العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

حوار الشهر: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
ملاحظة : هذا الموضوع قيد البحث والنقاش، وستنشر خلاصته ونتائجه بعد الانتهاء. (الفريق العلمي)


تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة



د. أيمن صالح



21-3-2011م


ملاحظة هامة: هذا بحث سريع بقصد المذاكرة والتباحث مع أهل العلم وطلابه، وليس هو فتوى أو قولا محققا.


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله ومن والاه، وبعد:
فالسائد بين الفقهاء المعاصرين هو تحريم ما لم تدع إليه الحاجة من "جراحة التجميل". وذلك بناء على أن جراحة التجميل من "تغيير خلق الله" وهو لا يجوز إلا استثناء لعلاج أو لإزالة عيب يتسبب في ضرر مادي أو معنوي جسيم.
وضابط التغيير المحرم الذي يُستنبط من مجموع النصوص الواردة في هذا الشأن هو، كما قاله د. صالح الفوزان: "إحداث تغيير دائم في خِلْقةٍ معهودة"
ثم قال موضِّحا:
((وفيما يلي بيان أبرز قيود هذا الضابط :
"تغيير": هذا التغيير إما أن يكون بإضافة كالحقن التجميلي والترقيع ونحوهما، وإما أن يكون بإزالة بعض أنسجة الجسم كشفط الدهون، وإما أن يكون بتعديل مظهر بعض الأعضاء بتكبيرها أو تصغيرها أو شدّها.
"دائم": المراد أن أثره يمكث مدّة طويلةً كالأشهر أوالسنوات، ولا يلزم أن يدوم مدى الحياة، وهذا قيد يخرج التغيير المؤقَّت الذي لا يدوم أثره أكثر من عدّة أيام.
"خِلْقةٍ معهودةٍ": أي الخِلْقة المعتادة التي جرت السنة الكونية بمثلها، فالمعتاد مثلاً في كبار السن وجود التجاعيد في وجوههم، أما الصغار فإن وجودها بشكل مشوَّه يُعد خِلْقةً غير معتادة ولا معهودة، وتقييد التغيير بحدوثه في الخلقة (العضو) يعني أن التغيير يظهر على العضو، وليس بإضافة شيء خارجي إليه.
وهذا القيد (خِلْقة معهودة) يتناول التغيير لعدّة دوافع :
1ـ تغيير الخلقة المعهودة لطلب زيادة الحسن كالوشم والنمص والتفليج وما يُلحق بها من الجراحات التجميلية التي تُجرى لخِلقة معتادة في عرف أوساط الناس. وهذا أشهر دوافع التغيير المحرم للخِلْقة كما سيتبين في الأبواب القادمة.
2ـ تغييرها للتعذيب كفقء الأعين وقطع الآذان ونحو ذلك.
3ـ تغييرها للتنكّر والفرار من الجهات الأمنية.
ويخرج بهذا القيد تغيير الخِلْقة غير المعهودة كما في علاج الأمراض والإصابات والتشوّهات والعيوب الخَلْقية أو الطارئة التي ينشأ عنها ضرر حسي أو نفسي، كما أنه لا يتناول التغيير المأذون فيه شرعاً كالختان وإقامة العقوبات الشرعية)) انتهى من هنا.
ومن الشرح يظهر لنا أن الفوزان لا يقصد بالتغيير الدائمِ المؤبَّدَ، وكذا لا يُدْرِجُ فيه ما ورد النص بالإذن به كالحدود والوسم ونحوها؛ لذلك يمكننا تعديل الضابط ليكون أكثر دقة وإفصاحا عن مراده بالقول ضابط التغيير المحرم على رأي الفوزان هو:
"إحداث تغيير طويل البقاء نسبيا على خلقة معهودة لزيادة الحسن أو لغرض غير مشروع"
فهل يستقيم هذا الضابط على السَّبْر؟
يَرِدُ على هذا الضابط اعترضان أساسان:
أحدهما : على قيد "طول البقاء"، فقد رأى الشيخ تحريم ما يدوم أشهر وسنوات دون ما يبقى أياما. وهذا غريب؛ إذِ النمص الذي ورد النص بحرمته لا يدوم أشهر. والحناء وصبغ الشعر الذي ورد النص بجوازه قد يدوم أشهر. ووصل الشعر، وهو محرم بالنص، قد يدوم أشهر كثيرة. وبناء على هذا المعيار قد يباح نفخ الشفاه المؤقَّت، ويحرم تركيب الأسنان وتقويمها بقصد التجميل لأنه يدوم طويلا.
والثاني : على قيد "الخلقة غير المعهودة"، فبناء عليه أجاز الشيخ إزالة العيوب والتشوهات الخلقية أو الطارئة بسبب المرض والحرق ونحوه. وهذا يصتدم مباشرة مع تحريم وصل الشعر، إذ الوارد أنه في امرأة عروس مرضت فتمعط شعرها، وهو يدل على عدم الإذن حتى في حالة العيب طارئ. وبناء عليه لم ير الشيخ جواز تغيير العيوب التي تنشأ عن كبر السن وعن الولادات المتكررة لأنها معتادة.
وإذا كان هذا الضابط كذلك فهل هناك ضوابط أخرى مقترحة أو يمكن اقتراحها؟
هناك ضابط يمكن استنباطه من اجتهادات الطبري في هذه المسألة وهو:
"الأصل أن كل تغيير للخلقة لغرض التجميل محرم إلا ما ورد الشرع باستثنائه".
وبناء عليه يحرم على المرأة عند الطبري: "تغيير شي مِنْ خَلْقِهَا الَّذِي خَلَقَهَا اللَّهُ عَلَيْهِ بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ، الْتِمَاسَ الْحُسْنِ لِزَوْجٍ أَوْ غَيْرِهِ، سَوَاءً فَلَجَتْ أَسْنَانَهَا أَوْ وَشَرَتْهَا، أَوْ كَانَ لَهَا سِنٌّ زَائِدَةٌ فَأَزَالَتْهَا أَوْ أَسْنَانٌ طِوَالٌ فَقَطَعَتْ أَطْرَافَهَا. وَكَذَا لَا يَجُوزُ لَهَا حَلْقُ لِحْيَةٍ أَوْ شَارِبٍ أَوْ عَنْفَقَةٍ إِنْ نَبَتَتْ لَهَا، لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ تَغْيِيرُ خَلْقِ اللَّهِ. قَالَ عِيَاضٌ: وَيَأْتِي عَلَى مَا ذَكَرَهُ أَنَّ مَنْ خُلِقَ بِأُصْبُعٍ زَائِدَةٍ أَوْ عُضْوٍ زَائِدٍ لَا يَجُوزُ لَهُ قَطْعُهُ وَلَا نَزْعُهُ، لِأَنَّهُ مِنْ تَغْيِيرِ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى، إِلَّا أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الزَّوَائِدُ تُؤْلِمُهُ فَلَا بَأْسَ بِنَزْعِهَا عند أبي جعفر وغيره" أهـ من القرطبي
وأما على رأي الفقهاء الذين استثنوا نمص اللحية والشارب ونحو ذلك من التحريم، فيصلح لهم الضابط الآتي:
"الأصل أن كل تغيير للخلقة لغرض التجميل محرم إلا ما لم يكن معهودا"
وهذا نوع استثناء من عموم الأحاديث الناهية عن النمص والوشر والفلج والوصل والوشم، ولا دليل عليه إلا بالقول: إن ما أبيح هنا هو من قبيل النادر الشاذ الذي لا يستبعد استثناؤه من عموم الأدلة الناهية بضربٍ من الاستحسان كالحاجة والحرج وربما بما دون ذلك.
ولكن يرد على هذا الاستثناء حديث تحريم الوصل، فقد كان في وضع نادر طارئ غير معهود (عروس صغيرة السن تمعط شعرها نتيجة المرض)، ومع هذا فلم يأذن به النبي صلى الله عليه وسلم. واستثناء صورة سبب الورود من العموم لا يجوز لأنه يشملها قطعا كما هو مقرر في الأصول.

