العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

حوار الشهر: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
ملاحظة : هذا الموضوع قيد البحث والنقاش، وستنشر خلاصته ونتائجه بعد الانتهاء. (الفريق العلمي)


تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة



د. أيمن صالح



21-3-2011م


ملاحظة هامة: هذا بحث سريع بقصد المذاكرة والتباحث مع أهل العلم وطلابه، وليس هو فتوى أو قولا محققا.


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله ومن والاه، وبعد:
فالسائد بين الفقهاء المعاصرين هو تحريم ما لم تدع إليه الحاجة من "جراحة التجميل". وذلك بناء على أن جراحة التجميل من "تغيير خلق الله" وهو لا يجوز إلا استثناء لعلاج أو لإزالة عيب يتسبب في ضرر مادي أو معنوي جسيم.
وضابط التغيير المحرم الذي يُستنبط من مجموع النصوص الواردة في هذا الشأن هو، كما قاله د. صالح الفوزان: "إحداث تغيير دائم في خِلْقةٍ معهودة"
ثم قال موضِّحا:
((وفيما يلي بيان أبرز قيود هذا الضابط :
"تغيير": هذا التغيير إما أن يكون بإضافة كالحقن التجميلي والترقيع ونحوهما، وإما أن يكون بإزالة بعض أنسجة الجسم كشفط الدهون، وإما أن يكون بتعديل مظهر بعض الأعضاء بتكبيرها أو تصغيرها أو شدّها.
"دائم": المراد أن أثره يمكث مدّة طويلةً كالأشهر أوالسنوات، ولا يلزم أن يدوم مدى الحياة، وهذا قيد يخرج التغيير المؤقَّت الذي لا يدوم أثره أكثر من عدّة أيام.
"خِلْقةٍ معهودةٍ": أي الخِلْقة المعتادة التي جرت السنة الكونية بمثلها، فالمعتاد مثلاً في كبار السن وجود التجاعيد في وجوههم، أما الصغار فإن وجودها بشكل مشوَّه يُعد خِلْقةً غير معتادة ولا معهودة، وتقييد التغيير بحدوثه في الخلقة (العضو) يعني أن التغيير يظهر على العضو، وليس بإضافة شيء خارجي إليه.
وهذا القيد (خِلْقة معهودة) يتناول التغيير لعدّة دوافع :
1ـ تغيير الخلقة المعهودة لطلب زيادة الحسن كالوشم والنمص والتفليج وما يُلحق بها من الجراحات التجميلية التي تُجرى لخِلقة معتادة في عرف أوساط الناس. وهذا أشهر دوافع التغيير المحرم للخِلْقة كما سيتبين في الأبواب القادمة.
2ـ تغييرها للتعذيب كفقء الأعين وقطع الآذان ونحو ذلك.
3ـ تغييرها للتنكّر والفرار من الجهات الأمنية.
ويخرج بهذا القيد تغيير الخِلْقة غير المعهودة كما في علاج الأمراض والإصابات والتشوّهات والعيوب الخَلْقية أو الطارئة التي ينشأ عنها ضرر حسي أو نفسي، كما أنه لا يتناول التغيير المأذون فيه شرعاً كالختان وإقامة العقوبات الشرعية)) انتهى من هنا.
ومن الشرح يظهر لنا أن الفوزان لا يقصد بالتغيير الدائمِ المؤبَّدَ، وكذا لا يُدْرِجُ فيه ما ورد النص بالإذن به كالحدود والوسم ونحوها؛ لذلك يمكننا تعديل الضابط ليكون أكثر دقة وإفصاحا عن مراده بالقول ضابط التغيير المحرم على رأي الفوزان هو:
"إحداث تغيير طويل البقاء نسبيا على خلقة معهودة لزيادة الحسن أو لغرض غير مشروع"
فهل يستقيم هذا الضابط على السَّبْر؟
يَرِدُ على هذا الضابط اعترضان أساسان:
أحدهما : على قيد "طول البقاء"، فقد رأى الشيخ تحريم ما يدوم أشهر وسنوات دون ما يبقى أياما. وهذا غريب؛ إذِ النمص الذي ورد النص بحرمته لا يدوم أشهر. والحناء وصبغ الشعر الذي ورد النص بجوازه قد يدوم أشهر. ووصل الشعر، وهو محرم بالنص، قد يدوم أشهر كثيرة. وبناء على هذا المعيار قد يباح نفخ الشفاه المؤقَّت، ويحرم تركيب الأسنان وتقويمها بقصد التجميل لأنه يدوم طويلا.
والثاني : على قيد "الخلقة غير المعهودة"، فبناء عليه أجاز الشيخ إزالة العيوب والتشوهات الخلقية أو الطارئة بسبب المرض والحرق ونحوه. وهذا يصتدم مباشرة مع تحريم وصل الشعر، إذ الوارد أنه في امرأة عروس مرضت فتمعط شعرها، وهو يدل على عدم الإذن حتى في حالة العيب طارئ. وبناء عليه لم ير الشيخ جواز تغيير العيوب التي تنشأ عن كبر السن وعن الولادات المتكررة لأنها معتادة.
وإذا كان هذا الضابط كذلك فهل هناك ضوابط أخرى مقترحة أو يمكن اقتراحها؟
هناك ضابط يمكن استنباطه من اجتهادات الطبري في هذه المسألة وهو:
"الأصل أن كل تغيير للخلقة لغرض التجميل محرم إلا ما ورد الشرع باستثنائه".
وبناء عليه يحرم على المرأة عند الطبري: "تغيير شي مِنْ خَلْقِهَا الَّذِي خَلَقَهَا اللَّهُ عَلَيْهِ بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ، الْتِمَاسَ الْحُسْنِ لِزَوْجٍ أَوْ غَيْرِهِ، سَوَاءً فَلَجَتْ أَسْنَانَهَا أَوْ وَشَرَتْهَا، أَوْ كَانَ لَهَا سِنٌّ زَائِدَةٌ فَأَزَالَتْهَا أَوْ أَسْنَانٌ طِوَالٌ فَقَطَعَتْ أَطْرَافَهَا. وَكَذَا لَا يَجُوزُ لَهَا حَلْقُ لِحْيَةٍ أَوْ شَارِبٍ أَوْ عَنْفَقَةٍ إِنْ نَبَتَتْ لَهَا، لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ تَغْيِيرُ خَلْقِ اللَّهِ. قَالَ عِيَاضٌ: وَيَأْتِي عَلَى مَا ذَكَرَهُ أَنَّ مَنْ خُلِقَ بِأُصْبُعٍ زَائِدَةٍ أَوْ عُضْوٍ زَائِدٍ لَا يَجُوزُ لَهُ قَطْعُهُ وَلَا نَزْعُهُ، لِأَنَّهُ مِنْ تَغْيِيرِ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى، إِلَّا أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الزَّوَائِدُ تُؤْلِمُهُ فَلَا بَأْسَ بِنَزْعِهَا عند أبي جعفر وغيره" أهـ من القرطبي
وأما على رأي الفقهاء الذين استثنوا نمص اللحية والشارب ونحو ذلك من التحريم، فيصلح لهم الضابط الآتي:
"الأصل أن كل تغيير للخلقة لغرض التجميل محرم إلا ما لم يكن معهودا"
وهذا نوع استثناء من عموم الأحاديث الناهية عن النمص والوشر والفلج والوصل والوشم، ولا دليل عليه إلا بالقول: إن ما أبيح هنا هو من قبيل النادر الشاذ الذي لا يستبعد استثناؤه من عموم الأدلة الناهية بضربٍ من الاستحسان كالحاجة والحرج وربما بما دون ذلك.
ولكن يرد على هذا الاستثناء حديث تحريم الوصل، فقد كان في وضع نادر طارئ غير معهود (عروس صغيرة السن تمعط شعرها نتيجة المرض)، ومع هذا فلم يأذن به النبي صلى الله عليه وسلم. واستثناء صورة سبب الورود من العموم لا يجوز لأنه يشملها قطعا كما هو مقرر في الأصول.

