار المشهورة المستفيضة تدل على هذا القول.
- ذهب طوائف إلى: أن هذا المصحف مشتمل على الأحرف السبعة بناء على أنه لا يجوز على الأمة أن تهمل نقل شيء من الأحرف السبعة.
- أجاب الأولون بأجوبة:
منها: ما ذكره ابن جرير من أن القراءة على الأحرف السبعة لم يكن واجبا على الأمة وإنما كان جائزا لهم مرخصا لهم فيه وقد جعل إليهم الاختيار في أي حرف اختاروه فلما رأى الصحابة أن الأمة تفترق إذا لم تجتمع على حرف واحد اجتمعوا على ذلك اجتماعا سائغا وهم معصومون أن يجتمعوا على ضلالة ولم يكن في ذلك ترك لواجب ولا فعل محظور.
ومنهم من قال: إن الترخيص في الأحرف السبعة كان في أول الإسلام لما في المحافظة على حرف واحد من المشقة عليهم فلما تذللت ألسنتهم بالقراءة وكان اتفاقهم على حرف واحد يسيرا عليهم وهو أرفق بهم أجمعوا على الحرف الذي كان في العرضة الآخرة.
- من قال عن ابن مسعود: أنه كان يجوز القراءة بالمعنى فقد كذب عليه وإنما قال قد نظرت إلى القراء فرأيت قراءتهم متقاربة، وإنما هو كقول أحدكم: اقبل وهلم وتعال فاقرؤا كما علمتم .
- من جوز القراءة بما يخرج عن المصحف مما ثبت عن الصحابة علل بأنه من الحروف السبعة.
- ومن لم يجوزه فله مآخذ:
تارة يقول: ليس هو من الحروف السبعة.
وتارة يقول: هو من الحروف المنسوخة.
وتارة يقول: هو مما انعقد إجماع الصحابة على الإعراض عنه.
وتارة يقول: لم ينقل إلينا نقلا يثبت بمثله القرآن.
اختار المجد ابن تيمية أنه:
إن قرأ بهذه القراءات في القراءة الواجبة وهى الفاتحة عند القدرة عليها: لم تصح صلاته لأنه لم يتيقن أنه أدى الواجب من القراءة لعدم ثبوت القرآن بذلك
وإن قرأ بها فيما لا يجب: لم تبطل صلاته لأنه لم يتيقن أنه أتى في الصلاة بمبطل لجواز أن يكون ذلك من الحروف السبعة التي أنزل عليها.
وهذا القول ينبني على أصل وهو:
أن ما لم يثبت كونه من الحروف السبعة فهل يجب القطع بكونه ليس منها فالذي عليه جمهور العلماء أنه لا يجب القطع بذلك إذ ليس ذلك مما أوجب علينا
- البسملة آية انزلها الله في أول كل سورة وان لم تكن من السورة وهذا أعدل الأقوال الثلاثة.
- سواء قيل بالقطع في النفي أو الإثبات فذلك لا يمنع كونها من موارد الاجتهاد التي لا تكفير ولا تفسيق فيها للنافي ولا للمثبت.
- السبب الذي أوجب الاختلاف بين القراء فيما احتمله خط المصحف مرجعه إلى النقل واللغة العربية لتسويغ الشارع لهم القراءة بذلك كله إذ ليس لأحد أن يقرأ قراءة بمجرد رأيه بل القراءة سنة متبعة.
- القراءتين كالآيتين فزيادة القراءات كزيادة الآيات لكن إذا كان الخط واحدا واللفظ محتملا كان ذلك أحضر في الرسم.
- الاعتماد في نقل القرآن على حفظ القلوب لا على المصاحف.
- ليست هذه القراءات السبعة هي مجموع حرف واحد من الأحرف السبعة التي أنزل القرآن عليها باتفاق العلماء المعتبرين بل القراءات الثابتة عن أئمة القراء هي بمنزلة القراءات الثابتة عن هؤلاء السبعة عند من ثبت ذلك عنده.
- من أسباب ترك المصاحف أول ما كتبت غير مشكولة ولا منقوطة حتى تكون صورة الرسم محتملة للفظ المنقول المسموع.
- قوله عليه الصلاة والسلام: ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه ) يدخل فيه تعليم حروفه ومعانيه جميعا بل تعلم معانيه هو المقصود الأول بتعليم حروفه وذلك هو الذي يزيد الإيمان.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
إنضم
8 أبريل 2008
المشاركات
40
التخصص
فقه مقارن
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
حنبلي
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي فؤاد بارك الله فيك وفي أهلك وولدك ليلى وفراس هل هناك ثالث ؟؟
أذكر أن أنني ناقشت الدكتور / محمد الفايز ، بخصوص هذه المسألة ونقلت له قول القرطبي ، حين قال : قال كثير من علمائنا كالداودي وابن ابي صفرة وغيرهما: هذه القراءات السبع التي تنسب لهؤلاء القراء السبعة، ليست هي الاحرف السبعة التي اتسعت الصحابة في القراءة بها، وانما هي راجعة الى حرف واحد من تلك السبعة، وهو الذي جمع عليه عثمان المصحف، ذكره ابن النحاس وغيره.
فقال لي : قد سبق القرطبي بهذا القول ابن جرير الطبري ، إلا أن هذا القول غير صحيح ، ولطول البعد بالمناقشة ، وحيث أني لم أسجل ماذكره الشيخ غاب مستنده ، فلو تكرمت علينا ببحث لهذا المسألة ، وجزاك الله خيرا .

*** وأبشرك قد ناقشت الرسالة هذا الأسبوع، وحصلت على امتياز
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي فؤاد بارك الله فيك وفي أهلك وولدك ليلى وفراس هل هناك ثالث ؟؟
أذكر أن أنني ناقشت الدكتور / محمد الفايز ، بخصوص هذه المسألة ونقلت له قول القرطبي ، حين قال : قال كثير من علمائنا كالداودي وابن ابي صفرة وغيرهما: هذه القراءات السبع التي تنسب لهؤلاء القراء السبعة، ليست هي الاحرف السبعة التي اتسعت الصحابة في القراءة بها، وانما هي راجعة الى حرف واحد من تلك السبعة، وهو الذي جمع عليه عثمان المصحف، ذكره ابن النحاس وغيره.
فقال لي : قد سبق القرطبي بهذا القول ابن جرير الطبري ، إلا أن هذا القول غير صحيح ، ولطول البعد بالمناقشة ، وحيث أني لم أسجل ماذكره الشيخ غاب مستنده ، فلو تكرمت علينا ببحث لهذا المسألة ، وجزاك الله خيرا .

*** وأبشرك قد ناقشت الرسالة هذا الأسبوع، وحصلت على امتياز

حياك الله أخي وزميلي وصديقي أبا خالد

للجواب عن السؤال الأول لعلك تشرفنا على هذا الرابط:
http://www.mmf-4.com/vb/showthread.php?t=187

وجزاك الله خيرا على دعائك، ولا أزيد إلا أن أقول:
اللهم ولأبي خالد مثل ما دعا له ولجميع المسلمين والمسلمات.