ومسألة التجميل لا شك مهمة جدا لعموم البلوى بها لا سيما في هذا الزمن، وفي الوقت نفسه هي مشكلة جدا، ولذلك كثرت أقوال الفقهاء فيها وخلافاتهم، وما من ضابط يذكر وعلة تورد إلا ويرد عليهما من المسائل والنصوص ما ينقضهما. قال القرطبي بعد أن أورد طرفا من أحاديث النمص والوشر والفلج والوشم:
"وَاخْتُلِفَ فِي الْمَعْنَى الَّذِي نُهِيَ لِأَجْلِهَا، فَقِيلَ: لِأَنَّهَا مِنْ بَابِ التَّدْلِيسِ. وَقِيلَ: مِنْ بَابِ تَغْيِيرِ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى، كَمَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَهُوَ أَصَحُّ، وَهُوَ يَتَضَمَّنُ الْمَعْنَى الْأَوَّلَ. ثُمَّ قِيلَ: هَذَا الْمَنْهِيُّ عَنْهُ إِنَّمَا هُوَ فِيمَا يَكُونُ بَاقِيًا، لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ تَغْيِيرِ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى، فَأَمَّا مالا يَكُونُ بَاقِيًا كَالْكُحْلِ وَالتَّزَيُّنِ بِهِ لِلنِّسَاءِ فَقَدْ أَجَازَ الْعُلَمَاءُ ذَلِكَ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ"

وما أراه هنا: هو أن تغيير خلق الله تعالى لا يحرم لمجرَّد أنه تغيير، وإنما يحرم منه:



  1. ما يترتب عليه اعتقادٌ شركي لقوله تعالى:( ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام) وهي البحيرة التي كانوا يقطعون أذنها ويحرمونها إذا جاءت بخمسة أبطن وكان الخامس ذكرا تقربا إلى أوثانهم،
  2. أو كان فيه ضرر لعموم الأدلة المحرمة للضرر،
  3. أو تشويه لنهيه، صلى الله عليه وسلم، عن المثلة،
  4. أو دخل في حدِّ الإسراف، لعموم الأدلة المحرمة للسرف،
  5. أو قصد به الوصول إلى غرض محرم، كتجمل المرأة لغير زوجها وذلك لأن الأعمال بالنيات والأمور بمقاصدها.
وما خلا هذه الأمور من تغيير لخلق الله تعالى في الجماد أو النبات أو الحيوان أو الإنسان يجري على أصل الإباحة.
وأما قوله تعالى: من قول الشيطان (ولآمرنهم فليغيرن خلق الله)، وهو أقوى الأدلة في تحريم تغيير الخلق عموما، فليس المقصود به ما قد يتبادر إلى الذهن من تغيير الخلق الظاهر بل ـ وكما هو رأي جمهور المفسرين ـ المقصود هو تغيير الفطرة الحنفيية التي خلق الله الناس عليها إلى الشرك والكفر وعبادة غير الله تعالى. ويكون معنى هذه الآية كمعنى قوله تعالى: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) وكما في حديث أَبَي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، وَيُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، كَمَا تُنْتَجُ البَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ، هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ» ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ}، رواه البخاري. وكما في حديث عياض بن حمار رضي الله عنه:"َإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ، وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ، وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ، وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَانًا، [وفي رواية عند النسائي وغيره وأمرتهم أن يغيرو خلقي] وَإِنَّ اللهَ نَظَرَ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ، فَمَقَتَهُمْ عَرَبَهُمْ وَعَجَمَهُمْ، إِلَّا بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ..." رواه مسلم.
وأما التعليل بتغيير الخِلْقة، كما في حديث علقمة عن ابن مسعود: «لَعَنَ اللَّهُ الوَاشِمَاتِ وَالمُوتَشِمَاتِ، وَالمُتَنَمِّصَاتِ وَالمُتَفَلِّجَاتِ، لِلْحُسْنِ المُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ» فَبَلَغَ ذَلِكَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي أَسَدٍ يُقَالُ لَهَا أُمُّ يَعْقُوبَ، فَجَاءَتْ فَقَالَتْ: إِنَّهُ بَلَغَنِي عَنْكَ أَنَّكَ لَعَنْتَ كَيْتَ وَكَيْتَ، فَقَالَ: وَمَا لِي أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَنْ هُوَ فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَقَالَتْ: لَقَدْ قَرَأْتُ مَا بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ، فَمَا وَجَدْتُ فِيهِ مَا تَقُولُ، قَالَ: لَئِنْ كُنْتِ قَرَأْتِيهِ لَقَدْ وَجَدْتِيهِ، أَمَا قَرَأْتِ: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} ؟ قَالَتْ: بَلَى، قَالَ: فَإِنَّهُ قَدْ نَهَى عَنْهُ، قَالَتْ: فَإِنِّي أَرَى أَهْلَكَ يَفْعَلُونَهُ، قَالَ: فَاذْهَبِي فَانْظُرِي، فَذَهَبَتْ فَنَظَرَتْ، فَلَمْ تَرَ مِنْ حَاجَتِهَا شَيْئًا، فَقَالَ: لَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ مَا جَامَعْتُهَا. متفق عليه، فهو مشكِلٌ حقَّا، والذي يظهر لي أنه من تعليل ابن مسعود رضي الله عنه، اجتهاداً منه؛ لأنه ليس في رواية الحديث ما يدل صراحة على رفع جميع ألفاظ الحديث إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، بل المتيقن رفعه هو اللعن فحسب. ويؤيد ذلك أن الثابت عن النبي، صلى الله عليه وسلم، عن غير صحابي هو اللعن أو النهي مجردا دون التعليل بالتغيير أو غيره، بل حتى في بعض روايات الحديث التي صرح فيها ابن مسعود برفع الحديث إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، لم يذكر فيها التعليل بالتغيير، كما في رواية أحمد بسند حسنه ابن حجر وقال الأرناؤوط: إسناده قوي، عن مسروق: أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ، فَقَالَتْ: أُنْبِئْتُ أَنَّكَ تَنْهَى عَنِ الْوَاصِلَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَتْ: أَشَيْءٌ تَجِدُهُ فِي كِتَابِ اللهِ، أَمْ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: أَجِدُهُ فِي كِتَابِ اللهِ، وَعَنْ رَسُولِ اللهِ، فَقَالَتْ: وَاللهِ لَقَدْ تَصَفَّحْتُ مَا بَيْنَ دَفَّتَيِ الْمُصْحَفِ، فَمَا وَجَدْتُ فِيهِ الَّذِي تَقُولُ قَالَ: فَهَلْ وَجَدْتِ فِيهِ: {مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} ، قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " نَهَى عَنْ النَّامِصَةِ وَالْوَاشِرَةِ وَالْوَاصِلَةِ وَالْوَاشِمَةِ إِلَّا مِنْ دَاءٍ "، قَالَتِ الْمَرْأَةُ: فَلَعَلَّهُ فِي بَعْضِ نِسَائِكَ؟ قَالَ لَهَا: ادْخُلِي، فَدَخَلَتْ ثُمَّ خَرَجَتْ، فَقَالَتْ: مَا رَأَيْتُ بَأْسًا، قَالَ: مَا حَفِظْتُ إِذًا وَصِيَّةَ الْعَبْدِ الصَّالِحِ: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ}. ومن فوائد هذه الرواية أنها وردت بلفظ النهي وهو أخف من اللعن الوارد في رواية علقمة، كما أنه لا يشتمل على ذكر علة تغيير خلق الله تعالى كما في رواية علقمة، ثم فيه التصريح بالجزء المرفوع من الرواية الأخرى وهو لا يشتمل على ذكر التغيير.