ومسألة التجميل لا شك مهمة جدا لعموم البلوى بها لا سيما في هذا الزمن، وفي الوقت نفسه هي مشكلة جدا، ولذلك كثرت أقوال الفقهاء فيها وخلافاتهم، وما من ضابط يذكر وعلة تورد إلا ويرد عليهما من المسائل والنصوص ما ينقضهما. قال القرطبي بعد أن أورد طرفا من أحاديث النمص والوشر والفلج والوشم:
"وَاخْتُلِفَ فِي الْمَعْنَى الَّذِي نُهِيَ لِأَجْلِهَا، فَقِيلَ: لِأَنَّهَا مِنْ بَابِ التَّدْلِيسِ. وَقِيلَ: مِنْ بَابِ تَغْيِيرِ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى، كَمَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَهُوَ أَصَحُّ، وَهُوَ يَتَضَمَّنُ الْمَعْنَى الْأَوَّلَ. ثُمَّ قِيلَ: هَذَا الْمَنْهِيُّ عَنْهُ إِنَّمَا هُوَ فِيمَا يَكُونُ بَاقِيًا، لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ تَغْيِيرِ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى، فَأَمَّا مالا يَكُونُ بَاقِيًا كَالْكُحْلِ وَالتَّزَيُّنِ بِهِ لِلنِّسَاءِ فَقَدْ أَجَازَ الْعُلَمَاءُ ذَلِكَ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ"

وما أراه هنا: هو أن تغيير خلق الله تعالى لا يحرم لمجرَّد أنه تغيير، وإنما يحرم منه:



  1. ما يترتب عليه اعتقادٌ شركي لقوله تعالى:( ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام) وهي البحيرة التي كانوا يقطعون أذنها ويحرمونها إذا جاءت بخمسة أبطن وكان الخامس ذكرا تقربا إلى أوثانهم،
  2. أو كان فيه ضرر لعموم الأدلة المحرمة للضرر،
  3. أو تشويه لنهيه، صلى الله عليه وسلم، عن المثلة،
  4. أو دخل في حدِّ الإسراف، لعموم الأدلة المحرمة للسرف،
  5. أو قصد به الوصول إلى غرض محرم، كتجمل المرأة لغير زوجها وذلك لأن الأعمال بالنيات والأمور بمقاصدها.
وما خلا هذه الأمور من تغيير لخلق الله تعالى في الجماد أو النبات أو الحيوان أو الإنسان يجري على أصل الإباحة.
وأما قوله تعالى: من قول الشيطان (ولآمرنهم فليغيرن خلق الله)، وهو أقوى الأدلة في تحريم تغيير الخلق عموما، فليس المقصود به ما قد يتبادر إلى الذهن من تغيير الخلق الظاهر بل ـ وكما هو رأي جمهور المفسرين ـ المقصود هو تغيير الفطرة الحنفيية التي خلق الله الناس عليها إلى الشرك والكفر وعبادة غير الله تعالى. ويكون معنى هذه الآية كمعنى قوله تعالى: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) وكما في حديث أَبَي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، وَيُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، كَمَا تُنْتَجُ البَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ، هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ» ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ}، رواه البخاري. وكما في حديث عياض بن حمار رضي الله عنه:"َإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ، وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ، وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ، وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَانًا، [وفي رواية عند النسائي وغيره وأمرتهم أن يغيرو خلقي] وَإِنَّ اللهَ نَظَرَ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ، فَمَقَتَهُمْ عَرَبَهُمْ وَعَجَمَهُمْ، إِلَّا بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ..." رواه مسلم.
وأما التعليل بتغيير الخِلْقة، كما في حديث علقمة عن ابن مسعود: «لَعَنَ اللَّهُ الوَاشِمَاتِ وَالمُوتَشِمَاتِ، وَالمُتَنَمِّصَاتِ وَالمُتَفَلِّجَاتِ، لِلْحُسْنِ المُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ» فَبَلَغَ ذَلِكَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي أَسَدٍ يُقَالُ لَهَا أُمُّ يَعْقُوبَ، فَجَاءَتْ فَقَالَتْ: إِنَّهُ بَلَغَنِي عَنْكَ أَنَّكَ لَعَنْتَ كَيْتَ وَكَيْتَ، فَقَالَ: وَمَا لِي أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَنْ هُوَ فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَقَالَتْ: لَقَدْ قَرَأْتُ مَا بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ، فَمَا وَجَدْتُ فِيهِ مَا تَقُولُ، قَالَ: لَئِنْ كُنْتِ قَرَأْتِيهِ لَقَدْ وَجَدْتِيهِ، أَمَا قَرَأْتِ: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} ؟ قَالَتْ: بَلَى، قَالَ: فَإِنَّهُ قَدْ نَهَى عَنْهُ، قَالَتْ: فَإِنِّي أَرَى أَهْلَكَ يَفْعَلُونَهُ، قَالَ: فَاذْهَبِي فَانْظُرِي، فَذَهَبَتْ فَنَظَرَتْ، فَلَمْ تَرَ مِنْ حَاجَتِهَا شَيْئًا، فَقَالَ: لَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ مَا جَامَعْتُهَا. متفق عليه، فهو مشكِلٌ حقَّا، والذي يظهر لي أنه من تعليل ابن مسعود رضي الله عنه، اجتهاداً منه؛ لأنه ليس في رواية الحديث ما يدل صراحة على رفع جميع ألفاظ الحديث إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، بل المتيقن رفعه هو اللعن فحسب. ويؤيد ذلك أن الثابت عن النبي، صلى الله عليه وسلم، عن غير صحابي هو اللعن أو النهي مجردا دون التعليل بالتغيير أو غيره، بل حتى في بعض روايات الحديث التي صرح فيها ابن مسعود برفع الحديث إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، لم يذكر فيها التعليل بالتغيير، كما في رواية أحمد بسند حسنه ابن حجر وقال الأرناؤوط: إسناده قوي، عن مسروق: أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ، فَقَالَتْ: أُنْبِئْتُ أَنَّكَ تَنْهَى عَنِ الْوَاصِلَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَتْ: أَشَيْءٌ تَجِدُهُ فِي كِتَابِ اللهِ، أَمْ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: أَجِدُهُ فِي كِتَابِ اللهِ، وَعَنْ رَسُولِ اللهِ، فَقَالَتْ: وَاللهِ لَقَدْ تَصَفَّحْتُ مَا بَيْنَ دَفَّتَيِ الْمُصْحَفِ، فَمَا وَجَدْتُ فِيهِ الَّذِي تَقُولُ قَالَ: فَهَلْ وَجَدْتِ فِيهِ: {مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} ، قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " نَهَى عَنْ النَّامِصَةِ وَالْوَاشِرَةِ وَالْوَاصِلَةِ وَالْوَاشِمَةِ إِلَّا مِنْ دَاءٍ "، قَالَتِ الْمَرْأَةُ: فَلَعَلَّهُ فِي بَعْضِ نِسَائِكَ؟ قَالَ لَهَا: ادْخُلِي، فَدَخَلَتْ ثُمَّ خَرَجَتْ، فَقَالَتْ: مَا رَأَيْتُ بَأْسًا، قَالَ: مَا حَفِظْتُ إِذًا وَصِيَّةَ الْعَبْدِ الصَّالِحِ: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ}. ومن فوائد هذه الرواية أنها وردت بلفظ النهي وهو أخف من اللعن الوارد في رواية علقمة، كما أنه لا يشتمل على ذكر علة تغيير خلق الله تعالى كما في رواية علقمة، ثم فيه التصريح بالجزء المرفوع من الرواية الأخرى وهو لا يشتمل على ذكر التغيير.