ومبارك على اجتيازك هذه المرحلة الصعبة، وأسأل الله عز وجل أن يجعلها عونا لك على الطاعة، وأن ينفع بها ويبارك، وليتك تفيدنا عن عنوان رسالتك وعن سير مناقشتك في قسم التقارير العلمية والنتائج الفقهية.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
أذكر أن أنني ناقشت الدكتور / محمد الفايز ، بخصوص هذه المسألة ونقلت له قول القرطبي ، حين قال : قال كثير من علمائنا كالداودي وابن ابي صفرة وغيرهما: هذه القراءات السبع التي تنسب لهؤلاء القراء السبعة، ليست هي الاحرف السبعة التي اتسعت الصحابة في القراءة بها، وانما هي راجعة الى حرف واحد من تلك السبعة، وهو الذي جمع عليه عثمان المصحف، ذكره ابن النحاس وغيره.
فقال لي : قد سبق القرطبي بهذا القول ابن جرير الطبري ، إلا أن هذا القول غير صحيح ، ولطول البعد بالمناقشة ، وحيث أني لم أسجل ماذكره الشيخ غاب مستنده ، فلو تكرمت علينا ببحث لهذا المسألة ، وجزاك الله خيرا .

أحسنت أخي أبا خالد فالقراءات السبعة ليست هي الأحرف السبعة وهذا واضح جدا في كلام المحققين من أهل العلم

وكذا في البون الشاسع بينهما.

إنما الإشكال هل القراءة السبعة والعشرة وأكثر من ذلك والتي يقرأ بها الناس اليوم منذ الأعصر الأولى هل هي على حرف و احد من الأحرف السبعة التي انعقد الإجماع عليها وأن الباقي إما نسخ في العرضة الأخيرة وإما حصل من اتفاق الصحابة على الاقتصار على أحدها لأن المعنى منها هو التيسير وقد انقضى زمنه وأوجب بقاؤها شيء من الإشكال من جهة اختلاف الناس فرأى الصحابة الاقتصار على أحد الأحرف وهو ما كان في العرضة الأخيرة

وأيضاً يكمن الإشكال في السؤال:
هل مصحف عثمان يشتمل على حرف واحد أم أن رسمه مستوعب للأحرف السبعة.
الذي يبدو لي والعلم عند الله أن الأحرف الستة الباقية لم تنسخ وأن رسم مصحف عثمان يستوعبها
وأظن أن هذه النتيجة هي التي خرج بها الشيخ عبد العزيز قاريء في كتابه "الأحرف السبعة" والله أعلم.
كما أن القول بعدم نسخ الأحرف الباقية هو قول ابن حزم رحمه الله وقد ناظر مكي بن أبي طالب القيسي وسجل مناقشته له في كتبه.

بالمناسبة : نقل الشيخ عبد العزيز قاريء أنه سئل الأمين الشنقيطي عن الأحرف السبعة
فقال - مع سعة علمه وإشرافه على أقوال أهل العلم - :
الراجح فيها أني لا أعلم فيها شيئا.
 
التعديل الأخير:
إنضم
8 أبريل 2008
المشاركات
40
التخصص
فقه مقارن
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
حنبلي
جزاك الله خيرا أخي فؤاد وبارك الله فيك وفي علمك وفي وقتك ، وجعلك مشعل هدى يستضاء به في هذا الزمان إنه ولي ذلك والقادر عليه

وَجْهٌ عليه من الحَيَاء سَكينةٌ ... ومحبَّة تجري مع الأنفاس
وإذا أحبّ الله يوماً عبدَه ... ألقى عليه محبَّة للنّاس.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
جزاك الله خيرا أخي فؤاد وبارك الله فيك وفي علمك وفي وقتك ، وجعلك مشعل هدى يستضاء به في هذا الزمان إنه ولي ذلك والقادر عليه

وَجْهٌ عليه من الحَيَاء سَكينةٌ ... ومحبَّة تجري مع الأنفاس
وإذا أحبّ الله يوماً عبدَه ... ألقى عليه محبَّة للنّاس.

بارك الله فيك
ننتظرك على هذا الرابط:
http://www.mmf-4.com/vb/showthread.php?t=942

ووالله إن هذا المحل مبارك أن يجمعنا بأمثالك، نسأل الله عز وجل أن يجمعنا دوما على طاعتة وأن يديم بيننا الألفة والمحبة.
 

رافت شحاده

:: مخالف لميثاق التسجيل ::
إنضم
13 مارس 2010
المشاركات
5
التخصص
بكالوريس دعوة واصول دين ماجستير علم نفس
المدينة
اربد
المذهب الفقهي
حنفشعي(حنفي -شافعي) هكذا في الاردن
جزاكم الله خيرا والله أعلم أن اصرار العلماء الأولين على فصل مبحثي الاحرف السبعة عن القراءات السبعة ما هو الا دلالة واضحه على أنهما يختلفان عن بعضهما البعض
والرأي الراجح كما ذكر في كتاب الزرقاني والنبأ العظيم وأساتذة علم التفسير وأصول الدين يكاد أن يتمحور على رأي أن القرآن الكريم الذي بين أيدينا الان قد جمع الأحرف السبعه ، وأظن ان هنالك مناهج بحث متخصصه لطلاب قسم دكتوراه التفسير بهذا العلم ، فمن أراد المزيد فليرجع لهذه الدراسات وجزاكم الله خيرا.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
رد: قراءة في فتوى ابن تيمية في معنى الأحرف السبعة وهل هي القراءات السبعة......الخ.