فإن قيل: إذا أبطلتَ علة "تغيير الخلق" في النهي عن النمص والوشر والوصل والوشم، فما هي علة التحريم إذن؟
فالجواب قال الشيخ الطاهر بن عاشور رحمه الله تعالى في تفسيره بعد أن ذكر شيئا من أصناف التغيير المحرم: "وَلَيْسَ مِنْ تَغْيِيرِ خَلْقِ اللَّهِ التَّصَرُّفُ فِي الْمَخْلُوقَاتِ بِمَا أَذِنَ اللَّهُ فِيهِ وَلَا مَا يَدْخُلُ فِي مَعْنَى الْحُسْنِ فَإِنَّ الْخِتَانَ مِنْ تَغْيِيرِ خَلْقِ اللَّهِ وَلَكِنَّهُ لِفَوَائِدَ صِحِّيَّةٍ، وَكَذَلِكَ حَلْقُ الشَّعْرِ لِفَائِدَةِ، دَفْعِ بَعْضِ الْأَضْرَارِ، وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ لِفَائِدَةِ تَيْسِيرِ الْعَمَلِ بِالْأَيْدِي، وَكَذَلِكَ ثَقْبُ الْآذَانِ لِلنِّسَاءِ لِوَضْعِ الْأَقْرَاطِ وَالتَّزَيُّنِ، وَأَمَّا مَا وَرَدَ فِي السُّنَّةِ مِنْ لَعْنِ الْوَاصِلَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ فَمِمَّا أَشْكَلَ تَأْوِيلُهُ. وَأَحْسَبُ تَأْوِيلَهُ أَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ النَّهْيُ عَنْ سِمَاتٍ كَانَتْ تُعَدُّ مِنْ سِمَاتِ الْعَوَاهِرِ فِي ذَلِكَ الْعَهْدِ، أَوْ مِنْ سِمَاتِ الْمُشْرِكَاتِ، وَإِلَّا فَلَوْ فَرَضْنَا هَذِهِ مَنْهِيًّا عَنْهَا لَمَا بَلَغَ النَّهْيُ إِلَى حَدِّ لَعْنِ فَاعِلَاتِ ذَلِكَ. وَمِلَاكُ الْأَمْرِ أَنَّ تَغْيِيرَخَلْقِ اللَّهِ إنّما يكون إِنَّمَا إِذَا كَانَ فِيهِ حَظٌّ مِنْ طَاعَةِ الشَّيْطَانِ، بِأَنْ يُجْعَلَ عَلَامَةً لِنِحْلَةٍ شَيْطَانِيَّةٍ، كَمَا هُوَ سِيَاقُ الْآيَةِ وَاتِّصَالُ الْحَدِيثِ بِهَا. وَقَدْ أَوْضَحْنَا ذَلِكَ فِي كِتَابِي الْمُسَمَّى: النَّظَرُ الْفَسِيحُ عَلَى مُشْكِلِ الْجَامِعِ الصَّحِيحِ" .
والأصح من هذا في نظري أنه ليس شرطا أن تنتظم الأفعالَ الأربعة جميعَها علِّةٌ واحدة، فنقول: النمص والوصل حُرِّم للتدليس على الناظرين، ومنهم الخُطَّاب والخاطِبات، وعليه فيحرم ذلك على غير ذات الزوج إلا أن تكون من القواعد، ويحل للمتزوجة بإذن زوجها كما هو رأي بعض الفقهاء. وأما التفليج والوشر فيحتمل التدليس كما قال النووي (لأن الفلج من سمات صغار السن)، ويحتمل الضرر لأن نحت السن يأكل طبقته التاجية فيجعله عرضة للتسوس والخراب السريع، وأما الوشم فلارتباطه بعادات شركية، أو لأضراره الكثيرة لا سيما في العصور القديمة (انظر هنا).
فإذا تقرر ما سبق فإن ما أراه ضابطا موجزا للتغيير المحرم هو:
"كل تغيير كان فيه شرك أو ضرر أو تشويهٌ أو تدليس أو إسراف أو قصدٌ محرم"
وفي ضوء هذا الضابط، يحرم على غير المزوجة أن تفعل فعلا تجميليا تدليسيا، بأن تخفي عيبا يظهر لزوجها المحتمل فيما بعد، ويدخل في هذا النمص والوصل ونحوه مما لا يتميز لدى الناظر كونه طبيعيا أو اصطناعيا، وكذا يحرم الصبغ بالسواد لنفس العلة، وكذا عدسات العيون الملونة التي يظنها الرائي طبيعية، ويجوز التجمل بما يظهر للناظر كونه إضافة غير أصلية كأحمر الشفاه والاكتحال ونحو ذلك.
وفي ضوء هذا الضابط تجوز الهندسة الوراثية (تغيير للخلق على المستوى الجيني) للنبات والحيوان والإنسان بشرط تيقن عدم وجود ضرر منها كما ذهب إليه المجمع الفقهي
وفي ضوء ذلك لا يحرم على العزباء والمتزوجة كليهما إصلاح عيب بالجراحة التجميلية إصلاحا دائما (كإزالة شامة أو بقعة داكنة في وجهها أو جسدها، أو عمل تقويم لأسنانها)، لأن الإزالة الدائمة لا تتضمن تدليسا وتغريرا.
وفي ضوء ذلك قد يفتى بإباحة عمليات التجميل التي تجريها المرأة لإزالة التجاعيد من الوجه الناتجة عن كبر السن إذا كان ذلك بإذن الزوج، قياسا على النمص والوصل بإذن الزوج كما قال به بعض الفقهاء.


أؤكد مرة أخرى أن هذا النظر السريع في المسألة إنما أردت به المذاكرة وليس هو من قبيل الفتوى بل بغرض التباحث مع أهل العلم
بانتظار تعليقاتكم
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:

أسامة أمير الحمصي

:: مطـًـلع ::
إنضم
20 مارس 2010
المشاركات
103
التخصص
هندسة
المدينة
حمص
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

الشيب تغير طارئء, مثله مثل أي عيب, فهو من هذه الجهة ليس الخلقة المعهودة التي خلق الله الناس على مثلها
و النمص تغير طويل نسبياً, لأنه متى ما حصل فلا يُمكنك التراجع عنه, و لأن من بدأ بالنمص فمراده و نيته أن يستمر في النمص مرة بعد مرة, فهو من هذه الجهة ليس فقط طويلاً بل هو تغير أبدي, و من نمص حصل في جسده تغير أبدي أخر بزيادة و كثافة نمو الشعر,,, فهذه ثلاثة اوجه تجعل النمص تغير طويلاً نسبياً
و ثقب الأذن لا ينطبق عليه "لزيادة حُسن او لغرض غير مشروع" اذ الغرض منه التزين, و ليس زيادة الحُسن, والتزين مشروع,,, فليس في الثقب بحد ذاته زيادة في الحُسن,
 
إنضم
22 يونيو 2008
المشاركات
1,566
التخصص
الحديث وعلومه
المدينة
أبوظبي
المذهب الفقهي
الحنبلي ابتداءا
رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

كلامك يا أخي الكريم فيه تكلف ظاهر ،،
لماذا الإصرار على إظهار فرق -حتى لو كان غير مؤثر - ؟؟!
لا فرق بين التزين وزيادة الحسن، كلاهما شيء واحد ،،،
جعل النمص أبديا، وتغير كثافة الشعر وووو .... لا داعي لهذا ،،،
يظهر أن ذهنك مشغول بمشروعي :) !!!
 

أسامة أمير الحمصي

:: مطـًـلع ::
إنضم
20 مارس 2010
المشاركات
103
التخصص
هندسة
المدينة
حمص
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

لا والله يا زايد ذهني مشغول بمشروعي , ادعيلنا بس
+ الفرق بين ثقب الاذن و بين زيادة الحسن ظاهر جداً,,, و المرأة لن تزداد حُسناً بثقب اذنها!
واما النمص ففيه تكلف لكنه ليس بذاك التكلف الظاهر, اخذ مني بضع دقائق للتأمل لا اكثر,
+ ما دام القاعدة منضبطة ولو مع قليل من التكلف فهذا افضل من الغاء مبدأ "تغير خلق الله" مطلقاً لعدم التمكن من ايجاء ضابط للامر,
لابد من بيان كلام النبي او كلام ابن مسعود, اذ عندما قال: المغيرات لخلق الله فلا شك ان فهمه رضوان الله عليه كان منضبطاً بقاعدة مُعينة,,,,
و اما ما يُذكر من التدليس, و الضرر و ...الخ من الكلام العام و من الامور المحرمة اصلاً بنصوص اخرى فهي ليست محل النقاش, فالتدليس محرم سواء جاء النهي عن تغير خلق الله ام لا, و كذلك ما يسبب الضرر,,,,
فالنمص حتى لو لم يصح فيه حديث سيكون محرماً لما فيه من الضرر الصحة, او من التزين امام الاجانب,
واما التدليس فأمرٌ لا علاقة له بالنمص, و لا حتى بالوصل, فالواصلة مدلسة لو كانت ستصل بدون علم زوجها! ام لو كان هو من أمرها بذلك فأي تدليس في ذلك؟!
في البخاري ان الصحابية التي طلبت ان تصل شعر ابنتها و ظاهر النص ان ذلك بعلم زوج ابنتها , و مع ذلك نهاها النبي! فلا علاقة للوصل لا بضرر طبي, ولا بتدليس و لا بشرك..ألخ الأمر مُتعلق بتغير خلق الله عز وجل, فهل من ضابط لتغير خلق الله افضل من الضابط المذكور؟

:: من صحيح البخاري:
حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ : حَدَّثَتْنِي أُمِّي عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ إِنِّي أَنْكَحْتُ ابْنَتِي ثُمَّ أَصَابَهَا شَكْوَى فَتَمَرَّقَ رَأْسُهَا وَزَوْجُهَا يَسْتَحِثُّنِي بِهَا أَفَأَصِلُ رَأْسَهَا فَسَبَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ.
وفيه
حَدَّثَنَا آدَمُ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ : سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ مُسْلِمِ بْنِ يَنَّاقٍ يُحَدِّثُ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، أَنَّ جَارِيَةً مِنَ الأَنْصَارِ تَزَوَّجَتْ وَأَنَّهَا مَرِضَتْ فَتَمَعَّطَ شَعَرُهَا فَأَرَادُوا أَنْ يَصِلُوهَا فَسَأَلُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَعَنَ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ




ولا شيء من الموانع التالية ينطبق على الحديث:
  1. ما يترتب عليه اعتقادٌ شركي (لقوله تعالى ولآمنهم فليبتكن آذان الأنعام) وهي البحيرة التي كانوا يقطعون أذنها ويحرمونها إذا جاءت بخمسة أبطن وكان الخامس ذكرا تقربا إلى أوثانهم،
  2. أو كان فيه ضرر لعموم الأدلة المحرمة للضرر،
  3. أو تشويه لنهيه، صلى الله عليه وسلم، عن المثلة،
  4. أو دخل في حدِّ الإسراف، لعموم الأدلة المحرمة للسرف،
  5. أو قصد به الوصول إلى غرض محرم، كتجمل المرأة لغير زوجها وذلك لأن الأعمال بالنيات والأمور بمقاصدها.
فلا شرك ولا ضرر و لا مثلة, لا اسراف, لا تدليس, لا مقصد محرم,,, البنت أحبت توصل شعرها لزوجها,,, فلماذا نهاها النبي صلى الله عليه وسلم؟ لم اجد اي اجابة سوى ان ذلك تغير لخلق الله عز وجل,,,وعلى فرض ان الزوج لم يعلم بمرضها و ان النهي كان مخافة التدليس على الزوج, أفيُباح الوصل بعد الزواج ان كان بعلم و أمر الزوج, و يُمنع قبل الزواج؟!