فإن قيل: إذا أبطلتَ علة "تغيير الخلق" في النهي عن النمص والوشر والوصل والوشم، فما هي علة التحريم إذن؟
فالجواب قال الشيخ الطاهر بن عاشور رحمه الله تعالى في تفسيره بعد أن ذكر شيئا من أصناف التغيير المحرم: "وَلَيْسَ مِنْ تَغْيِيرِ خَلْقِ اللَّهِ التَّصَرُّفُ فِي الْمَخْلُوقَاتِ بِمَا أَذِنَ اللَّهُ فِيهِ وَلَا مَا يَدْخُلُ فِي مَعْنَى الْحُسْنِ فَإِنَّ الْخِتَانَ مِنْ تَغْيِيرِ خَلْقِ اللَّهِ وَلَكِنَّهُ لِفَوَائِدَ صِحِّيَّةٍ، وَكَذَلِكَ حَلْقُ الشَّعْرِ لِفَائِدَةِ، دَفْعِ بَعْضِ الْأَضْرَارِ، وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ لِفَائِدَةِ تَيْسِيرِ الْعَمَلِ بِالْأَيْدِي، وَكَذَلِكَ ثَقْبُ الْآذَانِ لِلنِّسَاءِ لِوَضْعِ الْأَقْرَاطِ وَالتَّزَيُّنِ، وَأَمَّا مَا وَرَدَ فِي السُّنَّةِ مِنْ لَعْنِ الْوَاصِلَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ فَمِمَّا أَشْكَلَ تَأْوِيلُهُ. وَأَحْسَبُ تَأْوِيلَهُ أَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ النَّهْيُ عَنْ سِمَاتٍ كَانَتْ تُعَدُّ مِنْ سِمَاتِ الْعَوَاهِرِ فِي ذَلِكَ الْعَهْدِ، أَوْ مِنْ سِمَاتِ الْمُشْرِكَاتِ، وَإِلَّا فَلَوْ فَرَضْنَا هَذِهِ مَنْهِيًّا عَنْهَا لَمَا بَلَغَ النَّهْيُ إِلَى حَدِّ لَعْنِ فَاعِلَاتِ ذَلِكَ. وَمِلَاكُ الْأَمْرِ أَنَّ تَغْيِيرَخَلْقِ اللَّهِ إنّما يكون إِنَّمَا إِذَا كَانَ فِيهِ حَظٌّ مِنْ طَاعَةِ الشَّيْطَانِ، بِأَنْ يُجْعَلَ عَلَامَةً لِنِحْلَةٍ شَيْطَانِيَّةٍ، كَمَا هُوَ سِيَاقُ الْآيَةِ وَاتِّصَالُ الْحَدِيثِ بِهَا. وَقَدْ أَوْضَحْنَا ذَلِكَ فِي كِتَابِي الْمُسَمَّى: النَّظَرُ الْفَسِيحُ عَلَى مُشْكِلِ الْجَامِعِ الصَّحِيحِ" .
والأصح من هذا في نظري أنه ليس شرطا أن تنتظم الأفعالَ الأربعة جميعَها علِّةٌ واحدة، فنقول: النمص والوصل حُرِّم للتدليس على الناظرين، ومنهم الخُطَّاب والخاطِبات، وعليه فيحرم ذلك على غير ذات الزوج إلا أن تكون من القواعد، ويحل للمتزوجة بإذن زوجها كما هو رأي بعض الفقهاء. وأما التفليج والوشر فيحتمل التدليس كما قال النووي (لأن الفلج من سمات صغار السن)، ويحتمل الضرر لأن نحت السن يأكل طبقته التاجية فيجعله عرضة للتسوس والخراب السريع، وأما الوشم فلارتباطه بعادات شركية، أو لأضراره الكثيرة لا سيما في العصور القديمة (انظر هنا).
فإذا تقرر ما سبق فإن ما أراه ضابطا موجزا للتغيير المحرم هو:
"كل تغيير كان فيه شرك أو ضرر أو تشويهٌ أو تدليس أو إسراف أو قصدٌ محرم"
وفي ضوء هذا الضابط، يحرم على غير المزوجة أن تفعل فعلا تجميليا تدليسيا، بأن تخفي عيبا يظهر لزوجها المحتمل فيما بعد، ويدخل في هذا النمص والوصل ونحوه مما لا يتميز لدى الناظر كونه طبيعيا أو اصطناعيا، وكذا يحرم الصبغ بالسواد لنفس العلة، وكذا عدسات العيون الملونة التي يظنها الرائي طبيعية، ويجوز التجمل بما يظهر للناظر كونه إضافة غير أصلية كأحمر الشفاه والاكتحال ونحو ذلك.
وفي ضوء هذا الضابط تجوز الهندسة الوراثية (تغيير للخلق على المستوى الجيني) للنبات والحيوان والإنسان بشرط تيقن عدم وجود ضرر منها كما ذهب إليه المجمع الفقهي
وفي ضوء ذلك لا يحرم على العزباء والمتزوجة كليهما إصلاح عيب بالجراحة التجميلية إصلاحا دائما (كإزالة شامة أو بقعة داكنة في وجهها أو جسدها، أو عمل تقويم لأسنانها)، لأن الإزالة الدائمة لا تتضمن تدليسا وتغريرا.
وفي ضوء ذلك قد يفتى بإباحة عمليات التجميل التي تجريها المرأة لإزالة التجاعيد من الوجه الناتجة عن كبر السن إذا كان ذلك بإذن الزوج، قياسا على النمص والوصل بإذن الزوج كما قال به بعض الفقهاء.


أؤكد مرة أخرى أن هذا النظر السريع في المسألة إنما أردت به المذاكرة وليس هو من قبيل الفتوى بل بغرض التباحث مع أهل العلم
بانتظار تعليقاتكم
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

وفيك بارك دكتورنا الكريم, ولم أزل اناقش لا لشيء الا لاستخراج الفوائد منكم و التعلم منكم,,,فبارك الله في علمك و حلمك

جزاكم الله خيرا. إنما أنا هنا مناقش ومذاكر فحسب وأستفيد من من مشاركاتكم كما تستفيدون من مشاركاتي.


ما حرم تحريم الحيلة واضح لا اشكال في كون الاصل فيه الاباحة, الا أن حمل النص عليه لابد له من شروط, فهلا أفدتمونا بشروط حمل التحريم على الحيلة بدلاً من الذريعة؟

قصدتُّ بتحريم الحيلة الالتفات إلى تحكيم القصد عند التحريم. وليست ثمة شروط عامة في الموضوع وإنما ينظر إلى كل واقعة بحسبها، وهنا قمنا بتعليل التحريم بالتدليس، والتدليس نوع من التحيُّل فكان مناسبا أن يتوقف على القصد.
على أني أؤكد أن التعليل هنا تأويل عاد على عموم النص بالتخصيص، وقد دفع إليه ابتغاء التوفيق بين الأدلة المتعارضة في المسألة كلياتها وجزئياتها مع المحافظة على المنطق التشريعي الذي لا يفرق بين المتماثات ولا يجمع بين المختلفات.

ثم هل تتفق معي أنه اذ حرمت المخيلة فتحرم مظاهرها, كما انه اذا حرم التشبيه فيحرم مظاهرها و اذا حرم الشهرة فيحرم مظاهرها و اذا حرم التدليس فيحرم مظاهرها و اذا حرم الاسراف فيحرم مظاهرها ...الخ

أتفق معك في هذا في الجملة، لكن الخلاف أحيانا قد يقع في التفصيل وتحقيق المناط، وأن هذا "المظهر" المراد تحريمه هل هو عين المحرم أم ذريعة إليه، وإذا كان ذريعة فهل تنطبق عليه شروط الذريعة من كثرة الإفضاء إلى المحرم وقوعا، وهذا كله مجال لاختلاف وجهات النظر.

و الامثلة التي ضربتها لا تتعلق بشكل اساسي بمسألة حمل التحريم على النية, سوى حديث لعن الله من جلس وسط الحلقة و هو ضعيف, و لو صح فيُحمل على ان هذا الفعل مظهر من مظاهر امر محرم ولا ننظر فيه الى النية لان الحديث في روايته انكر الصحابي على التابعي دون أن يستفصل عن نيته

أنا لم أضربها مثلا على التحريم بالنية، وإنما على منهج الفقهاء في تأويل الجزئي إذا تعارض مع الكلي، أو لم تتناسب درجة التحريم فيه مع المفسدة المترتبة على ظاهره. أما كون حديث لعن الله من جلس وسط الحلقة ضعيفا فهذا ليس باعتراض لأني ضربته مثلا على تصرفات الفقهاء في تأويله لا بحثا في المسألة نفسها ولا التفاتا إلى موضوع النية، وهؤلاء الفقهاء كانوا يعتقدون صحته ربما اعتمادا على من صححه أو حسنه من أهل العلم كالترمذي والنووي.

اما تعليقك المختصر على الخيلاء فقد ذهب الامام احمد و الامام ابو حنيفة الى التحريم و كلاهما صرح بذلك خلافاً لما نراه الان في كتب المتأخرين من كلا المذهبين, و كلاهما ذهب الى ان التحريم كان لأجل كون الفعل من مظاهر الخيلاء ولو بدون نية, و لقد انكر النبي صلى الله عليه وسلم على عدد من الصحابة و انكر الصحابة على عدد من التابعين دون الاستفسار عن النية,,,, و الظاهر انه ابيح للحاجة لان الحاجة تدل على زوال علة التحريم, بخلاف من تزين بالاسبال غير مستحضر النية فانه وقع في التحريم ولو بدون نية بدليل حديث فانه من المخيلة و حمل فالتحريم لكونه من مظاهر المخيلة في ذاك الوقت يتفق مع جميع النصوص و اما الان فليس الاسبال من مظاهر المخيلة (اللهم الا في الثوب) , و كل ما كان من مظاهر المخيلة فيحرم حتى ولو بدون نية,,, و احاديث المخيلة تزيد عن عشرين حديثاً لا شيء منه تقريباً يمكن حمله على النية, فكم من صحابي انكر على تابعي و انكر النبي عليه السلام على عدة صحابة دون استفصال عن النية,,, و لذا نجد ان ابا حنيفة انما اباح الاسبال لكونه لم يعد في زمانه من مظاهر المخيلة, و اما الامام احمد فالمنصوص عنه التحريم عدا للحاجة,فيكفي ان امام اهل الحديث و امام اهل الرأي اتفقا على التحريم!