موقف ابن جرير و الزمخشري من القراءآت المتواترة
بقلم/د.محمد علي الحسن
أستاذ علوم القرآن في كلية الدراسات
العربية والإسلامية في دبي
المفسرون بين طاعن ومرجح ومدافع عن القراءات ، وشرعت بذكر الطاعنين لأن موقفهم من القراءات مبنيٌ عليه موقف المدافعين الذين يدفعون الهجوم بعد وقوعه ، ولأن أول طاعن في القراءات هو صاحب التفسير الكبير جامع البيان في تأويل آي القرآن الذي كان لكتابه الأولوية في التفسير زمانـًا وفنـًا كما قال أستاذنا الشيخ الذهبي ، فمن أجل هذا بدأت بذكر الطاعنين وأبدأ بأولهم وهو الإمام ابن جرير الطبري
أولاً : الإمام ابن جرير الطبري :
قال الإمام النووي في وصف تفسير ابن جرير : " أجمعت الأمة على أنه لم يصنف مثله "(معجم البلدان18/42) .
وقال الخطيب البغدادي : " هو إمام يحكم بقوله ،ويرجع إلى رأيه ؛ لمعرفته وفضله ، وكان قد جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره ، وكان حافظـًا لكتاب الله ، عارفـًا بالقراءات ، بصيرًا بالمعاني ، فقيهـًا في أحكام القرآن ، عارفـًا بالسنن وطرقها ، صحيحها وسقيمها ، ناسخها ومنسوخها ، عارفـًا بأقوال الصحابة والتابعين ، عارفـًا بأيام الناس وأخبارهم .
هذه لمحة موجزة عنه ولا يعنينا الإسهاب في ذلك، فنتكلم عن المطلوب فنقول :
موقفه من القراءات : كنت متريثـًا في إصدار حكم طعن ابن جرير في القراءات ، بل كنت متهيبـًا في ذلك ، وقلت في نفسي وهل من هو مثلي ينقد إمامـًا من الأئمة ، وعَلَمـًا من أعلام التفسير مثل ابن جرير الطبري الذي ذاع وشاع صيته في الآفاق في علوم التفسير وعلم القراءات بالذات ، ومما ساهم في حيرتي موقف العلماء المعاصرين ، وأخص أستاذنا المرحوم محمد حسين الذهبي في كتابه " التفسير والمفسرون " ، فقد ذكر عن الطبري موقفه من القراءات فقال : " كذلك نجد ابن جرير يعني بذكر القراءات وينزلها على المعاني المختلفة وكثيرًا ما يرد القراءات التي لا تعتمد على الأئمة الذين يعتبرون عنده وعند علماء القراءات حجة ، والتي تقوم على أصول مضطربة مما يكون فيه تغيير وتبديل لكتاب الله ، ثم يتبع ذلك برأيه في آخر الأمر مع توجيه رأيه بالأسباب ، فمثلاً عند قوله تعالى : ولسُليمان الريح عاصفةَ )(الأنبياء/81) يذكر أن عامة قراء الأمصار قرأوا ( الريحَ ) بالنصب على أنها مفعول لسخرنا المحذوف ، وأن عبد الرحمن الأعرج قرأ ( الريحُ ) بالرفع على أنها مبتدأ ثم يقول : والقراءة التي أستجيز القراءة بغيرها في ذلك ما عليه قراء الأمصار لإجماع الحجة من القراء عليه .
ولقد رجع السبب في عناية ابن جرير بالقراءات وتوجيهها ، إلى أنه كان من علماء القراءات المشهورين ، حتى أنهم ليقولون عنه إنه ألف فيها مؤلفـًا خاصـًا في ثمانية عشر مجلدًا ، ذكر فيه جميع القراءات من المشهور والشواذ وعلل ذلك وشرحه ، وإذا اختار منها قراءة لم يخرج بها عن المشهور ، وإن كان هذا الكتاب فُقِدَ وضاع بمرور الزمن ولم يصل إلى أيدينا ، شأن الكثير من مؤلفاته ( التفسير والمفسرون ) .
فوصف الطبري لنفسه ومنهجه وارتضاء شيخنا الذهبي لموقفه دون تعليق قد ورط كثيرًا من الأوساط العلمية .
وبقيت هذه النظرية أو النظرة عن الطبري كذلك ولم يتناوله أحد بالتعليق .
وكما ساهم أستاذي في حيرتي ساهم كذلك تلميذي الذي أشرفت عليه في رسالة الماجستير ( القراءات القرآنية ) .. وقد ذهب الطالب إلى اعتبار ابن جرير من المرجحين ، ونوقشت الرسالة من اللجنة العلمية المختصة في علم القراءات وأقرت هذه المعلومة ، بأن ابن جرير من المرجحين .
ولكن هذه الحيرة والهيبة بدأت تتبدد وبدأت غيومها تنقشع وبدأت الرؤية تتضح شيئـًا فشيئـًا لأمور منها :
1 - دفعني الشك في موقف الطبري إلى مواصلة البحث فأشرت إلى طلبتي باستقصاء كتاب الطبري في التفسير ، فوجدت أن الصورة الحقيقية لموقفه هي الطعن وليس الترجيح كما ذهب إليه صاحب الرسالة في القراءات .
2 - كتابه أحد الباحثين وإصداره كتابـًا كاملاً بعنوان ( دفاع عن القراءات في مواجهة الطبري المفسر ) ، فازداد بذلك موقفي صلابة لوجود من يرى أن الطبري طاعن .
3 - وثالثة الأثافي كانت في العثور على مخطوطة في علم القراءات للإمام السخاوي ، والمخطوطة في طريقها للطباعة بتحقيق زميلنا في جامعة الإمارات ، وفي هذه المخطوطة تنبيه من السخاوي وتحذير من طعن ابن جرير الطبري في القراءات .
يقول السخاوي (من مخطوطته في القراءات ورقة100) : قال لي أبو القاسم الشاطبي : إياك وطعن ابن جرير على ابن عامر ، أما ابن الجزري فقال عن طعن ابن جرير : " وهو أول من نعلمه أنكر هذه القراءة المتواترة وغيرها من القراءات الصحيحة ، ثم قال : " وركب هذا المحظور ابن جرير وقد عد ذلك من سقطات ابن جرير " .
لقد كان لأقوال هؤلاء الأئمة الأعلام في علم القراءات أكبر الأثر في شد العزم في متابعة ومواصلة البحث .
4 - وأخيرًا فقد عقد مؤتمر ـ عام 1989م ـ لمنظمة الثقافة والعلوم التابعة لجامعة الدول العربية وقد تناول هذا المؤتمر " الطبري كشخصية تراثية في التفسير والتاريخ والعلوم الإسلامية " ، وقد رشحت من قبل الجامعة لذلك ، ولظروف ـ لم أتمكن من حضور المؤتمر ، ولكنني طرحت ورقة عمل ـ كما يقولون ـ تشمل موقف الطبري من القراءات ، وقد كان الكثير مؤيدًا لما ورد والأقل متريثـًا وأقل القليل معارضـًا ، فاستأنست للصدى العلمي الصادر عنهم .
هذا وبعد كتابة هذه المقدمة أفادني أستاذي الدكتور مازن المبارك أنه ناقش رسالة قيّمة في جامعة قطر وهي بعنوان " الطبري قارئـًا " وأفاد بأنها على جانب عظيم من الأهمية ولكني لم أطلع عليها بعد ومن يدري فلعل هناك من كتب (وفوق كل ذي علم عليم )(يوسف/76) .
بعد هذه المقدمة نقول : " لقد سبق وأن تعرضنا لضوابط القراءات ورجحنا أن الضابط الوحيد هو صحة السند ورأينا أن الضابطين موافقة الرسم وموافقة اللغة ، لا يعتبران في قبول القراءة ورفضها ، فقد توافق القراءة الرسم ولا تعتبر ، وقد توافق اللغة ولا تقبل ما دامت القراءة لم يصح سندها .
فإذا تواتر السند أصبحت القراءة قرآنـًا لا مجال لردها ، وفي هذه الحالة لن تخالف رسمـًا ولن تخالف لغة ؛ لأن قواعد اللغة تصحح وفقـًا للقرآن الكريم ، ولا تصحح هي القرآن الكريم .