و أخيراً لماذا لعن "المتفلجات"!؟ علمأً ان المتفلجات التغير فيهن دائم, فلا يوجد لا تدليس ( ان كان الجميع يعلم عمرها!) و لا اسرف (ولا ادري ان كان فيه ضرر) ؟!
قال ابن حجر:
قوله باب المتفلجات للحسن أي لأجل الحسن والمتفلجات جمع متفلجة وهي التي تطلب الفلج أو تصنعه والفلج بالفاء واللام والجيم انفراج ما بين الثنيتين والتفلج أن يفرج بين المتلاصقين بالمبرد ونحوه وهو مختص عادة بالثنايا والرباعيات ويستحسن من المرأة فربما صنعته المرأة التي تكون أسنانها متلاصقة لتصير متفلجة وقد تفعله الكبيرة توهم أنها صغيرة لأن الصغيرة غالبا تكون مفلجة جديدة السن ويذهب ذلك في الكبر وتحديد الأسنان يسمى الوشر بالراء وقد ثبت النهي عنه أيضا في بعض طرق حديث بن مسعود ومن حديث غيره في السنن وغيرها وستأتي الإشارة إليه في آخر باب الموصولة فورد النهي عن ذلك لما فيه من تغيير الخلقة الأصلية


::::::::::::::
و أقول ان لم تفعله لتوهم أيُباح؟ و ان كان الجميع يعلم انها كبيرة أيُباح؟ و ان كانت متزوجة أيُباح؟ اذ لا تدليس! فالأمر المعقول في هذه الحالات ان يكون النهي مرتبطاً بـ تغيير الخلقة الأصلية
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

جزاكم الله خيرا يا شيخ أسامة:
قولكم بارك الله فيكم:
الشيب تغير طارئء, مثله مثل أي عيب, فهو من هذه الجهة ليس الخلقة المعهودة التي خلق الله الناس على مثلها
على هذا المبدأ فكل عيب ينشأ بسبب كبر السن يُحكم بأنه ليس معهودا. ومن ذلك تجاعيد الوجه لتقدم السن، فهل تجيز إزالتها بالجراحة؟!
وقولكم بارك الله فيكم:
و النمص تغير طويل نسبياً, لأنه متى ما حصل فلا يُمكنك التراجع عنه, و لأن من بدأ بالنمص فمراده و نيته أن يستمر في النمص مرة بعد مرة, فهو من هذه الجهة ليس فقط طويلاً بل هو تغير أبدي

أقول: وكذلك صبغ الشيب لمن نوى صبغه باستمرار، بل حتى المكياج لمن تضعه باستمرار، أليس كذلك؟!
وقولكم بارك الله فيكم:
و ثقب الأذن لا ينطبق عليه "لزيادة حُسن او لغرض غير مشروع" اذ الغرض منه التزين, و ليس زيادة الحُسن, والتزين مشروع,,, فليس في الثقب بحد ذاته زيادة في الحُسن

التزين والتجمل باب واحد أخي الكريم بدليل الحديث : "إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة فقال: إن الله جميل يحب الجمال" رواه مسلم. ثقب الأذن هو جراحة بقصد التمكين من التجمل والتزين (زيادة الحسن). نعم ليس الثقب بنفسه تجملا، ولكنه ذريعة إليه، والوسيلة تأخذ حكم المقصد شرعا. وعليه فالفرق الذي أبديتموه "غير مؤثر" لا في لغة الشارع ولا من حيث الفقه.
قولكم بارك الله فيكم:
ما دام القاعدة منضبطة ولو مع قليل من التكلف فهذا افضل من الغاء مبدأ "تغير خلق الله" مطلقاً لعدم التمكن من ايجاد ضابط للامر

ليس فيما ذكرنا إلغاء لمبدأ تغيير الخلق، بل لجعله جزء علة لا علة مستقلة. وحتى مع إلغائه فالبديل قائم في ضوابط أخرى من مقاصد الشرع: كضابط التكلف والإسراف والضرر والتدليس، وهي ضوابط محكمة مناسبة مجمع على التفات الشارع إليها، والمتشابه دوما يُرد إلى المحكم.
قولكم بارك الله فيكم:
في البخاري ان الصحابية التي طلبت ان تصل شعر ابنتها و ظاهر النص ان ذلك بعلم زوج ابنتها , و مع ذلك نهاها النبي! فلا علاقة للوصل لا بضرر طبي, ولا بتدليس و لا بشرك..ألخ الأمر مُتعلق بتغير خلق الله عز وجل, فهل من ضابط لتغير خلق الله افضل من الضابط المذكور؟

قلت: بل في إحدى روايات البخاري: "إِنَّ زَوْجَهَا أَمَرَنِي أَنْ أَصِلَ فِي شَعَرِهَا"، وهو صريح بعلمه، لكنها رواية شاذة تفرد بها خلاد بن يحيى، وهو صدوق له أوهام، مخالفا بها العشرات من الثقات الذين رووا الحديث دونها أو بما يوحي ظاهره بخلافها.
ما أراه راجحا في تأويل هذا الحديث هو أن زوج المرأة خطبها ولم يكن يعرف بعيبها الذي ربما طرأ عليها، وخشيت أمها من ردة فعله لا سيما مع استعجاله لها، فأرادت أن تدلس عليه بالوصل، ونهي النبي صلى الله عليه وسلم المرأة عن الوصل هنا: لسببين: خشية التدليس على من يحتمل عدم علمه بالعيب، ولأن العيب أصلا مؤقت لا دائم، فلو انتظرت الأم بعض الشهور لعاد شعر المرأة لما كان عليه، ولم تكن بحاجة إلى الوصل.
وهذا التأويل متعين حتى على ضابط الخِلْقة المعهودة، لأن عيب المرأة هنا ليس معهودا بل هو طارئ بسبب المرض، ومع هذا لم يجز النبي صلى الله عليه وسلم إزالته، وقد ألمحنا إلى هذا في أصل الموضوع، ومن هنا لجأ كثير من الفقهاء إلى تعليله بالتدليس وهو قوي، لدلالة الإيماء في تسميته "بالزور" ولقول الجمهور بجواز إزالة العيب غير المعهود، وهو ما قد يُستشفُّ من حديث الثلاثة الأعمى والأقرع والأبرص الذين بدا لله تعالى أن يبتليهم فسألوا الملك أن يرفع عنهم الأذى الذي بهم فأجيبوا إلى ذلك، والحديث في البخاري. وعليه فخلق الله كله حسن من حيث الجملة والصورة العامة، لكن هذا لا يمنع من وجود عيوبٍ خلقية أو طارئة يبتلي الله بها بعض خلقه، ويجعلها عظة لآخرين حتى يشكروه على نعمه، إذ أكبر داع إلى الشكر على النعم رؤية من حرموا منها. ومن هنا لا نبعد إذا قلنا بأنه ثمة إجماع على جواز قولنا في بعض ما خلقه الله هذا مَعيب وهذا قبيح وهذا دميم، ولم أر من صرح بحرمة قول ذلك، وما أكثر ما يقوله الفقهاء من ذلك في أبواب البيع والنكاح من الرد بالعيب وما يعد عيبا في الأمة وفي الزوجة وما لا يعد والله أعلم.
قولكم بارك الله فيكم:
و أخيراً لماذا لعن "المتفلجات"!؟ علمأً ان المتفلجات التغير فيهن دائم, فلا يوجد لا تدليس ( ان كان الجميع يعلم عمرها!) و لا اسرف (ولا ادري ان كان فيه ضرر) ؟!