هذا خارج عن الموضوع، وهو مناقشة في مثال لا في دليل والأمثلة لا تحتمل المشاحة، على أن ما تفضلت بترجيحه هو أحد قولين في المسألة وقول الآخرين من أهل العلم كالمالكية والشافعية معتبر لا من الخلاف الضعيف. وإذا لم يرق لك المثال فالتفت إلى مثال آخر وإلا فلا تنعطف على القاعدة بالإبطال لمجرد خلل تجده في المثال. لا سيما وقد ذكرت لك مثال تحريم التعطر بل التزين المباح كله يتوقف على النية التي قد تجعله حراما في أحوال ومباحا في أحوال ومندوبا أو واجبا في أحوال أخرى.

أما الغاء العلة المنصوص عليها لا لشيء الا لكونه اشكل على الكثير فتصرف لا يقبله عقلي القاصر

ما أعرضنا عن هذه العلة إلا بعد أن رجحنا أنها ليست علة منصوصة بل اجتهادية موقوفة على ابن مسعود رضي الله عنه، ولا دليل ظاهرا على رفعها للشارع.

و لذا مازلت أتفكر و أتأملت في الاحتمالات التي قد نفسر بها تغير خلق الله, و خطر ببالي احتمالات غريبة مثل:تغير لا يتم توريثه للأولاد و يظن الناظر الغير عالم به انه من تغير يتعلم بالجينات فيورث مثل (تغير لون العين و ازالة التجاعيد و كثافة الشعر و رقم الحاجب) أو كل تغير يؤثر على الجينات و بدون معرفته يظن أنه لا يؤثر , الى ان وصلت الى: كل تغير لا يمكن تميزه أهو من أصل الخلقة أم تغير, فهل يرد على هذا التفسير الأخير شيء؟

هذا محتمل ويدعمه تحريم الصبغ بالسواد عند من يراه كما تفضلتم، ولكن يشكل عليه أمور:
أحدها: ما المعنى في التفريق في التحريم بين ما يمكن تميزه وبين ما لا يمكن تميزه؟ فإذا قلت التدليس في أحدهما دون الآخر، رجعنا إلى قضية تفسير التدليس المحرم شرعا ومراتبه.
والثاني: أن ثمة أفعالا تغييرية يمكن تمييزها وهي محرمة شرعا كشق اللسان وأنف مايكل جاكسون، وقس على ذلك كل إحداث في الخلقة يمكن تمييزه.
والثالث: أن ثمة أفعالا تغييرية مباحة باتفاق وهي مما لا يتميز كصبغ الشعر باللون الأشقر والأحمر للأبيض والبيضاء. (في دول أوروبا مثلا). وكذا بعض المكياج المؤقت الذي يضارع الطبيعي، وتبييض الأسنان وما إلى ذلك.

اخيراً على المذهب الذي اخرتموه (ربط الامر بالنية) فقد توقفتم عن حكم عام في جميع المسائل المتعلقة بالتجميل تقريباً, او بالاحرى جزمتم باباحة جميع العمليات التجميل عدا ما كان منها لغير المتزوجات!

هذا ليس اختيارنا بل منها ما يحرم ومنها ما لا يحرم بالنظر لتوافر العلل المختلفة للتحريم. وعموما فإن أذى البدن بالجراحة ليس مسوغا للتجميل في رأيي سواء أكانت المرأة عزباء أو متزوجة إلا في حالات العيوب الظاهرة

و ارى أن حاجة غير المتزوجات للتجميل أكبر من حاجة المتزوجات! فالمتزوجات الحمد لله الله ستر عليهن و تزوجوا و نفدوا!(عقبالنا يا رب :) ) اما غير المتزوجات فلح تطلع روحهم حتى يتزوجوا خاصة مع كثرة النساء و منع التعداد! فهن اولى بالتجمل و التزين ما لم تكن تلك الزينة ظاهرة امام الاجانب, فأجد التحريم لغير المتزوجات و الاباحة للمتزوجات مخالفاً للاولى,, ثم هل تمنع غير المتزوجة من التزين بوصل الشعر او النمص او او ان كانت ستخبر الخطاب بأنها تفعل ذلك؟!

المتزوجة يندب لها التزين لزوجها، أما العزباء فلا يندب لها التزين للزوج المحتَمل لأنه أجنبي والفرق بين الأمرين ظاهر.
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

هل وقف أحد على غير هذا ؟؟

لا أحسب أن ثمة أدلة صريحة غير هذا، ولكن ثمة أدلة إشارية من قبيل: الذي صوركم فأحسن صوركم، والذي أحسن كل شيء خلقه، ولقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم. وفي الحديث : كل خلق الله حسن (قاله لمن استحى أن يرى الناس دقة ساقيه)
 
إنضم
22 يونيو 2008
المشاركات
1,566
التخصص
الحديث وعلومه
المدينة
أبوظبي
المذهب الفقهي
الحنبلي ابتداءا
رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

قال ابن الجوزي(زاد المسير 2/205): وفي المراد بتغيير خلق الله خمسة أقوال:
أحدها أنه تغيير دين الله رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس وبه قال الحسن في رواية وسعيد بن المسيب وابن جبير والنخعي والضحاك والسدي وابن زيد ومقاتل وقيل معنى تغيير الدين تحليل وتحريم الحلال.
والثاني أنه تغيير الخلق بالخصاء رواه عكرمة عن ابن عباس وهو مروي عن أنس بن مالك وعن مجاهد وقتادة وعكرمة كالقولين
والثالث أنه التغيير بالوشم وهو قول ابن مسعود والحسن في رواية
قال ابن عطية: وما جرى مجراه من التصنع للحسن
والرابع أنه تغيير أمر الله رواه أبو شيبة عن عطاء
والخامس أنه عبادة الشمس والقمر والحجارة وتحريم ما حرموا من الأنعام وإنما خلق ذلك للانتفاع به قاله الزجاج.
 

أسامة أمير الحمصي

:: مطـًـلع ::
إنضم
20 مارس 2010
المشاركات
103
التخصص
هندسة
المدينة
حمص
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

بالنسبة للتأويل, ففعلاً فاتني مقصودكم من تلك الامثلة, فمعذرة,,, و على كل حال فالتأويل و ان وجد في صنيع الفقهاء فهو خلاف الأصل و لن نلجأ اليه الا عند عدم التمكن من الجمع بين الأدلة,
بالنسبة لالغاء علة التغير, فلو رجعنا الى بداية الموضوع لوجدنا انه عندما اتجهتم الى الغاء هذه العلة المنصوص عليها فانما فعلنا ذلك لأنه لم نتمكن من ايجاد ضابط لها, فكان كل ضابط يرد عليه حكم مُعين, و عندئذ فمن المعقول و المقبول جداً أن نلغيها, واما ان وجدنا ضابطاً للمسألة فلا يُمكن أن نلغي الامر,
و اما ما تفضلتم به و أوردتموه على "التغير غير المميز على الخلقة المعهودة" بقولكم:
""""أحدها: ما المعنى في التفريق في التحريم بين ما يمكن تميزه وبين ما لا يمكن تميزه؟ فإذا قلت التدليس في أحدهما دون الآخر، رجعنا إلى قضية تفسير التدليس المحرم شرعا ومراتبه.
والثاني: أن ثمة أفعالا تغييرية يمكن تمييزها وهي محرمة شرعا كشق اللسان وأنف مايكل جاكسون، وقس على ذلك كل إحداث في الخلقة يمكن تمييزه.
والثالث: أن ثمة أفعالا تغييرية مباحة باتفاق وهي مما لا يتميز كصبغ الشعر باللون الأشقر والأحمر للأبيض والبيضاء. (في دول أوروبا مثلا). وكذا بعض المكياج المؤقت الذي يضارع الطبيعي، وتبييض الأسنان وما إلى ذلك.""""