إن غالب الطاعنين في القراءات يرتكزون في طعنهم على قواعد اللغة ، والطبري حين طعن في القراءات ارتكز على نفس ما ارتكزوا عليه ، فيرفض أو يرجح وفق قواعد اللغة أحيانـًا كثيرة أو وفق ما يترادى له من المعنى .
أما القراءات التي تخالف الرسم فيرفضها ، وهو محق في ذلك ؛ لأنها مخالفة للرسوم كما يقول ، ويتراءى لي أن موقف الطبري من القراءات يمكن تقسيمه إلى ثلاثة أقسام :
أولهـا : طعنه في القراءات التي لا توافق قواعد لغوية حسب نظره :
وهو في موقفه هذا يوافق بعض النحاة في ردهم لبعض القراءات المتواترة .
وهناك طائفة من القراءات القرآنية التي ردها ابن جرير وبرر رفضها تبريرًا لغويـًا ، ونحن إذ نؤيده في رده ورفضه للقراءات الشاذة فإننا نخطئه في رده للقراءات المتواترة والتي قرأ بها القراء السبعة ـ الثابتة في مصادر ومراجع علم القراءات .
ففي قوله تعالى : ( إلاّ أن تكون تجارةً حاضرةً )(البقرة/282) قرئت تجارة حاضرة بالرفع والنصب .
يقول الطبري إنه لا يستجيز القراءة بغير الرفع في كل من الكلمتين ، ويرفض قراءة النصب وإن كانت متواترة ، وقد قرأ بها عاصم ( النشر 2/237) .
وفي قوله تعالى : ( وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبـًا فرهانٌ مقبوضة )(البقرة/283) قرأ ابن كثير وأبو عمرو ( فرُهُن ) بضم الراء والهاء جمع رَهْنَ كسَقْف وسُقُف ، وروي عنهما أيضـًا ( فَرَهْن ) وقرأ الخمسة نافع وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي ( فرهان ) بكسر الهاء وإثبات الألف (كتاب السبعة 194 ، النشر 2/237)
ومع تواتر القراءات الثلاث إلاّ أن ابن جرير يرد قراءة ( رُهُن ) ، ويعلل ردّه بما يعلله اللغويون فيقول : " لأن جمع فَعْل على فعُلُ شاذ قليل "(الطبري3/92) وليت ابن جرير طعن في القراءة وسكت ، بل اتهم من يقرأ بذلك بأنه يقرأ به من عند نفسه ، بل يصف بعض القراء والمحتج بقراءته بضعف احتياله في قراءة أخرى ، ففي قوله تعالى : ( وكفَّلها زكريا )(آل عمران/37) قرأ القراء السبعة بتشديد الفاء وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وأبو جعفر ويعقوب ( وكَفَلها ) مفتوحة خفيفة ، وبعد أن يسوق الطبري كلامـًا طويلاً يغلظ القول على من يقرأ بالتخفيف ويقول : إنهم اعتلّوا بحجة دالة على ضعف احتيال المحتج بها (تفسير الطبري ، تحقيق القراءة من النشر والسبع ) .
ويؤكد الطبري موقفه في موافقة بعض اللغويين في قبول القراءة واستجادتها أو رفضها وردها ، وتعبيراته المختلفة في الرفض كثيرة ، وهاك طائفة يسيرة من ذلك .
قال تعالى : ( وقالت اليهود عزيرٌ ابن الله )(التوبة/30) ، قرأ بن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وحمزة ( عزيرُ ) بضم الراء وحذف التنوين وقرأ عاصم والكسائي (عزيرٌ ) بالتنوين .
يقول الطبري : " وأولى القراءتين بالصواب قراءة من قرأ ( عزيرٌ ) بالتنوين " ، وفي قوله تعالى : ( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار )(التوبة/100) قال الطبري : قرئت ( الأنصار ) بالخفض والرفع ، ثم قال والقراءة التي لا أستجيز غيرها ، الخفض في الأنصار مع أن قراءة الرفع سبعية .
وفي قوله تعالى:(كأنما أغشيت وجوههم قطعـًا من الليل مظلمـا )(يونس/27) قرئت قِطَعـًا وقِطْعـًا .. أي بالنصب للطاء وإسكانها ، قال الطبري : القراءة التي لا يجوز خلافها عندي قراءة من قرأ ذلك بفتح الطاء
إنّها تعبيرات تدل دلالة قاطعة على الرفض الصريح ، أنظر إلى قوله : لا أستجيز غيرها ـ والتي لا يجوز خلافها عندي .. "
ثانيـًا : طعنه في القراءات تبعـًا لمعنى من المعاني :
لم يقتصر طعن ابن جرير الطبري على القراءات نظرًا لتعارضها مع قواعد اللغة حسب نظره ـ وإنما تعدى طعنه إلى القراءات التي لم توافق المعنى الجدير بالقبول ـ حسب تأويله ـ والفرق بين طعنه في الأول وطعنه في الثاني ، أنه يعلل الأول تعليلاً لغويـًا ، ويعلل طعنه في الثاني تعليلاً معنويـًا ويرمي القائل المؤول غير تأويله بأنه ذو غفلة ، أو ذو غباء ، أو أغفل وظن خطأ ، أو فاسد التأويل .
ويعود طعنه في مثل هذا النوع إلى اهتمامه بالمعاني واللطائف الدقيقة في القراءات ، فإذا وجد قراءة توحي بمعنى من المعاني يذكرها ويوجهها بصرف النظر عن كون تلك القراءة حجة أو لا ، بل قد يفترض القراءة افتراضـًا وهو وإن لم يقل بها إلاّ أنه لولعه بإبراز المعاني يفترضها ، فلا غرو إذا وجدناه يرفض بعض القراءات ولو كانت متواترة ، لأنها لم تشبع نهمه في تتبع المعاني القوية حسب نظره .
ففي سورة الفاتحة أورد الطبري قراءات كثيرة ، ثم ذكر الآية (ملك يوم الدين)(مالكِ يوم الدين )(الفاتحة/4 ، 5) ثم قال : وأولى التأويلين وأصح القراءتين في التلاوة عندي ، التأويل الأول وهي قراءة من قرأ ( ملك ) بمعنى الملك ، وعلل ذلك بقوله : لأن في الإقرار له بالانفراد بالملك إيجابـًا لانفراده بالملك وفضيلة زيادة الملك على المالك إذ كان معلومـًا أن لا ملك إلاّ وهو مالك . " وأكد اختياره بسياق الآيات " ، وإن قوله تعالى ( رب العالمين ) فيه معنى الملكية ، فلو قيل ( مالك يوم الدين ) من الملك لكان ذلك تكرارًا لمعنى واحد بألفاظ مختلفة " ، ثم أعقب ذلك بقوله : " فبين إذًا أن أولى القراءتين بالصواب وأحق التأويلين بالكتاب قراءة من قرأه ( ملك يوم الدين ) دون قراءة ( مالك يوم الدين ) " . ثم هاجم الطبري القارئين بـ ( مالك يوم الدين ) ، ورماهم بالغفلة والغباء وبأنه أغفل وظن خطأً.
لكن ظهر لغير الطبري ترجيحه لهذه القراءة بل اعتقاده بصوابها وتخطئته لمن قرأ بملك ، فإنّ من الأئمة كأبي عبيد من عكس الأمر ورجح (مالك يوم الدين ) ، فيقول " والمختار ( مالك ) ، لأن المعنى يملك يوم الدين وهو يوم الجزاء ولا يملك ذلك اليوم أن يأتي به ولا بسائر الأيام غير الله سبحانه ، وهذا ما لا يشاركه فيه مخلوق في لفظ ولا معنى " .
ونكتفي بمثال آخر من سورة البقرة في قوله تعالى : يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلاّ أنفسهم وما يشعرون )[البقرة/9] .
قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو : ( يخادعون ) ( وما يخادعون ) بالألف وياء مضمومة والدال المكسورة .
وقرأ عاصم وابن عامر وجمزة والكسائي ( يخادعون ) وما يخدعون ) بفتح الياء بغير ألف .