الضرر في التفليج واضح لأن برد السن يأتي على الطبقة العاجية فيه ويدمر السن تقريبا، والضرر في هذا الفعل أوضح منه في النمص الذي جزمتم بأنه ضار. وكذا يحتمل التدليس على ما قاله النووي وغيره. أما قولكم "إن كان الجميع يعلم عمرها" فهذا الفرض نادر، والأحكام تدور مع ما هو مظنة غالبة لا ما هو نادر، فالناس غالبا لا يعرفون عمر المرأة التي يرونها، وكثير من النساء تكذب في ذكر أعمارهن، وإذا عدنا بالزمن إلى الوراء فالأمر أكثر تلبيسا حيث لم تكن هناك شهادات ميلاد ولا جوازات سفر للتأكد من العمر، فقد تستطيع المرأة بمثل هذه الأفعال الضارة تصغير عمرها سنة وسنتين أو ثلاث في عين الرائي لا سيما وقد كانوا يتزوجون الصغار ويفضلونهن على الكبار.
ورأيي هو أن تحريم الوصل ونمص الحواجب والتفلج والوشم إنما هو لأنها من التكلف في الزينة حيث لا حاجة ولا داع مع احتمال الضرر والتدليس، ولا ننسى أنه سبحانه حيث ندب إلى الزينة نهى عن الإسراف فيها في قوله: " يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين"

مسائل تترتب على المناقشات والضوابط المذكورة:
1) مسألة زرع الشعر:
وما أراه فيها على الضابط المذكور أنه جائز إذا كان الصلع عيبا طارئا بسبب المرض أو غير معهود كما في المرأة والصغير. أما صلع الرجل المعتاد فلا يجوز تغييره بالزراعة لأنه من التكلف في الزينة والإسراف في المال الذي لا يخفى
2) مسألة لبس الشعر المستعار (الباروكة) دون وصل:
جائز إذا قصدت به المرأة التجمل لزوجها أو أمام من يحل لها أن تظهر الزينة أمامهم، ولا يجوز للشابة غير ذات الزوج لاحتمال التدليس
3) مسألة لبس الرموش الاصطناعية، والعدسات اللاصقة
الجواب كما في مسألة الباروكة
والله أعلم
 

أسامة أمير الحمصي

:: مطـًـلع ::
إنضم
20 مارس 2010
المشاركات
103
التخصص
هندسة
المدينة
حمص
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

جزاك الله د. أيمن,
على ذكر الباروكة, سمعت عن نساء لبسنها على أنها حجاب!
ماذا عن عمليات التجميل مثل:
1- تجميل الانف
2- شفط الدهون
3- ازالة التجاعيد
4- تجميل الجسم
و ماذا عن التشقير و قص الحاجب و حلق الحاجب؟
 
إنضم
22 يونيو 2008
المشاركات
1,566
التخصص
الحديث وعلومه
المدينة
أبوظبي
المذهب الفقهي
الحنبلي ابتداءا
رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

أسامة:
حدد ما هو معنى "خلق الله" ؟
ثم تكلم بعدها عن ضوابط "تغيير خلق الله" ؟
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

جزاك الله د. أيمن,
على ذكر الباروكة, سمعت عن نساء لبسنها على أنها حجاب!
ماذا عن عمليات التجميل مثل:
1- تجميل الانف
2- شفط الدهون
3- ازالة التجاعيد
4- تجميل الجسم
هذا فيه تفصيل على النحو الآتي:
1) العيوب الطارئة (بسبب الأمراض أو الحوادث) يجوز رفعها بالجراحة (بوجود الضوابط العامة لجواز الجراحة والتداوي). وهذا مبناه على أصلين: أحدهما جواز التداوي (والمذكورات توابع لأمراض فتجوز إزالتها تبعا لجواز إزالة أصلها). والثاني: أصل الإباحة حيث لا دليل محتملا للتحريم إلا دليل "التغيير" والمذكورات ليست تغييرا لخلق الله بل إعادة لما خلق الله تعالى إلى وضعه الطبيعي كما قاله كثيرون.
2) العيوب الطارئة لسبب طبيعي مثل كثرة الأكل أو الولادات الطبيعية أو تقدم السن، وكذا العيوب الخِلقية كزيادة أصبع أو وجود وحمة سوداء في الوجه أو البدن أو اعوجاج الأنف البين أو كبره الظاهر أو اندفاع الأذنين كثيرا عن الرأس، أو الشفة الأرنبية ونحو ذلك، فهذا كله تجوز إزالته بالجراحة وغيرها بشرط أن يعد عيبا في عرف الناس (لشذوذه عن المعتاد، وندرة وجوده نسبيا بين الأقران)، بمعنى أن أكثر من يراه يلحظه بسرعة دون تكلف، فهذا أيضا تجوز إزالته بالجراحة أو غيرها بوجود الضوابط العامة لجواز الجراحة. (ومنها أن تتعين هذه الجراحة وسيلة وحيدة لإزالة العيب). وهذا بناء على أصلين أحدهما: أصل رفع الحرج وما يؤدي إليه وهو قيد عام قطعي يرد على جميع نصوص التحريم الظاهرة. والثاني: أنه ليس من الخِلقة المعهودة والصورة العامة للإنسان فلا يتعلق به تحريم التغيير.
3) ما لا يصل إلى درجة العيب؛ لأنه معتاد لا يلفت الانتباه ولا يؤدي إلى حرج عند الإنسان السوي نفسيا، وهو من الصورة العامة المعهودة التي خلق الله تعالى الناس عليها، فهذا يحرم التكلُّف (تكبُّد مشقة بدنية أو مالية) في إزالته أو تحسينه، ويجوز تجميله باليسير في كلفته عملا وإنفاقا، لا سيما ما يظهر كونه من الزينة الصناعية دون ما يلتبس. وهذا مبنى جواز تجميله وزيادة حسنه بما لا يتضمن كلفة على أصلين:
أحدهما ندب التزين والتجمل بضوابطه العامة (لا سيما عدم وجود الضرر أو الغرض غير المشروع).
والثاني: عدم إخلال هذا النوع من التجمل بالخلقة المعهودة والصورة العامة للإنسان، التي صور الله الناس عليها.
وأما مبنى تحريم إزالته أو تغييره أو حتى تجميله بما يتضمن كلفة فعلى أصلين أيضا:
أحدهما: أصل النهي عن التكلُّف والإسراف وهوضابط عام في كل ما جاز.
والثاني: قاعدة دفع الضرر المحتمل (حيث لا تخلو عمليات التجميل من نسبة فشل ومضاعفات جانبية خطيرة تصل إلى 20 بالمائة في بعض أنواعها كجراحة الأنف).
وعلى هذا فلا حكم عاما لما تفضلت بالسؤال عنه بل لا بد من عرض كل حالة وحدها على الضوابط التقريبية المذكورة.
و ماذا عن التشقير و قص الحاجب و حلق الحاجب؟

قد أُجيز نمص ما خرج عن حد الحاجب فتشقير ما هذا شأنه جائز من باب أولى. وحسب علمي فإن التشقير تلجأ إليه بعض النساء تجنبا لنمص شعر الوجه، فإذا أجيز النمص نفسه لشعر الوجه عدا الحاجبين فلا حاجة للتشقير.
أما تشقير أجزاء من الحاجب نفسه فلا أراه إلا تكلفا يُقصد به ترقيق الحواجب في نظر الرائي مباراة للفاسقات والكافرات فمثله لا ينبغي، وهذا بخلاف صبغ الحاجب بما يظهر كونه خضابا فلا بأس به قياسا على خضاب الرأس.
وأما قص الحاجب، فيجوز قص ما شذ وطال حتى خرج عن حد الحاجب الطبيعي لأنه يعيق البصر أحيانا، ويقاس على قص شعر الرأس وقص الشارب وقص اللحية (عند جماعة) ولا شيء في ذلك فهو من التجمل يسير الكلفة.
وأما حلق الحاجب أو أجزاء منه فلا أراه إلا مثل نمصه في النتيجة مع كونه أشد إيذاءً وتكلفا لسرعة نمو الشعر ولزوم تعهده بالحلق في أوقات متقاربة.
وهذا كله أقوله تفقها ومذاكرة للكرام من أهل العلم لا إفتاء والله أعلم.
 
إنضم
19 فبراير 2011
المشاركات
63
الكنية
ابو محمد الأزهري
التخصص
التفسير وعلوم القرءان
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
حنبلي - واحب المقارن
رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

جزاك الله خيراً .. وأتمنى أن لو زدت البحث تفصيلاً وتدليلاً وتعليلاً .. ثم اتحفتنا به ، بوركت مساعيكم .
 