بالنسبة للامر الاول: فعدم معرفتنا بالحكمة من التحريم ليس سبباً لترك الحكم, و اما عدم قدرتنا على ضبط الحكم فهذا ما قد يكون سبباً لترك الحكم و الغاءه او العمل به دون القياس,
واما حالتنا فهي: تحريم تغير خلق الله, و ضابط ذلك كل تغير لا يتميز أهو تغير أم من أصل الخلقة,,, فما دام الحكم منضبطاً فلا يُمكن ترك العلة المنصوص عليها لمجرد عدم معرفة المعنى, علماً انه قد نلتمس عدة معان للامر, فالحكم من تحريم تغير خلق الله على الضابط المذكور تختلف باختلاف نوع التغير, و اهمها ما يتعلق بالعقيدة (كل خلق الله حسن) و ما شابه من الاحاديث,,, ثم يليها التدليس في مثل: الصبغ بالسواد و ازالة التجاعيد, او الضرر في الوشم, او التزين لغير المحارم في النمص, او التشبه او لما فيه من اخفاء الامور الوراثية ...الخ.... و حتى لو لم نعرف حكمة سوى ان التغير في ذاته مذموم فهذا كافٍ

بالنسبة للمسألة الثانية: التغير الذي يمكن تميزه و هو محرم, فيقال فيه ان هذا المُغير لا يدخل في اللعن, و تغيره لا علاقة له بحديث المغيرات خلق الله و لعن الله النامص...ألخ بل التحريم من وجه اخر,,, فالأصل في التغير الغير مميز التحريم, و الاصل في التغير المميز الاباحة الا أن يأتي مانع اخر
بالنسبة للنقطة الثالثة: فدعوى الاتفاق على اباحة صبغ الشعر لا اقرها, وارى تحريم السواد على من كان شعره اسوداً, و تحريم الحمار على من شعره احمر و هكذا,,, و قد يقال الاسود يزيد في التحريم عن باقي الالوان فهو محرم دائماً لأمر لأنه لا يمكن تميزه أبداً, فحتى من كان شعره أشقر ان صبغ بالسواد فلن يتميز,,,
واما المكياج المُؤقت فقد يقال يمكن تميزه غالباً, و النادر لا حكم له,
و اما تبيض الاسنان فان صفرة الاسنان ليست هي الخلقة المعهودة, بل هي عيب طاريء ناتج عن تقصير في النظافة و ليس امراً طبيعياً فيجوز ازالته كأي عيب طاريء بسبب حادث سيارة او ما شابه



________ نرجع الى حمل التدليس على المرتبة الثانية فيرد عليه: تحريم وصل الشعر, فالتي تصل شعرها قد تُخبر الخطاب بانها واصلة, ولا يحرم في حقها ان تتزين أمام النساء, و لذا فلا يوجد سبب للعن الواصلة البتة, و كان يكفي النبي أن يقول: من وصل شعره فليخبر الخاطب,... مثلاً,,,, كذلك يرد عليه صبغ الشعر بالسواد,,,
فلا أقل من حمل التدليس على المرتبة الثالثة (عموم الناس ولو بدون نية) و يبقى أنه يجب بعد ذلك ذكر ضابض للتدليس المحرم, وما معنى التدليس؟ فهل المراد به "التغير المؤقت فقط"...الخ و سنرجع الى نفس الاسئلة التي كنا نسألها من قبل, و الى الدائرة المغلقة,
أخيراً بالنسبة للوشم, فأجد أن اللعن انما لحق الواشم و المستوشم في الصورة التي لا يمكن تميز الوشم أهو من اصل الخلقة ام لا,وسدب عبسه أن بعض التابعين على ما اظن فسر الوشم بصورة مخصوصة و هي في اللثة,,واما الوشم الذي يمكن ان يتميز فلا يٌقال عنه سوى انه محرم للضرر او لكونه من "الشهرة" فلا يدخل في اللعن
ثم ان قلنا بصحة هذا الضابط (المغيرين لخلق الله: كل من يقوم بتغير غير مُميز للخلقة المعهودة) فلا يصح قياس التشقير على النمص, لأن التشقير يُمكن تميزه,,, و بالتالي لا يُقال: المشقرة من المغيرات لخلق الله, ثم يبقى النظر في التشقير من ناوح اخرى لا تتعلق بتغير خلق الله مثل كونه مضراً او تشبهاً (ولو اني لا اجد فيه اي تشبه) او تزيناً امام الاجانب (فيباح ان كانت المرأة تلبس غطاء الوجه) او غير ذلك,,,
 

أسامة أمير الحمصي

:: مطـًـلع ::
إنضم
20 مارس 2010
المشاركات
103
التخصص
هندسة
المدينة
حمص
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

و يُضاف الى النصوص: عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أُتِيَ بِأَبِي قُحَافَةَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَرَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ كَالثَّغَامَةِ ( نبات أبيض الزهر والثمر ) بَيَاضًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيِّرُوا هَذَا بِشَيْءٍ وَاجْتَنِبُوا السَّوَادَ رواه مسلم رقم 3926
وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَكُونُ قَوْمٌ يَخْضِبُونَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ بِالسَّوَادِ كَحَوَاصِلِ الْحَمَامِ لا يَرِيحُونَ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ " . رواه الإمام أحمد وهو في صحيح الجامع رقم 8153
وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم تغيير الشّيب بغير اللون الأسود فعَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنَّ أَحْسَنَ مَا غُيِّرَ بِهِ الشَّيْبُ الْحِنَّاءُ وَالْكَتَمُ ( نبت شبيه بالحنّاء يُصبغ به ) " . رواه الترمذي رقم 1675 وقَالَ : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ

كذلك قد يُضاف الى النصوص كل نص يتعلق بتغير في الحيوان او النبات,,,
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,490
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

ملاحظة : هذا الموضوع قيد البحث والنقاش، وستنشر خلاصته ونتائجه بعد الانتهاء. (الفريق العلمي)

يرفع للتذكير
بانتظار مشاركاتكم وإثرائكم للموضوع

 
إنضم
25 أبريل 2011
المشاركات
8
الكنية
أبو كمال
التخصص
الشريعة الاسلامية
المدينة
غزة
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: حوار الشهر: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

الاخوة الافاضل جميعا
السلام عليكم رحمة الله وبركاته وبعد,,,
في البداية نشكر للدكتور ايمن هذا الطرح الرائع والذي اسال الله سبحانه وتعالى ان يكون في ميزان حسناته يوم القيامة وفي الحقيقة فقد قرات الموضوع باكمله واطلعت على تعليقات واضافات الاخوة الكرام فلم يبقى لي متسع ان اضيف شيئا ولكن الذي اريده هو ان يتم تعميم هذا الموضوع في الجرائد ومواقع التواصل الاجتماعي حتى يستفيد منه الشباب المقبلين على الزواج ايضا اتمنى من الاخوة في ادارة الملتقى اصدار مجلة متخصصة بالموضوعات المطروحة وخاصة المعاصرة مع خالص الشكر للجميع
 
إنضم
16 مارس 2011
المشاركات
15
الكنية
ابوعبدالله
التخصص
شريعة
المدينة
الخرطوم
المذهب الفقهي
مالكي
رد: حوار الشهر: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

السلام عليكم يادكتور لو تتقبل نقدي بارك الله فيك فمقصدي العلم والتعلم والمناقشة العلمية. في الحقيقة لا أوافق على ماتقول لأن العلة التي جاءت في حديث ابن مسعود واضحة وليس فيها لبس حتى وان قلت الاية المذكورة هي في تغيير خلق الله اي فطرة الله لكن هل تستطيع -وما أظنك فاعل -أن العلة المذكورة في حديث ابن مسعود رضي الله عنه هي فطرة الله وهي التوحيد لأنه لاقائل بذلك. وماذكره ابن عاشور رحمه الله ظن وليس قطع ولادليل عليه إنما هو اجتهاد . ثم انك قد أصلت أصولا وتركت أصولا أخرى .أقوى وأرجح عند العلماء . فتغير خلق الله هي العلة التي من أجلها التحريم ثابتة ثبوت الجبال لايضرها الاستثناءات التي جاءت في بعض النصوص .ومن ثم فأي قاعدة لابد لها من شواذ وهذا شأن القواعد الكلية أو الجزئية . تقبلوا تقديري لكم
 
إنضم
20 أبريل 2011
المشاركات
37
التخصص
000000
المدينة
000000
المذهب الفقهي
السنة
رد: حوار الشهر: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

بارك الله فيكم شيخنا الفاضل وجزاكم الله كل خير
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: حوار الشهر: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

السلام عليكم يادكتور لو تتقبل نقدي بارك الله فيك فمقصدي العلم والتعلم والمناقشة العلمية

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا على أدبكم، وبارك فيكم، أتقبل النقد حتى لو لم يكن بقصد المناقشة والإفادة فكيف لوكان بقصد المناقشة والإفادة والاستفادة!