وقد أوجب الطبري القراءة في قوله : ( يخدعون ) دون ( يخادعون ) مع أنهما قراءتان متواترتان يقول في ذلك : " فالواجب إذًا أن يكون الصحيح من القراءة ( وما يخدعون ) دون ( وما يخادعون ) ثم أخذ يوجه ما ذهب إليه مستدلاً على ذلك بأوجه من التأويل والتفسير المقبول عنده بما يفيده السياق من معانٍ جديرة بالاعتبار " .
يقول : " لأن لفظ المخادع غير موجب تثبيت خديعة على صحة ، ولفظ خادع موجب تثبيت خديعة على صحة ، ولا شك أن المنافق قد أوجب خديعة الله لنفسه بما ركب من خداعة ربه ورسوله والمؤمنين بنفاقه ، فلذلك وجب الصحة لقراءة من قرأ ( وما يخدعون ) ، ومن الأدلة أيضـًا على أن قراءة من قرأ ( وما يخدعون ) أولى بالصحة من قراءة من قرأ ( وما يخادعون ) أن الله جل ثناؤه قد أخبر عنهم أنهم يخادعون الله والمؤمنين في أول الآية فمحال أن ينفي عنهم ما قد أثبت أنهم قد فعلوه ، لأن ذلك تضاد في المعنى ، وذلك غير جائز من الله عز وجل ( تحقيق القراءة من النشر ص : 207 ، وانظر تفسير الطبري1/277) .
يفهم مما سبق أن الإمام الطبري اعتمد في ترجيح قراءة متواترة على مثلها وجعل قوة القراءة لما تحمله من معنى وليس لقوة سندها المبني على النقل والسماع .
ثالثـًا : موقفه من القراءات المخالفة للرسم القرآني :
لئن كان الطبري مخطئـًا في طعنه في القراءات في القسمين الأولين فهو محق ومصيب في رفضه ورده لكل قراءة لا توافق الرسم القرآني .
ففي قوله تعالى : ( صمٌ بكمٌ عميٌ فهم لا يرجعون )(البقرة/18 ، وتفسيره 1/330) يقول الطبري : " قرئ ( صمـًا بكمـًا عميـًا ) أي بالرفع والنصب ، والقراءة التي هي قراءة الرفع دون النصب ، لأنه ليس لأحد خلاف رسوم مصاحف المسلمين ، وإذا قرئ نصبـًا كانت قراءة مخالفة لرسم مصاحفهم " .
وفي قوله تعالى : ( وعلى الذين يطيقونه فديةٌ طعامُ مسكين )(البقرة/184) .. ذكر القراءة المتواترة ثم ذكر قراءات أخرى مثل : ( يطوقونه ) ثم وصفها بأنها شاذة ؛ لأنها مخالفة لرسم مصاحف المسلمين ، يقول : " وأما قراءة من قرأ ذلك (وعلى الذين يطوقونه ) فقراءة لمصاحف أهل الإسلام خلاف وغير جائز " .
تقييم لموقف ابن جرير :
إن هذا الموقف من مثل ابن جرير موقف عجيب وغريب ، وقد جانب الصواب في الإنكار والطعن والرد للقراءات المتواترة ، ونحن إذ لا نحكم عليه برده للقراءات بأنه رادّ للقرآن ذاته كما قال أحد المفسرين ، فهذا ما لا يتصوره عاقل ، فابن جرير هو إمام المفسرين بلا منازع ، وهو خير مدافع عن القرآن الكريم، ولكن هذه هنة من هناته ، وقد حكم العلماء على كل من رد القراءات المتواترة بأنه آثم ، أيـًا كان في أي مكان وزمان ، بل قال عنه ابن الجزري بأنه أول من ركب هذا المحظور .. وقد أصابتني الحيرة في موقف ابن جرير كما ذكرت وازدادت حيرتي فأخذت أفتش عن حلقة مفقودة في هذا الموضوع : كيف يرد ابن جرير قراءات متواترة ؟ وكيف يرد قراءة ابن عامر وهي متواترة في حين أنني أجد في تفسيره ما يشير إلى إجلاله للقراء ويرى أن إجماعهم على القراءة لا محيد عنه ، ويرى أن قراءتهم هي القراءة وغيرها لا يعتد به لمخالفته قراء الأمصار ؟
وقرأت ثم قرأت لأفتش عن هذه الحقيقة : هل القراءة التي ردها الطبري كانت متواترة في نظره ، ثم قام بعد ذلك بردها فيكون قد ارتكب إثمـًا محققـًا ؟ ، قلت في نفسي ما أظن ذلك بل أعتقد خلاف ذلك ؛ لأنني تتبعت موقف الطبري في القراءات فوجدت إجلالاً لها منه ، فلا يحيد عن الصحيح منها حسب نظره ، لذا جزمت بأن الطبري لم يحكم بتواترها ثم ردها ، بل هو موقن بضعفها ، وهذا خطأ يمكن أن نحمله مسؤولية التقصير فيه ، وأجلت النظر في تفسيره ، فلم أجد لقولي دليلاً محسوسـًا ، بل هو استنباط واستنتاج ، ولكنني جزمت بأن في كتابه " المفقود " " الجامع " في علم القراءات ما يفيد هذا ، وأن فيه الأسرار الكامنة في موقفه من القراء السبعة أصحاب القراءات المتواترة ، إذ هم متقدمون عليه ، وفيه السر الكامن في طعنه لقراءات ابن عامر بالذات .
" أقول جزمت بأن السر كامن في كتابه المفقود لأنني تتبعت تفسيره فلم أجد لهذه الظاهرة تفسيرًا .. " .
وأنقذني الله من حيرةٍ طالت ووجدت ضالتي المنشودة فيما نقله السخاوي عنه ـ وما أظن أن ما نقله إلاّ أنه اطلع على كتاب الطبري " الجامع في القراءات " .. يقول السخاوي في كتابه عن القراءات في الورقة رقم 100 وأثبت هذا بحروفه وكلماته دون تصرف : " وقد تكلم محمد بن جرير الطبري في قراءة ابن عامر رحمه الله واتبعه الناس على ذلك ، ولم يسبقه أحد إلى تصنيف( لعلها تضعيف ) قراءة هؤلاء السبعة "
وقد تكلم محمد بن جرير الطبري في قراءة ابن عامر ـ رحمه الله ـ فقال : " وقد زعم بعضهم أن عبد الله بن عامر أخذ قراءته عن المغيرة بن أبي شهاب المخزومي ، وعليه قرأ القرآن ، وأن المغيرة قرأ على عثمان بن عفان " .
وقال : " وهذا غير معروف عن عثمان ، وذلك أنّا لا نعلم أحدًا ادعى أن عثمان أقرأه القرآن ، بل لا نحفظ عنه من حروف القرآن إلاّ أحرفـًا يسيرة ، ولو كان سبيله في الانتصاب لأخذ القرآن على من قرأه عليه السبيل التي وصفها الرّاوي عن المغيرة بن أبي شهاب ما ذكرنا ، كان لا شك قد شارك المغيرة في القراءة عليه والحكاية عنه غيرهُ من المسلمين ، إمّا من أدانيه ، وأهل الخصوص به ، وأما من الأباعد والأقاصي ، فقد كان له من أقاربه وأدانيه من هو أمسّ رحمـًا ، وأوجب حقـًا من المغيرة ، كأولاده وبني أعمامه ومواليه وعشيرته ، ومن الأباعد من لا يحصى عدده كثرة .
وفي عدم مدعي ذلك عثمان الدليل الواضح على بطول قول من أضاف قراءة عبد الله بن عامر إلى المغيرة بن أبي شهاب ، ثم إلى أن أخذها المغيرة بن أبي شهاب عن عثمان قراءة علي " .
قال : " وبعد ، فإن الذي حكى ذلك وقاله رجل مجهول من أهل الشام لا يعرف بالنقل في أهل النقل ، ولا بالقرآن في أهل القرآن ، يقال له عراك بن خالد المري ، ذكر ذلك عنه هشام بن عمار ، وعرّاك لا يعرفه أهل الآثار ، ولا نعلم أحدًا روي عنه غير هشام بن عمّار " .
قال : وحدثني بقراءة عبد الله بن عامر كلّها العباس بن الوليد البيروتي ، وقال : حدثني عبد الحميد بن بكار ، عن أيوب بن تميم ، عن يحيى بن الحارث ، عن عبد الله بن عامر اليحصبيّ أن هذه حروف أهل الشام التي يقرؤونها .
قال : " فنسب عبد الله بن عامر قراءته إلى أنها حروف أهل الشام في هذه الرواية التي رواها لي العباس بن الوليد ، ولم يضفها إلى أحد منهم بعينه " .