أسامة أمير الحمصي

:: مطـًـلع ::
إنضم
20 مارس 2010
المشاركات
103
التخصص
هندسة
المدينة
حمص
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

جزاك الله خيراً د. أيمن, قد اقتنعت بكثير مما قلته, لكن ما زال عندي الكثير من الاستشكالات,,, و ما زال يقع في قلبي أن المسألة لابد و أن تكون مرتبطة بكون الله هو الخالق المصور, ( و النصوص مثل: كل خلق الله حسن, و لعن الله المصورين, و مضاهاة خلق الله, و تغير خلق الله... الخ ترشد الى ذلك, لكن الأمر يحتاج الى مزيد تدبر, و لعل الأمر يتلعق بـتغير خلق الله المعهود مع اعتقاد أن ما تم تغيره انم يُغير لنقص في الخلقة,,, بمعنى: الختان, و تقليم الاظافر, و ازالة الشعر, كل ذلك يتم تغيره مع اعتقاد أن طول الاظافر و طول الشعر..الخ أمور وجدت لفائدة المخلوق, بخلاف ازالة شعر الحاجب فمن يزيله يزيله و لسان حاله يُنكر الحُسن في تلك الخلقة و كأنه لا فائدة منها,,,و لكن هذا الامر ايضاً سيرد عليه ما يرد,,, )
اما ما استشكله فـابدأ بـ ما معنى التدليس؟
هل هو: الايهام بأن أصل الخلقة كانت على صفة كذا؟ (فيدخل في ذلك تصغير الأنف لمن خلق و أنفه كبير)
أم هو الايهام بأن العيب الموجود غير موجود؟ (مثل ازالة التجاعيد لاخفاء كبر السن, أو وصل الشعر لاخفاء المرض, و التشقير لاخفاء كبر الحاجب, و الصبغ بالسواد لاخفاء الشيب الدال على بكر السن)


ثم هل يُشترط في التدليس النية؟ أم أن كل فعل يُتصور أن يكون وسيلة الى التدليس يُعتبر تدليساً و ان لم يقصد الفاعل ذلك؟
بمعنى:
ازالة التجاعيد هل يعتبر تدليساً؟ (لكونه يُظهر المرأة بسن أصغر و يخفي عبي كبر السن)
وصل الشعر هل يعتبر تدليساً؟ (لكونه يُظهر المرأة بسن أصغر و يخفي عيب قلة الشعر)
ترقيق الحواجب هل يُعتبر تدليساً؟(لكونه يُظهر المرأة بسن أصغر و يخفي عيب كبر الحواجب)
التفلج هل يُعتبر تدليساً؟(لكونه يُظهر المرأة بسن أصغر)
حلق اللحية هل يُعتبر تدليساً؟(لكونه يُظهر الرجل بسن أصغر)
صبغ الشعر بالسواد هل يُعتبر تدليساً؟ (لكونه يُظهر الرجل بسن أصغر و يخفي عيب الشيب الدال على كبر السن)
(و على ذكر صبغ الشعر, هل المُحرم صبغ الشيب بالسواد خشية التدليس, ام المحرم صبغ الشيب بنفس لون الشعر الأصلي خشية التدليس؟ و هل صبغ الشعر بالسواد من قبل الشاب الذي ظهر عليه الشيب مبكراً يحرم ام انه يُباح اذ لا تدليس في ذلك؟)
ام أن جميع هذه الأفعال مُباحة في الأصل, و انما تُحرم في حالة مخصوصة: عندما يفعلها الفاعل بنية التدليس؟! و هل يكفي أن يُعلن الرجل او المرأة عن عمرهما لاستباحة هذه الأفعال؟!
 
إنضم
29 نوفمبر 2010
المشاركات
63
الجنس
ذكر
الكنية
أبوعبيد
التخصص
طو يلب علم
الدولة
الهند
المدينة
سعد
المذهب الفقهي
أهل الحديث
رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

بارك الله فيكم.
 
إنضم
22 يونيو 2008
المشاركات
1,566
التخصص
الحديث وعلومه
المدينة
أبوظبي
المذهب الفقهي
الحنبلي ابتداءا
رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

أرجو من جميع الإخوة طرح ما لديهم من تعليقات ومداخلات ،،،
 
إنضم
22 يونيو 2008
المشاركات
1,566
التخصص
الحديث وعلومه
المدينة
أبوظبي
المذهب الفقهي
الحنبلي ابتداءا
إنضم
22 يونيو 2008
المشاركات
1,566
التخصص
الحديث وعلومه
المدينة
أبوظبي
المذهب الفقهي
الحنبلي ابتداءا
رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

مما يدل على صعوبة الموضوع:
قَالَ الشِّهَابَ الْقَرَافِيُّ : لَمْ أَرَ لِلْفُقَهَاءِ الشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ فِي تَعْلِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ إلَّا أَنَّهُ تَدْلِيسٌ عَلَى الزَّوْجِ لِتَكْثِيرِ الصَّدَاقِ ، وَيُشْكِلُ ذَلِكَ إذَا كَانُوا عَالِمِينَ بِهِ وَبِالْوَشْمِ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَدْلِيسٌ ، وَمَا فِي الْحَدِيثِ مِنْ تَغْيِيرِ خَلْقِ اللَّهِ لَمْ أَفْهَمْ مَعْنَاهُ فَإِنَّ التَّغْيِيرَ لِلْجَمَالِ غَيْرُ مُنْكَرٍ فِي الشَّرْعِ كَالْخِتَانِ وَقَصِّ الظُّفُرِ وَالشَّعْرِ وَصَبْغِ الْحِنَّاءِ وَصَبْغِ الشَّعْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ .
[حاشية العدوي - الشاملة- 8/ 141]
 
إنضم
22 يونيو 2008
المشاركات
1,566
التخصص
الحديث وعلومه
المدينة
أبوظبي
المذهب الفقهي
الحنبلي ابتداءا
رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

قال ابن عاشور:
"وليس من تغيير خلق الله التصرف في المخلوقات بما أذن الله فيه ولا ما يدخل في معنى الحسن؛ فإن الختان من تغيير خلق الله ولكنه لفوائد صحية، وكذلك حلق الشعر لفائدة دفع بعض الأضرار، وتقليم الأظفار لفائدة تيسير العمل بالأيدي، وكذلك ثقب الآذان للنساء لوضع الأقراط والتزين. وأما ما ورد في السنة من لعن الواصلات والمتنمصات والمتفلجات للحسن فمما أشكل تأويله. وأحسب تأويله أن الغرض منه النهي عن سمات كانت تعد من سمات العواهر في ذلك العهد، أو من سمات المشركات، وإلا فلو فرضنا هذه منهيا عنها لما بلغ النهي إلى حد لعن فاعلات ذلك. وملاك الأمر أن تغيير خلق الله إنما يكون إثما إذا كان فيه حظ من طاعة الشيطان، بأن يجعل علامة لنحلة شيطانية، كما هو سياق الآية واتصال الحديث بها. " [التحرير والتنوير - الشاملة- 4/ 258]
 

أسامة أمير الحمصي

:: مطـًـلع ::
إنضم
20 مارس 2010
المشاركات
103
التخصص
هندسة
المدينة
حمص
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

هل يقال : التغير المنهي عنه : هو التغير الذي لا يُميز أهو من أصل الخلقة أم تغير الا بمزيد بيان؟ أو قل: هو التغير الذي قد يُتصور فيه الكذب و ادعاء أنه من اصل الخلقة؟
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

هل يقال : التغير المنهي عنه : هو التغير الذي لا يُميز أهو من أصل الخلقة أم تغير الا بمزيد بيان؟ أو قل: هو التغير الذي قد يُتصور فيه الكذب و ادعاء أنه من اصل الخلقة؟
أظن أنه ثمة رتب للتدليس في الأفعال التجميلية:
أولها: التجميل بقصد التدليس على الخاطب، ومثله الزوج قبل الدخول، وهو إخفاء مقصود للعيب: إما للقبول بعقد الزواج أو لإمضائه وعدم فسخه، وإما للزيادة في الصداق. وهذا لا يكون إلا بنية. والتعليل بهذا يخرج المتزوجات المدخول بهن من حكم التحريم، لعلم الزوج بخلقة المرأة الحقيقية، كما يخرج العزباء المخطوبة إذا تجملت بين أهلها ومحارمها وجاراتها..، وحتى أمام خاطبها إذا كان على علم بالعيب وحقيقة الخلقة.
ثانيها: التدليس على الخاطب المحتُمَل. وهذه الرتبة أوسع مما قبلها، لأن الحكم فيها يتعلق بكل امرأة هي في مظنة أن تُخطب لا المخطوبة فقط. وعليه تحرم الأفعال التجميلة المذكورة على كل من كانت في مظنة الخطبة كالشابة العزباء، ويستوي في التحريم أن تتجمل للرجال المحتملين مباشرة أو بواسطة التجمل أمام عموم النساء لأن الخطبة في كثير من الأحيان تبدأ عن طريق أرحام الرجل يدلونه على فلانة وعلانة.
ثالثها: التدليس على الناس عموما سواء أكانوا خطابا أم خطابا محتملين أم لاهذا ولا ذاك. وهذه أوسع الرتب وبناء عليها لا تخرج المتزوجات من حكم التحريم.
وما أميل إليه هو الرتبة الوسطى، وأظنه هو المقصود في أقوال من علل تحريم النمص والوصل من الفقهاء بالتدليس، لأنهم بنوا على هذه العلة جواز تزين المرأة لزوجها بعلمه وإذنه.
ومع ملاحظة هذا فأود أن أؤكد أنه ليس شرطا أن نعلل الأفعال التجميلية التي ورد تحريمها بعلة واحدة تطرد في جميعها، كما أنه ليس شرطا أن نقتصر عند تعليل الفعل الواحد على علة واحدة فقط.
فمثلا نمص شعر الوجه غير الحاجب فيه تدليس لذلك رأيت تحريمه على من كانت في مظنة الزواج دون غيرها. أما نمص الحاجب نفسه ففيه كلفة كبيرة (ألم وضرورة تعهد ومتابعة حثيثة) وضرر محتمل، وليس بالضرورة أن يكون فيه تدليس لأن من ترقق حاجبها حتى يكون خطا لا يخفى على أحد أنه مصنوع لا حقيقي، كما أن فيه تشبها بالفاجرات، ولذا رأيت عدم جوازه.
وعليه فعند النظر في فعل تجميلي ما ينبغي أن نأخذ بالاعتبار كافة العلل التي قد يحرم من أجلها: التدليس، الضرر، الكلفة، التشبه، والعلل التي قد يباح من أجلها: الحرج، المداواة (دفع أذى، أو تحسين أداء العضو)، التزين الخالي من علل التحريم التي ذكرنا.
والله أعلم
 