في الحقيقة لا أوافق على ماتقول لأن العلة التي جاءت في حديث ابن مسعود واضحة وليس فيها لبس

لا اختلف معك في وضوح تعليل ابن مسعود، رضي الله عنه، والدعوى لم تكن بأن هذا التعليل غامض بل بأنه موقوف على الصحابي جريا مع ظاهر قوله تعالى: "ولآمرنهم فليغيرن خلق الله" من الدلالة على حرمة التغيير الحسي، وهو أحد وجهين في تفسير الآية والجمهور على خلافه

وان قلت الاية المذكورة هي في تغيير خلق الله اي فطرة الله لكن هل تستطيع -وما أظنك فاعل -أن العلة المذكورة في حديث ابن مسعود رضي الله عنه هي فطرة الله وهي التوحيد لأنه لاقائل بذلك

لسنا بحاجة إلى نؤول كلام ابن مسعود، رضي الله عنه، فهو واضح كما تفضَّلتَ بأنه يقصد التغيير الحسي، ولكن هذا ليس موطن الدعوى. الدعوى تسلم بأن ابن مسعود قصد التغيير الحسي ولكنه تعليل موقوف مرجوح

وماذكره ابن عاشور رحمه الله ظن وليس قطع ولادليل عليه إنما هو اجتهاد

كونه غير قاطع واجتهاد صحيحان، أما أنه لا دليل عليه فهذا ما أخالفك فيه. هو تعليل بمناسب ظاهرا. ومسلك المناسبة مسلك عقلي لا يشترط فيه توفر دليل نصي، وحجيته تستمد من حجية مبدأ التعليل بالأوصاف المناسبة، وهو مبدأ راسخ قار في اجتهادات السلف رضوان الله عليهم. نعم تعليل ابن عاشور عاد على أصل النص بالتخصيص، ولذلك تنبغي الموازنة بينه وبين العموم وباقي الأدلة في المسألة.
فتغير خلق الله هي العلة التي من أجلها التحريم ثابتة ثبوت الجبال لايضرها الاستثناءات التي جاءت في بعض النصوص

إذا اتفقنا على أن علة التغيير اجتهادية موقوفة فإنها تضرها الاستثناءات وتعود عليها بالنقض. والتعليل بمناسب كالتغيير في مسألة بعينها لا ينهض منه قاعدة فقهية يمكن استثناء بعض الفروع منها لاستحسان ما...
جزاكم الله خيرا على مباحثتكم
 
إنضم
16 مارس 2011
المشاركات
15
الكنية
ابوعبدالله
التخصص
شريعة
المدينة
الخرطوم
المذهب الفقهي
مالكي
رد: حوار الشهر: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

بوركت شيخي لكن هل السبر ومسالك العلة التي سبرناها نحن تقضي على كلام ابن أم عبد رضي الله عنه الذي شاهد التنزيل وعرف التأويل !!!! ثم هل هناك صحابي خالفه ؟؟؟
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: حوار الشهر: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

بوركت شيخي لكن هل السبر ومسالك العلة التي سبرناها نحن تقضي على كلام ابن أم عبد رضي الله عنه الذي شاهد التنزيل وعرف التأويل !!!! ثم هل هناك صحابي خالفه ؟؟؟
لا شك أن مخالفته شديدة، رضي الله عنه، لكن الذي يبدو أن مأخذه في ذلك ظاهر آية التغيير وقد خالفه في تفسيرها ابن عباس ومجاهد وأكثر المفسرين، والله أعلم.
وفي خصوص موضوع النمص رويت عن عائشة رضي الله عنها روايات بإباحته في الجبين. لكن اختلف العلماء في صحة هذه الروايات.
 
إنضم
16 مارس 2011
المشاركات
15
الكنية
ابوعبدالله
التخصص
شريعة
المدينة
الخرطوم
المذهب الفقهي
مالكي
رد: حوار الشهر: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

وفقك الله يادكتور وما المانع من أن مأخذه في ذلك غير الآية ويكون قد عرف هذا من النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال هذا الكلام ، ثم ماذكر عن عائشة رضي الله عنها وعلى فرض صحته يكون رخصة في هذا فقط لاغيره . ومازال السؤال قائما هل تعرف مخالفا لابن أم عبد رضي الله عنه بورك فيك ؟والافلا مجال لاتباع غيره أليس كذلك ياشيخي حفظك الله . شاكرا لك سعة صدرك وتقبلك
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: حوار الشهر: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

شكر الله لكم مشاركاتكم القيمة
سؤالي لفضيلة الدكتور أيمن: ما رأيكم في هذا الوجه من التعليل:
"الأصل أن كل تغيير للخلقة لغرض التجميل محرم إلا ما كان معهوداً مما تدعو الضرورة إليه، أو ما ينزل منزلة الضرورة من الحاجات"
ويجاب عن قصة الحديث بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما شدد في ذلك سداً لذريعة التدليس، أوعلماً منه أن حال تلكم العروس لم يبلغ مبلغاً تكون الحاجة فيه ماسة لمثل ذلك التجميل؛ إذ لا يلزم من كون شعرها يتمعط أن تكون صلعاء


وما يتعلق بإذن الزوج أو التجمل له فيما ذكرتم من الترخيص العام فيعكر عليه ما جاء في الرواية نفسها:
عن أم المؤمنين عَائِشَةَ أَنَّ امْرَأَةً مِنَ الأنْصَارِ زَوَّجَت ابْنَتَهَا، فَتَمَعَّطَ شَعَرُ رَأْسِهَا، فَجَاءَتْ إِلَى النَّبِي -صلى الله عليه وسلم- فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَتْ: إِنَّ زَوْجَهَا أَمَرَنِي أَنْ أَصِلَ فِى شَعَرِهَا، فَقَالَ: (لا، إِنَّهُ قَدْ لُعِنَ الْمُوصِلاتُ). وهذه الرواية بهذا اللفظ تنفي أن يكون المقصود المنع منه لأجل الغش والتدليس والخداع؛ إذ تذكر المرأة أن زوج ابنتها طلب ذلك.

عندي فيه نظر، ولكنني أسأل عن رأيكم في ذلكم جزاكم الله خيراً؟
 

محمد بن عبدالله بن محمد

:: قيم الملتقى الشافعي ::
إنضم
15 مايو 2008
المشاركات
1,245
الإقامة
المملكة العربية السعودية
الجنس
ذكر
الكنية
أبو منذر
التخصص
اللغة العربية
الدولة
المملكة العربية السعودية
المدينة
الشرقية
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: حوار الشهر: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

عن أم المؤمنين عَائِشَةَ أَنَّ امْرَأَةً مِنَ الأنْصَارِ زَوَّجَت ابْنَتَهَا، فَتَمَعَّطَ شَعَرُ رَأْسِهَا، فَجَاءَتْ إِلَى النَّبِي -صلى الله عليه وسلم- فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَتْ: إِنَّ زَوْجَهَا أَمَرَنِي أَنْ أَصِلَ فِى شَعَرِهَا، فَقَالَ: (لا، إِنَّهُ قَدْ لُعِنَ الْمُوصِلاتُ). وهذه الرواية بهذا اللفظ تنفي أن يكون المقصود المنع منه لأجل الغش والتدليس والخداع؛ إذ تذكر المرأة أن زوج ابنتها طلب ذلك. عندي فيه نظر، ولكنني أسأل عن رأيكم في ذلكم جزاكم الله خيراً؟
هل لفظ (زوجها) دال على أن العقد تم وانقضى، أم أن معناه الذي سيتزوجها؛ لأنها تزفها إليه، فهل من عادتهم إجراء العقد قبل الدخول بأيامٍ، أم أن العقد في اليوم نفسه، فتكون بعد ليست زوجا له، فلا يجوز وصلها إلا بإذن الزوج، وهي بعد ليست زوجا.
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: حوار الشهر: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أحب أن أشارك معكم بما بدا لي ، والموضوع ذو أهمية وتعم به البلوى ، وهو كثير الأطراف فأبدأ بهذه المشاركة كمدخل ثم أبني عليه ما يأتي بعدُ، فأقول بعد الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم :

أولاً : قوله جل وعلا : ( وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلأَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلأَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيّاً مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُّبِيناً ) النساء:119