ولعله أراد بقوله : " إنها حروف أهل الشام " أنه قد أخذ ذلك عن جماعة من قرائها ، فقد كان أدرك منهم من الصحابة وقدماء السلف خلقـًا كثيرًا .
ولو كانت قراءته أخذها ـ كما ذكر عراك بن خالد ـ عن يحيى بن الحارث ، عنه عن المغيرة بن أبي شهاب ، عن عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ ، لم يكن ليترك بيان ذلك إن شاء الله مع جلالة قدر عثمان ومكانه عند أهل الشام ، ليعرفهم بذلك فضل حروفه على غيرها من حروف القراء " . أ.هـ الطبري .
.
ثم يتابع السخاوي فيقول : وهذا قول ظاهر السقوط ، أما قوله : " إنا لا نعلم أحدًا ادّعى أن عثمان أقرأه القرآن " ، ( فهذا غير صحيح ) ، فإن أبا عبد الرحمن السّلمي ـ رحمه الله ـ قرأ على عثمان ـ رضي الله عنه ـ وروي أنه علمه القرآن ، وقرأ أيضـًا على عثمان ـ رضي الله عنه ـ أبو الأسود الدؤلي ، وروى الأعمش عن يحيى بن وثاب عن زرّ بن حبيش الأسدي عن أبي عمرو عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ وذكر حروفـًا من القرآن تكون أربعين حرفـًا .
وقال لي شيخنا أبو القاسم الشاطبي ـ رحمه الله ـ : " إياك وطعن الطبري على ابن عامر " .
ثم إن هذا لا يلزم ، إذ لا يمتنع أن يكون أقرأ المغيرة وحده ، لرغبة المغيرة في ذلك ، أو لأن عثمان ـ رضي الله عنه ـ أراد أن يخصه بذلك ـ وقد رأينا من العلماء المشهورين من لم يأخذ عنه إلاّ النفر اليسير ، بل منهم من لم يأخذ عنه إلا رجل واحد .
هذا لو انفرد المغيرة بالأخذ عنه ، وقد أخذ عنه أبو عبد الرحمن ، وأبو الأسود الدؤلي ، وزر بن حبيش ، كما تقدم .
وما ذكره من أن عثمان ـ رضي الله عنه ـ ما انتصب لإقراء القرآن ، فقد تبين بقراءة من ذكرناه عليه خلاف ذلك .
وأما قوله : " فقد كان له من أقاربه من هو أوجب حقـًا من المغيرة ، فهذا لا يلزم أيضـًا ، إنما يكون قادحـًا لو كان غير المغيرة من أقاربه وقد سأله ذلك فأبى أن يقرئه .
فأما كون أقاربه لم يقرأوا عليه ، فكثير من العلماء قد أخذ عنهم الأجانب والأباعد دون الأقارب ، وعن قتادة : " أزهد الناس في العالم أهله " وعن الحسن : " أزهد الناس في العلم جيرانه " .
وأما قوله في عراك : " إنه مجهول لا يعرف بالنقل في أهل النقل ولا بالقرآن في أهل القرآن " فكفى به تعريفـًا وتعديلاً أخذ هشام عنه كلامـًا ثم تحدث كلامـًا يطول في التوثيق وإثبات التواتر في الأصل تقدم التعليق عليه " . أ.هـ السخاوي .
وهذا كلام لا نأخذ عليه إلاّ أنه خص دفاعه عن ابن عامر ، ولعل عذره أنه من أهل الشام وأراد بدفاعه عن ابن عامر دفاعه عن قراءة أهل الشام بالذات والله أعلم بالنيات .
يظهر لنا من كل ما تقدم أن طعن ابن جرير في هذه القراءات إنما هو ناجم عن اعتقاده بعدم تواترها وهذا موطن الداء في موقفه منها ، وهو على أية حال مخطئ في مخالفته للإجماع على تواترها ، ولعل موقفه هذا قد كان له تأثير على ابن الجزري الذي كان يقول بتواتر القراءات السبع ثم عدل عنه إلى الاكتفاء بشهرتها وهو موقف كان مدعاة للنقد وإن كان أهون من موقف الطبري الذي رماها بالسقوط ، ورمى أصحابها بالغفلة والغباء ، غفر الله له ولهم ولنا أجمعين .
ثانيـًا : الزمخشري :
هو أبو القاسم محمود بن عمر بن محمد بن عمر الخوارزمي الإمام الحنفي المعتزلي الملقب بجار الله ، ولد في سنة 467هـ بقرية من قرى خوارزم تدعى زمخشر ، وتوفي سنة 538هـ ، وهو إمام في التفسير والحديث والنحو والبلاغة والأدب ، وقد ألف في شتى العلوم ومن أهم كتبه " تفسير الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل " و " أساس البلاغة في اللغة " و " المفصّل في النحو " .
ويعتبر تفسيره من أمهات كتب التفسير بالرأي كما أن تفسير الطبري من أمهات التفسير بالمأثور ، بيد أن الزمخشري كان معتزلي الاعتقاد متظاهرًا بالاعتزال فيقرأ كتابه على حذر، قال السبكي : " واعلم أن الكشاف كتاب عظيم في بابه ، ومصنفه إمام في فنه ، إلاّ أنه رجل مبتدع متجاهر ببدعته ، يضع من قدر النبوة كثيرًا ، ويسيء أدبه على أهل السنة والجماعة " .
لذا ينصح قارئ الكشاف بقراءته مع أحد حواشيه ، وأحسنها حاشية (فتوح الغيب) للإمام شرف الدين الحسن بن محمد الطيبي أو حاشية (الكشاف على الكشاف) لسراج الدين البلقيني ، أو حاشية ( الانتصاف ) لناصر الدين ابن المنير الإسكندري .
موقف الزمخشري من القراءات :
لقد جارى الإمام الزمخشري ( اللغويين والنحويين ) ونهج منهجهم في رد بعض القراءات القرآنية التي خالفت قواعدهم وطعن فيها ومن نسبت إليهم عن القراء .
ففي قوله تعالى : ( واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحامَ )(النساء/1) يقول : قرئ ( والأرحام ) بالحركات الثلاث ، فالنصب على وجهين : إما على اتقوا الله والأرحام أو بعطف على محل الجار والمجرور كقولك مررت بزيد وعمرا " وينصره قراءة ابن مسعود ( تساءلون به والأرحامَ ) والجر على عطف الظاهر على الضمير وليس بسديد ، لأن الضمير المتصل متصل والجار والمجرور كشيء واحد ، فحكم على قراءة الجر بأنها ليست سديدة ومعلوم أنها قراءة متواترة عن السبعة قرأ بها حفص وحده وقرأ الباقون ( والأرحامَ ) نصبـًا .
وفي قوله تعالى : ( وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم )(الأنعام/137) قرأ ابن عامر : ( قتلُ أولادهم شركائهم ) برفع القتل وجر الشركاء على إضافة القتل إلى الشركاء ، والفصل بينهما بغير الظرف ، يقول الزمخشري : " لو كان في مكان الضرورات وهو الشعر لكان سمجـًا مردودًا كما سمج " زج القلوص أبي مزادة " ، فكيف به في الكلام المنثور ؟! فكيف به في القرآن المعجز بحسن نظمه وجزالته ؟! " .
لم يقف الزمخشري عند هذا الحد في الطعن بهذه القراءة ، بل وصف القارئ بها أن الذي حمله على ذلك أن رأى في بعض المصاحف ( شركائهم ) مكتوبـًا بالياء ، ولو قرأ بجر الأولاد والشركاء لكان الأولاد شركاءهم في أموالهم لوجد في ذلك مندوحة عن هذا الارتكاب (الكشاف2/54 ، وتحقيق القراءة من النشر 2/263 ، وكتاب السبعة ص370) .