أسامة أمير الحمصي

:: مطـًـلع ::
إنضم
20 مارس 2010
المشاركات
103
التخصص
هندسة
المدينة
حمص
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

افعال المخيلة محرمة حتى ولو لم ينوي المخيلة


الافعال التي فيها شهرة (لبس ملابس الشهرة مثلاً) محرمة حتى ولو لم ينوي ذلك


افعال التشبه بغير المسلمين محرمة حتى ولو لم ينوي التشبه


افعال التشبه بالنساء محرمة حتى ولو لم ينوي التشبه


الافعال التي تؤدي الى الفاحشة و تؤدي الى اثارة الشهوة المحرمة محرمة حتى ولو ولم ينوي ذلك


الأعمال المحرمة محرمة حتى ولو لم ينوي الوقوع في حرا


الاعمال الكفرية كفرية حتى ولو لم ينوي الوقوع في الكفر


وكذلك و افعال التدليس محرمة حتى ولو لم ينوي التدليس, فتخصيص لعن النامصة و المتنمصة و الواصلة و المستوصلة و المتفلجات لحسن بحالة كانت المرأة غير متزوجة و تنوي الزواج اجده مخاللفاً لطريقة الشرع في التحريم و الاباحة


أجد أن شرعنا عند تحريمه الوسائل لا ينظر الى النية, و ربط كل عمل محرم بالنية أجده من الارجاء نوعا ما!


فسيأتي من يقول: الافعال التي هي اسباب للمخيلة حلال ان لم ينوي المخيلة, و لباس الشهرة حلال ان لم ينوي الشهرة, و التشبه بالرجال و التشبه بالنساء و التشبه بالكفار حلال ان لم ينوي ذلك و النظر الى المرأة الاجنبية و مصافحتها حلال ان لم يرافق ذلك شهوة و هكذا.....


ثم ما الفرق بين التدليس على عامة الناس و بين التدليس على شخص مُعين؟ أليس التدليس تدليساً و حراماً دائماً؟ علماً ان المتزوجة اليوم قد تكون أرملة غداً... و المتزوجة قد تكون من النوعية التي لا تمنع يد لامس, او من النوعية التي تتزوج اليوم و عينها على رجل اخر تود ان تطلق لتلحق بها, أفسنفصل في حالات المتزوجات و نشترط أن لا يُطلقن و انهم ان تطلقن فلا يتزوجن حتى يزلن اثر النمص و ما شابه؟!


** هنا اتكلم فقط عن هذه العلة, و هي علة التدليس و ضابطها, فأنت تضبطها كما افهم بـ "التدليس من قبل غير المتزوجات" فتخرج الرجال و المتزوجات من تحريم التدليس


و بصراحة عندما اقول: : التغير المنهي عنه : هو التغير الذي لا يُميز أهو من أصل الخلقة أم تغير الا بمزيد بيان؟ فاني ابحث عن ربط بين "المغيرات لخلق الله" و بين "التدليس" فان صح هذا التعريف فان عمليات تكبير الصدر و تغير لون العين و ما شابه كلها محرمة لانها تغير لخلق الله لا يتميز الا بمزيد بيان, بخلاف صبغ الشعر او فتحة الاذن و قص الاظافر و ما شابه,


و هنا لا يفوتني أن اسأل عن تحريم الصبغ بالسواد و ربطه بالتدليس على المرتبة الثانية, فكيف سنرط بين الامرين؟ أليس تحريم الصبغ بالسواد دليلاً على ان المراد المرتبة الثالثة؟


واما ضبط باقي العلل اشق ولعلك تأتي على ذلك لاحقاً دكتورنا الفاضل, فما هو الضرر المُحرم, و ما هو التشبه المحرم و ما هي الكلفة المحرمة... لعل ذلك في موضوع اخر او بعد الانتهاء من فهم التدليس تماماً

 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

شكرا أخي أسامة وبارك الله فيك
لا بد من التفريق بين ما حُرِّم تحريم الذريعة وما حرم تحريم الحيلة، فالأول يحرم على العموم ولا ينظر فيه إلى النية، وأما الآخر فيتوقف فيه التحريم على القصد.
مثلا: لو وضعت العطر بقصد أن يجد الناس ريحها فحرام، أما بقصد زوجها أو محارمها فمباح أو مستحب. وكذا الرجل إن وضع الطيب ليستميل قلوب النساء فحرام وإلا فمندوب. مثال آخر: لو جر إزاره بقصد الخيلاء فحرام عند الجمهور، وإلا فقد يكره أو يباح (ففي الحديث: أنت لست ممن يفعله خيلاء).
الأصل فيما ورد تحريمه بالنص أن لا يُنظر فيه إلى النية؛ ولكن قد يُخرجُ عن هذا الأصل من باب التأويل.
وتعليل النَّمص وغيره بالتدليس في بعض الصور هو تأويل؛ لأن مقتضاه تعليل النص بعلة تعود عليه بالتخصيص، وهذا المسلك جائز من حيث المبدأ ولكنه يتوقف على الموازنة بين الظاهر والعلة المدعاة، ومع هذا فققد يضطر الفقهاء إلى تأويلات من هذا القبيل بجامع التوفيق بين الأدلة، أو لأن درجة التحريم لا تناسب مفسدة الفعل المحرم. انظر تأويلاتهم مثلا لحديث "لعن الله من جلس وسط الحلقة"، وحديث "لا عدوى ولا طيرة"، وحديث: إن الميت يعذب ببكاء أهله، وغير ذلك.
وحديث ابن مسعود في تحريم النمص وأخواته أشكل ظاهره عند فقهاء المذاهب فأعملوا فيه آلات التأويل، وصرح بعضهم كالقرافي وابن الجوزي وأخيرا ابن عاشور، بأن الحديث مُشْكِل، وذلك لأنه يعلل فعل التحريم بكونه تغييرا، مع وجود شواهد أخرى كثيرة على جواز التغيير عموما والتغيير للتجميل خصوصا، كصبغ الشعر والأيدي وحلق العانة وثقب الأذن. هذا من جهة، ومن جهة أخرى: هو يعارض أصل التزين كله لأن أفعال التزين كلها كالتكحل والتعطر واتخاذ أنف من ذهب ونحو ذلك من أفعال الزينة الكثيرة فيها تغيير ظاهري للخلقة والصورة المعينة التي أوجد الله بشرا ما عليها، بقصد التحسين.
والشريع كل لا يتناقض. وإذا تعارض ظاهريا جزئيٌ مع كلي وجب التوفيق بينهما، وذلك بتأويل الجزئي؛ لأنه ظني، ليندرج بدوره تحت كلي آخر، فكان أن أُوِّل النمص والوصل...الخ بالتدليس والكلفة والأذى ونحو ذلك، وهو تخصيص واضح وخروج عن ظاهر العموم في النص، ولكن اقتضاه مبدأ المواءمة بين كليات الشريعة وجزئياتها. وكم للفقهاء من تصرفات تتساير مع هذا المبدأ. وربما ظن بعض الأغرار في الفقه أن الفقهاء إذ يؤوِّلون مثل هذه الأحاديث الجزئية إنما يقصدون التهرب من الأحكام الشرعية أو التحايل عليها مسايرة للواقع، وذلك لأن هؤلاء الأغرار ـ وما أكثرهم ـ يلتفتون فقط إلى الدليل الجزئي في المسئلة محل البحث ويهملون النظر إلى الكلي المستقرأ من جزئيات كثيرة، مع أن الجزئي في أحسن حالاته قد يكون حديث آحاد تصرف الرواة بألفاظه ورووه بالمعنى (وما أكثر الرواية بالمعنى في الحديث) مقطوعا عن سبب وروده وقرائنه التي تلقي ضوءا لا غنى عنه في الكشف عن علته ووجهته.
وكل ما قاله الفقهاء معاصرين وقدماء في ضبط "التغيير المحرم" هو تأويل للآية والحديث دعا إليه التوفيق بين الأدلة المتعارضة. أما مقتضي الجري مع ظاهر الآية والحديث فلا يقود إلا إلى مذهب الإمام الطبري، وتبعه الألباني، في تحريم كل تغيير لا بقصد المداواة حتى لونبتت للمرأة لحية فليس لها أن تزيلها. أما جماهير الفقهاء الذين حاولوا ضبط التغيير بكونه دائما أو غير دائم، أو كونه على معهود الخلقة أو غير معهودها وغير ذلك، فهذا كله تخصيص لعموم الآية والحديث.
وما حاولناه في أصل الموضوع هو إبطال أدلة التغيير من أصلها لا محاولة تأويلها بما يخصصها بنوع خاص من التغيير الحسي دون غيره، أما الآية فبحملها على قول جمهور المفسرين من أن المقصود بالتغيير هو الدين وأن التغيير الحسي كله غير مقصود منها، وأما الحديث فعلى أن التعليل بالتغيير فيه موقوف على ابن مسعود رضي الله عنه، وقد استمده من ظاهر الآية التي خالفه في تفسيرها جماعة من المفسرين كابن عباس ومجاهد وغيرهم. وإذ أخرجنا علة التغيير من المسألة وجب أن ننظر في علل أخرى للتحريم تنسجم مع المقاصد الشرعية العامة فكان ما كان من ربط التغيير بالتكلف والتدليس والضرر والتشبه والغرض غير المشروع، والله أعلم.
وعليه فبحثكم عن رابط بين "المغيرات لخلق الله" و"التدليس" قد لا يتم إلا بتكلف.
بالمناسبة لا يظهر لي وجه في التفريق بين النساء والرجال في علة التدليس، وقولكم بأن الصبغ يتميز فهذا غير صحيح بإطلاقه فمن صبغ الشعر ما يتميز ومنه ما لا يتميز حتى مع تجنب الصبغ بالأسود، وهذا معروف.