قد روي في تفسير قوله جل وعلا (فليغيرن خلق الله) أقوال نلخصهما في قولين الأول الدين والثاني تغيير خلق الله بالوشم والخصي وقطع الآذان وفقء العيون ونحو ذلك.
ويشبه أن يكون الخلاف ليس من باب التعارض فقط بل ومن باب صلوح اللفظ لهما ، بمعنى أن ممن فسره بدين الله من لا يمنع شموله للتغير الخلقة كما روي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه فسر خلق الله بدين الله وبالخصاء ومثله عكرمة.
وهكذا كثير من أهل العلم من رجح تفسير الآية بدين الله ثم لم يمتنع من الاستدلال بها على تغيير الخلقة على رأسهم الطبري رحمه الله.
ومما يرشد إليه ما رواه البخاري عن إبراهيم عن علقمة قال : "لعن عبد الله الواشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله فقالت أم يعقوب ما هذا ؟ قال عبد الله وما لي لا ألعن من لعن رسول الله وفي كتاب الله ؟ قالت والله لقد قرأت ما بين اللوحين فما وجدته قال والله لئن قرأتيه لقد وجدتيه { وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا } "
وهذا لفظ ظاهره الرفع وأدل منه ما رواه وهب بن جرير قال ثنا أبي قال سمعت الاعمش يحدث عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال : "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الواشمات والمتفلجات والمتنمصات والمغيرات خلق الله" صححه الشيخ الألباني رحمه الله.
ورواه البزار من طريق وهب بن جرير بإسناده عن عبد الله ، قال : « لعن الله الواشمات والمتفلجات والمتنمصات المغيرات خلق الله » فقالت له امرأة كلاما ذكره ، فقال عبد الله : قاله رسول الله"
ورواه عمر بن حفص قال ثنا أبي قال ثنا الاعمش عن إبراهيم عن أبي عبيدة عن عبد الله قال لعن الله المتنمصات والمتفلجات والموتشمات والمغيرات خلق الله فأتت امرأة فقالت أنت الذي تقول كذا وكذا فقال ومالي لا أقول ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" وصححه الشيخ الألباني لغيره.
فهذه روايات بأسانيد صحيحة وحسنة صريحة في الرفع.
فقولكم حفظكم الله : "والذي يظهر لي أنه من تعليل ابن مسعود رضي الله عنه اجتهاداً منه ؛ لأنه ليس في رواية الحديث ما يدل صراحة على رفع جميع ألفاظ الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، بل المتيقن رفعه هو اللعن فقط"
لو لم يكن إلا الرواية التي ذكرتموها لكانت ظاهرة في الدلالة على الرفع وغاية ما ذكرتموه أن الرفع ليس بيقين ، وأن وقف التعليل محتمل.
ولو سلمناه لكان حجة عند من يقول بحجية قول الصحابي وامتنع على غيره مخالفته حتى يدفع احتمال الرفع في التعليل.
ويدل على المنع من تغيير الخلقة أيضاً القياس على الوشم والوصل والنمص ونحوه مما ذكر في الحديث وغيره.
وعليه فالأصل في تغيير الخلقة المنع.
أما الضوابط المذكورة في مقالكم وصرحتم أنه ما من ضابط منها إلا وهو مدخول ، إن كان يمكن ضبطها فذاك ، وإن لم يكن كان الاحتياط إبقاء النصوص على ظاهرها وأن لا يخرج عنها إلا منصوص أو مقيس عليه.
أما ما ذكرتم من جواز تخصيص العموم بضرب من ضروب الاستحسان كالحاجة والحرج بل وما دونهما ، ففيه نظر ، وإن وافقنا على أن أصل التغيير للحاجة جائز.
فإنكم حفظكم الله ذكرتم من الأمثلة التي منع منها رسول الله صلى الله عليه وسلم الجارية التي تمرط شعرها والحديث عَنْ عَائِشَةَ "أَنَّ جَارِيَةً مِنَ الأَنْصَارِ تَزَوَّجَتْ وَأَنَّهَا مَرِضَتْ فَتَمَرَّطَ شَعْرُهَا فَأَرَادُوا أَنْ يَصِلُوهُ فَسَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ ذَلِكَ فَلَعَنَ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ" وفي رواية : "إِنَّ زَوْجَهَا أَمَرَنِي أَنْ أَصِلَ فِى شَعَرِهَا"
وتصوير المسألة بحيث تظهر فيه الحاجة هكذا:
بنت صغيرة مرضت ففقدت شعرها ، فأرادت أن تتجمل لزوجها بما يستر عيباً ظاهراً منفراً في العادة بإذن زوجها ، بل بطلب منه ، فمنع من ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذا الحديث قاضٍ على ما ذكرتم من تعليل : إذ ليس مما يترتب عليه اعتقاد شركي ولا فيه ضرر ولا تشويه ولا إسراف ولا وصول إلى غرض محرم.
وقد تقدم مع فضيلتكم رأيي في معارضة ظواهر النصوص بالاحتمالات والتخمينات.
وفي حديث ابن مسعود وعائشة فائدة في التعليل وهو أن التعليل بطلب التجمل ولو للزوج وبإذن منه لا يبيح تغيير الخلقة ولو بوصل شعر يمكن نزعه قبل النوم ، فكيف بنفخ الشفاة وتكبير الصدر وتقويم الأنف والأسنان وما شابه ذلك بدعوى الحرج أو الحاجة أو ما هو دونهما كما تفضلتم.
ولو لم يصح لنا في التعليل شيء لكان ظاهر النصوص كافٍ في المنع عموماً ، ومع قولنا بجواز تخصيص عمومها ، فذلك يكون بالدليل الشرعي من نص أو إجماع أو قياس، أما الحاجة غير الملحة والحرج الذي من جنس مجرد الحياء من الناس فلا يصح عده دليلاً مع عدم المعارض فضلاً عن معارضة الأدلة به.
والله أعلم.
 

محمد بن عبدالله بن محمد

:: قيم الملتقى الشافعي ::
إنضم
15 مايو 2008
المشاركات
1,245
الإقامة
المملكة العربية السعودية
الجنس
ذكر
الكنية
أبو منذر
التخصص
اللغة العربية
الدولة
المملكة العربية السعودية
المدينة
الشرقية
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: حوار الشهر: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

بحث ماتع، وفقك وفقهك الله
وما أراه هنا: هو أن تغيير خلق الله تعالى لا يحرم لمجرَّد أنه تغيير، وإنما يحرم منه:
أضف سادسا: التضمخ بالنجاسة، كالوشم.
ولا بد من علة التدليس، لصريح حديث معاوية، كخضب الشعر بالسواد لا للجهاد، وقد نبهتَ عليه.
كما أن بعض العمليات التجميلية لا تُعمَل إلا بالحرق، واستخدام الحرق فيه ما فيه، فزده شرطا، ولتُسمه: التعذيب، ومنه تعذيب الحيوان.
أو تشويه لنهيه، صلى الله عليه وسلم، عن المثلة،
هذا الضابط يحتاج لضبط، فقد انقلبت الفِطَر، واعتقد بعض الناس ما هو مُثلةٌ: جمالاً وحُسْناً
وأما الوشم فلارتباطه بعادات شركية، أو لأضراره الكثيرة لا سيما في العصور القديمة
للنجاسة التي لا تصح معها الصلاة.
وفي ضوء ذلك لا يحرم على العزباء والمتزوجة كليهما إصلاح عيب بالجراحة التجميلية إصلاحا دائما (كإزالة شامة أو بقعة داكنة في وجهها أو جسدها، أو عمل تقويم لأسنانها)، لأن الإزالة الدائمة لا تتضمن تدليسا وتغريرا.
أتوقف في هذا، وهو مشكل كما نبه عليه الأخ
وتصوير المسألة بحيث تظهر فيه الحاجة هكذا: بنت صغيرة مرضت ففقدت شعرها ، فأرادت أن تتجمل لزوجها بما يستر عيباً ظاهراً منفراً في العادة بإذن زوجها ، بل بطلب منه ، فمنع من ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إلا أن يقال: ليست متزوجة بعدُ، وإنما يراد تزيينها للزواج، فلم يُؤذن لها إلا بعد العقد بأمر الزوج.
ومع هذا يبقى ما ذكره الدكتور أيمن في الخلي -العزباء- من الجراحة التجميلية أو غيرها مشكلٌ، ولا أعلم أحدا من أهل العلم قال بجوازه.
كما أن علة (الإزالة الدائمة لا تتضمن تدليسا وتغريرا) غير صحيحة، فتفريق الأسنان (الفلج) ومنه تقويمها كما يعمله الأطباء اليوم: هو دائمٌ، لن يتضمن تدليسا ولا تغريرا، ومع هذا ورد النهي عنه (والمتفلجات للحسن).
والذي يظهر لي أنه من تعليل ابن مسعود رضي الله عنه، اجتهاداً منه
فتح الله عليك، نَعَم، إن من تتبع روايات الصحابة رضوان الله عليهم لهذا الحديث كعائشة وأسماء وابن عباس ومعاوية وابن عمر وجابر بن عبدالله: لا يجد هذه الزيادة، وكذلك روى الحديث إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود فلم يذكر هذه الزيادة كما هي عند البيهقي وغيره.
وفي تفسير الطبري: حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله قال: (لعن الله المُتَنَمِّصات والمتَفَلِّجات)، قال شعبة: وأحسبه قال: المغِّيرات خلق الله. وفي مصنف ابن أبي شيبة: 279 - نا محمد بن جعفر ، عن شعبة ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله أنه قال : « لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتوشمات، والمتنمصات، والمتفلجات -قال شعبة-: للحسن ، والمغيرات خلق الله : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنه »
فانظر إلى الروايتين قال في الأولى: (قال شعبة: وأحسبه قال: المغِّيرات خلق الله)، فشك في هذه الزيادة، وفي الثانية زاد: (-قال شعبة-: للحسن، والمغيرات خلق الله)، فبان فيه الشك، كما أن في الرواية إضافة واو، وعليه فالواو تفيد المغايرة.
فكل هذا يدل على ما فتحه الله عليك، من أن هذه العلة زيادة من ابن مسعود رضي الله عنه.
وما يروى في تفسير قوله تعالى: {وليغيرن خلق الله}: موقوف إما على الصحابي وإما على التابعي.
وقول ابن مسعود: (ومالي لا أقول ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم)، ونحوه من الروايات: هو رد على المرأة المنكرة للحكم: (لعن الله ..)، لا المنكرة للعلة (المغيرات خلق الله)، دليل ذلك الرواية عينها: (فأتت امرأة فقالت أنت الذي تقول كذا وكذا)، فهي لم تنكر العلة، وإنما أنكرت اللعن، واللاعن هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان الجواب بما يوافق الإنكار، وليس فيه دليل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذاكر العلة (المغيرات خلق الله).
ولو لم يصح لنا من التعليل شيء لكان ظاهر النصوص كافٍ في المنع عموماً
في ظاهر اللعن عموم، خذ مثلا الواصلة، فالوصل يندرج تحته كل ما وصلت به المرأة رأسها، فيدخل فيه الخيط والرُّبُط والبُكَل و ...، والشعر: شَعَرُ الإنسانِ والحيوانِ والجماد و...، فكل ما يسمى وصلاً ففاعله ملعون في ظاهر النص، فهل لهذا العموم قيد من حديث آخر؟!، وإلا فكل من ربطت شعرها ببكلة فهي واصلة
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: حوار الشهر: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