والزمخشري في طعنه في القراءات يجرح القراء أحيانـًا ويخطئهم أحيانـًا بأنهم يلحنون ؛ لقلة درايتهم بالنحو والصرف ، " ففي قوله تعالى : ( وإن تُبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء)(البقرة/284) قرئ : ( فيغفرْ ويعذبْ ) مجزومين عطفـًا على جواب الشرط ، ومرفوعين على فهو يغفر ويعذب ، فإن قلت : كيف يقرأ الجازم ؟ ، قلت يظهر الراء ويدغم الراء في اللام لا من مخطئ خطأ فاحشـًا ، ورواية عن أبي عمرو مخطئ مرتين ؛ لأنه يلحن وينسب إلى أعلم الناس بالعربية ما يؤذن بجهل عظيم والسبب في نحو هذه الروايات قلة ضبط الرواة ،والسبب في قلة الضبط قلة الدراية ، ولا يضبط نحو هذا إلاّ أهل النحو " (الكشاف1/407) .
إن موقف الزمخشري من القراءات القرآنية المخالفة في زعمه قواعد النحو العربية هو نفس موقف الطبري ، إلاّ أنه سليط اللسان في التهكم لا على القراءة وحدها ، بل على القرّاء أنفسهم .
أما موقفه من القراءات القرآنية التي تحتمل معنى يراه جديرًا بالقبول في طعنه أو تفضيله وترجيحه للقراءة التي تحمل المعنى الأقوى في نظره ، وذلك في مثل موقف الطبري من قراءة (ملك يوم الدين) غير أن الزمخشري يضيف بعدًا جديدًا لهذا الموقف ، أعني الترجيح لقوة المعنى في نظره ، هذا البعد الجديد يتجلى في توجيهه للقراءة توجيهـًا بلاغيـًا لولعة وعنايته ، وهاك شيئـًا من مواقفه في هذا الجانب :
قال تعالى : ( إن الله يُدافع عن الذين آمنوا )(الحج/38) قرأ ابن كثير وأبو عمرو البصريان : ( إن الله يدفع ) بفتح الياء والفاء وإسكان الدال من غير الألف وقرأ الباقون ( يدافع ) بضم الياء وفتح الدال وألف بعدها مع كسر الفاء .
يقول الزمخشري : " ومن قرأ ( يدافع ) فمعناه يبالغ في الدفع عنهم كما يبالغ فيه لأن فعل المغالب يجيء أقوى وأبلغ (تحقيق القراءة من كتاب السبق في القراءات لابن مجاهد ص : 437 ، والنشر 2/326 ، والتفسير من الكشاف3/15 ) .
وليت الزمخشري يقف عند هذا الحد في الترجيح بين القراءات المتواترة فقد عمد إلى قراءة شاذة مخالفة للرسم القرآني ، ورأى فيها بلاغة ما لم يره في المتواتر .
ففي قوله تعالى : ( فشربوا منه إلا قليلاً منهم )(البقرة/249) قرأ الأعمش ( إلاّ قليلٌ ) بالرفع ـ وهي قراءة لم تثبت ـ ، قال وهذا من ميلهم مع المعنى والإعراض عن اللفظ جانبـًا وهو باب جليل من علم العربية (الكشاف1/381) ، وقد لا يكون هناك أدنى مبرر للحكم بالقوة لقراءة دون قراءة إلاّ لاشتمالها على نكتة بلاغية يلمحها فيها كما في قوله تعالى : ( ثم إذا كشف الضر عنكم إذا فريقٌ منكم بربهم يشركون )(النحل/54)(الكشاف2/413) .
يقول : " قرأ قتادة ( كاشف الضر ) على فاعل بمعنى فعل ، وهو أقوى من كشف ، لأن بناء المغالبة يدل على المبالغة " .
وثالثة الأثافي موقف الزمخشري من القراءات التي تخالف الرسم والذي اختلف عن موقف الطبري ، إذ أن الطبري قد وقف موقفـًا واضحـًا وسليمـًا من تلك القراءات التي تخالف الرسم أو الرسوم على حد تعبيره فردّها ردًا قاطعـًا لعدم قرآنيتها ، أما الزمخشري فقد أكثر من ذكر هذه القراءة دون نقد أو رد بل صرف عنايته لتوجيهها ، ولعل هذا الفارق بين الطبري والزمخشري يعود إلى علم الأول بالقراءات وجهل الثاني بها ، إذ رماه أبو حيان بأنه ضعيف في هذا العلم ، وهاك بعض الأمثلة :
قال تعالى : ( ءاعجميٌ وعربيٌ )(فصلت/44) يقول : " وقرئ ( أعجمي ) ولم يعقب على ذلك بل اكتفى بشرح كلمة الأعجمي بأنه الذي لا يفصح ولا يفهم كلامه من أي جنس كان .
وفي قوله تعالى : ( لولَّوْا إليه وهم يجمحون )(التوبة/63) .
يقول وقرأ أنس يجمزون ، فسئل ، فقال : " يجمحون ، ويجمزون ، ويشتدون واحد وفي قوله تعالى : ( أتستبدلون الذي هو أدنى )(البقرة/) يقول : " وقرأ زهير الفرقبي ( أدنأ ) بالهمزة من الدناءة ، ولا شك أنها قراءة مخالفة للرسم ، ولكن الزمخشري لا يعول على ذلك ، إذ همه توجيه المعنى وسلامته ، ولا يهمه بعد ذلك أن يعرفنا بالقارئ ومدى اعتبار قراءة مثل هذا الشخص زهير الفرقبي ، بل لا يذكر لنا من هو القارئ لقراءة في منتهى الشذوذ ، وما أعجب كلامه حين ذكر قراءة في فاتحة الكتاب والتي بدأها بداية غريبة حين جعلها أول القرآن نزولاً وحكم بنزولها قبل سورة إقرأ وسورة المدثر ، ونسب هذا القول لجمهور المفسرين ، كما أنهى السورة بقول أشد غرابة حين ختمها بقراءة لخاتمة كلماتها ( الضالين ) يقول : ( ولا الضألين ) بالهمز ، كما قرأ عمرو بن عبيد ( ولا جأن ) ثم قال : " وهذه لغة من جدّ في الهرب من التقاء الساكنين " ( ينظر في تفسير جميع هذه الآيات من مواضعها بالكشاف 2/196 ، 1/285 ، 2/262 ) .
وبهذا ننهي حديثنا عن الزمخشري دون تعليق عليه تاركين الحديث عنه للمدافعين عن القراءات الرادّين لسهام الطاعنين ، فحديثهم عن ذلك فيه الكفاية والنهاية .
حكم الطعن في القراءات :
لا يفوتنا ونحن ننهي الحديث عن الطاعنين أن نذكر حكم الطعن في القراءات القرآنية المتواترة فنقول : إن من العلماء من يهوّن أمر الطعن في القراءات ظنـًا منه أن الخلاف في القراءات لا يعدو أن يكون لونـًا من ألوان الاختلاف في الاجتهادات الفقهية ، وهذا وهم باطل ، ذلك أن مصدر الاختلاف بين القراءات هو الوحي ، بينما منشأ الاختلاف في الفقه هو الاجتهاد المبني على النظر الذي قد يصيب وقد يخطئ .
قال أبو جعفر النحاس : السلامة ـ عند أهل الدين ـ إذا صحت القراءات ألا يقال : " إحداهما أجود " ، لأنهما جميعـًا عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيأثم من قال بذلك ، ذلك لأن اختلاف القراء ـ عند المسلمين ـ صواب بإطلاق ، وليس كاختلاف الفقهاء صوابـًا يحتمل الخطأ ، ولا نعلم أحدًا من الصحابة من كان يفضل قراءة على قراءة ، بل ينكرون تفضيل قراءة على قراءة من أي وجه ، كما قال السيوطي( الاتقان) فلئن كان المرجّح لقراءة على قراءة آثمـًا ، فما بالك بالذي يطعن ويرد قراءة متواترة " .
قال الألوسي في شأن من يطعن في القراءة وذلك في صدد رده على الزمخشري في تشنيعه لقراءة ابن عامر : " إنه تخيل أن القراء أئمة الوجوه السبعة اختار كل منهم حرفـًا قرأ به اجتهادًا لا نقلاً وسماعـًا كما ذهب إليه بعض الجهلة فلذلك غلط ابن عامر في قراءته هذه وأخذ يبيّن منشأ غلطه ، وهذا غلط صريح يخشى منه الكفر والعياذ بالله تعالى "(روح المعاني8/23) .
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: قراءة في فتوى ابن تيمية في معنى الأحرف السبعة وهل هي القراءات السبعة......الخ.