 

أسامة أمير الحمصي

:: مطـًـلع ::
إنضم
20 مارس 2010
المشاركات
103
التخصص
هندسة
المدينة
حمص
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

وفيك بارك دكتورنا الكريم, ولم أزل اناقش لا لشيء الا لاستخراج الفوائد منكم و التعلم منكم,,,فبارك الله في علمك و حلمك


ما حرم تحريم الحيلة واضح لا اشكال في كون الاصل فيه الاباحة, الا أن حمل النص عليه لابد له من شروط, فهلا أفدتمونا بشروط حمل التحريم على الحيلة بدلاً من الذريعة؟


ثم هل تتفق معي أنه اذ حرمت المخيلة فتحرم مظاهرها, كما انه اذا حرم التشبيه فيحرم مظاهرها و اذا حرم الشهرة فيحرم مظاهرها و اذا حرم التدليس فيحرم مظاهرها و اذا حرم الاسراف فيحرم مظاهرها ...الخ


و الامثلة التي ضربتها لا تتعلق بشكل اساسي بمسألة حمل التحريم على النية, سوى حديث لعن الله من جلس وسط الحلقة و هو ضعيف, و لو صح فيُحمل على ان هذا الفعل مظهر من مظاهر امر محرم ولا ننظر فيه الى النية لان الحديث في روايته انكر الصحابي على التابعي دون أن يستفصل عن نيته

اما تعليقك المختصر على الخيلاء فقد ذهب الامام احمد و الامام ابو حنيفة الى التحريم و كلاهما صرح بذلك خلافاً لما نراه الان في كتب المتأخرين من كلا المذهبين, و كلاهما ذهب الى ان التحريم كان لأجل كون الفعل من مظاهر الخيلاء ولو بدون نية, و لقد انكر النبي صلى الله عليه وسلم على عدد من الصحابة و انكر الصحابة على عدد من التابعين دون الاستفسار عن النية,,,, و الظاهر انه ابيح للحاجة لان الحاجة تدل على زوال علة التحريم, بخلاف من تزين بالاسبال غير مستحضر النية فانه وقع في التحريم ولو بدون نية بدليل حديث فانه من المخيلة
و حمل فالتحريم لكونه من مظاهر المخيلة في ذاك الوقت يتفق مع جميع النصوص و اما الان فليس الاسبال من مظاهر المخيلة (اللهم الا في الثوب) , و كل ما كان من مظاهر المخيلة فيحرم حتى ولو بدون نية,,, و احاديث المخيلة تزيد عن عشرين حديثاً لا شيء منه تقريباً يمكن حمله على النية, فكم من صحابي انكر على تابعي و انكر النبي عليه السلام على عدة صحابة دون استفصال عن النية,,, و لذا نجد ان ابا حنيفة انما اباح الاسبال لكونه لم يعد في زمانه من مظاهر المخيلة, و اما الامام احمد فالمنصوص عنه التحريم عدا للحاجة,فيكفي ان امام اهل الحديث و امام اهل الرأي اتفقا على التحريم!
أما الغاء العلة المنصوص عليها لا لشيء الا لكونه اشكل على الكثير فتصرف لا يقبله عقلي القاصر, و لذا مازلت أتفكر و أتأملت في الاحتمالات التي قد نفسر بها تغير خلق الله, و خطر ببالي احتمالات غريبة مثل:تغير لا يتم توريثه للأولاد و يظن الناظر الغير عالم به انه من تغير يتعلم بالجينات فيورث مثل (تغير لون العين و ازالة التجاعيد و كثافة الشعر و رقم الحاجب) أو كل تغير يؤثر على الجينات و بدون معرفته يظن أنه لا يؤثر ,
الى ان وصلت الى: كل تغير لا يمكن تميزه أهو من أصل الخلقة أم تغير,
فهل يرد على هذا التفسير الأخير شيء؟
وقولكم:
" بأن الصبغ يتميز فهذا غير صحيح بإطلاقه فمن صبغ الشعر ما يتميز ومنه ما لا يتميز حتى مع تجنب الصبغ بالأسود، وهذا معروف."

لا يرد ان قلنا أن الأسود مُحرم لانه لا يتميز, ثم قسنا عليه كل صبغ لا يتميز,,,
علماً ان أغلب من يصبغ في نظري القاصر يمكن أن نميز أنه صبغ لاختلاف الصبغ عن اللون الاصلي للشعر بخلاف السود فتميزه عسيرٌ جداً,
و لم افهم اجابتكم على استشكالي الصبغ الاسود على ما ذهبتم اليه؟ علماً ان النهي ورد في حق رجل مُسن جداً, أليس النهي عن السواد دليلاً على أن المراد المرتبة الثالثة من التدليس؟و هو ما اطلقتم عليه التدليس على الناس عموما والذي أرى تفسيره بكل تغير لا يتميز الا بمزيد بيان؟



اخيراً على المذهب الذي اخرتموه (ربط الامر بالنية) فقد توقفتم عن حكم عام في جميع المسائل المتعلقة بالتجميل تقريباً, او بالاحرى جزمتم باباحة جميع العمليات التجميل عدا ما كان منها لغير المتزوجات! و ارى أن حاجة غير المتزوجات للتجميل أكبر من حاجة المتزوجات! فالمتزوجات الحمد لله الله ستر عليهن و تزوجوا و نفدوا!(عقبالنا يا رب :) ) اما غير المتزوجات فلح تطلع روحهم حتى يتزوجوا خاصة مع كثرة النساء و منع التعداد! فهن اولى بالتجمل و التزين ما لم تكن تلك الزينة ظاهرة امام الاجانب, فأجد التحريم لغير المتزوجات و الاباحة للمتزوجات مخالفاً للاولى,, ثم هل تمنع غير المتزوجة من التزين بوصل الشعر او النمص او او ان كانت ستخبر الخطاب بأنها تفعل ذلك؟!
 
إنضم
22 يونيو 2008
المشاركات
1,566
التخصص
الحديث وعلومه
المدينة
أبوظبي
المذهب الفقهي
الحنبلي ابتداءا
رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

النصوص الواردة في تغيير خلق الله:
قال تعالى: إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثًا وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَانًا مَّرِيدًا (117) لَّعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا (118) وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا (119) النساء.
وقوله تعالى: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (30) الروم
ومن الأحاديث:
حديث ابن مسعود في الصحيحين (خ5595، م2125) وهو قوله: "لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله" ثم رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ،،،

هل وقف أحد على غير هذا ؟؟
 
أعلى