جزاك الله خيرا أخانا
إلا أن يقال: ليست متزوجة بعدُ، وإنما يراد تزيينها للزواج، فلم يُؤذن لها إلا بعد العقد بأمر الزوج.
الرواية الثانية صريحة في كون الآمر زوجاً وليس في غيرها ما يدل على خلافه


في ظاهر اللعن عموم، خذ مثلا الواصلة، فالوصل يندرج تحته كل ما وصلت به المرأة رأسها، فيدخل فيه الخيط والرُّبُط والبُكَل و ...، والشعر: شَعَرُ الإنسانِ والحيوانِ والجماد و...، فكل ما يسمى وصلاً ففاعله ملعون في ظاهر النص، فهل لهذا العموم قيد من حديث آخر؟!، وإلا فكل من ربطت شعرها ببكلة فهي واصلة
لا علاقة له فيما كنت أتحدث فيه ، وعلا فرض ذلك فقد أباح صلى الله عليه وسلم لمن قطعت أنفه أن يغطي العيب بالذهب فيقاس عليه.
وعلى كل لا علاقة لما ذكرته حفظك الله فيما أنا فيه.

من تتبع روايات الصحابة رضوان الله عليهم لهذا الحديث كعائشة وأسماء وابن عباس ومعاوية وابن عمر وجابر بن عبدالله: لا يجد هذه الزيادة
ولا يوجد فيها ما ينفيها والحديث المتفق عليه حتى باللفظ الذي ذكره الدكتور حفظه الله ظاهر في الرفع كما يدل عليه تبويب أهل العلم واستدلالهم به على أن التعليل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والرواية التي اخترتها من صحيح البخاري تدل عليه فإن الراوي قال : "لعن عبدالله" كما قال عبدالله بن مسعود : "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم" ولا شك أن التعليل ليس من قول الراوي عن ابن مسعود ، فكذلك الحال في رواية ابن مسعود نفسه للتعليل.
ورواية شعبة شاهد لحديث الأعمش حيث أفرد "والمغيرات خلق الله" باللعن بدليل فصله بالواو، وهي مروية هكذا من طريق غيره. وشكه لا يضر وقد أثبتها من هو أحفظ منه.
ولو اعتمدنا على وجود التعليل في الصحيحين لكفانا.
وما ذكرتم بعد ذلك هو من باب أنه يجوز ويمكن أن يكون ولعل ، والظاهر يخالفه.

وجزاك الله خيراً على تفاعلك
 
إنضم
16 مارس 2011
المشاركات
15
الكنية
ابوعبدالله
التخصص
شريعة
المدينة
الخرطوم
المذهب الفقهي
مالكي
رد: حوار الشهر: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

بورك فيك ياوضاح فقد وضعت النقاط على الحروف بجمعك للروايات التي تعتبر نصا في الموضوع قاطعة للنزاع وأرجو أن يتنازل د.ايمن عن قوله شاكرين له حسن طرق الموضوع وتواضعه في الرجوع للحق .فلانحسبه إلاباحثا عن الحق . والنتيجة أنه لاتجوز العمليات التجميلية إلا من تعرض لشئ غير معهود كحادث مثلا فاحتاج الى ذلك.حتى لايكون من باب تغيير ماخلق الله
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: حوار الشهر: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

شكر الله لكم مشاركاتكم القيمة سؤالي لفضيلة الدكتور أيمن: ما رأيكم في هذا الوجه من التعليل: "الأصل أن كل تغيير للخلقة لغرض التجميل محرم إلا ما كان معهوداً مما تدعو الضرورة إليه، أو ما ينزل منزلة الضرورة من الحاجات"

حياكم الله أستاذنا الفاضل
بالنسبة للضابط المذكور ربما كان من الصواب أن صياغته كمايلي: "الأصل أن كل تغيير للخلقة لغرض التجميل محرم إلا
لما لم يكن معهوداً مما تدعو الضرورة إلى تغييره، أو ما ينزل منزلة الضرورة من الحاجات"
وهذا تقريبا هو رأي جمهور المعاصرين ممن خاضوا في المسألة، لكن يرد عليه التغيير للتحسين إذا ورد الإذن فيه كثقب الآذان لوضع الأقراط، وقد يقاس عليه ثقب الأنوف إذا جرى عرف بذلك.
أما حديث الوصل فهو في ضمن واقعة عين تحتمل احتمالات شتى وما تفضلتم بذكره محتمل، ويضاف إليه احتمال آخر، وهو أن تمرط الشعر بسبب المرض طارئ قد يزول مع الوقت وليس هو عيبا لازما.
ولكن هذا الضابط يقوم على إثبات أن تغيير الخلقة لذاته محرم وهو ما ملنا إلى عدم توفر أدلة كافية للقول به
وما يتعلق بإذن الزوج أو التجمل له فيما ذكرتم من الترخيص العام فيعكر عليه ما جاء في الرواية نفسها: عن أم المؤمنين عَائِشَةَ أَنَّ امْرَأَةً مِنَ الأنْصَارِ زَوَّجَت ابْنَتَهَا، فَتَمَعَّطَ شَعَرُ رَأْسِهَا، فَجَاءَتْ إِلَى النَّبِي -صلى الله عليه وسلم- فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَتْ: إِنَّ زَوْجَهَا أَمَرَنِي أَنْ أَصِلَ فِى شَعَرِهَا، فَقَالَ: (لا، إِنَّهُ قَدْ لُعِنَ الْمُوصِلاتُ). وهذه الرواية بهذا اللفظ تنفي أن يكون المقصود المنع منه لأجل الغش والتدليس والخداع؛ إذ تذكر المرأة أن زوج ابنتها طلب ذلك. عندي فيه نظر، ولكنني أسأل عن رأيكم في ذلكم جزاكم الله خيراً؟

أشرنا في المشاركة 44 أن هذه الرواية للحديث تفرد بها خلاد بن يحيى (صدوق له أوهام) مخالفا بها كل من روى الحديث من الثقات الأثبات وهم بالعشرات مما يرجح ضعفها لا سيما أنه خالفه أيضا ثقات أثبات اشتركوا معه في رواية الحديث عن نفس الشيخ، ولذا فالغالب على الظن أنها من أوهامه والله أعلم. وأرجو أن تتحفونا بنظركم في هذا بارك الله فيكم.
 
أعلى