حكم الطعن في القراءات :
لا يفوتنا ونحن ننهي الحديث عن الطاعنين أن نذكر حكم الطعن في القراءات القرآنية المتواترة فنقول : إن من العلماء من يهوّن أمر الطعن في القراءات ظنـًا منه أن الخلاف في القراءات لا يعدو أن يكون لونـًا من ألوان الاختلاف في الاجتهادات الفقهية ، وهذا وهم باطل ، ذلك أن مصدر الاختلاف بين القراءات هو الوحي ، بينما منشأ الاختلاف في الفقه هو الاجتهاد المبني على النظر الذي قد يصيب وقد يخطئ .
بارك الله فيكم شيخنا الفاضل على هذا البحث المفيد الماتع
وإنه يستحق النشر
أما عن القراءات فلا يعرف أهميتها وأثرها في فهم وتدبر القرآن والتلذذ بقراءته إلا من تعلمها
وإني لأعتب على جامعاتنا الإسلامية التي تهمل هذا العلم فلا تدرسه إلا للطلبة المتخصصين في القرآن أو علومه
مما أدى إلى جهل الكثيرين به
 

محمد بن عبدالله بن محمد

:: قيم الملتقى الشافعي ::
إنضم
15 مايو 2008
المشاركات
1,245
الإقامة
المملكة العربية السعودية
الجنس
ذكر
الكنية
أبو منذر
التخصص
اللغة العربية
الدولة
المملكة العربية السعودية
المدينة
الشرقية
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: قراءة في فتوى ابن تيمية في معنى الأحرف السبعة وهل هي القراءات السبعة......الخ.

- أول من جمع القراءات السبعة هو الإمام أبو بكر بن مجاهد وكان على رأس المائة الثالثة ببغداد فإنه أحب أن يجمع المشهور من قراءات الحرمين والعراقين والشام إذ هذه الأمصار الخمسة هي التي خرج منها علم النبوة.
أحفظ أن أبا عبيد القاسم بن سلام سبق مجاهد، لكن جعلهم 35 قارئا
 
أعلى